|
يوميات قزم جئت لهذه الدنيا بالتطبيل والتهليل والزغاريد.ترعرعت في كنف والدي ووالدتي.كنت نشوانا مزهوا بحياتي.ألعب مع أقراني وألهو.أتنطط هنا وهناك عابثا بكل ماهو أمامي,كأي طفل صغير.لكن مع مرور الوقت,لاحظت أن جميع أقراني نموا وكبروا,إلا أنا بقيت كما أنا .الجميع أصبح ينظرإلي من عل.وأنا أهز دائما رأسي ,لأتفحص ملامحهم وهم يكلمونني.لدرجة أصبح الواحد منهم ,إن هوأراد التحدث إلي ,يجثو على ركبتيه ليسمعني ما سيقول لي.والذي حز في نفسي أن جميع أقراني بدأوا ينعتونني بالقزم. كنت أجلس السويعات تلو السويعات لوحدي.أبكي حالي ,وأدعو ربي أن يزيد من طولي.إلى أن تأكدت,مع الوقت,أنني فعلا قزم صغير.هكذا خلقني ربي ,وهكذا سأبقى.تأسفت لحالي,ورضيت بماقدره الله لي.فأنا إنسان مؤمن .لكن كيف سأتكيف مع هذا الواقع؟تلك هي مشكلتي. أنا قصير لا أصلح للعب الكرة مع أصدقائي.وإذا اجتمعت مع الناس لا أحد يبالي بحضوري.كلامي لا يلقى آذانا صاغية. تخيلوا,ذهبت يوما للمصرف لإخراج بعض نقودي.دلفت المصرف.وقفت أمام شباك الزبائن,وقلت للمستخدم:السلام عليكم.لا أحد رد السلام.أعدتها مرة أخرى:السلام عليكم.فسمعت المستخدم يقول:بسم الله الرحمن الرحيم.من يتكلم؟ هو لايراني لقصري,وأنا لا أراه طبعا.ذعر المستخدم,وفر هاربا إلى الخارج.فأدار وجهه تجاهي.فعاد ضاحكا,يسلم علي,ويطبطب على كتفي ويربت,كأنني طفل صغير.أنا الذي أكبره سنا, ولي أولاد أكبر منه.أذكر أنه هزني بكلتا يديه,ووضعني على مكتبه,وسلمني نقودي.وتحلق من حولي جميع مستخدمي المصرف,كأنني جرو صغير.منهم من داعب خصلات شعري,ومنهم من تفحص ملابسي,وسمعت من يقول بلساننا الدارج: يا احليلي ! شحال صغيور.شوفو عويناتو,شوفو اوذيناتو,ونويفو وفويمو...هههههه .سبحان الله. تخيلوا أن جميع ملابسي أفصلها عند الخياط.لاوجود لمقاساتي.حتى الحذاء لا أجده إلا بعد جهد جهيد. إذا ذهبت للسوق,لا أرى إلا الأرجل وعجلات العربات فقط.أما السلع المعروضة عليها ,فلا أراها إلا إذا استعنت بمن يحملني.وإذا كنت ماشيا مع الناس,فإنني أجري وأهرول ,كي أتساوى معهم في مشيتهم.أنا أصل للموعد أتصبب عرقا من شدة الجري,وهم غير عابئين لمعاناتي.وإذا أردت قطع الطريق,لا أقدر عليها وحدي, لأنه لا أحد من السائقين سيراني.ويعتبر قطع الطريق مغامرة خطيرةجدا بالنسبة لي.وإذا تدافع الناس وسط الزحام يدوسونني بأرجلهم كأي حشرة من الحشرات.وقد أموت ولا أحد يعلم بما ألم بي.وإذا حضرت وليمة,فلن أرتاح إلا إذا وضعوني على المائدة ,وقرب الصحن.وأذكر لما كنت أدرس في المدرسة,كثيرا ما كان الأستاذ يعتبرني غائبا ,لأنه لا يراني.كان لزاما عليه أن يجلسني على مكتبه أو على الطاولة ,كي يراني.كما لا أستطيع الآن الذهاب مع أبنائي للمدرسة ,لأن التلاميذ سيسخرون منهم ومن والدهم. أرجو أن تكون لنا ,نحن الأقزام,حياتنا الخاصة.لماذا لا يجمعوننا في حي لوحدنا؟حي مصمم على مقاساتنا.ويتركوننا ندبر شأننا المحلي.حينها لن نتأذى منكم أيها العمالقة. أنا معاق يا ناس,وإعاقتي هي قصري الشديد.أنا قزم ويجب أن أعيش بين أشباهي,إذا أردتموني أن أعيش حياة كريمة,مثلكم أحبائي. |
رد: يوميات قزم http://www.pronoplus.com/blog/wp-con...-foot-nain.jpg تحية نضالية من أبي العز لهذه الفئة المنسية من المجتمع,والله هم أناس لطفاء وظرفاء جدا,فقط تنقصهم التفاتة واعتراف بوجودهم بيننا كأناس أسوياء,يريدون حياة كريمة فقط لا غير. |
رد: يوميات قزم شكرا أبا العز، على التذكير بهذه الفئة ، التي تعاني من معاملة الغير في صمت تام. نتمنى أن يعي المجتمع معاناتها ، سواءأكان جهة رسمية أومجتمعا مدنيا. وتعيش في ظروف تليق بإنسانيتها دون الإحساس بأي مركب نقص. لا حول ولا قوة إلا بالله. |
رد: يوميات قزم يخلق الله ما يشاء و يختار سبحانه جزاك الله خيرا أخي الفاضل ( أبو العز ) تقديري لك |
رد: يوميات قزم تحية تقدير للأخ " أبو العز" الذي سلط الضوء على فئة ليست بمنسية فقط في المجتمع ..لكن تعيش محنة و وتهميشا من قبل كثير من أفراد المجتمع .. بكل حس واقتدار كتبت أخي معاناة هذه الفئة ،فقد وجدتني أتتبع فصول الحكاية حتى آخر سطر بل قمت بنسخها لأن الدرس الذي أومأت إليه ليس أدبيا فقط لكن تربوي أخلاقي كذلك . فتحية تقدير لك |
رد: يوميات قزم الاقزام خلق الله يجب الاهتمام بهم واحترامهم. العيب ليس في الطول او العرض لكن في شخصية الانسان . والعرب يهتمون بالمظهر فقط لانهم سطحيون والانسان القزم بامكانه تقديم اي عمل كاي انسان عادي واحيانا افضل . شكرا ابو العز على اهتمامك بهذه الشريحة المنسية.... |
رد: يوميات قزم اقتباس:
العفو أختنا الزرقاء,ماعملته تجاه هذه الفئة من الناس واجب على عاتقنا جميعا أنا فقط وضعت نفسي مكانهم وتخيلت بعض الصعوبات التي بدت لي ممكنة الوقوع لهؤلاء الناس اللطفاء. أرجو أن يلتفت المجتمع لهم. ماعهدتني يوما سمعت مسؤولا تحدث عن هذه الفئة,أو قدم مشروعا لهذه الفئة. أسعدني ردك أيتها الزرقاء. |
رد: يوميات قزم اقتباس:
مرحبا بك يا أخي الكريم بروفسهول أقدر فيك مشاركاتك النبيلة فعلا يخلق الله مايشاء سبحان الله الأقزام يشكلون الأقلية بيننا لذلك هم منسيون فكر معي يا أخي لو كنا نحن العمالقة الذين يشكلون الأقلية. كيف سيكون مصيرنا مع هؤلاء الأقزام؟ سؤال أود أن تجيبني عليه يا أخي. شكرا لك على اهتمامك بالموضوع الاجتماعي |
رد: يوميات قزم اقتباس:
سعدت بردك القيم أخي أسيف فعلا هذه الفئة التي حاولت أن أسلط عليها الضوء ,هي فئة غير منسية فقط, ولكنها تعاني وتكابد في صمت. قرأت العديد من مشاريع برامج الشأن المحلي ,وما عهدتني يوما قرأت ولو سطرا واحدا ,بل كلمة واحدة تخص هؤلاء الناس اللطفاء والظرفاء ,الذين ينعتونهم بالأقزام. ربما هم أقزام في الطول فقط, لكن قدراتهم العقلية لا تختلف البثة عن باقي خلق الله. قصرهم سبب لهم إعاقة,رغم أنهم غير معاقين إذا وفرنا لهم تجهيزات كافية تخصهم في الأماكن العمومية, حتى يقضوا حاجاتهم الإدارية بكل سهولة. شكرا لك أخي الكريم أسيف. |
رد: يوميات قزم اقتباس:
كي لا نعمم يوجد أناس يصفقون بيد واحدة مثلي ومثلك أختي ,ومثلنا كثير داخل مجتمعنا العربي لكن دائما نحس أننا نغرد خارج السرب,لأننا لسنا في مواقع القرار. يمكن أن نفضح الواقع ونعريه,وننبه .لكن لايمكننا أن نضع ميزانية تخص هؤلاء الأقزام. هم أناس منسيون لأنهم أقلية. شكرا لك أم طه على اهتمامك بالموضوع. |
| الساعة الآن 18:28 |
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd