منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   التدريس أو بقايا مهنة لم تعد محفزة (https://www.profvb.com/vb/t55411.html)

ابن خلدون 2010-11-24 07:54

التدريس أو بقايا مهنة لم تعد محفزة
 
التدريس أو بقايا مهنة لم تعد محفزة


المصطفى مرادا

المساء : 24 - 11 - 2010
يعتبر تحفيز العنصر البشري من أولى الأوليات في الإدارة الحديثة، فالتحفيز القائم على الإشراك، أولا، والتوزيع المنصف للرواتب، ثانيا، مدخل رئيسي لنجاح أي إدارة، لاسيما في قطاع يستلزم حضورا ذهنيا واستنفارا نفسيا وعاطفيا مسترسلا كقطاع التعليم. كم يصعب فعلا فهم المقاربة المحاسباتية التي تتعامل بها الحكومة مع نساء ورجال التعليم، فعند مدرس في التعليم الثانوي، الإعدادي والتأهيلي، والذي يدرس ما يفوق، في حالات. كثيرة، 004 متعلم سنويا، والمطلوب منه أن يشتغل بالبيداغوجيات الحديثة التي تطالبه بمراعاة الفوارق على مستوى الاستعدادات، سواء في الإعداد القبلي للدروس أو في التقويم أو الدعم، كما يطلب منه أن يكون ليس فقط مدرسا بل كفيلا اجتماعيا ومنصتا ومحللا نفسيا ومنشطا تربويا ومتواصلا مع محيطه إلى غير ذلك من الأدبيات التربوية الجديدة، يصعب على عنصر بشري مهما كان صدقه ونبله وتفانيه، أن يقوم بكل هذا ويكون مبدعا فيه، إن لم يكن حاصلا على تحفيزات حقيقية..
في العقود الماضية كان رجل التعليم رائد الحركات الاحتجاجية في المغرب، وعندما يستفيد من امتياز مهما قلت قيمته، فإنه يتم تعميمه على كل موظفي القطاع العمومي، واليوم تنكر له الجميع، فباقي القطاعات تحقق مكاسب تلو المكاسب، بل وبشكل غير معقول، إلا رجل التعليم فيجربون فيه آخر ما استجد من طرق التقشف و«الظرفية الاقتصادية»، والمدهش هو أن نقاباته متفرغة لليومي على حساب الاستراتيجي، ومواقفها محكومة بالظرفية السياسية على حساب هويتها الاجتماعية، إلى درجة أننا في المغرب إزاء قطاعات عمومية بالجمع، وليس قطاعا عموميا واحدا، وكأننا في دول متعددة داخل الدولة الواحدة، والأخطر هو تبخيس قيمة المعرفة والشواهد، وإلى درجة أن موظفا بسيطا في سيرته العلمية لايملك من شواهد، اللهم إلا شهادتي الازدياد وعقد النكاح، والذي يعمل في إدارات العدل والداخلية والخارجية والمالية، يتقاضى أحسن مما يتقاضاه مدرس له دكتوراه بل شهادتي دكتوراه، ربما هنا يحق لنا أن نقول: «إنما أكل المدرس يوم أكلت النقابات».. اقتباسا من مثل الثيران الشهير.
ولأن لا حل في الحل حسب درويش، فإنه سيأتي حين من الدهر قريب، ستكون فيه مهنة المدرس في الدرك الأسفل للوظيفة العمومية، فوتيرة الزيادة في أجور رجال التربية والتكوين تم إخضاعها لسلسلة من الحسابات الظرفية غير المتينة وغير الشفافة، ولم تعد من قيمة للشهادة أوالتكوين أو التميز أو التفوق وغيرها من شعارات المخطط الاستعجالي، والمفارقة هي أنه في الوقت الذي نتكلم فيه عن التنمية المستدامة وما تقتضيه من «ضرورة تحسين ظروف جميع الناس في إطار من المساواة»، كما جاء في وثيقة الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، نجد أن السياسة المالية والاجتماعية للحكومة الحالية ممعنة في تعميق الهوة الطبقية بين موظفي القطاع العام، إذ أصبح قطاع كالتعليم، وهو قطاع رئيسي في التنمية المستدامة، إلى جانب قطاع الصحة والرياضة والثقافة هي قطاعات لها مجتمعة نفس الميزانية التي لوزارة الداخلية بمفردها.
ومن الطبيعي أن يكون القطاع المظلوم قبل غيره هو قطاع التربية والتكوين، فبالنسبة للدولة فهذا القطاع يستحوذ على حوالي 62 في المائة، من نفقات التسيير، لكن إذا وقفنا عند حقيقة الوضع ستظهر هذه النسبة بمثابة العذر الأقبح من ذنب، فإذا كان رجال التعليم يشكلون حوالي 06 في المائة» من مجموع الموظفين فإنهم لا يتقاضون سوى 62 في المائة من نفقات الميزانية، فقطاع التعليم يعاني من حيف كبير في هذا المجال، فأجر رجل التعليم المبتدئ لا يتجاوز في أغلب الأحوال 0004 درهم شهريا بوتيرة زيادة حلزونية، حيث الامتحانات السيزيفية والشروط البيروقراطية المضنية، بينما تتجاوز أجور بعض موظفي وزارة الداخلية أو المالية أو المكاتب الوطنية كالمكتب الوطني للمطارات والماء والكهرباء و النقل وغيرها، تتجاوز 00002 درهم شهريا كأجر أولي، وهذا الرقم الأخير لا يصل إلى نصفه، أقول نصفه، رجل تعليم حاصل على باكلوريا زائد خمس سنوات من التكوين العالي زائد ما لايقل عن عشرين سنة من العمل الفعلي... وهذه هي مفارقة الوظيفة العمومية في المغرب، وأم المهازل هي أن رجل التعليم مطالب بملء أوراق الترقية عندما تتحقق فيه شروط الأقدمية، وكأنه موظف مجهول يستجدي، بينما في الاقتطاعات الأمر مختلف، وهذه حقيقة خبرها مدرسو أكاديمية سوس هذه الأيام.
إن المرفوض هو أن تكون الدولة ممعنة في تطبيق سياسة الانتقاء في تحسين وضعية فئة على حساب أخرى، فهذا ما لايمكن فهمه مهما كانت المبررات، فبعد أن كان رجل التعليم سيد الموظفين وراتبه أحسن الرواتب، وكان رجل السلطة «قائد مقاطعة»، يتقاضى أجره عينيا بالزيت والسكر والحليب المجفف، هاهو المعلم اليوم كناية عن كل رجال التربية والتكوين يتسارع مع اليومي بما تبقى له من قروض، ويُطلب منه قبل كل شيء أن يساهم في التنمية البشرية والمستدامة، وأن ينفتح على المحيط ويكون قاطرة للسلوك المدني، وعمادا للتجديد التربوي.. إنها أم المفارقات في مغرب التنمية البشرية.



tarikdadi2 2010-11-24 19:37

رد: التدريس أو بقايا مهنة لم تعد محفزة
 
جزاك الله يااخي
جميل جدا


الساعة الآن 11:31

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd