منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

رثاء مدرسة

حسن الأزهر

العلم : 20 - 10 - 2010
مدرستي يا حلوة، هكذا تعرفنا عليها في صبانا، وهكذا حببها لنا معلمونا، وبنفس اللذة أفهمنا إياها آباؤنا، مدرسة بوكماخ أين أنت من نظامنا التعليمي؟ يا لبنة أساس ضاعت منا، كيف حق لنا أن ندفن أحد رواد ومؤسسي المدرسة المغربية؟ وأن نواريه الثرى دون أن نلتفت إليه التفاتة وداع واحترام.ذهبت سعاد التي كانت في المكتبة وبقي الطفل الأمي، والله يرانا! ذهب نشيد يا علمي وبقي نشيد دب الحلزون! ما هذا التذبذب وهذا الهراء!؟ هراء حقيقي في مدرسة زرع في ساحتها مولد كهربائي يزود السكان بالكهرباء والمسكينة تعيش في ظلام، هراء حقيقي عندما تجد أقساما بلا أبواب ولا نوافذ، عبث حقيقي أصبحنا نعيشه تحت غطاء ما اصطلح عليه بالشراكة والهدر المدرسي والتلميذ أولا وأخيرا.
كم افتقدت رائحة تلك المحفظة التي كانت تحتوي على لوحة وقراءة ودفتر وطباشير وقطعة خبز! فأعيدوا لي من فضلكم محفظتي وخبزي.
في عهد الإمبراطور العملاق، وفرفر يعلق الجرس، يرن الجرس فعلا تمام الساعة السادسة والنصف مساء، فتسري في عروقنا رعشة الفرح، رعشة لقاء الأحبة أمام باب المدرسة، وكأننا نعيش أجواء موسم ليلي، فتتعالى أصوات الآباء والأمهات اللواتي ينتظرن أبناءهن، وقد بدأ الظلام يسدل أجنحته. لن أكون مبالغا إذا قلت أن هذه الأصوات لا زالت أسمعها في ذاكرتي، ولا زالت لم تبارحها أيضا صور معلمي وسحناتهم ،وأيضا هيئة «ابا المعطي» الحارس الذي كان يعاملنا بفضاضة وقسوة، ولكن عندما يصاب أحدنا بسوء فإنه يتحول إلى ينبوع رأفة وحنان.
لم إذن تلاحقنا هذه الأصوات وهذه الصور بألوانها وتمثلاتها، أتعرفون لماذا يا سادة؟
لأن مدرستي الحلوة كانت في وضع جيد.
لأن مدرستي الحلوة كانت تسطع في عليائها.
لأن مدرستي الحلوة كانت ورعة وصادقة.
فأعيدوا لي من فضلكم محبرتي ومنشفتي على الأقل لأحتفظ بهما في متحفي المتواضع.