كلية الشريعة بأيت ملول: معلمة تاريخية بدون عنوان .
لوحة معدنية لايتعدى طولها مترا وتبعد عن الأرض بحوالي 60 سنتم مشدودة بالحجارة ،و مكتوبة بخط عربي غير مصنف كافية لتحديد موقع كلية الشريعة بحي المزار وهو أحد الأحياء الهامشية بمدينة أيت ملول ،ولعل ما يميز هذه الكلية عن غيرها من منارات العلم بالمملكة كونها الثانية التي تحمل هذا الاسم على الصعيد الوطني وهي تابعة للجامعة الأم القرويين المتواجدة بفاس وتم تأسيسا بعد مؤتمرعلماء رابطة المغرب باكادير سنة 1977 ،ورغم الحمولة التاريخية والعلمية التي تتميز بها هذه المؤسسة العتيقة وبالرغم من كونها تعتبر إحدى أهم المؤسسات بشمال افريقيا بحيث تعرف توافد طلبة من دول موريطانيا ومالي والسودان وليبيا والامارات، إلا أن اسمها هذا لا يتلاءم بتاتا مع واجهتها ومرافقها البسيطة ،فباستثناء المدرج الوحيد بها و قاعة المختار السوسي التي تم ترميمه من خلال إعادة تبليطها وبطريقة تقليدية صرفة ،تبقى المرافق الأخرى لا تليق بمقام حضرة العلماء والدكاترة الذين يلجونها ،وما يدرس بها من علوم شرعية وقانونية ،وأهم ما في الأمر واجهتها التي لم تحض بالعناية اللازمة فتبدوا للعيان أنها مجرد سور قديم يعود تاريخ بنائه إلى عهد الاستعمار حيث كانت هذه الكلية عبارة عن ضيعة فلاحية تتوسطها بناية عبارة عن "فيلا" وقام أحد المحسنين بتسليمها للدولة في نهاية السبعينيات لتتحول إلى كلية الشريعة،هذا السور المبني بالطوب والحجر لايتعدى المترين والنصف و هو عبارة عن خلفية منزل أحد الحراس ،ولا تبدو عليه أية علامة جمالية أو لمسة فنية توحي بأنك أمام مؤسسة علمية تضم بين أسوارها علماء أجلاء ودكاترة في مختلف التخصصات سواء في العلوم الشرعية أو القانونية ،وطلبة العلوم الشرعية والقانونية . وحتى اسمها فهو مكتوب بحروف صفراء باهتة في مربع صغير لا يتعدى طول ضلعه المتر والنصف ،مما يجعل الباحث عن هذه الكلية في عداد المفقودين لكون وسائل المواصلات منعدمة إليها فحتى الحافلة التي كانت تمر أمامها فضلت المرور بعيدا عنها مما يضطر معه الطلبة والوافدون إلى قطع مسافة للوصول إلى محطة الحافلات التي يبقى أمر وقوفها مرتبط بحسب حجم وحمولة "الفياج" الذي تنقله.
ويسمح بابها للمار أمامها بإلقاء نظرة خاطفة على أروقتها فتبدوا الساحة المخصصة كموقف لسيارات الأساتذة مسقفة من ناحية واحدة ويعود تاريخ هذا التسقيف إلى أربعينيات القرن الماضي ،لتبقى المصالح الأخرى من دار النسخ والمقهى المخصص للطلبة(المقصف) والمسجد مجرد بنايات يطبع عليها العشوائية في البناء واختيار مبدأ "التلقيم" بين الجدران،للحصول على غرف وشبه قاعات أقل ما يقال عنها أنها لا تليق بمكانة الكلية بتاتا .
والغريب في الأمر أن الكلية بطاقمها الفاعل والحيوي يعمل جاهدا على انفتاح هذه المنارة العلمية على محيطها الخارجي من خلال تنظيم لقاءات وندوات ومحاضرات ذات اشعاع وطني ودولي ،وهكذا كان لها الفضل في استقدام علماء من شتى الدول وطرح مواضيع ذات محاور تهم التعريف بالعلم والعلماء وبالدين الاسلامي السمح،وبمختلف القضايا المعاصرة في الفقه والحديث والسنة والعقيدة ،كان آخرها الندوة الدولية المنظمة يومي 24 و 25 ماي الجاري في موضوع ''فقه صيانة الامن العقدي وأثره في تنمية الفرد داخل المجتمع''.والملفت للانتباه هو إقدام السلطات الوصية بالمدينة قبل الندوة التي حضرها محاضرون من السعودية ، بإجراء بعض الترقيعات تهم الساحة المتواجدة أمام الكلية بحيث غرست بعض الشتلات وتم تبييض الأحجار المحيطة بها بقليل من " الجير " .
لقد أصبح أمر تهييء واجهة هذا الصرح العظيم أمرا لابد منه فالعمل بمنطق :"الزواق من برا " لايليق بها ،وبالتالي فلقد آن الأوان لكل الفاعلين سواء السياسيين من مجالس منتخبة أو التربويين المتجلي في إدارة الكلية و الجامعة الأم إلى التفكير مليا في إعطاء الكلية ماتستحقه من اهتمام ،حتى تكون في مقام الكليات الأخرى سواء على الصعيد الوطني أوالدولي .
سعيد مكراز ــ عن مجلة مشاهد لشهر يوليوز 2010 ــ

www.aitmelloul.com