محمد جوشت*:الدخول المدرسي 2010ـ2011مسؤولية من؟ مراكش نموذجا
بواسطة: فضاءات
بتاريخ : الإثنين 15-11-2010 12:16 صباحا

يعيش المغرب حدث الدخول المدرسي بإيقاع السنة الثانية لأجرأة البرنامج الاستعجالي، ويأبى المسؤولون إلا أن يشيدوا بالمنجزات التي حققوها وقد بدا ذلك جليا من خلال مداخلات السيدة الوزيرة في أحد البرامج التلفزية التي حضرتها بالقناة الثانية؛ ويبقى السؤال المطروح اين هي الحقيقة؟ هل ما يبث عبر وسائل الإعلام من قبل هذه التصريحات أم واقع الحال؟ ومن المسؤول عن ارتباك الدخول المدرسي برسم السنة الدراسية 2010 ــ 2011؟
للإجابة عن هذه التساؤلات سنتطرق للدخول المدرسي بمدينة مراكش التي قد تكون هي الحالة العامة لباقي أقاليم المملكة أو حالة خاصة منفردة.

1ــ تجليات الدخول المدرسي
1-الاكتظاظ والخصاص المهول في البنايات المدرسية و الموارد البشرية خصوصا في الأحياء الجديدة التي تعرف كثافة سكانية ( المحاميد، المسيرة...)؛
2- رفض هيئة التفتيش القيام بتأطير ومواكبة الدخول المدرسي كما عبروا عن ذلك خلال الوقفة الاحتجاجية أمام مقر الأكاديمية يوم 21 أكتوبر 2010؛
3-استياء المديرين خصوصا بالتعليم الابتدائي الذين ( طاروا بالجناوح) نظموا وقفة احتجاجية أمام مقر الوزارة يوم 30 شتنبر 2010، وأمام نيابات التعليم يوم 10 نونبر 2010؛
4-استياء أمهات وآباء وأولياء التلاميذ ( المحاميد) الذين قاموا بتجمعات في النيابة والأكاديمية والولاية؛
5-الفائض/الخصاص في البنايات والتي تم تفويت بعضها لإدارة أخرى، واستعمال البعض الآخر كمقر للأكاديمية؛ وكذا الفائض في الموارد البشرية وعدم القدرة على إعادة انتشاره وتشغيله.

2ـ أسباب الحالة الراهنة
يعد التخطيط أساس كل تنمية خصوصا تنمية الموارد البشرية التي هي من اختصاص وزارة التربية الوطنية، لذلك توجد ببلادنا مؤسسة تكون أطر التخطيط التربوي إلا أن الوزارة الوصية قد همشت هذا الإطار من خلال تقزيم مهامه.
لقد عرفت البلاد سياسة خاصة في الحواضر الكبرى ما يعرف بوحدة المدينة ونظام المقاطعات، والسؤال هل استجابت التهيئة المجالية لهذا التحول؟ ( حيث تحولت مراكش من ثلاث عمالات إلى عمالة واحدة).
تعد الوكالة الحضرية تصميما للتهيئة الحضرية الذي يحدد توزيع المناطق السكنية وبالتالي كثافة السكان وتخصص خلاله البقع الأرضية لإحداث المؤسسات التعليمية حسب المعايير التالية ( لكل 8500 ساكن مدرسة ابتدائية، 15000 ساكن ثانوية إعدادية ولكل 50000 ساكن ثانوية تأهيلية) وعلى هذا الأساس تعطى رخص البناء خصوصا التجمعات الكبرى (النهضة، معطى الله، الحسنى، سعادة، برج الزيتون، الكتبية...) والسؤال هل تم احترام هذه العايير ولو أنها تحتاج إلى تدقيق وتمحيص؟ وهل كانت النيابة ممثلة في اللجنة التقنية؟ وهل تتوفر النيابة على نسخة من تصميم التهيئة لكل بلدية ؟ وهل تم تخصيص بقع أرضية للمؤسسات التعليمية؟ وكم عددها؟
من المهام لأطر التخطيط التربوي إعداد خريطة استشرافية لثلاث سنوات قادمة أو أكثر، تحدد من خلالها البنيات التربوية المستقبلية مما يتيح معرفة الخصاص من البنايات و التجهيزات و الموارد البشرية، وعلى ضوء ذلك ترصد الميزانيات للدراسات والأشغال و اقتناء التجهيزات و تخصيص مناصب للشغل ليتم التباري عليها وتكوين الفائزين بها بمراكز التكوين ( أساتذة التعليم بكل أسلاكه، المفتشون بمختلف تخصصاتهم، أطر التوجيه والتخطيط، أطر الاقتصاد ....) إلا أن مسؤولي الوزارة ولحسابات ضيقة فضلوا الهروب إلى الأمام وتصفية الحساب مع أطر التوجيه والتخطيط التربوي عبر تهميش هذه المهمة ومجموعة من المهام الأخرى التي لا يتقنها إلا ذوي الاختصاص مطبقين بذلك المثل الذي يقول: "كم من حاجة قضيناها بتركها"؛ إلا أنه عندما تقع مشاكل مثل ما يحدث في هذا الدخول المدرسي تشير أصابع الاتهام لمصالح التخطيط بالنيابات وتكون هي المخاطب للسكان.
عدم احترام التخصص فالمسؤول ذو المنصب السياسي يتدخل في عمل المسؤول التقني، وعلى سبيل المثل (بمحاذاة الثانوية التأهيلية سحنون التي تعرف بنية تربوية مخففة تم بناء الثانوية التأهيلية ابن رشد التي تم تحويلها إلى مقر للأكادمية)؛ يعرف كل من له علاقة بالتخطيط التربوي أن اعتماد المؤسسات في تحضير الدخول المدرسي يقتضي تنفيذ المذكرة التي تفرض أن تكون هذه المؤسسات موجودة أو وصلت بها الأشغال 70% ( هذا الأمر عندما كانت تحضير الخريطة المدرسية يتم في يناير) وقد فرضت الأكاديمية الجهوية اعتماد الثانوية التأهيلية المحاميد 9 التي لم تكن الأشغال قد انطلقت بها أثناء إعداد الخريطة النظرية.
وعلى ذكر الخريطة النظرية فإن إعداد الخريطة قد تم تحويله/تهريبه من مديرية الإستراتيجية والاحصاء والتخطيط إلى مديرية تدبير الخريطة التربوية والحركات الانتقالية وإعادة الانتشار (مديرية لا وجود لها في هياكل الوزارة تم إحداثها ضدا على التقليص من مديريات الوزارة )، كما أن إعدادها (الخريطة التربوية) لا يتم إلا ابتداء من أواخر شهر أبريل في الوقت الذي كان فيه هذا الموعد يعرف نهاية آخر حركة انتقالية وطنية.
أما فيما يخص الحركات الانتقالية فبالنسبة للوطنية تتأخر ( أما الحركات الجهوية والإقليمية فهي على مدار الموسم الدراسي) وهي لا تعتمد على المناصب الشاغرة (عدد الطلبة الأساتذة الذين سيتخرجون في نهاية الموسم الدراسي) مما يتنج عنه هذا الفائض في مناطق وخصاص في مناطق أخرى، كما أن إعادة الانتشار سواء كانت وطنيا أو جهويا أو إقليميا فهي لا تنفذ كما ينبغي وتخضع لحسابات ضيقة (ضدا على مصلحة التلميذ) من طرف الإدارة وشركائها الاجتماعيين.

3 ــ طريق الحل
للخروج من هذه الأزمة المتكررة عند كل دخول مدرسي يمكن القيام بمايلي:
1- إعداد تصميم التهيئة لكل بلدية بحضور جميع أعضاء اللجنة وتمكين كل عضو ( نيابات وزارة التربية الوطنية) من نسخة منها؛
2- إعادة النظر في الكثافة السكانية لكل مؤسسة:
مدرسة ابتدائية ثانوية إعدادية ثانوية تأهيلية معهد للتكوين المهني
عدد السكان الحالي 8500 15000 50000 40000
عدد السكان المقترح(1) 3000 5000 10000 8000
(1) نسبة أطفال 6-11 سنة و 12-14 سنة و 15-18 سنة تتراوح بين% 10.00 و% 11.00 تقريبا حسب إحصاء 2004
3- إعادة الاعتبار لرجال التعليم عموما وأطر التخطيط التربوي خصوصا وتمكينهم من القيام بمهامهم؛
4- تحديد الأحواض المدرسية وقطاع الروافد لكل مؤسسة؛
5- إعداد خريطة استشرافية بمثابة مخطط مديري للتربية والتكوين؛
6- مراجعة المقرر الدراسي السنوي وإدراج فيه مايلي:
ـ عملية الإحصاء المدرسي السنوي (بداية شهر أكتوبر الى نهاية شهر نونبر)؛
ـ تحضير الخريطة التربوية (التقسمات والتعديلات والمؤسسات المعتمدة...) خلال يناير؛
ـ الحركة الإدارية ( مدير مدير... الإسناد) خلال شهر فبراير؛
ـ حركة الأساتذة وباقي الأطر خلال شهري مارس وأبريل؛
ـ تحيين الخريطة الاستشرافية وبرمجة البنايات خلال شهر ماي؛
ـ الإمتحانات ومجالس الأقسام والتوجيه والنتائج خلال شهر يونيو؛
ـ تعديل الخريطة التربوية وتعيين الخريجين خلال الأسبوع الأول من شهر يوليو؛
ـ إعادة التسجيل وتسجيل الجدد خلال الأسبوعين الأولين من يوليو؛
ـ الحركة الجهوية والمحلية خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر يوليو.
7- تحويل الإعتمادات المالية للنيابات خلال يناير؛
8- إعداد الميزانية والموسم الدراسي المقبل وعقد المجلس الإدارية خلال شهري فبراير ومارس للمناقشة والمصادقة؛
9- عقد المجالس الإدارية للأكاديميات لتقييم الموسم الدراسي الحالي ومراجعة الميزانية خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر يوليو؛
10- الاحتفال بعيد العرش وتحفيز المتفوقين (تلاميذ وطلبة، هيئة التدريس، هية الإدارة والمراقبة، المجتمع المدني) خلال الأسبوع الأخير من شهر يوليو.

*محمد جوشت مستشار في التخطيط التربوي