|
يوميات ضرير خرج رجل ضرير من بيته يحمل عكازه ,وسيلته الوحيدة للسير بأمن وأمان.اعتاد صاحبنا أن يضع تحت عكازه قطعة حديدية,حتى يسمع نقراتها على الأرض,فترتاح لها نفسه ويطمئن باله.وكان كلما خرج يحمل معه آنية معدنية,تجعله يسمع نقرات النقود عندما يضعها أحد المحسنين داخل الآنية.وكان صاحبنا ,بفطنته وذكائه,يميز بين القطع النقدية من الصوت الذي تحدثه حين ملامستها الآنية.فكلما كانت القطعة كبيرة وثقيلة,كان حسها أكبر,وقيمتها أكثر,وبالتالي تكون الدعوات أحسن.وهكذا اتخذ صاحبنا لكل قطعة نقدية دعوة تناسب قيمتها... وفي يوم من الأيام,كان صاحبنا قاطعا الطريق,يضرب كعادته الأرض بعكازه,سامعا طاق طاق طاق.لكن فجأة انقطع الحس الذي كان يحدثه العكاز.ولم يعد يسمع تلك طاق طاق طاق,التي يحس معها بالطمأنينة وراحة البال.بدا صاحبنا في حيرة من أمره.لم يستطع مواصلة السير.بقي واقفا وسط الطريق.توقفت السيارات,وعمت الضوضاء المكان.وهو واقف لا يعرف ماذا يفعل,إلى أن جاءه أحد المارة مسرعا لنجدته.قال له صاحبنا :إني أحس بأن كل مايحيط بي خواء في خواء.عكازي لم يعد له حس.أضرب به يمينا ويسارا ولا أسمع له نقرا.هل أنا على شفى حفرة؟أم ماذا؟فضحك الرجل المار من كلام صاحبنا الضرير,وقال له:يا أَبَتِ,إن العكاز الذي تتكيء عليه قد تكسر,لذلك لم تعد تسمع له حسأ.قهقه صاحبنا قهقهات عاليات,وقال لرفيقه: إيه يابني,الآن عرفت لماذا يقول الناس: نية الأعمى فعكازو.وانصرفا ضاحكين... |
رد: يوميات ضرير الضرير أنواع ,هناك الذي خلق ضريرا ,هذا لم ير العالم الخارجي أبدا,لم ير ألوان الطبيعة .يسمع عنها فقط ,لكن له رؤية داخلية,بإحساسه وذكائه يستطيع تمييز كل شيء.وهناك الضرير الذي كان يرى العالم الخارجي لما كان صغيرا,هذا له رصيد معرفي عن ألوان الطبيعة وعن ما يحيط به,رصيد لابأس به, يوظفه جيدا للتعامل مع المحيط,وهذا يساعده جدا.وهناك الضرير الذي فقد بصره لحادث ما وهو كبير السن.هذا له ذراية كبيرة بما يحيط به,وبالتالي يسهل عليه التعامل مع محيطه,رغم الألم الكبير الذي يحس به ,لفقدانه أعز مايملك,مقارنة مع من خُلق أعمى ,وانسجم مع محيطه منذ زمن. للعميان طرائف كثيرة جدا.لقد عايشتهم بحكم ميولاتي للبحث والتنقيب في الميدان الاجتماعي بصفة عامة,وقد خلصت أن للعميان خاصية مهمة ,هي الفكاهة,يجلسون يتفكهون من كل مايحيط بهم,وحتى من أنفسهم.ومنهم من يسب صديقه الأعمى قائلا له : انت راك غير اعمى ,أو غزا فيك الله مللي خلقك اعمى,أو لا يعرج ولا يعور إلا البلى المسلط,وهذه العبارة الأخيرة تعتبر لازمتهم في الضحك والسخرية فيما بينهم.إنه عالم لطيف والله.حاولوا يوما الجلوس معهم وستتأكدون من قولي هذا.أرجو أن يعتني المجتمع عامة والدولة على الخصوص بهذه الشريحة المهمة من الناس اللطفاء.الذين يحاولون الانذماج بكل الطرق الممكنة,لكن يجب مد العون لهم. |
رد: يوميات ضرير الضرير لا يحسن الكلام الا في السواد ظنا منه أن لا أحد يسمعه هنا يكمن هامش الحرية عنده تحيتي لك أخي أبو العز |
رد: يوميات ضرير من نوافذ المجتمع المختلفة تطل علينا اليوم أخي الكريم أبو العز من نافذة اجتماعية لفئة لا يلتفت لها الكثير ،وحقيقة الملمح الذي أشرت إليه من انتشار روح الدعابة عند هذه الفئة ، ليجعلنا نشعر بالدونية ، لأنه مع حرمانهم من أجمل النعم وهي البصر إلا أنهم راضون بقضائهم مبتسمون رغم ضنك معيشة بعضهم. دمت متألقا أخي في رصدك للظواهر الإجتماعية بحريفاتك المتميزة تحيتي وتقديري |
رد: يوميات ضرير اقتباس:
إنها حرية ينعم بها الضرير ولا أحد سواه ,كونه لا يرى ردة فعل مخاطبيه,تجعله يسترسل في الحديث بدون أن يخجل أو ترف له عين. أشكرك أخي الكريم عز الدين على ردك الذي أسعدني لما توليه لهذه الفئة من اهتمام. هذه الفئة يجب أن تتمتع بحقوق أكثر حتى تنذمج أكثر. |
| الساعة الآن 07:11 |
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd