منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   الأخبار المنوعة (https://www.profvb.com/vb/f3.html)
-   -   في فرنسا ، المهاجرون ليسوا على قدم المساواة (https://www.profvb.com/vb/t30142.html)

أحمد أمين المغربي 2010-05-12 10:09

في فرنسا ، المهاجرون ليسوا على قدم المساواة
 
مايكل كوسجروف*
Wednesday, May 12, 2010
عند انتقال أي من الأوروبيين للإقامة في فرنسا فإنهم يُقابلون بالأحضان، بينما لا يحظى الكثير من المغاربة والأفارقة بمثل هذا الكرم.
في عام 1990، كانت رحلتي من شيكاغو إلى باريس لأبدأ حياةً جديدة في فرنسا، وباستثناء الطقس السيئ، فقد قوبلت بحفاوة وترحيب كبيرين عند هبوط الطائرة، ورحب بي مفتش الجمارك قائلًا: "نتمنى لك رحلة طيبة في فرنسا"، ولم يكلِّف نفسه حتى عناء فتح جواز سفري البريطاني الأزرق العتيق، المنقوش عليه حروف ذهبية أنيقة، ثم ودعني ملوحًا بذراعه ووجهه تعلوه ابتسامة مبهجة.
استهلالة رائعة تُوحي بأن الاندماج في المجتمع الفرنسي لا يحتاج إلى جهد كبير، حيث تجد معظم الشعب الفرنسي هناك متعاونًا، ويبذلون قصارى جهدهم كي لا يسخرون من لهجتي الفرنسية الركيكة، ناهيك عن أن مَن استضافوني كانوا في غاية السرور بإقامتي معهم، وما زالوا حتى الآن، لذا فلم أشعر مطلقًا بالندم على السفر إلى فرنسا.
برغم هذا الشعور الطيب الذي كان يراودني في البداية، فلم أكن أدرك أن الحياة في فرنسا لا ترحّب بالجميع، كما لا يجد جميع المهاجرين نفس الاستقبال الحار الذي ظفرتُ به، إلا أن الأحداث توالت بعد ذلك وقادتني، ربما يكون ببطء ولكنها نتيجة حتمية، للتساؤل عن حيادية النموذج الفرنسي لاندماج المهاجرين.
وما أثار انتباهي لهذا ما حدث في عام 1993 بعد تغيير عنواني، الأمر الذي كان يعني تجديد بطاقة الإقامة، عندما ذهبت إلى مركز الشرطة لتحديد عنواني الجديد وما يتضمنه من "سكن الإقامة"، وذلك بسبب القانون الذي قدمه الوزير اليميني، شارل باسكوا، والذي قام بتشديد التشريعات المتعلقة بالإسكان لتجعل من الصعب على الأجانب العيش في فرنسا.
وهذا ما أغضبني كثيرًا، لدرجة أنني عضضت على البطاقة مرتين وقلت للموظف: "لا يمكنك أن تعاملني كمواطن من الدرجة الثانية، اعتقلني إذا كنت ترغب في ذلك"، فأجاب هامسًا: "اخرس وغادِر على الفور وإلا سأكون مضطرًا لذلك، فهناك كاميرات وميكروفونات تراقبنا، وينبغي عليك أن تشعر بالامتنان لأنك لست عربيًّا"، غادرتُ على الفور في هدوء، ولم أذهب مطلقًا لتجديد إقامتي بعد ذلك ولم أكن في حاجة إلى واحدة، فلم تكن مطلوبة من مواطني الاتحاد الأوروبي.
المهاجرون في فرنسا، حوالي 6.5 مليون ويُشكل الجزائريون والمغاربة والتونسيون (شمال إفريقيا) والأفارقة الجزء الأكبر منهم، ويكاد يكون مستحيلًا أن تمضي نهار يوم "السبت" في وسط المدينة بدون أن ترى أحد هؤلاء الأفارقة -فرادى أو جماعات- يتعرضون للتفتيش عن بطاقات هوياتهم أو الإقامة من قِبل رجال الأمن أو حتى شرطة مكافحة الشغب، وبالتالي يتم اقتياد بعضهم ممن ليس معه إثبات شخصية، إلى الحجز، مما يؤدي إلى نتائج فادحة بعد ذلك تصل للنهاية.
وأكاد أرى مثل هذا التفتيش مرة على الأقل أسبوعيًّا، على الرغم من أنني لم أسمع مطلقًا عن تعرض بريطاني لمثل هذه الإجراءات.
ولعل هذا ما يُفسر غضب مجموعة من الشباب المغربي، الذين قابلتهم ذات مرة، وأخبرتهم أنني لم يسبق لي أن قام أحد بتفتيشي لتقديم بطاقة هويتي منذ وصولي إلى فرنسا، لذلك حاول أحدهم إجباري على عرض بطاقة هويتي، فقام زملاؤه بتهدئته ولحسن الحظ أنني كنت أحمل رخصة قيادة السيارة.
علاوة عما ذكرته لك آنفًا، فهناك أيضًا بعض الممانعة والإحجام المؤكد عن توظيف هؤلاء المغاربة والأفارقة في الوظائف المرموقة أو ذات الأجور المرتفعة، ولأني أعمل مترجمًا ومدرسًا للغة الإنجليزية لبعض المديرين التنفيذيين فقد زُرت المئات من مباني الشركات على مرّ السنين، وأذهلني كثيرًا العدد الشحيح نسبيًّا للمهاجرين الموجودين في إدارة الشركات والمبيعات وإدارة المكاتب، أما في مرافق الإنتاج والمصانع فتبدو الأمور أكثر إنصافًا، وتبقى المشكلة أن التشريعات المناهضة للتمييز لا تُنفَّذ إلا بشكل متقطع كما يقول المهاجرون، على الرغم من أن المشكلة صارت من المسلَّمات عمومًا.
وفي مجال الخدمة المجتمعية والعامة تجد أن تمثيل المهاجرين قليلٌ للغاية، والكثير من القصص تروي رفض امتلاك المغاربة سكن خاص بسبب أصولهم، أما في السجون فتجد منهم الكثير، حيث يقدر بحوالي 65%.
وأقول: "يُقدر" لأنه من الصعب للغاية العثور على أرقام رسمية حول العنصرية في أماكن العمل، والإقصاء من الإسكان وعدد نزلاء السجون بسبب الآثار الضارة لتفسير العلمانية في فرنسا، لذلك تجد ما يسمى بالتمييز الإيجابي يتم ازدراؤه تحت مسمى المساواة وإضفاء الطابع المؤسسي على فكرة أن الفرنسيين هم مواطنون من الدرجة الأولى، أما باقي الأقليات فهم من الدرجة الثانية، وبالتالي فإن الأرقام فيما يتعلق بالإساءة العنصرية والعرقية للأقليات قد تكون غيرَ موجودة في مواضع كثيرة، وهذا ما يعني أنه لا يمكن مناقشةُ ملف العنصرية بسبب منطق بسيط يستند إليه الكثير من الفرنسيين، قولهم: "نحن جميعًا على قدم المساواة، لذلك ليس هناك عنصرية".


عن موقع هيسبريس.


الساعة الآن 16:10

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd