تفسير آيات
 

http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ (11 - 26) http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif إلى آخر الآيات. وهو قوله: http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif لما ذكر فيما تقدم، تعظيم الرمي بالزنا عموما، صار ذلك كأنه مقدمة لهذه القصة، التي وقعت على أشرف النساء، أم المؤمنين رضي الله عنها، وهذه الآيات، نزلت في قصة الإفك المشهورة، الثابتة في الصحاح والسنن والمسانيد.
وحاصلها أن النبي صلى الله عليه وسلم، في بعض غزواته، ومعه زوجته عائشة الصديقة بنت الصديق، فانقطع عقدها فانحبست في طلبه ورحلوا جملها وهودجها، فلم يفقدوها، ثم استقل الجيش راحلا وجاءت مكانهم، وعلمت أنهم إذا فقدوها، رجعوا إليها فاستمروا في مسيرهم، وكان صفوان بن المعطل السلمي، من أفاضل الصحابة رضي الله عنه، قد عرس في أخريات القوم ونام، فرأى عائشة رضي الله عنها فعرفها، فأناخ راحلته، فركبتها من دون أن يكلمها أو تكلمه، ثم جاء يقود بها بعد ما نزل الجيش في الظهيرة، فلما رأى بعض المنافقين الذين في صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، في ذلك السفر مجيء صفوان بها في هذه الحال، أشاع ما أشاع، ووشى الحديث، وتلقفته الألسن، حتى اغتر بذلك بعض المؤمنين، وصاروا يتناقلون هذا الكلام، وانحبس الوحي مدة طويلة عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وبلغ الخبر عائشة بعد ذلك بمدة، فحزنت حزنا شديدا، فأنزل الله تعالى براءتها في هذه الآيات، ووعظ الله المؤمنين، وأعظم ذلك، ووصاهم بالوصايا النافعة. فقوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ ) أي: الكذب الشنيع، وهو رمي أم المؤمنين ( عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ) أي: جماعة منتسبون إليكم يا معشر المؤمنين، منهم المؤمن الصادق [في إيمانه ولكنه اغتر بترويج المنافقين] http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/margntip.gif ومنهم المنافق.
( لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) لما تضمن ذلك تبرئة أم المؤمنين ونزاهتها، والتنويه بذكرها، حتى تناول عموم المدح سائر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، ولما تضمن من بيان الآيات المضطر إليها العباد، التي ما زال العمل بها إلى يوم القيامة، فكل هذا خير عظيم، لولا مقالة أهل الإفك لم يحصل ذلك، وإذا أراد الله أمرا جعل له سببا، ولذلك جعل الخطاب عاما مع المؤمنين كلهم، وأخبر أن قدح بعضهم ببعض كقدح في أنفسهم، ففيه أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، واجتماعهم على مصالحهم، كالجسد الواحد، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، فكما أنه يكره أن يقدح أحد في عرضه، فليكره من كل أحد، أن يقدح في أخيه المؤمن، الذي بمنزلة نفسه، وما لم يصل العبد إلى هذه الحالة، فإنه من نقص إيمانه وعدم نصحه.
http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif وهذا وعيد للذين جاءوا بالإفك، وأنهم سيعاقبون على ما قالوا من ذلك، وقد حد النبي صلى الله عليه وسلم منهم جماعة، http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: معظم الإفك، وهو المنافق الخبيث، عبد الله بن أبي ابن سلول -لعنه الله- http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif ألا وهو الخلود في الدرك الأسفل من النار.
ثم أرشد الله عباده عند سماع مثل هذا الكلام فقال: http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: ظن المؤمنون بعضهم ببعض خيرا، وهو السلامة مما رموا به، وأن ما معهم من الإيمان المعلوم، يدفع ما قيل فيهم من الإفك الباطل ، http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif وَقَالُوا http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif بسبب ذلك الظن http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif سُبْحَانَكَ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: تنزيها لك من كل سوء، وعن أن تبتلي أصفياءك بالأمور الشنيعة، http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: كذب وبهت، من أعظم الأشياء، وأبينها. فهذا من الظن الواجب، حين سماع المؤمن عن أخيه المؤمن، مثل هذا الكلام، أن يبرئه بلسانه، ويكذب القائل لذلك.
http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: هلا جاء الرامون على ما رموا به، بأربعة شهداء أي: عدول مرضيين. http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif وإن كانوا في أنفسهم قد تيقنوا ذلك، فإنهم كاذبون في حكم الله، لأن الله حرم عليهم التكلم بذلك، من دون أربعة شهود، ولهذا قال: http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif ولم يقل " فأولئك هم الكاذبون "وهذا كله، من تعظيم حرمة عرض المسلم، بحيث لا يجوز الإقدام على رميه، من دون نصاب الشهادة بالصدق.
http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif بحيث شملكم إحسانه فيهما، في أمر دينكم ودنياكم، http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: خضتم http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif فِيهِ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif من شأن الإفك http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif عَذَابٌ عَظِيمٌ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif لاستحقاقكم ذلك بما قلتم، ولكن من فضل الله عليكم ورحمته، أن < 1-564 > شرع لكم التوبة، وجعل العقوبة مطهرة للذنوب.
http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: تلقفونه، ويلقيه بعضكم إلى بعض، وتستوشون حديثه، وهو قول باطل. http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif والأمران محظوران، التكلم بالباطل، والقول بلا علم، http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif فلذلك أقدم عليه من أقدم من المؤمنين الذين تابوا منه، وتطهروا بعد ذلك، http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif وهذا فيه الزجر البليغ، عن تعاطي بعض الذنوب على وجه التهاون بها، فإن العبد لا يفيده حسبانه شيئا، ولا يخفف من عقوبة الذنب، بل يضاعف الذنب، ويسهل عليه مواقعته مرة أخرى.
http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: وهلا إذ سمعتم -أيها المؤمنون- كلام أهل الإفك http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif قُلْتُمْ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif منكرين لذلك، معظمين لأمره: http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: ما ينبغي لنا، وما يليق بنا الكلام، بهذا الإفك المبين، لأن المؤمن يمنعه إيمانه من ارتكاب القبائح http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif هَذَا بُهْتَانٌ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: كذب عظيم. http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: لنظيره، من رمي المؤمنين بالفجور، فالله يعظكم وينصحكم عن ذلك، ونعم المواعظ والنصائح من ربنا فيجب علينا مقابلتها بالقبول والإذعان، والتسليم والشكر له، على ما بين لنا http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif دل ذلك على أن الإيمان الصادق، يمنع صاحبه من الإقدام على المحرمات. http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif المشتملة على بيان الأحكام، والوعظ، والزجر، والترغيب، والترهيب، يوضحها لكم توضيحا جليا. http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif وَاللَّهُ عَلِيمٌ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: كامل العلم عام الحكمة، فمن علمه وحكمته، أن علمكم من علمه، وإن كان ذلك راجعا لمصالحكم في كل وقت.
http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: الأمور الشنيعة المستقبحة المستعظمة، فيحبون أن تشتهر الفاحشة http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif أي: موجع للقلب والبدن، وذلك لغشه لإخوانه المسلمين، ومحبة الشر لهم، وجراءته على أعراضهم، فإذا كان هذا الوعيد، لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة، واستحلاء ذلك بالقلب، فكيف بما هو أعظم من ذلك، من إظهاره، ونقله؟ وسواء كانت الفاحشة، صادرة أو غير صادرة.
وكل هذا من رحمة الله بعباده المؤمنين، وصيانة أعراضهم، كما صان دماءهم وأموالهم، وأمرهم بما يقتضي المصافاة، وأن يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه. http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif فلذلك علمكم، وبين لكم ما تجهلونه.
http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif قد أحاط بكم من كل جانب http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif وَرَحْمَتُهُ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif عليكم http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b2.gif وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/b1.gif لما بين لكم هذه الأحكام والمواعظ، والحكم الجليلة، ولما أمهل من خالف أمره، ولكن فضله ورحمته، وأن ذلك وصفه اللازم آثر لكم من الخير الدنيوي والأخروي، ما لن تحصوه، أو تعدوه.

رد: تفسير آيات
 

رد: تفسير آيات
 

رد: تفسير آيات