منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   البحار والمحيطات (https://www.profvb.com/vb/f274.html)
-   -   شواطئ البحر المتوسط (https://www.profvb.com/vb/t36814.html)

najlaa najlaa 2010-06-27 21:00

شواطئ البحر المتوسط
 

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كانت شواطئ البحر المتوسط تجتذب إليها حوالي مائة مليون من السائحين والمصطافين من كل أنحاءالعالم، ففقد شهرته، وهجره السائحون لتلوث مياهه ورماله ببقع الزيت الخام وكرات القطران، بالإضافة إلى الفزع من قناديل البحر. لقد كان على البحر المتوسط أن يتحمل حركة نقل النفط والغاز من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى أوربا وأمريكا الشمالية. وثمة إحصائية تشير إلى أن متوسط حمولة هذه الناقلات 600 مليون طن، سنوياً، من النفط ومنتجاته، أما المخلفات الزيتية للسفن وناقلات البترول، بالإضافة إلى حوادث التسرب النفطي المحدودة، فإنها تلوث مياه المتوسط بحوالي 650 ألف طن من الزيت، سنوياً.

وللحقيقة فإن التلوث ليس جديداً على البحر المتوسط، فقد تعرض له على مدى أربعة آلاف سنة من التاريخ المسجل، إذ اعتمدت مختلف الحضارات، التي ازدهرت على شطآنه، على البحر في كل مظاهر وأنشطة الحياة، ومن بينها التخلص من فضلات المدن. ولكن البحر قديما، كان (فتياً)، وقادراً على (هضم) تلك الملوثات المحدودة، أما الآن، فإنه أصبح أقل قدرة على تحمل التلوث، لعدة أسباب:

الأول: تزايد عدد السكان المتوسطيين (العدد المتوقع في عام 2025 هو 600 مليون نسمة).

الثاني: أن مخلفات سكان سواحل المتوسط أصبحت تحتوي على مواد (جديدة)، مثل البلاستيك، ونفايات سامة (المبيدات)، بالإضافة إلى النفط.

الثالث: التصاعد المستمر في استغلال واستنزاف الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة، وذلك يؤثر في اتجاهين: إجهاد الموارد الطبيعية، حتى أن بعضها قارب النفاد، بالإضافة إلى إنتاج كميات إضافية من الملوثات الصلبة والسائلة والغازية، تزيد من أعباء جهود صون البيئة.

الرابع: أن مساحة البحر المتوسط ثابتة منذ وجد، ولا تزيد على مليونين و965 ألف كيلومتر مربع، بمتوسط عمق 1500 متر.

ولا يتصل المتوسط بغيره من البحار والمحيطات إلا بفتحات صغيرة أو ممرات، مثل مضيق جبل طارق إلى الأطلنطي، ومضيق الدردنيل إلى البحر الأسود، أما صلته بالبحر الأحمر، عن طريق قناة السويس، فلا تكاد تذكر بالنسبة لتبادل كتل المياه.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن معدل البخر فوق مياه المتوسط يساوي ثلاثة أمثال كل ما يكسبه من مياه الأمطار ومصبات الأنهار ولولا صلته المحدودة بالمحيط الأطلنطي، لصار بحيرة شبه مغلقة.

وعلى أي حال، فإن عملية تجديد مياهه عبر مضيق جبل طارق تستغرق 80 عاما تقريبا، فهي عملية لا قيمة لها ـ تقريباً ـ في تجديد شباب البحر بالسرعة المطلوبة لإزالة أعراض المرض عنه.

ويصف بعض علماء البيئة الأنظمة البيئية المتوسطية بأنها ذات طبيعة هشة، فهي جافة معظم أيام السنة، فإذا سقطت الأمطار شتاء، عرَّت تربتها المكونة في معظمها من الصخور الجيرية. وليت الخطورة تقف عند حد تأثير التحات.. لقد تدخل الإنسان المتوسطي في شئون البيئة، وأحدث بها العديد من التغيرات، عبر آلاف السنين، حتى أنه يمكن القول إن ذلك الإنسان هو صانع بيئته، بكل ما أوجده فيها من حضارات استقرت على حساب ملامح وموارد تلك البيئة.

وفي العصر الحديث، شهدت سواحل البحر المتوسط، خلال نصف قرن مضى، تزايداً في عدد السكان، وفي التنمية. لقد اجتذبت السواحل المتوسطية الشمالية المشمسة سكان الشمال الأوربي، فزحف إليها رجال الأعمال والصناعة، جالبين معهم أنشطتهم المختلفة، وتكنولوجياتهـم المتنامية، ليكونوا أقرب إلى الأسواق وإلى الأيدي العاملة الرخيصة. أما السواحل الجنوبية والشرقية، فهي لدول نامية، حصلت على استقلالها بعد الحرب العظمى الثانية،واندفعت في تنفيذ برامج طموحة للتصنيع والتنمية، وهكذا تبدلت الملامح الحضارية لحوض البحر المتوسط، وأصبح أشبه ما يكون بمجمع صناعي ضخم (الخريطة رقم 2)، واحتدم التنافس بين الزراعة والصناعة والسياحة والنقل والتعمير، من أجل الأرض الساحلية المحدودة، ومصادر المياه، على فقرها. وهكذا ابتلي البحر المتوسط بتدهور أحوال موارده الطبيعية، وبانتشار التلوث.

وقبل ثلاثة عقود من الزمن، كان ثمة من يصفون البحر المتوسط بأنه بحر فقد ـ عملياً ـ صفة الحياة. والحقيقة أنهم لم يكونوا يعنون ذلك بالضبط، بل كانوا يبالغون في وصف حالته المتدهورة، حيث تضخمت حدة مشاكل تلوث مياهه.

وعلى أي حال، فقد فعل أولئك المتشائمون خيراً، فقد حفزوا البلاد المشتركة في الإطلال على البحر المتوسط إلى الانتباه للمشكلة، وإلى التعاون من أجل صحة البحر، وتجلى ذلك في عدة اتفاقيات وبرامج، تشتمل على رؤية واسعة لمشاكل البيئة، ولا تقتصر فعالياتها على المياه والسواحل المتوسطية فقط، بل تتعداها لتتناول كل ما يجري من أنشطة بشرية على أراضي الدول المتشاطئة، فقد أثبتت التجارب السابقة صعوبة الفصل بين صحة المياه والسواحل، وطبيعة ما يحدث على اليابسة.



الساعة الآن 00:58

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd