تكليف (إنابة) أو مأساة المذكرة 97

نحن في يونيو 2005 تروج إخبار عن صدور مذكرة لتحديد الفائض ،كثر القيل والقال حول أهمية هدا وتسمياته،وعند الدخول المدرسي الجديد التحقنا بمؤسساتنا كما العادة في الأربع سنوات الماضية متوقعين الالتحاق بالأقسام قصد التدريس كما العادة حيث اغلب أساتذة المؤسسة ملحقين بالإعدادية، انعقد مجلس المعلمين وتلا السيد المدير المذكرة الجديدة ،مؤكدا وجود أمر صارم بتطبيق المذكرة 97 ،وجدنا أنفسنا حوالي 10 أساتذة "فائضين" بمناسبة تطبيق المذكرة ،حمل اغلبنا المسؤولية للمدير في ضعنا رهن إشارة النيابة فيما أصر هو على كون المذكرة 97 هي من فعلت دلك،ارتفع الضغط وتشنجت المؤسسة ،في السنة الأولى تعاطف معي الزملاء و لم أرمى بعيدا عن المؤسسة.أما السنة الموالية فقد كان الأوان لأنال نصيبي من التكليف ،حيث أرسلت بعيدا بعيدا حوالي 70 كلم عن مؤسستي الأصلية إلي صحراء قاحلة تسكنها 5 اسر متباعدة وأقربها إلى المدرسة (بيت بابعاد3 م على 2م) تبعد حوالي 2 كلم أو أكثر ،في هذا العالم الغريب كنت انتقل بدراجة نارية و اقطع مسافة 40 كلم ذهابا وإيابا في طريق جد جد وعرة مليئة بالأحجار والرمال...وكنت أنداك رب أسرة صغيرة و قد جاءني هذا التكليف المشئوم بتاريخ 26/9 /2006وازداد عندنا طفل بتاريخ 28/9 /2006، وقد كاد هدا التكليف أن يأتي على وظيفتي نظرا للخوف و الصدمة اللذان انتابني . بعد مشاكل لا تعد ولا تحصى مر هذا الموسم ليأتي الموسم الموالي ليقوموا بإغلاق هدا المنصب –الجحيم- لأجد نفسي مرة أخرى فائضا ،ليتم تكليفي مرة أخرى إلى مجموعة جديدة ( المجموعة الجديدة تبعد حوالي 100 كلم عن الفرعية التي كنت اعمل بها)، ومرة أخرى أخر من التحق وابعد نقطة لتستمر المعاناة لكن بحده اقل ،حيث الماء والكهرباء وظروف معيشية أفضل ،لكن ليس كما المدرسة الأصلية ،ارتأيت- بعدما وجدت الظروف هنا قابلة للحياة – أن اطلب انتقالا من اجل المصلحة بغية الاستقرار،لتمر سنتين بهده المجموعة ولكن دائما كنت مبعدا ، وكان من هم اقل عمرا مني في مواقع جيدة بالمؤسسة في حين كان رب الأسرة الكبير بين زملائه يقطع مسافات طويلة للوصول إلى فرعيته البعيدة ،أواخر موسم 2008/2009 بدا الحديث عن كون هذه المجموعة ستشهد تقليصا في البنية مما قد يعيدني إلى الوضع القديم وهروبا شاركت في الحركة الوطنية "بنجاح" لأسقط في وضع أكثر سوء ؛ مجموعتي الجديدة انتقل إليها 4 أساتذة جدد منهم أنا بالطبع وكلهم في وضع الفائض ، ليتم قذفهم إلى أماكن شاغرة في الجماعة وربما في الإقليم ، وفي الموسم الماضي التحقت بمجموعة نائية وبعيدة و بأبعد فروعها طبعا وكنت أحيانا اقطع مسافة 16 كلم مشيا على الأقدام ،كانت مأساة و نعم المأساة ،أما البقية فالتحقوا بمناطق لم تكن بالأحسن ،مما جعلني أتساءل ما إذا أصبحت سياسة التفييض سياسة وطنية لدى رؤساء المصالح .
أصدقائي في المجموعة القديمة

عندما تم تفييضنا لأول مرة قذف أصدقائي إلى فيافي الجماعة و قد كانوا حوالي9 إلى 10 (انا درت قرعة مع احد الاصدقاء و جات فيه افيض و نخدم انا)،في السنة الموالية دخل 3 منهم في اعتصام مفتوح أمام النيابة لمدة 15 يوما في محاولة لانتزاع بعض المكاسب ، إلا أنها باءت بالفشل ،آخرون علموا ألا مجال للانتظار فطلبوا انتقالات إلى مجموعاتهم الجديدة ليدخلوا في طابور الانتظار الجديد ،أما أصدقائي الثلاثة فقد انتقلوا هم أيضا إلى مجموعتهم الجديدة طمعا في الالتحاق بالمركزية القريبة من وسط شبه حضري ليتم تقسيم مجموعتهم هده السنة (2010/2011)ويقعوا ضمن المجموعة الاسوء ويعودوا مرة أخرى إلى الاحتجاج ولحدود رواية هده القصة لا اعرف مآلهم ،أما ىخر فقد هاتفني يسألني عن مجموعة الخمس اسر البعيدة 70 كلم عن مقر عملنا الأصلي ،ولا أعرف ما إذا أرسل إليها أم وجد مخرجا.
الوضع المادي

شخصيا المذكرة 97 كانت بالنسبة لي كارثة وضعتني على حافة الإفلاس ،فكثرة التنقلات بين المجموعات والمواقع جعلتني الجأ إلى قروض الاستهلاك التي أنهكتني فبالنسبة لفرعية الأسر الخمس فقد انتقلت في المرة الأولى حاولي 100 كلم للاستقرار بأقرب نقطة منها وتبعد عنها حوالي 16 كلم مع مارا فق دلك من مصاريف :الرحيل ،الاستكشاف .....،لأجد هدا المكان غير مناسب لأسرتي الصغيرة وانتقل مرة أخرى إلى منطقة تبعد عنها حوالي 20 كلم وصدقوني هده التنقلات كلفتني في هده السنة خسائر تقدر بحوالي10000 درهم إلى 15000 كمصاريف زائدة ، زد على دلك السنوات الأخرى وتكاليفها أيضا ،ولحسن حضي تمكنت من الارتقاء في الامتحان المهني مما جعلني أتجنب سقوطا حقيقيا..والحمد لله ..الله كبير.
وتستمر المأساة

الغريب في الأمر أن من هم اقل منا عمرا و عملا (أقدمية) قد التحقوا بالمدن و استقروا وارتاحوا ،أما نحن ضحايا المذكرة 97 فأننا مازلنا نعاني وسنعاني،المعاناة تشملنا كما تشمل أسرنا و أصدقاءنا،الضوء الذي يظهر في آخر النفق أصبح يخفت شيئا فشيئا وكل ما أخشاه أن يصاب احدنا بالجنون فيترك عائلته بلا معيل . واليوم انتظر التكليف الجديد لأذهب إلى ابعد نقطة كما العادة ،لا حقوق و لا راحة ،أيام انتظار التكليف هده تمر كالسنوات ، اجري يمنة ويسرة بحثا عن وضع أحسن ،إلا أنني اكتشفت أنني الهث وراء السراب ....وفي الأخير هذا قدرنا و ما علينا إلا الصبر والدعاء.
و إدا ما رويت هده القصة فإنما أريد أن أثير انتباهكم إلى مجموعة من الضحايا وجدوا في وضع لم يختاروه وإنما وجدوا فيه أنفسهم قسرا ،وادعوا دوي الضمائر الحية لتغيير هدا المنكر وهدا الوضع الجائر ولو ب...كلمة ..جرة قلم...شارة ..نشر إذا ما استحق ذلك....إضراب ....ثورة