منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   الأخبار المنوعة (https://www.profvb.com/vb/f3.html)
-   -   الرمح الإسباني والثور المخزني (https://www.profvb.com/vb/t43906.html)

أحمد أمين المغربي 2010-08-11 09:01

الرمح الإسباني والثور المخزني
 
مصطفى حيران*:
Wednesday, August 11, 2010
»اشتديأزمة تنفرجي ».. « انفرجي يا ازمة لتشتدي ».. يبدو أن هذه الثنائيةالمعكوسة، بما تُحيل عليه من غموض وارتباك، باتت تؤطر العلاقات المغربيةالإسبانية، منذ قُرابة عقد من الزمن، على عكس ما كان عليه الأمر من قبل،حين كانت الدبلوماسية المخزنية في عهد الحسن الثاني « ترتب » أوراقها حسبأولويات « مضبوطة».

سرق موضوع « الاحتجاج » المغربيعلى « سوء مُعاملة الحرس المدني الاسباني لمواطنين مغاربة، عند الحدود معمدينة مليلية، و «ترك ثمانية مُهاجرين سريين، من أفارقة جنوب الصحراء،عُرضة لمخاطر الموت في عرض البحر ».. سرق هذا المُستجد اهتمام الوسطينالسياسيين والدبلوماسيين في عاصمة البلدين، ووسائل إعلاميهما، ليصل حدالسِّجال المشوب بالحدة. وإذا كانت الدبلوماسية المغربية، قد اختارت جانب «التصعيد » من خلال بيان وزارة الخارجية المغربية، فإن حكومة الاشتراكي «خوسي لويس رودريغيز ساباطيرو » وجدت من الأفضل التزام الهدوء في التعاطيمع المُستجد، حيث جاء على لسان رئيس الحكومة الإسبانية ما مفاده أن « هذهالمشكلة العارضة لن تؤثر على العلاقات الجيدة بين المغرب وإسبانيا » معالتأكيد على « سلامة الإجراءات الأمنية المُتخذة من طرف الحرس المدنيالاسباني بمدينة مليلية ».. وهو ما بدا من قبيل استعمال لتقنية مُصارعةالثيران الإسبانية: ترك الثور ينزف من أثر الرمح، دون تهييجه، حتى تخورقواه.

يصعب أخذ مسألة « سوء مُعاملةالحرس المدني الاسباني لمواطنين مغاربة، ومُهاجرين سريين أفارقة » باعتبارها لب المشاكل السياسية والأمنية والإقتصادية.. العالقة بينالبلدين، سيما إذا استحضرنا أن العاصمة الرباط احتضنت منذ بضعة أيام،اجتماعا قطاعيا، بين وفدين من حكومة البلدين، لتدارس مسائل مُرتبطةبالهجرة السرية وإحالاتها الأمنية، وملفات اقتصادية عالقة، فلِم يا تُرىجاء « التصعيد » المغربي عقب هكذا لقاء؟ لا مجال للحصول على جواب حاسم، مادام أن حكومتي البلدين الجارين، لم تُصدرا بلاغا في الموضوع، وبالتالي ألايُمكن الاستنتاج أن الاتفاق لم يحصل، وبالتالي « التصعيد » الذي جاء فيركابه؟

حسب مُعطيات مُتوفرة، فإن الحكومةالإسبانية تهتم أكثر من أي وقت مضى، بتفعيل توصيات الإتحاد الأوروبي فيمجال الهجرة، لذا فإن الوفد الحكومي الإسباني، يحرص حينما يُجالس وفداحكوميا مغربيا، ضمن اللقاءات المُبرمجة بينهما، على طرح التوصياتالمذكورة، على الطاولة باعتبارها قرارات « مُلزمة » يجب تفعيلها من طرفالجانب المغربي، وهو ما لا يتماشى ومصالح هذا الأخير، الذي يُريد أن يكونشريكا في ما يُتخذ من قرارات تخص سيادته. ثمة أيضا من بين القضاياالعالقة، ما يرتبط بالجانب الإقتصادي، حيث يعتبر المغرب أن الأوراشالإقتصادية والإستثمارية التي فتحها في الشمال (ميناء طنجة المتوسط قربسبتة، والمركبات السياحية وغيرها) لا تتماشى والواقع الإقتصادي للمنطقة،باعتبارها حديقة خلفية إسبانية للتجارة غير المُهيكلة، وهو الواقع الذي « استثب » دهرا من الزمن طال..

بالنسبة لمُطلعين على ملف العلاقات المغربية الإسبانية، فالأزمة الجديدة،غير مفهومة، اللهم إذا استحضرنا المُستجد الموسمي، المتمثل في أعدادالمغاربة اللذين يعبرون مدينة مليلية نحو المغرب، حيث تُعتبر المسألةحيوية من الناحية الاقتصادية، وبالتالي رد الفعل المغربي، للتعبير عن ضيقمن الإجراءات الأمنية اتجاه مُهاجريه، ويَستخلص نفس المطلعين أن « الشنآنالمغربي الإسباني عابر، لأنه محكوم بظرفيته، ولن يصل إلى حد تكرار ما وقعإبان أزمة جزيرة ليلى في بداية الألفية الحالية «.

بيد أن هذا لا يحجب كون المغرب لميبعث بَعْدُ سفيرا له إلى مدريد، بعد نهاية ولاية السفير السابق « عمرعزيمان ».. حيث يبدو، برأي أحد المُراقبين، أن هناك « تريثا » من الرباطفي إرسال « محمد ولد السويلم » (قيادي البوليساريو « التائب ») نظراللحساسية التي استُقبل بها قرار تعيينه من طرف الأوساط الحكومية والمدنيةالإسبانية، وهو ما يطرح مسألة استعصاء التواصل الديبلوماسي بين بلدينجارين، يوجد على طاولة علاقاتهما الجوارية والسياسية الإقتصادية، أكثر منملف حيوي.

ما يزيد المسألة تعقيدا، أنه بالرغم من ضيق الحيز الجغرافي والزمني، وكذاالروابط التاريخية والسياسية (الوجود العربي في الأندلس، والفترةالإستعمارية بعد معاهدة الحماية مثلا) إلا أن « سوء الفهم » الثقافيوالسياسي يجعل البلدين أبعد من بعضهما البعض، حيث إن العلاقات الإسبانيةمع بلدان بعيدة عنها بمئات آلاف الأميال، مثل الأرجنتين، مثلا، أحسنوأعمق، وهو ما يُرجعه بعض المختصين في دراسة العلاقات المغربية الإسبانية،شأن محمد العربي المساري، إلى « ضعف الأثر الذي خلفه الإسبان في المغربطوال المرحلة الاستعمارية، عكس الفرنسيين »..

وعلى ذكر الفرنسيين فإن «سوء مُعاملتهم للمغاربة » يفوق بكثير ما تقترفه السلطات الإسبانية، غيرأن فرنسا تفعل ذلك وِفق « أصول » تشابك العلاقات الفرنسية المخزنية، كماأن تجذر المصالح الفرنسية لذى النخبة المخزنية الحاكمة « يذَوِّب » كلالمشاكل بما فيها « إهانة المهاجرين المغاربة «.

وبالعودة إلى المستجد الإخباريلهذه الورقة، فقد اختار رئيس الحكومة الإسبانية « خوسي لويس رودريغيزساباتيرو » ألا يُصعِّد من لهجة رد حكومته اتجاه المغرب، فعل ذلك، حسب بعضالمُستقرئين، ليقينه أن المشكلة المُثارة ليست بذات أهمية قُصوى، وبالتاليكان سيكون من قبيل الغباء صب الزيت على نارها، وتعريض مصالح إسبانية حيويةللخطر، غير أن هذا لن يمر بلا ثمن سياسي، حيث إن الحزب الشعبي اليمينيالمُعارض، لن يترك الفرصة تفوته، لتسجيل نِقط ضد خصمه الحزب الاشتراكيالحاكم، والبداية جاءت عبر تكثل نواب اليمين في حكومة مدينتي سبتة ومليليةلمساءلة « ساباتيرو » عن « سكوت حكومته عن الإستفزازات المغربية« .

ليس من شك، أن تعاطي الحكومةالإسبانية مع الأزمة/المُستجد، كان متسقا مع برنامج « التهدئة » الذياختارته، في علاقاتها مع المغرب، وهو ما تقاطع بوضوح مع سوء حال تلكالعلاقات، إبان وجود حكومة الحزب الشعبي برئاسة « خوصي ماريا أثنار » وكانمن علاماتها الحادة، العصية على النسيان، ما أصبح يُعرف في أدبياتالدبلوماسية العالمية ب « أزمة جزيرة ليلى ». هكذا إذن تكون الحكومةالإسبانية قد هدّأت من جموح الثور المخزني، دون أن تنزع عن جسده الرمحالمُدمِّي.

* عن مدونة مصطفى حيران

هيسبريس.


الساعة الآن 10:55

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd