|
حصـــــــــــــــــــــار .. حصــــــــــــــــــــــــــــــار .. ساد صمت رهيب أجواء المكان المقفر إلا من منازل أو أشباه منازل هنا وهناك .. وبعض أشباح شجيرات غير مثمرة .. انتهز سلاَّم الفرصة وانقض على الحديث ؛ فاتح صديقه في موضوع أرَّقه .. تساءل : أمن خطة لاختراق جدار الحصار المضروب علينا وحولنا ؟ سكان القرية - على ما يبدو - مصرون على مقاطعتنا ..! بدت علائم السهو والقلق على قاسم .. بدا كمن يفكر في أمر على قدر كبير من الأهمية ، أو كمن يدبر خطة لمواجهة خطب جلل .. سلاَّم .. لقد فكرت مليا في وضعنا الشاذ ، فانتهيت إلى حل قد يكون سحريا إذا ما نجحنا في إقناع فقيه المسجد بوجهة نظرنا .. ما الإستراتيجية بالضبط يا قاسم يا مذلـــــــل العقبات ؟ دع الأمر لي .. لقد وضعت خطة محبوكة لن ينتبه الفقيه ولا وشاة القرية إلى عقدتها ..! دعك من العقدة والحل .. فلسنا بصدد نسج خيوط قصة .. نحن في ورطة .. ما أشبه وضعنا بوضع أبطال حقيقيين حاصرتهم لـَبْوَة داخل أجمة بلا زاد ولا سلاح !! ألم تقل قبل قليل إن لك حلا سحريا لأزمتنا ؟ ما دخل فقيه القرية في الموضوع ؟ هو المفتاح السحري .. هو رتاج القرية وعقول وقلوب سكانها .. هو الآمر الناهي .. هو الواعظ والمحرض .. هو المحرم والمحلل .. هو مفتي القرية بغير علم ..أليس الفقيه من حرض ضدنا السكان منذ ثلاث سنوات خلت بسبب علاقتك المشبوهة مع وداد ؟! ألم يتهمنا بالملحدين لأننا لا نصلي صلاتي المغرب والعشاء في المسجد ؟ سأبدأ في تنفيذ خطتي ابتداء من فجر الغد .. أتستطيع أن تؤدي معي ومع الفقيه صلاة الفجر في المسجد ؟ يبدو أن الفقيه يؤذن فيصلي الصبح لوحده .. سنكون أول من يكسر هذه القاعدة .. وسنكون أول من يتلو معه " حزب الصباح ".. ألن يكون ذلك فتحا مبينا بمنافع ؟ ... لم يصدق الفقيه عينيه .. سلام وقاسم في المسجد ؟! رد الداهية قاسم - كمن هيأ جوابا من قبل ، أو كمن لا يؤمن بالصدفة .. الشيطان - لعنه الله - ماكر استطاع أن يحرمنا من فضل صلاة الجماعة منذ حللنا بالقرية .. بالمناسبة ، أين الجماعة ؟! وبقدر ما فوجئ الفقيه بسؤال سلام بقدر ما أسرع في الرد على ما يهمه منه : وهل سمح لكما الشيطان بصلاة الفذ .. ثم ألم تسمعا قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفـذ بسبعٍ وعشرين درجة " ؟ استفز رد الفقيه سلاما فأقسم بأغلظ الأيمان : إن صلاة لم تفته - شخصيا - إلا في حالة المرض .. رحب الفقيه بهما .. داربينهم حديث إثر الانتهاء من "حزب الصبح " حول التلاميذ والسكان وأزمة النقل الجوي، التي تسببت فيها السحابة البركانية المجتاحة لأوربا ووصلت إلى الأجواء المغربية على ماقيل .. وحول علاقة سلام المشبوهة مع ابنة شيخ القبيلة ، وضرورة وضع حد للإشاعات المحاكة حولها ... اطمأن الصديقان لنتائج صلاتهما الأولى مع الفقيه ولحصيلة حوارهما مع مفتاح القرية .. تواعدوا على تكرار اللقاء .. وبعد شهرين من اللقاءات المتكررة ، عقب صلاتي الصبح والعشاء ، توطدت العلاقة بين المدرسين والفقيه الذي تساءل : لِمَ لا نوسع دائرة الحوار ؟ .. كان سؤال الفقيه بلسما على الرجلين .. هو ما سعيا - عبثا - إليه .. أعطى الحوار الجماعي ثمارا لم تكن في حسبان المخططين له .. إذ في ظرف عامين من فك الحصار وقف المدرسان على المنصة المبنية بساحة المدرسة ، ومعهما جمع من المتعلمين فغنوا جماعيا نشيدا من كلماته : أيتها الأمية عدوة الشعوب إلى الجحيم أيتها الأم مرحى بك مربية للأجـــــــيال ... وقبل التحاق المدرسين بمسقطي رأسيهما أسسا ، رفقة مجموعة من شباب القرية ، جمعية تنموية وثقافية .. بكى الجميح رحيلهما خاصة وقد صارت لهما جذور عائلية بالمكان وفي القلوب والعقول ... محمد الورزازي المحمدي كِـرْكاس |
رد: حصـــــــــــــــــــــار .. استحليت النص و طريقة تسلسل احداثه،و وجدتك اخي الغالي تسير الى كتابة القصة القصيرة،كانت لغتك كالعادة مشرقة و كان الهدف نبيلا و تلك المصالحة ذكية لان الطرف المتضرر عرف كيف يخرج من المازق بدون كسور و لا خيبات، اعاتبك على التسرع في الرقن فقد وقعت هنات وقف المدرسان،مثالا احبك و احب نصوصك ،و بكل تاكيد قراءاتك العميقة و تحليلاتك الضافية و هي مزايا من مزاياك العديدة مودتي |
رد: حصـــــــــــــــــــــار .. اقتباس:
أشكرك حبيبي حسن على فيض مشاعرك النبيلة نحوي .. هي والله مشاعر صادقة متبادلة .. أما عن هنات الرقن فقد توقعتها لأنني رقنت النص وأنا في حالة متوترة جدا .. وبخصوص قولك في مضمون النص وأفقه وشخوصه فقد أصاب اللب والجوهر .. لن تفوتني الفرصة دون شكرك على إهدائك الجميل وعلى مبادرتك النبيلة .. أحبك في الله أخي حسن العلوي . مودتي الصادقة . |
رد: حصـــــــــــــــــــــار .. في البدء كانت الكلمة .. و في البدء كانت الحكمة أيضا.. قلة قليلة هم من يعرفون إستخدام سراج العقل .. و فضيلة الحكمة..لذلك تراهم حكماء في قراراتهم .. كلمة الحكمة .. أو حكمة الكلمة رصاصة تصيب الهدف... و يبقى صداها عالقا و أثرها مؤثرا .. قصة رائعة تحمل من العبر الشئ الكثير حكمة العقل.. حكمة الكلمة .. و حكمة فتيل الصبر الطويل .. تقبل محاولتي البسيطة شاعري الوفي مودتي بلا حدود |
رد: حصـــــــــــــــــــــار .. اقتباس:
الحكمة .. الكلمة .. الدهاء والحيلة .. أسلحة لجأ إليها البطلان لكسر طوق الحصار المضروب عليهما .. رسم قاسم الخطة وساعده سلام في إجراءات التنفيذ .. وللأسف بِـنية مبيتة .. لكن الألطاف الإلهية شاءت مسارا آخر .. نعم انتهى بالخروج من الطوق الخانق .. لكنه خروج مخالف لتوقعات البطلين : - ما فكرا في محو الأمية .. - ما رتبا ، ضمن خطتهما ، لتأسيس جمعية .. - ما حسما قرار زواج .. - ما قررا الالتصاق بالجماعة والمسجد ، بل فك حصار وحسب .. - ما دبرا للتوغل في وجدان الناس وفكرهم وعقولهم .. لكن شاءت الإرادة الربانية ذلك كله .. واضح أن لحمكة الفقيه ودهاء قاسم دورا معتبرا فيما وقع .. وجلي أن الحوار سبيل لحل أخطر المشاكل وأكثرها استعصاء .. لكنه الحوار الواضحة أهدافه ورهاناته ، والمتكافئة أطرافه ، والبين أسلوبه ومنهجه وأدواته ... شكرا لك أستاذتي الفاضلة وشاعرتي المتألقة على قراءتك المتميزة للنص . مودتي وتقديري الصادقين . |
| الساعة الآن 10:11 |
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd