منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   المنتدى الإسلامي (https://www.profvb.com/vb/f25.html)
-   -   قصة باطلة : طارق بن زياد وحرق السفن (https://www.profvb.com/vb/t43080.html)

خالد السوسي 2010-08-01 15:42

قصة باطلة : طارق بن زياد وحرق السفن
 

http://www.al-wed.com/pic-vb/11.gif

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا بدّ لنا من وقفةٍ أمام قضية اشتهرت وذاع صيتها كثيرًا في التاريخ الإسلامي بصفةٍ عامةٍ والتاريخ الأوروبي بصفةٍ خاصةٍ، وهي قضية حرق طارق بن زياد للسفن التي عَبَر بها إلى بلاد الأندلس قبل موقعة "وادي بَرْبَاط" مباشرة.

فما حقيقة ما يُقال من أن طارق بن زياد أحرق كل السفن التي عبر عليها؟ وذلك حتى يحمّس الجيش على القتال، وقد قال لهم: البحر من ورائكم والعدو من أمامكم فليس لكم نجاة إلا في السيوف.

في حقيقة الأمر هناك من المؤرخين من يؤكد صحة هذه الرواية، ومنهم من يؤكد بطلانها، والحق أن هذه الرواية من الروايات الباطلة التي أُدخلت إدخالاً على تاريخ المسلمين، وذلك للأسباب الآتية:

http://www.al-wed.com/pic-vb/11.gif

أولًا:

ان هذه الرواية ليس لها سند صحيح في التاريخ الإسلامي، فعلم الرجال وعلم الجرح والتعديل الذي تميّز به المسلمون عن غيرهم يحيلنا إلى أن الرواية الصحيحة لا بد أن تكون عن طريق أناس موثوق فيهم، وهذه الرواية لم ترد أبدًا في روايات المسلمين الموثوق في تأريخهم، وإنما أتت إلينا من خلال المصادر والروايات الأوروبية التي كتبت عن موقعة "وادي بَرْبَاط".
http://www.al-wed.com/pic-vb/11.gif

ثانيًا:

أنه لو حدث إحراق لهذه السفن بالفعل كان لا بدّ أن يحدث ردّ فعل من قِبَل موسى بن نصير(القائد العام للجيش) أو الوليد بن عبد الملك(خليفة المسلمين في ذلك الوقت) استفسارًا عن هذه الواقعة، كان لا بد أن يكون هناك حوار بين موسى بن نصير وطارق بن زياد حول هذه القضية، ولا بد أن يكون هناك تعليق من الوليد بن عبد الملك، وأيضًا لا بد أن يكون هناك تعليق من علماء المسلمين: هل يجوز هذا الفعل أم لا يجوز؟ وكل المصادر التاريخية التي أوردت هذه الرواية وغيرها لم تذكر على الإطلاق أي ردّ فعل من هذا القبيل؛ مما يعطي شكًّا كبيرًا في حدوث مثل هذا الإحراق.
http://www.al-wed.com/pic-vb/11.gif

ثالثًا:

ان المصادر الأوروبيّة قد أشاعت هذا الأمر؛ لأن الأوروبيين لم يستطيعوا أن يفسروا كيف انتصر اثنا عشر ألفًا من المسلمين الرجّالة على مائة ألف فارس من القوط النصارى في بلادهم وفي عقر دارهم، وفي أرض عرفوها وألِفوها؟!

ففي بحثهم عن تفسير مقنع لهذا الانتصار الغريب قالوا:
إن طارق بن زياد قام بإحراق السفن لكي يضع المسلمين أمام أحد أمرين: الغرق في البحر من ورائهم، أو الهلاك المحدق من قبل النصارى من أمامهم، وكلا الأمرين موت محقق؛ ومن ثَمّ فالحل الوحيد لهذه المعادلة الصعبة هو الاستماتة في القتال للهروب من الموت المحيط بهم من كل جانب، فكانت النتيجة الطبيعية الانتصار، أما إذا كانت الظروف طبيعية لكانوا قد ركبوا سفنهم وانسحبوا عائدين إلى بلادهم.
وهكذا فسّر الأوروبيون النصارى السرّ الأعظم - في زعمهم - في انتصار المسلمين في "وادي بَرْبَاط"، وهم معذورون في ذلك؛ فهم لم يفقهوا القاعدة الإسلامية المشهورة والمسجلة في كتابه سبحانه وتعالى والتي تقول:
[كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ] {البقرة:249}.

فالناظر في صفحات التاريخ الإسلامي يجد أن الأصل هو أن ينتصر المسلمون وهم قلّة على أعدائهم الكثيرين، بل ومن العجيب أنه إذا زاد المسلمون على أعدائهم في العدد فتكون النتيجة هي الهزيمة للمسلمين، وهذا هو ما حدث يوم حنين [وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ] {التوبة:25}.
ومن هنا فقد حاول الأوروبيون على جهلٍ منهم وسوء طوية أن يضعوا هذا التفسير وتلك الحجة الواهية حتى يثبتوا أن النصارى لم يُهزموا في ظروفٍ متكافئةٍ، وأن المسلمين لم ينتصروا إلا لظروف خاصة جدًا.
http://www.al-wed.com/pic-vb/11.gif

رابعًا:

متى كان المسلمون يحتاجون إلى مثل هذا الحماس التي تُحرّق فيه سفنُهم؟! وماذا كانوا يفعلون في مثل هذه المواقف- وهي كثيرة - والتي لم يكن هناك سفن ولا بحر أصلًا؟! فالمسلمون إنما جاءوا إلى هذه البلاد راغبين في الجهاد طالبين الموت في سبيل الله؛ ومن ثَمّ فلا حاجة لهم بقائد يحمّسُهم بحرق سفنهم وإن كان هذا يعدّ جائزًا في حق غيرهم.
http://www.al-wed.com/pic-vb/11.gif

خامسًا:

ليس من المعقول أن قائدًا محنّكًا مثل طارق بن زياد رحمه الله يقدم على إحراق سفنه وقطع خط الرجعة على جيشه، فماذا لو انهزم المسلمون في هذه المعركة وهو أمر وارد وطبيعي جدًا؟ ألم يكن من الممكن أن تحدث الكرّة على المسلمين خاصة وهم يعلمون قول الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ] {الأنفال:15،16}
فهناك إذن احتمال أن ينسحب المسلمون من ميدان المعركة؛ وذلك إما متحرّفين لقتال جديد، وإمّا تحيزًا إلى فئة المسلمين، وقد كانت فئة المسلمين في المغرب في الشمال الأفريقي، فكيف إذن يقطع طارق بن زياد على نفسه التحرّف والاستعداد إلى قتال جديد، أو يقطع على نفسه طريق الانحياز إلى فئة المسلمين؟!
ومن هنا فإن مسألة حرق السفن هذه تعد تجاوزًا شرعيًا كبيرًا لا يقدم عليه من هو في ورع وعلم طارق بن زياد رحمه الله، وما كان علماء المسلمين وحكّامهم ليقفوا مكتوفي الأيدي حيال هذا الفعل إن كان قد حدث.
http://www.al-wed.com/pic-vb/11.gif

سادسا:

وهو الأخير في الردّ على هذه الرواية أن طارق بن زياد كان لا يملك كل السفن التي كانت تحت يديه؛ فبعضها كان قد أعطاها له "يُليان" صاحب "سَبْتَة"(ميناء بالمغرب مطل علي مضيق جبل طارق وهو الان تحت الاحتلال الاسباني ويعد جزءا من الاتحاد الاوروبي وحسبي الله ونعم الوكيل) بأجرةٍ ليعبر عليها ثم يعيدها إليه بعد ذلك فيعبر بها هو "يُليان" إلى إسبانيا كما وضحنا سابقًا، ومن ثَمّ فلم يكن من حق طارق بن زياد إحراق هذه السفن.

لكل هذه الأمور نقول: إن قصة حرق السفن هذه قصة مخْتَلَقة، وما أُشيعت إلا لتُهَوّن من فتح الأندلس وانتصار المسلمين.



وعلاقة بهذه الحادثة اشير ايضا الى بطلان تلك الخطبة المزعومة وعدم نسبتها الى طارق بن زياد رحمه
الخطبة التي جاء فيها :



"أيها الناس، أين المَفَرُّ؟ البحرُ من ورائكم، والعدوُّ أمامَكم وليس لكم واللَّهِ إلا الصدقُ والصَبْرُ. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أَضْيَعُ من الأيتام في مَأْدُبَةِ اللِّئام، وقد اسْتَقْبَلَكم عدوّكم بِجَيْشِهِ وأَسْلِحَتِهِ، وأَقْواتُه موفورةٌ ، وأنتم لا وَزَرَ لكم إلا سيوفُكم ولا أقواتَ إلا ما تَسْتَخْلِصُونَه من أيدِي عدوِّكم، وإِن امْتَدِّتْ بكم الأيامُ على افتقارِكم ولم تُنْجِزوا لكم أمراً ذهبتْ رِيحُكم، وتَعَوّضَتِ القلوبُ من رُعْبِها منكم الجَرَاءَةَ عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خُذْلانَ هذه العاقبة من أمركم بِمُنَاجَزَةِ هذا الطاغية ... الخ".




فطارق بن زياد كان بربريا مولى لموسى بن نصير ومن شأنه أن يكون حديث عهد بالعربية ومن المعقول ألا يستطيع الخطابة أو الشعر بلغة هو حديث العهد بها.
إن عام 89هـ هو بداية ارتباط طارقبن زياد بموسى بن نصير وربما بالإسلام والعربية أيضا
فإذا كان فتح الأندلس سنة 92هـ فإن عمر طارق فى الإسلام واتصاله بالعربية يكون فترة وجيزة يستبعد معها أن يجيد طارق لغة العرب إجادة تسمح له بنظم الشعر أو الخطابة بمثل هذه الطريقة
كما أن الأسلوب الذى جاءت عليه خطبة طارق لم يكن معروفا فى النثر العربى خلال الفترة التى يشاع إنتسابها لها .


والله أعلم




aboukhaoula 2010-08-01 15:56

رد: قصة باطلة : طارق بن زياد وحرق السفن
 
حقائق تاريخية تستند إلى وقائع و معلومات دامغة
جزاك الله خيرا أخي خالد و أحسن إليك


الساعة الآن 23:37

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd