منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   التربية الإسلامية (https://www.profvb.com/vb/f227.html)
-   -   فضلاً من الله ونعمة (https://www.profvb.com/vb/t42157.html)

أبو الحزم 2010-07-22 19:44

فضلاً من الله ونعمة
 
فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً
يقول الله تعالى في محكم تنـزيله ( فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (الحجرات:8)
إن حب المؤمن للإيمان فضل كبير من الله عليه ، ونعمة عظمى من الخالق جَلَّ شأنه عليه ؛ وعلى المؤمن أن يفرح بهذا الفضل و هذه النعمة أيما فرح فالحق تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز : (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس:58)
والمراد بفضل الله هنا (الإيمان ) والمعنى : بفضل الله عليكم يا مؤمنون أن تفضَّل الله تعالى عليكم بنعمة الإيمان ؛ وبرحمته بكم وهي أن بعث فيكم سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم هادياً ومبشراً ونذيراً ؛ وقد وصفه الحق عزَّ وجل بقوله : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107) ونعته جَلَّ شأنه بقوله :(بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة: من الآية 128) وهو الرحمة المهداة للعالم أجمع فبذلك فليفرح المؤمنون0
وكلمة الرؤوف تأتي بمعنى الرحيم ولكن بشكل أخص فليس كل رحيم يكون رؤوفاً ، وليست كل رحمة تكون رأفة ؛ ولكن كل رأفة هي رحمة وكل رؤوف هو رحيم0
و قد ذكر المولى جلّ شأنه صفتي (رؤوف رحيم) مجتمعة الرأفة ثم الرحمة في تسعة مواضع من كتابه الكريم:
1. قال الله تعالى : ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) (سورة البقرة)
2. وقال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) (سورة التوبة)
3. وقال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) (سورة التوبة)
4. : وقال الله تعالى﴿ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) (سورة النحل)
5. وقال الله تعالى: ﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (47) (سورة النحل)
6. وقال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65) (سورة الحج)
7. قال الله تعالى﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20) (سورة النور)
8. قال الله تعالى﴿ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) (سورة الحديد)
9. و قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) (سورة الحشر)
فقد ذكر الله تعالى حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم واصفاً إياه بصفتين من صفاته تبارك وتعالى فقال : في الآية الثامنة والعشرين بعد المائة من سورة التوبة فقال الرؤوف الرحيم :(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)0
والفرق بين الرحمة والرأفة : أن الرحمة كلمة عامة شاملة وهي كل رحمة آجلة أو عاجلة في أول الأمر أو في آخره في ظاهر الحال أو في باطنه ؛ والعبرة فيها بالنهاية حيث تكون حسنة كلها 0
بينما الرأفة هي أخص من الرحمة وتكون خيراً في جميع أحوالها في أول أمرها وآخره وفي ظاهرة وباطنه ، والعبرة فيها بالبداية والنهاية يجب أن تكون كلها حسنة0
ولبيان الفرق من خلال الآيتين الكريمتين:
يقول الله تعالى : ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾(2سورة النور)
لقد قال سبحانه: (وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ) ولم يقل : ولا تأخذكم بهما رحمة
لأن الرحمة حاصلة فعلاً لأن الجلد تطهير للزاني والزانية وقد ينتهي بهما الجلد في نهاية الأمر إلى جنات النعيم فرغم أنه في ظاهره عذاب فإنه في باطنه رحمة0
و لكن نهى الله تعالى عن الرأفة فإن الرأفة خير في أولها وأخرها ولو حصلت الرأفة لا يمكن تنفيذ حَدِّ الجلد0
وقد أورد الإمام مسلم في صحيحه عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني قد ظلمت نفسي وزنيت وإني أريد أن تطهرني فردَّه فلما كان من الغد أتاه فقال: يا رسول الله إني قد زنيت فردَّه الثانية فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه ؛ فقال أتعلمون بعقله بأساً تنكرون منه شيئاً ـ أي عته أوجنون أو ما شابه ـ فقالوا : ما نعلمه إلا وفي العقل من صالحينا فيما نرى ؛ فأتاه الثالثة فأرسل إليهم أيضا فسأل عنه فأخبروه أنه لا بأس به ولا بعقله فلما كانت الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم0
قال : فجاءت الغامدية فقالت: يا رسول الله إني قد زنيت فطهرني وإنه ردَّها فلما كان الغد قالت : يا رسول الله لِمَ تردني لعلك أن تردَّني كما رددت ماعزاً فوالله إني لحبلى 0
قال: إما الآن فاذهبي حتى تلدي
فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة قالت: هذا قد ولدته
قال : اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه
فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز فقالت :هذا ابني يا نبي الله قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها فأقبل خالد بن الوليد رضي الله عنه بحجر فرمى رأسها فتنضح الدم على وجه خالد فسبَّها فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبه إياها فقال: مهلاً يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت0
و المكس لغة -كما قال أبو عبدالرحمن شرف الحق محمد أشرف بن أمير بن حيدر الصديقي العظيم آبادي صاحب عون المعبود على سنن أبي داود: هو النقص والظلم، واصطلاحاً: هو الضريبة التي يأخذها الماكس وهو : العشَّار -ثم قال- وفي شرح السنة: صاحبالمكس هو الذي يأخذ من التجار إذا مَرُُّوا به مكساً باسم العشر0
وقال الإمام النووي : المكس هو الجباية0
وأما الساعي الذييأخذ الصدقة، فهو محتسب ما لم يتجاوز حدوده ويتعدى،فيأثم بالتعدي والظلم0
والمكس من أقبح المعاصي والموبقات والذنوب0
وبريدة الأسلمي هو بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث ابن الأعرج بن سعدالأسلمي. اسمه عامر، وبريدة لقب له؛ صحابي جليل، أخباره كثيرة، ومناقبه مشهورة؛وكان إسلامه حين اجتاز به رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو مهاجر إلى المدينة عند كراع الغَميم ـ وهو واد أمام عسفان بثمانية أميال , يضاف إليه هذا الكراع؛وهو جبل أسود متصل به , و ( الكراع ) كل أنف سال من جبل أو حرةيبعد عن مكة ستين كيلو متراً تقريباً ـ وهو فلما كان هناك تلقاه بريدة في أكثر من سبعين منأهله فأسلموا جميعاً ؛ وكانت وفاته سنة (62) هجرية0
كما أورد الإمام أحمد في مسنده عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن امرأة من جهينة اعترفت عند النبي صلى الله عليه وسلم بزنا وقالت: أنا حبلى فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وليها فقال: أحسن إليها ، فإذا وضعت فأخبرني ففعل فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها ثم أمر برجمها فرجمت ثم صلى عليها فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله رجمتها ثم تصلى عليها فقال لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت شيئاً أفضل من أن جادت بنفسها لله تبارك وتعالى0
فقد شرع الله تعالى الحدود لتنقية أصحابها من الآثام ؛
والآية الثانية قول الله تعالى :﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴾(48سورة الفرقان)
فالرحمة تكون للمؤمن والكافر والبر والفاجر ومن رحمة الله إرسال الرياح والأمطار وهي رحمة يشترك فيها الإنسان مؤمناً وكافراً والحيوان والأشجار وكثير من مخلوقات الله تعالى
بينما الرأفة تكون فقط للمؤمنين0


بقلم الكاتب السوري

فؤاد الدقس

المصدر : جريدة عقيدتي






الساعة الآن 15:48

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd