منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

التقاعد

مصطفى الغزال

صحافة اليوم : 19 - 06 - 2010
كم هو فظيع جدا أن ترى رجالا مغاربة في سن السبعين والثمانين يقضون آخر عمرهم في لعبة الورق و "الضاما" والثرثرة في الأماكن العامة. قد يقول قارئ ما بيد هؤلاء العجزة ما يفعلوه في آخر العمر. ممارستهم اليومية التي نراها جميعا في الساحات العامة، ونتصور أنفسنا أننا سنصبح مستقبلا في نفس أمكنتهم ولعبتهم البسيطة، أنا أتقزز من ذلك وأفضل الموت من تفاهة حياة آخر العمر حيث نصبح علة على الآخرين.
طبعا لو كان للمواطن المغربي مكانة وشخصية وحقوق مضمونة يتمتع بها مدى الحياة لما انتهى العمر بمغربي مهملا ومريضا وجائعا.
نفس الوضع أو أكثر تعاني منه المتقاعدات. للتذكير فقط أن صناديق التقاعد في المغرب تعاني عجزا إلى حد الإفلاس بسبب ما لحقتها من اختلاسات وتحويل المال العام من طرف مسؤولين لا يحاسبون ولا يخضعون لقانون "لا للإفلات من العقاب" أما العامل والموظف الذي يعمل في مختلف المهمات الصعبة والملوثة بأجر هزيل جدا لا ترقى لسد الرمق، فبالأحرى توفير غذاء كافي ومسكن لائق ولباس وتطبيب وغيرها من الضروريات للحياة وليس للرفاه والمتعة. وبعد معاناة في العمل ومع إكراهات الحياة اليومية، يأتي سن التقاعد ليتم التقليص من الأجرة التي كانت هزيلة جدا. في الوقت الذي يجب تكريم كل عامل وموظف ساهم في التنمية. بمعاش جيد وحقوق اجتماعية إضافية سيستفيد منها المتقاعد آخر العمر كالتطبيب المجاني وتنظيم رحلات سياحية خاصة بهم، وتوفير فضاءات لهم خاصة للراحة والإبداع والترفيه. لكن في المغرب يعاني الفقراء أثناء العمل وفي سن التقاعد. هذا حيف طبقي لا يطاق أبدا ويجب تجاوزه بسياسة اجتماعية تعتمد الديمقراطية والعدالة والمساواة. فبدل الاهتمام بأوضاع العمال والموظفين البسطاء تلجأ الحكومة إلى سن سياسة غير عادلة في تحديد الأجور. فخيرات المغرب وتطوره وحضارته وأمنه والحفاظ عليه والدفاع عنه لا تقوم فئة معينة دون أخرى، أو مصالح وزارية معينة دون أخرى حتى يتمتع بعض الموظفين بزيادات مهمة في أجورهم. إذ أصبح الحد الأدنى للأجور أربعة آلاف درهم لأبسط موظف.
أما ما يستفيد منه مدراء بعض القطاعات من زيادات، تجعل المواطن المغربي يحس بأن سياسة الأجور في المغرب تشوبها عنصرية طبقية واضحة.
وهذا يترتب عنه عند سن التقاعد فوارق وظروف صعبة للمتقاعدين، هل يمكن لمتقاعد أن يعيش آخر العمر المعروف بشيخوخته وأمراضه بمعاش أقل من ألف درهم وأقل من 500 درهم.
فالكثير من المتقاعدين رجالا ونساء إن طال بهم العمر، وبعد أربعة عقود من العمل المضني، يلجؤون آخر العمر إلى التسول.