2010-05-08, 00:08
|
رقم المشاركة : 2 |
إحصائية
العضو | | | رد: الأزمة الثقافية و الإبداع في العالم العربي. |
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشدية جابرية
نتحدث في مقالنا هذا عن الازمة الثقافية على المستويين التاليين
* الثقافة كمحتوى فكري يشمل طبيعة المضامين و طبيعة إنتاجها.
* الثقافة كآليات إنتاج لا تنفصل بطبيعة الحال عن مضمون الإنتاج.
السؤال الذي يطرح نفسه قبل الشروع في تحليل المستويين هو:
هل الثقافة معطى أولي يتحكم في جوانب الحياة العامة و الفردية للشخص أم أنها بنية فوقية تعكس النمط الحياي للفرد و المجتمع من خلال تصوره للعالم والقيم والمثل والحياة؟
لا نريد بهذا السؤال الوقوع في فخ الجدلية ولو أنها _أي الجدلية _ تضمن سيرورة البحث، ما نريده من هذا الطرح الإشكالي هو استقصاء أولي للطبع الغالب هل الفرد متحكم في إنتاج الثقافة ام أن الثقافة متحكمة في الفرد وفي إنتاجاته؟ بمعنى آخر أيهما يشكل الآخر؟
إن الإجابة عن السؤال ليست بالسهلة إطلاقا، لكن معالمها تظهر من خلال تفكيك الآليات المتحكمة في الثقافة ونشرها كمنتوج من جهة، و من خلال استقصاء طبيعة الإنسان المنتج للثقافة والمتأثر بها أيضا.
1/ الآليات المتحكمة في الثقافة ونشرها:
* كان الإنتاج الفكري إلى عهد قريب يمر غالبا عبر دراسة اكاديمية ، أو بحث شخصي يعتمد أساليب علمية و تراكما معرفيا حقيقيا للخبرات يبلور موقف الباحث أو الأكاديمي بلورة نابعة من صميم تمثله لمنتوجه الفكري، لذلك أفرزت هذه المرحلة تراكما فكريا حقيقيا متينا أعطى مجالا واسعا وخصبا لإغناء الإنتاجات الفكرية من خلال نقاشات تظل على مستوى عال من العقلانية والالتزام النقدي.
لكن الأمر سيتغير مع تطور التكنولوجيا الإعلامية التي بقدر ما أتاحت فرصا واسعة للنهل من المعارف السابقة وتجميعها، بقدر ما رفعت الهاجس الكمي على الالتزام النوعي بالبحث، إنها بصيغة أخرى رفعت في حس الفرد غير المتمكن من أدوات البحث والتحليل نمطا استهلاكيا لما كتب، نمطا استهلاكيا يعيد ما كتب مضمونا، وينقحه شكلا ولغة واسلوبا وهذا في أحسن الأحوال من جهة.
من جهة أخرى، إن القارئ بصفة عامة والطالب بصفة خاصة لا يكلف نفسه عناء البحث والتدقيق. وهنا يطرح سؤال آخر نفسه: ألسنا هنا أمام تحكم نمط العيش الاستهلاكي في نظرة الفرد للعلم والثقافة؟ وبالتالي ألا يحيلنا هذا على كون الفرد موجها للثقافة وليس متأثرا بها في نفس الوقت؟ هل يعني هذا إلغاء السؤالين السابقين عن جدلية التأثير والتأثر بالثقافة؟ إن المسألة ظاهريا تبدو كذلك، لكن صميميها يحيل على تشعب للسؤالين السابقين ما هي العوامل التي تجعل الثقافة تتحكم في الفرد أو عكس ذلك ما الذي يجعل الفرد في آن واحد مؤثرا في الثقافة و متأثرا بها؟
ما الذي تغير كي يصبح الفرد العادي أو الطالب غير مسائل للمعلومات التي يقرِِؤها؟
إن التعليم كدعامة أساسية لإشباع الفضول العلمي والمعرفي وإكاء مزيد من الفضول لم يتخلص من السلطة الأبوية بمفهوم الوصي و المالك للحقيقة، إن المتعلم من مراحل طفولته الأولى تعلم ان لا يسأل ، تعلم تلقي الجواب قبل طرح السؤال، ومهما يكن من تواتر النظريات حول نبذ الطريقة الإلقائية واستبدالها برطقة تواصلية حديثة وتشاركية، يبقى نمط التربية مفتقدا لعنصر التريةعلى ال: لماذا وكيف؟ وهذا الغياب لمنهج التساؤل هو الذي يتطبع به المتعلم والطالب في مختلف مراحله الدراسية، وهو الذي يفرز جيلا متخرجا بأطروحات منقولة من هنا وهناك او منقحة شكلا لا مضمونا. يترافق هذا كله مع الوتيرة السريعة للحياة التي جعلت من القارئ إنسانا عاديا لا تتجاوز ثقافته قراءة العناوين الكبرى، يستقيل عقله من البحث والمساءلة، لأنه تعود على الجاهز، و ترك عناء البحث متوقفا عند أسماء المؤلفين الأوائل، لا احتراما لإنتاجاتهم او انطلاقا منها بل تحنيطا لأسمائهم تحنيطا يخفي حيلا دفاعية تستر العجز الداخلي للقارئ عن طرح الأسئلة الأولى. إن استقالة العقل قدست الموروث _ سواء كان غربيا أو عربيا او غيره _ قدست الموروث لأنها لا تمتلك أدوات التحليل و النقد من جهة وتفتقد من جهة أخرى لقناعة راسخة بمبادئها إنها في الحالة الأخيرة تخاف من نقد الموروث _ى خصوصا الديني منه_ لأنها أصلا لا تمتلك فهما راسخا وعقلانيا لمبادئ الدين.
_ يتبع_ تحليل جيد لواقع يحيل على عالم معولبٍ معولم. صدقت القول حين قلت إنك متشربة جدا بفكر المرحوم الغالي عابد الجابري. الثقافة=culture it's taken in its wide ethnographic sense, is that hole complex that includes: believe, arts, morals, law, customs, and all other capabilities and habits acquired by a men as a member of society هذا تعريف تايلور للثقافة، والترجمة:
تعتبر الثقافة في معناها الاثنوغرافي الواسع، بأنها ذاك الكل المعقد والذي يتضمن المعتقدات، الفنون، الأخلاق، القانون، التقاليد، وكل العادات والقدرات التي اكتسبها الانسان باعتباره عضوا في مجتمع. انتهى كلام تايلور.
إن البعد الإثنوغرافي لمفهوم الثقافة، يجعل المفهوم غير قابل للتحديد إلا في ارتباط مع مجموعة أو جماعة معينة؛ قبل أن يرتبط بالانسان. وهو ما يضفي على المفهوم بعدا آخر، وهو البعد الأنثروبولوجي، الذي بموجبه، تصبح الثقافة خاصية مميزة للانسان. الثقافة بمفهومها الأنثروبولوجي ، تعني كل ما أنتجه الانسان من وسائل وأدوات، بما فيه أدوات المطبخ.
لأن تلك الأدوات كانت وما زالت تلعب دور الوساطة بين الانسان والطبيعة. كما تعني الثقافة كذلك، كل الحيل والطرق الفكرية التي اكتشفها الانسان، كالرافعة، وطريقة إشعال النار..
الثقافة إذن منتوج مادي ومنتوج فكري.
ناتج عن التكيف مع المحيط، وتبادل التأثير والتأثر: الانسان ضعيف أمام الطبيعة، وتعويض النقص كان ضرورة بيولوجية: فهو لا يتوفر على قوة فيل، وليس لديه وبر أو صوف...فكانت صناعة الأدوات ضرورة ملحة لتعويض النقص.
إن أهم خاصية تتميز بها الثقافة كذلك هي خاصية التحويل. من جيل إلى جيل، ومن جماعة إلى أخرى. وهذا ما جعلها كونية.
خاصية التحويل هي أهم خاصية لأنها ما سيتطور ليصبح نظاما للتعلم.
إن الثقافة باختصار: مادة(الأدوات) وتقنية(الطرق أوالطرائق، ما كان يسمى قديما: علم الحيل: كيف أحتال على الباب حتى يفتح أو يغلق بدون الحاجة إلى التردد عليه باستمرار، إنها التقنية، ومنها البدائية كالسطل والماء أو الناعورة، ومنها ما هو حديث كالمضخة.
إن الثقافة تطورت ، ويستحيل فصل التقنية عن الثقافة، كما يستحيل فصل التفكير عن الفكر.
وتحكم الفرد في الثقافة هو بمثابة السؤال حول ما إذا كان الانسان فعلا متحكما في التقنية، وهذا أمر غير صحيح.
إن التقنية هي التي أصبحت تتحكم في الانسان. موضوح حصل فيه الكاتب العالمي غارسيا نوبل في الآداب، عن روايته مائة عام من العزلة، ومجموعته.
إن التقنية من خلال اقتصاد العولمة أصبحت تتحكم في الانسان. ومن خلالها تتحكم فيه الثقافة، إنها تتوغل فيه بعمق، وتعض فيه بقوة. | التوقيع | هدية لسعيدة السعد، وفضيلة الفضل، ألف مبروك على الشفاء. http://www.youtube.com/watch?v=g-i3X...eature=related
لِأَجْلِكِ الرُّشْدُ، شِعِرٌ جابِرُ *****عقْلٌ رَزانٌ، وفِكْرٌ عامِرُ. صَدْعًا بِحَقٍّ، بِصَوْتٍ جاهِرُ *****صُبْحًا بِجِدٍّ، وَ ليْلًا ساهِرُ. بِنْتُ الرّشيدِ ابنِ رُشْدَ سُلالةً*****أيْ، جودُ عِلْمٍ، حِجاجٌ باهِرُ. ~ La Femme est un homme amélioré ~ | آخر تعديل oustad يوم 2010-05-08 في 00:33. |
| |