منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   الكتاب التفاعلي (https://www.profvb.com/vb/f244.html)
-   -   عرض المبحث السادس من الفصل الثاني:الإلتزام المهني و الأخلاقي. (https://www.profvb.com/vb/t33542.html)

aboukhaoula 2010-06-10 18:24

عرض المبحث السادس من الفصل الثاني:الإلتزام المهني و الأخلاقي.
 
تعد التربية ضرورة اجتماعية وفردية ، فلا الفرد يستطيع أن يستغني عنها ولا المجتمع . وكلما ارتقى الإنسان في سلم الحضارة زادت حاجته الى التربية و التي أصبحت حقا من حقوق الإنسان لأنها عملية أساسية في تقدم الشعوب ونهضة الأمم . وأصبحت المجتمعات المتقدمة و النامية تتجه إلى التربية لحل مشكلاتها وضمان استمرار تقدمها . ويشير بعض المربين الى ان الحضارة العالمية هي سباق بين التربية و الدمار . ومن هنا كان الاهتمام بالتربية و التعليم لأنها مفتاح للتنمية البشرية التي تعد طاقة محركة للتنمية الشاملة المستدامة .
وينفرد التعليم بكونه
مهنة مقدسة لان الله سبحانه وتعالى نسبه الى ذاته العليا . قال تعالى : )) الرحمن * علم القران * خلق الإنسان * علمه البيان )) الرحمن 1-4 . كما اهتم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلم بالتعليم اهتماما كبيرا فقد وردت الأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد ذلك :إن الله لم يبعثني معنتا و لا متعنتا و لكن بعثني معلما ميسر. وأيضا اهتم العلماء الربانيون بالتعليم وحثوا عليه في أقوالهم ، ويعد المعلم العنصر الأساسي في التربية و التعليم ، اذ ان قضيته قاسم مشترك لعناصر العملية التربوية و الأنظمة التعليمية وان الاهتمام بأعداده وتدريبه وتنميته أمر لابد منه .
والأخلاق بالمفهوم العام، هي الركيزة الأساسية في حياة الأمم ، باعتبارها الموجه الرئيسي للسلوك الإنساني والاجتماعي والتربوي ، نحو التضامن والمساواة والتعايش والاحترام المتبادل ، وما يترتب عنها من قيم ومبادئ تسهر على تنظيم المجتمع من أجل الاستقرار وتحقيق السلام . وإذا كان تخليق الحياة ضرورة إنسانية واجتماعية ، فإن لكل مهنة أخلاقيات ينبغي احترامها والالتزام بها باعتبارها تعكس صورة التوجه الأخلاقي العام في حياة الشعوب والأمم . ولمهنة التدريس كغيرها من المهن أخلاقيات نابعة من الدور الفاعل للمدرسة والمدرس في المجتمع ، باعتبار علاقته المباشرة مع المتعلمات والمتعلمين ، ينبغي أن يساهم في تربيتهم على القيم الأخلاقية والإنسانية والحضارية التي يتقاسمها الجميع ، وينقل إليهم المعارف والمهارات ، ويكسبهم الكفايات الضرورية ويساهم في تفتح شخصياتهم ، وبذلك فهو مسؤول عن تكوين أجيال تتمتع بصفات التفكير الانتقادي والإبداعي والتحليلي ، أجيال مبدعة ومستقلة وقادرة على حل مشكلاتها بموضوعية وبأساليب علمية . وإن أدوارا مثل هذا الحجم والمسؤولية تتطلب مدرسات ومدرسين ملمين باستراتيجيات التعليم ومدركين لحاجات التلاميذ المختلفة ولاستعداداتهم المتفاوتة ، كما تتطلب بلورة ميثاق لحقوق وواجبات المدرس(ة) يأخذ بعين الاعتبار الحقوق المهنية للمدرس(ة) وواجباته مع تحصينها بأخلاقيات ينبغي أن يتحلى بها أثناء ممارسة مهامه التربوية والتعليمية والأخلاقية بشكل عام ، ومن بين هذه المواصفات ، الاقتناع بالمهمة والرضا عليها والإخلاص لها والتحلي بالضمير المهني والتضحية والقدوة والديمقراطية والشفافية .
و في هذا المبحث إن شاء الله سنناقش ما يلي:
1- لماذا الإهتمام بأخلاق المهنة في التدريس؟
2- ماهية أخلاق المهنة في المجال التربوي؟
3- ما درجة أهمية أخلاق المهنة في التربية؟
4- أين تتجلى هذه الأخلاق المهنية في ممارساتنا التربوية؟
5- مواصفات المدرس الذي يتصف بأخلاقيات المهنة؟

بلابل السلام 2010-06-10 19:39

رد: عرض المبحث السادس من الفصل الثاني:الإلتزام المهني و الأخلاقي.
 
بارك الله فيكم أخي الفاضل أبو خولة لالتزامكم بموعد طرح المقال
تنويه خاص بالمقال الجيد ومايعالجه من تساؤلات مهمة
لي عودة بحول الله تعالى.

خالد السوسي 2010-06-11 09:53

رد: عرض المبحث السادس من الفصل الثاني:الإلتزام المهني و الأخلاقي.
 


شكرا جزيلا لكم اخي الفاضل ابوخولة على مساهمتكم القيمة وطرحكم المميز وبارك الله فيكم


http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com11.gif



إعلان مكتب التربية العربي لدول الخليج لأخلاق مهنة التعليم

أقره المؤتمر العام الثامن لمكتب التربية العربي لدول الخليج

الدوحة 3 ـ 6 من رجب 1405هـ.
الموافق 24ـ 27 من مارس 1985م.







التعليم رسالة:

أولاً:



التعليم مهنة ذات قداسة خاصة توجب على القائمين بها أداء حق الانتماء إليها إخلاصاً في العلم، وصدقا مع النفس والناس، وعطاء مستمرا لنشر العلم والخير، والقضاء على الجهل والشر.


ثانياً:


المعلم صاحب رسالة يستشعر عظمتها، ويؤمن بأهميتها، ولا يضن على أدائها بغال ولا رخيص، ويستصغر كل عقبة دون بلوغ غايته من أداء رسالته.


ثالثاً:


اعتزاز المعلم بمهنته وتصوره المستمر لرسالته،ينأيان به عن مواطن الشبهات، ويدعوانه إلى الحرص على نقاء السيرة وطهارة السريرة، حفاظا على شرف مهنة التعليم ودفاعا عنه.

المعلم وطلابه:


رابعاً:


العلاقة بين المعلم وطلابه صورة من علاقة الأب بأبنائه، لحمتها الرغبة في نفعهم، وسداها الشفقة عليهم والبر بهم، أساسها المودة الحانية، وحارسها الحزم الضروري، وهدفها تحقيق خيري الدنيا والآخرة للجيل المأمول للنهضة والتقدم.


خامساً:


المعلم قدوة لطلابه خاصة، وللمجتمع عامة، وهو حريص على أن يكون أثره في الناس حميداً باقياً، لذلك فهو مستمسك بالقيم الخلقية، والمثل العليا، يدعو إليها ويبثها بين طلابه والناس كافة، ويعمل على شيوعها واحترامها ما استطاع.


سادساً:


المعلم أحرص الناس على نفع طلابه، يبذل جهده كله في تعليمهم، وتربيتهم، وتوجيههم، يدلهم بكل طرق على الخير ويرغبهم فيه، ويبين لهم الشر ويذودهم عنه، في إدراك كامل ومتجدد أن أعظم الخير ما أمر الله أو رسوله به، وأن أسوأ الشر هو ما نهى الله أو رسوله عنه.


سابعاً:


المعلم يسوي دائماً في عطائه ورقابته وتقويمه لأدائهم، ويحول بينهم وبين الوقوع في براثن الرغبات الطائشة، ويشعرهم دائماً أن أسهل الطرق ـ وإن بدا صعباً ـ هو أصحها وأقومها،وأن الغش خيانة وجريمة لا يلقيان بطالب العلم ولا بالمواطن الصالح.


ثامناً:


المعلم ساع دائما إلى ترسيخ مواطن الاتفاق والتعاون والتكامل لين طلابه، تعليماً لهم وتعويضاً على العمل الجماعي والجهد المتناسق، وهو ساع دائما إلى إضعاف نقاط الخلاف، وتجنب الخوض فيها، ومحاولة القضاء على أسبابها دون إثارة نتائجها.

المعلم والمجتمع:

تاسعاً:


المعلم موضع تقدير المجتمع واحترامه وثقته، وهو لذلك حريص على أن يكون في مستوى هذه الثقة، وذلك التقدير والاحترام، يعمل في المجتمع على أن يكون له دائما في مجال معرفته وخبرته ـ دون المرشد والموجه ـ يمتنع عن كل ما يمكن أن يؤخذ عليه من قول أو فعل، ويحرص على أن لا يؤثر عنه إلا ما يؤكد ثقة المجتمع به واحترامه له.


عاشراً:


تسعى الجهات المختصة إلى توفير أكبر قدر ممكن من الرعاية للعاملين في مهنة التعليم، بما يوفر لهم حياة كريمة تكفهم عن التماس وسائل لا تتفق وما ورد في هذا الإعلان لزيادة دخولهم، أو تحسين ماديات حياتهم.


حادي عشر:


المعلم صاحب رأي وموقف من قضايا المجتمع ومشكلاته بأنواعها كافة، ويفرض ذلك عليه توسيع نقاط ثقافته، وتنويع مصادرها، والمتابعة الدائمة للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ليكون قادراً على تكوين رأي ناضج مبني على العلم والمعرفة والخبرة الواسعة، يعزز مكانته الاجتماعية، ويؤكد دوره الرائد في المدرسة وخارجها.


ثاني عشر:


المعلم مؤمن بتميز هذه الأمة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو لا يدع فرصة لذلك دون أن يفيد منها، أداء لهذه الفريضة الدينية، وتقوية لأواصر المودة بينه وبين جماعات الطلاب خاصة، والناس عامة، وهو ملتزم في ذلك بأسلوب اللين في غير ضعف، الشدة في غير عنف، يحدوه إليهما وده لمجتمعه، وحرصه عليه، بدوره البناء في تطويره، وتحقيق نهضته.

المعلم رقيب نفسه:

ثالث عشر:


المعلم يدرك أن الرقيب الحقيقي على سلوكه بعد الله سبحانه وتعالى هو ضمير بقظ، ونفس لوامة، وأن الرقابة الخارجية مهما تنوعت أساليبها لا ترقى إلى الرقابة الذاتية، لذلك يسعى المعلم بكل وسيلة متاحة إلى بث هذه الروح في طلابه ومجتمعه، ويضرب بالاستمساك بها في نفسه المثل والقدوة.


رابع عشر:


المعلم في مجال تخصصه طالب علم وباحث عن الحقيقة، لا يدخر وسعاً في التزود من المعرفة، والإحاطة بتطورها في حقل تخصصه، تقوية لإمكاناته المهنية موضوعا وأسلوبا ووسيلة.


خامس عشر:


يسهم المعلم في كل نشاط يحسنه، ويتخذ من كل موقف سبيلا إلى تربية قوية، أو تعليم عادة حميدة، إيمانا بضرورة تكامل البناء العلمي والعقلي والجسماني والعاطفي للإنسان، من خلال العملية التربوية التي يؤديها المعلم.


سادس عشر:


المعلم مدرك أن تعلمه عبدة، وتعليمه الناس زكاة، فهو يؤدي واجبه بروح العابد الخاشع، الذي لا يرجو سوى مرضاة الله سبحانه، وبإخلاص الموقن أن عين الله ترعاه تكلؤه، وأن قوله وفعله كله شهيد له أو عليه.

المدرسة والبيت:

سابع عشر:


الثقة المتبادلة، واحترام التخصص والأخوة المهنية، هي أسس العلاقات بين المعلم وزملائه، وبين جميعاً، والإدارة المدرسية المركزية، ويسعى المعلمون إلى التفاهم في ظل هذه الأسس فيما بينهم، وفيما بينهم والإدارة المدرسية والمركزية حول جميع الأمور التي تحتاج إلى تفاهم مشترك، أو عمل جماعي، أو تنسيق للجهود بين مدرسي المواد المختلفة، أو قرارات إدارية لا يملك المعلمون اتخاذها.


ثامن عشر:


المعلم شريك الوالدين في التربية والتنشئة والتقويم والتعليم،لذلك فهو حريص على توطيد أواصر الثقة ين البيت والمدرسة،وإنشائها إذا لم يجدها قائمة، وهو يتشاور كلما اقتضى الأمر مع الوالدين حول كل أمر يهم مستقبل الطلاب أو يؤثر في مسيرتهم العلمية.


تاسع عشر:


يؤدي العاملون في مهنة العليم واجباتهم كافة ويصبغون سلوكهم كله، بروح المبادئ التي تضمنها هذا الإعلان، ويعملون على نشرها، وترسيخها، وتأصيلها، والالتزام بها بين زملائهم وفي المجتمع بوجه عام.


عشرون:


صدر هذا الإعلان عن مكتب التربية العربي لدول الخليج وأقره مؤتمره العام الثامن الذي انعقد في الدوحة بدولة قطر.







خالد السوسي 2010-06-11 10:09

رد: عرض المبحث السادس من الفصل الثاني:الإلتزام المهني و الأخلاقي.
 

MoSt@Fa 2010-06-11 19:17

رد: عرض المبحث السادس من الفصل الثاني:الإلتزام المهني و الأخلاقي.
 
شكرا جزيلا لك على التوطئة القيمة أستاذنا الفاضل أبو خولة

تبسيطا لموضوع أخلاقيات المهنة كمجال من مجالات المعايير المأخوذ بها عالميا لتقييم أداء المدرس
أسجل هنا ما يلي :
تعريف
أخلاقيات المهنة لدى الأستاذ هي مجموعة من معايير السلوك الرسمية وغير الرسمية التي يستخدمها الأساتذة كمرجع يرشد سلوكهم أثناء أدائهم لوظائفهم، وتستخدمها الإدارة والمجتمع للحكم على التزام الأساتذة.
الأبعاد
لاشك أن كل ما يفعله الأستاذ يتضمن بعداً اخلاقياً وكل ما يقوله الأستاذ يتضمن مضمونا أخلاقيا، وذلك صحيح سواء كان بقصد أو بغير قصد، وسواء أدركه الأستاذ أو فاته ادراكه. إن الأستاذ نموذج حى ومتحرك ودائم للسلوك ينظر إليه تلاميذه بإكبار، ويتطلعون إليه في تقدير، ويهتدون في ما يجب فعله بما يفعله هو، ويستهدون فيما يقولون بما يقوله هو.
إن الأستاذ سلوك قائم ومستمر ومؤثر فى التلاميذ حين يمشى وحين يتكلم، وحين يجلس، وحين يغضب، وحين يعاقب، وحين يكافئ وحين يعطى الدرس، وحين يصدر الأمر، وحين ينهى عن أمر، وحين يحاسب، وحين يصحح الواجبات والامتحانات، وحين يرد على الاستفسارات ، و... ، و... ، و حين يفعــــل أى شـئ أو يقول أى شئ.
ويتوقع من الأستاذ ترتيبا على ذلك :
اولاً : أن يكون نموذجا طيبا للسلوك ، ليس فقط لأن هذا واجبه، وإنما لأنه قدوة لمن حوله.
ثانياً : أن يقود التنشئة الخلقية السليمة لتلاميذه، وتهيئة الظروف لنموهم المعرفى والخلقى الذى نرجوه لهم.
الأستاذ اذن مسؤول ومسؤوليته جسيمة وأخلاقه هى الجسر الذى يربط بين تلاميذه ومجتمعه.
يكاد يكون الحديث عن نطاق مسؤولية المعلم المهنية فى الأخلاق بغير حدود، الى درجة إعادة الحديث عن كل المجالات والمعايير التي ذكرناها خلال مباحث هذا الفصل من معايير ومجالات التميز التربوي لدى الأستاذ...

ومع ذلك يمكننا أن نجتهد في وضع معايير قابلة للقياس متفرعة عن هذا المجال "مجال أخلاقيات المهنة" ، أذكر منها خمسة وأترك لكم إضافة المزيد :
1 – أن يكون ملتزما بدينه وينأى بنفسه عن كل المعاصي والآثام التي تخرم مروءته
2 – أن يتقيد بالقوانين الجاري بها العمل في مختلف مناحي حياته المهنية والشخصية
3 – أن يتسم تعامله مع تلاميذه بالأخلاق الفاضلة: عدل،إنصات،لطف،تسامح،حرية..
4 – أن تكون سمعته جيدة بين زملائه وإدارته وأولياء الأمور
5 – أن تكون حياته المهنية خالية من المخالفات والأخطاء المهنية


المرجع :
أخلاق المهـنة لدى المعلم- دلــــيل للتعلّم
تأليف
أ.د. صديق محمد عفيفى
رئيس أكاديمية طيبة - القاهرة
و رئيس المجلس القومي للتربية الأخلاقية
وهو كتاب قيم جدا أنصحكم بقراءته ويمكنكم تحميله من هذا الرابط

نسمة المنتدى 2010-06-11 20:10

رد: عرض المبحث السادس من الفصل الثاني:الإلتزام المهني و الأخلاقي.
 


شكرا اخي الفاضل ابا خولة على الطرح القيم

ـ مفهوم أخلاقيات المهنية في المجال التربوي:


تعتبر أخلاقيات المهنة كل ما يتبادر إلى الذهن من سلوكات ومواصفات ومواقف وقيم أخلاقية، التي يجب أن يتحلى بها المدرس أثناء مزاولة مهمته التربوية والتعليمية ودوره الأخلاقي بشكل عام.
من بين هذه المواصفات نذكر منها:
- الاقتناع والرضا عن المهنة،
- الإخلاص لها والتحلي بالمروءة والضمير المهني،
- التضحية والحلم،
- التواضع والقدوة الحسنة...الخ.

إن أخلاقيات المهنة تتجلى بالأساس في تأسيس علاقات إيجابية مع المهنة، ومع المتعلمين وأوليائهم، واحترام آراء المتعلمين وتشجيعهم على الاستقلال في اتخاذ القرارات المرتبطة بمصيرهم التربوي والتعليمي التعلمي.على ضوء ما سبق، يمكن أن نستند إلى المقاربة الأولية لمفهوم أخلاقيات المهنة، كما هي واردة في الندوة التربوية التي نظمت حول هذا الموضوع بمركز التكوين المستمر بالرباط يومي 12 و 13 يونيو 1996، والتي شاركت فيها مجموعة من الفعاليات الإدارية والتربوية المشرفة على عملية التكوين، حيث توصل المشاركون إلى تحديد المقاربة الآتية لمفهوم أخلاقيات المهنة: " ... العمل على ضوء مجموعة من الضوابط والسلوكات والمواقف المرتبطة بخصوصية التربية والتعليم. ويقتضي هذا المفهوم الوعي بأهمية العلاقات والاتجاهات في أبعادها المختلفة والمعرفة بالذات وفق ما تستوجبه المرجعية المهنية ".نستنتج مما سبق أن أخلاقيات المهنة ليست علما قائما بذاته، أو مادة دراسية خاصة، وإنما هي ثقافة ذاتية ذات طبيعة سلوكية ووجدانية. إن اهتمامها بالسلوك والوجدان يجعلها في النهاية ترتبط كثيرا بالقيم (الحق والخير والجمال) ما دام السلوك يصدر عن قناعة بالقيم وتشبع بالمواقف. لهذا يظل هاجس أخلاقية المهنة هو تكوين منظومة من قيم تحكم علاقات المدرس مع نفسه ومع الآخرين، والعمل على توجيهها نحو تحرير الذات الفردية وإبراز طاقاتها الخلاقة في مجال المهنة.إن أخلاقيات المهنة تتجاوز رهانات التربية بمعناها العام، سواء ما ارتبط منها بمجال المعرفة الخالصة(نتعلم لنعرف) أو بمجال الوجود (نتعلم لنكون) أو بمجال العمل (نتعلم لنفعل) أو بمجال الوجود مع الآخر (نتعلم لنكون مع الآخر ونتواصل معه).لهذا تتجلى الغاية من وراء أخلاقيات المهنة في تعزيز وترسيخ القيم؛ قيم المواطنة ـ قيم الدين الإسلامي ـ قيم الأخلاق السامية ـ قيم الديموقراطية ـ قيم حقوق الإنسان وحقوق الطفل والأسرة ـ قيم الفئات البشرية المختلفة، فضلا عن توعية الشغيلة التعليمية بأبعاد الرسالة التربوية والتعليمية تجاه الفرد والمجتمع، بغية استضمار سلوك أخلاقي يلعب فيه الضمير المهني دورا فعالا وإيجابيا.

ـ أهمية أخلاقيات المهنية في المجال التربوي

تتجلى أهمية دراسة موضوع أخلاقيات المهنة في تعزيز الممارسات الأخلاقية التي ينبغي أن تنعكس بشكل أكثر إيجابية في منهجية التدريس، وفي العلاقات التربوية بين مختلف مكونات الوسط المدرسي، وتكوين لدى المدرس اتجاهات إيجابية نحو المهنة، إذ تبصره بالتزاماته الأخلاقية، وتوعيته بأبعاد الرسالة التعليمية التي يتحملها تجاه الفرد والمجتمع. كما تنظم علاقاته الإدارية الاجتماعية، وتدربه على أساليب التعامل اللائق مع مختلف مكونات المجتمع المحلي والوطني، هذا فضلا عن معرفته لقواعد الانضباط الأخلاقية، والقدوة الحسنة، والتحلي بالضمير المهني والابتعاد عن الشبهات، من أجل تحقيق الوعي بأهمية البعد القيمي الأخلاقي في مجال التربية والتكوين، وإشاعة ثقافة جديدة مبنية على أساس احترام مواثيق حقوق الإنسان وحقوق الطفل والأسرة، ودعم الارتباط بالمؤسسة والحفاظ على سمعتها وتفعيل دورها الإشعاعي، هذا فضلا عن تنمية روح التواصل والتعاون والاحترام المتبادل بين مختلف الفرقاء.

المصدر مجلة المدرس التربوي

aboukhaoula 2010-06-11 20:27

رد: عرض المبحث السادس من الفصل الثاني:الإلتزام المهني و الأخلاقي.
 
المجال التربوي وأخلاقيات المهنة
ذ. بنعيسىاحسينات
Saturday 24-05 -2008

مدخل:
تعتبر الأخلاق، بالمفهوم العام، الركيزة الأساسية في حياة الأمم، باعتبارها الموجه الرئيسي للسلوك الإنساني والاجتماعي والتربوي، نحو التضامن والتعايش والاحترام المتبادل، وما يترتب عنها من قيم ومبادئ، تسهر على تنظيم المجتمع من أجل الاستقرار وتحقيق السلام. فبدون الأخلاق لا يمكن الحديث عن سلامة واستقرار المجتمع وتقدمه ورقيه. يقول أحمد شوقي:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

فتخليق الحياة ضرورة إنسانية واجتماعية لا مناص منها. لذا فأخلاقية المهنة في المجال التربوي، موضوع مقالنا، يعتبر في صميم التوجه الأخلاقي العام في حياة الشعوب والأمم. فبدون تخليق الحياة العملية نكون قد حكمنا على أنفسنا بالضياع والانحطاط والتخلف.

يبقى أن نتساءل. لماذا الاهتمام بموضوع أخلاقيات المهنة في المجال التربوي ؟ و ما مفهوم أخلاقيات المهنية هذه وأهميتها ؟ وكيف يتحقق اتجاه المدرس نحو المهنة؟ وما هي نتائج هذا الاتجاه إيجابا ولسلبا نحو مهنة التدريس؟

1ـ لماذا الاهتمام بموضوع أخلاقيات المهنة في المجال التربوي ؟
يحض المدرس قديما، في المجتمع العربي عموما وفي المجتمع المغربي على الخصوص باحترام وتقدير كبيرين، حيث كان يلعب دور المرشد والموجه والمؤطر لجميع أنشطة الجماعة التي تتردد على المدرسة أو الكتاتيب القرآنية؛ فكان يؤم المصلين ويفتيهم في أمور دينهم، ويعلمهم قواعد العبادات والمعاملات، ويعلم أبناءهم مبادئ المعرفة والأخلاق، ويشاطر السكان أفراحهم وأحزانهم، ويفك الصراعات بين أفراد الجماعة، ويبرم العقود... وكان المدرس مقابل هذا الحضور الإيجابي محط تقدير واعتزاز، فتحتضنه الجماعة فتأويه وتطعمه وتكرمه وتدمجه بين أفراد عائلتها، باعتباره أمينا على القيم الأخلاقية، بالإضافة إلى كونه قدوة للصغار بسلوكه وإشعاعه داخل المؤسسة وخارجها، حتى كاد أن يرتقي إلى مرتبة الرسول، كما يقول الشاعر أحمد شوقي:

قـم للمعـلم وفـه تبجيـلا
كـاد المعلم أن يكـون رسـولا

لقد اقترنت التربية عند سائر الأمم بتنشئة الأطفال وفق القواعد الأخلاقية والقيم التي يقرها المجتمع، إلا أن البعد الأخلاقي اضمحل في العقود الأخيرة، بحيث أن المدنية المعاصرة فرضت قيما أخرى غير القيم الأخلاقية، فسادت النزاعات المادية على العقول والنفوس، ولم تعد ظروف العيش تضمن للمدرس الاطمئنان على مستقبله ومستقبل أفراد أسرته، فبدأ مركزه الاجتماعي يتقلص في العقود الأخيرة بفعل عدة عوامل وضغوط، واهتزت مكانة المدرس في المجتمع، وانتقلت من التقدير والاحترام إلى الحذر واللامبالاة والاحتقار، وتتجلى هذه العوامل والضغوط في:
ـ تراجع التوجه المثالي الأخلاقي أمام طغيان التوجه المادي البرغماتي (النفعي)، وسيطرته على العقول والنفوس.
ـ صعوبة الجمع بين المبادئ والمصالح.
ـ تزايد الحاجة إلى المدرسين نتيجة الانفجار الديموغرافي وتشجيع التمدرس خاصة في العالم القروي، مع اختلال عملية انتقاء المدرسين.
ـ الوقائع اليومية والموسمية (الامتحانات مثلا) التي تفرز مجموعة من الاتهامات الموجهة إلى رجال التعليم، دون أن ننسى ما تبثه وتنشره وسائل الإعلام بين الفينة والأخرى من فضائح وممارسات منحرفة (اغتصابات، هتك العرض، عنف، عقوبات بدنية، غش، تغيبات متكررة...).
ـ ظاهرة الساعات الإضافية، وما تشكله من استغلال بشع للتلاميذ وأوليائهم.
ـ الشعور بخطورة الحالة على أكثر من صعيد، ويكفي الاستدلال على درجة تلك الخطورة، الإشارة إلى انشغال منظمة " اليونيسكو " بالأمر وتحركها بكل إمكانياتها ووزنها لتجعل موضوع " دعم أخلاقيات رجل التعليم " أحد انشغالاتها البالغة الأهمية، بغاية تطوير عطائه ولإعادة الاعتبار إليه.
ـ الوعي المتنامي والإجماع الموضوعي لكافة مكونات المجتمع على ضرورة بعث ثقافة أخلاقية جديدة، مبنية على مبادئ النزاهة والاستقامة والتفاني والإخلاص في خدمة الصالح العام.
ـ صدور مذكرة وزارية الوطنية وتكوين الأطر رقم 60-1350 حول موضوع إدراج أخلاقيات المهنة ضمن مقررات التكوين،، بتاريخ 28 نونبر 1996. وكذا قرار وزير التربية الوطنية رقم 99-797 بتاريخ 26 محرم 1420 (13 ماي 1999) صدور مراسلة عن مديرية المناهج، قسم برامج تكوين الأطر، حول إدراج موضوع " أخلاقيات المهنة " ضمن المواد التكوينية بالسنة الأولى بمراكز تكوي أساتذة التعليم الابتدائي.

2 ـ مفهوم أخلاقيات المهنية في المجال التربوي:
تعتبر أخلاقيات المهنة كل ما يتبادر إلى الذهن من سلوكات ومواصفات ومواقف وقيم أخلاقية، التي يجب أن يتحلى بها المدرس أثناء مزاولة مهمته التربوية والتعليمية ودوره الأخلاقي بشكل عام.
من بين هذه المواصفات نذكر منها:
- الاقتناع والرضا عن المهنة،
- الإخلاص لها والتحلي بالمروءة والضمير المهني،
- التضحية والحلم،
- التواضع والقدوة الحسنة...الخ.

إن أخلاقيات المهنة تتجلى بالأساس في تأسيس علاقات إيجابية مع المهنة، ومع المتعلمين وأوليائهم، واحترام آراء المتعلمين وتشجيعهم على الاستقلال في اتخاذ القرارات المرتبطة بمصيرهم التربوي والتعليمي التعلمي.

على ضوء ما سبق، يمكن أن نستند إلى المقاربة الأولية لمفهوم أخلاقيات المهنة، كما هي واردة في الندوة التربوية التي نظمت حول هذا الموضوع بمركز التكوين المستمر بالرباط يومي 12 و 13 يونيو 1996، والتي شاركت فيها مجموعة من الفعاليات الإدارية والتربوية المشرفة على عملية التكوين، حيث توصل المشاركون إلى تحديد المقاربة الآتية لمفهوم أخلاقيات المهنة: " ... العمل على ضوء مجموعة من الضوابط والسلوكات والمواقف المرتبطة بخصوصية التربية والتعليم. ويقتضي هذا المفهوم الوعي بأهمية العلاقات والاتجاهات في أبعادها المختلفة والمعرفة بالذات وفق ما تستوجبه المرجعية المهنية ".

نستنتج مما سبق أن أخلاقيات المهنة ليست علما قائما بذاته، أو مادة دراسية خاصة، وإنما هي ثقافة ذاتية ذات طبيعة سلوكية ووجدانية. إن اهتمامها بالسلوك والوجدان يجعلها في النهاية ترتبط كثيرا بالقيم (الحق والخير والجمال) ما دام السلوك يصدر عن قناعة بالقيم وتشبع بالمواقف. لهذا يظل هاجس أخلاقية المهنة هو تكوين منظومة من قيم تحكم علاقات المدرس مع نفسه ومع الآخرين، والعمل على توجيهها نحو تحرير الذات الفردية وإبراز طاقاتها الخلاقة في مجال المهنة.

إن أخلاقيات المهنة تتجاوز رهانات التربية بمعناها العام، سواء ما ارتبط منها بمجال المعرفة الخالصة(نتعلم لنعرف) أو بمجال الوجود (نتعلم لنكون) أو بمجال العمل (نتعلم لنفعل) أو بمجال الوجود مع الآخر (نتعلم لنكون مع الآخر).

لهذا تتجلى الغاية من وراء أخلاقيات المهنة في تعزيز وترسيخ القيم؛ قيم المواطنة ـ قيم الدين الإسلامي ـ قيم الأخلاق السامية ـ قيم الديموقراطية ـ قيم حقوق الإنسان وحقوق الطفل والأسرة ـ قيم الفئات البشرية المختلفة، فضلا عن توعية الشغيلة التعليمية بأبعاد الرسالة التربوية والتعليمية تجاه الفرد والمجتمع، بغية استضمار سلوك أخلاقي يلعب فيه الضمير المهني دورا فعالا وإيجابيا.

3 ـ أهمية أخلاقيات المهنية في المجال التربوي
تتجلى أهمية دراسة موضوع أخلاقيات المهنة في تعزيز الممارسات الأخلاقية التي ينبغي أن تنعكس بشكل أكثر إيجابية في منهجية التدريس، وفي العلاقات التربوية بين مختلف مكونات الوسط المدرسي، وتكوين لدى المدرس اتجاهات إيجابية نحو المهنة، إذ تبصره بالتزاماته الأخلاقية، وتوعيته بأبعاد الرسالة التعليمية التي يتحملها تجاه الفرد والمجتمع. كما تنظم علاقاته الإدارية الاجتماعية، وتدربه على أساليب التعامل اللائق مع مختلف مكونات المجتمع المحلي والوطني، هذا فضلا عن معرفته لقواعد الانضباط الأخلاقية، والقدوة الحسنة، والتحلي بالضمير المهني والابتعاد عن الشبهات، من أجل تحقيق الوعي بأهمية البعد ألقيمي الأخلاقي في مجال التربية والتكوين، وإشاعة ثقافة جديدة مبنية على أساس احترام مواثيق حقوق الإنسان وحقوق الطفل والأسرة، ودعم الارتباط بالمؤسسة والحفاظ على سمعتها وتفعيل دورها الإشعاعي، هذا فضلا عن تنمية روح التواصل والتعاون والاحترام المتبادل بين مختلف الفرقاء.

4. الاتجاه نحو المهنة
تنطلق أخلاقية المهنة أساسا من وجود اتجاه إيجابي نحو المهنة. فلا يمكن الاطمئنان إلى تشكل هذه الأخلاقية من دون وجود هذا الاتجاه. لذلك يبقى موضوع الاتجاه نحو مهنة التدريس الإطار العام لكل الاتجاهات والمواقف والتمثلات والإدراكات وتوقعات الأدوار في العملية التعليمية.

إن استدماج آداب المهنة وأخلاقياتها، لا يمكن أن يتأتى بالوعظ والإرشاد بل بالإقناع والاقتناع. وهذا الاقتناع لا يتم إلا عبر الانخراط في ثقافة المؤسسة وقبول العمل فيها. لذا لا يمكن مطالبة رجل العليم بالالتزام بأخلاقية المهنة ما لم يكن له موقف إيجابي من هذه المهنة. إن مهام التعليم معقدة ومركبة حيث تتداخل الحياة المهنية لأصحابها مع حياتهم الخاصة.

فأمام تعدد مهام الفعل التعليمي لابد من توفر شروط موضوعية وأخرى ذاتية للقيام بهذه المهام: فالموضوعية منها ترتبط بالأوضاع المادية والمعنوية للمهنة، أما الذاتية المرتبطة بالمدرس ذاته، تتنوع النظريات بصددها منها القائلة:
ـ بالقدرة على حل المشاكل والقابلية للتكيف مع مختلف المواقف والوضعيات التعليمية (التوفر على اتجاه ديموقراطي، التوفر على مميزات النظام والتخطيط، التوفر على الدفء الإنساني في العلاقات).
ـ بفهم المتعلم والقدرة على النظر إلى الوضعية التعليمية نظرة شمولية.
ـ بالتوفر على تكوين قادر على توفير إمكانية التعامل مع مبادئ التربية الحديثة من جهة، والقابلية للتطور والتجديد ومتابعة المتعلمين وفهمهم والتعاون مع الزملاء من جهة أخرى.
ـ بالوعي بمفارقات الذات ومساعدة المتعلمين على فهم الصعوبات التي تواجههم في العملية التعليمية.


إن هذه الشروط التي يمكن اعتبارها جزء من مكونات أخلاقية مهنة التدريس لا يمكن أن تتوفر من دون وجود اتجاه إيجابي نحو المهنة. وهكذا فقد أكد "هانون" على حب العمل كشرط ضروري لخلق الاستعداد وروح المسؤولية في ممارسة المهام. وقد اعتبر "دوترانس" أن حب المهنة هو أهم شرط وليس فقط وجود ضمير مهني مرتكز على اعتبار ممارسة المهام من باب الواجب.

أ‌. أهمية اتجاه المدرس نحو المهنة
لقد أصبحت اتجاهات المدرس، من أكثر المواضيع إثارة للاهتمام، ضمن مجال البحث في معطيات الفعل التعليمي، باعتبار أن التأثير الذي يمارسه المدرس، لا يرجع فقط إلى ما يعرفه، بل إلى ما هو عليه وما يحمله من قناعات وتوجهات أيضا. إن المدرس ينخرط بكامل شخصيته في العملية التعليمية، ولا يمكنه أن يعلق خصائصه النفسية والاجتماعية والعقلية والتاريخية عند باب الفصل الدراسي. ولما كانت العملية التعليمية هذه ترتكز بشكل كبير على العلاقات، فإن هذا التركيز هو ما يسمح لاتجاهات المدرس، بأن تحل أهمية كبرى في مجال محددات العمل التعليمي. ويعرف " بيركينز" و "كرومب" اتجاه المدرس بأنه هو ما يظهره عند تفاعله مع المتعلمين والمواقف التعليمية المختلفة داخل الفصل الدراسي. وبعبارة إجرائية يمكن القول: إنه (اتجاه المدرس نحو المهنة) موقف واضح نسبيا للمدرس تجاه موضوعات ترتبط بالعملية التعليمية (المتعلمون، المؤسسة، المنهاج، الأحداث والوقائع التعليمية والمبادئ التربوية...). هذا الموقف، يعبر عن نفسه بوضوح عبر أعراض ومظاهر مختلفة (طبيعة ممارسة مهام التعليم، طبيعة العلاقة مع العناصر المرتبطة بالفعل التعليمي، اختيار الطريقة والأسلوب...). لذا، فاتجاهات المدرس توجد على رأس عوامل نجاحه في مهمته. وقد برهنت العديد من الدراسات أن تغيير الاتجاهات لدى المدرس نحو الأفضل يؤدي إلى تحسين نتائج المتعلمين.

وتتميز الدراسة في مجال الاتجاه نحو مهنة التدريس، بكونها حاولت الاستفادة من نتائج علم النفس الصناعي على مستوى الإطار المرجعي النظري، كما استفادت على مستوى المنهجي في صياغة أدوات قياس الاتجاهات وطرق الملاحظة.

من الملاحظ أن هناك تنوعا في المصطلحات المستخدمة للدلالة على الاتجاه نحو المهنة، إذ نجد مصطلحات: الروح المعنوية، الانشراح في العمل، الرضا الوظيفي أو المهني ، الميل إلى المهنة أو غيره... إلا أنه ينبغي التمييز بين هذه المفاهيم؛ فالروح المعنوية، هي تلك الروح السائدة بين العاملين في المؤسسة، والتي تتميز بالثقة في هذه المؤسسة وفي جماعة العمل، وبالتقدير الذاتي لدور كل عامل في المؤسسة، وأهميته بالنسبة لجماعة العمل، وبالولاء والإخلاص لمؤسسة العمل، والاستعداد للكفاح والنضال من أجل تحقيق أهداف المؤسسة، والعمل على إنجاحها والمحافظة عليها والدفاع عنها من أي تهديد (الشعور المشترك بين جماعة ما).

أما الإحساس بالانشراح (السرور) في العمل، هو الانخراط العميق للشخصية في العمل، حيث تغني الشخصية العمل ويغني العمل الشخصية في نفس الوقت ويطورها.

أما الميل نحو مهنة التدريس، فهو من أكثر المفاهيم استعمالا كمرادف للاتجاه نحو المهنة، لكن بعض المهتمين يعتبرون أن هناك فرقا جوهريا بينهما؛ فالاتجاه موقف من موضوع ذي صبغة اجتماعية يثير إشكالية، بينما الميل هو موقف يجسد رغبة في شيء، وهذه الرغبة ذاتية شخصية ولا يمكن أن تثير إشكالية بين الناس.

وتستعمل مجموعة من الدراسات مفهوم الرضا الوظيفي أو الرضا عن المهنة كمرادف أيضا لمفهوم الاتجاه نحو المهنة. ويعرف الرضا عن الميل، بكونه تعبير عن الموقف الذي يتخذه الفرد تجاه عمله بصورة تعكس نظرة هذا الفرد، وتقويمه لعنصر أو أكثر من العناصر الموجودة في محيط العمل. كما يعرف أيضا بأنه درجة شعور الفرد بمدى إشباع الحاجات التي يرغب في أن يشبعها من وظيفته من خلال قياسه بأداء وظيفة معينة.

إن الاتجاه الإيجابي من مهنة التدريس حسب "بيشوت" وغيره، يتشكل من مجموعة من الأبعاد، أهمها: الموقف من تحقيق الحاجات إلى التواصل، الاندماج في الجماعة، حب المتعلمين. أما "ناصف عبد الخالق" فقد استعرض مجموعة من المكونات والأبعاد، التي صنفها في ثلاثة:
ـ الرضا بسياسات العمل في المؤسسة، وتشمل سياسات الأجور والتعويضات والترقيات الخ ؛
ـ الرضا بعلاقات العمل (العلاقات مع الآخرين في محيط العمل)؛
ـ الرضا بالعمل في حد ذاته (حب العمل والميل إليه والتفاني فيه).

ويرى "ميالاري" أن اتجاه المدرس نحو المهنة يتشكل من اتجاهات جزئية كالتالي:
ـ اتجاه نحو ذاته ومدى تعلقه بمهنته ونسيان ذاته (الرضا، الإخلاص، التثقيف الذاتي...)؛
ـ اتجاه نحو المتعلمين (حب، احترام، تفاهم، تسامح...)؛
ـ اتجاه نحو الجماعة (ديموقراطي، عادل ومنصف، محايد، موجه، مساعد...)؛
ـ اتجاه نحو الواقع المدرسي (الموقف من المقررات والمناهج)؛
ـ اتجاه نحو الحياة بصفة عامة.

ووضع حميد عبد الجبار وآخرون أربعة مجالات ضمن الاتجاه نحو مهنة التدريس، وهي:
ـ الموقف من المكانة الاجتماعية لمهنة التدريس؛
ـ الموقف من الخصائص الشخصية التي تتطلبها المهنة؛
ـ الموقف من القدرات المهنية؛
ـ الموقف من مستقبل المهنة وما تحققه من إشباعات مادية.

أما " إيفانز" فقد وضعت مكونات هذا الاتجاه كالتالي:
ـ الموقف من طبيعة وظروف العمل؛
ـ الموقف من مكانة مهنة التدريس وأجورها؛
ـ الموقف من الصفات الشخصية للمدرسين؛
ـ الموقف من العلاقات مع الزملاء في المهنة.

ب. نتائج الاتجاه الإيجابي نحو مهنة التدريس
لقد تمحورت أهم الدراسات التي تهدف إلى البحث في نتائج نمط الاتجاه، نحو مهنة التدريس حول العلاقة بين هذا الاتجاه ومستوى الإنتاجية لدى المدرس، ونتائج ذلك على المستويين، في حين اتجهت دراسات قليلة أخرى إلى البحث في علاقة طبيعية لهذا الاتجاه والتوافق النفسي لدى المدرس. وفي كل الحالات تقريبا، كان التركيز على أهمية اكتساب المدرس لاتجاه إيجابي نحو مهنته، وخطورة تواجد اتجاه سلبي لما يمكن أن يخلقه هذا الأخير من تأثيرات خطيرة، سواء على مستوى المردودية التربوية للمدرس أو على مستوى صحته النفسية.

وقد بينت بعض الدراسات أن اتجاه المدرس وسلوكه يحددان صورته لدى متعلميه. وهذه الصورة التي يحملها هؤلاء المتعلمون عن مدرسهم، تؤثر على نجاحهم وتطورهم. إن المدرسين المتقبلين لمهامهم، يكون تلامذتهم أكثر نجاحا بحيث يكون المدرس نموذجا في ضوء اتجاهه نحو المادة التي يدرسها، ونحو عملية التعليم بوجه عام. فازدياد الاهتمام والاتجاه الإيجابي للمدرس نحو المهنة، يؤدي إلى ازدياد إتقان الفرد لها. وكنتيجة، فإن الاتجاهات نحو مهنة التدريس هي مفتاح التنبؤ بنموذج الجو الاجتماعي الذي سوف يؤكده المدرس في الصف، وآن الاتجاه الإيجابي للمدرس نحو مهنته يساعد على القيام بعملية التعليم بصورة سليمة،وفق مجالاتها الأربعة: السلوكية ( الديموقراطية، العدل، الإخلاص، المواطنة، الالتزام...) والوجدانية ( الحلم، الود، الإنسانية، التفاؤل، التشجيع...) والسلوكي الوجداني ( العبر والقدوة داخل المؤسسة وخارجها) والمعرفية ( اكتساب ثقافة مهنية، إدارية، تنظيمية وعلائقية) وكذا مواصفات المدرس الأخلاقية المحددة. في حين تبقى الاتجاهات السلبية دون تحقيق الأهداف والغايات المتوخاة.

ج. الاتجاه السلبي نحو المهنة
إن الاتجاه السلبي نحو مهنة التدريس وعدم الرضا عنها، يمكن أن يؤدي إلى الرفع من درجة العدوانية والانزواء والإحساس بالإحباط، وهي ردود فعل عصابية تؤثر سلبا على ممارسة مهام الفعل التعليمي، وتؤدي إلى نتائج سلبية بالنسبة لعملية التعليم. فممارسة أية مهنة من دون وجود اتجاه إيجابي نحوها، غالبا ما يخلق الانحراف النفسي الذي هو ظاهرة نفسية تتميز بعدم الرضا على الذات وطغيان التشاؤم والتبريرية المرضية.

فإذا كانت مختلف المهن لا يتم النجاح فيها إن وجد مثل هذا الاتجاه، فإن مهنة التدريس تبقى أكثر إلحاحية على ضرورة توفر اتجاه إيجابي منها، نظرا لطابعها وخصوصيتها؛ فهي مهنة تركز على علاقات تفاعلية قوية، تستلزم الرضا والرغبة في العمل، كما أنها ترتكز على إعطاء النموذج وتمرير مجموعة من التعلمات عبر عمليات التماهي، إضافة إلى أن عملية التعليمية / التعلمية هي عملية وجدانية أيضا، وتتأثر بالمواقف والعواطف والتمثلات.

ملحوظـــــة
في النهاية يطرح علينا السؤال التالي: كيف ينبغي أن تكون المساهمة في تشكيل أي اتجاه إيجابي نحو المهنة؟

في البداية يصطدم المرء بحاجز المحبطات والمعيقات الذاتية والموضوعية لوجود هذا الاتجاه (الإقبال على العمل والرغبة فيه والرضا عنه، المكانة الاجتماعية، الأجور...).

إن ما يمكن فعله في مجال التكوين هو، من جهة، تحليل واقع الممارسة وتفكيك الميكانيزمات المعيقة، وتعميق الوعي بأهمية الفعل التعليمي في تجاوز مجموعة من المعيقات التعليمية، والإسهام في بلورة وتعميق أنسنة الإنسان من خلال حقوقه وواجباته، انطلاقا من حقوق الطفل. ومن جهة أخرى، تجاوز دروس الوعظ والإرشاد في ضرورة حب المهنة والرضا عنها والإخلاص لها، وغيرها من محددات أخلاقية المهنة عبر أساليب أكثر فعالية وأكثر حداثة، بالاعتماد على تقنيات السيكوسسيولوجيا ( لعب الأدوار، عمل ومناقشة داخل المجموعات، تقنيات التنشيط الجماعي...)
-----------
ذ. بنعيسى احسينات

بلابل السلام 2010-06-12 11:26

رد: عرض المبحث السادس من الفصل الثاني:الإلتزام المهني و الأخلاقي.
 
من مظاهر الأستاذ المتميز أن يتحلى بالقيم والمبادئ الأخلاقية النبيلة ، لأنه المثل والقدوة للتلميذ
وقد مررت أثناء قراءتي بهذين النموذجين فأحببت المشاركة بهما
روى الجاحظ :
ــ أن عقبة بن أبي سفيان لما دفع ولده إلى المؤدب
قال له:-
(ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بني إصلاح نفسك،
فإن أعينهم معقودة بعينك،
فالحسن عندهم ما استحسنت، والقبيح عندهم ما استقبحت،
وعلمهم سير الحكماء، وأخلاق الأدباء،
وتهددهم بي، وأدبهم دوني،
وكن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء ولا تتكلن
على عذر مني، فإني اتكلت على كفاية منك).

* و أيضا ما روى ابن خلدون في مقدمته:-

* أن هارون الرشيد لما دفع ولده الأمين إلى المؤدب قال له:
(يا أحمد: إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه، وثمرة قلبه،فصير يدك عليه مبسوطة، وطاعتك له واجبة،فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين.أقرئه القرآن، وعرفه الأخبار، وروه الأشعار وعلمه السنن،وبصره بمواقع الكلام وبدئه،وامنعه من الضحك إلا في أوقاته، ولا تمرن بك ساعة إلا وأنت مغتنم فائدة تفيده إياها من غير أن تحزنه فتميت ذهنه، ولا تمعن في مسامحته، فيستحلي الفراغ ويألفه،وقومه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أباهما فعليك بالشدة والغلظة).

خالد السوسي 2010-06-12 11:44

رد: عرض المبحث السادس من الفصل الثاني:الإلتزام المهني و الأخلاقي.
 


جزاكم الله خيرا اخواني الافضل على مساهماتكم القيمة والمميزة والمفيدة وبارك الله فيكم وشكرا جزيلا لكم


نوال العيد : آمل ألا يبقى ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم حبراً على ورق


بقلم الكاتبة :سلام نجم الدين الشرابي



نحتاج لاستنهاض الهمم للعودة إلى قيم تتسم بها مجتمعاتنا وتفعيلها كما يجب، ومن ذلك "المعلم أو المعلمة القدوة"وهذا ما حاول اللقاء الحواري الرابع ترسيخه تحت مسمى "ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم" المعلم القدوة الذي عقد صباح اليوم الأحد 24-1-1431هـ في مركز الملك فهد الثقافي في الرياض، بحضور مجموعة كبيرة من القيادات التعليمية العليا والمعلمات والمشرفات التربويات.

شمل ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم وفق ما ذكرت الأستاذة ابتسام الأحمد أهداف الميثاق ومصطلحاته، رسالة التعليم، المعلم وأداؤه المهني، المعلم وطلابه، المعلم والمجتمع، المعلم والمجتمع المدرسي، المعلم والأسرة.

تناول اللقاء الحواري الرابع المعلمة القدوة من الجوانب التربوية المهنية، ومن الجانب الاجتماعي حيث قدمت الدكتورة نوال العيد " عضو هيئة التدريس بجامعة الأميرة نوره" ورقة حول هذا الموضوع أشارت فيها إلى أهمية القدوة مبينة أنها أقدم أسلوب تعليمي تربوي اختاره الله سبحانه وتعالى لتعليم البشر وتصحيح أخطائهم، وإن أهميتها تأتي من خلال توجيه الله عز وجل لرسوله الكريم للاقتداء بمن سبقه من الرسل.

ووضحت "العيد" أن القدوة الحسنة من أرقى الأساليب التي تؤثر بشكل فاعل في تكوين اتجاهات الشخصية الفكرية وتجديد أنماط سلوكها، مؤكدة على أن القدوة في المجتمع لها أهميتها وخطرها فلا خير في أمة علاها غثاؤها وكل الخير في أمة علاها فضلاؤها.

كما أشارت "العيد" أن القدوة لا تحتاج من القول الكثير فيكفي تطبيقها لما تؤمن به وتعتقده أمام الناس ليكون له فعل السحر عليهم مستشهدة بقول الحسن البصري "عمل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل"

فللأفعال أثرها العميق في نفسية الآخرين.

وعن مواصفات المعلم القدوة تقول الدكتورة نوال العيد في مجال الإيمانيات:
الثقة بالله تعالى وبما شرع لعباده،
الصدق ،

العدل،
الصبر،
الأمانة،
التنزه عن الشبهات وما يخل بالمروءة.

وفي مجال المواصفات الشخصية أن يكون المعلم أو المعلمة

حسن المظهر،
يتمتع بالحلم والعفو عند المقدرة
والجود والإيثار،
الرفق واللين،
الشفقة الرأفة والرحمة،
التواضع.

ونوه الدكتور خالد الحليبي " مدير مركز التنمية الأسرية إلى أن القدوة الحسنة في الإسلام تنقسم لقسمين قدوة حسنة مطلقة وقدوة حسنة مقيدة كأن يقتدي بالفرد في أمر محمود منه واحد أو أكثر .

وطالب "الحليبي" بإقامة دراسات حول الظواهر السلبية الموجودة في المجتمع الدراسي للفتيات ومحاولة إيجاد الحلول الناجعة لها، كـ الإعجاب بين الفتيات، المعاكسات مع الشباب، عدم وجود التجانس بين البنت وأمها وغيرها، لافتاً إلى التقصير الكبير في هذا الجانب.

وخرج اللقاء الحواري الرابع "ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم" بمجموعة من التوصيات منها:

تكثيف البرامج التربوية للتعريف بميثاق أخلاقيات مهنة التعليم في الميدان التربوي وتفعيل العمل به وتضمينه في إصدارات وزارة التربية والتعليم بهدف نشر ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم لجميع المنتسبين للمؤسسة التربوية.

نشر الوعي بأهمية المعلمة القدوة في المجتمع والاستفادة من وسائل الإعلام التربوي في توضيح الآثار المترتبة على عدم تواجدها في الميدان التربوي.

إقامة اللقاءات الحوارية المفتوحة بين المشرفات والمعلمات من جانب والطالبات من جانب آخر حتى تتعرف الطالبة على الجانب الآخر في شخصية المشرفة التربوية والمعلمة خارج قاعة الدرس.
تخفيض نصاب المعلمة من الحصص حتى تتمكن من إعطاء المهنة حقها في ضوء تطبيق المناهج المطورة وتقنيات التعليم الحديثة وعدم تكليفها بأعباء إضافية خارج تخصصها وعملها الأساس.

إقامة دورة تدريبية للمشرفات التربويات والمعلمات بعنوان المعلم الأول (الرسول صلى الله عليه وسلم) وحث الجميع للالتحاق بها.



MoSt@Fa 2010-06-12 11:54

رد: عرض المبحث السادس من الفصل الثاني:الإلتزام المهني و الأخلاقي.
 
يمكن تعريف الأخلاق بأنها "ما يجب عليك أن تفعله"، وبتحديد أكثر "أن تعرف ما التصرف الصحيح وما التصرف الخطأ ثم تفعل ما هو صحيح" وربما كان هذا التعريف الثاني أوضح وأبسط قليلا.
وصحيح أن هذا التعريف بسيط وواضح، ولكن الحياة العملية للمعلم قد لا تسهل الاستفادة منه كثيراً . لماذا ؟ لان "التصرف الصحيح" و "التصرف الخطأ" قد يتداخلا، بل كثيرا ما يتداخلا بدرجة تترك المعلم في حيرة شديدة بين البديلين، حيث قد يطلب منه عمليا الاختيار بين تصرفين يبدو أن كليهما صحيح !
من المؤكد ان غالبية التصرفات الخاطئة تكون واضحة مثل السرقة او الغش او القتل، فلا أحد يقر هذه التصرفات بالطبع، ولكن المشكلة ليست في هذه الحالات الواضحة، وإنما تكمن المشكلة فى ما الذي يجب علينا أن نفعله ؟ ان السؤال الصعب حقيقة هو " ما الذي يجب ان نفعله؟ ولنأخذ على ذلك بعض الأمثلة العملية على المعضلات الأخلاقية التي تواجهنا طول الوقت:
- علينا أن نوفر التعليم الاساسى بالمجان لكل الناس فهو حق كالماء والهواء، ولكن ذلك سيتطلب زيادة الضرائب على الناس لتمــويل بناء المـــــــــدارس و تشغيلها. فهل نرفع الضرائب ؟ ام نفرض بعض الرسوم على المدارس؟ أم نتيح التعليم المجاني للفائقين فقط؟ أم نرضى بجودة منخفضة في التعليم المجاني ونتيحه للجميع؟ ام ماذا ؟ ما الذى يجب ان نفعله ؟!
- من الصواب طبعا ان يحافظ المعلم على الأسرار التي يبوح بها التلميذ له، ومن الصواب أيضا أن يتعاون المعلم مع الناظر فيعطيه بعض المعلومات المهمة لحسن إدارة المدرسة. فهل يجب على المعلم التمسك بالمحافظة على السر؟ أم يجب أن يتعاون مع الناظر ويعطيه المعلومات التي سبق له التعـــهد بسريتها؟ وهل سيختلف الجواب إذا تعلق الأمر بأمن المدرسة؟ او باكتشاف مرتكب إحدى المخالفات الكبيرة؟ ما الذي يجب ان نفعله ؟!
ولنراجع معا بعض الحالات العملية من واقع الحياة اليومية للمعلمين لعلنا نتبين بدرجة أوضح صعوبة القضية الأخلاقية، ولتدارس كيفية التعامل مع المعضلات الأخلاقية.

اقتباس:

حالة عملية (1) مدرسة ام كباريه ؟!
تلقى الدكتور توفيق استدعاء من مدرسة نجله أكرم ( الصف الثالث اعدادى) لمناقشة امر هام لم يفصح عنه خطاب الاستدعاء، ولم تفلح محاولاته مع أكرم فى التعرف على السبب.
ذهب د. توفيق لمقابلة مديرة المدرسة، ولكنه أحيل إلى ناظرة المرحلة الإعدادية التي كانت تنتظره فى غرفة مغلقة مع إعطاء جو من الغموض والسرية الشديدة. طلبت مس صفية منه التحلي بالهدوء لكي تتم معالجة الأمر بحكمة "إيه الحكاية ؟" تساءل د/ توفيق فى تبرم وقلق.
أخرجت مس صفية مظروفا وفتحته وأفرغت منه مجموعة من الصور الفاضحة جدا ثم أدخلتها بسرعة فى المظروف مرة ثانية بعد ان اكتسى وجهها بحمرة الخجل "شفت المصيبة يا دكتور؟ مش بس كده، وإنما يتداولها مع الفصل كله. يرضيك كده يا دكتور؟ "ثم أخرجت ورقة وأعطتها للدكتور توفيق تضمنت قراراً بفصل أكرم من المدرسة لمدة أسبوعين مع ضرورة تعهد ولى الأمر بعدم عودة أكرم الى هذا السلوك المشين.
لم يرد د/ توفيق على مس صفية لأنه كان يفكر فى الأمر، حيث تساءل مع نفسه حول سلامة تصرف المدرسة إزاء ما أتاه نجله أكرم وظن ان ما فعلته المدرسة ليس تصرفاً صحيحاً، بل ان طريقة تعامل مس صفية مع الموضوع افتقرت الى المهنية والحرفية الواجبة.
انتقل د/ توفيق إلى مديرة المدرسة حيث حاول أن يوضح لها وجهة نظره انطلاقاً من أن أكرم في سن المراهقة ، وان الفضول في هذه السن أمر طبيعي ، وان قرار الفصل لن يفيد المدرسة ولن يفيد الطالب، بل أنه لا يستطيع إعطاء التعهد المطلوب منه لان الأمر ليس تحت سيطرته وحده وإنما تحت سيطرة المدرسة بدرجة أكبر .
ومع استمرار المناقشة تزايد غضب المديرة تدريجيا إلى أن ألقت بالسؤال "هل سنحول المدرسة إلى كباريه ؟!"
وازدادت المشــكلة صعوبة... وازدادت حيرة الجميع. ماذا يجب أن نفعل ؟
و لنتناول الحالة الثانية :
اقتباس:

حالة عملية (2) اعتذار او إذلال ؟
كان الطالب/ عمرو الشاطبى هو المحرك الحقيقي والقائد الفعلي للكتابة على حوائط الممر العلوي للمدرسة عبارات تتضمن مساساً بناظر المدرسة. كشف التحقيق ذلك. واستدعى الناظر ولى أمر الطالب/ عمرو وابلغه قرار المدرسة.
"والد عمرو سيدفع تكلفة إعادة دهان الحوائط، وعمرو سيفصل لمدة شهر، وعندما يعود الى المدرسة سيعتذر عن فعلته فى طابور الصباح امام كل الطلاب والمعلمين".
لم يمانع ولى الأمر في دفع تكاليف إعادة دهان الحوائط ولكنه اعترض على الاجرائين الآخرين: فصل عمرو، واعتذاره (او إذلاله على حد تعبيره) أمام طابور الصباح.
ما الذي تقضى به أخلاق المهنة في رأيك ؟

والحالتان السابقتان مثال على ما يواجه المعلمين بصفة متكررة في حياتهم المدرسية، فى علاقتهم مع الطلاب، في علاقاتهم بأولياء الأمور، في تحديدهم وتطبيقهم لمعايير السلوك. إن التصرف الصحيح ليس دائماً واضحاً ومحدداً ومقبولاً من كل الأطراف.
يزداد الأمر صعوبة عندما تكون التصرفات المتعارضة كلها منبثقة من قيم أصيلة ونبيلة ومستقرة فى ضمائرنا وتتنافس على توجيه سلوكنا . ومن أهم المعضلات الشائعة :
· الصراع بين الحب والواجب.
· الصراع بين الصدق والولاء.
· الصراع بين العدل والرحمة.
· الصراع بين مصلحة الفرد ومصلحة المدرسة.
· الصراع بين مقتضيات الأجل الطويل وضغوط الأجل القصير.
· الصراع بين ديمقراطية القرار وبين الاقتناع الشخصي بقرار مخالف.
إن المعلم اذ يواجه هذه المواقف الأخلاقية يكون في حيرة شديدة، وتزداد حيرته عندما يكون هو الناظر أو المدير لأنه صاحب القرار، والقرار تصاحبه مسئولية جسيمة.
خلاصة القول أن السلوك الخلقي القويم للمعلم ليس أمرا سهلاً، والتعرف على ما يجب عمله فى كل موقف ليس أيضاً أمراً سهلاً. وهذا الكتاب هو محاولة للإجابة على كثير من التساؤلات وأيضا لهيكلة أساليب التعامل مع المواقف الأخلاقية المحيرة. ولما كان المعلم هو النموذج والقدوة، وجب علينا أن نتدارس الوضع الخاص للمدرسة كمؤسسة أخلاقية وبالتالي الوضع الخاص للمعلم كنموذج أخلاقي.


المرجع: نفس المصدر الذي ذكرته أعلاه

مريم الوادي 2010-06-12 19:11

رد: عرض المبحث السادس من الفصل الثاني:الإلتزام المهني و الأخلاقي.
 
تحية تربوية خالصة
يبدو أنه قد فاتني الكثير من هذا المشروع الطموح
لكن أسجل حضوري في هذا الباب الهام والذي أعتبره شخصيا أهم باب وبه تستقيم أحوال منظومتنا
يقول الشاعر
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
والمدرسون ورثة الأنبياء .
والعلم أمانة .
ورسالتنا رسالة تربية وأخلاق قبل أن تكون رسالة تعليم وتأطير
كثيرا ما أقف أمام نفسي أتساءل هل أنا فعلا في حجم الرسالة وفي حجم الأمانة؟؟
وطالما هناك جرس يرن ،ونفس تقف أمام نفسها ،فأنا أعتبرني بخير ...
مقارنة بمن يمتصون وقت الصغار ويقضونه في الحديث عن الرتب والترقية والصراعات النقابية
أما النساء فيقضينه في تبادل وصفات التجميل ،والمطبخ ،وأحايث الأزواج...
كأن المدرسة مجال لتفريغ همومنا
وننسى أن هناك قلوبا بريئة متعطشة للمعرفة فمن يحمل همها؟؟؟
إننا نعيش أزمة أخلاق في المجتمع ككل، والأزمة هاته انعكست على قطاع لطالما ظل بعيدا عن كل الملوثاث الأخلاقية كالغش والرشوة ...
لكن يبدواليوم أن العدوى قد تفاقمت ونخرت كالسوس قطاع التربية الذي يعتبر الذرع الواقي لكل القطاعات الأخرى.
فللغش وجوه، وللرشوة وجوه، فإذا كان موظف الجمارك يأخذساعة يد سويسرية مقابل غض بصره ،فإن المدرس يأخذ رشوته من القاصرين، بسرقة ساعات وأيام من وقت تعلمهم ،استحلها لنفسه، واعتبرها حقا من حقوقه في غياب الوازع والرادع.
لكن وإذا ما تعلق الأمر بأطفاله هو ؛فتجده شعلة متقدة من الضمير، ورزمة من ا لخطب والمواعظ .
فأين يغيب هاجسك أيها المدرس حين يتعلق الأمر بأبناء المكلومين من الشعب؟؟؟
وأين تتيه خطبك ومبادؤك أيها المدرس حين يتعلق الأمر بمن لم ينصفهم الهرم الاقتصادي ،فاستنجدوا بك، ولم تشفق لحالهم؟؟؟
إنها محنة حقيقية ، أزمة الأزمات أن تدنس أيادي المربين، وورثة الأنبياء بعرق الأبرياء
لي عودة

aboukhaoula 2010-06-14 17:42

رد: عرض المبحث السادس من الفصل الثاني:الإلتزام المهني و الأخلاقي.
 
بارك الله فيكم جميعا على إسهاماتكم الرائعة .


لقد أدرك المربون المسلمون أهمية وجود المعلم القدوة وأبرز الصفات التي يجب توافرها فيه، فألفوا في ذلك كتباً عديدة تناولت هذه الصفات بكثير من التفصيل والبسط، مما يؤكد أصالة الفكر التربوي الإسلامي وعراقة التراث الإسلامي، الذي ينبغي دراسته وتحليله والاستفادة من معطياته، وليس أدل على نجاح هذا الفكر وأصالته من أنه قد أنتج الآلاف من العلماء البارزين في كل ميادين المعرفة الإنسانية، ولذلك فيجب الرجوع إلي الفكر الإسلامي لتأصيل التربية المعاصرة والاستفادة من ايجابيات هذا الفكر، الذي ينطلق من العقيدة الإسلامية والثقافة العربية الأصيلة، كونه يراعي ظروف خصائصنا الثقافية والاجتماعية، ويساعد على المحافظة على الهوية الثقافية الإسلامية، في ضل التحديات الثقافية المعاصرة التي تمثلها العولمة الثقافية التي تهدف إلى تذويب ثقافة الناشئة، وصهرها في بوتقة ثقافات مغايرة ( العمرو، 2002م، 106 ). مما يؤثر سلباً على القيم الخلقية للناشئة.
ولذلك يجب على " كل مسئول عن أي موقع من مواقع الحياة، عندما يتناول المشكلات التي تعوق انطلاقة العمل في موقعه، أن يضع المشكلة الخلقية على رأس تلك المشكلات " ( عفيفي، 1988م، 566 ) فتدهور القيم الخلقية يعتبر إحدى الأزمات والمشكلات الرئيسة في العالم المعاصر، حيث ظهرت في بعض الممارسات والأنماط السلوكية غير السوية، سواء أكان ذلك على مستوى الأفراد أو الجماعات. وإذا كانت سلبيات هذه الأزمة تنعكس على جميع فئات المجتمع، فإن محاولة معالجتها يجب أن تبدأ بعد تشخيصها بتربية التلاميذ، وحسن رعايتهم، منذ بداية تكوينهم وحتى نهاية مراحلهم الدراسية على القيم الخلقية الفاضلة من خلال وسائل وأساليب العملية التربوية المختلفة. ( الغيلي، 1999م، 4 – 5 ).
فالتربية، في ذاتها، عملية أخلاقية، تستند إلى القيم وتسعى إلى تحقيقها، فهي الأساس في تربية النشء، وهي وسيلة المجتمع في تحقيق أهدافه، وتنمية قيمه الأصيلة التي تعبر عن ثقافته وخصوصياته، التي تنطلق من واقعه وما يناسبه، ولذلك أهتم الإسلام بالأخلاق وأولاها رعاية واهتماماً كبيرين. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً " ( البيهقي، د. ت، ج10، 193). فالدين الإسلامي هو المرجع الأول والأساسي للتربية الأخلاقية الصحيحة.
والإسلام منذ بداية ظهوره حرص على الدعوة إلى طلب العلم، وجعله فريضة على كل مسلم ومسلمة، إلا أن العلم لكي يعطي ثماره ويكون له الأثر الواضح على المجتمع يجب أن يقترن بالأدب، والخلق الحسن، وذلك لما للأخلاق من أهمية كبيرة في حياة الأفراد والجماعات، فهي تحمي الأفراد من الوقوع في الرذائل، وتحفظ المجتمع من التصدع والانهيار، "ولذلك يعد تهذيب الجانب الخلقي في شخصية الفرد أحد الجوانب الهامة في عملية التربية التي تستهدف شخصيته بالرعاية والتنمية، وتعد أسمى أهداف التربية وغايتها" ( سعد، 2000م، 130 ).
ولذلك فقد اهتم الإسلام بالجانب الأخلاقي، وحدد قيماً وقواعد أخلاقية لكل جانب من جوانب الحياة، وقد اهتم المسلمون بتلك التعاليم الأخلاقية الإسلامية، وعملوا على تطبيقها في كافة جوانب حياتهم، فكانت من أهم عوامل ازدهار حضارتهم، كما واكب ذلك الاهتمام اهتمام مماثل من جانب المفكرين عامة والتربويين خاصة، فصنفوا العديد من الرسائل والدراسات التي عنيت بأخلاق المعلمين والمتعلمين وآدابهم على السواء، تلك الأخلاق التي تستمد من الإسلام ونظرته الشاملة للإنسان والكون والحياة.
والتعليم يعد ضرورة من ضرورات الحياة المعاصرة؛ إذ أن العلم طريق التقدم والنهضة والتفوق. ولقد استطاعت المجتمعات التي قامت على أساس من العلم أن تحصل على التفوق العلمي الذي مكنها من تلبية احتياجات شعوبها، لأنها اهتمت بالعلم ورفعت من شأنه وعملت على تطويره.
"وبما أننا نعيش في مجتمع إسلامي، فإن الفكر الذي يعكس حياتنا الثقافية في المجال التعليمي، هو الفكر التربوي الإسلامي بكل أصوله وركائزه ومحدداته ومقوماته وأساليبه" ( الرشدان، 2004م، 9 ). ذلك أن الفكر الإسلامي مبني على هدي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ولكي يحقق الفكر الإسلامي أهدافه، يجب أن يصاحبه تطبيق تربوي، وهذا التطبيق إنما يكون بالتربية التي تعتمد على منطلقات هذا الفكر ومسلماته ومبادئه وتترجمه إلى واقع حي ( راشد، 1994م، 255-256 ).
ولذلك فقد رفع الإسلام من شأن المعلم، وجعل له منزلة كبيرة تقترب من منزلة الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامة، ورفع درجة العلماء إلى أعلى الدرجات، قال تعالى: " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ " ( المجادلة، آية: 11 ). ويقابل تلك المنزلة التي يحظى بها المعلم في المجتمع الإسلامي مسئوليات يفرضها عليه ذلك المجتمع، أهمها مسئوليته تجاه تلامذته، " فالتلاميذ في أي فصل دراسي إنما هم رعية والمسئول عنها هو المعلم" ( راشد، 1994م، 270 ).
ومن هذا المنطلق فإن الفكر التربوي الإسلامي قد أوجب على المعلم الالتزام بأخلاق وآداب مثالية عالية، تشمل جميع جوانب حياته وتحيط بها، "وتحكم مهنة التعليم وكل من امتهنها، كما تنبع منها مسئوليات المعلم أولاً، ثم الصفات الخلقية التي لابد أن تتوفر في المعلم والمربي المسلم حتى تكون نبراساً لكل من لهم شرف الانتساب لمهنة التعليم" ( بحاري، 1989م، 100) ذلك أن الجانب الخلقي في شخصية المعلم شرط ضروري لنجاحه في تأثيره على تلامذته، فمن أهم مسئولياته تجاههم غرس القيم الخلقية الحسنة في نفوسهم. فالتلاميذ لا يأخذون العلم والمعلومات عن المعلمين فحسب، بل إنهم يقتبسون من أخلاقهم ويتأثرون بسلوكهم ( العمرو، 2002م، 105 ).
والمدرسة وهي تتعهد الناشئين، إنما تنشد نماذج معينة من السلوك وتتوقع أن يكون المعلم ممثلاً لها أو هي جزء من سماته الشخصية ( مكروم، 1983م، 183 )؛ " لأن دور المعلم خطير، فأعين تلامذته معقودة به، يتخذونه مثالاً يقتدى ونموذجاً يحتذى، ويرون كل قول يخرج منه صواباً، وكل فعل يصدر عنه صحيحاً، فلينظر كل معلم، كم يصلح من الناس وكم يفسد! فالتعليم بالقدوة أعظم تأثيراً وأقوى حجة منه بمجرد الكلام والبيان، فيكف إذا كان الفعل يخالف القول، والسلوك يصادم التوجيه " ( حسن، 2002م، 84 ).
ولذلك فالمعلم في حاجة ماسة إلى الصفات الخلقية الطيبة حتى يؤثر في تلامذته وينجح في مهنته ( الرشدان، 1987م، 13 ). حيث أن هناك مسئوليات وواجبات على المعلم أن يلتزم بها نحو ربه وخالقه أولاً ونحو نفسه وتجاه مهنته وتلامذته والمستفيدين منه، وزملائه في العمل، وكذلك تجاه المسئولين وأولياء الأمور والمجتمع بشكل عام منها:
  • أن يقصد باشتغاله بالعلم وجه الله تعالى (ابن جماعة، د. ت، 47).
  • أن يكون المعلم نظيفاً في جسمه وملبسه، أنيقاً في هيئته، طيباً في رائحته، جميلاً في مظهره. (البغدادي، 1983، ج1، 383).
  • أن يكون متواضعاً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما تواضع أحداً لله إلا رفعه" (المباركفوري، 1995، ج6، 141، رقم 2029).
  • أن يكون قدوة حسنة لتلامذته في كل شيء، حيث يطالب الغزالي المعلم بأن يكون عاملاً بعلمه فلا يكذب قوله فعله ( الغزالي، د0 ت، ج1، 58 ).
  • أن يعامل التلاميذ بالحسنى واللين والرفق، وأن يجريهم مجرى بنيه في الشفقة عليهم ( النووي، د.ت ، ج1،51 ).
  • أن يسعى في مصالح الطلبة وجمع قلوبهم، ومساعدتهم بما تيسر له من جاه ومال عند قدرته على ذلك ( ابن جماعه، د. ت، 61 ).
  • أن يكون لدى المعلم القدرة على تنمية قدراته باستمرار، لازدياد فعاليته سنوياً، وذلك بعدم الاكتفاء بتكرار الخبرات السابقة ( الماوردي، 1995م، 53 ).
وبحسب ما أشارت إليه كثير من الدراسات التربوية، فالمعلم هو أكثر العوامل المدرسية تأثيراً على سلوك تلامذته ( المومني، 1993م، 82 ) وبمقدار صلاحه يكون صلاح التعليم، ولكي يتم ذلك لابد من أن يكون المعلم متمسكاً بالقواعد الأخلاقية الإسلامية، والأخلاق الفاضلة، خاصة ما كان منها متعلقاً بمسئولياته تجاه تلامذته.
"ولأن المعلم من أهم مدخلات العملية التعليمية وأخطرها أثراً في تربية النشء، فهو بالتالي يحدد نوعية مستقبل الأجيال وحياة الأمة ... لأن أي إصلاح مستهدف للأمة، أو تعديل مسارها بغية تقدمها إنما ينطلق من البصمات التي يتركها المعلم على سلوكيات طلابه وأخلاقهم وعقولهم وشخصياتهم" (عبد الجواد ومتولي، 1993م، 18)، فمهما تطورت مناهج التعليم - الكتب المدرسية - وشيدت المدارس وجهزت بأحدث الأدوات والتجهيزات التكنولوجية، فإن ذلك لن يجدي نفعاً في بناء المجتمع، ما لم يكن هناك معلم قدير( باعباد، 1983م، 15).
والاهتمام بوضع المعلم المهني والعلمي وبتأهيله ليس جديداً لا على المستوى العالمي أو العربي، فقد أصبح ظاهرة عالمية في التربية منذ الستينات والسبعينات، وتزايد ذلك الاهتمام خلال العقد الأخير من القرن العشرين، وقد وجدت الدول التي وضعت استراتيجيات للإصلاح التربوي الشامل، أن التربية لا تضطلع بدورها دون اعتبار للمعلم وتأهيله وتفعيل أدواره، كجزء أساسي من مهام تلك الاستراتيجيات وأحد مرتكزات تحقيق أهدافها ( الوطحي، 2000م، 39 ).
ومن خلال عمل الباحثة في الميدان التربوي، لاحظت ضعف التزام بعض المعلمين بأخلاق المهنة مما يؤدي إلى فقدان حلقة التواصل الأخلاقي بين المعلم والطالب، وهناك من المعلمين من يغفل الجانب العاطفي في علاقته مع تلامذته ولا يدرك " أن العلاقات العاطفية المتبادلة بين المعلم وتلامذته، تساعد على إنشاء نظام للعمل يسمح للمعلم بالتأثير التربوي الإيجابي على تلامذته، ذلك أن النشاط التربوي بين المعلم والتلاميذ هو نشاط مشترك يتوقف نجاحه على طبيعة تلك العلاقات المتبادلة بين الطرفين" ( بشارة، 1986م، 43 ).
ومن وجهة نظر الباحثة فإن معظم الاعتداءات التي تقع على المعلم في أي مؤسسة تربوية، ترجع إلى سوء العلاقة بين المعلم والطالب، " التي يكون مردها إما إلى المعلم أو إلى الطالب أو هما معاً، ولا يعفى المعلم من تحمل جزء من مسئولية ما يتعرض له من اعتداء،
ذلك أن بعض المعلمين لا يحسنون التعامل مع الطلاب، ولا يستوعبون التصرفات والسلوكيات غير السوية التي تصدر من بعضهم، فمن المعلمين من يتهور في ضرب التلاميذ بطريقة عنيفة وعشوائية لأتفه الأسباب، ومنهم من يزجر التلميذ المسيء بطريقة جارحة ومهينة فيهتك حجاب الهيبة والاحترام بينه وبين التلميذ، مما يدفع الأخير إلى التهجم على معلمه" ( النزيلي، 2001، 89).
وقد توصلت دراسة (الخياط والمخلافي، 2000م، 54- 55) إلى أن من أهم المشكلات التربوية:
  • كثرة استخدام العقاب البدني للتلاميذ.
  • سوء العلاقة بين إدارة المدرسة والمعلمين مع بعضهم البعض، مما يوجد جواً خالياً من الاحترام المتبادل بين المعلمين وإدارات المدارس يترتب عنه فقدان احترام الطلبة للمعلمين.
وفي محاولة لمعرفة أسباب سوء العلاقة هذه ذكر أنه يكمن في الآتي (المرجع السابق):
  • سوء اختيار الإدارة وفسادها.
  • ضعف قدرة المعلمين العلمية والمهنية.
  • عدم احترام المعلمين لأنفسهم والحزبية والصراع السياسي فيما بين العاملين في المدرسة.
كل تلك المشكلات التربوية، أوجدت لدى الباحثة دافعاً لتناول أخلاق مهنة التعليم، والتعرف على مدى تمثل معلمي المرحلة الأساسية لها في الواقع السلوكي العملي تجاه التلاميذ " لاسيما وأن التعليم الأساسي يشكل العمود الفقري لإصلاح بنية التعليم والنهوض به وتحديث اتجاهاته، ويتيح مثل هذا التعليم للتلاميذ أن ينموا نمواً متكاملاً يضعهم على عتبة الحياة وأبواب العمل بحيث يكون في إمكانهم استثمار الخبرات وتوظيف المعارف بكل يسر" ( الهيتي، 2000 م، 30). ولكي يتم ذلك فلابد من وجود المعلم الكفء القادر على القيام بدوره على أكمل وجه المضطلع بمسؤوليات مهنة التعليم ومهامها وأخلاقياتها.

ومن هذا المنطلق كانت الدعوة إلى الاهتمام بتعميق أخلاق مهنة التعليم وضرورة تحلي المعلم بهذه الأخلاق المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية والفكر التربوي الإسلامي.



الساعة الآن 23:38

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd