منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول ابن القيم رحمه الله (كم ممن أشقى ولده، وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه وأنه يرحمه وقد ظلمه ففاته انتفاعه بوالده وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة)
قرأتها اليوم وتوقفت عندها كثيراً ، فأنا أتوقع أننا جميعاً نسعى لإسعاد أبنائنا والترديد دوماً أنهم أغلى مالدينا في هذه الحياة..ولكن السؤال هل نحن نكرمهم حق الإكرام أم نكرمهم لنضيعهم؟
أكثر ما يؤلمني ويدفعني للبكاء رؤية طفل مكسور الخاطر..لا يغرنا صغر سنهم..ففي عينيهم الكثير والكثير..ونظرة الحزن والقهر من طفل صغير كافية لتوقظ قلوبنا من غفلتها ومن اعتقادنا بأننا نحسن تربيتهم
نتوقع كثيراً بأن الأطفال مهما تلقوا من أذى جسدي ولفظي فإن مصيرهم أن ينسوا كل ما تعرضوا له من معاملة قاسية تصل إلى حد الإذلال..وأننا نحسن تربيتهم ونشد عليهم لمصلحتهم
بينما نجد أن أكثر أسباب تعرض الأطفال للضرب هو عدم حسن تصرفهم من ناحية الأكل أو اتساخ الملابس أو ضرب غيره من الأطفال
في تربيتنا لأطفالنا نحن دوماً نمش في طريق له اتجاه واحد..ولا نسمح بأن نكون في طريق له اتجاهين..فالنقاش في النهاية هو أخذ وعطاء حتى ولو أمام طفل لم يبلغ العامين
حسن الإستماع والإنصات هما أول خطوة في عالم التربية..وترك المجال للطفل أن يعبر عن شعوره ولو بكلمات غير مفهومة ثم الترديد على مسمعه بكلمات عديدة..حتى يهز رأسه أنه يقصد هذا الشيء..
مالضرر من أن نخصص دقيقة أو اثنتين كي نسألهم هل تريد كذا؟ربما تقصد كذا؟بالتدريج حتى نصل إلى مرحلة يفهم كل طرف الآخر ردون أن نلجأ إلى العصبية والنرفزة كأول ردة فعل عندما يرفض الطفل مثلا أن يتناول طعامه أو يستحم..ومن ثم نردد على مسامعهم أنه ليس لدينا الوقت الكافي لنضيعه ونسحبهم بقوة أو نجبرهم على الأكل على أصوات صراخ الطفل وعبوس ملامحنا
أحيناً كثيرة أجبر نفسي على الصبر وإعطاء الطفل فرصة لأجد في النهاية أنهم ينفذون كل ما تريده منكم ولكن فقط لو أعطيتهم ثواني بسيطة واستمعتع لهم..
صحيح أنهم يرفضون في البداية ونعتقد نحن أنهم عنيدين..ونبدأ بالصراخ والتهديد بحرمانهم من كل شيء..لنجد في النهاية أن كل ما أراد إيصاله هو أنه يريد أن يمسك بالفرشاة لوحده أو أنه يريد إخباري أنه يريد معجون الأسنان الأحمر وليس الأخضر..حتى أصل إلى مرحلة أنني أخجل من نفسي وألومها لقلة الصبر مع من..مع أغلى ما لدي
مثلا عندما أقرأ كتابا ما أو قصة ما..يقاطعني ابني وأظن لوهلة أنه يريد تنغيص فترة استراحتي وأنني فقط الآن هيئت لنفسي جوا هادئا وأريد أن أقرأ بتركيز حتى يأتي طفلي ويخرب هذه الأجواء..ولكن بعد أن أوبخه..ويبدأ بالبكاء ألوم نفسي سريعا وأعتذر له وأسأله ماذا كنت تريد؟فيشير إلى الغلاف ويخبرني أن هذا الشيء يشبه لعبة عنده أو يشبه شخصية كارتونية..ومن ثم يبتسم ويعود لألعابه مجدداً..فأغوص في عالم تقريع النفس وكرهي الشديد لعدم إعطاؤه فرصة من البداية حتى يقول ما يريده ومن ثم يمضي وكلانا سعيدين بدون توتر وبكاء وعصبية..
الحياة تعلمني ولكن أقسى الدروس ما تأتي دوماً متأخرة!!عندها ستكون مصائبا نتجرعها
بدأت أذكر نفسي وأردد على مسامعي أنني يجب أن أصبر ويجب أن أعطيهم فرصة ليتحدثوا وأنني سأعتبرها أصدقائي قبل أن يكونوا أبنائي من الآن وحتى وهم مجرد أطفال لم يتجاوز أحدهم العامين والآخر الأربعة أعوام

عن بريدي الالكتروني