الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الثقافة والآداب والعلوم > منتدى المواضيع الأدبية المنقولة > قصص وروايات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2010-04-28, 13:04 رقم المشاركة : 1
توفيقي بلعيد
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







توفيقي بلعيد غير متواجد حالياً


افتراضي رواية ولد السوق .. بين الرمزية والخطاب والنص الصامت



رواية ولد السوق


بين الرمزية والخطاب والنص الصامت


توفيقي بلعيد*




في مثل حالتنا هذه،حيث نتقاسم والمؤلف عدة ندوب وبعض الفرح العالق بالنبض والكثير من الأحلام التي أصبح البعض منها موؤودا...هل يمكن أن نكتفي بتقديم للكتاب بنفس الكيفية التي نعرض بها صورا فوتوغرافية عن رحلة في الأرياف...؟
هل يمكننا ، أمام الحضور الطاغي والشامخ، في آن واحد ،لإنسان فكر يوما في تغيير الواقع الغير سوي ولم يقف عند حدود التفكير بل جدف بكل قواه ليحرك صفحة الماء الساكنة ويغير من والضع المختل للموجودات، داخل المجتمع الذي يعيشه،كجزء من حلقة متوالية لتغيير العالم...هل يمكننا أن نتعامل مع نصه الابداعي الذي بين أيدينا بالأدوات المألوفة،وكأننا نقرأ عملا ابداعيا لاغير...؟
كان لابد من هذه التوطئة لنقول بأن هذا الإنسان،الذي اعتقل بتاريخ 13 يناير 1976كأستاذ جامعي للغة الاسبانية، لم يكن كاتبا من قبل، أي لم يدخل المعتقل باسم أدبي أو فني،لكنه بعد ثلاثة عشر سنة من الحجز على حريته سبقته ،قبل إطلاق سراحه، كلماته إلى الناس سنة 1989 تحت عنوان
A l’ombre de lalla chafia (في ظلال لالة شافية: التي ترجمها إلى العربية الكاتب عبد القادر الشاوي)...
إدريس بويسف الركاب،وهذا هو اسمه بالكامل، هذا المناضل الرائع الطيب المعشر والذي استطاع أن يصمد في وجه جلاديه وأن يراوغ الموت ليستمر حاضنا شعلة الحياة، لم ينفك منذ كتابه الأول عن تشييد صرحه الأدبي دون أن يتنازل عن ما يعتبره حقه في قول الحقيقة بكل الجرأة التي يجب أن تتوفر في كل كاتب يطمح أن يتكلم إلى الناس وأن يتكلم باسمهم في نفس الآن...
فهل ،بعد الذي أسلفناه، يمكن أن نقارب روايته " Le fils du souk" بمعزل عن مساره كمعتقل سياسي سابق من اليسار الجدري،والآمر ينسحب على كل من له صلة بالمؤلف وينسحب أيضا عن من قرأوا روايته السير ذاتية "في ظلال لالة شافية"،وينسحب،أيضا ،على من قرأ مؤلفه رسائل السجن:"الاستبداد المألوف"(منشورات طارق 2005 )...
الرواية التي بين أيدينا التي طُبعت بفرنسا(دار النشر الفرنسيةVelours سنة 2007 (وأعيد طباعتها بالمغرب)سعد الورزازي للنشرسنة 2008) وتُرجمت، في نفس السنة إلى اللغة العربية،من طرف الكاتب والصحفي محمد الرحوي(عن دار سعد الورزازي للنشر)...إذا ما حاولنا القيام بمقاربة لها (الرواية)،فأمامنا ، منذ البداية ، أربعة مفاتيح ، أولها العنوان،ثانيها لوحة الغلاف،ثالثها ما يطلق عليه الصفحة الرابعة..رابعها لائحة شخوص الفصل الأول والفصل الثاني.
المفتاح الأول،العنـــــــــوان:
يصادفنا منذ الوهلة الأولى بالنسخة الأصلية (أعني الفرنسية) عنوان مركب من كلمتين :
" Le fils du souk " إحداهما فرنسية وهي" Le fils " والثانية عربية "السوق" ولهذا دلالته وبالأخص لدى القارئ الأجنبي،وطبعا فإن العنوان ،في أي عمل أدبي ،يعتبرا عقدا بين الكاتب والمتلقي...فبالنسبة للقارئ الفرنسي سيدرك أنه أمام عمل إبداعي مغربي باللغة الفرنسية ،وهذا ما سيشكل مدخلا وتوطئة لما سيصادفه من صيغ وأساليب حاول الكاتب من خلالها الحفاظ على الروح المغربية لمناخ روايته...ليس هذا فحسب،فهناك الحمولة الاجتماعية والنفسية للقب"ولد السوق"،هذه الحمولة التي تحيل على عوالم الهامش والصعلكة،وقد تمتد إلى حدود الطعن والشك في شرعية حامل اللقب...وبالتالي فعنوان الرواية يشكل بوابة تنذرنا يافطتها بأننا سنلج عالما يعج بالصراع حول القيم المادية والمعنوية التي سيشكل "خونا"(ولد السوق) محورا أساسيا لها...

المفتاح الثاني،لوحة الغلاف :

المفتاح الثاني فتمثله لوحة الغلاف التي يتوزعها اللون الأسود والرمادي حيث الطريق الذاهبة إلى هناك وحيث الفرد صغير وتائه وسط عالم مؤسس من قبل...
ونحن نعلم أن كل كاتب أو ناشر يتوقف طويلا أمام اللوحة التي سيختارها لعمله،لكي تشكل خطابا مكشوفا يحاور البصر سواء بحمولته الجمالية أو برمزيته،وهو في جميع الأحوال يراعي أن يكون غلاف العمل متماشيا ،وغير متنافر،مع مضمون العمل...

المفتاح الثالث،الصفحة الرابعة أو الغلاف الأخير:

هذه الصفحة أو الوجه الآخر للكتاب،الذي غالبا ما يغفله النقاد ،له أهميته في إعطائنا تصورا ما،سواء عن الكاتب أو الكتاب أو هما معا ...فقد نجد موجز عن سيرة الكاتب وصورة فتوغرافية عنه،وهو معطى يقربنا منه ويخلق بيننا وبينه نوع من الألفة أو التعارف،إضافة إلى ذلك نجذ ملخصا أو إضاءة حول العمل الذي بين أيدينا،وأعتبر أن الغلاف الثاني يملك من الأهمية ما أصبحت تملكه الصفحة الأخيرة من الجريدة...ففي الرواية التي بين أيدينا نقرأ في الوجه الآخر للعمل،بعد نبذة عن صاحبها:
"ولد السوق رواية تحكي قصة طفل مجهول الأب نشأ في حي صفيحي بالدار البيضاء.أخذ بالتدريج ينزع كتلميذ منحل نحو اقتراف مختلف الجنح،مثيرا يأس والدته التي أرادت،بطريقتها التقليدية،أن يدرس ويصبح رجلا فاضلا.لقد قضى به مساره إلى ارتكاب سرقات صغيرة ثم الاتجار في المخدرات.انقلبت ضده علاقاته بمهربين آخرين وبعض البوليس المرتشين.وأخيرا،ذهبت أمه للبحث عنه في قبر،لئلا تفارقه أبدا.
يتعاقب في هذه الرواية العديد من الشخوص،ويتلاقون،ويتحابون ويتباغضون.ومن خلالهم يبرز طرازمن المغرب ساد في النصف الثاني من القرن العشرين:مغرب الفقر، والشطارة، والتهريب، والرشوة،والغدر،والصراع بضراوة من أجل البقاء "


المفتاح الرابع،لائحة الشخوص:

تُعتبرلائحة شخوص الفصل الأول وشخوص الفصل الثاني (وهو تقليد ارتبط بالأعمال المسرحية) مفتاحا رابعا،يكمل ويدعم الأثر الذي تتركه لدينا المفاتيح السابقة والتي ما إن نتأملها (اللائحة) حتى تتكون لدينا حزمة من انتظارات حول الأحداث وردود الأفعال،ونضع إطارا للحمولات الفكرية لهذا العمل الروائي،الذي لا أظن أنه نتاج إلهام خالص،والذي من خلال الاستغراق فيه نكتشف أن لا شيء وُضع اعتباطا...

الرمزية في الرواية:

أستطيع أن أشبه السرد في رواية "ولد السوق" بجريان ماء النهر،فهو من جهة سلس ،تمتلك ناصيته بيسر،لتفر منك الكثير من الإشارات والرسائل في غفلة منك،فأنت من جهة أمام عمل روائي متقن يجرك إلى أجوائه لتندمج مع أحداثه وشخوصه،وأنت ،إذا ما تأملت هذا العمل، تجد نفسك أمام عملية تحليل ذكي للأوضاع والمسارات الفردية والجماعية على عدة مستويات...وهنا أهمية هذا العمل،فكما في جريان النهر سطح وعمق،فإن في هذا العمل خطاب وحمولتين ظاهرة ومستثيرة حقيقية ومجازية...
إن ما يؤكد لنا البعض من ما ذهبنا إليه يقدم نفسه بشكل صادم:"لا أحد يعرف الاسم الحقيقي لمحمد العبدي،باستثناء والدته،التي لم تكشفه لأي كان،ولو لأفضل صديقة لها،وبالأخص لابنها.بالمقابل،كان سكان الحي،وعلى كل حال بعض القدامى،يعرفون تاريخ ازدياده:أول يوم من الاستقلال." (ص 11 السطر الأول).حقيقة الاسم هنا مرتبطة بحقيقة النسب،أي بالأبوة..والولادة هنا ترقى لمرتبة الرمزية،فابن فاطما هذا (وانتبهوا معي للاسم الذي جاء كما ينطقه المستعمر الفرنسي) يصادف ميلاده اليوم الأول لحصول المغرب على استقلاله،حدث الولادة وحدث الاستقلال،حدثان يتماهى أحدهما مع الآخر، ولذلك دلالته في هذا العمل الأدبي..فكل نص ،حتى النصوص المقدسة،تترك الهامش للتأويل، في رواية"ولد السوق" هامش التأويل وقراءة النص من زوايا متعددة متوفرة..وإذا ما عدنا للجملة الأولى التي تزامن بين ولادة محمد العبدي وحدث الاستقلال،بل هناك الكثير من الإشارات التي تحرضنا على ذلك وتجعلنا نتوقف ونستفيق من متعة الاندماج مع السرد الشيق للأحداث،لنطرح الأسئلة...
إذا ما عدنا للمقطع الأول،من الرواية، (ص 11) الذي يتحدث عن ولادة الطفل محمد العبدي،الذي سيُعرف لاحقا بلقب"خونا"،وهو مقطع زاخر بالدلالة،حيث ذلك التزامن بين ولادة "خونا" وحدث حصول المغرب على الاستقلال..ألا يمكن أن نتحدث هنا عن ميلاد حلم/ خلاص،أو حتى الحديث عن وهْم،على المستوى الفردي بالنسبة لفاطما الذي يجسده مولودها الذي ستراهن عليه لينتشلها من وضعيتها كخادمة لدى عائلة فرنسية من بقايا الاستعمار...وفي نفس الوقت تشكل الولادة حلما جماعيا جسده الاستقلال الذي راهن عليه الشعب المغربي ليخلصه من ربقة المستعمر ومن الذل والمهانة ويمكنه من التمتع بمواطنة كاملة تُصان فيها الحقوق وتلبى فيها الحاجيات المادية والمعنوية بعد كل تلك التضحية بالغالي والنفيس...؟
ومادام هناك تزامن بين الولادة والاستقلال،ألا يحق لنا أن نتساءل عن من منهما وُلد لأب مجهول..؟ المولود الجديد أم الاستقلال أم هما معا،أم أن هناك عملية إسقاط تفيد بأن الاستقلال هو الذي لا نسب واضح له..؟ أم أن هناك إشارة ضمنية تفيد نشوء وضع هجين ؟ّّ
يمكننا هنا أن نطلق العنان لكل التأويلات،في إطار النص طبعا،ومن خلالها يمكن أن نغوص للأعماق لنمسك بجذور الخلل التي، وللأسف، نعيش نتائجه الوخيمة اليوم...
وفي هذا السياق لا يجب أن نغفل رمزية المكان.فللأمكنة داخل الرواية رمزيتها،فالدار البيضاء المدينة الاقتصادية للبلاد لم تأت اعتباطا فهي العاصمة الاقتصادية للبلاد حيث الرأسمال والعمل،هنا حيث تتمركز الثروة وتتواجد السواعد التي تنتج وتعيد انتاج الثروة والمال،وما يترتب عن هذه الحركة من علاقة يطبعها استغلال القلية المالكة للعملة للأكثرية التي تملك الجهد وعرق الجبين..الدار البيضاء هي الميناء،البوابة المفتوحة على أسواق الخارج (وما يرمز له ذلك من نهب وتهريب لخيرات البلاد من طرف المستعمر ومن طرف الكومبرادور فيما بعد)...ومدينة الرباط كذلك لم تأتِ بها الصدفة،إنها العاصمة الإدارية ومركز القرار السياسي،حيث الطبقة الحاكمة،وحيث السلطة والجاه والسهر على ضبط الكيفية التي يجب أن توزع بها ثروة البلاد...فـللحي القصديري"كريان سنطرال"،أحد أحزمة البؤس، دلالته الموغلة في الذاكرة والوجدان ، فهو من جهة حي شعبي بُني على هامش المدينة الغول وشكل مخيما للكثير من الأسر الفقيرة النازحة من البوادي والقرى ،ومن جهة أخرى حي مقاوم،وبالتالي فاختياره كمنطلق لأحداث الرواية لا يمكن إلا أن يستقطب عددا من الإشارات ويدفع للامعان في النبش والتأمل والتفكير...
نهاية الرواية تفتح،أيضا، شهية التأويل لما تخر به من رمزية،فالنبش على جثة الابن في قبر مجهول الهوية،مستعينة بضابط شرطة مرتشي كمرشد،لا يمكن أن تمر كفعل عادي...بل يمكن القول أنه إلى جانب الرمزية هناك استشراف للمستقبل،فالرواية التي كُتبت داخل السجن،في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي (في تزامن ،تقريبا، مع الرواية سيرذاتية:لالة شافية") تكون قد تطابقت أحداث نهايتها،بما يرقى إلى التنبوء،بما انتهت إليه عملية ما أصبح يطلق عليه بطي صفحة الماضي من نبش على قبور مجهولة...

الجنس في الرواية:

الجنس مرتبط بالحياة ويشمل كل الكائنات الحية ومن ضمنها الانسان،إذ لم نقل على رأسها،مع فارق جوهري ÷و أن المجتمع البشري،حتى قبل أن يتأنسن،وضع النشاط الجنسي في دائرة مضيئة تحيطها رهبة تقاطع فيها المقدس بالدنس،مما حذى بالمجتمعات التي راكمت الثروة والسلطة وانتقلت إلى عصر الملكية الشخصية أن تضع النشاط الجنسي تحت الحراسة المشددة مدرجة إياه ضمن الحماية الشرعية والقانونية وما تعارف الناس عليه يحذوهم الخوف عما قد يحدثه الانفلات في هذا المجال من مخاطر على نسيجه ولما قد يسببه أي خلل في ضبطه من مشاكل فردية وجماعية...ولحد الان أسمى ما وصل إليه المشرع ( الديني والوضعي) في ضبط طرفي العلاقة (الرجل والمرأة) هو رباط الزواج،معتبرا كل ما يقع خارجه،بين الرجال والنساء، غير معترف به ولا بنتائجة من ذرية وحقوق ويستوجب العقاب والنبذ، بل والتحقير..لذا لاغرو أن نجد كل الكتب المقدسة لدى البشرية،وتلك التي عالجت قضايا المجتمعات،سواء كانت قانونية أو أدبية...غلا وأفردت للنشاط الجنسي حيزا،يضيق او يتسع،محللة وواصفة،راسمة الحدود او محرضة على تحطيمها،كاشفة مواطنه الظليلة أو زاجرة من يقترب منها...ورواية "ولد السوق" لا تخرج عن هذا الحكم،فهي قد أفردت له حيزا هاما غطى الكثير من الصفحات،وتناولته من زواياه المتعددة..إلا أن الغريب في الرواية هو مرورها بشكل سريع عن النشاط الجنسي الذي يُسم بالانحراف ،فبالرغم من كون أبطال روايتنا من الذين حاذوا عن جادة الطريق،مارسوا التدخين مبكرا،نتحدث عن أواخر الستينيات من القرن الماضي، مارسوا اللصوصية ، لكنهم ،وهذا غريب طبعا، لم يمارسوا العادة السرية ،لا بشكل جماعي ولا على انفراد،لم يمارسوا الشذوذ فيما بينهم أو على الآخرين من خارج الدائرة ،وهذا شيء يدعوا لوضع علامة استفهام،يبدده المؤلف بتصريحه،خلال إحدى اللقاءات،إذ أعلن عن عدم رغبته في أن يثقل الرواية بهذا النوع من النشاط الجنسي بين الذكور في وقت تم تناوله في رواية "في ظلال لالة شافية" وإن كان قد أشار إليه في الرواية،حيث يقول أمبارك مخاطبا خونا وهما يتفقان على زيارة عاهرة صديقة لمبارك : " – سبق لك أن مارست الجنس مع أطفال،أليس صحيحا؟ الأمر الآن أبسط...وأفضل." (ص 103)...ما عدا هذه الملاحظة فالرواية تطرح قضية الجنس بشكل جدي، مستعرضة ما حوله من اختلاف في الآراء والممارسة.. منتقلة بنا بين دروبه حيث ممارسته بين الراشدين (ص 67) ،وذاك الذي يتم تحت يافطة العهارة بين الراشدات وزبائنهن من اليافعين (ص 105،106،107،108،109،110) والراشدين أيضا..الجنس طواعية والجنس تحت تهديد السلاح:"لاتتحركي،وإلا شققت عنك" (ص193 )..
إن تيمة الجنس تم ،من جهة ،توظيفها، للكشف على النفسيات والشروخ التي تحدث في الدواخل (حالة خونا الذي يشكل له الجنس عقدة باعتباره قد تعرض بسببه للسب والحط من قيمته سواء بنعت أمه بالعاهرة أو نعته بالابن غير الشرعي) (ص115) وليضع العقائد والقيم على المحك (ص64،65)،وينفُذُ من خلاله إلى منطقة الظل...ومن جهة أخرى تم رصد نتائج النظرة الدونية للجنس وأبعادها،والظلال التي تنيخها على نشاط شخصيات الرواية ، من خلال موقفهم من الجنس بصفة عامة ...

النص الصامت:
في كل خطاب سردي،كيفما كان تصنيفه،حتى وإن كان تأريخا أو سيرة ذاتية وما إلى ذلك من مثون الإفصاح ...،يوجد هناك خطاب تاوي،مستتر،وأحب أن أطلق عليه هنا، في هذه المقاربة، "النص الصامت"،إنه ليس نصا موازيا للأحداث بل هو حدث أو اشارة مندغمة في الجو العام لأي نص ناطق،فهو موجود وإن كنا لاتسمع صوته ،يمكننا أن ندركه أو نسهو عنه،يمكننا أن نفهمه دون أن نقرأه،ولايمكن أن يتواجد أي خطاب ظاهر بدونه...ورواية "ولد السوق" تمدنا بهذا النص الصامت الذي حاولنا القبض عليه من خلال البحث عن رمزية بعض الأحداث...
تنطلق أحداث الرواية مع مولد "خونا"،وإن كان شعورنا والواقع يقول بأنها انطلقت قبل ذلك،تقنية لفلاش باك،التي استعملها الكاتب باثقان ودون حشو،تقول ذلك...لكننا سنتواطأ على أنها انطلقت بمولد"خونا" يوم الجمعة 02 مارس 1956 يوم الاعلان عن استقلال المغرب،وتتوقف بتوقف أنفاس"خونا" في مخفر للشرطة ،تحت التعذيب،بالعاصمة الادارية الرباط،يوم سبت من شهر يوليوز 1978،المؤلف لم يحدد لنا اليوم بالضبط وأمامنا السبت 01 يوليوز والسبت 08يوليوز والسبت 15 يوليوز و السبت 22 يوليوز وأخيرا السبت 29يوليوز من سنة 1978...لنترك عملية البحث هذه،ونستحضر هذه المرحلة التاريخية التي غطتها الرواية وتعمد صاحبها أن يضعها بين مزدوجتين (1956-1978) حيث تعج المرحلة بصراع سياسي بدون رحمة ،على السلطة، بين فرقاء سياسيين،مما ستنتج عنه الكثير من المآسي،وسيعرف تصفيات جسدية في صفوف المقاومة،وحالة الاستثناء،ومحاكمات الخصوم السياسيين،والانقلابات وظهور اليسار الحذري...
هذا ما يقوله النص الصامت،وهو ما يجعل هذا العمل مكتظا بالحمولات وغني بالدلالات،وعميق للحد الذي يمكن اعتماده كوثيقة في فهم مرحلة ساخنة من تاريخ المغرب...

وأخيــــــرا:

نكتفي بهذا باعتبار ان هذا العمل الروائي انشغل أيضا بموضوعة التربية،وبالانتصار إلى صيغ وتراكيب مغربية ،تسكن لغتنا اليومية،وبذلك كان هناك انشغال بقضية اللغة وبروحها ،حتى وإن كتب نصه باللغة الفرنسية...
وأخيرا فإن رواية "ولد السوق" عمل سردي إبداعي استثمر فيه مؤلفه كل الأدوات وعلى رأسها الاستفادة من تقنيات السينما،إذ أننا نحس بذلك التنقل الواعي لتصوير المجتمع وضبط حركته والعلاقة بين مكوناته، وتتبع الأحداث والقبض على عناصر تطورها،بقدر استفادته من تجربته الحياتية ،ليقدم لنا عملا،وإن كان من نسج الخيال، يرقى إلى مرتبة الوثيقة أو الشهادة التي يمكن الرجوع إليها لفهم مجموعة من التحولات التي عرفها المجتمع المغربي منذ حصوله على استقلاله إلى نهاية السبعينيات من القرن الماضي،وهي من جهة أخرى ( الرواية) متن أدبي يغني رصيد أدبنا المغربي المكتوب باللغة الفرنسية،في نفس الوقت الذي يغني،بترجمته الجيدة ، الزخم الروائي الذي تعرفه مساحة السرد في هذه المرحلة من أدبنا المكتوب باللغة العربية....
.......................................
*شاعر وروائي مغربي
ملحوظة:اعتمدنا في الإحالات على أرقام صفحات النسخة العربية من الرواية.
ألقيت في حفل توقيع الرواية التي أقامته جمعية شهرزاد ونُشر بالجريدة الأولى ليوم الجمعة 16/4/2010 عدد 586 الصفحة09






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=121159
آخر تعديل توفيقي بلعيد يوم 2010-04-28 في 13:07.
    رد مع اقتباس
قديم 2010-04-29, 08:33 رقم المشاركة : 2
نزيه لحسن
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية نزيه لحسن

 

إحصائية العضو







نزيه لحسن غير متواجد حالياً


مسابقة السيرة 2

وسام المرتبة الأولى من مسابقة السيرة النبوية العطر

الوسام الذهبي للمنتديات الأدبية

وسام المشارك مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام لجنة التحكيم

و وسام المشاركة المميزة في مسابقات رمضان 1433

وسام المشاركة

وسام المركز الثاني في المسابقة الأدبية

افتراضي رد: رواية ولد السوق .. بين الرمزية والخطاب والنص الصامت


وقفة نقدية تمكنت إلى حد بعيد من قراءة الحكاية ضمن جنسها الأدبي ، كما سارت نحو مقاربة تحليل الخطاب ضمن مرجعيته السردية المناسبة...
كما تم التوقف بالقرب من صيغة الخطاب و الرؤية السردة للكاتب الحقيقي دون إغفال بعض السمات التركيبية ..
التفاعلات النصية و البنية السوسيو نصية أخذت من القراءة حصة الأسد ، وذلك أضاف نكهة نقدية وازنة للنص.
شكرا على تقريب القراءة من أعضاء المنتدى ..
مودتي.






التوقيع



    رد مع اقتباس
قديم 2010-05-03, 18:27 رقم المشاركة : 3
شكيب الجزائر
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية شكيب الجزائر

 

إحصائية العضو









شكيب الجزائر غير متواجد حالياً


افتراضي رد: رواية ولد السوق .. بين الرمزية والخطاب والنص الصامت


رواية ولد السوق


اشكرك عليها اخي الكريم






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2010-05-04, 18:59 رقم المشاركة : 4
محمد محضار
أستـــــاذ(ة) مــــاسي
 
الصورة الرمزية محمد محضار

 

إحصائية العضو







محمد محضار غير متواجد حالياً


افتراضي رد: رواية ولد السوق .. بين الرمزية والخطاب والنص الصامت


مرحبا بالمبدع الكبير توفيقي بلعيد...وشكرا لكم على تشريف هذا المنتدى بحضوركم البهي...قراءتكم النقدية لهذه الرواية الجميلة منحت القارئ المتعطش فرصة لإكتشاف مفاتيح بنيتها السردية ............






التوقيع




رب ابتسامة طفل خير من كنوز الدنيا أجمع

    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
.. , الرمزية , الصامت , السوق , بين , رواية , ولي , والخطاب , والنص


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 00:03 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd