عادل نجدي


في الوقت الذي بدأ التحضير الفعلي للمؤتمر الثالث للحزب الاشتراكي الموحد، المزمع تنظيمه في الفترة الممتدة ما بين نونبر ودجنبر المقبلين، دق أعضاء في المجلس الوطني للحزب ناقوس الخطر، بخصوص مستقبل وريث منظمة العمل الديمقراطي، نتيجة «الوضعية الخطيرة» التي يعيشها. وطالب الأعضاء، في رسالة حملت عنوان «التغيير ممكن»، قيادة الحزب ومناضليه
بتحمل مسؤوليتهم، والتحرك السريع من أجل مراجعة حساباتهم والوضوح في الرؤية.
وانتقد الأعضاء، في رسالة تلقت «المساء» نسخة منها، بشدة وضع الحزب، معتبرين أنه «أصبح حزبا شاحب اللون، خافت الصوت، مهلهل البنيات، ويعاني من آثار عدة انتكاسات حيث تم الإعلان عن موعد مؤتمره الثالث بألم وبدون حماس أو جذوة نضالية وكأن المؤتمر أصبح هدفا في حده ذاته». وأشاروا إلى أن طريقة التحضير للمؤتمر الثالث، التي تبدو عسيرة ومرتجلة وغير معيارية، بل متناقضة أحيانا مع مبادئ التأسيس ومقررات المؤتمرات السابقة، تنذر بدفع الحزب نحو مزيد من الرمادية والتخلي التدريجي عن مبادئ اليسار الاشتراكي.
ورأت المصادر ذاتها أن عملية الاندماج داخل الحزب ظلت عرضة لعدة معيقات، منها التهافت وانعدام الشفافية والحلقية الضيقة والبيروقراطية واستغلال مواقع المسؤولية وتهميش المؤسسات الحزبية الموسعة والمحلية والقاعدية، مما فوت على الحزب فرصة الاستفادة من تنوع وغنى تجارب مناضليه وإمكانياتهم الفعلية. وبالرغم من أن الحزب كان سباقا إلى تقبل مفهوم التيارات ومناقشته، إلا أنه عوض أن يعمل على خوض تجربة متقدمة في بلورة المفهوم والعمل على الاستفادة من التيارات في إغناء خطه السياسي وتجربته، انحدرت قيادة الحزب وأغلب ممثلي التيارات في متاهة المزايدات بمفهوم التيارات أو جعله مشجبا للسلبيات.
وبالنسبة لأصحاب الرسالة الموجهة إلى المكتب السياسي والمجلس الوطني، فإن مسار الحزب الفعلي لم يكن دائما متوهجا، حيث تراجعت تجربة الحزب في عدة مجالات وقلت مبادراته، وبدا الحزب أحيانا مضطرب المواقف وعاجزا حتى عن المبادرة والتتبع.
إلى ذلك، سجل الأعضاء أنه في واقع يتحرك ومعطيات تتغير باستمرار، ظلت عدة ملفات وقضايا ذات أهمية في الخط السياسي معلقة وتراوح مكانها، وقد تتعرض أحيانا للتراجع و الاختزال مثل مواضيع الإصلاحات الدستورية، والتحالفات، والجهوية والعمل المحلي، والصحراء، وقضية الأمازيغية والعلمانية وغيرها.
وفي تشريحها لعمل قيادة الحزب، أشارت المصادر المذكورة إلى أن هيئات الحزب القيادية تبدو ضائعة ومشلولة تجاه الأحداث المتوالية والمواقف المتراكمة، خاصة المكتب السياسي الذي «لم يعد عمله منتظما، وأصبح أعضاؤه يغيبون ويحضرون حسب رغباتهم إن لم نقل حسب هواهم ودون حرج، فيما اختفى أعضاء آخرون دون وضوح. وتخلى عدد من قياديي الحزب وأطره عن علاقتهم بالفروع، ولجأ آخرون إلى استعمال انتمائهم للحزب، فقط من أجل الحصول على مواقع داخل المنظمات النقابية والجمعيات وغيرها. وبشكل مؤسف، استغل بعض القدماء انتماءهم للحزب من أجل اختزال المسافات والالتحاق بالمخزن».
من جهة أخرى، حذر أصحاب الرسالة من تكرار الهفوات والأخطاء التي أدت إلى نتائج مأساوية فيما يتعلق بالإعداد للمؤتمر الثالث، مسجلين تدهور مالية الحزب وإدارته والعلاقات الحزبية الداخلية بسبب استمرار نوع من الحلقية، وانعدام الشفافية، وانعدام المعايير الموضوعية والمساطر الواضحة في الصرف والتدبير والتوظيف.




http://www.almassae.ma/sites/default...assae_logo.jpg