منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   شهادات عن الراحل محمد عابد الجابري وإرثه الفكري والسياسي والإنساني (https://www.profvb.com/vb/t29019.html)

ابن خلدون 2010-05-04 15:11

شهادات عن الراحل محمد عابد الجابري وإرثه الفكري والسياسي والإنساني
 
شهادات عن الراحل وإرثه الفكري والسياسي والإنساني


محمد برادة أجل بناء مغرب ديمقراطي متحرر

الاتحاد الاشتراكي : 04 - 05 - 2010

لقد فقدنا بغياب محمد عابد الجابري مناضلا واعيا، ومفكرا مجتهدا، ومربيا منفتحا على العصر. ويشهد مسار حياة الجابري على قوة عزيمته وتعلقه بالعلم والثقافة، وإخلاصه للنضال من أجل بناء مغرب ديمقراطي متحرر. ولاشك أن أبحاثه تشكل منطلقات مهمة تنير البحث والتفكير والتأويل، وتقدم للطلبة والأساتذة منطلقات قابلة للتطوير والتعميق.
رحم الله محمد عابد الجابري وأسكنه فسيح جناته.

محمد الأشعري: الدفاع
عن قيم الحرية والتقدم

في مسار الأستاذ عابد الجابري منذ طفولته الفيگيگية إلى انطفائه بمدينة الدارالبيضاء، علامات دالة تختصر مسارنا السياسي والثقافي.
فقد كان المرحوم من المُربين الأوائل في المدرسة المغربية ومن مُؤسسي الدرس الفلسفي بجامعة محمد الخامس، ومن المؤسسين الأساسيين للحركة الثقافية الحديثة من خلال اتحاد كتاب المغرب ومجلة «أقلام» ومن خلال الجرائد التي أصدرها الاتحاد الوطني والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مثلما كان من المناضلين الأولين الذين ربطوا بين قضايا المغرب العربي وقضايا المشرق، ومن المناضلين الأوائل كذلك الذين سعوا إلى إعطاء النضال الوطني في المغرب استراتيجية واضحة للدفاع عن حقوق الانسان وعن القضايا العادلة للطبقة العاملة وعن الديمقراطية وعن دولة الحق والقانون.
في كل هذه العلامات نعثر دائما عن رجل منصت لنبض مجتمعه، منخرط في نضالات شعبه ومساهم جريء في تطوير التيار الاشتراكي التقدمي في بلدنا. ولقد أهله كل هذا ليعلب أدوارا طلائعية في إعلام الحزب وفي مؤتمراته الأساسية خصوصا المؤتمر الاستثنائي والمؤتمر الثالث. كما أهله ليكون ضميرا حيا في قيادة الحزب متشبثا بضرورة توجيه كل الجهود للدفاع عن القيم والمبادئ الأساسية ولتحقيق التحول الديمقراطي، بعيدا عن نزاعات التطاحن والانشقاق. وعندما وجد نفسه في وضع لا يسمح له بالاستمرار على هذا النهج، ابتعد عن العمل السياسي المباشر وانخرط في مجهود كبير للبحث، كان هاجسه الأساسي فهم الحاضر على ضوء البنيات الثقافية العميقة التي تُهيكل العقل العربي واجتهاداته. ولعل المغاربة جميعا سواء اتفقوا دائما أو اختلفوا في بعض الأحيان مع الأستاذ عابد الجابري، سيتذكرون من خلاله حضور المثقف في المجتمع وقيامه بدور طلائعي في الدفاع عن قيم الحرية والتقدم.
كمال عبد اللطيف:
شخصية في العقل والوجدان

لازال الخبر مفجعا، ومازالت أشعر بكثير من المسافة بيني وبين الخبر.
ولأن الرجل كان دائما يملك قدرة عجيبة على تجاوز الفواجع ، كيفما كانت فإنني أستطيع القول ، دون مجازفة إن عطاءات الأستاذ محمد عابد الجابري، بصمة ثلاثة عقود في الوعي والثقافة المغربية.
فالجابري ، بدون منازع ، هو مؤسس الدرس الفلسفي في المغرب.
ومن المعروف، أن هذا التأسيس لم يكن أمرا سهلا ، بل دفع الجابري إلى خوض معارك قوية مع المناهضين للثقافة العقلانية والفكر التاريخي في ثقافتنا.
وهو أيضا ، مؤسس الدرس الفلسفي في الجامعة، منذ ستينيات القرن الماضي، وهذا التأسيس أيضا ، لم يكن متيسرا وخاض من أجله الجابري معارك متعددة مع الذين كانوا يرفضون التعامل مع مكاسب عصرنا الثقافية والمعرفية.
وهناك أيضا، إن الجابري صاحب أطروحة في موضوع من الموضوعات التي تشغل مجال الفكر المغربي والعربي، أطروحة في موضوع نقد التراث، نقد العقل العربي، وهي أطروحة بصمة الفكر المغربي والعربي، بسمات خاصة
وذلك أن هيمنة الموروث التقليدي كبل العقول والذهنيات ، وقد ساهم بنقده العقل العربي في خلخلة الموروث في جعل العقل العربي يلج أبواب الحداثة والتحديث.
استوت أطروحة نقد العقل في مجلدات كبيرة، واشتغل من أجل بناءها عمره كاملا، ثلاثة عقود في قراءة التراث، قراءة جديدة، لكي لايظل امتيازا في يد التراثيين التقليديين.
ولاشك أن هذه الأطروحة ، منحة الجابري، ومنحة حضوره الفكري المغربي والعربي مكانة خاصة.
أمر آخر لاينبغي إغفاله ، عندما نتحدث عن الرجل، يتعلق بحضوره السياسي ، فقد كان الجابري، ملتزما ، سياسيا وثقافيا، حيث انخرط في تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في منتصف السبعينيات ، وساهم مع الرعيل الأول من الوطنيين التقدميين في الجمع بين الفعل السياسي والفعل الاخلاقي، وظل وفيا لمشروع التحرر والتحرير.
تحرير الانسان المغربي ، والمجتمع المغربي، من كل ما يمنعه من إعادة بناء ذاته في ضوء أسئلة الحاضر وطموحاته ، ولن يتجاوز طيلة حضوره السياسي الملتزم، القيم التي كان يدعو إليها بكثير من الاستماتة والاخلاص.
لانغفل أيضا ، دوره التأسيسي في مجلة «الثقافة المغربية»، فقد كان مع مجموعة الأقلام منها المرحوم أحمد السطاتي ، والأخ الكبير محمد ابراهيم بوعلو ، وذلك في منتصف الستينيات، حيث كانت هذه المجلة تعكس روح التحولات التي عرفتها الثقافة المغربية ، وشكلت فضاءا لانعاش ثقافة العقل والالتزام والحرية.
يمتد حضور الجابري في الثقافة المغربية ، في المدرسة ، في الجامعة، في النقابة ، في الحزب ، وفي الاعلام ليشكل شخصية متعددة الأبعاد.
كان رجلا واضحا ، كانت طموحاته وخياراته معلنة، لايجامل ، ولايتردد ، يجتهد ، يكتب بدون ملل ، يدرس بدون ملل ، يشرف على الأطروحات ، ويشارك في اللقاءات العلمية، إلى غير ذلك من صور التعدد التي تمثلها شخصيته في العقل والوجدان.
فهل بعد هذا ، نقبل ، أن ينقل إلينا ذات صباح خبر وفاته..
أنا لاأظن ذلك..
عبد السلام بنعبد العالي: صاحب «نقد العقل العربي»

أمر واحد ربما كان المرحوم محمد عابد الجابري يأسف عليه وهو يرحل عنا، هو أنه لم يستطع أن يكمل مشروعه. مشروعه هذا لم يكن من السهل، ولا من الممكن، إكماله. لأنه لم يكن مشروع فرد بعينه، بل كان مشروع جيلين، مشروع«نا»... ذلك أن السي محمد لم يكن ليميز خلال حياته الفكرية، بين ما يخصه وما يخص«نا». هذا هو الانطباع الذي كان يتركه لديّ كلما سنحت لي فرص اللقاء به. كان يشعرني دوما أنه يحمل على كتفيه أثقالا أكبر من أن يتحملها فرد بعينه. لعل ذلك ما كان يدفعه نحو العمل، لا أقول المتواصل، وإنما اللامحدود. لا يمكنك أن تصادف السي محمد إلا منشغلا مشتغلا، وسرعان ما تجد نفسك متورطا في العمل معه وإلى جانبه.
عرفت السي محمد أستاذا منذ أواسط الستينات. الميزة الكبرى التي كانت تميّزه هو أنه لم يكن ليشعرك، على الإطلاق، أن لديه علما يريد أن ينقله إليك، وإنما أنه على استعداد دائم لأن يتعلم معك. كان يشعرنا أن الأرض ما زالت خلاء، وأن علينا أن نؤسس الأمور من جذورها. بهذا المعنى يمكن أن نقول إن الفلسفة وتدريسها وتعريبها في المغرب أمور قامت على أكتافه. كان يعلم أن الأمور لن تكون، أول الأمر، على ما يرام. لكنه كان يدرك أتم الإدراك أن التأسيس لا يمكن إلا أن يتصف بالنقص وعدم الاكتمال، وأن طريق التأسيس شاق وعسير. لذا كنت تجده ينقض على الفرص كلما سنحت ليستثمرها من أجل ذلك التأسيس. في هذا الإطارعمل كل جهده لأن ينتزع تدريس الفلسفة من الأساتذة والمفتشين الفرنسيين، فقام بتهيئ أولى الكتب المدرسية لتدريسها.
هذا الأسلوب نفسه هو ما اتبعه في تدريسه الجامعي وإشرافه على الرسائل والأبحاث. لم ينفك الأستاذ الجابري يشعرنا، خلال حياتنا الطلابية، أننا بصدد تأسيس جامعة مغربية، وأن الطريق ليست يسيرة، وأن علينا أن نحمل الجامعة، وشعبة الفلسفة بصفة خاصة، على أكتافنا. لذا وجدته متطوعا لتدريس مواد متنوعة ربما لا رابطة تربط بينها، اللهم الروح النضالية لذلك الأستاذ الذي يعرف أن عليه أن يتعلم وهو يعلم، وأن مفاهيم التخصص والتبحر آتية فيما بعد. وأن الوقت هو وقت زرع البذور. إلا أن زرع البذور لا يمكن البتة أن يتم من غير وعي تاريخي. لذا وجب علينا أن ننفتح على التراث، على تراثين: التراث العربي الإسلامي وكذا على التراث الإنساني، إلا أن كل تملك لما يسمى تراثا إنسانيا لا بد أن يتم عبر خصوصية هي خصوصيتنا.

أحمد شراك: صور التعدد

يعتبر غياب الفيلسوف المغربي الكبير محمد عابد الجابري عن هذا العالم خسارة كبرى بالنسبة للثقافة المغربية وللفلسفة المغربية المعاصرة؛ ذلك أن محمد عابد الجابري يعتبر بحق مكون أجيال من الكتاب والمثقفين المغاربة، بدءا من كتابه المدرسي في مادة الفلسفة لأقسام الباكلوريا بمعية محمد العمري وأحمد السطاتي، حيث تعلمت الفلسفة أجيال من المغاربة بواسطة هذا الكتاب الذي يعتبر فاتحة حقيقية في التفلسف المغربي، وكذلك من خلال كتبه حول التربية والتعليم والمسألة التعليمية التي يعتبر فيها مرجعا مؤسسا لفلسفة التربية والتعليم ببلادنا، ثم من خلال مشروعه النظري والفكري حول العقل العربي في مختلف تجلياته وتكويناته الإبستملوجية والنظرية والبلاغية واللغوية والسياسية، فضلا عن قراءاته العميقة والمؤسسة للمصادرالأساسية للثقافة العربية ونقصد بها القرآن الكريم.
لعله غيض من فيض من الإنجازات الكبيرة للمرحوم محمد عابد الجابري. وفي هذا الصدد، نشير إلى أن غيابه عن هذا العالم هو غياب جسدي فقط. أما حضوره الرمزي الثقافي والفلسفي فسيمتد عميقا وطويلا في ثقافة الأجيال القادمة وأن رصيده الرمزي الواسع سيخضع لقراءات استعادية من طرف الأجيال القادمة، لأن الرجل معلمة بحق في تاريخ الفكر والفلسفة والثقافة المغربية، معلمة في التأصيل والإبداع والقراءة والتأويل والاجتهاد الثاقب.
هذه بعض الكلمات التي تحضرني وأنا أتلقى هذا الخبر المفجع.
رحم الله محمد عابد الجابري وأدخله فسيح جناته، ولأهله المقربين والبعيدين الصبر والسلوان.

عبد الرحيم العطري:
إنتاج الأسئلة الكبرى

هل يمكن اختزال مسار مفكر وفيلسوف فوق العادة في بضع كلمات، يمليها شرط الشهادة، وشرط الرحيل الصادم والفجائعي، لهرم من أهرامات الفكر العربي؟ هل تسعفنا الحروف؟
فمحمد عابد الجابري -رحمه الله- من «الكبار» فعلا، الذين بصموا اللحظة الثقافية العربية بمنجز أصيل وقوي، يحاور الأسئلة والقضايا الكبرى، إنه مثقف ألمعي يشتغل من داخل مشروع فكري واضح المعالم، ويشتغل وينشغل، وهذا هو الأهم بإنتاج الأسئلة الكبرى، التي تتجاوز البدهي والاعتيادي.
أذكر جيدا كيف قدمني إليه أستاذي محمد سبيلا ذات زمن تسعيني، بكلية الآداب بالرباط، وهو في الطريق إلى إمتاعنا بمحاضرة قيمة عن «المثقفين في الحضارة العربية الإسلامية: محنة بن رشد ونكبة بن حنبل»، أذكره وهو يفتتح محاضرته بألق شعري نزاري، قال فيه «فكم من نبي ذبحناه وهو يصلي صلاة العشاء، وكم من رسول قتلناه، أيامنا كلها محن، و تاريخنا كله كربلاء».
لقد كان محمد عابد الجابري مفكرا موسوعيا لا يقتنع بالإجابات السريعة، بل كان يتعب نفسه كثيرا بالبحث في تخوم المعنى، لهذا استلزم منه «نقد العقل العربي» سنوات طويلة من البحث والتنقيب والسؤال اليقظ والمتجدد، دونما مهادنة أو مواربة.
لقد فقدت الساحة العربية، بل والعالمية، برحيله، مفكرا فذا علم الأجيال، في الجامعة وخارجا، أصول التفكير النقدي، ودعاهم إلى التحرر من السبات الدغمائي، وإلى إنتاج الأسئلة بدل اللهاث وراء الإجابات المتناثرة من حولنا، كانت مهنته ووصيته الدائمة هي التساؤل، والتحرر من سلطة اليقيني والمطلق. لهذا أعتقد أن الموت لن يغيب الجابري، لأنه سيظل حيا بيننا بأعماله القيمة وآثاره الطيبة، فقبل أن يكون الجابري المفكر والفيسلوف والأستاذ الجامعي، فهو «الإنسان» الذي لم يغادره الإنسان، والإبن الشرعي للمغرب العميق وتحديدا الذي لم تسرق منه المدينة بساطة وعذوبة المغرب الشرقي أو الشقي. فرحمة الله عليك أيها العالم والفيلسوف المتسائل.


ابن خلدون 2010-05-04 15:34

محمد يتيم : وفاة الجابري خسارة للفكر المغربي والعربي
 
محمد يتيم : وفاة الجابري خسارة للفكر المغربي والعربي


عزيزة الزعلي

التجديد : 04 - 05 - 2010
انتقل إلى عفو الله، عن سن تناهز 57 عاما، يوم الاثنين 3 ماي 2010 بالدار البيضاء، المفكر المغربي محمد عابد الجابري، أحد أبرز من كتب عن التراث الإسلامي ووري جثمانه بعد صلاة العصر. واعتبر عبد الصمد بلكبير، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، أن وفاته خسارة وطنية وعربية وإسلامية، مشيرا إلى أنه كان رجلا له تاريخ في النضال الوطني والديمقراطي، وتاريخه نظيف ومردوديته عالية في الجامعة والبحث العلمي ومردوديته أكبر وإنجازاته وتيرة خاصة عندما ابتعد نسبيا عن أجهزة العمل السياسي واعتكف على البحث العلمي، وأضاف بالقول أعظم ما تحقق على يديه هو التقارب على صعيد النظر والعمل، بين من يوصفون بالحداثيين ومن يوصفون بالإسلاميين، وتمكن من بناء صرح للأجيال المقبلة عليه أن تستثمره وأن تمضي فيه، نرجو أن تعوض خسارته بمن يخلفه في الأجيال القادمة.

من جهته قال محمد يتيم عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، إن وفاته خسارة للفكر المغربي والعربي، فهو رجل بحسبه يقال عنه ما قاله ابن تيمية في أبي حامد الغزالي، وإن ما قيل عن الغزالي من أنه دخل في بطون الفلاسفة ولم يخرج، فإن الجابري دخل في التراث والفكر الإسلامي وانطبع فكره وفلسفته بروح الثقافة العربية والفلسفية، وغزارة إنتاجاته جعلت منه مدرسة من مدارس الفكر المعاصر قائمة الذات.

وأضاف محمد يتيم في شهادته الدكتور الجابري كانت له اجتهادات، وهو كأي مجتهد معرض للصواب والخطأ، والمجتهد له أجر اجتهاداته إن أصاب أو أخطأ، نسأل الله أن تكون اجتهادته مأجورة وأن يكون أكثرها صوابا، كانت تربطني به بالراحل علاقة شخصية، وقد كان رحمة الله عليه حريصا على أن أحضر معه في الندوات الفكرية والثقافية، وسبق أن جمعتنا به مساجلات فكرية هادئة، وكان يحرص على مثل هذه المقاربة، كما كان له تعاطف خاص مع الإخوة داخل حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية، خاصة ممن لهم اهتمام بالجانب الثقافي والفلسفي، كما كانت له علاقات طيبة مع كل الأطياف الفكرية والثقافية، فرحمه الله.

فيما ذكر محمد ساعف، رئيس مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، بأن الراحل كان إنسانا كبيرا وأستاذا كبيرا، ورجلا مارس السياسة بشكل قوي، مضيفا أن الجابري كان يتميز دائما ببصمة ليست متوفرة في الحقل السياسي والحقل العلمي، وهي نوع من العطاء الغزير والكرم الفكري وتشجيع الأقلام الشابة في مجالات العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية بشكل عام. وأشار بالقول: الجابري الأستاذ ترك آثارا قوية وعميقة في النظام التعليمي، كان يكتب ويمارس السياسة ويدرس في نفس الوقت، ولكن أبدا ما كانت مشاريعه الفكرية أو انشغالاته السياسية على حساب علاقته بالدرس، كان دائم الحضور في قسمه، يباشر دروسه بشكل جدي ومنتظم ويؤطر طلبته كما يجب، حياته كلها كانت في التدريس إلى جانب الإشراف التربوي، والمراجع التي تركها تشهد على المجهود البيداغوجي الكبير الذي قام به، مضيفا الجابري في الجانب السياسي عاش مرحلة بكل تناقضاتها، وكتاباته تشهد على تلك التناقضات كما عاشها، كما أنه كان رجل أخلاق متشبثا بقيم وخيارات أساسية، أما الجابري في جانب الإنتاج الفكري، فكل مؤلفاته رحمه الله كانت محطات أساسية للفكر العربي يُشهد له بأهميتها، لقد ترك الراحل آثارا قوية في الحقل السياسي الفكري والثقافي والعربي، وفكره أظن أنه لا زال حاضرا معنا وستكون آثاره قوية في المستقبل.

من جهته أكد محمد طلابي عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح في كلمة مختصرة أن محمد عابد الجابري كان رجل فكر واجتهاد، قدم رحمة الله عليه كثيرا من العطاء الفكري والثقافي.

ولد الجابري عام 1936م بفكيك ودرس بها، ثم غادرها إلى الدار البيضاء حيث انخرط في خلايا العمل الوطني في بداية الخمسينات، وفي عام 1958 انتقل إلى دمشق للحصول على الإجازة في الفلسفة، بعد أن حصل على البكالوريا بصفة مرشح حر، ولم يتمم دراسته الجامعية، وعاد إلى المغرب لينتسب إلى الجامعة المغربية. وفيها أكمل مشواره الأكاديمي، وفي 1964م حصل على الإجازة في الفلسفة، وفي عام 1967م نال الماجستير بعد مناقشة رسالته (منهجية الكتابات التاريخية المغربية) والتي عن طريقها اكتشف عالم الاجتماع المسلم (عبد الرحمن بن خلدون) حيث قرر أن يكون بحثه لنيل شهادة الدكتوراه عام 1971م (العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية في التاريخ العربي الإسلامي).

عمل أستاذا للفلسفة والفكر العربي والإسلامي في كلية الآداب بجامعة الملك محمد الخامس بالرباط، وله العديد من الكتب من أشهرها: (نحن والتراث) و(نقد العقل العربي)، وقد صدر في أجزاء ثلاثة هي (تكوين العقل العربي) و(بنية العقل العربي) و(العقل السياسي العربي) و(الخطاب العربي المعاصر) وغيرها. كما شارك في العديد من المؤتمرات العلمية والثقافية. وللجابري صلة قوية بدراسة التراث العربي الإسلامي ومن خلال قراءاته تلك يعرف بفكره وطروحاته حول التراث والتحديث، وقد وضع منطلقاته الفكرية هذه في مدخل كتابه (نحن والتراث)..



ابن خلدون 2010-05-04 15:36

رد: شهادات عن الراحل محمد عابد الجابري وإرثه الفكري والسياسي والإنساني
 
رحيل أحد رموز الفكر المبرزين


بلال التليدي

التجديد : 04 - 05 - 2010
بوفاة الدكتور محمد عابد الجابري المفكر المغربي الكبير يكون المغرب قد فقد أحد رموز الفكر المبرزين، ليس فقط في المغرب ولكن في العالم العربي والإسلامي والدولي، فالرجل خلف آثارا ومؤلفات ومشاريع فكرية وفلسفية تشهد على الإسهام الكبير الذي كان يقوم به لسد الفراغ في المكتبة العربية، ومحاولة التأسيس الفكري والفلسفي للنهضة العربية.

ولئن كان مشروع الدكتور الجابري مسكونا بالطرح الرشدي، فلأنه يتسم بالنضج الذي يسمح بتعايش أطروحتين في المشهد الفكري العربي: الأطروحة البيانية التي تمتح من المرجعية الإسلامية وتجعل النص الشرعي هاديا ومرشدا ومؤطرا، وبين الأطروحة البرهانية التي تعتمد العقل، والعقل وحده، أداة لإنتاج المعرفة، ما دامت الأطروحتان معا تتفقان في النتيجة، وهي نشدان الحقيقة بناء على القاعدة الرشدية، ذلك أن الحق لا يضاد الحق ولكن يعضده ويشهد له، وهي المقولة التي قادت الجابري رحمه الله، إلى أن يؤسس من خلالها على المستوى السياسي فكرة الكتلة التاريخية التي تجمع الإسلاميين واليسار والقوميين لإنجاز التحول الديمقراطي المطلوب.

هذا فقط بعد واحد من أبعاد مشروع الجابري الفكري والسياسي، وهو البعد الذي تواترت العديد من الكتابات بعد الجابري تؤكده، بل تحوله إلى مشاريع وصيغ سياسية تشتغل على الأرض، وإن في إطار جزئي يخص قضية دعم المقاومة ومواجهة التطبيع، ولا تزال كتابات عديدة اليوم تدعو إلى أن تتحول هذه الصيغ الجزئية إلى مشاريع حقيقية تضع على رأس أولياتها إنجاز مهمة التحول الديمقراطي في العالم العربي.

هذا البعد وحده، يكفي ليجعل الدكتور الجابري في مصاف المفكرين الكبار، الذين نذروا أنفسهم للتأسيس الفكري لمثل هذه المشاريع الكبيرة التي تضع مسافة مع الإيديولوجي وتحاول أن تضع الأطروحة الفكرية التي تفتح الإمكانية لاجتماع الإسلاميين واليسار والقوميين على عدة نقاط استراتيجية وطنية (التحول الديمقراطي) وعربية إسلامية (نصرة المقاومة ومواجهة التطبيع).

بيد أن أهم جانب تميز به الرجل في مساره الفكري هو التطور والنضج الفكري الذي كان يحاول دائما أن يجعله معيارا ومحددا، فالرجل تنقل من حقل الإيديولوجيا (كتاب نحن والتراث وكتاب من أجل رؤية تقدمية) إلى الحقل المعرفي (مشروع نقد العقل العربي في أربعة أجزاء) إلى التأسيس الفكري والمعرفي للكتلة التاريخية ومحاولة تبديد الصعوبات المعرفية التي تحول دون تحقيق هذه الكتلة (كتاب التراث والحداثة، وكتاب وجهة نظر)، ليجد نفسه في نهاية مساره أمام القرآن الكريم، ضمن رؤية تعتمد تفسير النص حسب النزول، وهي القراءة التي حاول الدفاع عنها من خلال كتابين، لينتقل بعد ذلك إلى مباشرة هذه القراءة في مشروعه الذي لم يكتمل، والذي يتعلق بالتفسير.

إن المتتبع لمسار الرجل، على الرغم من الملاحظات التي قد تعن لكل منتقد، والتي تجد وجاهتها من وجوه عديدة، إن المتتبه لهذا المسار الحافل بالعطاء، لاسيما في دراسة المشروع النهضوي وتتبع قسمات الخطاب العربي المعاصر، والعقلية النقدية التي كان يتمتع بها الجابري، لا يمكن في المحصلة إلا أن يقر بأن المغرب فقد مفكرا من حجم ثقيل يصعب تعويضه.

إن المقارنة البسيطة بين الكتابات الأولى للجابري وما انتهت إليه لا توضح فقط التطور الفكري الذي حصل للرجل، ولكنها توضح المرونة والعقلية النقدية التي كان يتمتع بها، والتي كانت تمنعه من الجمود والبقاء حيث بقي العديد من المفكرين متصلبين على قناعاتهم الإيديولوجية.

ثم إن ما يميز الجابري عن غيره، هو سعة انفتاحه على التراث الإسلامي، ويسر تعامله مع مصادره، سواء كان تفسيرا أو علوم قرآن، أو فقها أو أصولا أو لغة أو بلاغة أو بيانا، فالرجل يمتح من كل هذه العلوم، ويكلف نفسه عناء البحث في كل تفاصليها من خلال مصاردها، وهو بلا شك الجهد النظري الذي قربه من نظرية الشاطبي التي وقف عندها طويلا، ورؤية ابن تيمية، وأطروحة ابن حزم، وكانت قراءته النقدية مخالفة تماما للتسطيح الذي يلجأ إليع كثير من العلمانيين الغرباء على التراث الإسلامي ومصادره.

إن قرب الرجل من الثقافتين، الإسلامية والغربية، وحرصه على المتح من مصادرها، هو الذي يفسر هذه المرونة الفكرية التي ساعدته على التطور من الإيدلويوجيا إلى المعرفة المشوبة بالإيديولوجيا؛ ليستقر بعد ذلك عند تحديد مواصفات المشروع النهضوي وشروط الآلية الكفيلة بتحقيقه.


si sajid 2010-05-04 19:16

رحيل محمد عابد الجابري خسارة كبيرة للفكر العربي والإسلامي المعاصر (اتحاد كتاب مصر)
 
رحيل محمد عابد الجابري خسارة كبيرة للفكر العربي والإسلامي المعاصر (اتحاد كتاب مصر)

القاهرة-4-5-2010- أكد (اتحاد كتاب مصر) أن رحيل المفكر والفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري يمثل "خسارة كبيرة" للفكر العربي والإسلامي المعاصر.
وقال محمد السيد عيد نائب رئيس الاتحاد، اليوم الثلاثاء في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن المرحوم الجابري كان أحد المفكرين الذين "تعتز بهم الثقافة العربية ونعتز بهم في مصر" لأنه كان من ضمن دائرة مفكري النهضة في الفترة الأخيرة.

وأضاف مسؤول (اتحاد كتاب مصر) أن "عزاءنا هو أن الابداع الذي قدمه لنا، الجابري، سيتم تداوله ولن يتوقف أبدا برحيله .. لأنه إبداع نظر إلى واقعنا وحاول أن يقدم رؤية مستقبلية لهذا الواقع المؤلم والمعقد" من خلال مساهمته بأفكار إيجابية "تثير النقاش والجدل".

وعن اشتغال المفكر الراحل على التراث العربي والإسلامي، قال الكاتب محمد السيد عيد إن مشروع محمد عابد الجابري في التراث "هام جدا لأن التراث أحد المواضيع الخطيرة التي نتعامل معها وتتجدد مناقشته بشكل دائم "، مضيفا أنه "من حسن الحظ" أن الجابري كان أحد كبار المهتمين بهذا الموضوع الذين قدموا "إضافة مهمة" لهذا النقاش.

وتكمن أهمية النظرة التي ألقاها مفكرون مثل الراحل محمد عابد الجابري على التراث، يضيف محمد السيد عيد، في كون الجدل حول هذا الموضوع ظل مثارا منذ بداية العصر الحديث ولم يحسم لحد الآن وكان بالتالي يحتاج إلى مزيد من الاجتهادات.

وأوضح أن هذه الاجتهادات تميزت بكونها أتت من مفكرين كمحمد عابد الجابري "انفتحوا على الغرب وتخلصوا من أي عقدة في التعامل مع التراث إذ أصبحوا قادرين على التطلع إليه بدون شوفينية وبدون استهانة".

وختم نائب (رئيس اتحاد كتاب مصر) حديثه عن الراحل الجابري ومشروعه الفكري بالقول: "نرجو أن يرزقنا الله مفكرين يرسمون الطريق خلف هؤلاء العظماء لكي يرسموا المستقبل أمامنا حتى لا نظل مجرد متفرجين".

يذكر أن المفكر الجابري الذي توفي أمس الاثنين بالدار البيضاء عن سن تناهز 75 عاما، خلف العديد من المؤلفات التي شكلت علامة فارقة في الفكر العربي المعاصر من أبرزها "نحن والتراث : قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي" (1980)، و"العصبية والدولة : معالم نظرية خلدونية في التاريخ العربي الإسلامي" (1971)، و(نقد العقل العربي) الذي صدر في ثلاثة أجزاء هي (تكوين العقل العربي) و(بنية العقل العربي) و(العقل السياسي العربي). و م ع

si sajid 2010-05-04 19:19

رد: رحيل محمد عابد الجابري خسارة كبيرة للفكر العربي والإسلامي المعاصر (اتحاد كتاب مصر
 
اتحاد كتاب المغرب ينعي المفكر المغربي الدكتور محمد عابد الجابري

الرباط -4-5-2010- نعى اتحاد كتاب المغرب المفكر المغربي محمد عابد الجابري الذي وافته المنية أمس الإثنين بالدار البيضاء.
وجاء في بلاغ لاتحاد إنه "تلقى بأسى بالغ الرحيل المفاجيء للمفكر العربي الكبير وعضو اتحاد كتاب المغرب الدكتور محمد عابد الجابري" مضيفا أنه "في رحيله المأسوف عليه تكون الأمة العربية الأإسلامية والأسرة الثقافية والفكرية العربية، قد فقدت فيه مفكرا وفيلسوفا عربيا كبيرا يصعب تعويضه".

وأضاف البلاغ "لقد كان مفكرنا الراحل أحد مؤسسي الدرس الفلسفي في جامعتنا، كما ساهم، منذ عقود خلت، في تحديث الحقل الفكري والفلسفي، وتطويره، والإضافة إليه، سواء في المغرب أو في العالم العربي، عبر مصنفاته ومؤلفاته وآرائه وطروحاته المؤثرة والمضيئة. وأيضا عبر قراءاته العديدة في التراث الفلسفي، والفكر الخلدوني، ونقد العقل العربي، والنص القرآني، وحضوره الوازن في الحقل الفكري والفلسفي العربي والإسلامي والعالمي" معتبرا أنه "يرجع الفضل الكبير إليه في تخريج العديد من المفكرين والفلاسفة الجدد في بلادنا وخارجها".

وذكر البلاغ بأن الراحل "كان مشاركا باستمرار بآرائه وأفكاره الرصينة في معضلات الثقافة والفكر والفلسفة في العالم العربي، وهو أيضا من الكتاب الأوائل الذين بصموا تاريخ اتحاد كتاب المغرب، منذ التحاقه بهذه المنظمة عام 1961" مشي فرا إلى أن "مفكرنا ظل حريصا على حضوره مؤتمرات الاتحاد الأولى، ومساهما بكتاباته المضيئة في مجلة (آفاق) ومشاركا في ندوات الاتحاد وأنشطته على امتداد سنوات السبعينيات والثمانينيات".

فضلا عن ذلك، يقول البلاغ، "عرف الراحل بحضوره السياسي الكبير في المشهد السياسي الوطني، وبمواقفه الوطنية المعروفة، وبمبادئه الثابتة، تلك التي ظل مفكرنا وفيا لها طيلة حياته، إلى أن غادرنا مأسوفا عليه".
و م ع


الساعة الآن 00:42

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd