2010-11-09, 15:35
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | رأي في لغتنا : الخلل في العقلية وليس في اللغة العربية | رأي في لغتنا : الخلل في العقلية وليس في اللغة العربية حميد لفريخ الاتحاد الاشتراكي : 09 - 11 - 2010 لا أحد يمكنه أن ينكر اليوم ما تتعرض له اللغة العربية من هجمة شرسة من لدن ثلة من السينمائيين و«الباحثين الجدد» والإعلاميين الذين يظنون أنفسهم حداثيين، ليس تيمنا بمبادئ الحداثة - طبعا - ولكن لكونهم تمدرسوا في معاهد غربية ورضعوا حليب الفرانكفونية للوقوف ضد هويتهم الثقافية والفكرية بصالحها وطالحها، شاهرين سيوفهم «الخشبية» لتضليل الرأي العام المغربي في لغته الفصحى، ومحال ذلك، لأن أمر اللغة العربية محسوم لدى المغاربة منذ زمن بعيد، ولا أدل على ذلك الدرس الذي تلقنه المعمر الفرنسي حين حاول تغليطهم في حقائقهم الثابتة، وفي صدارتها لغتهم، ففشل لأنه وجد رجالات الوطنية بسيوف حديدية قاطعة، أما الآن، فنجد للآسف فئة مضللة يعرفها كل الصحفيين والباحثين الشرفاء في هذا البلد، ويقفون منهم موقفا معارضا بخصوص هذه المسألة، ليس تعاطفا مع حافظ كيانهم ومستودع هويتهم ووجدانهم فقط، وإنما لكونهم يعون الجهة التي تجند أقلاما وأفلاما بالملايير لنسف بنيان الأمة العربية بالطعن في لغتها. تراهم اليوم كما الأمس، يتهمون روح المجتمع المغربي بادعائهم علانية أن اللغة العربية لا تصلح أن تكون لغة العلم والمعرفة، وأنها ليست لغة حداثة وتكنولوجيا البتة، والذي يصلح - في نظرهم- هو الدارجة لا حبا في دارجاتنا المغربية بالطبع، وإنما لاستمالة عامة الناس قصد تهيئ الأرضية الملائمة للغة أخرى. وهذا ادعاء باطل لا أساس له من الصحة، ويدخل في باب «الأحكام الجاهزة» ابتغاء إرضاء المعمر القديم- الجديد، خصوصا إذا كان هذا الحاكم الظالم يتحايل ويحاول التلاعب بعواطف الناس لا يريد أن يعترف بحقيقة اللغة. وهنا، حتى تفسيرات هؤلاء تفقد مصداقيتها النقدية، لأن التفسير في لغة ما يقتضي الحياد والموضوعية لأن الأمر علمي بامتياز، وقبل هذا وذاك، يفرض الإطلاع المكثف حول الخصوصيات اللسانية لهذه اللغة ومعرفة مدى قدرتها على مسايرة المستجدات العلمية حتى يكون التفسير منصفا وعادلا. ولكن نعرف - و يعرف الجميع- أن أتباع الفرانكفونية لا يبنون مواقفهم من اللغة العربية على براهين منطقية أو أدلة علمية، بل هم أرادوها مسألة سياسية كما هو واضح للعيان. فيستغلون الظروف العصيبة التي يعرفها المغرب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا لتبرير فشل اللغة، ناسين أو بالأحرى متناسين، أن العيب ليس في اللغة، بل في العقلية المغربية السائدة، فغلبة اللغة في غلبة أهلها كما يؤكد العلامة ابن حزم في كتابه (الأحكام في أصول الأحكام.ج1-ص31). وابن حزم رغم انتمائه إلى جيل خالي، فهو بفكره حداثي:»وأما من تلفت دولتهم، وغلب عليهم عدوهم، واشتغلوا بالخوف والحاجة والذل وخدمة أعدائهم، فمضمون منهم موت الخواطر...» وهذه حال الفاشلين المتجاهلين للحقيقة المرة المتمثلة في كون أهلنا ضعاف في كل شيء . فالحداثة التي يتبجح بها هؤلاء، تتأسس على مبادئ معلومة لاتخفى على أحد، ومعالم العولمة التي يتلقفها هؤلاء من أفواه أسيادهم معروفة، وهي تستدعي الإبداع والابتكار في الحياة، وليس ترداد كلام الآخر الذي يسعي بما أوتي من قوة إلى زعزعة صروح المجتمع المغربي وهدم بنيانه الكامن في لغته بعدما تبين له ، بالملموس، ثبات اللغة في هذا البلد وفي كل الأقطار والأمصار رغم مناخ الضعف الذي يخيم على العقول، وهذا أمر يرى فيه ذلك الآخر خطورة كبيرة لما له من انعكاسات سلبية على فرضياته المستقبلية وتطلعاته الضامنة لسرمدية الهيمنة الاقتصادية والمعرفية.
إن الواقع الراهن يعلمنا دروسا تلو الدروس، وهل من مستفيد ؟ّ والدرس الأمثل، يتجلى في سبل تطور مجتمعات كثيرة كاليابان والصين وغيرهما، إذ عملت على دمقرطة مؤسساتها وقامت بتحديث قطاعاتها وحافظت على لغتها. ونحن نعلم أن ما ينتشر في كل مجتمع من هذه المجتمعات من لغات أجنبية يعادل تقريبا ما ينتشر في المغرب، ورغم ذلك لم تفرط في لغتها وسيلة ابتكارها، وها هي دول إفريقية كتشاد وغيرها تتخلى عن الفرنسية التي يدافع عنها هؤلاء المغاربة الفرانكفونيون ويقرون اللغة العربية لغة رسمية للبلاد. إذا، هم يتخلون عنها بعدما تأكد لهم عدم جدواها في واقعهم الثقافي والاقتصادي والسياسي وهؤلاء يدعوننا إليها. هذا أمر غريب.
إننا لا نفاضل بين اللغات الإنسانية، لأن المفاضلة في هذه المسألة وهم لا حقيقة، و لكن ندافع عن لغتنا كما يدافع الفرنسي عن لغته والإسباني عن لغته.. ونتبنى الانفتاح الثقافي و الحوار الحضاري الذي لا يتأتى إلا بتعلم اللغات و إعطاء الأولوية للعربية وإزالة الشوائب العالقة بها جراء التأثير و التأثر. والغريب أننا لسنا وحدنا من يدافع، فحتى بنو جلدة من يتباهى هؤلاء بلغتهم. يرى الباحث والمؤرخ الفرنسي كوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب ص-174)«أن للغة العربية آثارا مهمة في فرنسا نفسها». ويغار الباحث ريتشارد كريتفال على اللغة العربية قائلا:«إنه لا يعقل أن اللغة الفرنسية أو الإنجليزية تحل محل اللغة العربية،وإن شعبا له آداب غنية متنوعة كالآداب العربية ولغة مرنة ذات مادة لا تكاد تفنى لا يخون ما فيه».
ولما يحاج بعضهم في أمر ما يدعيه حول اللغة. تجدهم يسارعون إلى اختزال وظائف اللغات الإنسانية في الوظيفة التواصلية، وما دام الأمر كذلك، فلا حاجة لنا في لغة وعرة الفهم وصعبة الاكتساب من لدن المتعلمين المغاربة. وعليه، فنحن في حاجة إلى لغة سهلة يتواصل بها جميع المغاربة. وهذا أمر لا أساس له من الصحة. لأن المقاربة السيكولسانية تقر بأن للغة العربية -كما لكل اللغات- وظائف ومهام عدة، فهي أداة للتفكير المنطقي وحل المشاكل، وأداة للتجريد و التجسيد وتنظيم الذاكرة، وأداة للإبداع والخلق في كل المجالات، إنها من أمضى الوسائل لتنمية المهارات الذهنية والتمثلات المعجمية. وإنها أداة للتواصل كتابة وقراءة وشفاهة، وتحوي طاقة إيحائية فعالة تكسب الملفوظات اللغوية جمالية فنية علاوة على كون اللغة العربية لغة اشتقاق وترادف، فكل مفردة تولد من بطنها مفردات لها مرادفات، وهذا يؤهلها إلى أن تكون بامتياز لغة العلم والمعرفة.
وبناء على كل ما سبق، نقول إن أزمة مجتمعنا ليست في لغته، وإنما في العقل السائد الذي ينظر ولا يطبق، يحكم ولا يفسر، يسوس(من السوسة) ولا يسيس (تحقيق إنسانية الإنسان). عقل مترهل إن التفت إلى الماضي اجتره بمعقوله ولا معقوله، وإن نظر إلى حاضره انبهر بحداثته، فقلد وانتحل وزور، فبقي معلقا بين السماء والأرض، لا هو من أهل السماء ولا هو من أهل الأرض. إن المجتمع المغربي ليس في حاجة إلى تبديل لغته، ولكن في حاجة ماسة إلى عقل جديد يواكب الحياة الجديدة بالخلق و الإبداع في جميع المجالات، لا عقل يدور في دائرة مغلقة يبحث باستمرار عن المنفذ الوحيد كذبابة فجنشتاين. | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=287046 |
| |