درس في القلب / قصة / أحمد القاطي درس في الــقــلــب كــان المعلـم نـبْهـان مـضـرب مثـل في أداء واجبه المهني . كل زملائه في مهنة المتاعب يشهـدون له باستـقامتـه ، وكـفاءته وانضباطه ، وعـدم تـغـيبه عـن عـمله في كل الظروف والأحوال . تلاميذه كانوا يحبونه ويقـدرونه ، فـرغـم شغـبهم في بقية المواد الأخرى ، عـنـدما كانوا يحضرون مادته ، كانوا كالملائكة ، ينـصتـون ، ويتابعـون ، ويشاركون في الدرس بكل حيـوية ونشاط . نـبْهـان بسبب حضوره الدائم ، وعـدم تغـيـبه كما هـو الشأن بالنسبة لـزملائه ، كاد أن ينهي المقـرر الدراسي قبل الأوان ، فـفكـر في ملء فراغ تلاميذه بما يعـود عليهم بالنـفع في ما هـو آتٍ مـن زمان ، وترك درس الفاعل تحسبا لحضور المؤطر . في أول درس من الدروس الخارجة عـن المقـرر ، قـرّر نـبْهـان أن يكـون درس محادثة في القـلـب ، الغـرض منه تـنمية رصيد تلاميذه اللغـوي ، فـطلـب منهـم أن يأتي كل واحد منهم بكلمة على أساس أن يبدأ الآخـر كـلمته بالحرف الأخيـر من كـلمة زميله مستعملا نـفـس الحروف دون الخروج عـنها وضـرب لـهـم أمـثـلـة : جَــرَسٌ / سِــرْجٌ ، جَــوْفٌ / فَــوْجٌ ، دَرْبٌ / بَــرْدٌ بعـد توضيـح نبْـهـان لما هـو مطلوب مـن التلاميذ ، فتح لهم باب التعبيـر والكلام . كلهم رفعـوا أصابعهم في حماس ، رغبة منهم في إظهار التـفـوق ، واستحسان فكرة معـلمهـم الولهان ، بحب التجديد ، ونبذ كل طرق التلقـيـن العـقـيمـة التي لا تخاطب فـيهم العـقـل والوجدان ، حتى أصبحوا كالقـطعان . نعم أنت تفـضل قـُلْ ما عـنـدك : ــ مَـــسٌّ . ــ من يقلب الكلمة ؟ نعـم أنت . ــ سُــمّ . ــ حسن جـدا مَن آخـــر ؟ ــ بَـجَــع ٌ / عَـجـبٌ ـــ سُــوقٌ / قَـــوْسٌ ــ لــصّ / صِــلّ ــ رقْـــصٌ / صَــقْــرٌ ـــ عَـــرْشٌ / شَــرْعٌ ــ صَــرْفٌ / فَــرَص ٌ ــ بَـــرّ ٌ / رَبٌّ ........ مـرّ درس المحادثة في جـوّ حماسي لا مـثـيـل له ، لم يعـرف التلاميذ كـيف مـرّ فـيه الوقت دون إحساسهـم به ، وقـبـل أن ينصرفـوا ،ذكّـرهـم نـبْهـان أن للدرس تـتمة يوم غـدٍ ، وحثهـم على أن يـبحثـوا في منازلهم على كلمات مماثلة استعدادا لمشاركة أكثـر ، واستـفادة أعَـمّ . في يوم الغـد ، لما دخـل المعـلـم وتلاميذه ثـم هَـمّ بتـتمة ما بدأه أمس ، فـوجئ بالمديـر ، ومعه السيد المؤطر يدخلان القسم . رحب بهما بعـد أداء التحية لهما . انصرف المدير وترك المراقـب التـربوي الذي جلس في آخر القسم لمراقبة الدرس . لقد كان مخمورا رائحته عمّت كل المكان ، وانتبه إليها كل من في القسم . عـوض أن يتابع نـبْهـان ما كان بدأه مع تلاميذه ، عـاد إلى متابعة دروس المقـرر ، وكان الدرس درس القـواعـد الذي تركه لمثـل هـذه الـزيارات المفاجئة غـيـر البـريئة . دوّن فـي أعلى السبورة التاريخ ، وتحته موضوع الدرس : الفاعـل ، ثـم الجملة التالية : قَــلَــبَ الــدرسَ . وتوجّه إليهـم بالسؤال التالي : ــ من هــو الفاعـل في هـذه الجملة ؟ ــ أجاب تـلمـيـذ : ضميــر مستـتـر تـقـديـره هي . تعـجّـب المعلـم وتابع كلامه : ــ مِـمّ تـتكـوّن هـذه الجملة ؟ ــ أجاب تـلميذ آخــر : ــ مِن المـفعـول به والفاعـل والفعـل . تعـجّـب المعلم مرة أخرى وتابـع كلامه : ــ القسم في معـنـا مَـن ؟ ( من معـنـا في الـقسـم ) ؟ لم يجب أي أحــد . فاضطـر المعلـم إلى طرح سؤاله من جديد مُرْدِفـًا إياه بسؤال ثانٍ . ــ القسـم فـي معـنا مَـن ؟ ( مـن معـنا في القـسـم ؟ ) رائحة تـشمـون هـل ؟ ( هـل تـشمـون رائحة ؟ ) هنا وقعـت الفـوضى داخـل القـسـم ، وساد الهَـرْجُ والمَـرَجُ ولم يشعـر المؤطر إلا والتلاميذ يتـدافعـون نحـوه وكـل واحد ينـفـذ فـيه ما تعـلمه في درس الأمـس . تــازة في 09 / 05 / 2 |
رد: درس في القلب / قصة / أحمد القاطي قصة رائعة أستاذي الكبير أحمد القاطي أتقن المدرس نبهان فن التواصل وخلق في القسم روابط متينة مع التلاميذ وهذا أهم ما يميز مهنة التدريس |
رد: درس في القلب / قصة / أحمد القاطي اقتباس:
الفاضلة فاطمة الزهراء سلام الله عليك . ألف شكر على هذا الحضور المعطاء كوني بخير تحياتي |
رد: درس في القلب / قصة / أحمد القاطي طريقة ذكية للانتقام من مؤطر حمل معه روائح مكانها الطبيعي بعيد كل البعد عن مؤسسة تربوية . شكراً لك أستاذ أحمد القاطي على القصة المعبرة . |
رد: درس في القلب / قصة / أحمد القاطي لجماليتها وحسن صياغتها شاركت المعلم نبهان في نشاطه وتخيلت نفسي مع التلاميذ نقوم بالواجب مع الضيف الثقيل بوركت أستاذي الكريم على القصة الجميلة تحيتي وتقديري |
الساعة الآن 01:04 |
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd