الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات الــــتــــربـــــويــــة الــــعــــــامــــة > منتدى القضايا التربوية


منتدى القضايا التربوية خاص بمناقشة قضايانا التربوية الكبرى ، بالنقاش الجاد والهادف والمسؤول ...

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2010-06-15, 00:10 رقم المشاركة : 1
الشماخ
أستـــــاذ(ة) ذهبــــي
 
الصورة الرمزية الشماخ

 

إحصائية العضو








الشماخ غير متواجد حالياً


b3 بحث هام في ٍالعوامل المفسرة للامساواة في التحصيل الدراسي



العوامل المفسرة لللامساواة في التحصيل الدراسي
د . شهاب اليحياوي





إنطلقنا في بحثنا من الإشكالية النظرية التالية : كيف يمكن تفسير إفراز النظام التربوي القائم على نظرية الواحد للمتعدّد ، تجسيدا لدمقرطة التعليم في مواجهة الإتّجاهات القائلة بتأسّس النظام التعليمي نفسه على اللامساواة المستنسخة للتمايز الإجتماعي القائم . كيف تتباين مستويات التحصيل الدراسي للفعل التعليمي المنبثق عن تمشّي توحيدي يدّعي عدم تماهيه مع علاقات السلطة والسيطرة الإجتماعية التي يقيمها التقسيم الإجتماعي للعمل . هل تلعب فروقات الذكاء التي تباين الإستعدادات للتكيّف مع مقتضيات القدرة على الإستجابة لشروط النجاح ضمن نظام تربوي ما يقوم على رؤية معينة للمتعلّم ولوظيفية المدرسة بالنظر للسيرورة التطوّر الإجتماعي ، الدور الحاسم المسند لها ضمن المقاربة التحليلية لعلم النفس التربوي . أم أنّ اللامساواة في التحصيل الدراسي هو نتاج عوامل سوسيو ـ إ قتصادية ـ إجتماعية ، أي كتمظهر حتمي لتأثيرات المكانة اٌلإجتماعية للجماعة المرجع أو كإنعكاس فوقي للتمايز المادي ضمن البنية الإجتماعية .

تفضي كل صيغة إشكالية من الصيغ التي طرحناها الى توجّه علمي يحيل الى تموقعه البراديغمي المغاير. وهو ما يدعونا الى طرح الإطار النظري للبحث وموقع البراديغمي. تتموقع أي مقاربة للعلاقة التربوية وللظواهر التربوية التي تفرزها المدرسة كاللامساواة في التحصيل الدراسي للمتعلّمين بين قطبي المغالات الفردوية والإجتماعوية . وهي تمشّيات تقصي الفعل التأثيري أو حتّى العاملي لعدّة متغيّرات مستقلّة وتصنّف ذاتها في خانة البحوث التجزيئية القائمة على التحليل أحادي البعد . وخارج أي إنضمام قصدي للجدل القديم بين الأنظمة العلمية حول الظاهرة الإجتماعية ، ننفي عن البحث ، رغم توجّهه الميكروـ سوسيولوجي ، الإنتصار الإيديولوجي للتيّار التحديدي أحادي البعد سواء ضمن علم النفس أو علم النفس الإجتماعي أو علم الإجتماع ، أي العلوم المرجعية للعلوم البيداغوجية . لكن لا نقوى على فضح الحياد الواضح للمقاربة متعدّدة الأبعاد للظوهر الإجتماعية أو للظواهر التربوية التي تفرزها المؤسسة التربوية موضوع البحث .
ذلك أنّنا ندعو عوامل هي موضوعات متقاطعة بين أنظمة فكرية مختلفة وبالتالي علوم مرجعية متعدّدة ، لإخضاعها الى الإختبار لتبيّن مدى تداخل وتقاطع العوامل المفسّرة والمحدّدة للحاصل الدراسي كظاهرة تطرح نفسها على التحليل النفسي مثلما علم النفس الإجتماعي أو السوسيولوجيا . من هنا تتعدّد المنطلقات النظرية الخلفية للفرضيات التي طرحناها . وهو ما يعني بالتأكيد تبرّأ التموقع البراديغمي للبحث من المنطق التحديدي الأحادي في مقابل الأخذ بالتقاطع المتأكّد بين العلوم في تعقّل الظواهر التربوية والإشكاليات البيداغوجية التي تطرح على النظام التربوي وتفرزها نتلئج الفعل التعليمي .

طرحنا هذه القناعة البراديغمية ضمن البحث في شكل فرضي بفعل إتّجاه هدف البحث الميداني الى إستجلاء العوامل التي تتدخّل في إفراز التباين في النتائج الدراسية للمتعلّمين أو بعبارة أخرى مدى وحجم وموضع التأثير الذي يمارسه كلّ عامل من العوامل سواء النفسية أو الإجتماعية أو الفردية المرتبطة بالمتعلّم في ذاته أو المعلّم أو الجماعية المتّصلة بعاملية التفاعل داخل المدرسة بين شركاء الوضعية التربوية في إنقطاع عن المرجعية المجتمعية أو في ترابط معها ، على الفشل أو النجاح الدراسي للمتعلّمين .

إعتمدنا في إختبار فرضيات البحث التي طرحناها تباعا في كلّ مبحث من المباحث المتّصلة بإشكالية البحث وفرضياته، على تقنية الإستبيان الذي راحنا ضمنه بين الأسئلة المفتوحة والمغلقة . إستفدنا في صياغة وتوزيع الأسئلة بين المغلقة والمفتوحة من بحث أوّلي تعمّدنا فيه أن تكون الأسئلة مفتوحة للحصول على زخم من الأجوبة شكّلت أساسا لصياغة الإجابات الممكنة والكافية المقترحة على المستجوبين .

بلغ حجم العيّنة المستجوبة 400 تلميذ . وهو حجم فرضته المتغيّرات الرئيسية للبحث . حيث حرصنا أن تتضمن العيّنة الجملية عيّنات فرعية متساوية العدد. تتكوّن أو تمثّل كلّ عيّنة فرعية متغيّرا معيّنا . ففي متغيّر الجنس حرصنا على أن تحتوي العيّنة على عدد متساوي من التلاميذ الذكور والإناث ونفس الشيء بالنسبة لجنس الولي وحتى بين فعل مساعدة الأم أو الأب لأبنائهم في جهدهم التعليمي . لم يكن من الممكن أن تتشكّل العيّنة بهذا الرسم التوزيعي لو لم نعتمد البحث الأوّلي الذي شمل أكثر من 600 تلميذ من مستويات تعليمية مختلفة . على أنّ إختيار وحدات العيّنة العنقودية حصل بطريقة الحصص ، مع الإنتقاء العشوائي لوحدات كلّ حصّة ممثّلة لمتغيّر من متغيّرات البحث .


1ـ الوضعية الإجتماعية ـ الإقتصادية للعائلة والتحصيل الدراسي
هل للمستوى اإقتصادي ـ الإجتماعي للعائلة تأثير في النتائج الدراسية والطموح الدراسي لأبنائها ؟ لم يعد يشكّل هذا السؤال طرحا إشكاليا يستدعي فرضيات معطاة للإختبار ، بل أضحى معطا تحليليا يقتضيه أيّ تناول مبحثي سوسيوـ تربوي لواقع دراسي ما . غير أنّ آلية الربط بين التحصيل الدراسي في بعديه : النجاح والفشل لنظر الى تصنيفات مادية للأسرة مثلما آلية الربط التبديهي بين الغنى والنجاح والفشل والإحتياج أو عدم الكفاية المادية وبالتالي الدونية الإجتماعية ، هي إضعاف للدقّة والحذر العلمي للبحث .

أردنا إختبار لا وجود الصلة ، بل تبيّن مدى ومستويات تأثيرها في حضور عوامل أخرى تلعب دور حقول إعادة تدقيق فهم الصلة وأبعادها . وهو ما يميّز مثل هذه البحوث . فأن نستند الى التسليم بعاملية مؤثّر ما ضمن أي مقاربة للنجاح والفشل المدرسي ، يصنّف البحث في خانة الدراسات التبريرية لا السوسيولوجية.

يموضع ريمون بودون تأثيرية الوضعية الإقتصادية ـ الإجتماعية للعائلة في التحصيل الدراسي ضمن سياق أشمل يتطلّع لإيجاد تفسيرات للامساواة في النتائج الدراسية . فإذا كان الإخفاق المدرسي الذي ليس هو نتاج إخفاق مؤسّسي ( سوء سير المؤسّسة ) بل على العكس ضروري لسير عملها العادي لدى بودلو BAUDELOT وإيستابليه R ،ESTABLET (1) ، هو تمظهر لآليات الإ قصاء والإ نتقاء التي تمارسها المدرسة في سياق إستنساخها للنظام التربوي القائم في منظور بورديو وباسرون (2). فهي لا تنتج أو هي لا تعبّر عن تحيّز المدرسة لدى سبندرز G/SNYDERS . فالمصاعب التي تعاني منها الطبقات المحرومة هي تمظهر للمصاعب التي تواجهها ضمن النظام الإجتماعي لديه .(3)

إنّ ما يدعو الى الإستناد الى تمشّي ريمون بودون وإستدعائه ضمن هذا المبحث بالذّات ، هو أنّه يضعنا خارج الجدل الماكروـ سوسيولوجي حول صلة المدرسة بالمجتمع . ذلك أنّ مقاربة عاملية التباين الإقتصادي ـ الإجتماعي للأسرة في التباينات الدراسية لأبنائهم ، متغيّرا رئيسيا ، غير أنّه لا ينبغي لدينا أن يقارب أحاديا أي بمعزل عن علاقته بمتغيّرات عديدة . ذلك لأ نّنا إنتهينا في بحثنا الى تغاير مستوى تأ ثيرية هذا العامل في حضور متغيرات الجنس والمستوى الثقافي للأب أو الأم ودرجة التماسك الأسري على النتائج الدراسية للأبناء.

يلتقي ميرتون مع بودون في إرجاع تباين مستوى الطموح الدراسي لتباين أوضاع الأسر . فالأفراد< يحدّدون طموحاتهم بالرجوع الى المجموعات الإجتماعية التي ينتمون لها > (4) ذلك أنّ التباين الدراسي يقابله تغاير لا في الوضعية الإقتصادية ـ الإجتماعية للعائلة فحسب بل في دلا لة المركزالإجتماعي الذي يتطلّع له التلميذ المتوافق مع مستوى دراسي معيّن والتي تتطابق مع وضعية إقتصادية ـ إجتماعية معيّنة للأسرة(5) لدى بودون الذي يطرح الفرضية التالية < إذا بلغ أحد الأفراد مستوى دراسيا يسمح له بتوقّع وضع إجتماعي أعلى من وضع والده فإنّ الفائدة التي يجنيها من سنة دراسية إضافية هي أقلّ أهمية من تلك التي يوليها شخص يحتلّ والده وضعا إجتماعيا أعلى ، فبالنسبة لهذا الأخير قد لا تكون سنة دراسية إضافية كافية لتؤمّن له وضعا إجنماعيا يتساوى مع وضع والده > (6)،يقتضي ذلك إختبار الترابط بين التحصيل الدراسي وتباين وضعيات الأسرة اإقتصادية ـ اإجتماعية .

ونطرح نحن هنا الفرضية التالية : تتغاير حظوظ النخاح الدراسي بالنظر الى تباين المستويات الإقتصادية ـ الإجتماعية للعائلة ، ألاّ أنّ هذا الأخير لا يشتغل بمعزل عن عوامل ثانوية تسهم في نفي الصلة الآلية الميكانيكية المنتجة للتغاير في حظوظ التفوّق لدى الأبناء . تتفرّع عنها فرضية إجرائية مفادها أنّه كلّما صعدنا في المستوى الإقتصادي الإحتماعي أو المكانة الإجتماعية للأسرة كلّما تدرّجنا صعودا في نسب التفوّق في مقابل النزول في نسب الفشل .

إعتمدنا ، لإختبار أفضل لهذه الفرضية،على تصنيف للأسر إستنادا الى سلّم التسميات الوظيفية في تونس ، وهو ما يضعنا خارج التقسيم الطبقي للعيّنة ، وبالتالي حصلنا على خمسة أصناف للعائلات : العملة ، أصحاب المهن الحرّة ، الموظفين ، الموظفين السامين وأسمينا صنف كبار المسؤولين في الوظائف الحكومية وأصحاب المشاريع الكبرى بالأسر الأعلى دخلا . ثمّ قمنا بتقسيم عيّنة كل صنف من العائلات الى ذكور وإناث وتتبّعنا النسب المؤوية لدى كل جنس في خمسة مستويات من التحصيل ( أقلّ من 8 ، من 8 الى 10 ، من 10 الى12 ، من 12 الى 14 ، من 14 الى 18 ) لدى كلّ صنف من أصناف العائلات المذكورة .

ولقد حرصنا على هذه التقنية لإختبار أفضل للفرضية المطروحة وللوقوف على التباينات الجزئية بين الجنسين وإن أظهرا نفس الخط البياني لرسم النتائج . لقد وجدنا أنّ هذا الرسم البياني لنتائج البحث يتطابق مع الفرضية المطروحة ، لكن الى حدود ما قبل الأسر الأعلى دخلا . ذلك أنّ أبناء عائلات الموظفين السامين ( والتي تضمّ في 90% منها أساتذة ومهندسين ) هم الأكثر تفوّقا من أبناء العملة والموظفين وأصحاب المهن الحرّة مثلما أبناء الأسر الأعلى دخلا ، في مختلف درجات التحصيل الدراسي ، كما يتضح في الرسم البياني التالي .

يتأكّد تميّز أبناء الموظفين السامين على صعيد نسب المتحصّلين على أعلى من 10 /20 مثلما وبصفة أخصّ على مستوى نسبة المتحصّلين على معدّل بين 14 و18 /20 ما بين الثلاثيتين ، حيث أنّ أكثر من نصف أبنائهم يصلون الى معدّل ما بين 14 و18/20 ( 53.80% ) .

في حين أنّّ نسبتهم لدى الأسر الأعلى دخلا تعادل الثلث من أبنائهم (31.25%)تسجل هذه الأخيرة تفوّقها على أبناء الموظفين السامين الاّ في فئة المتحصّلين على معدّل ما بين 12 و 14 / 20 ، حيث أنّ نسبتهم تعادل نسبة المتحصّلين على ما بين 14 و 18 / 20 ، في حين لا تمثّل سوى 9.09% من أبناء الموظفين السامين . إلاّ أنّ ما تتميّز به الأسر الأعلى دخلا وما يصنع الفارق بينها وبين كلّ أصناف العائلات المذكورة هو عدم حصول أبنائها ، سواءا الذكور أو الإناث على معدّل أقل من 8 /20 وعدم حصول أبنائها الذكور على أقلّ من 10 /20 .

ذلك أنّ كل أصناف العائلات نزلت نتائج أبنائهم الى أقلّ من 8 /20 ما عدى إناث أبناء الموظفين السامين . نسجّل في هذه النقطة بالذاّت توازي أو توافق خطيّ المكانة الإجتماعية والتفوّق الدراسي صعودا مثلما توازي خطّي الفشل الدراسي والمكانة الإجتماعية نزولا(الرسم البياني رقم :1 ). مع ملاحظة أنّ خطّ التصاعد يقف عند حدود الأسر الأعلى دخلا . فإذا أخذنا الذين لم يتجاوز معدّلهم ما بين الثلاثيتين 8/20 نجد أنّ خطّ الصعود في المكانة الإجتماعية يقابله خطّ تنازلي في نسب الأبناء الحاصلين على هذه الدرجة الدنيا من التحصيل أو اذا أردنا في نسب الفشل . فأعلى نسب الأبناء الحاصلين على هذه الدرجة الدنيا هم أبناء العملة ثمّ الموظفين . يليهم أبناء أصحاب المهن الحرّة ثمّ أبناء الموظفين السامين . وتبقى الأسر الأعلى دخلا هي التي نسجّل فيها أضعف نسب الفشل بل النتيجة البارزة هي أنّنا لا نجد إطلاقا أيّ فرد من أبنائها قد تحصّل ولو مرّة على معدّل يقلّ عن 8 /20 سواءا الذكور منهم أو الإناث .

اذا كان الجنسان يكشفان عن تعادل في فئة الحاصلين على أقلّ من 8 /20 لدى الأسر الأعلى دخلا ،فإنّنا نقف على شبه قانون : أنّه كلّما إرتفعت المكانة الإجتماعية للعائلة تراجعت نسبة الفشل لتنعدم كليّا لدى الصنفين الأخيرين ( الموظفين السامين والعائلات الأعلى دخلا ) إذا تعلّق الحال بالذكور ، أمّا الإناث فتكشف نتائجهنّ على قانون عكسي ، حيث نجد أنّه كلّما إرتفعت المكانة الإجتماعية تزايدت نسبة الفشل لديهنّ ، اذا وقفنا عند معدّل ( أقلّ من 8 /20 ) . أمّا اذا اعتبرنا نسبة الحاصلات منهنّ على أقلّ من 10 /20 فإنّهنّ يكشفن عن نفس القانون الذي توصلّنا له لدى الذكور وهو نفس النتيجة المتّصلة بإختبار علاقة المكانة الإجتماعية بالنتائج الدراسية عند كلّ وحدات العيّنة .

يصحّ هذا التماهي بين الجنسين في الخضوع لذات القانون في ما يتّصل بالفشل الدراسي فحسب . أما اذا إختبرنا مستوى النجاح أو معدّلات التفوّق فنقف على إختلاف جوهري بين الجنسين . ذلك أنّه كلّما صعدنا في المكانة الإجتماعية للعائلة لدى الأبناء الإناث كلّما إزدادت نسبة التفوّق لديهنّ بدون إنقطاع . فإذا كانت نسبة المتحصّلات على أكثر من 10/20 لدى بنات العملة (40.9% ) ولدى بنات أصحاب المهن الحرّة (43.48% ) فإنّها تتجاوز النصف بقليل لدى بنات الموظفين (53.94% ) لتتجاوز الثمانين بالمائة لدى بنات الموظفين السامين وتعادل المائة بالمائة لدى بنات الأسر الأعلى دخلا

أمّا لدى الذكور فنقف على خط يتراوح بين الصعود والنزول في نسب النجاح ، وبالتالي لا يمكن الحديث عن توازي بين خطّي المكانة الإجتماعية والنجاح الدراسي لدى الذكور . من هنا يجوز لنا أن نصيغ النتيجة في شكل قانون إستنتاحي : هو أنّ الإناث أكثر إستفادة من الذكور من المكانة الإجتماعية لعائلاتهنّ أو بصيغة أخرى هي انّ الإناث أكثر تأثّرا في مستوى طموحهم الدراسي بالمكانة الإجتماعية للعائلة من الذكور . تؤكّد هذه النتائج التي إنتهينا إليها ما ذهبنا إليه من تأثير تناول العلاقة التفسيرية بين المكانة الإجتماعية للعائلة والتحصيل والطموح الدراسيين على دقّّة النتائج المتوصّل إليها إذا لم ندمج تداخل متغيّرات أخرى في المقاربة ومنذ الصياغة الفرضية لا كمتغيّرات شاهدة .&nbs p;

يتأكّد تفوّق أبناء الموظفين السامين على كلّ أصناف الأسر عند أعلى درجات التفوّق الدراسي (معدّل بين 14 و18 ) حيث أنّ أكثر من نصف أبناء الموظفين السامين استطاعوا تحقيق معدّل يتراوح بين 14 و18 /20 في حين لا تتجاوز نسبتهم الثلث من أبناء العائلات الأعلى دخلا ( راجع الرسوم البيانية عدد: 2 و3 ) . تنسحب هذه النتيجة على الجنسين لدى أبناء الموظفين السامين ، في حين أنّ الإناث كما أسلفنا هنّ أكثر إستفادة من المكانة الإجتماعية للأسرهنّ : حيث أنّ نصف بنات العائلات الأكثر دخلا تتراوح معدلاتهنّ بين 14 و18 /20 في مقابل تعادل نسبة الذكور الحاصلين على هذه الدرجة من التحصيل الدراسي مع الحاصلين منهم على معدّل يتراوح بين 10 و12 /20 ( 12.5% ) .

نسجّل عدّة تعادلات أخرى لدى أبناء الأسر الأعلى دخلا : بين درجة ما بين 8 و10 /20 ودرجة ما بين 12 و14 /20 لدى الذكور وما بين درجة ما بين 10 و12 /20 ودرجة ما بين 12 و14 /20 لدى الإناث من العائلات الأعلى دخلا مثلما لدى الأبناء الذكورللموظفين وهو ما لا نسجله في أي صنف من العائلات المذكورة . في حين أنّ التعادلات لا تحصل لدى عائلات الموظفين السامين إلاّ ما بين درجة ما بين 8 و10 /20 ودرجة ما بين 12 و14 /20 من نتائج الذكور .

لكنّ ما لا يفوتنا تسجيله هو أنّ أبناء العملة من الجنسين لا نسجّل لديهم أيّ تعادل في أيّ درجة من درجات التحصيل الدراسي ، كما نسجّل لديها أعلى نسب الحاصلين على معدّل يتراوح بين 8 و10 /20 وفي ذات الوقت الغياب الكلّي لأيّ معدّل يتراوح بين 14 و18 /20 لدى أبنائهم من الجنسين وهوما لا نجده في أيّ صنف من باقي العائلات المذكورة ما عدى الأبناء الذكور لأصحاب المهن الحرّة .

نستطيع من وجهة نظرنا أن نجزم الآن ، بعد التفحّص الدقيق لنتائج البحث ، أنّ متغيّر المكانة الإجتماعية يضعنا أمام قانون : أنّه كلّما كانت المكانة الإجتماعية للعائلة أعلى كلّما إرتفع تعلّق أبنائها بالتفوّق الدراسي ، بإعتبار المعادلة التي إنتهينا اليها وهي أنّه كلّما صعدنا في المكانة تراجعت نسبة الفشل وإرتفعت نسب أعلى المعدّلات لدى الأبناء ، مع التفاوت المسجّل بين الجنسين ( راجع الرسم البياني عدد: 4 و5 ) . الاّ أنّ الإستثناء الذي سجّلناه لدى أبناء الموظفين السامين يدفعنا الى التأكيد على صفة النسبية على القانون المذكور . وهو ما يتعارض مع التوقّع المبدئي لنتائج إختبار تأثيرية متغيّر المكانة الإجتماعية للأسرة في التحصيل والطموح الدراسيين للأبناء .

إنّ السؤال الإشكالي الذي يستدعي ذاته هنا : هو ما الذي يبرّر أو ما الذي جعل هذا الصنف من العائلات يخرج عن القاعدة المستنتجة ؟ إذا عدنا الى تركيبة هذا الصنف ، نجد أنّ عيّنة الموظفين السامين التي إستخرجناها من العيّنة الكليّة للبحث ، تتركّب في 90% منها من المهندسين والأساتذة المباشرين لوظائفهم في تاريخ إجراء البحث . وإذا عدنا الى العائلة الأعلى دخلا ، والتي من المفترض أن تحتلّ أعلى التحصيلات ، نجد أنّ المستوى التعليمي العام للعيّنة للآباء والأمّهات أقلّ ممّا هي لدى عيّنة الموظفين السامين . لا نستطيع إستنادا لنتائج هذه المقارنة للصنفين من الأسر بالنظر الى متغيّر جديد هو المستوى التعليمي للآباء ، أن نكذّب الفرضية أو أن نبطل تأثيرية متغيّر المكانة الإجتماعية في النجاح أو الفشل الدراسي . لكن إخضاع القاعدة المستنتجة الى إختبار ‘إضافي يسمح بصياغة أدقّ علميا للقاعدة كما يلي :
+مك ــــــــــــ> + تفلكن مك + ( +مس) ــــــــــ> تف+
{ مك= مكانة إجتماعية ، تف= تفوّق ، مس= مستوى تعليمي ، + : تعني أرفع إذا سبقت الكلمة وأكثر إذا جاءت بعدها } .

2 ـ التحصيل الدراسي والمستوى الت عليمي للأسرة :
اتّجهنا ضمن هذا المبحث الى إختبار فرضية الفعل التحديدي للمستوى التعليمي للعائلة لنتائج الأبناء المدرسية ، لكن ضمن رؤية أعمق إقتضت إستدعاء متغيّر مساعدة الأبناء في دراستهم في تلازم مع المتغيّر الأوّل لنتتبّع بصفة أدقّ النتائج التفصيلية لتأثيرية المستوى التعليمي للأسرة والوقوف على التباينات إن وجدت. فلا شكّ أنّ لهذا العامل التفسيري فعل تحديدي لكنّ الأهمّ أن نتعقّل الأبعاد المتدخّلة لتعديل مدى تأثيرية أوتحديدية هذا المتغيّر في النتائج الدراسية للبناء وخاصة للنتائج الغير منتظرة من درجة ما تعليمية للعائلة أو الغير مطابق لها .

من المهمّ جدا أن يقارب البحث هذه الصلة العلائقية بمثل هذا العمق التفصيلي الذي يمنح البحث عمقا علميا قد يسمح بتقديم إجابات علمية عن الحيرة التي تصادفنا كتربويين ويطرحها دائما الأولياء على أنفسهم وعلى الإطار التربوي . ما الذي يجعل نتائج الأبناء غير مطابقة أحيانا للتحصيل الدراسي المنتظر من قبل العائلة ذات مستوى تعليمي معيّن . هذا هو السؤال الإشكالي الذي يشكّل تميّز التمشّي المنهجي والمبحثي لهذه الدراسة ويصنع التقارب المحبّذ بين البحوث السوسيوـ تربوية ووظيفية المعرفة التي تضع أو تساهم أو تقترح أو توحي بحلول ما لمشكلة عملية ما ، لايكفي أن نفهمها بل أن نكتشف حلولها .

إنّ أوّل ما يدعو للإنتباه أنّه مهما كان الذي يساعد الإبن في دراسته ، إن كان الأب أو الأم أو الإثنين ، لا يرقى أبنائهم الذكور أو الإناث الى تحصيل معدّلات ما بين 14 و18 /20 .

ذلك أنّ ثلثي آباء الذكور الحاصلين على هذه الدرجة هم ذوي تكوين جامعي ،أمّا الثلث الباقي فتكوينه لا يتجاوز المرحلة الثانوية في التوزيع الجديد . تلتقي هذه النتيجة بل تتماثل مع نتائج الذكور الذين يستفيدون من مساعدة كلى الوالدين لهم في دراستهم . أمّا إذا كانت الأم هي التي تتحمل مسؤولية متابعة ومساعدة الأبناء دراسيا فإنّ الأمّ ذات المستوى الثانوي تنجح مثل التي هي ذات تكوين جامعي في الوصول الى نفس النتيجة فيما يتّصل بالدرجة ما بين 14 و18 /20 من النجاح الدراسي لأبنائهنّ الذكور ( راجع الرسم البياني السابق ). وهي ذات النتيجة التي إنتهينا اليها لدى الإناث، مع إختلاف بسيط يتمثّل في إحتلال الحاصلات على معدّل بين (14 و18 /20 ) المرتبة الثانية في حاصل فعل مساعدة الأم ذات المستوى الثانوي.

وهو ما يعني تدخّل عامل إضافي هنا في تحديد مردودية فعل المساعدة في مقارنة بمردودية فعل الأب . هل يمكن القول أنّ المرأة المتعلّمة أكثر قدرة على التحكّم في التحصيل الدراسي للأبناء من الرجال . يقتضي تأكيد هذه الفرضية تتبّع نتائج الأبناء في متعدّد نتائجهم لدى الأب والأم في مختلف مستوياتهم التعليمية ومقارنتها بنتائج فعل المساعدة المشتركة لأبنائهم .

نسجّل عند التوّقف عند الأبناء الحاصلين على معدّل أقلّ من 10 /20 أنّ 6.25% منهم يعادل المستوى التعليمي لآبائهم الدرجة الجامعية ، في في حين لا ينزل نتاج فعل مساعدة الأم الجامعية لأبنائها عن 10 /20 . معنى ذلك أنّ أبناء الآباء الجامعيين قد ينزلون الى دون المعدّل في تحصيلهم الدراسي ، اذا ساعدهم الأب ، أمّا إذا ساعدتهم الأمّ فإنّ إحتمال الفشل الدراسي يتراجع بشكل دالّ. فالأم ذات التكوين الثانوي أقدر من الأب من نفس المستوى التعليمي على الإرتقاء بالأبناء الى أعلى درجات التفوّق الدراسي كما تؤكّد ذلك نتائج البحث . ذلك أنّ الأبناء الحاصلين على معدّل يتراوح بين 10 و14 /20 غالبية آبائهم الذين يساعدونهم ذوي مستوى جامعي وبدرجة اقلّ ثانوي . وهي نفس النتيجة المتّصلة بعيّنة الأمّ .

لكن ما يصنع الفارق بين فعل مساعدة الأم وفعل مساعدة الأب ، هو أنّ الأم ذات المستوى التعليمي الذي لا يتجاوز المرحلة الأولى من التعليم الأساسي أثبتت قدرة أفضل من الرجل من نفس المستوى على دفع الأبناء أو مساعدتهم على تحقيق معدّلات بين 10 و14 /20 ، اذا تعلّق الأمر بالأبناء الذكور ،أمّا الأبناء الإناث فتكشف عن تعادل حاصل فعل المساعدة، عند هذه الدرجة من التفوّق الدراسي . نستطيع الآن بناءا على ما تقدّم أن نصيغ القاعدة التالية : تتساوى المرأة الجامعية مع الرجل من نفس درجة التكوين في حاصل فعل مساعدتهم لأبنائهم إلاّ أنّها أقدر منه على الإرتقاء بهذا الحاصل اذا كان مستواهما التعليمي بين المرحلة الأولى والثانية من التعليم الأساسي . ورغم أنّ البحث لا ينفذ الى الأسباب المفرزة لهذا التباين أو المبرّرة له ، فإنّ الوقوف على هذه النتيجة العلمية يحمل أهمية بالغة لفهم وتعقّل تأثير تباين الوضعيات المتشعّبة للمتعلّمين في تباين مستويات التحصيل الدراسي لديهم .
أ1 + م1 = ن > أ2 م1أ2+ م2 = ن≤ ن + أ1م 2
أ1 = الأب ، أ2 = الأم ، ن= نتيجة الأبناء ، م1=مرحلة1 و2 من التعليم الأساسي ،م2= مستوى ثانوي وجامعي

فإذا تمعّنا يتبيّن لنا صحّة ما ذهبنا اليه وصحّة القاعدة التي صغناها سابقا من أنّ الأب أقلّ فاعلية من الأم في تأثيرية فعل مساعدتهم لأبنائهم ، حين لا يتجاوز مستوى تكوينهما المرحلة الثانوية . حيث أنّ 17.95% من الأبناء الذكور الذين يساعدهم آبائهم يتحصلون على معدّل أقلّ من 8 /20 في حين يمثلون نسبة 6.25% لدى الذكور الذين تساعدهم أمهاتهم في دراستهم ، اذا وقفنا عند المستوى الثانوي. تنقلب المعادلة الى فائدة الأب اذا إنتقلنا الى نتائج الإناث من الأبناء، مع ضرورة الإشارة الى عدم نوعية الفارق. أمّا اذا نزلنا الى المرحلة2 من التعليم الأساسي فتصل هذه النسبة الى 40% لدى الآباء ولا تتجاوز 16.67% لدى الأمّهات. ترتفع هذه النسبة الى 31.25% للآباء و20 % للأمّهات من نتائج الإناث . يحقّق 83.33% من المتعلّمين الذكور معدّل بين 10 و12 /20 اذا تلقّوا مساعدة من الأمّ ذات المستوى التكويني (المرحلة2 من التعليم الأساسي) في حين تمثّل نسبتهم 60% فقط إذا كانت المساعدة من قبل الآباء من نفس المستوى التعليمي للأمّ .

نسجّل أيضا مجال تفوّق إضافي للأمّ يتعلّق بقدرتها الأفضل من الأب على دفع الأبناء إلى أقصى درجات التفوّق الدراسي رغم دونية المستوى التعليمي (مرحلة1و2 من التعليم الأساسي) . فإذ يفشل الأب في جعل أبنائه الذين يساعدهم أو يتابع مجهودهم الدراسي يبلغون درجة ما بين 14 و18 /20 فإنّ الأمّهات ينجحن في الإرتقاء بعشر أبنائهنّ الذكور تقريبا الى تحصيل هذه الدرجة من النجاح الدراسي . ( كما يتّضح في هذا الرسم البياني الذي نستدعيه للمقارنة) ، على أنّه لا يفوتنا أن نسجّل صحّة هذه القاعدة بالنظر الى نتائج الجنسين من الأبناء ، حيث أثبتت الأم تفوّقها أيضا على مستوى تحصيل الأبناء الإناث ، ففي حين أنّ 30 % من الإناث اللواتي تساعدهنّ أمّهاتهنّ يحصّلنا معدّلا بين 10 و18 /20 ( 5 % بين 14 و18 /20 و 20 % بين 12و14 /20 ) فإنّ 25 % من بنات الأباء الذين يساعدون أبنائهم ، يحقّقون معدّلات بين 10 12 /20 ، في غياب كلّي لدرجات تحصيل بين 12 و14 /20

يؤكّد هذا الرسم تفوّق الأم الجامعية في حاصل أبنائها الذكور على الأب الجامعي أيضا . ذلك أنّ 80% من أبناء الأمّهات الجامعيات يحصّلون معدّلا بين 12 و18 /20 ، يمثّل الحاصلين منهم على معدّل بين 14 و18 /20 ، 50%، في حين تمثّل نسبتهم 35.48% من أبناء الآباء الجامعيين الحاصلين على معدّل بين 12 و18 /20 ( نسبتهم هنا 58.08% ) . إلاّ أنّ هناك نتيجة على غاية قصوى من الأهمية لا تتّضح إلاّ حين نضع مختلف النتائج السابقة في مقارنة ترابطية وهي أنّه كلّما غاب فعل مساعدة الآباء الجامعيين كلّما أصبحت الأم الجامعية مثالا حافزا لتفوّق الذكورأكثر من الأب الذي يحتلّ هذه الصورة لدى الإناث ، لكن كلّما تدخّل الأب في المجهود الدراسي لأبنائه الذكور مثلما الإناث كلّما إرتفعت نسبة التفوّق الدراسي لهم عموما وفي مقارنة مع نتائج فعل مساعدة الأم الجامعية لهم . معنى ذلك أنّ الأب يجسّد النموذج للأنثى والأمّ للذكر إذا تعلّق الأمر بالمستوى الجامعي لهما . لكن نجد أنّ الأم ذات المستوى ثانوي تتفوّق في حاصل فعل مساعدتها لبناتها في مقابل الأب للذكور الحاصلين على معدّل يتراوح بين 10 و14 /20 . وتنجح الأم ذات المستوى الثانوي مثل الجامعية في دفع ابنائها الذكورلتحصيل معدّلات بين 14 و18 /20 ، ليتحوّل التفوّق للأب اذا إنتقلنا الى الأبناء الإناث .

الأب الجامعي الأم الجامعية

تفوّق الذكــــر تفوّق الأنثى

يمكن أن نستغلّ أيضا نتائج المقارنة التي أوجدناها بين المستوى التعليمي للآباء والأمّهات والتحصيل الدراسي لأبنائهم الذكور في حضور وفي غياب فعل المساعدة لأحدهم أو لكليهما ونتاج ذلك على مستويات التحصيل للأبناء ، لنقول أنّ تأثيرية المكانة الإجتماعية للعائلة على التحصيل الدراسي للأبناء تخضع للتعديل في رسمها البياني إذا تداخلت مع متغير المستوى التعليمي للأباء والأمّهات ولكن أيضا وبأكثر تحديد بفعل مساعدة الأباء لأبنائهم في مجهودهم الدراسي والذي إكتشفنا فاعليته التأثيرية والتحديدية للحاصل الدراسي للأبناء والتي تتصاعد مع كلّ إرتفاع في مستواهم التعليمي.ولكن أيضا مع كلّ إقتران لفعل المساعدة الدراسية لأبنائهم الذكور دون الإناث ،حيث يتساوى حاصل مساعدة الإثنين مع حاصل مساعدة الأب لهنّ .

الهوامش:
...................................
1- العلاقة التربوية : مارسيل بوستيك ، ترجمة ، محمد بشير النحاس ، تونس، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، 1986 ،ص ، 22 .
2- Bordieu ( P )et Passeron ( J.C ) : Langage et rapport au langage dans la situation pedagogique ; les temps modernes ; 1965 ;pp 435- 466 .
3- Georges (synders ) : Ecole ، classe et lutte des classes ; paris puf ;1976 ; p 98 .
4- العلاقة التربوية : مرجع سابق ، ص 43
5- Boudon ® : Mieux comprendre la relation education-ègalitè en france ; in l’èducation ، les inègalitès de chances dans la vie ;vol 1 ; 1975 ;paris ocde ;p 293-305 .
6- IBID : P ; 293 – 305 .
7- Abric ( J.C ) : l’ètude experimentale des representations sociales ; in ;Jodelet ; les representations sociales ; 3é ed ;paris puf ; 1993 ;pp 187- 203
.
الجزء الثاني

3ـ تصوّرات المادّة التعليمية والنتائج الدراسية:
إنّ إثارة موضوع تصوّرات المتعلّمين للمواد التعليمية التي تتمظهر عبر المواقف منها ، هو مبحث نفسي إجتماعي يتّجه الى إستدعاء السلوكات الفردية
والجماعية لفهم الآليات الإجتماعية المؤثّرة في العملية التربوية . يتّصل السلوك بالتصوّر الذي يتشكّل إستنادا لإطار إجتماعي معيّن . فسلوك الأفراد لا يتحدّد بالخصائص الموضوعية للموقف بل بتصوّر ذلك الموقف لدى (أربيكarbic ) (7). ولا ينفصل التصوّر الذي يتمظهر في الموقف الفردي عن إطاره الجماعي بإعتبار عنصر الإشتراك الجماعي لديه . يمرّ تصوّر الشخص للآخر عبر تصوّره لذاته . معنى ذلك أنّ تعلّم التلميذ لمادّة من المواد التعليمية وموقفه منها يتأثّر بتصوّره لذاته عبر تلك المادة . ذلك لأنّ الدافعية التي هي محرّك الفعل ، يتموقع أصلها لدى بوستيك postic في إنعكاس صورة الذات التي مصدرها الآخرين عبر تلك المادة . تمارس مواقف المتعلّمين من المواد الدراسية والتمثّل التفاضلي لها تأثيرا على التحصيل الدراسي لهم ، على خلاف إعتبار ferry اللامساواة في التحصيل نتاج التفاوت العمري ووضع المدرّس في الحياة المدرسية كصاحب سلطة تقييم من وجهة نظر خاصة (8) .

ويستند أيّ حكم قيمي تفاضلي أو تمثّل تراتبي للمواد الدراسية لدى المتعلّمين الىأصل إجتماعي . ذلك أنّ هذا التصوّر يكشف عن سلّم قيم مرجعية موضوع إتّفاق جمعي . فالمتعلّم يتمثّل هذا التقييم أو التوزيع التراتبي للمواد الدراسية كمنطق واقع أو واقع منطقي أي غير قابل للتبرير أو التغيّر وإن تبيّن خكئه أو حتّى وإن أفضى الى تحصيل دراسي غير مرغوب فيه أو غير متوقّع، وهو ما يضعنا أمام مفهوم القوالب الجاهزة steréotypes ذات الأصل الجماعي في خلفية تكوّن تصوّر المتعلّم ومنه موقفه من المواد الدراسية .

يحمل المتعلّمين هذه القوالب الفكرية الجاهزة عبر التنشئة الإجتماعية . وهو ما يستدعي تأثير الأسرة في تشكّل تصورات المتعلّمين للمواد التعليمية وصياغة مواقفهم منها . وقد إستطاع chambon تبيان دور القوالب الفكرية المنقولة أسريا للأبناء عبر تبيّن إرتباطها بمعطى الجنس (9). حيث أنّه وقف على وجود تقسيم جنسي للمواد يقابله تباين في ميولات الجنسين للمواد . ذلك أنّ تصوّر المادة ومدى توافقها مع الإنتماء أو التقسيم الجنسي للمواد ذو المرجعية المجتمعية ، لا ينفصل عن مستوى آداء المتعلّمين . فالنجاح أو الفشل الدراسي في مواد دون أخرى يختلف مدلوله من بيئة إجتماعية الى أخرى ويتغاير بالنظر لذات المرجعية الإجتماعية ، مدلول النجاح الجملي بالنظر للمدلول المعطى للنجاح أو الفشل في مادة أو أخرى من المواد التعليمية.

يعنى موضوع بحثنا بإستقصاء مدى شرعية إستدعاء متغيّر الموقف من المواد في مقاربة التفاوت في التحصيل الدراسي ، إعتبارا لتأثيريته ولكونه يسمح بإعادة الربط العلائقي بين الأسرة والنتائج الدراسية للأبناء . فمثلما تعقّلنا الصلة التفسيرية للمكانة الإجتماعية للأسرة بالتغاير في التحصيل الدراسي للمتعلّمين بالنظر الى نتغيّر الجنس وفي حضور إختباري لمتغيّر المستوى التعليمي لأولياء المتعلّمين ، نتمثّل هنا مدى صحّة فرضية : أنّ نتائج المتعلّمين الدراسية لا تتأثّر بالإمكانات الفكرية فحسب بل بالإستعدادات التي يبدونها تجاه الموادالدراسية ، وأنّ التباين الدراسي بين الجنسين يعود الى تباين هذه الإستعدادات بينهما . على أنّ مستويات التحفّز لمواد تعليمية دون أخرى يستدعي المكانة الإجتماعية للأسرة أو ما إصطلحنا على تسميته إستعارة من بودون بالوضعية الإقتصادية ـ الإجتماعية للعائلة .

سنتّجه أوّلا الى تبيّن التصنيفات التفاضلية التي يقيمها الجنسين المواد التعليمية ، لإعادة إختبار نتائج دراسة chambon ، ثم البحث عن وجود إرتباطات تفسيرية بين كلّ نمط تراتب والنتائج الدراسية للمجموعة المعنية به ، لدى الجنسين ،إن وجدت . يسمح لنا هذا التمشّي المنهجي بدقّة إختبار لمتغيّر الموقف من المواد التعليمية ومدى تأثيريته المفترضة على التحصيل الدراسي . إلاّ أنّنا دائما ما نصرّ على إعادة إستدعاء لمتغيّر المكانة الإجتماعية للعائلة وبحث صلته بمواقف المتعلّمين من ناحية ونتائجهم الدراسية من ناحية أخرى كخطوة منهجية أولى لمقاربة وجود أو عدم وجود صلة سببية بين المكانة الإجتماعية للعائلة وتصوّرات المتعلّمين للمواد التعليمية . ذلك ما يسمح لنا في النهاية بالحكم العلمي : هل أنّ المواقف من المواد أم المكانة الإجتماعية هي المتغيّر المفسّر لمستويات التحصيل الدراسي .

تضعنا قراءة التصنيفات المبنية إستنتاجا من مواقف الجنسين من المواد التعليمية ،أمام حقبة وجود تباينات بينهما ، دون أن يرقى هذا التباين الى مستوى الإختلاف النوعي . فاذا كان الذكور من المتعلّمين يضعون العلوم في صدارة المواد التي يميلون لها ، فإنّ اللغات هي أكثر المواد قربا الى ميل الإناث.

إلاّ انّ كلى الجنسين يلتقيان عند إعتبار العلوم واللغات والمواد الإجتماعية أهم المواد الدراسية التي يجدون لديهم ميلا أكبر تجاهها ، مثلما يلتقيان في إعتبار المواد الفنية والرياضة في آخر إهتماماتهم الدراسية . يمكن أن نصيغ النتيجة إذا بالشكل التالي وهو أنّ الإناث يبدين ميلا أكبر للغات في حين يتّجه ميل الذكور أكثر الى مجال العلوم وخاصة الرياضيات. واذا كانت الرياضيات هي ايضا اكثر المواد العلمية جلبا لميل الإناث ،فإنّ مادة العربية هي أكثر اللغات إستئثارا لميلهنّ في مقابل ميل الذكور أكثر الى مادة الفرنسية . وهو ما يتعارض مع المتوقّع والسائد في الفهم العام من أنّ الإناث يملن عادة الى اللغة الفرنسية في مقابل إتّجاه الذكور الى مادة العربية .

يخالف الموقف اذا هنا التصور المنقول عبر القوالب الجاهزة التي تسند لمادة الفرنسية صبغة أنوثية وبالتالي تلحقها ضمن التقسيم الجنسي للمواد التعليمية بالإناث ، ليطرح التساؤل حول مبرّرات هذه الميولات . يتّفق الجنسين على وضع مادة الإنقليزية في آخر الترتيب التفاضلي للغات.

لكن ما يلاحظ في الرسم البياني لمواقف الذكور هو أنّ الفرنسية التي يبدون ميلا أكبر لها تأتي بعد الموسيقى في أكثر المواد التي لا يتفاعلون معها الى جانب الإنقليزية والرياضيات ومادة التاريخ والجغرافيا . كما نسجّل شبه قاعدة مستقرئة من الرسم وهي أنّ أقل المواد ميلا لها من قبل الذكور اكثرها تفاعلا من قبلهم وأنّ أكثر المواد جلبا لميلهم أقلّها تفاعلا لديهم . وهو ما يعني أنّ موقف الذكور من المواد التعليمية ينفصل عن حجم تفاعله معها . إننا أمام تصورات لا تستمدّ مرجعيتها من المواد في ذاتها بل هي منقولة ومسقطة على التلاميذ الذكور ، تصنع التباعد بين المواقف من المواد وموقعهم ضمنها أي درجة نجاحهم ضمنها . بفعل لا التضارب بين الميل والحاصل لأنّ ذلك جائز حصوله لأسباب عديدة بل بين الإستعداد لشيء وعدم القدرة على التفاعل معه. تتأكّد هذه المفارقة لدى الإناث .حيث تحتلّ نفس المواد المحبّذة لديهنّ ذات المرتبة ضمن المواد الغير متفاعل معها من قبلهنّ . بل يحافظن على نفس مثلث الأولوية في كلى الموقفين من المواد التعليمية .

نسجلّ لديهن أيضا تماهي كلّي بين خطّي رسم الموقفين الموجب والسالب ، الذين يبديان نفس الإتّجاه الصاعد ثم النازل سواء تعلّق الحال بالميل أو عدم التفاعل . تتفق نتائج البحث نسبيا مع ما إنتهى اليه chambon من أنّ الإناث يبدين ميلا أكبر الى اللغات منه الى الرياضيات ، بإعتبار التصور المنقول لديهم عبر التنشئة بصبغتها الأنثوية . وقد يكون هذا التصوّر هو ذاته الذي يحمله الذكورعن اللغات والذي أفضى بهم الى التعبير عن ميلهم للعلوم وللرياضيات بصفة عامة.

يتدخّل التصوّر، حتى ضمن العلوم ذاتها، في تحديد الموقف من المواد العلمية . يقتضي التأكّد من مدى صحّة القول بذلك ، تحليل الترتيب التفاضلي الذي يقيمه كلى الجنسين للمواد العلمية . رغم أنّ الإناث أبدين ميلهنّ أكثر للغات ، فإنّ الرياضيات هي أكثر المواد العلمية إثارة لميل إثارة لميلهنّ ،على غرار الذكور . امّا الإختلاف الوحيد فيبدو في ترتيب المواد العلمية ، ففي حين يؤكّد الذكور ميلهم للرياضيات بجعل مادة الفيزياء هي ثاني العلوم التي يميلون لها ، تجعل الإناث العلوم الطبيعية ثاني ترتيبها التفاضلي للعلوم.

هنا أيضا ينكشف تأثير التصوّرات الجمعية المنقولة في بناء وتشكيل المتعلّمين لمواقفهم من المواد التعليمية . معنى ذلك أنّ المتعلّمين لا يصيغون مواقفهم من المواد الدراسية بالنظر الى معايير تعود الى طبيعة المادة أو تحصيلهم ضمنها أو قدرات نجاحهم فيها ، بل يكشف التحليل السابق عن تضارب وتباينات تفضي بالتأكيد الى بناء الحكم الإستنتاجي المذكور . لكن وبحثا عن الدقة نتجنّب تأكيد الصبغة الوثوقية للإستنتاج الى حين وضعها موضع إختبار بالنظر الى معيار درجات التفوّق والفشل الدراسي للمتعلّمين. ما يمكن أن نؤكد عليه فقط الى حدّ الآن هو أنّ معطى الجنس يصنع الفارق في مواقف المتعلّمين من المواد التعليمية ، دون أن يكون التباين بينهما نوعيا. وهو ما يستدعي إستحضار متغيّر المكانة الإجتماعية للعائلة للوقوف بصفة أدٌق على مدى تأثيريته في تشكّل مواقف التلاميذ من المواد الدراسية وإنعكاس ذلك على التحصيل الدراسي أي الفشل والنجاح.

نختبر قبل ذلك عاملية أو الفعل التحديدي للمواقف من المواد في مدى النجاح والفشل الدراسي من خلال تتبّع إختيارات كل عيّنة تمثّل مستوى أو درجة من درجات التحصيل الدراسي ، فإذا وقفنا على وجود فوارق في الترتيب التفاضلي للمواد تتواصل أو تتلازم مع كل صعود في درجات التحصيل ، يعني ذلك تأكيد إعتبار المواقف التلمذية من المواد التعليمية عاملا تفسيريا للتباين في التحصيل الدراسي كما يؤكّد على ذلك كلّ من chambon وarbic وpostic الذين نستدعي نتائج بحوثهم في شكل فرضيات معطاة للإختبار ضمن عيّنة البحث . وقد إعتمدنا في ذلك مقارنات متعدّدة بالنظر الى موقفين : الميل للمادّة وعدم التفاعل معها. يسمح هذا التمشّي بالتأكّد من النتائج المتعلّقة بهذا المبحث .

نلاحظ أن خطّ التصاعد المتلازم مع خطّ الصعود في درجات التفوّق الدراسي ينحصر في العلوم واللغات فقط لدى التلامذة الذكور. في مقابل التعارض في الخطّ البياني للمواقف من المواد الإجتماعية والفنية والرياضة مع الخطّ البياني للتفوّق الدراسي . حيث نجد أنّه كلّما صعدنا في سلّم التفوّق الدراسي نزلنا في خطّ الميل للمواد المذكورة،في حين أنّه كلّما صعدنا في درجات التفوّق الدراسي كلّما إرتفعت نسب ميل الذكور الى اللغات ونفس الشيء بالنسبة للعلوم ، مع ملاحظة إستثناء فئة المتحصلين على معدّل بين 10 و12 بالنسبة للعلوم وفئة المتحصلين على معدّل بين 12 و14 بالنسبة لّلغات كما نجده أيضا لدى الإناث .

يرتقي هذا الإستثناء الى فئة المتحصلين على معدّل بين 14 و18 بالنسبة للعلوم لديهنّ . يختلف رسم درجة الميل للمواد الإجتماعية والفنية والرياضة بالنظر الى درجات التفوق الدراسي لدى الإناث عمّا هو لدى الذكور. ففي حين نقف لدى الذكور على خطّ تنازلي نسجّل لدى الإناث خطّا تموّجيا أو تراوحي بين النزول والصعود. ففي ما يتعلّق بالمواد الفنية يقف التعارض بين خطّ الميول النازل مع خطّ التفوّق الصاعد عند المتحصّلين على معدّل يساوي أو يقلّ عن 12 /20 لينقلب التعارض الى رسم توافقي يضعنا أمام توازي خطّي الميول والتفوّق الدراسي صعودا .

معنى ذلك أنّه كلّما صعدنا في سلّم درجات التحصيل الدراسي كلّما قلّ ميل المتعلّمين من الإناث بالمواد الإجتماعية مثلما الفنية ، الى حدود الحاصلات على معدّل يقلّ أو يساوي 12 /20 وكلّما ارتقينا في سلّم التفوّق الدراسي ( معدّلات بين 12 و14 وبين 14 و18 /20 ) كلّما ازدادت نسبة ميلهنّ للمواد الفنية مع بقاء هذه النسبة دون نسبة ميل المتحصّلات على معدّل أقلّ من 10 /20 .( انظر الرسم البياني رقم:17 ) . ما يلاحظ اذا هنا هو التميّز أو التفرّد الذي يميّز المتحصّلات على أعلى درجات التفوّق الدراسي حيث لا يجارين من هنّ أقلّ منهنّ تفوّقا في النفور من المواد الإجتماعية والفنية مثلما من الرياضة . وهي بالفعل فئة تعمّم تفوّقها في حين تنتقي الفئات الأقلّ منهنّ تفوّقها . كما تنفي هذه النتائج الصلة الميكانيكية بين التفوّق والتعلّق بالمواد العلمية دون الإجتماعية والفنية ، على صعيد المواقف من المواد التي يبديها المتعلّمين .

ذلك أنّ نتائج البحث لم تضعنا أمام الإرتباط التّام بين التنقّل صعودا في التفوّق يوازيه تنقّل في ذات الإتّجاه في الميل للمواد الدراسية . فالإرتباط موجود لكن تستثنى منه الفئة الأكثر تفوّقا سواء لدى الذكور أم الإناث ،والتي كما قلنا تحتكم الى منطق مغاير في التعامل مع المواد التعليمية ، يغاير الفهم العام لها ، وهو سرّ تميّزها .ولعلّ ما يسمح بتأكيد هذا الحكم المتّصل بها هو أنّها تكشف عن ذات المنطق الذي يميّزها إذا أنتقلنا من موقف الميول الى موقف عدم التفاعل مع المادة . حيث لا نسجّل أي إختلاف في الرسم العام للمواقف لديها في مقارنة مع الفئات الأقلّ تفوّقا منها ( كما يتّضح في الرسم البياني الموالي ).

نسجّل نفس القاعدة البيانية في رسم المواقف المتحصّل عليها سابقا : الصعود في سلّم التفوّق يقابله هنا نزول في سلّم المواقف بإعتبار تعلّق الموقف هنا بعدم التفاعل مع المادّة ، فيما يخصّ المواد العلمية واللغات. أمّا إذا إنتقلنا الى المواد الإجتماعية والفنية فالخطّ الصاعد للتفوّق يوازيه خطّ صاعد أيضا لموقف عدم التفاعل ، مع الوقوف على نفس الملاحظة المتعلّقة بأنّ الفئة المتحصّلة على معدّل بين 14 و18 /20 أقلّ عدم تفاعل مع المواد الفنية من الفئة المتحصّلة على معدّل بين 12 و14 /20 .

يمكن القول ،بناء على ما سبق من نتائج متعدّد المقارنات التي أقمناها ، أنّ مواقف التلامذة من المواد الدراسية ،بصفة عامة ، تكشف عن تصوّرات غير مؤسسية . بمعنى أنّ هذه التصوّرات التي تحدّد مواقفهم لا علاقة لها بالمواد ذاتها أو بمسألة ضواربها بقدر ما هي نقل للثقافة المنقولة أسريا للأبناء . ممّا يضعنا أمام إستنتاج المفارقة الموجودة بين التصوّر والموقف من المواد الدراسية لدى المتعلّمين وأنّ مواقفهم مسقطة من خارج العلاقة الموجودة أو المعاشة يوميا مع المواد . ذلك أنّنا وقفنا على تباين في كثير من المجالات بين الميل للمادة وعدم التفاعل معها . فأن يبدي المتعلّم ميله لمادّة ما من المواد ثمّ نجد أنّه في مجال آخر يضعها ضمن المواد الغير متفاعل معها فمعنى ذلك أنّ الموقف هنا غير ذاتي بقدر ما هو مسقط أو يترجم القوالب الفكرية الجاهزة المنقولة اليه أسريا والتي تتغاير من مكانة إجتماعية الى أخرى ومن مستوى تعليمي للعائلة الى آخر(كما سنختبر ذلك فيما سيأتي من الفقرات ) . تتوسّط الجماعة إذا بين التلميذ وتعاطيه للمواد الدراسية عبر ما يحمله منها من رؤية وتصوّر للمدرسة والترتيب التفاضلي الذي يحتكم اليه فعل التعلّم لديه.

من هنا يصبح لزاما على الجهة المبرمجة للإصلاح التربوي أن تتوجّه الى خارج المؤسسة لإحداث التغيير داخلها . فالتغيّر المبرمج بلوغه عبر متعدّد الإصلاحات التي تقيمها السلطة التربوية داخل المدرسة لا يتأتّى من الداخل أي من التوّجه الى المتعلّم بل الى البيئة الإجتماعية له التي تتدخّل في السلوك التعليمي للتلميذ كما بيّنت ذلك نتائج البحث . معنى ذلك أنّ التحصيل الدراسي أو النتائج الدراسية للتمعلّمين ، الذي هو موضوع البحث ، لا تجد أسبابها التفسيرية في العوامل ولا الأطراف الداخلية المكوّنة للفعل التربوي فحسب ، بل أنّ الدراسة بيّنت، عبرإختبار مدى تأثيرية المكانة الإجتماعية للعائلة والمستوى التعليمي للأولياء ، خضوع فعل تعلّم الأبناء الى متعدّد تأثيرات المحدّدات الإجتماعية في مواقفهم وتصوّراتهم للفعل التربوي مثلما للنجاح والفشل المدرسي .

4ـ المكانة الإجتماعية للعائلة وموقف الأبناء من المواد التعليمية:
إنتهينا في المبحث السابق الىأنّ المواقف التلمذية من المواد الدراسية تستند الى تصوّرات مرجعية منقولة إجتماعيا ، تتوسّط سلوكهم التربوي وتبرمج فعل تعلّمهم وفق تحديدات تتجاوز الذاتي نحو الجمعي . وهو ما سنحاول إختباره من خلال إستدعاء متغيّر المكانة الإجتماعية وتقصّي مواقف أبناء كلّ مكانة إجتماعية . ويقتضي إختبار تأثيرية هذا المتغيّر المقارنة بين المواقف المستنتجة سابقا والمواقف المستنتجة من كلّ نمط من أنماط الأسر بالنظر للوضعية الإقتصادية ـ الإجتماعية لها .

تؤثّر المكانة الإجتماعية للسرة في التحصيل الدراسي عبر واسطة اللغة حسب برنشتاين (10 ) الذي بيّن التبعية المتوازية بين المدوّنة اللغوية والوسط الإجتماعي . وقد صيغت فرضيات عديدة ضمن مختلف البحوث السوسيو ـ تربوية المقاربة لهذا المبحث البسيكوـ إجتماعي ضمن إشكالية اللامساواة في النتائج الدراسية ، من هذه الفرضيات التي تثير مؤثّر اللغة ، أنّ الصعوبات الدراسية لأبنء الأسر الأقلّ مكانة إجتماعية ، ناتجة عن كون ضعف مدوّنتهم اللغوية تعيق أو هي تعطّل نموهم المعرفي ومنه نجاحهم الدراسي بإعتبار إعتماد المدرسة المدوّنة المتفوّقة .

وإن كانت هذه الفرضية تثير موضوعات عدّة أهمّها عاملية النظام التربوي وتوجّهاته في حدّ ذاته في التمايز الدراسي بين متعدد الأمكنة الإجتماعية التي ينحدر منها المتعلّمين بإعتبارها تنحاز الى الأكثر حظّا إجتماعيا الذي يملك بفعل موقعه في النظام الإجتماعي آليات التفوّق الدراسي ، مثلما دور المدرّس في تكريس التمايز الدراسي ، فإنّ أهميتها لدينا تتمظهر في طرحها الإشكالي للعلاقة بين المكانة الإجتماعية ومواقف المتعلّمين الدراسية التي منها في هذا المجال المبحثي لدراستنا ن الموقف من المواد الدراسية التي تستدعي مفهوم الذات المحتّمة le soi obligé بعبارة higgins .

تطرح العلاقة بين الوسط الإجتماعي للمتعلّمين ونتلئجهم الدراسية على أصعدة مختلفة . فبرنشتاين مثلا يستدعي الإمكانات التي تحدّد مدى قدرة المتعلّم على التكيّف مع الفعل التعليمي داخل المؤسسة ، والتي هي مكتسبة من الوسط الإجتماعي ، عبر المدوّنة اللغوية المتّصلة بالمكانة الإجتماعية لأسرة المتعلّم ودورها في تحديد درجة النجاح أو الفشل الدراسي . أمّا وحدة البحث الأساسية ضمن هذه الإشكالية السوسيوـ تربوية لدى جاك لوتراي (11) فتتمثّل في العلاقة بين الممارسة التربوية في العائلة ونمو البنى المعرفية للطفل ونتائجه الدراسية ، إنطلاقا من ثلاثة أنماط ممكنة من هذه العلاقة التربوية ضمن الأسر : نمط حادّ ونمط ليّن وآخر لا منتظم .

يلتقي الصعيد المحور لمقاربة تأثيرية الوسط الإجتماعي في تباين مستويات التحصيل الدراسي للمتعلّمين مع أطروحة بايار وجيلي (12) اللذين يتّجهان في تعقّل العلاقة عبر تصوّرات ومواقف المتعلّمين المدرسية المنقولة عن الجماعة المرجع ( الأسرة ضمن موقعها داخل النظام الإجتماعي ). تمارس هذه التصوّرات التي هي مخطّطات للذات schemas du soi لدى بايار وجيلي دور المخطّط التوجيهي schema direceurحسب marcus وتأثيرا نفسي ـ إجتماعي على النتائج الدراسية للأبناء بإعتبار أنّها تبدو كمحدّدات فردية تؤثّر في تفاعل الأبناء المتعلّمين مع وسطهم المدرسي كحقل تفاعل مثلما المجموعات الشكلية التي تنشأ على أساس الإكراه المؤسسي في مقابل عفوية تشكّل المجموعات غير الشكلية ( العائلات ) التي ينتمون لها خارج المدرسة (13) . ومن بين مؤشّرات فعل تأثير هذه التصوّرات والمواقف ، درجة التفاعل والتكيّف مع أنماط المواد المختلفة الذي يفضي الى انماط تمثّل وتعقّل للمواد تتباين إجتماعيا . وهو ما يدفع الى ردّ هذه المحدّدات الفردية الى أصلها الإجتماعي المستبطن عبر التنشئة الإجتماعية، التي هي < عملية تعلّم وتعليم وتربية >(14) تشكّل أساس مرجعي ضمن أي عملية تفكير حول العمليات الإجتماعية (15)، من قبل الأبناء المتعلّمين الذين يتأثّرون بمعاييرها وإتّجاهاتها ويشاركون أعضائها ذات الميول والدوافع (16) التي تعبّر عن نمط عيش مجموعة إجتماعية معيّنة (17) يحصل دفع الفرد الى إستبطانه كمدوّنة سلوك تحصر السلوك الممكن في السلوك المقبول في فئة إجتماعية معيّنة (18) .

فعلى خلاف nimier الذي طرح في دراسته حول أنماط الصلات بالرياضيات(19) ، فرضية< أنّ تصوّر مادّة ما ليس إجتماعيا صرفا بل يندرج في الدينامية النفسية للشخص الذي يتصوّر> ، فإنّ عديد البحوث( مثل desplats) إنتهت الى إثبات الصلة الإجتماعية لتصوّر المواد الدراسية وبالتالي الموقف منها ، المتباين بين الجنسين وعىقته بالآداء أو مستوى التحصيل الدراسي

تلتقي كل أنماط العائلات في توجيه مواقف أبنائهم نحو مفاضلة المواد العلمية واللغات عن سائر المواد التعليمية ، حيث أنّ أعلى نسب الميول تنحصر في هذين الصنفين من المواد( بين 63% و77%). وهو ما يتماهى كليّا مع مواقف الأكثر تفوّقا دراسيا . معنى ذلك أنّ المجتمع يعادل بين النجاح في هذه المواد والنجاح الدراسي عموما . يميّز هذا التمثّل العائلات الأعلى مكانة إجتماعيا . إلاّ أنّ هذا التماثل العام يخفي تباين الأهداف الموظفة هذه التصوّرات لخدمتها. فإذا كانت عملية توجيه العائلات الأعلى مكانة إجتماعيا لمواقف أبنائهم نحو تحصيل أعلى درجات التفوّق الدراسي عموما وفي المواد العلمية بدرجة أولى واللغات بدرجة ثانية بصفة خاصة

وتعتبر النجاح الفعلي هو النجاح في إمتلاك أعلى مستويات التفوّق في هذه المواد، فإنّ العملة والموظفين يحرصون على إستبطان أبنائهم هذا التوجّه ، لا تماهيا مع المكانة الإجتماعية القائمة بل طلبا لمكانة إجتماعية أرفع . فرغبة المحافظة أو إعادة إنتاج القائم هي محرّك فعل العائلات الأعلى مكانة إجتماعيا ، أمّا العائلات الأقلّ مكانة فرغبة التغيير والقفز في التراتب الإجتماعي هي مبرّر ودافع توجيه تصوّرات أبنائهم للمواد التعليمية ومواقفهم منها الى أن تتّخذ طابعا وظيفيا غائيا .

تضعنا نتائج البحث التالية أمام حقيقة أنّ التباينات في التحصيل الدراسي للمتعلّمين تستند الى تغاير في تصوّرات المدرسة ووظيفتها وبالتالي تصوّرات المواد التعليمية ومفهوم ومعنى مثلما غاية النجاح المدرسي ، المتّصلة بالمكانة الإجتماعية للأسرة التي ينتمي لها حامل هذه التصوّرات والمواقف .

إنّ ما يؤكّد الميكانيزم الإجتماعي المحرّك والمفسّر لتغاير التصوّرات والمواقف من المواد التعليمية لدى المتعلّمين وبالتالي مستويات التحصيل الدراسي ، هو أنّ العائلات الأقلّ مكانة إجتماعية وإن تتجه الى تبنّي تصوّرات ومواقف الأعلى مكانة لهدف مغاير، فإنّها تعود لتكشف خصوصيتها كما كلّ نمط من أنماط العائلات . فإذا نظرنا تفصيليا الى الترتيب التفاضلي الذي تقيمه كلّ أسرة متّصلة بمكانة إجتماعية معينة، نقف على تباينات بينها تصنع خصوصيتها .

تشكّل اللغات(العربية ثمّ الفرنسية) ثمّ المواد العلمية ( العلوم الطبيعية والتقنية والفيزياء بصفة خاصة) تليها المواد الإجتماعية( التربية الإسلامية بدرجة أولى ثم التريخ والجغرافيا) ، مثلثّ المواد التي يميل لها أبناء العملة من الجنسين . نجد نفس المثلّث لدى أبناء الموظفين وأبناء أصحاب المهن الحرّة. لكن ما نلاحظه وما يؤكّد عاملية المكانة الإجتماعية ، هو أنّه كلّما صعدنا في سلّم المكانة الإجتماعية ، كلّما إزداد التباين خلف هذا التماثل الظاهر في المواقف عموما، حيث أنه كلّما تقدّمنا في المكانة الإجتماعية كلّما إتّجهنا الى أن تصبح الرياضيات هي أكثر المواد العلمية ميلا من قبل المتعلّمين والفرنسية ثمّ الإنقليزية بالنسبة للغات والتربية المدنية بالنسبة للمواد الإجتماعية .

معنى ذلك أنّ الرياضيات هي عنوان العلوم لدىأبناءْ أصحاب المهن الحرّة( المحامين والصيادلة ومالكي سيارات الأجرة....) وبدرجة أقلّ لدى أبناء الموظفين وبدرجة أقلّ أبناء العملة ، أمّا في مجال اللغات فمادة أبناء العملة هي العربية ومادة أبناء الموظفين هي الفرنسية التي هي أيضا مادة أبناء أصحاب المهن الحرّة مثلما أبناء الموظفين السامين وأبناء الأسر الأعلى دخلا، لكن مع إختلاف أنّه كلّما صعدنا في المكانة الإجتماعية كلّما إزداد الميل لمادة الإنقليزية بعد الفرنسية .

يغيّب المدرّس بصفة عملية ،قصدا أو عن غير قصد، التباين في ميول الجنسين للمواد الدراسية ذو المرجعية الجماعية ، في حين تثبت البحوث السوسيوتربوية ،مثلما الحال في بحثنا هذا ، تباين تصوّرات ومواقف الجنسين بصفة خالصة وبالنظر الى المكانة الإجتماعية للأسرة ، للمواد التعليمية ومنه تباين الخلفيات المبرّرة لتباين التحصيل الدراسي بين الجنسين وبين المتعلّمين من نفس الجنس.

فحينما ننظر الى مواقف الذكور من أبناء العملة نجد انّها تختلف عن الإناث . حيث أنّ ميولاتهم تتّجه الى اللغات والمواد الإجتماعية بصفة متساوية بدرجة أولى ثمّ العلوم بدرجة ثانية ،في حين تتصدّر اللغات ميل الإناث تليها العلوم ثم تأتي المواد الإجتماعية في آخر مثلّث الصدارة . وهو نفس الرسم البياني الذي يتكرّر لدى الإناث من أبناء الموظفين وأصحاب المهن الحرّة وأبناء العائلات الأعلى دخلا في مقابل تميّز الإناث من أبناء الموظفين السامين .وهو ما يذكّرنا بالتميّز الذي كشف عنه أبناء الموظفين السامين في المبحث الأوّل للدراسة المتعلّق بدور المكانة الإجتماعية للأسرة في النجاح والفشل الدراسي .

أمّا لدى الذكورفنقف على رسم مغاير . فما عدى أبناء العملة الذين يتماثلون مع الإناث في الميل الى اللغات فإنّه كلّما تدرّجنا صعودا في المكانة الإجتماعية كلّما إزداد توجّه الذكور نحو الميل للعلوم أكثر منه للغات . وهو ما يكشف عن تقسيم جنسي للمواد الدراسية ليس لدى الأبناء بل لدى العائلات بإعتبار هذا الإرتباط ،الذي يكشف عنه البحث، بين المكانة الإجتماعية للعائلة وميولات الجنسين من الأبناء للمواد التعليمية ،كما ينكشف عبر المقارنة بين الرسمين البيانين(20 و21 ) . يكشف هذين الرسمين البيانيين أيضا عن موقف مغاير بين الجنسين وبالنظر الى المكانة الإجتماعية للعائلة ، من المواد الفنية . فإذا كانت مواد الموسيقى والتربية التشكيلية تأتي لدى الإناث في المرتبة الرابعة بعد المواد الإجتماعية لدى كلّ أصناف العائلات ، فإنّها لا تحتلّ المرتبة ذاتها عند الذكور الاّ لدى أبناء الموظفين السامين والأعلى دخلا، في مقابل تفضيل أبناء العملة والموظفين وأصحاب المهن الحرّة مادّة الرياضة على المواد الفنية .هنا تتأكّد تأثيرية المكانة الإجتماعية للأسرة في التقسيم الإجتماعي الجنسي للمواد حسب التصوّرات النمطية السائدة التي تربط بين الرقّة المسندة للمواد الفنية والبنت .

فالتصوّر الأنثوي للمواد الفنية المنقول إجتماعيا للأبناء الذكور والإناث هو العامل المحدّد للمواقف التلمذية من هذه المواد . فالذكور مثلا يجدون حرجا في التميّز أو التعبير عن الميل لمثل هذه المواد إستنادا الى التقييم المعياري الإجماعي المستبطن لديه والذي يؤنّث هذه المواد . وما يؤكّد إجتماعية التصوّرات وبالتالي المواقف التلمذية من المواد الدراسية، هو ما نسجّله من إنكسار القاعدة نسبيا حين نرتقي الى العائلات الأعلى مكانة إجتماعيا وهو موقف متوقع منها مجتمعيا . بمعنى أنّ هذه الطبقات من الأسر عادة ما تتّجه الى خلق مسافة فارقة مع السائد المجتمعي وتحمل مفاهيم مغايرة تصنع أو تحمي تميّزها الإجماعي.

فهي وإن لا تختلف في أنثوية المواد الفنية فإنّها تعتبرها شكلا من أشكال التميّز الحضاري لها ،لذلك لا يجد الذكور حرجا في التعلّق بها أو إبداء موقف الميل لها . فحتّى الشحنة النفسية الموازية للموقف من المواد تتحدّد درجتها بالتصوّر المنقول عن المكانة الإجتماعية للأسرة عنها. ففي حين يعتبر أبناء العائلات الأقلّ مكانة إجتماعيا الميل للمواد الفنية نوعا من التخنّث المسيء للذكور فإنّ الذكور من أبناء العائلات الأعلى مكانة يعتبرونها عنوان رقيهم عن الأدنى إجتماعيا وأداة مظهرت الإختلاف والتميّز الإجتماعي . أنّنا أمام توظيف مجتمعي يفتح المدرسة على تأثيرات التراتب الإجتماعي وينقل الصراع الإجتماعي الى داخلها، يصبح معه أي قراءة لواقع المدرسة وللتحصيل الدراسي والتباينات المسجّلة ، بالنظر الى معطيات شكلية متعلّقة بطبيعة المواد أو النظام التربوي في حدّ ذاته أو مسائل مثل المدرّس وكفائته أو علاقة التلميذ بالمعلّم ، هي قراءة منقوصة علميا ولا يمكن الوثوق بنتائجها التشخيصية لواقع المدرسة اليوم ولمسألة التباينات في التحصيل الدراسي .

الهوامش:
........................
8- Ferry (J ) : Cahiers pédagogique ; n°81 ; 1969 ; p 11 .
9- Chambon ( M ) : la representation des desciplines scolaires par les parents d’èlèves : enjeux sociaux ; revue française de pèdagogie n°92 ; pp 31 – 40 .
10- Basil (bernstein) : Langage et classes sociales : codes sociolinguisyiques et contrôle social : Paris ; ed ; Minuit ; 1975 .
11- Lautray ( J ) : classe socile ، milieu familial، intellègence ; Paris PUF ; 1980 .
12- Paillard ( M ) et Gilly ( M ) : Representations des finalitès de l’ècole primaire par les peres de famille ; cahiers de psychologie ; N°15 ; 1972 ;pp 227-238 .
13- Filloux ( J.CL ) : psycologie des groupes et etude de la classe ; dans : traitè des sciences pèdagogiques ; sous la direction de maurice debesse et gaston mialaret ; T.6 ; Paris PUF ; 1974 ;p 41 .
14- 119 عطوف ( محمود ياسين ) : مدخل في علم النفس الإجتماعي ، بيروت ، دار النهار للنشر ، 1981 م ، ص:
15- جليل ( وديع شكور ) : أبحاث في علم النفس الإجتماعي ودينامية الجماعة ، ط1 ، طرابلس لبنان، دار الشمال للطباعة والنشر والتوزيع ، 1989 م ، ص: 81 .
16- Gustave ( N.F ) : les domaines de la psycologie sociale،2 :les processus du social ; paris dunod ; 1991 ; pp 6-7 .
17- Marcel ( Mauss ) : Essais de sociologie ; ed de minuit ; col Points ; 1969 ; p 69 .
18- Dasen ( J ) : La socialisation du developpement cognitif ; dans socialisations et cultures ; press de l’universitè de toulouse ; 1989 ; citè par G.N. fisher ; op cit ;p 69 .
19- Nimier ( J ) : Les modes de relations aux mathèmatiques ; attitudes et reprèsentations ; paris meridiens klincksieck ; 1988 .






الجزء الثالث








5ـ الدروس الخصوصية والنتائج الدراسية: عامل محدّد أم مساعد
قد يبعد تمثّل العلاقة التحديدية بين إعتماد المتعلّمين على الدروس الخصوصية وتباين نتائجهم الدراسية ، البحث عن منطلقاته السوسيولوجية . إلاّ أنّ إستدعائنا
لمتغيّرات الجنس والوضعية الإقتصادية ـ الإجتماعية للجماعة المرجع ( العائلة ) يعيد موضعة البحث في منطلقاته النظرية السوسيولوجية . ذلك أنّ المبحث الأوّل هو قراءة في الترابطات الإحصائية بين درجات الإعتماد على الدروس الخصوصية ومختلف مستويات التحصيل الدراسي ، غير أنّ إدماج معطى الجنس لتعقّل التباين بين الجنسين في مستويات الإعتماد على هذا العامل ودرجات التحصيل الدراسي في صلة بالمكانة الإجتماعية للأسرة ، يضعنا أمام إعادة إختبار إحدى كبريات فرضيات البحث المتّصلة بمجتمعية تباين تمثّلات وتصوّرات ومواقف الجنسين التعليمية وللمدرسة ولمفهوم النجاح الدراسي .

نسجّل هنا ، عدم تلقّي غالبية المتحصّلين على معدّل يقلّ عن 8 /20 ، دروسا خصوصية . تتماهى هذه الفئة مع الحاصلين على أعلى درجات التحصيل الدراسي ( بين 14 و18 /20 ) ، مع فارق أنّ قرابة ثلاثةأرباع الفئة الأولى لا يعتمدون على الدروس الخصوصية في حين لا تبلغ لدى الفئة الثانية 60% . وتلتقي الفئات المحصّلة لمعدّلات (بين 8 و10 وبين 10 و12 /20 وبين 12 و14 /20 ) في أنّ غالبيتهم عبّروا عن تلقّيهم درةسا خصوصية . نستطيع القول هنا إستنتاجا أنّ الحاصلين على معدّلا أقلّ من 8 /20 إنما يعود تحصيلهم الضعيف لعدم الإستعانة بالدعم الذي تقدّمه الدروس الخصوصية في حين أنّ المتفوّقين لا يعتمدون أو لا يرون داعيا لإعتماد الدروس الخصوصية بإعتبار تفوّقهم ، الذي يبرّر عدم الإعتماد على هذا العامل الداعم في التحصيل الدراسي . وقد يكون تعمّدهم تبيان أنّهم لا يعتمدون على الدروس الخصوصية هو نوع من رفع الشبهة عن تفوّقهم ومحاولة إبراز كونه تحصيل المجهود الذاتي الذي ينمّ عن تفوّق شخصي .

تتّصل النتيجة الثانية بإعتماد الفئات دون المتوسّطة والمتوسّطة والمتفوّقة نسبيا، في غالبيتها على الدروس الخصوصية . لا توجد ، إذا صلة علائقية بين التفوّق الدراسي للمتحصّلين على أعلى درجات التحصيل في حين تتأكّد بين سلبيةالنتائج وعدم الإعتماد على هذا العامل المساعد . أمّا في باقي الفئات التي تتوسّط الأضعف والأكثر تفوّقا فتصبح العلاقة بين الدروس الخصوصية والنتائج الدراسية متلازمة وذات منحى سببي تحديدي .

تنسحب هذه النتيجة العامّة المتّصلة بالعيّنة الكلية على كلى الجنسين ، حيث تتماهى النتائج المتعلّقة بالذكور مع ما نقف عليه لدى الإناث ، مع إختلاف أنّ قرابة ثلاثة أرباع الذكور الحاصلين على معدّل بين 12 و14 /20 .

إنّما يعود ذلك الى إعتمادهم على الدروس الخصوصية ، في حين أنّ نصف الإناث من نفس الفئة تعتمد على هذا العامل في التحصيل الدراسي . معنى ذلك انّ المتعلّمين الإناث هم أقدر من الذكور على بلوغ درجات أرفع في النجاح الدراسي دون الإستعانة بالدروس الخصوصية ، أو هنّ أقلّ تضرّرا من غياب هذا العامل المؤثّر ، حيث أنّ ثلث الذكور إستطاعوا بلوغ معدّل بين 12 و14 /20 في حين تنجح نصف الإناث في تحصيله . ويتكرّر هذا التفوّق أو عدم القابلية للتضرّر من غياب الدروس الخصوصية ، مع كلّ درجات التحصيل الدراسي الضعيفة أو المتوسّطة أو الأعلى تفوّقا .

تتمظهر الدروس الخصوصية ضمن التحصيل الدراسي للذكور كعامل مؤثر أو عامل فاعل محدّد ، بإعتبار أنّه كلّما إعتمد عليه الذكور أكثر كلّما تقدّمت نتائجهم ، حيث أنّنا نسجّل تصاعد الإعتماد على الدروس الخصوصية مع كلّ تقدّم في درجات النجاح الدراسي . ويمظهر هذا المعطى لدى الإناث كعامل مساعد لا مؤثّر ، لا تتحدد به نهائيا وإن نسبيا ، نتائجهن الدراسية . وتتأكّد درجة تأثيرية هذه كلّما صعدنا في سلّم التفوّق الدراسي للإناث .

إنّ السؤال الذي يقتضي تقصّي الدقّة هو : لماذا يعتمد الذكور أكثر من الإناث على الدروس الخصوصية وبعبارة أخرى لماذا يتضرّر أكثر الذكور من غياب هذا العامل في صلته بالتحصيل الدراسي . نطرح هنا فرضية : أنّ توجّه الذكور كثر من الإناث للدروس الخصوصية إنّما هو إختيار غير فردي أو ذاتي يعود للمتعلّم بقدر ما هو خيار الجماعة المرجع وأنّ هذا التفضيل الجنسي للجماعة المرجع يتّصل سببيا بالوضعية الإقتصادية ـ الإجتماعية لها .
يكشف متغيّر الوضعية الإقتصادية - الإجتماعية للعائلة عن مفاضلة جنسية تقيمها هذه الجماعة المرجع للمتعلّمين في الإنفاق الموازي على أبنائهم . ونقصد بالإنفاق الموازي التكاليف والأعباء المادية التي تتحمّلها العائلات خارج المقتضيات المدرسية الضرورية . ذلك أنّ كلّ المكانات الإجتماعية تتّفق في تفضيل الإنفاق أكثر على الذكور منه على الإناث من أبنائهم . فالإنتقال التصاعدي في سلّم المكانة الإجتماعية يوازيه في ذات الإتّجاه تفضيل الذكور على الإناث . تتّصف الصّلة العلائقية بين المكانة الإجتماعية للأسرة وإتّجاه الإناث الى الدروس الخصوصية بنفس الرسم البياني التصاعدي للمتغيّرين . فكلّ إنتقال في المكانة الإجتماعية للعائلة يصاحبه إرتفاع في نسبة إعتماد الإناث على غرار الذكور الدروس الخصوصية ، إلاّ أنّ ما يجب الوقوف عليه هو تراجع الخطّ التصاعدي عند مستوى الموظفين السامين فيما يتّصل بالإناث فحسب .

ما هي الخلفية الدافعة لمفاضلة كلّ العائلات للذكور، بإختلاف المكانة الإجتماعية التي يحتلّونها ؟ هل يجوز ردّ ذلك الى تماهي موقفي يعيد إنتاج عقلية مجتمعية تقليدية ، رغم تفاوت الثقافة الجماعية المتّصلة بالطبقة الإجتماعية للعائلة . تسند هذه العقلية أهمية أكثر للنجاح الدراسي للذكور على نجاح الإناث من الأبناء. وتتمظهر هذه المفاضلة في الإستعداد الأكبر الذي تبديه الأسر لدعم ابنائها الذكور عبر الدروس الخصوصية .

وتتأكّد هذه المفاضلة للذكور لدى الأسر الأعلى دخلا مثلما لدى الموظفين السامين ثم أصحاب المهن الحرّة ، حيث الفئة الأولى يسمحون أو يشجّعون قرابة 80% من أبنائهم الذكور على الإقبال على الدروس الخصوصية وتتجاوز الثلثين لدى الموظفين السامين وبنسبة 65% لدى أصحاب المهن الحرّة . لكن نسجّل أنّ الموظفين هم أقل العائلات دفعا لأبنائهم الذكور نحو الدروس الخصوصية ، حيث أنّ العملة والذين هم أقلّ دخلا ومكانة إجتماعية منهم يسمحون أو لهم إستعداد لأن يتعاطى أبنائهم الذكور الدروس الخصوصية . أمّا لدى الإناث فنجد أنّ العملة هم أقلّ أصناف العائلات إتجاها لأن يتعاطى أبنائهم الإناث الدروس الخصوصية ، يعقبهم الموظفين بنسبة 40.62%، كما يتّضح جليّا في الرسم البياني الآنف .

لا شكّ أنّ هذه النتائج تحتمل قراءات عديدة ، لعلّ ابرزها مسألة المفاضلة الجنسية التي تقيمها الجماعات المرجع للمتعلّمين والتي تعبّر عن ثقافة خصوصية وعن تصوّر وبالتالي موقف من تعلّم البنت بالخصوص . تمارس هذه المواقف المرجعية التي تنقل للأبناء عبر التنشئة الإجتماعية تأثيرا على الفعل التعليمي للأبناء ومنه على نتائجهم الدراسية . ومهما يكن حاصل التأويل فإنّ الزاوية النفعية للبحث تصبّ في فكرة : ضرورة مراجعة المدرّس لرؤيته للمتعلّم كفرد يملك زمام أموره أو أنّه يمارس مواقف فردية وذاتية تقرأ أحيانا من قبله كموقف من المادة في حدّ ذاتها أو من المدرّس ذاته . يصبح لزاما على المدرّس أن يتعامل مع التلميذ كناقل لبعده الإجتماعي الذي يتمظهر في سلوكه التربوي الذي يحمل توجيها مجتمعيا عبر القوالب الفكرية المنقولة اليه عبر العائلة . فالفصل هو مجتمع مصطنع بما أنّه يمظهر التقسيم الإجتماعي وينقل تمايز الوضعيات والحظوظ والرؤى والتصوّرات الإجتماعية للمدرسة وللنجاح الدراسي ككلّ ولمضامينه المتّصلة بالتراتب التفاضلي للمواد التعليمية .

6ـ السنّ العمرية للآباء والنتائج الدراسية للأبناء
ننطلق ضمن المبحث من فرضية : أنّه كلّما إزدادت الفجوة الجيلية بين الآباء والأبناء كلّما إنعكس ذلك سلبيا على النتائج الدراسية للأبنا خاصة الذكور منهم. ونقصد بالفجوة الجيلية ، الفارق العمري بين الآباء والأبناء الذي يستدلّ عليه عبر السنّ العمرية للآباء . كما نطرح فرضية ثانية يفرضها متغيّر الجنس وهي أنّ تأثير الفجوة العمرية بين الآباء والأبناء تتمظهر حدّتها أكثر على صعيد العلاقة بين الأبناء والأمهات .

يكشف الرسم البياني للنتا ئج في توازي مع الخطّ الصاعد للسن العمرية للأمّ عن سلبية مطلقة للتحصيل الدراسي للأبناء من الجنسين ، إذغ تجاوز سنّ الأمّ 53 سنة . ويتمركز التأثير السلبي للفجوة العمرية بين الأمهات والأبناء خاصة لدى الإناث من أبنائهنّ . فلم تنجح أي من الإناث في تحصيل معدّل يتجاوز 12 /20

كما تسجّل الملاحظة الرسم التنازلي لنتائج البنات مع كلّ صعود في سلّم السنّ العمرية للأم ، أي مع كلّ إتّساع للفجوة العمرية بين الأمّهات وبناتهنّ . وهو نفس الشيء الملاحظ ضمن نتائج الذكور أيضا . نجد أنّ ثلاثة أرباع بنات الأمّهات اللواتي تجاوزن 53 سنة لم يتجاوز تحصيلهم الدراسي العشرة من عشرين ويتراوح معدّل الربع الآخر بين 10 و12 /20 . ما يىحظ أيضا هو أنّه كلّما إرتفعت الفجوة العمرية بين الأمّهات وبناتهنّ كلّما تراجعت نتائجهنّ الدراسية أو بعبارة أخرى كلّما إزدادت الفجوة العمرية بينهنّ كلّما إزدادت نسبة المتحصّلات من بناتهنّ على معدّلات اقلّ من 10 /20 أي تعاضمت نسبة الفشل الدراسي .

لا تنضبط هذه القاعدة لنتائج الأبناء الذكور بصفة كلية ، حيث نسجّل نجاح 17 % من أبناء الأمّهات اللواتي تجاوزن عتبة الخمسين من العمر في الإرتقاء الى أعلى درجات التفوّق الدراسي ، مثلما نسجّل غياب التوازي بين الصعود في الفجوة العمرية والتراجع في النتائج الدراسية التي وقفنا عليها لدى الأبناء الإناث ، حيث تتراوح نتائج الذكور بين الصعود والنزول . ذلك أنّ 56 % من أبناء الأمّهات بين 32 و39 سنة تحصّلوا على معدّل يفوق العشرة من عشرين ، غير بعيد كليّا عن نتائج أبناء اللواتي تجاوزت أعمارهن 48 سنة . وهنّ بذلك يتفوّقن على أبناء اللواتي يتراوح عمرهنّ بين 40 و47 سنة .

من هنا يصبح لزاما تأكيد صحّة فرضية العمل التي إنطلقنا منها ضمن هذا المبحث وهي أنّ الفجوة العمرية بين الآباء والأبناء تمارس تأثيرها السلبي أكثر على أبناء الأمّهات وتتأكّد قاعدة الترابط بين إتّساع الفجوة العمرية وتزايد الفشل الدراسي أكثر لدى الإناث من أبنائهنّ .

إنّ ما يؤكّد ما ذهبنا إليه هو الأبناء الإناث للآباء الذكور الذين تجاوزوا عتبة 53 سنة نجحن بنسبة 22 % في تحصيل معدّلات تتراوح بين 12 و18 /20 وهو ما ينعدم كليّا لدى الإناث من أبناء الأمّهات من نفس الفئة العمرية . كما نسجّل عدم تطابق رسم نتائج الإناث مع القاعدة المذكورة آنفا ، حيث لا ترتفع نسب الفشل الدراسي مع تقدّم سنّ الآباء الآ لدى الذكور .

يتوافق الرسم البياني للعلاقة بين الفشل أو النجاح الدراسي للإناث والسن العمرية للأب مع نفس الرسم البياني لنتائج الأبناء الذكور بالنظر الى تقدّم الأمّهات في السنّ .

وهو ما يذكرنا بالرسم التقاطعي لإتّجاه تأثير مساعدة الآباء والأمهات لأبناءهم الذكور والإناث في نتائجهم الدراسية ( أنظر صفحة ) . إلاّ أنّ القراءة التفكيكية تضعنا أمام القاعدة الإستنتاجية التالية : كلّما قلّت الفجوة العمرية بين الأب وأبنائه كان تأثيره الإيجابي على التحصيل الدراسي للإناث أفضل منه للذكور وكلّما إتّسعت يتّجه التأثيرالسلبي أكثر نحو الذكور. أمّا لدى الأمّهات فنجد أنّه مع كلّ تقدّم في السنّ العمرية للأم تتزايد نسبة الفشل لدى الإناث من أبنائهم وتتراجع نسب التفوّق لديهنّ. مع أنّ التأثير السلبي لإتّساع الفجوة العمرية يمسّ الإناث أكثر منه الذكور ، حيث نسجّل إرتفاع نسب تفوّق الذكور مع مع كلّ تقدّم في سنّ الأمّ دون 48 سنة . فإذا إجتازت هذه السنّ ينقلب التأثير من الموجب الى السالب على التحصيل الدراسي للأبناء الذكور مثلما الإناث .

تدعّم هذه النتيجة العلمية الدعوة اليومية السائدة التي يطلقها المدرّسون لأن يعي أولياء المتعلّمين أهمية وخطورة دورهم وتأثيرهم الحاصل على النتائج الدراسية لأبنائهم . وهي بذلك تضعنا مرّة أخرى أمام الخطأ الروتيني المتداول عند مختلف أطراف لوضعية التربوية مثلما لدى الأطراف المؤثّرة في التحصيل النهائي للمتعلّمين دراسيا والمتمثّل في التعامل مع المتعلّم كفرد مجتثّ من أصوله الجماعية ووضعية الجماعة المرجع الإقتصادية ـ الإجتماعية .
لقد بيّننا في المباحث السابقة التأثيرات اللاشعورية للمكانة الإجتماعية للعائلة في تصوّرات وتمثّلات ومواقف المتعلّمين من المدرسة والمواد التعليمية مثلما النجاح والفشل الدراسي . ثمّ تبيّنت لنا عاملية هذه التصورات والمواقف من المواد التعليمية في تحديد موقع المتعلّم من سلّم التفوّق أو درجات الفشل الدراسي . ولقد إتّضح جليّا عبر إختبار فرضية تأثير متغيّر الجنس ، أنّ مستويات تأثير هذه العوامل الإجتماعية يتغاير بين الجنسين ، مثلما إنتهينا في مبحثنا الأخير الى أنّ المضمون السلبي أو الإيجابي لتأثير متغيّر الفجوة العمرية بين الآباء والأبناء يختلف إتّجاهه بين الجنسين مثلما يتباين لدى الأباء عنه لدى الأمّهات.

7 ـ التفكّك الأسري والتحصيل الدراسي:
يطرح التفكّك الأسري وعلاقته بنتائج الأبناء الدراسية كمؤشّر أو أحد أثعدة المجتمعي . وننطلق من فرضية أنّ الطلاق الذي نتاجه التفكّك الأسري يفضي سببيا الى الفشل المدرسي للأبناء ، الإناث منهم أكثر من الذكور .

تضعنا عملية تصنيف نتائج المتعلّمين الذين يفتقدون أحد أولياء أمورهم نتيجة لا الموت بل فكّ الرابطة الزوجية ، الى أربعة درجات من التحصيل الدراسي ، أمام نتيجة عامّة لا تأخذ بعين الإعتبار متغيّر الجنس وهي أنّ غالبية أبناء المطلّقين ( 80%) يفشلون في بلوغ المعدّل ( 10من20 ) ، مع ملاحظة أنّ معظم عناصر هذه العيّنة المتّصلة بالفشل تنزل معدّلاتها دون 7من20 والتي تقتضي الى جانب الرسوب الآلي توجيه توبيخ لهم حسب النظام التقييمي الجزائي المعتمد في توصيف النتائج العامة في مجالس الأقسام . هل تشكّل هذه النتيجة أرضية تشرعن تأكيد الصلة السببية للطلاق بالفشل الدراسي . إذ أخذنا بعين الإعتبار نسبة 80% من العيّنة المعنية بمتغيّر التفكك الأسري في علاقة بكونها تستقطب النسبة الأكبر من المتحصّلين على معدّلات أقلّ من 8من20 ، من جملة العيّنة الكلّية للبحث ، يصبح من المنطقي لا إفتعال بل إكتشاف العلاقة السببية التحديديّة للطلاق بالنتائج الدراسية للأبناء .

لا يعني هذا الترابط السببي بين الطلاق والفشل الدراسي ، مطلقية التأثير السلبي . ذلك أنّ 20% من النتعلّمين الذين عانوا تأثيرات التفكّك الأسري ، ينجحون في الإرتقاء بحاصل جهدهم التعليمي الى أعلى درجات التفوّق الدراسي ، حيث ينجح نصفهم في بلوغ معدّلات بين 12و14 من20 ، أمّا النصف الآخر فتتراوح معدّلاته بين 14و18من20 .

تتأكّد،على صعيد العيّنة الكلّية التي تتّصل بمتغيّر التفكّك الأسري ، صحّة فرضية ربط سلبية نتائج الجهد التعليمي بالوضعية الأسرية . ولا تستجيب نتائج الذكور لنفس القاعدة المستقرئة فحسب بل تكشف عن صلابة أكبر للصلة السببية بين الطلاق والفشل الدراسي . تتراجع أو تفقد هذه القاعدة أرضيتها السببية إذا إنتقلنا الى معالجة نتائج الإناث ، حيث تنقلب العلاقة ليصبح الحاصل العام أو الغالب للأبناء الإناث إيجابيا . فثلثي الإناث ينجحن في بلوغ أعلى مستويات التفوّق الدراسي .

إذا كان التفكّك الأسري يفضي آليّا الى فشل الذكور فإنّه يشكّل دافعا قويّا للإناث للتفوّق والنجاح الدراسي . يمكن الإستنتاج ، إذا أنّ متغيّر الجنس يلعب دورا تعديليا لحجم الإرتباط السببي بين التفكّك الأسري والفشل الدراسي أو هو يعيد مراجعة إتّجاه الصلة بينهما . فأن ننتقل من التحصيل الدراسي للذكور الى حاصل الإناث هو إنتقال من المتوقّع الى الإستثنائي أو اللامنتظر ، على إعتبار ما أثبته البحث من أنّ الذكور هم أكثر تأثّرا سلبا بالتفكّك الأسري من الإناث . وهو ما يخطّأ الشقّ الثاني للفرضية المطروحة في بداية هذا المبحث .

خــاتــــمـة
لقد شكّلت ظاهرة اللامساواة في التحصيل الدراسي للمتعلّمين مجال تقاطع عديد المرجعيّات الفكرية والتناولات لا العلمية فحسب بل أيضا الصحفية والدراسات الإستشرافية التي تقوم بها السلطة التربوية . من هنا تبدو حساسية التناول السوسيولوجي ، على إعتبار أنّها تمتلك الحصانة الذاتية المتأتية من مناهجها والتي تصنع المسافة الفاصلة بينها وبين العامي والمتداول . لذلك حرصنا على صرامة التقيّد بالمنهج وبالحدود التفسيرية التي يسمح بها للظاهرة . من هنا يبدو من الواضح إبتعاد البحث عن تقديم تفسيرات للنتائج التي إنتهى إليها على إعتبار الحذر من الدخول في التأويلات المفتقدة للسند المنهجي الذي يبرّرها .

إن أهم ما يمكن أن نذكر به ، دون تكرار النتائج المستنتجة ، هو أنّ النتائج الدراسية للمتعلّمين ليست نتاجا خالصا للجهد الفردي للتلميذ . تتداخل عوامل عديدة تلعب دور الموجّه أحيانا ودور الكابح في أحيان أخرى . يلامس تأثير الأرضية السوسيوـ إقتصادية للجماعة المرجع للمتعلّم تصوّراته وتمثّلاته للمدرسة وللنجاح الدراسي مثلما على تصوّراته ومواقفه من المواد التعليمية وبالتالي وتباعا على نتائجه الدراسية .

وقد إعتبرنا أنّ المكانة الإقتصادية ـ الإجتماعية للعائلة عاملا رئيسيا في تحديد تغاير لا مستويات الفشل والنجاح الدراسي بل يكشف التوزيع الإجتماعي للفشل المدرسي مثلما النجاح عن بنية قدرات وإستعدادات مستقرأة تتطابق مع البنية الطبقية للمجتمع . معنى ذلك أنّ المكانة الإقتصادية ـ الإجتماعية للجماعة المرجع للمتعلّم تتدخّل في تحديد وتوجيه مستويات التحصيل الدراسي بشكل لامباشر بل عبر توجيه تصوّرات وتمثّلات ومواقف المتعلّمين من المدرسة والمواد وشركائهم في الوضعية التربوية . تصنع المكانة الإجتماعية للمتعلّم مخطّطا توجيهيا لسلوكه التربوي تتوسّط أو هي قناة تواصل وإتّصال المتعلّم بذاته وبالآخرين ضمن العلاقة التربوية . وهو ما نلتقي فيه مع المقاربة البسيكوـ إجتماعية دون الأخذ بمقولاتها التي تتوسّط القول بفردية التأثيرات التي تتصّل بالماضي الطفولي والكوامن اللاشعورية المتدخّلة في تشكيل نمطية التواصل مع متعدّد عناصر الوضعية التربوية ، والأخذ بالأرضية المجتمعية لهذه المؤثّرات .

فإذا كان التفاعل بين شركاء الوضعية التربوية يمارس تأثيرا مباشرا على الحاصل الدراسي للمتعلّمين فليس معنى ذلك إعتبار الشركاء وخاصة المدرّس كما في التناول البسيكو ـإجتماعي أو التضمينات المؤسسية وحالة اللا تجانس التي تفرزها بين شركاء العلاقة التربوية مثلما تقول بذلك المقاربة المؤسسية . ذلك أنّ التفاعل مهما كان حاصله ومدى تأثيريته على الحالة التربوية والتحصيل الدراسي للمتعلّمين ، فهو لا يجعل الفصل أو المدرسة حقل نفسي بقدر ما يكشف الإرتباط العضوي بالأرضية المجتمعية . يضعنا هذا الإرتباط العضوي أمام إنقلاب نوعي في رؤية وتمثّل المتعلّم من فاعل فردي يتلقّى تأثيرات محيطه الإجتماعي عبر آليات نفسية ، الى ممثّل لفاعل جماعي بإمتياز . ممّا يضعف أي رؤية للمتعلّم والتحصيل الدراسي أو الحالة التربوية عموما لا تأخذ بالمضمون المجتمعي لما يبدو فرديّا أو خصوصيا . لقد وضعنا البحث أمام أهمية تعقّل ظاهرة اللامساواة في التحصيل الدراسي كظاهرة كلية لا تعكس كلية المجتمع فحسب بل هي تمظهر من تمظهرات الكلية المجتمعية . مما يعني أنّ الحالة التربوية هي حالة مجتمعية وأنّ المشروع التربوي هو مشروع مجتمعي بالأساس ، لا يجب أن يغيّب في الحلول التي يتضمنها للظواهر التي تفرزها المدرسة ، هذه الحقيقة .

هناك عوامل ثانوية وقفنا في مجريات البحث عن مستويات تأثيرها وكيفيات توجيهها للحالة التربوية وللحاصل الدراسي للمتعلّمين ،مثل أصعدة تتدخّل المكانة الإجتماعية للأسرة في تشكيل مواقف المتعلّمين من المواد التعليمية والعلاقة التحديدية لأنماط المواقف من المواد في تحديد مستويات الفشل والنجاح الدراسي للمتعلّمين . كما إنتهينا الى نتائج فرعية على غاية من الأهمية تتعلّق بالتقسيم الجنسي للمواد التعليمية وتتدخّل متغيّر الجنس في تغاير مستويات تأثير عوامل التفكّك الأسري مثلا أو نتاج فعل مساعدة الأولياء لأبنائهم ، كما وقفنا على حقيقة الإنعكاس الحتمي للمستوى التعليمي لأولياء المتعلّمين في النتائج الدراسية للأبناء وتباين حدّة التأثير بين الجنسين من الأبناء .






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=161818
التوقيع


    رد مع اقتباس
قديم 2010-06-29, 00:24 رقم المشاركة : 2
أبوسمية
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







أبوسمية غير متواجد حالياً


افتراضي رد: بحث هام في ٍالعوامل المفسرة للامساواة في التحصيل الدراسي


شكرا جزيلا على الإفادة القيمة .






    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للامساواة , المفسرة , التحصيل , الدراسي , بحث , ٍالعوامل , فى , هام

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 02:32 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd