في انتظار هيكلة الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية بالمغرب: هل سيتمكن المغرب من ... - منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

2010-09-15, 15:16

رقم المشاركة : 1

أشرف كانسي

بروفســــــــور

إحصائية العضو

أشرف كانسي غير متواجد حالياً

في انتظار هيكلة الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية بالمغرب: هل سيتمكن المغرب من ...

في انتظار هيكلة الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية بالمغرب: هل سيتمكن المغرب من تخفيض نسبة الأمية إلى أقل من 20 بالمائة؟

عبد الإله بن التباع

عممت وكالة المغرب العربي للأنباء بداية الأسبوع الثاني من شهر شتنبر 2010 وبمناسبة اليوم العالمي لمحاربة الأمية، تقريرا تقنيا مجردا من حمولتيه البيداغوجية والاجتماعية تحت عنوان: «المغرب يحقق انجازات هامة على درب استئصال الأمية» معتمدة في مصادرها على بلاغ رسمي لوزارة التربية الوطنية. وقد بالغ التقرير ـ وإلى حد التخمة ـ في تضخيم تلك المعطيات التي يمكن أن تمرر رسميا ، ولكن على أرض الواقع تبدو الهوة والتناقضات جد شاسعة

عممت وكالة المغرب العربي للأنباء بداية الأسبوع الثاني من شهر شتنبر 2010 وبمناسبة اليوم العالمي لمحاربة الأمية، تقريرا تقنيا مجردا من حمولتيه البيداغوجية والاجتماعية تحت عنوان: «المغرب يحقق انجازات هامة على درب استئصال الأمية» معتمدة في مصادرها على بلاغ رسمي لوزارة التربية الوطنية يتحدث بلغة الأرقام عما تم إنجازه للقضاء النهائي والتدريجي على بؤر محاربة الأمية بالمغرب. وقبل تحليل تلك المعطيات الرسمية يجب الانطلاق من مجموعة من المؤشرات الإيجابية ، منها الإصرار الحكومي المتواصل على كسب هذا التحدي ، وقد ترجم ذلك من خلال العديد من المبادرات، إلا أنها تبقى غير كافية لكسب هذه المعركة باعتبارها تحديا تنمويا كبيرا يتوقف عليه إنجاح مختلف المحطات الأخرى ، وفي نفس الوقت تعطي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعدها التنموي الواسع مكرسة لروح التضامن والتنمية الاجتماعية...
لقد بالغ التقرير ـ وإلى حد التخمة ـ في تضخيم تلك المعطيات التي يمكن أن تمرر رسميا ، ولكن على أرض الواقع تبدو الهوة والتناقضات جد شاسعة:
فهل سنكسب فعلا تحدي تخفيض نسبة الأميين في ببلادنا إلى أقل من 20 بالمائة نهاية 2010 ، والتي لم تتبقى على نهايتها إلا أربعة أشهر ونحسن بذلك أداء النسيج الاقتصادي الوطني؟ وبماذا نقيس تراجع نسبة الأمية من 43 سنة 2004 إلى 30 في المائة حاليا؟ وهل يصمد رقم 15 ألف و640 مركزا لمواجهة الآفة بالبلاد؟ وهو نفس السؤال بالنسبة ل 17000 مكون ومكونة؟
ثم هل هناك تتبع مسؤول لمختلف مراحل هذه العمليات ؟ وهل نجحت السياسة الرسمية في هذا الاتجاه بإدماج المرأة المغربية في محيطها السسيو ـ ثقافي وتحقيق ذاتها واستقلالها الاقتصادي؟ وهل الجهات التي أسندت إليها صياغة مقررات تعليم هذه الفئة ، وخاصة في الجوانب المتعلقة بطرق تربية الأطفال وتغذيتهم والاعتراف بحقوقهم في بيئة اجتماعية وطبيعية سليمة لها من التكوين البيداغوجي والسوسيولوجي ما يمكنها من إنجاز هذه العملية بنجاح؟
وهل تفوقت فعلا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على وزارة التربية الوطنية في كسب هذا الرهان داخل المساجد خلال هذه السنة؟
نتمنى أن لا تكون هذه المعطيات الرسمية مجرد أحلام ومتمنيات رسمية ، خاصة بعد أن أغدق علينا الاتحاد الأوربي حوالي 19 مليار سنتيم ليضيف إليها مؤخرا حوالي 10 ملايين أورو في إطار خطة خماسية ليرتفع الرقم إلى أكثر من 27 مليون أورو مستهدفة 11 منطقة من المغرب لدعم السياسة الحكومية في مواجهة هذه المعضلة التي اعتبرها الميثاق الوطني للتربية والتكوين تحديا استراتيجيا وطنيا..
إن نفس الأرقام الواردة في التقرير تطرح مجموعة من التساؤلات البنيوية حول القيمة المعيارية لما سمي بالسبق المغربي والعربي والمغاربي المتميز في مواجهة الأمية، من خلال الملاحظات التالية:
ـ تتبنى الوزارة الوصية على الملف، استراتيجية مندمجة في محاربة الأمية ، وهذه الاستراتيجية ملفوفة بالكثير من الغموض : هل نقصد بها التكامل بين مختلف الحاجيات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية، أم أن استعمال وتوظيف المصطلح فقط لأجل التوظيف؟
- تجاوز عدد المستفيدين من دروس محو الأمية 3،2 مليون مواطن ومواطنة، بينهم 80 بالمائة من النساء وخاصة بالعالم القروي ، فما هي المقاييس التي اعتمدت في إحصاء وضبط النساء القرويات خاصة وأن نسبة الانقطاع والتسرب بينهن تسجل أرقاما مخيفة؟
- اعتماد فلسفة واقعية لمعالجة هذه الإشكالية في بعديها الاجتماعي والتنموي . فما هي المرتكزات التي استندت عليها الإطراف الحكومية لبناء لبنتها الفلسفية في هذا السياق؟
- 2015 هو السقف الزمني الذي حدده الميثاق لاجتثاث كل بؤر الأمية ببلادنا؟. لا أظن أننا سنحترم هذا الموعد مع التاريخ لأن الواقع يكذب حثما الأرقام المبالغ فيها ، وزيارة بعض مراكز التكوين أو الاطلاع على لوائح بعض المستفيدين ، وأيضا مدى احترام بعض الأطراف لاتفاقيات الشراكة .. قد تبين بالملموس أننا لازلنا بعيدينا عن احترام ذلك السقف الزمني..
- تخفيض نسبة الأمية لدى الساكنة النشيطة إلى اقل من 10 بسنة 2010؟ هذا ممكن لو استجابت بعض الأطراف والجهات الحكومية لهذا المخطط الوطني في قطاعات أخرى كالداخلية ومكاتب إنعاش الشغل ومندوبية إدماج السجناء والأحداث اليافعين و ..
إنها رهانات يجب أن تؤشر لمرحلة جديدة في تاريخ الأوراش التنموية الكبرى والتي يشرف عليها ويرعاها بشكل مباشر ملك البلاد ،. إلا انه لا يمكن اختزال الأمية في أرقام وبلاغات رسمية موسمية بمناسبة شهري شتنبر وأكتوبر بعيدا عن ملامسة الواقع الميداني ، فالحرب على الأمية يجب أن لا تطبع بالطابع الموسمي بحمولته التقنية المجردة نظرا لكون الحرب على الآفة تتقاطع مع مجموعة من القطاعات الحيوية الأخرى ولا تتحمل توظيفها بشكل ميكانيكي وأحيانا ديماغوجي. فالأمية تختزل الكثير من المقاربات السسوسيو- اقتصادية والاجتماعية وحتى النفسية ، فهي مؤشر حقيقي عن وضع المرأة في المجتمع المغربي.. تشغيل الأطفال وخادمات البيوت القاصرات.. استمرار بعض أنماط نظم السخرة في البادية المغربية.. تركيبة المجتمع الأبيسي المغربي.. هشاشة نظام التربية والتكوين في غياب توجه سياسي واضح.. كلها حقائق ومعطيات تغفلها الأرقام والبلاغات الرسمية .
إن ملامسة واقع الأمية في المغرب ، ليست بعملية بيروقراطية تتوقف على جهة بعينيها ، بل إن المشروع في كليته مشروع شعبي ورسمي لابد من إشراك كل مكونات الجسم المغربي من نقابات وجمعيات فاعلة وجماعات محلية وجمعيات للأحياء والدروب وأحزاب سياسية وقطاعات نسوية وحرفية.. لبلورة الحلول والاقتراحات البناءة خاصة بعد أن اعتبرها جلالة الملك معضلة حقيقية تواجه البلاد ، وعقلنة تدبير الموارد، ولغات التدريس، وتحديث البرامج والمناهج، والتركيز على محوا لأمية
أما توظيف لغة التمنيات واعتبارها واقعا متجسدا ، فإنما يدخل ذلك في باب المغامرات المجانية التي يراد منها القفز على واقعنا التعليمي والثقافي بكل ثقله التاريخي ، بدليل الصور اليومية من هذا الواقع المعيشي في علاقته بهذا الملف ومنها :
- تعقد علاقات الشراكة مع الجمعيات الفاعلة في الميدان ، نظرا لتذبذب العلاقة المالية مع الجهات الرسمية الوصية بحكم تعارض السنتين المالية والإدارية ، مما يحرم المكونين من مدا خيل قارة في الميدان سيما وأن أغلبهم من المعطلين خريجي الجامعات ، مع الإشارة إلى ضعف سياسة التكوين وتهرب الجهات الوصية منها من منطلق تبذير المصاريف وضياع للوقت؟؟
- ضعف آليات المراقبة المالية للاعتمادات المخصصة لبرنامجي محاربة الأمية ؟ فإذا كنا كمغاربة نريد إحداث قطيعة مع ماضي تبذير المال العام ، فلابد من إخضاع هذا الملف للافتحاص من طرف المجلس الأعلى للحسابات وطنيا ، جهويا ، إقليميا ومحليا ، بعيدا عن الفحص العام للأكاديميات حتى تتهيأ الظروف المريحة والشفافة لعمل الوكالة المرتقبة
-ضرورة صرف التعويضات في وقتها ، وأن يقتصر اختيار المكونين على الكفاءات وليس القرابات؟؟
- ضرورة ترشيد صرف ملايين السنتيمات على إنتاج كتب ونشرات لا يقرأها جل المستهدفين .. فهي مكدسة في مستودعات ودهاليز الأكاديميات والنيابات ومعرضة باستمرار لمياه الأمطار، والغريب في الأمر أن جل المسؤولين على رأس هذه الأكاديميات والنيابات ، يريدون التخلص من أهرامات تلك الكتب والمنشورات مهما كانت الطريقة فهي بالنسبة لهم عبء كبير ؟
ـ ما هو دور المراكز الجهوية لمحاربة الأمية والتي مقرها بالاكاديميات؟ قوة اقتراحية؟ تنسيقية بين مصالح الاكاديميات؟ الإشراف على التكوين المتين وتقديم الاستشارات البيداغوجية والديداكتيكية؟ أم أن بعضها يعيد وبشكل يومي اجترار نفسه ، خاصة وأن بعض المشرفين عليها في حاجة إلى تكوين متعدد يشمل الربائد والأرشيف والتواصل ونظم الإعلاميات ، بالإضافة إلى التكوين الأكاديمي والجامعي ، وهذا ليس تبخيسا في كفاءتهم ولكن لأن مستجدات الملف في القرن الواحد والعشرين تتطلب تكوينا أكاديميا عاليا يستجيب لمكانيزمات التنمية المستدامة، وهنا لابد من الضروري إعادة النظر في سياسة تكوين هؤلاء المسؤولين الجهويين وباستمرار..
- ضرورة تخلص هؤلاء المسؤولين من الإسقاطات السيكولوجية والتي تنظر إلى هذه المصلحة ونشاطها من منظور رؤية دونية مقارنة مع باقي المصالح ، بل يتم تهميشها غالبا في اتخاذ ف القرارات، إذ هناك مصالح تشتغل في مكاتب ضيقة وبدون تجهيزات ولا موظفين عكس أخرى التي تتوفر على العديد من المكاتب والموظفين والأعوان والتجهيزات ... وحل هذه المشاكل رهين بموقف المسؤول الأول عن الأكاديمية من الرغبة في تطبيق البرامج الرسمية من عدمها.
- هل يمكنا مواجهة آفة الأمية بتعويضات هزيلة للمكونين ؟ إذن لابد من إعادة النظر فيها انطلاقا من مدير وحارس المؤسسة، مع إعادة النظر في فضاءات التكوين ذات التجهيز المهترئ وأحيانا المنعدم...
فهل تصمد مثل هذه الأرقام الواردة في بلاغ وكالة المغرب العربي للانباء أمام آخر التقارير الدولية حول المغرب من بينها تقرير البنك الدولي بتنسيق مع البنك الإفريقي للتنمية ، والذي وضع بلادنا في المرتبة 73 عالميا من خلال سلم التنافسية الدولية وذلك برسم سنة 2009-2010 ، منبها إلى المراتب الأخيرة التي تحتلها بلادنا في بعض القطاعات الاجتماعية وعلى رأسها التعليم، بل هناك دولا جد فقيرة نتخلف عنها نحن فيما يخص نظم تعليمنا ...؟
فما رأي الذين صاغوا التقرير السالف الذكر حول استمرار ملاحم بلادنا في محاربة الأمية والقضاء على مظاهر الفقر والهشاشة الاجتماعية؟

9/15/2010
الإتحاد الاشتراكي