منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   بيداغوية الإدماج : أي بيئة للتطبيق؟؟... الجزء الرابع (https://www.profvb.com/vb/t49658.html)

ابن خلدون 2010-09-29 06:01

بيداغوية الإدماج : أي بيئة للتطبيق؟؟... الجزء الرابع
 
بيداغوية الإدماج : أي بيئة للتطبيق؟؟... الجزء الرابع
المسائية العربية
بتاريخ : الإثنين 27-09-2010 06:59 مساء


http://www.almassaia.com/ar/filemana...=image&id=2448
لحسن كجديحي
... قد يبدو للوهلة الأولى أنه ليس من مقومات أبطال بيداغوجية الإدماج ( الأستاذ وتلاميذه ) أن تكون ذات بعد تربوي، وهذا يجعلنا نفترض كمؤطرين و كقرّاء أن المصوغة المعتمدة تقمّصت صراحة شخصيةالمتعلم المغربي لتصرّح عن أفكارها بطريقة غير مباشرة، أو أنها انساقت وراء البيداغوجيات السابقة التي تم تبنيها من طرف الوزارات المتعاقبة عن تدبير الشأن التربوي بالمغرب، دون نية مسبقة في ذلك؟؟؟


ولكن بعد التأمّل في نص هذه المصوغة نكتشف أن الأستاذ اختار أن يكون أبطالها تلاميذ لا يسمح لهم التطاول على ما يتفوه به، لأنه يقوم بفعل منح الحياة وسلبها على الورق، كالمصوغة نفسها، وهذا ما سوف نتناوله بالتفصيل في ختام هذه المقال.

مع العلم أن مهمتي كمؤطر تربوي تنحصر بالدرجة الأولى في دراسة النص المنجز والحرص على تنفيذ محتواه، بمعزل عن حياة المتلقي الشخصية، وهذا ما عملت وسعيت لإنجازه، ولكن هذا التنفيذ تحديداً يقتضي الإشارة إلى حضور المؤلف في البداية، كتمهيد متعمّد لإضاءة النص المصوغي من الخارج قبل ولوج مساربه الداخلية.

تبدأ المصوغة منذ السطور الأولى بالحديث عن النهاية، وجدلية الإرساء ونماء الكفايات، تستمر حتى السطور الأخيرة من الفصل الختامي.إن المناخ الثقافي العام الذي يصنعه التجديد الخفيف، وبرامج التعليم المعتمدة التي تعاني من التخلف والمناهج التقليدية، مع اختلال القيم التي أصبحت تكرس للاتكالية والبحث عن الثروة بالمضاربة والربح السريع جنبا إلى جنب مع ارتفاع مستويات الفقر وهي ظواهر تؤثر في الكيفية التي يتعامل بها مستخدمو الوسائط التربوية الحديثة مع تلك الوسائط التي تبنتها البيداغوجيات التي توالت من طرف المسؤولين.

بالرغم من انتشار الوسائط الحديثة في الحياة اليومية لعدد كبير من الأفراد في مناحي عدة، ممثلا في استخدام الحواسب الآلية، وشبكة الإنترنت، بما تضمه من آلاف المواقع في شتى شؤون المجالات الحياتية، وانتشار القنوات الفضائية، والزيادة المطردة في عدد الصحف الإلكترونية التي تتعدد تخصصاتها، وغير ذلك من مظاهر، فإننا نلاحظ أن هذه الظاهرة المتنامية لا تعكس تطورا ثقافيا وتعليميا موازيا، بل إنها تتوازى مع نسب عالية من الأمية الأبجدية والثقافية، الأمر الذي يتسبب في فجوة كبيرة تبدو معها القوة البشرية المعنية بالشأن التربوي كأنها تستقل قطارا عملاقا، تتعرض قاطرته لانفصال تدريجي عن باقي العربات، وهو ما قد يهدد بكارثة حقيقية إذا لم يتمكن قادة القرار السياسي والتعليمي من إحكام السيطرة عليها في السنوات القليلة المقبلة.
والجدير بالانتباه إليه هنا أن مثل هذه البيداغوجيا والمشروعات المتعلقة بها لا يمكن لها أن تتحقق بالكفاءة المطلوبة إلا في تربة تتمتع بالحرية، وبرفع سقف حريات التعبير والتفكير، لأن الحرية من شأنها أن ترسخ في الفرد إحساسه بالوعي، وبقدرته على التمييز بين ما يفيده وما لا يفيده. كما أن المجتمعات الديمقراطية الحرة هي التي يمكنها أن تطور من العلم والبحث لديها بكل السبل والوسائل. إضافة إلى أن فكرة المنع والكبت تؤدي بالأفراد إلى البحث عن الممنوع، على حساب المعرفة.

وهو ما يمكن أن نرى أطيافه في البيئات الديمقراطية التي تعطي للفرد كامل الحرية في حياته وفي اختياراته وفي الاطلاع على كل المعارف والعلوم، وهو ما يرسخ لديه وعيا مبكرا بالجدية والإحساس بالمسئولية، لا مجرد الإحساس بأنه مجرد فرد يخضع لوصاية التلقي السلبي وينتظر دائما من يعلمه ما هو الصواب وما هو الخطأ دون وعي شخصي منه.
هذه المعضلة لا تتعلق بكون القاطرة تتقدم إلى الأمام، على حساب العربات الأخرى، بدافع من التطور والتقدم في استخدام البيداغوجيات الحديثة في الثقافة التربوية والمعرفة وشؤون الإدارة وغيرها، بل تتعلق بأن المؤشرات العديدة لما نسمع عنه ونتابعه، الآن، حول استخدام الممارسين لهذه الوسائط الحديثة تؤكد أن الأغلبية العظمى من الممارسين لا يقومون باستخدامها كوسيلة معرفية، تتيح الاتصال بأهم المعارف العلمية والثقافية، بقدر مايستخدمونها في تلميع الصورة. فالتناقض هنا يتأتي من استخدام بيداغوجية الإدماج كوسيط حديث للاتصال والمعرفة، في غير مكانه، أو لأهداف تتناقض مع الواقع المعيش الذي يفتقر إلى أبسط الشروط التي تساهم في إنباث سليم لشتلات هذه البيداغوجيا.

من جهة أخرى، فإننا إذا سلمنا جدلاً بقدرة الجهات القيادية والموجهة، خاصة المؤسسات التربوية في أرجاء الأكاديميات الجهوية، على ترشيد استخدام الاستراتيجيات المتفق عليها، وفقا لبرامج محددة، فما مصير البنيات التحتية التي، مازالت أعدادها - مع الأسف - تتزايد - في مناطق تربوية كثيرة في أرجاء واسعة من الأقاليم المغربية ؟؟؟

وأخيرا لابد من التساؤل ما هو مصير بيداغوجية الإدماج في ظل هذه الظروف، وكيف يمكن أن نطور انتظاراتنا لتتلاءم معها، وتصبح صالحة لاستيعابها خاصة تجاه الثقافة العلمية المتطورة وللتواصل مع الثقافات الأخرى، وهل تكون هذه البيداغوجيا وبالاً علينا فتكشف عن تخلفنا وعجزنا؟ أم أنها فرصة مواتية للتطور والوصول بالشأن التربوي في مجتمعنا إلى آفاق جديدة؟ هذا هو السؤال الجوهري الذي لا بد أن نسرع، كمتتبعين ومهتمين ومتخصصين ومبدعين في الإجابة عنه، في هذا العصر، عصر العولمة المفتوح على مصراعيه لكل من يريد أن ينتمي إليه. هذا معناه من جهة أخرى أن المستقبل ليس مضيئا تماما أمام الشأن التربوي والحياة التربوية بمعناها المتعارف عليه الآن.. فمع أن البعض يدركون الخطر ويعرفون مصادره فإنهم لايعملون بما فيه الكفاية لدرئه ولا يتعلمون من الدروس السابقة ومن أحداث التاريخ القريب . وأغلب الظن أنهم لن يفيقوا من غفوتهم قبل فوات الأوان.



الساعة الآن 09:07

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd