منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   ما أكثر من غرهم التكليف ببعض المهام فأساءوا ولفظوا فندموا ولات حين مندم (https://www.profvb.com/vb/t48186.html)

si sajid 2010-09-18 10:49

ما أكثر من غرهم التكليف ببعض المهام فأساءوا ولفظوا فندموا ولات حين مندم
 
ما أكثر من غرهم التكليف ببعض المهام فأساءوا ولفظوا فندموا ولات حين مندم 18/09/2010


http://www.oujdacity.net/i/data/ocv3...8-25030636.jpg


لما اطلعت على رسالة رابطة المديرين المفتوحة والموجهة إلى وزير التربية الوطنية في شأن إساءة من كلف بمهمة نائب في نيابة وجدة أنكاد وهو زميل سابق لهم شعرت بأسف شديد طالما شعرت به عندما كان بعض المفتشين يكلفون بهذه المهمة فيصيرون بين عشية وضحاها مخلوقات غريبة مندهشة أمام المهمة مما يؤثر على سلوكهم فيصيرون أهل كبرياء وصلف وقد فعل فيهم الغرور فعلته .
والحقيقة أن غرور المكلفين بهذه المهمة صار ظاهرة يجب أن يسلط عليها الضوء . فما هو حقيقة التغيير الطارىء على سلوك بعض من يكلف بهذه المهمة ؟ ، وأقول البعض حتى لا أترك فرصة للتأويلات المغرضة التي لا تراعي السياقات عندما تقرأ ما يكتب لأنها تقرأ قراءة موجهة بدوافع معينة سلفا وعن سبق إصرار وهي لا تعنيني لأنها من قبيل المعروف الذي يزول عجبه .
والجواب أن منصب وزير في الدول الراقية التي قطعت أشواطا بعيدة في التحضر والتقدم لا يعدو تكليفا ومسؤولية لا يحسد عليها ذلك أن كل ما يصيب الوزارة التي يشرف عليها وزير ما من عثرات يكون هو كبش الضحية وهو أول من يقال إن لم يسارع بالاستقالة ، وهو منصب غير مرغوب فيه ، ولكن هذا المنصب في الدول المتخلفة التي لا زالت تعاني أشواطا بعيدة في التخلف عن الركب الحضاري لا زال يحافظ على إشعاعه الأسطوري كما تصوره الأساطير والأحاجي وكتاب ألف ليلة وليلة . حيث يقف الحجاب على أبواب إقامة الوزراء يرفعون عقيرتهم كلما ظهر الوزراء للعيان : انتبهوا حضرات الوزراء قادمون أظهروا ما يليق بهم من خشوع وخضوع وخوف ووجل . وعلى طريقة وزراء الأساطير والأحاجي يحرص وزراء البلاد المتخلفة الحرص الشديد على مظاهر الأبهة في ملابسهم ومراكبهم ومقار وزارتهم ومساكنهم ، وهي كل ما يميزهم عن غيرهم من الناس وإلا كانوا كيا أيها الناس أو أقل من يا أيها الناس في أشكالهم ومضامينهم وتغرهم هذه المظاهر ويركبهم الغرور بها فيتحولون إلى ما يشبه الآلهة الأسطورية في طغيانهم واستبدادهم وكبريائهم وسوء خلقهم مع خلق الله . وقد تكرست صورة الوزراء الأسطورية في ذهنية أهل البلاد المتخلفة ، وعلى رأس هذه الذهنية من يتقلدون مهمة الوزارة أحيانا أنفسهم إذ يبالغ بعضهم في الحرص على مظاهر الأبهة و ومظاهر الطغيان والكبرياء ويصير أسطورة شبيها بأساطير القدماء ولكنه أسطورة يتندر بها الناس خصوصا بعد أن تلفظه الوزارة ودأبها أنها تنكب من تغريهم في نهاية المطاف وتتركهم عرضة لألسنة الناس وسخريتهم كما كان حال البرامكة في التاريخ العربي الذين نكبوا شر نكبة بعد غرور غرتهم به الوزارة الغرارة .
فهذا هو حال الوزراء في البلاد المتخلفة لا يرون في الوزارة تكليفا بل مجرد تشريف ، ويقضون مدد تقليدهم للوزارة في احتفالية ممجوجة لا تناسب التطور البشري الذي جعل الإنسان في مرتبة عالية من التقدير والاحترام على قدر ما يجيد ويفيد لا حسب المنصب بالمفهوم الأسطوري. ولما كان هذا هو حال الوزراء في البلاد المتخلفة فإن من ينوب عنهم يحرصون كل الحرص على تقليدهم في أبتهم الفارغة وفي كبريائهم وصلفهم اعتقادا منهم أن النيابة عنهم تعني الدخول في فئة بشرية أسطورية فئة الآلهة أو أشباه الآلهة . وأول ما يفكر فيه بعض نواب وزارة التربية الوطنية بعد ركوب كل مركب حل أو حرم لتقلد المنصب الحرص على الأبهة لدفع الشعور بالدونية المسيطر عليهم بل الراسخ فيهم ، ولمحاولة إقناع من لم يقتنع بوصولهم المشبوه إلى المنصب بأنهم أحق به وأهله إذ كانوا قبل أن يبتلى بهم المنصب من عامة الناس وربما أقل من العامة في بعض الحالات . ولهذا السبب يبالغون في مظاهر الأبهة فيغيرون ؛ أحوالهم المادي منها والمعنوي كما تغير الثعابين جلودها فيحرصون على اقتناء المكتب الفخم ومنهم من يأبى الحفاظ على تجهيز مكتب سلفه المنكوب أو المنقول فيجدد التجهيز كما تفعل العرائس عندما تلتحق بعش الزوجية ، ويرصد أول ميزانية لهذا التجهيز ، وينتظر تجديد مركبه ، وقد يحلم بسيارة رباعية الدفع وهو في غنى عنها لأن تراب نيابته لا يتطلب هذا النوع من السيارة ولكنه يحرص شديد الحرص على اقتنائه لأنه لا يطيق التفريط في الأبهة فليس المركب الرباعي الدفع كالثنائي الدفع عند قوم يجهلون
. ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل ينتشي البعض بتغيير تركيبة من يحيط به من موظفين فيقرب المتزلفين الذين يجيدون التملق والمدح الكاذب ، ويدير ظهره لكل من فيه مثقال ذرة من إباء وكرامة تستهجن مظاهر أبهته الكاذبة . وينتشي بتنصيب ما يشبه الحجاب عند بابه و الذين يوقفون الناس في طوابير طويلة في انتظار نائب الوزير الذي يستيقظ متأخرا ، ويتناول طعام فطوره في فراشه بعد أن ينقل إلى بيته أقنان النيابة للقيام بالخدمة ، ويأخذ حمامه ويقضي كل مآربه بما فيها إيصال حرمه سيدة النيابة الأولى إلى صالون الحلاقة أو مقر العمل أو الحمام مع الحرص على أن يشهد الناس ذلك ليبتز منهم الاعتراف ب أبهة السيد نائب الوزير ، وإيصال الصغار إلى الرياض مع الحرص على تفقدها لإظهار أنها تقع في دائرة سلطانه وتحت سلطتهم ، وإيصال غيرهم من الأبناء إلى مؤسساتهم وبنفس الأبهة إذا شاهده من يعرف قدره وجلاله المصنوع بقدرة قادر. وربما عرج على مقهى مشهور ليقول رواده ها قد جاء السيد نائب الوزير يتناول قهوته التي لا يجب أن تكون نفس القهوة التي كانت قبل أن تحل نعمة النيابة عن الوزير . ويدخل متأخرا إلى مكتبه أمام أنظار طوابير المنتظرين مزهوا منتفشا انتفاش الديك أو السنور وهو يحرص كل الحرص على ألا يمكن الجميع من ابتسامته الصفراء بل يجعلها حكرا على بعضهم من المتزلفين أو من زوار فوق العادة ، فيبدأ باستقبال هؤلاء مغتنما الفرصة للتعبير عن تبرمه من حجم المسؤولية وكثرة الأشغال وقد لا تفوته فرصة نهر بواب أو موظف صغير يدخل عليه بملفات التوقيع لإظهار القوة والبأس والعظمة الدونكيشوتية الزائفة . ويحرص على أن يدخل النادل قهوته المعهودة وربما شاركه فيها ضيوف ما فوق العادة .
وتطول زيارة ضيوف ما فوق العادة ، وتطول المكالمات الهاتفية حتى مع الخادمة في المطبخ في شأن وجبة الغذاء ، ومع الحرم في شأن تصفيفة الشعر ولون اللباس إلى غير ذلك من تافه الأمور وطوابير المنتظرين الطويلة في انتظار طويل حتى إذا جاء دور استقبالهم فجأة تتفتق عبقرية السيد النائب عن اجتماع طارىء لصد هذه الطوابير صدا غير جمبل. أما السفر إلى الوزارة فلا يكاد ينقضي إذ يسافر السيد النائب الأبهي لكل شاذة وفاذة ويستجيب حتى لدعوات كل الجمعيات والمنظمات البعيدة كل البعد عن قطاع التربية لأن الاستجابة لها من متطلبات الأبهة النيابية وليقال إن السيد النائب في العاصمة يحضر اجتماعا هاما وقد ترك خلفه المنظومة التربوية تتخبط في مشاكلها تلاميذ بدون مدرسين ، وأقسام بلا مقاعد ولا إنارة ومؤسسات بلا مراحيض ولا صرف صحي ، ولن أنسى أبد منظرا تلميذات صغيرات في إحدى المؤسسات الابتدائية بنيابة وجدة أنكاد يتبولن بالتناوب في ركن من أركان المؤسسة وتستر بعضهن بعضا ، والمسؤول في الجهة والإقليم ينتشيان بركوب السيارة الرباعية الدفع ، ويبالغان في تجهيز المكاتب والإكثار من مكيفات الهواء في مساكنهما . والدراسة معطلة في العديد من المؤسسات وفي حاجة إلى وجود السيد نائب الوزير الذي يتأذى من المشاكل كما يتأذى أصحاب الجنة من أصحاب الجحيم .
ولن تفوت نائب الوزير الأبهي الفرصة السانحة لإظهار تميزه عن أقرانه أو غيرهم ممن كان قبل أن يصير نائبا يظهر لهم الاحترام والطاعة مرغم الأنف ، فيشمخ بأنف لا يناسبه الشموخ بل المخاط به أنسب وأولى لأنه أهدر ماء الوجه من أجل أن يصير نائبا للوزير وداس على الكرامة وأنى لمن داس على كرامته أن يشمخ بأنفه ؟ وقد يبقي الكرام ساعات طويلة في الانتظار أمام باب مكتبه ، وقد ولجه عليه اللئام من المتملقين والوصوليين والانتهازيين أمثاله . وقد يعطل مصالح المنظومة ، ويحذو حذو النعامة إذا واجهته المشاكل المستعصية ، وهو يخشى أن تطلب منه المواقف الصارمة حيث تجب الصرامة فيتثاقل لذلك ويسوف ، ويهش ويسرع كلما تعلق الأمر بتوجيه رسائل شكر، أو حضور حفل . إنه يعيش بعقلية وزراء الأساطير في ألف ليلة وليلة حتى إذا جاءته النكبة فجأة كنكبة البرامكة تبخرت الأبهة من حوله بين عشية وضحاها ولفظته المهمة ،فينزوي لبعض الوقت لتجنب عيون الشامتين والمشفقين ، ثم يظهر بعد ذلك ويحرص على أن يلتقي ببعض من يعيره شيئا من الاهتمام ويعزيه في النكبة للحديث عن إنجازاته الوهمية وانتقاد من خلفه ، والشكوى ممن نكبه لصرامته وجديته واستقامته حسب زعمه ، وقد كان من قبل يزعم أن من نصبه صاحب بعد نظر وحكمة ، ويحتسب الأجر عند الله ، ويكثر من التردد على بيوت الله ويحج أو يعتمر كما يفعل التائبون بعد أبهة فارغة تبخرت كسراب بقيعة . وتتكرر النكبة ولا يتعظ المتعظون ، ولا يفكرون في يوم يلفظون وتزدريهم الأعين وينالون مقدار كبريائهم ذلا وهوانا .
لقد قطعت الأمم الراقية أشواطا في تخليص الأذهان من الأساطير والخرافات ، وصارت قيمة الإنسان رهينة بما يجيد ويفيد ، ولكن مع الأسف لا زالت الأساطير تعشش في البلاد المتخلفة ، فحتى الحمار في البلاد المتحضرة انتقل من مرحلة الركوب إلى مرحلة الزينة مصداقا لقوله تعالى : (( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة )) حيث لم يعد يركب بعد الطائرة والمراكب الحديثة السريعة ، وانتقل إلى مرحلة الزينة ينظف ويدلل وقد استرجع حريته الحيوانية التي كانت تسلب منه للحاجة في حين لا زال الحمار في البلاد المتخلفة يقوم بكل شيء وينوب عن الناس في كل شيء ، ولا زال يعامل بقسوة ، ومن المسؤولين في هذه البلاد من ينقلون معاملة الحمار المتخلفة إلى صنف البشر بل منهم من يركب البشر الركوب المجازي كما يركب الحمار الركوب الحقيقي ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

محمد شركي www.oujdacity.net


الساعة الآن 03:09

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd