منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   المنتدى الإسلامي (https://www.profvb.com/vb/f25.html)
-   -   أعلام المسلمين ...متجدّد (https://www.profvb.com/vb/t54677.html)

aboukhaoula 2011-01-11 14:15

رد: أعلام المسلمين ...متجدّد
 
جزاك الله خيرا أخي الكريم و أحسن إليك

الشريف السلاوي 2011-01-15 22:55

رد: أعلام المسلمين ...متجدّد
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aboukhaoula (المشاركة 322470)
جزاك الله خيرا أخي الكريم و أحسن إليك

و أنتم من أهل الجزاء و الإحسان .

الشريف السلاوي 2011-01-15 22:59

رد: أعلام المسلمين ...متجدّد
 
سيف الدين قطز


ازداد خطر التتار، وأصبحت مصر مهددة بغزوهم بعد أن نزل (هولاكو) قائد التتار بجيوشه إلى بغداد في سنة 656هـ، فقتل مئات الألوف من أهلها، ونهبوا
خزائنها، وقضوا على الخلافة العباسية، ثم قتلوا الخليفة المستعصم بالله وأفراد
أسرته، وكبار رجال دولته.
امتد زحفهم إلى بلاد الجزيرة، واستولوا على (حرَّان) و(الرُّها) و(ديار بكر) ونزلوا على (حلب) في سنة 658هـ، فاستولوا عليها، ووصلوا إلى دمشق، فهرب سلطانها (الناصر يوسف بن أيوب) ثم دخلوا المدينة بعد أن استسلم أهلها، وواصل التتار زحفهم، فوصلوا إلى (نابلس) ثم إلى (الكرك) وبيت المقدس، وتقدموا إلى (غزة) دون أن يقاومهم أحد، ولم يبْقَ غير اليمن والحجاز ومصر، التي كان يتولى عرشها في ذلك الوقت المنصور على بن عز الدين أيبك، وكان صغيرًا لم يتجاوز عمره خمس عشرة سنة، ولم يكن قادرًا على تحمل أعباء الملك في هذه الظروف العصيبة؛ لذلك طلب علماء الإسلام من قطز أن يتولى العرش مكانه؛ لإنقاذ مصر والبلاد الإسلامية من خطر التتار.
ووصلت رسالة إلى قطز من زعيم التتار (هولاكو) وكانت الرسالة مليئة بالتخويف والتهديد، ومن بين ما جاء فيها: (... فلكم بجميع البلاد معتبر وعن عزمنا
مزدجر، فاتعظوا بغيركم، وأسلموا إلينا أمركم، قبل أن ينكشف الغطاء
فتندموا، ويعود عليكم الخطأ، فنحن ما نرحم من بكى ولا نرق لمن شكا، وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد، وطهرنا الأرض من الفساد، وقتلنا معظم العباد، فعليكم
بالهرب، وعلينا الطلب، فأي أرض تأويكم، وأي طريق ينجيكم، وأي بلاد تحميكم؟!).
جمع قطز الأمراء بعد أن استمع إلى الرسالة، واتفق معهم على قتل رسل هولاكو فقبض عليهم واعتقلهم وأمر بإعدامهم، ثم علق رءوسهم على (باب زويلة) كان هذا التصرف من جانب قطز يعني إعلانه الحرب على التتار، فجمع القضاة والفقهاء والأعيان لمشاورتهم وأخذ رأيهم في الجهاد، وفي دار السلطنة بقلعة الجبل حضر العالم الكبير الشيخ (عز الدين بن عبد السلام)، والقاضي (بدر الدين السنجاري) قاضي الديار المصرية، واتفق الجميع على التصدي للتتار والموت في سبيل الله.
خرج قطز يوم الاثنين الخامس عشر من شعبان سنة 658هـ بجميع عسكر
مصر، ومن انضم إليهم من عساكر الشام والعرب والتركمان .. وغيرهم من قلعة الجبل، فنادى في القاهرة وكل أقاليم مصر، يدعو الناس إلى الجهاد في سبيل الله والتصدي لأعداء الإسلام، وجمع الأمراء، وطلب منهم أن يساعدوه في قتال
التتار، لكنهم امتنعوا عن الرحيل معه، فقال لهم: (يا أمراء المسلمين.. لكم زمان تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته، فإن الله مطلع عليه، وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين).
وقبل المسير جمع (قطز) قادته، وشرح لهم خطورة الموقف، وذكرهم بما وقع من التتار من الخراب والتدمير وسفك الدماء، وطلب منهم وهو يجهش بالبكاء أن يبذلوا أرواحهم وأنفسهم في سبيل إنقاذ الإسلام والمسلمين، ولم يتمالك القادة أنفسهم فأخذوا يبكون لبكائه، ووعدوه أن يضحوا بكل شيء لنصرة الإسلام.
وخرج قطز لملاقاة التتار خارج مصر، ولم يقف موقف المدافع، وذلك لإيمانه بأن الهجوم خير وسيلة للدفاع، وحتى يرفع معنويات رجاله، ويثبت لأعدائه أنه لا يخافهم ولا يرهبهم، وتحرك قطز من مصر في شهر رمضان سنة 658هـ، ووصل مدينة (غزة) وكانت فيها بعض جموع التتار بقيادة (بيدرا) الذي فوجئ بهجوم أحد كتائب المماليك بقيادة بيبرس أحد قواد قطز الشجعان، لتتحقق بشائر النصر، ويستعيد قطز (غزة) من التتار، وأقام بها يومًا واحدًا، ثم اتجه شمالا نحو سهل البقاع بلبنان حيث التتار بقيادة (كَتُبْغَا) الذي فشل في إنقاذ التتار الذين هزمهم المسلمون في غزة.
وكان قطز رجلا عسكريًّا من الدرجة الأولى، فهو يعد لكل شيء عدته، فقد أرسل حملة استطلاعية استكشافية تحت قيادة الأمير (ركن الدين بيبرس) وكان قائدًا ذا خبرة واسعة بالحروب، لكي تجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن التتار، عن قوتهم وعددهم وسلاحهم، وبعد أن انتهى (بيبرس) من استطلاع الأخبار اشتبك مع التتار في مكان يسمى (عين جالوت) وظل القتال مستمرًّا حتى وصل قطز مع قواته إلى ميدان المعركة الفاصلة.
وفي يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان من سنة 658هـ، دارت معركة حاسمة بين الطرفين، واقتحم قطز صفوف القتال، وتقدم جنوده وهو يصيح:
(وا إسلاماه.. وا إسلاماه) يضرب بسيفه رءوس الأعداء، ويشجع
أصحابه، ويطالبهم بالشهادة في سبيل الله، واشتدت المعركة، فأخذ قطز يصرخ أمام جيشه: (وا إسلاماه.. وا إسلاماه.. يا الله.. انصر عبدك قطز على التتار) وقتل فرس قطز، وكاد يتعرض للقتل لولا أن أسعفه أحد فرسانه، فنزل له عن فرسه، فسارع قطز إلى قيادة رجاله، ودخل دون خوف في صفوف الأعداء حتى ارتبكت
صفوفهم، ولجأ القائد العظيم إلى حيلة ذكية؛ فقد أخفى بعض قواته من المماليك بين التلال؛ حتى إذا زادت شدة المعركة، ظهر المماليك من كمائنهم، وهاجموا التتار بقوة وعنف.
وكانت هناك مزرعة بالقرب من ساحة القتال، فاختفى فيها مجموعة من جنود
التتار، فأمر (قطز) جنوده أن يشعلوا النار في تلك المزرعة، فاحترق من فيها من التتار، وبدأ المسلمون يطاردون التتار، حتى دخل قطز دمشق في أواخر شهر رمضان المبارك، فاستقبله أهلها بالفرح والسرور، ولم تمضِ أسابيع قليلة، حتى طهرت بلاد الشام من التتار، فخرج من دمشق عائدًا إلى مصر، وفي طريق عودته انقض عليه عدد من الأمراء وقتلوه حسدًا منهم وحقدًا على ما أكرمه الله به من نصر، وذلك يوم السبت السادس عشر من ذي القعدة سنة 658هـ، ودفن في المكان الذي قتل
فيه، وحزن الناس عليه حزنًا شديدًا.

الشريف السلاوي 2011-01-19 06:47

رد: أعلام المسلمين ...متجدّد ( عبد الحميد الثاني )
 
عبد الحميد الثاني

(لن يستطيعوا أخذ فلسطين إلا عند تشريح جثتي وساعتها يأخذونها بلا ثمن، أما وأنا على قيد الحياة فلا).
في سنة 1258هـ-1842م ولد السلطان عبد الحميد ونشأ وترعرع في دار الخلافة العثمانية التي كانت محط أنظار المسلمين، كانت لهم نعم العون والسند، يجتمعون تحت رايتها، ويحتمون بها من شرور أعداء الإسلام.
ومرت الأيام، وآن لـ(عبد الحميد الثاني) أن يتحمل المسئولية في وقت كانت تحيط فيه الأخطار بالدولة من كل جانب، بعد أن أصدر شيخ الإسلام في دار الخلافة العثمانية فتواه التاريخية بعزل السلطان (مراد الخامس) وتعيين شقيقه الأصغر
عبد الحميد الثاني خليفة على المسلمين.
وقبل أن يباشر السلطان مهامه الجديدة صلى لله تعالى ركعتين شكرًا في جامع
(أبي أيوب الأنصاري) وهناك تسلم من شيخ الإسلام سيف عمر بن الخطاب
-رضي الله عنه- وهو سيف الخلافة، وبدأ موكب السلطان الجديد يسير في شوارع العاصمة (استنبول).. تنثر الزهور، وتنشر الرياحين من شرفات المنازل ابتهاجًا بالسلطان الجديد، حتى إذا مرَّ الموكب بقبر والد السلطان ومقابر أجداده
الفاتحين، نزل السلطان عبد الحميد ليدعو لهم بالرحمة والمغفرة وفاء وعرفانًا.

وبدأ السلطان عبد الحميد الثاني بداية طيبة تدل على اعتزازه بدينه الإسلامي وفخره بتعاليمه، فكان أول ما أصدره من قرارات أن أقرَّ الدستور الذي يكفل المساواة بين جميع الناس من خلال المجالس الشرعية، كما أصدر أوامره بحرية القضاء لتكون كلها نافذة من خلال النظام الإسلامي للدولة، فظل الإسلام في عهده منبع القوانين ودستورها، كما عرف السلطان للعلماء حقهم، فكان لا يقطع أمرًا دونهم، ويحرص على استشارتهم والأخذ بآرائهم.
وقد حاول اليهود عن طريق زعيمهم الماكر (هرتزل) استمالة السلطان عبد الحميد الثاني، حتى يسمح لهم بإقامة وطن لليهود في فلسطين (بيت المقدس)، فعرضوا عليه مبلغًا ضخمًا في ذلك الزمان البعيد يقدر بثلاثة ملايين من الجنيهات بالإضافة إلى دفع مبلغ كبير للدولة العثمانية -سنويًّا- مقابل أن يصدر السلطان عبد الحميد قرارًا يسمح فيه لليهود بالهجرة إلى فلسطين والتوطن فيها، وهنا قال السلطان عبد الحميد قولته الخالدة التي سجلها التاريخ بمداد من ذهب: (لست مستعدًّا لأن أتخلى عن شبر واحد من هذه البلاد، فهي ليست ملكي بل هي ملك لشعبي، روي ترابها
بدمه، وليحتفظ اليهود بأموالهم، ولن يستطيعوا أخذ فلسطين إلا عند تشريح
جثتي، وساعتها يأخذونها بلا ثمن، أما وأنا على قيد الحياة.. فلا).

واستمرت مكائد اليهود، فحاول هرتزل، أن يقدم عرضًا مغريًّا جديدًا
للسلطان، فلقد كانت الدولة العثمانية مدينة لأوروبا بمبلغ كبير من المال، وعرض اليهود تسديد هذه الديون مقابل تحقيق طلبهم، ولكن السلطان كان أثبت جأشًا وأقوى عزيمة عندما قال: (إن الديون ليست عارًا، ولكن العار أن أبيع أرضًا
لليهود، فليحتفظ اليهود بأموالهم، فالدولة العثمانية لا يمكن أن تحتمي وراء حصون بنيت بأموال أعداء المسلمين).
واستمرت الدسائس والحيل الخبيثة، ففي عام 1902م طلب هرتزل من السلطان أن يسمح له بإنشاء جامعة عبرية في فلسطين يديرها أساتذة من بني صهيون، فرفض السلطان هذا العرض أيضًا، لأنه يعلم أن هذه الجامعة سوف تكون بداية لاحتلال الأرض، فأنكر جميع رسائلهم ورفض قبول هداياهم.
وعند ذلك عمل اليهود على تأليب أوروبا وروسيا ضد السلطان عبد الحميد، فقامت الثورات على الحدود، وأعلنت روسيا الحرب على الدولة العثمانية، وتنكرت أوروبا للمعاهدات المعقودة معها، فوقفت إلى جوار روسيا في حربها ضد السلطان
عبد الحميد.

وفي نفس العام ثار المسيحيون في (تكريت) بتحريض من البابا، وكان السلطان يحارب ومن ورائه قلوب المسلمين تدعو له، ورغم هزيمته فإن القادة والجنود العثمانيين أظهروا شجاعة فائقة شهد بها الأعداء الأوربيون، ولكن لم تشغل هذه الأحداث السلطان عبد الحميد عن الإصلاحات الداخلية في شتى أنحاء الدول العثمانية؛ فنشر التعليم المدني بجميع مراحله وأنواعه، وأنشأ جامعة (استنبول)
سنة 1885م والتي كانت تعرف أولا باسم (دار الفنون) كما أنشأ دورًا للمعلمين ومعاهد فنية ومدارس ابتدائية وثانوية مدنية، واهتم بالتعليم العسكري، وأنشأ المكتبات ومدرسة خاصة لتخريج الدعاة.

كما توسع في إنشاء الخطوط الحديدية ليسهل الحج وذلك بتقصير مدة الرحلة وليجعله في متناول الجميع، واستخدم البرق كوسيلة جديدة للمراسلة، وتبنى مشروع الجامعة الإسلامية، وسار فيه سيرًا مباركًا، وعمل على إعادة الهيبة إلى الخلافة كما كانت في عهودها الأولى، وكان دائمًا يدعو المسلمين إلى الاتحاد، كما كان حريصًا كل الحرص على نشر هذا الأمر بين المسلمين جميعًا في كل البلاد الإسلامية.
لكن اليهود ظلوا يعملون ضده في الخفاء، فسلطوا عليه إعلامهم، واتهموه في حياته الخاصة، وشهروا به وبأسرته، وساهموا في إنشاء جمعية (الاتحاد والترقي العثمانية) التي قامت بثورة عسكرية استمرت عامًا كاملاً من سنة 1908 حتى سنة 1909 ونجحت بعدها في سلب الخلافة من السلطان عبد الحميد، وقررت نفيه إلى (سالونيك) في إبريل سنة 1909م.
وظل عبد الحميد الثاني في منفاه حتى لقي ربه سنة 1918م بعد أن أدار شئون الدولة العثمانية لمدة أربعة وثلاثين عامًا، فكان من أطول سلاطين الدولة العثمانية
حكمًا، كما كان من أكثر السلاطين الذين تمَّ الافتراء عليهم زورًا وبهتانًا.

الشريف السلاوي 2011-01-22 10:11

رد: أعلام المسلمين ...متجدّد (جعفر الصادق)
 
جعفر الصادق

استقبلت المدينة المنورة مولودًا من ذرية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد ولد (جعفر الصادق بن محمد الباقر) وكان ذلك سنة 80هـ.
نشأ جعفر في داصر الهجرة النبوية الشريفة، معتزًّا بنسبه؛ فجده لأبيه هو الإمام
على بن أبي طالب -رضي الله عنه- وجده لأمه صديق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الخليفة (أبو بكر الصديق).
استمع جعفر لنصائح والده الذي أخذ يقول له: (إياك والكسل والضجر، فإنهما مفتاح كل شر، إنك إن كسلتَ لم تؤدِّ حقًّا، وإن ضجرتَ لم تصبر على حق، إن طلب العلم من أداء الفرائض خير من الزهد) واستجاب جعفر لنصائح والده، فحفظ القرآن الكريم وأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفهمهما فهمًا
جيدًا، فلما بلغ جعفر مبلغ الشباب، ورأى آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلافهم مع الدولة الأموية، وشاهد عمه زيدًا قتيلا؛ بكى وحزن عليه حزنًا
شديدًا، ورأى أن خير ما يقاوم به هذا الظلم هو كلمة الحق التي تنير طريق الناس وتحركهم للدفاع عن المظلومين.

فقد تعلم من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن طلب العلم ونشره جهاد في سبيل الله، بل إنه فريضة على كل مسلم ومسلمة، وأن الله تعالى جعل للعلماء مكانة بين الأنبياء والشهداء؛ فاهتم جعفر بعلوم الطبيعة والكيمياء والفلك والطب والنبات والأدوية إلى جانب دراسته للقرآن والحديث والفقه، وظل جعفر يدرس ويقرأ في كل العلوم؛ حتى أشرفت دولة بني أمية على الزوال؛ فأرسل إليه المؤيدون لآل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينتهز الفرصة، ويأتي على الفور ليتولى خلافة المسلمين، ولكنه لم يشعر بقبول تجاه هذه الرسالة؛ فأحرقها!!
لقد كان يشعر أنه بعلمه أقوى من أي ملك على وجه الأرض، ومضى الإمام جعفر الصادق يتعلم العلم ويعلمه الناس في تواضع فريد، يسأله الناس فيجيب دون كبر أو خيلاء، سأله أحد الناس: لقد قال الله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60] فما بالنا ندعوه فلا يجيب؟! فقال الإمام جعفر الصادق: لأنك تدعو
من لا تعرف.
وأحب الناس جعفر الصادق والتفوا حوله، فاغتاظ الخليفة المنصور، وحاول أن يحرج الإمام جعفر الصادق؛ فأمر أبو حنيفة (الفقيه المشهور) أن يهيئ له مسائل شدادًا يناقشه فيها، فقال أبو حنيفة: فهيأت له أربعين مسألة، والتقى الإمامان في حضرة الخليفة المنصور، فلم يلْقِ أبو حنيفة مسألةً إلا أجاب عنها الإمام جعفر الصادق، فقال أبو حنيفة في النهاية: (إن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس) لأن جعفر الصادق كان يجيب عن كل مسألة بما أجاب به كل الفقهاء السابقون ثم يأتي برأيه.
وكان الإمام جعفر الصادق حليمًا لا يغضب؛ كان له غلام كسول يحب
النوم، فأرسله يومًا في حاجة، فغاب، وخشي الإمام أن يكون الغلام قد أصابه مكروه، فخرج يبحث عنه، فوجده نائمًا في الطريق، فجلس عند رأسه، وأخذ يوقظه برفق حتى استيقظ، فقال له ضاحكًا: تنام الليل والنهار؟! لك الليل ولنا النهار.
ولم يخش الإمام جعفر الصادق أحدًا إلا الله، فها هو ذا يقول للخليفة المنصور عندما سأله: لماذا خلق الله الذباب؟ بعد أن تضايق الخليفة من ذبابة كانت تحط على وجهه ولم يفلح في إبعادها، فقال الإمام: (ليذل به الجبابرة).

وأقام الإمام في المدينة وقد جاوز الستين يعلم الناس ويفقههم، وفي الثامنة والستين من عمره سنة 148هـ توفي الإمام جعفر الصادق، فحزن الخليفة المنصور عليه حزنًا شديدًا وقال: توفي سيد الناس وعالمهم، وبقية الأخيار منهم، إن جعفرًا ممن قال الله فيهم: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} [ فاطر: 32 ].



الساعة الآن 13:14

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd