منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   أرشيف مواضيع النقاش (https://www.profvb.com/vb/f293.html)
-   -   فكرة قرأتها في كتاب: "مصالحة بين العلمانية و الإسلام". نقل مواطن العالم د. محمد كشكار (https://www.profvb.com/vb/t52549.html)

mkochkar 2010-10-25 15:18

فكرة قرأتها في كتاب: "مصالحة بين العلمانية و الإسلام". نقل مواطن العالم د. محمد كشكار
 

كتاب جورج طرابيشي "هرطقات عن الديمقراطية و العلمانية و الممانعة العربية" الطبعة الثانية 2008 , دار الساقي, بيروت, 232 صفحة.

تنبيه ضروري

ما أنشره في هذه السلسلة من نقل، تحت العنوان المشترك "فكرة قرأتها في كتاب"، لا يمثل موقفي الفكري بل هو عبارة عن مذكّرة خاصة، أعتمدها شخصيا عند الرجوع إلى الكتاب الأصلي. لا تغني هذه المذكرة عن قراءة الكتاب كاملا. يجب إذن توخّي الحذر الشديد في التعامل مع ما ورد فيها لأن لا تصل إليكم فكرة الكاتب ناقصة أو مشوّهة. أنشر هذه السلسلة مساهمة مني في رد الاعتبار لفن ثامن مهدّد بالانقراض، اسمه "مطالعة الكتب

صفحة 217

فلا مجال للشك في أن عين "العلمانية" ينبغي أن تعجم بالفتحة لا بالكسرة, لأنها لا تحيل إلى العلم, بل إلى العالم أي الدنيا. و هذا هو أصلا معنى الجذر اليوناني Laikos و اللاتيني Laicus الذي اشتقت منه كلمة "علمانية Laicité" بالفرنسية. فاللايكوس هو من ينتمي إلى الشعب, إلى العامة, و من ثم إلى الأميين, و ليس إلى طبقة رجال الكهنوت الذين يحتكرون العلم في حينه

صفحة 213

و يخطئ كثيرا, من وجهة النظر هذه, من يريد أن يقيم تعارضا بين طبيعة المسيحية و طبيعة الإسلام في مدى تقبلهما – أو عدمه – للعلمانية. فالمسيحية قد عارضت العلمانية في البداية, و على امتداد قرنين, أقوى مما يعارضها الإسلام اليوم. و الواقع أنه ليس بالإحالة إلى طبيعة الدين في ذاته يتحدد مدى تقبله للعلمانية. فليس يعود أصلا إلى الدين أن يقرر هل يقبل أو لا يقبل العلمانية. فهذه مسالة سياسية, و عائدة إلى الدولة. و هذه نقطة تستوجب التركيز عليها مثنى و ثلاث. فأن تكون العلمانية عائدة حصرا إلى الدولة, فهذا معناه أنها لا تعود إلى المجتمع. و لئن يكن الدين غائبا عن الدولة في ظل العلمانية, فإنه يحتل بالمقابل في المجتمع مكانه الطبيعي. و هذه مسألة قد تعني الإسلام أكثر مما تعني المسيحية. فالمسيحية قابلة لأن تتقلص إلى بعدها الروحي. أما الإسلام فله بعد اجتماعي لا يمارى فيه. و الحال أنه في ظل دولة علمانية تقر بسؤدد المجتمع المدني يمكن للإسلام أن يمارس فاعليته الاجتماعية بدون أن يكون له دخل في التنظيم السياسي للدولة. فالمجتمع المدني, المعترف له بسؤدده, يترك للإسلام, كما لأي دين آخر, حقلا واسعا للنشاط الاجتماعي و الثقافي. و كل ما هنالك أنه سيكون لزاما عليه, في هذه الحال, أن يتجرد من طابعه السياسي. و الحال أن الدولة نفسها, بقدر ما أنها لا تزال غير حديثة, هي التي تتمسك بالطابع السياسي للدين, و ليس الدين نفسه الذي قد لا يلحقه من جراء هذا التسييس سوى الأذية. و قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا التجريد للإسلام من الطابع السياسي هو اختزال له و تقليص. و لكن العكس قد يكون هو الصحيح. فبقدر ما يكف الإسلام عن أن يكون أداة في خدمة الغرض السياسي للدولة, فإنه يستعيد ملء دعوته كدين. و على هذا النحو, فإنه قد يكتشف أنه يستطيع أن يوجد و أن يتطور بدون سند من دولة إسلامية. و من ثم, فإن العلمانية قد لا يكون فيها أذى للإسلام كدين بقدر ما أنها تهيئ له جوا للانعتاق من أسر السلطة السياسية و للتفتح و التقدم كدين. و ذلك ما حدث أصلا للمسيحية التي اكتشفت, بعد طول مقاومة, أن العلمانية قد أفادتها في استعادة بعدها الروحي بعدما كانت جرت مصادرته, على مدى قرون عديدة, لحساب البعد الزمني. و العلمانية في نهاية المطاف لا تتطلع إلى تحرير المجتمع من الدين, بل إذ تكف يد الدولة عن المجال المجتمعي و عن المجال الديني معا, تكفل أكبر قدر من الحرية الدينية للأفراد و الجماعات معا. ففي ظل العلمانية فحسب, يمكن أن تتفتح الحرية الدينية إلى أقصى مداها, و في ظل العلمانية فحسب, يستعيد الدين مجال فاعليته في المجتمع

صفحة 214

...فإننا سنلاحظ أيضا أن قوى المعارضة كثيرا ما تلجأ, هي الأخرى, في صراعها مع السلطة السياسية القائمة, إلى توظيف الدين لتجنيد الجماهير و لإضفاء المزيد من المشروعية على مطالبها. و بطبيعة الحال, فإن هذه الملاحظة تصدق, بوجه خاص, على المعارضة الأصولية الإسلاموية. فهذه المعارضة, و الأصولية كلها بوجه عام, لا تطالب بالحرية الدينية و لا تطلب أي سلطة روحية, بقدر ما أن طلبها الأول و الأخير هو السلطة السياسية. فما تريده ليس الإسلام في ذاته, و لا تطويره أو تسويد قيمه الروحية و الاجتماعية من حيث هو دين, بل إن مطالبها تنحد حصرا ب"الحكومة الإسلامية" كما يقول العنوان البرنامجي لكتاب الخميني المشهور


الساعة الآن 07:34

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd