السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى كنت جالساً مع إخوة لي من أبناء وطني من صعيد مصر، فقالوا لي: يوجد عندنا مقام لأبي الحسن الشاذلي، من طاف به سبعة أشواط كانت له عمرة، ومن طاف به عشر مرات كانت له حجة، ولا يلزمه الذهاب إلى مكة، فقلت لهم هذا الفعل كفرٌ بل شرك نعوذ بالله، فهل أنا مصيب، وبماذا تنصحون من ينخدع بذلك؟ فاجاب رحمه الله نعم قد أحسنت لا يجوز الطواف بقبور الناس لا بقبور أبي الحسن الشاذلي ولا بقبر البدوي ولا بقبر الحسين ولا الست زينت, ولا الست نفيسة ولا غيره, الطواف يكون بالكعبة خاصة, لا يجوز الطواف بغير الكعبة أبداً فإذا طاف بقبر أبي الحسن الشاذلي أو مقامه يتقرب إليه بالطواف صار شركاً أكبر, وليس يقوم مقام حجة ولا مقام عمرة بل هو كفر وضلال ومنكر عظيم وفيه إثم عظيم؛ فإن كان طاف يحسب أنه مشروع ويطوف لله لا لأجل أبي الحسن هذا يكون بدعة ومنكر, وإذا كان طوافه من أجل أبي الحسن من أجل التقرب إليه هو شرك أكبر نعوذ بالله, وهكذا دعاؤه, والاستغاثة بأبي الحسن الشاذلي, أو النذر له, أو الذبح له كله كفر أكبر نعوذ بالله منه, وهكذا الحلف بأبي الحسن أو بغيره, الحلف بالنبي, أو بالحسن, أو بالحسين, أو بفاطمة, أو بالكعبة, أو بالأمانة, أو بحياة فلان، أو شرف فلان كل هذا لا يجوز الحلف بغير الله لا يجوز يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت) ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (من حلف بغير الله فقد كفر), وفي لفظ: (فقد أشرك), وفي لفظ: (فقد كفر أو أشرك) وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من حلف بالأمانة فليس منا), وقال: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد), فالحلف يكون بالله وحده؛ لأنه تعظيم لا يليق إلا بالله وحده فالحلف بغير الله من الشرك الأصغر, وقد يكون أكبر إذا حصل في قلبه من التعظيم للمخلوق ما هو جنس تعظيم الله يكون كفرٌ أكبر, فالدعاء, والاستغاثة بالأموات, والنذر لهم, والذبح لهم, والتوكل عليهم, أو اعتقاد أنهم يعلمون الغيب وأنهم يتصرفون في الكون, أو يعلمون ما في نفوس أصحابهم والداعين لهم, والطائفين بقبورهم كل هذا شرك أكبر نعوذ بالله, فالغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه لا يعلمه الأنبياء ولا غيرهم, وإنما يعلموا من الغيب ما علمهم الله إياه يقول سبحانه: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ فمن زعم أن شيخه يعلم الغيب, أو أنه يعلم ما في نفس زائره وما في قلب زائره هذا كفر أكبر نعوذ بالله, فالغيب لله وحده-سبحانه وتعالى- وكذلك إذا عكف على القبر يطلب فضل صاحب القبر يطلب أنه يثيبه, أو أنه يدخله الجنة بجلوسه عند قبره, أو بقراءته عند قبره, أو باستغاثته به، أو نذره له، أو صلاته عنده أو نحو ذلك هذا كفر أكبر, فالحاصل أن الواجب على المؤمن أن يحذر الشرك كله وأنواعه, القبور إنما تؤتى لزيارة يزورها المؤمن للدعاء لهم, والترحم عليهم فيقول: (السلام عليكم دار قوم وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يغفر الله لنا ولكم يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية) هكذا, أما أن يدعوهم مع الله, ويستغيث بهم هذا كفر أكبر, أو ينذر لهم, أو يتقرب لهم بالذبائح بالبقر, بالإبل, أو بالغنم, بالدجاج, كل هذا كفر أكبر نعوذ بالله, فالواجب الحذر, والواجب التفقه في الدين المسلم عليه أن يتفقه في دينه حتى لا يقع في الشرك ولا في المعاصي وعلماء السوء علماء الضلالة يضلون الناس ويغشونهم, فالواجب على علماء الحق أن يتقوا الله, وأن يعلموا الناس, وأن يرشدوا الناس من طريق الإذاعة من طريق الكتابة والصحافة, من طريق التلفاز يعلمون الناس دينهم ويرشدونهم إلى الحق حتى لا يعبدوا الأموات ولا يستغيثوا, بهم حتى لا يطوفوا بقبورهم, حتى لا يتمسحوا بها, حتى لا ينذروا لها, القبور تزار للذكرى لذكر الآخرة ذكر الموت للدعاء للميت والترحم عليه, أما أن يطاف بقبره, أو يدعى من دون الله, أو يستغاث من دون الله, أو يجلس عنده للصلاة أو للقراءة هذا لا ، لا يجوز والجلوس عند قبره للصلاة عنده أو القراءة عنده بدعة, فإذا كان يصلي له كان كفر أكبر, فإن صلى لله أو قرأ لله يطلب الثواب من الله ولكن يرى أن القبور محل جلوس عندها لهذه العبادات صار بدعة ، فالقبور ما هي بمحل جلوس للصلاة ولا للقراءة ولكنها تزار للدعاء, لدعاء الأموات يدعى لهم يترحم عليهم مثل ما زارهم النبي, وزارهم الصحابة - رضي الله عنهم - النبي يقول يعلم أصحابه في زيارة القبور أن يقولوا: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية يرحم الله المستقدمين والمستأخرين), وكان يقول لشهداء البقيع: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد), ويترحم عليهم هذه هي الزيارة الشرعية, فيجب الحذر مما حرم الله مما أحدثه عباد القبور, وأحدثه الجهال الذي يضر ولا ينفع بل يوقع أصحابه في الشرك الأكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله. بارك الله فيكم سُئل الشيخ العلامة عبدالله الغنيمان حفظه الله :
س/ نحن نعلم أن الطواف من أنواع العبادة و أن من طاف بقبر او وثن فهو مشرك السؤال هنا ما الحكم وما الجواب على من يقول أن من طاف حول قبر بقصد التقرب لصاحب القبر يكون مشركاً وأما من طاف حول القبر بقصد التقرب إلى الله فهذا ليس مشرك و إنما فقط يقال عنه أنه عاصي ؟! . فأجاب :
هذا القول غير صحيح لأن الطواف عبادة لا يجوز ان تكون إلا لله جل وعلا ولا يجوز ان تكون إلا على الكعبة فقط و إذا طاف إنسان على قبر او حجر او شجرة فمعنى ذلك أنه جعل العبادة في غير محلها والإنسان العاقل لا يقع منه ذلك إلا بقصد و إرادة ، فكونه يطوف عليه لا بد , لا ينفك عن المقاصد أما كوننا نصرف النظر عن الفعل و نقول إن كانت نيته كذا و كذا فهذا غير صحيح هذا قول المرجئة وقولهم من ابطل الباطل فالفعل مبنيٌ على النية والمقاصد و لايمكن يقع إلا بمقصد ونية والمقصود ان كل عبادة عُلمت بشرع لا يجوز ان تكون للمخلوق اصلاً فإذا جعلت للمخلوق فقد وقع الانسان في الشرك ، فالطواف على القبر شرك ظاهراً وباطناً و لانبحث عن نيته ، نقول كان نيته كذا فهو كذا وإلا فسدت الامور كلها فمثلاً الذي مثلاً يسجد للصنم يقال وش مقصودك أنت سجدت لله أم للصنم وما أشبه ذلك من الأمور اللتي لا تستقيم معها .
والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . سُئل الشيخ عبدالعزيز الطريفي حفظه الله : س/ ما حكم الطواف على القبور ؟ وهل التفصيل فيها صحيح؟ فأجاب :
الذي يغلب في حالِ الذين يطوفون على القبور أنهم يفعلون ذلك تعبد لصاحب ذلك القبر .
أما من يقول أن هناك من يفعله تحية ، يقال أن الإستثناء لا يغير من الحكم شيء ، حينما نقول : وجد بعض الناس أنه يفعل هذا تحية لا يريد تعظيم لهذا الرجل ، يقال هذا يوجد لا كنه قليل لا يغير من الأصل و مثل هذي الإستثناءات لا تُجعل قسيماً في مسائل العلم .
نظير هذا إذا قلنا بهذا الأصل هذا يفسد علينا كثير من مسائل الدين فالطواف عند البيت الحرام تحية البيت كما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم " الطواف تحية البيت " وجاء عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما .
وهناك من بعض الجهلة من المسلمين وهم ندرة جداً من يطوف تعظيماً لهذا الحجر ، ألا يوجد من الجهلة ؟!
من يأتي من شرق آسيا وعباد القبور ونحو ذلك من يأتي و يطوف يريد تعبدً لهذا الحجر ، هل يجوز أو يسوغ ان نقول ان الطواف عند الكعبة ينقسم إلى قسمين شرك و طاعة لا يجوز هذا .
لهذا يقال ان الأصل في الطواف أنه عبادة ، الطواف الأصل فيه أنه يفعلونه عبادة إلا إذا علم من حال قوماً عند ضريح أو قبر أنهم لا يفعلون ذلك عبادة عُرف من عادتهم ، فيقال ان الأصل فيهم الإبتداع و ليس الشرك ، فهم قد حيوا بتحية ليست على وجهها ويعلمون أن هذا الفعل لا يكون إلا عبادة لله عز وجل فإن بقوا على ذلك قد وقعوا وارتكبوا الشرك والعياذ بالله .
التفصيل جاء في كلام بعضهم ، انه يكون تحية ويكون غير ذلك قد جاء في كلام ابن السعدي رحمه الله تعالى وتبعه على ذلك جماعة وسئلت اللجنة الدائمة للافتاء : س 1: ما حكم الاستعانة بقبور الاولياء والطواف بها والتبرك باحجارها والنذر لهم والاظلال على قبورهم واتخاذهم وسيلة عند الله.
ج 1: الاستعانة بقبور الاولياء او النذر لهم او اتخاذهم وسطاء عند الله بطلب ذلك منهم شرك اكبر مخرج من الملة الاسلامية موجب للخلود في النار لمن مات عليه.
اما الطواف بالقبور وتظليلها فبدعة يحرم فعلها ووسيلة عظمى لعبادة اهلها من دون الله, وقد تكون شركا اذا قصد ان الميت بذلك يجلب له نفعا او يدفع عنه ضرا او قصد بالطواف التقرب الى الميت.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, واله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء |