على فضائية دينية يبثها القمر الصناعي نايل سات ويؤمها مشايخ ورجال دين اسلامي، تنسدل على رؤوسهم خرقة بيضاء دون عقال دليل حرية العقل والتفكير والاستدلال لاستخراج الاحكام الشرعية بعكس باقي الناس في مجتمعات الخليج التي تفضل ربط عقلها بعقال وعدم تشغيله في قضايا الحياة المتعدده والمتباينة، على هذه الفضائيات خرج احدهم ليفتي في برنامج له مهمة واحده هو الاجابة على تساؤلات الحيارى ممن اسلموا وقالوا بالتوحيد. تنوعت الاسئلة والمطالب وكان اكثر المتصلين من النساء المسلمات وهو دليل فضائي على صدق الحديث النبوي بانهن ناقصات عقل ودين! فبعد الدعوة له بان يجازيه الله خيرا، طلبت إحداهن الفتوى في زوج هي احدى زوجاته الاربع. انتوى الزوج ان يأتي بخامسة، ربما لانها بكر لم يمسسها انس ولا جان، وطالبهن بان يقرعن بينهن. فمن خرجت عليها القرعة طلقها حتى يكون ملتزما بما تفرضه عليه الشريعة السمحاء.
طال الحوار بين المفتي الاسلامي وبين التي تخاف ان تقع القرعة عليها. وتبين ان من بين الزوجات اثنتين محجبتين وواحدة منقبة ورابعة لازالت تحتفظ بقدر ولو ضئيل من احترام الذات وقررت ان تظل سافرة كبقية خلق الله. افتى الشيخ الفضيل اكرمه الله ووسع من علمه الغزير بان القرعة هي عمل شرعي واستشهد برسول الله حين كان يقرع بين زوجاته لمن تخرج معه في غزوه للقبائل لخدمته. قال ان القرعة مكرمة لمن ترسو عليها لان كل ما ستقوم به سيكون في ميزان حسناتها يوم القيامة واكد الامر بسؤال اخباري قائلا : وهل هناك افضل من خدمة الدعوة للاسلام؟
طال الحوار وقالت المتصلة انهن اقرعن ووقعت القرعة عليها لهذا فهي تتصل لحل الاشكالية وخاصة انها ستكون بلا عائل بعد طلاقها، او بالاحرى استبدالها بامرأة اخرى. رد الشيخ صاحب العلم الغزير ان الله سيجعل لك مخرجا وسرد قصة سودة بنت زمعة زوجة النبي كما اتت في كتب التراث. وقبل الانتقال الى فتوى اخرى سألها الداعية الفضيل هل تعمل بشرع الله اي هل هي من الثلاث المحجبات فاتضح انها الرابعة التي لم تتحجب. وعندها استأسد الشيخ وسألها مستنكرا حديثها: فهل عرفت لماذا خرجت القرعة عليكي؟
رد الرجل بكل ثقة وقوة في الحجة عن فضل القرعة التي لا تكذب ولا تظلم احدا. 'فالعرب كانوا يقرعون في الجاهلية كما اقرعوا في الاسلام 'فهي القسمة التي لا ظلم فيها بل يأتي منها كل ما يحمي الدين الحنيف وشريعته السمحاء.
لم تنته المشكلة والرد عليها عند هذا الحد فقد اتضح ان الزوج لم يرض بالقرعة وعندها سألها الداعية عن سبب الرفض قالت لانني الاجمل بينهن. عندها قطب الشيخ حاجبيه وعدل من خرقته وعدل من جلسته وتنحنح على طريقة المقرئين العظام قبل الاستعاذة من الشيطان وقال بصوت اجش وهيبة مخيفة: 'فليتصل بي زوجك لانك وكما اشهد - ولعلي من الضالين - انك ناشز. لا تتحجبين ولا ترضين بالقرعة وتفتنين الزوج.
صدرت من الجهاز صفارة متقطعة وانقطع الاتصال!
في مكالمة اخرى سألت إمرأة عن فتوى فيما ينبغي عمله إزاء زوج دخلت زوجته السجن' بحكم قضائي لسنتين صدر من ولي الامر في هذه الدولة لجريمة لم يتطرق الحوار لتفاصيلها.
رد المفتي بانه لا يجوز النفقة عليها وهي في محبسها لان الاستمتاع بها اصبح متعذرا لانها بفعلها تسببت في حرمان الزوج من مجامعتها، فكما حرم الرجل منها تحرم هي ايضا من نفقته. واستشهد بفتوى من المعلوم من الدين بالضرورة ان الناشز تسقط عنها النفقة. هذا ما جاء في سياق الحوار على الهواء، اما كيف بدأ الحوار فقد جرى بان بدأت المتصلة بعد ان سلمت وجاملت الشيخ بالثناء عليه وانها تحبه في الله على فضله وعلمه الغزير قائلة: 'هل يجوز ان تظهر على زوج اختها وان يرى منها والاخت غائبة، رد الرجل بانه لا يجوز شرعا. اكملت المتصلة الحوار فقالت ان الرجل يراودها عن نفسها. فقاطعها الشيخ الفضيل بسؤالها واين اختها؟ عندها اقرت بحكاية السجن كما سبق. هنا افتى الشيخ بان الصحيح ان يطلق الرجل اختها ويتزوجها هي بدلا من عصيان الله وارتكاب المعاصي. فبادرت الاخت بسؤالها الجوهري الذي تم اخفاؤه من بداية الامر وهل يجوز ان آخذ من امواله لاعيل أختي في سجنها؟ 'وللمرة الثانية عدل الشيخ عباءته ومسح بلحيته وقال انه حرام حرام حرام لانها لم تعد في ذمته بعد الطلاق او وهي في محبسها الان لما سبق بيانه 'ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا..
صفارات اخرى وانقطع الاتصال!
اكثر ما يدهش في هذه الفضائيات ان المتصلات من النساء يعرضن مشاكل حقيقية'تعكس اوضاعهن الاجتماعية والاقتصادية البائسة في المجتمعات الاسلامية. ولم يدركن ان الجلاد هو نفسه القاضي وان من يلجأون اليه هم انفسهم اصحاب الفقه الذي بسببه تراكمت كل هذه المشاكل التي لا حل لها في هذه البيئة الدينية. طالبات الفتوى من النساء يحاولن التحايل على التشريع الذي وضعهن في هذه المآزق الاجتماعية والاقتصادية 'وعندها يقدم لهم الدعاة والمشايخ الحلول بان يشربن من نفس النبع او ياكلن'نفس الطبق الذي اكلنه فتسممت حياتهن منه سابقا. نفس هؤلاء الدعاة يخرجون في برامج اخرى ليقولوا بان الاسلام اعطى المرأة حقوقها غير منقوصة من 1400 عام سابقا بها البشرية وفي نفس الوقت يكيلون التهم للمرأة في المجتمعات الغربية وتشريعاتهم العلمانية. '
'حرية الفتاوى لا حد لها ولا رقيب عليها طالما ارتدى المفتي زيا اسلامي المنشأ على قاعدة دينية. وهنا تنفجر المظالم ويعاد انتاجها مرات ومرات لان المتصلين من طالبي الحلول من القطيع الفاقد الاهلية لايجاد حلول انسانية شريفة لمشاكلة الموروثة منذ الجاهلية وعبر ازمنة الاسلام.
المشترك فيما بين المتصل والمتصل به هو ذاته المسكوت عنه والمحتكم اليه في البيئة الاسلامية. لكن الفتاوى وكما تصدر من اصحابها تأتي بمزيد من الظلم ولم يجرؤ المتصل على رفض الفتوى خوفا من تكفيره ولم يرتق ضمير المفتي للقول بان فتواه ظلم وغبن لاناس هم اصلا مظاليم جاءوا الى دنيانا بفضل انطلاق عقل هؤلاء المشايخ وعدم تحجيمهم اما بالكفر او رفض التشريعات الظالمة التي يحتكمون اليها.