2010-09-29, 11:58
|
رقم المشاركة : 3 |
إحصائية
العضو | | | رد: عشتار البهية ! |
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الورزازي المحمدي
أتصور أن المفتاح الرمزي لاستيعاب هذه الخاطرة يمر بالضرورة عبر التعرف على الشخصية الأسطورية / الرمز التي يتناص معها النص ، ألا وهي شخصـية " عشتــــــــــــــار"أو " عشتروت ". ولتقريب هذه الشخصية من فهم القارئ الكريم ، أورد تعريفا بها للدكتور علي القاسمي بعنوان : عشتار.. الهة الأنوثة والحياة : لا يمكن الحديث عن العراق القديم وعن حضارته ومعتقداته ومجتمعه من دون الحديث عن ((عشتار)) أو ((عينانا)) وحبيبها ((تموز)) او((دموزي)). ان هاتين الشخصيتين ليسا كما قد يتصور البعض، مجرد شخصيتين أسطوريتين، بل هما الشخصيتان الأساسيتان في الديانة العراقية. (ميزوبوتاميا) معروف أن الأساطير حكايات شعبية تتناقلها الأجيال شفويّاً زمناً طويلاً قبل أن تُقيِّدها الكتابة، وتجري أحداثها في بدايات الزمن الأزليّ، وتحكي أصل الكون والإنسان والحضارة، وتحمل دلالات "دينية مقدسة"، وشخوصها آلهة وأنصاف آلهة وأبطال فائقو الكمال . وهكذا فإن سردها يتطلب طقوساً أقرب إلى السِّحر، وشعائرَ تغالي في الطهر والنقاء. من أجل ذلك كلِّه، أرجوك، أيها القارئ الكريم، أن توقد الشموع معي، وتتلو ترانيم العشق والوجد، قبل أن نقترب من (عشتار) في حندس هذا الليل السومريّ الموغل في مغارات الزما ن والمكان. (عشتار) ربّة الحُبّ والخصب : (عشتار) شابة ممتلئة الجسم ، ذات صدر نافر، وقوام جميل ، وخدَّين مُفعمين بالحيوية ، وعينين مُشرقتَين . يتوفَّر فيها ، إلى جانب جمالها الأخّاذ، سموالروح ، مع رهافة الطبع، وقوة العاطفة ، والحنو على الشيوخ والأطفال والنساء . في فمها يكمن سرُّ الحياة ، وعلى شفتيها تتجلى الرغبة واللذة ، ومن أعطافها يعبق العطر والشذا. يكتمل بحضورها السرور، ويشيع مع ابتسامتها الأمن والطمأنينة في النفوس . غالبا ما نشاهدها وهي تجوب الحقول بخفَّة ورشاقة، فتتفجَّر الينابيع خلفها بالماء والعطاء ، وتُزهر الأرض بالسنابل والنماء . وقع في غرامها الشعراء، فخلّدوها بأعذب الأوزان وأحلى القوافي . وهام بحبِّها الأدباء، فوهبوها أجمل النصوص الملحميَّة . وعشقها الفنانون ، فرسموها على أرشق الأختام الأسطوانية وصنعوا لها أرقى التماثيل التي تكاد تنطق بالحياة . وولع بها الموسيقيون فنغّموها لحناً راقصاً على أوتار العود وفوهة الناي . تلكم هي (عشتار) إلهة الخصب والحبّ والجنس لدى سكان وادي الرافدين القدماء . ظهرت أول مرة في بلاد سومر في جنوب العراق ، قبل أكثر من ستة آلاف عام ، إما بشخصها المرسوم على الأختام الأسطوانية وبعض المنحوتات ، وإما بالرمز الذي يدلّ عليها في الخطّ المسماريّ ، وهوالنجمة الثمانية التي تشير إلى كوكب الزهرة، ألمع الكواكب . وقد سمّاها السومريون (عينانا) . وهي في أساطيرهم ابنة الإله (سين) إله القمر. وأمها الإلهة( ننكال )، وأخوها الإله (أوتو) إلاه الشمس، وأختها الإلهة (إيرشيكال) إلهة العالم السفلي، عالم الأموات. وهي أعظم الإلهات وأسماهن منزلة . وكان مركز عبادتها الأصليّ مدينة (الورقاء) عاصمة بلاد سومر، التي كانت تُعدّ من أهمّ المراكز الدينيّة والحضاريّة لعصور طويلة. أوجه (عشتار) وتجلياتها : وتكمن أهمية الإلهة (عينانا) في أن الإنسان أدرك منذ القدم أن بقاءه يتوقف على أمرين أساسيين هما : الغذاء والتناسل . فبدون الغذاء يموت الإنسان جوعاً ، وبدون التناسل يفنى الجنس البشريّ تماماً. وقد جمعت (عينانا) في شخصها الخصبَ والجنسَ معا؛ فهي ، من ناحية ، تمثّل خصب الطبيعة بمياهها ونباتاتها وحيواناتها ، وهكذا يتوفر الغذاء للإنسان ، كما تمثّل ، من ناحية أخرى، الرغبة الجنسيّة التي ينتج عنها الاتصال بين الذكر والأنثى فيضمن الإنسانُ تناسلَه وتكاثرَه. ونظراً لأهمية (عينانا) تلك ، فقد انتقلت عبادتها من السومريين إلى الأقوام الأخرى التي احتكت بهم أو تأثرت بثقافتهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، كالأكديين الذين سمّوها (عشتار) ، وشعوب جنوب الجزيرة العربية الذين أطلقوا عليها لقب (عثار أو عطار)، والكنعانيين والعبرانيين الذين سمّوها (عاشرا أو عشتروت)، وورد اسمها ( أستر ) في التوراة، والإغريق الذين لقبوها بـ (إفروديت)، والرومان الذين جعلوها (فينوس). ونظراً لأن الأكديين (البابليين والآشوريين) هم الذين سيطروا على بلاد سومر منذ عام 1750 ق.م. وورّثوا ثقافتهم لمن بعدهم ، فإن الاسم الأكدي ((عشتار)) هوالذي شاع بين أهالي البلاد . الدكتور علي القاسمي . ************* آمل أن يكون هذا التعريف بعشتار ، إلهة الأنوثة والحياة ، عشتار الأسطورية ، مفتاحا يضيء خاطرة أستاذنا المبدع الناقد الطاهري ، التي لا شك أنها تتناص مع أسطورة عشتار ، ليس لاجترارها ، بل كرمز مُحين .. لكن الأكيد أن عشتار ، كما صورها النص ، بدءا بالعنوان ، امرأة اجمتعت فيها كل تجليات الأنوثة وعناصر القوة وفي مقدمتها : الأنوثة والحياة والجمال ، إنها فعلا " عشتار البهية ". فلا غرابة إن : " هذرت دم الملوك والأعيان من زمن .. وعبثت بمشاعر الرعيان والرعاع وسائر البشر ..! خروا جميعا ركعا .. سجدوا بكيا وتضرعوا..! " تقديري واحترامي آمل أن يكون هذا التعريف بعشتار ، إلهة الأنوثة والحياة ، عشتار الأسطورية ، مفتاحا يضيء خاطرة أستاذنا المبدع الناقد الطاهري ، التي لا شك أنها تتناص مع أسطورة عشتار ، ليس لاجترارها ، بل كرمز مُحين . ×××××××××××××××××××××××× من إيجابيات تعامل أستاذنا الورزازي مع النصوص التي يكتب ردودا عنها ، هذا الجهد النقدي الإبداعي الذي يحاول أن يؤطر به العمل الأدبي موضوع الدراسة .إنها بالفعل إضاءة موفقة وبناءة . وعلى سبيل تبادل الفائدة ، أشير إلى أن د . القاسمي ، في المقاطع التي وظفها أستاذي الفاضل في إضاءته ،ركزت على الوجه الإيجابي ، إن جاز التعبير ، في شخصية (عشتار)، باعتبارها رمزا للأنوثة المكتملة والغذاء والخصب والنسل ...إلخ .وفي خاطرتي بعض من ذلك . على أن ل (عشتار )وجها آخر ، قد يكون بارزا بوضوح في هذه الخاطرة .إذ بقدر ما هي بهية ، ساحرة ، فهي عابثة ،عابدة لذاتها ، مستبدة بغيرها ، مستبيحة لمشاعر عشاقها ...إلخ .بل هي مستبيحة لدم المتهافتين عليها .وأسطورة ( عشتار والراعي )نموذج حي لهذه الصفات كلها .فبقدرما أغرت الراعي صدته عنها ،ولم ينفعه معا أن ذبح لها ،تقربا منها ، جميع أغنامه ،بل واظطر إلى سرقة أغنام غيره ، بدون طائل .!! فمن أين عبر ت الخاطرة من الأسطورة إلى مقاربة ظاهرة معاصرة ؟ من هؤلاء الراكبون عباب الشوق ، الذين يغازلهم الموت ولايبالون ، لايتراجعون .؟الراهنون بيوتهم ،التاركون أبناءهم لليتم يسرق أحلامهم ...؟ من هي (عشتار ) الآن ؟ لاشك أن في المشهد الرمزي بعض الغموض .غير أنه مقصود منهجيا . إنه يأتي تفعيلا لهدف عبرت عنه في خاطرة سابقة تحت عنوان (رأي في القناع ) أشرت فيه إلى حلم يتحول بموجبه هذا المنتدى إلى عالم واسع تتلاقح فيه الأفكار وتختلف فيه التصورات...إلخ. غايتي من هذه المحاولة إذن منهجية أكثر مما هي فنية . غير أن ذلك لايلغي ضرورة القراءة النقدية لهذه المحاولة المتواضعة . ومودتي موصولة لأعضاء المنتدى . | |
| |