منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى القضايا التربوية (https://www.profvb.com/vb/f100.html)
-   -   العنف أشكال ، وله ضحايا (https://www.profvb.com/vb/t57168.html)

si sajid 2010-12-11 20:15

العنف أشكال ، وله ضحايا
 
العنف أشكال ، وله ضحايا

عاد حارس المدرسة من " السوق " بنبأ جديد ، سيكون ، بدون شك ، موضوع مجالس سكان القرية لأيام ... إنه نبأ نقل ميمونة إلى مخفر رجال الدرك ، بسبب محاولتها قتل زوجها عمر الذي نقل بدوره إلى المستشفى الإقليمي في حالة غيبوبة ... وكعادته في نقل الأنباء وحكايتها للمدرسين خلال فترة الإستراحة ، بدأ الحارس بالموجز ثم انتقل إلى التفاصيل :

... مضت بضعة شهور على وفاة زوجته الأولى ، شهور كانت كلها مكابدة ومعاناة ، خاصة من الناحية النفسية ، لأن وقع الوفاة لم يكن عليه هينا ، بعد سنوات العشرة الطويلة ... فقرر عمر الزواج ثانية من امرأة تعينه على مواجهة صعاب الحياة ، امرأة تخفف عنه وقع الفاجعة التي حلت به وبأولاده الأيتام ، امرأة تؤنس وحشته ، وتعوض للأولاد عطف وحنان أمهم ...

وقع اختياره على ميمونة بنت مبارك التي دلته عليها إحدى الجارات ، وأثنت عليها وعلى والدها ووالدتها ...

رفضت ميمونة الزواج من عمر ، لأن الرجل في سن والدها تقريبا ... ولأنها غير مستعدة لتحمل مسؤولية أسرة منذ اليوم الأول لزواجها ، ورعاية أولاد ، وهي التي لازالت في حاجة إلى من يرعاها ... عبرت عن رفضها الزواج ، ولكن " ميمونها الناعس " ، و" شبح " العنوسة القادم ، وإلحاح والدها وأمها ... كلها عوامل أرغمت أنفها على القبول بالزواج ، وعدم ترك " الفرصة " تنفلت من بين يديها ، خاصة وأن كل "قريناتها " قد تزوجن ، وأنجبن أولادا ، والفتيات المقبلات على سن الزواج في القرية كثيرات ... قبلت ميمونة إذن بالزواج من عمر ، والتحقت ببيت الزوجية ... وجدت ربائب في البيت ، وكان عليها أن ترضي الجميع ، و" تسعف " الجميع ... وتحذر إغضاب أحد الأبناء / الأيتام ، فغضبه يعني غضب عمر ، وغضب هذا الأخير قد يجر لها الويلات ... ومن أين لها القدرة على ذلك وهي التي لازالت في حاجة إلى من يرضيها و" يسعفها " ... وكيف لها ذلك وهي التي مازالت ميالة إلى اللعب ،غير عارفة ولا مبالية بمسؤولية البيت ...؟

مضت شهور وميمونة تعاني من مسؤولية البيت ، وتصرفات ربائبها ، وقساوة زوجها الذي يشبعها سبا وشتما وضربا ... كلما اشتكى أحد أبنائه ، أووشى وشاية ضدها ... فيدفعها ذلك مرارا إلى أن " تغضب " وتذهب إلى منزل والدها ، علها ترتاح من مسؤولية البيت ... بفك آصرة الزواج بينها وبين عمر . تحكي ميمونة تفاصيل ما عاشته مع ربائبها وزوجها لوالدتها ، علها تقتنع ، فتقنع والدها بضرورة تطليقها من عمر ... تتأثر الأم أشد التأثر بما تسمع من بنتها ، تعيش معها بكل جوارحها ، تدرف دموع الأمومة الملأى بالعطف والحنان والحسرة على " ميمونها و ميمون ميمونة الأعوج " ... ولكن العين بصيرة واليد قصيرة ، ولا حول لها ولا قوة لإنقادها ، فالأب لن يقبل شكايتها ، و" الزمان صعيب " فتنصحها : عليك بالصبريابنتي ، وتثبيت " خيمتك " بالأولاد ، فالربائب لن يدوموا في بيت أبيهم ، فسيغادرونه إما للزواج أو للعمل خارج القرية ... فتنعمي ببيتك مع زوجك وأولادك ... اصبري يا بنيتي ، و" غاديا ندبر عليك " ، حتى يكف عمر عن إغضابك ، أوحتى إزعاجك ، بل حتى يكون لك عبدا طيعا مطواعا ...

تعود ميمونة إلى بيت زوجها مع الوسطاء الذين حضروا إلى أسرتها من أجل إصلاح ذات البين ، وإرجاعها إلى عمر زوجها ... مضت شهور على عودتها إلى بيت الزوجية ، لم ينهرها خلالها زوجها ولا سبها ولا ضربها ... ربما تفاديا لتكرار نفس السيناريو السابق ، أو خوفا على الجنين البارزة معالم وجوده ببطنها .

ظنت ميمونة أن الوصفة التي أمدتها بها أمها قد فعلت فعلتها في دواخل عمر ، فكف لسانه و يده عنها ، فصارت بذلك تتزود من أمها كلما زارتها ، أو من كل " فقيه " سمعت عن باعه الطويل بين النساء في " الكتابة " أو " عشاب " بارع في " الأخلاط " ...

مرت السنون وميمونة " صابرة " من أجل " تثبيت أوتاد الخيمة " بالإنجاب ، و" الحجاب " والأعشاب ... وعمر يزداد هرما وتسمما ... فضعفت قوته ، ولم يعد يقوى على مجاراة قوة ميمونة التي اشتد عودها ، وزادت قوتها ... و" ثبتت أوتاد خيمتها " ، فصارت لا تصبر على شتم عمر أو سبه أو ضربه ... بل ترد الشتيمة شتيمتين ، والسب لعنا وتهديدا ... فما كان من عمر إلا أن يصبر ويتحمل و " يدخل غشاه " ، ويسلم " مقود " التسيير لميمونة مكرها ...

عاثت ميمونة فسادا في منظور عمر : أهملت أولاده/ربائبها ، بل وأهملته هو كذلك ، ولم تعد تعره أي اهتمام ، وكأنه غير موجود ... فحاول ذات ليلة إثبات وجوده ، وانتزاع " المقود " من يدها ، على إثر شكاية من أحد الأولاد ، فتبادلا السباب والشتائم والضرب ...

لم تنم ميمونة تلك اللية ، بل باتت ليلتها تفكر في ما يجب فعله : هل تغادر البيت وتترك الأولاد ، أم تأخذهم معها ؟ وما الجهة التي ستقصد ؟ هل سترجع إلى بيت والدها بعد مغادرتها له مدة طويلة ؟ هل سترجع ومعها أربعة أولاد ؟ .... أم تستقر " بخيمتها " رغما عن أنف عمر الذي " لم يبق له قد ما فات " ... ؟ مجموعة من الأسئلة دارت بذهنها ، وعمر نائم في غرفة أخرى ... أخيرا قررت الثأر لنفسها و الإنتقام منه ، لما لاقته منه طيلة سنين العشرة الماضية ، هذه الليلة ، فانهالت عليه بالضرب وهو نائم ... حاول عمر القيام وهو يصيح ، لم تترك له الفرصة ليقوم ، زادته ضربا وهي تسب وتشتم ...

قام الأبناء مذعورين بفعل الصياح ... شاهدوا الدماء تسيل من أبيهم، والأم ممسكة ب"هراوة " ، ملأوا البيت بكاء وعويلا ، حضر الجيران لمعرفة ما يجري بمنزل عمر ...

حضر رجال الدرك في وقت مبكر من الصباح إلى مكان الجريمة ، فاقتادوا ميمونة إلى مخفرهم ... أما عمر فقد نقل إلى المستشفى الإقليمي ... وبقي الأولاد يبكون أمام المنزل ...

فهم المدرسون لماذا غاب أبناء عمر عن الدراسة ، وعلق أحدهم على الحادثة بقوله : العنف أشكال ، وله ضحايا ...





م ع الرحمن الهاشمي علوي

للبوابة قصر السوق


بوابة قصر السوق : 11 - 12 - 2010

فاطمة الزهراء 2010-12-11 20:36

رد: العنف أشكال ، وله ضحايا
 
لا حول ولا قوة إلا بالله
شكرا لكم أخي الكريم على الموضوع القيم

abouyousseff 2011-01-03 19:24

رد: العنف أشكال ، وله ضحايا
 
السلام عليكم
العنف الأسري لايجر وراءه إلا العنف، والأبناء في النهاية هم الضحايا.
مشكور أخي الفاضل على الموضوع.
تحياتي

وليد جاسم 2011-01-29 09:14

رد: العنف أشكال ، وله ضحايا
 
http://www.quran.maktoob.com/vb/up/1...3346145415.gif

وليد جاسم 2011-01-29 09:14

رد: العنف أشكال ، وله ضحايا
 
http://www.quran.maktoob.com/vb/up/1...3346145415.gifhttp://www.quran.maktoob.com/vb/up/1...3346145415.gif


الساعة الآن 22:18

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd