تقويم المسؤولية أم مسؤولية التقويم ؟؟ - منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

2010-10-24, 09:22

رقم المشاركة : 1

ابن خلدون

بروفســــــــور

إحصائية العضو

ابن خلدون غير متواجد حالياً

تقويم المسؤولية أم مسؤولية التقويم ؟؟

تقويم المسؤولية أم مسؤولية التقويم ؟؟
المسائية العربية
بتاريخ : الأحد 24-10-2010 12:19 صباحا

لحسن كجديحي

إن نوازع الخير والشر تتصارع داخل الإنسان. وإنه دون تربية أخلاقية جيدة ودون وضع برامج تفصيلية على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لخلق إنسان يشعر بمسؤوليته تجاه المجتمع، تجاه الآخرين، فإن كل الدعوات التبشيرية والخطب العاطفية والزجرية لن تغير من الواقع شيئا.

هاأنذا أعود من جديد لأرى نفسي "حائرا" أقلب بصري وأشحذ بصيرتي لأتعرف على ما حولي لكثرة المتغيرات التي أواجهها كما وكيفاً.

كمتتبع، ألاحظ أننا لم نتعامل مع بعضنا بعضا على أساس أننا بشر يربطها مصالح متبادلة.. بل إنه بحجة الانتماء العشائري السياسي حاول كل منا أن يغفل الجانب المتعلق بطبيعة العلاقة الخاصة بين كل عشيرة وأخرى.. وهكذا ظلت العلاقة السياسية مجرد علاقة عاطفيةولائية. فانعقدت عشرات الانتخابات قبل أن تعد لها الأرضية الصلبة في غياب الأحزاب السياسية التي ظل يطغى عليها العشائري عوض السياسي.وبالطبع أضحى إسناد المسؤولية رهين بهذا الوضع الهجين.

أعود فأقول إننا متورطون في تحمل المسؤولية متورطون، في انتقاء "فلان وعلان" بحكم الواقع، متورطون في "الزبونية" بحكم ما ورثناه.. لم يحدث في منطقنا تطور طبيعي. لقد سيطرت علينا روح الولاء ولم تسيطر روح المصلحة العامة،فقدمنا الخاص عن العام، وقدمنا ""سيدي، حبيبي عن الكفاءة""

الملاحظ أن العالم يتوسع في قضية حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، لكننا في واقعنا نواجه أزمة حقيقية.. ليس بالمعنى السياسي وحده، وإنما بالمعنى الواسع لحقوق الإنسان والذي يشمل حق الإنسان أن يتعلم، وأن يعرف وأن يعمل وأن يسكن وأن يحافظ على كرامته ناهيك عن حقه في حياة حرة يحكمها القانون، فلا يعتقل دون محاكمة، أو يسجن دون ذنب. وبطبيعة الحال فالحديث هـنا بشكل عام، فبعض النواحي تشهد تطورا إيجابيا في هذا المجال، وبعضها يتجه للأزمة، بل يعيش الكارثة.. ولكن وفي المتوسط العام فإن وضع حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص "عندنا "غير مشجع".وفي هذا المجال، وأنت تتحدث عن تراجع فكرة "الرجلالمرأة المناسب في المكان المناسب" أقول إن هذه فكرة الوطنية في حد ذاتها، قد تراجعت في العديد من المناحي تراجعت الوطنية وتقدمت أفكار القبيلة والجماعة والطائفة والمحسوبية. وفي مثل هذه الظروف لا يمكن الحديث عن الغيرة الوطنية، وبالتالي فلا حديث عن الفكرة السالفة الذكر. نظرا لعدم وجود إرادة سياسية حاسمة في قضية تحمل المسؤولية... كل ذلك لا يمكن الحديث عنه إلا في إطار مشروع سياسي.. مشروع يعيد للغيرة الوطنية اعتبارها. ويعتبر تزويد المسؤول هو المدخل الأساس. وليس اعتماد تسلق المراتب فقط، ولكن- وفي الحياة اليومية- يتعلم روح فكرة الوطنية والانتماء وتحمل المسؤولية واستحضار المحاسبة.. يتعلم روح التسامح وقبول الرأي والرأي الآخر.. يتعلم أنه فرد في وطن، له حقوق وعليه واجبات.. وأن الوطن يحكمه قانون ودستور ومبادئ..

... طبعا، هناك استثناءات، لكنهـا في نطاق عدد محدود جدا.. تسألني عن التفسير أقول إن هناك رأيين خاطئين.. الأول ما يراه البعض من أنه لا بد أن يهرب من الأزمة فينتمي لفئة قليلة منتفعة هنا أو هناك، ويقدم لها التنظير والتبرير لما تفعل.أما الخطأ الآخر، فهو الانضمام لمعارضة محبطة عديمة وغير إيجابية.. أي أن "السياسي" يتراوح بين موقفين: أن يكون جزءا من الفساد، أو معارضا له ولكن بطريقة تساند الفساد. في حين يبقى المأمول أن يقدم إسهاماً في إصلاح شؤون مجتمعه لا أن يقف على رصيف الحياد ويلعن كل شيء. علينا الانتباه إلى أننا نتعامل مع بشر لكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.. إن نوازع الخير والشر تتصارع داخل الإنسان. وإنه دون تربية أخلاقية جيدة ودون وضع برامج تفصيلية على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لخلق إنسان يشعر بمسؤوليته تجاه المجتمع، تجاه الآخرين، فإن كل الدعوات التبشيرية والخطب العاطفية والزجرية لن تغير من الواقع شيئا.

قال صديقي وهو يحتسي فنجان القهوة إن بعض مسؤولينا كالخفافيش: مخلوقات الليل، إذ تبقى معظم الأنواع تقريبا في مساكنها خلال النهار وترعى خلال الليل، تستيقظ عند الغسق وتخرج غالبا من الكهف قبل حلول الليل بحثا عن الغذاء، لقد طورت نظاما مثاليا للعثور على الموقع بالصدى وعن طريق إرسال إصدارات فوق صوتية منتشرة في ثلاثة أبعاد تدرك العقبات والفرائس في عتمة الدجى، يتطلب استخدام هذه الخاصية تكامل المراكز الصوتية والسمعية في الدماغ إضافة إلى الآذان الحساسة. ومن المعلوم أن الخفافيش تعرف وتتعقب وتطارد وتأسر الضحايا حتى الصغيرة منها ، وتحدد وتتفادى أسلاكا دقيقة دقة شعرة.

إن العصبية القبلية من حيث الأنساب لا تزال قائمة حتى يومنا هذا، وإن كانت بصورة أقل بكثير عما كانت في السابق، إلا أنها لم تنته تماما.. فهي تؤكد باستمرار حماية مريديها كلما حصل انزلاق في تأديتهم مهامهم، سواء بعملية الإعفاء ثم التفرغ للتمتع بما تم حصاده خلال أيام القطف البعيدة كل البعد عن المحاسبة والافتحاص.

... أليس من المفروض أن يعرض المسؤول ما يقرؤه أو يسمعه على عقله ليستفتيه فيما وصل إليه؟، ولكن التراكمات التي انغرست في عقله الباطن تجعل إيمانه بالعقل محدودا يكاد يقف عند القضايا التي يطلب منه النظر فيها أو الدفاع عنها. أعني بالتراكمات هنا ما ينغرس في عقله منذ نعومة أظفاره. إذ إن طرائق التربية عندنا تقتصر على أن يسمع المتلقي –ة- ما يلقيه المدرس-ة- عليه و الذي ينبغي أن يؤمن بما يلقى عليه كأنه وحي منزل من السماء، هذا الأسلوب نستعمله في صفوفنا الدراسية وحتى المرحلة الجامعية، ولعلي لا أبالغ إذا قلت إن معظم فصول الجامعة تسلك هذا الطريق، إذ لا يوجد حوار بين المتلقي والمدرس إلا في حالات نادرة، وهذه قضية تحتاج إلى تفصيل لا يحتمله هذا المجال، وإذا أردنا أن نرسم صورة متكاملة لما يغرس في عقول ناشئتنا فإن علينا أن نستعرض مواد كتب المناهج، وهذا ما لا سبيل إليه في هذا المقام، لكن ذلك ربما يفسر ما ذكرته مما نلمس من تناقض في تفكير الكثير منا.

: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=273658


	للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :