منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   الأطر العليا المعطلة و " الهدنة " (https://www.profvb.com/vb/t27857.html)

ابن خلدون 2010-04-25 10:24

الأطر العليا المعطلة و " الهدنة "
 
الأطر العليا المعطلة و " الهدنة "


هبة بريس

هبة بريس : 25 - 04 - 2010
من جديد، عاد مصطلح " الهدنة " يلقي بظلاله على ملف الأطر العليا المعطلة المعتصمة بشوارع الرباط، وهو مصطلح يبدو إلى حد كبير غريبا عن هذا الملف إذا ما تأملنا فيه وبحثنا في السياق الحقيقي الذي يجب أن يذكر فيه، فالهدنة مرتبطة في أغلب الأحيان بالحروب والمواجهات التي تتخذ طابعا عنيفا بين طرفين، وغالبا بين قوتين متكافئتين من ناحية قدرات المواجهة، وهو الأمر الذي لا ينطبق بنفس على القدر على طرفي الملف على مستوى الشارع.

فالطرف الأول هو أجهزة أمنية مختلفة، تتسلح بهراوات سوداء طويلة ورجال ذوو تدريب عسكري واستعداد لتنفيذ الأوامر بالحرف مهما كانت صعوبتها، وسيارات تساعدهم على سرعة الحركة والتنقل، أما الطرف الآخر فليس سوى شباب متعلم حامل لشواهد عليا في مختلف التخصصات، وليس لديه من سلاح سوى إيمانه العميق بحقه العادل والمشروع في الشغل الذي يشكل مرادفا للكرامة في هذه البلاد، هذا السلاح الذي يشكل في نفس الوقت أقصى ما يطمح إلى امتلاكه هؤلاء المعطلون لأنهم يريدون الشغل فقط لا غير ولا يحتاجون لأي أسلحة أخرى لتحقيق مطالب أخرى لا توجد أصلا في طموحاتهم.

وهنا تبرز المفارقة في كون مصطلح " الهدنة " يضفي على مجموعات الأطر العليا المعطلة المعتصمة في شوارع الرباط صفة الندية وتساوي موازين القوى بينها وبين مختلف الأجهزة الأمنية التي تسخرها الدولة لقمع أشكالهم النضالية السلمية التي يخوضونها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ترقى مجموعات المعطلين مهما كانت قوتها إلى ذلك المستوى لأن رد الفعل لا يدخل ضمن أشكالها النضالية فهي تبقى دائما ذلك الطرف الذي يتعرض للقمع والعنف ولا تمارسه بأي حال من الأحوال مهما كانت قساوة ما تتعرض إليه.

لكن ما تبقى الإشارة ضرورية إليه، هو أن وقوف مجموعات المعطلين أمام تلك الأجهزة وتعريض أجسادهم للخطر، إنما يغذيه الشعور بالظلم و " الحكرة " إن صح التعبير نظرا لما يعانونه من ويلات البطالة ويأس يجتهد في تدمير معنوياتهم يوما بعد يوم، مما يزيدهم جرأة في الوقوف أمام هراوات لا تميز بين شيء لإسماع صوتهم ومعاناتهم للجميع، مسؤولين ومجتمع مدني ورأي عام.

إن " الهدنة " التي يعتقد البعض أنها تحكم علاقة الحكومة ومجموعات الأطر العليا المعطلة المعتصمة في شوارع الرباط في الفترة الراهنة – وأركز على العبارة الأخيرة لأن هناك مجموعات أخرى لا تنزل إلى الرباط وإدخالها في الحسابات هو من باب غاية في نفس يعقوب – يجب استبدالها بمصطلح أكثر ملائمة وهو الهدوء، فعلا فالمار من شارع محمد الخامس بالرباط حينما تكون المجموعات مصرة على إتمام وقفاتها السلمية أمام مختلف القوات التي تقمعها، لا يحس بأي نوع من الهدوء ليس على مستوى الشارع وجماليته وحركيته فقط، وإنما حتى على مستوى مشاعره الداخلية التي ينتابها إحساس شديد بالقرف من التدخلات الهمجية الشرسة في حق المعطلين.

لكن بطبيعة الحال، فهذا الهدوء دائما يكون نتيجة وعود أكثر التزاما من طرف المسؤولين بطي هذا الملف، الشيء الذي تتجاوب معه المجموعات بشكل تلقائي في كل مرة، مما يؤشر على كون هؤلاء المعطلين ليسوا تواقين إلى التظاهر أو " الفوضى " – كما يسميها البعض- بقدر ما هم تواقون فقط إلى ضمان لقمة عيش بشواهد حصلوا عليها بنضالات من نوع آخر، لأن التأمل في طبيعة المعطلين سيفضي بنا إلى أنهم شباب واع حاصل على شواهد عليا في تخصصات مختلفة من مؤسسات هذا الوطن. شباب اختاروا الطريق الصعب في هذه البلاد، وهو طريق طلب العلم والمساهمة في الرفع من درجة الوعي والرغبة في خدمة الوطن، علما أن الظروف التي عاشت فيها الأغلبية الساحقة منهم لا تشجع إلا على اليأس والانجراف مع تيار الجريمة والانحراف، وهو ما يحاربه هؤلاء المعطلون بالمبادئ التي تلقوها طيلة مشوارهم الدراسي، شباب أحبوا هذا الوطن لدرجة أنهم يعرضون أجسادهم للخطر من أجل نيل حق في شكل منصب شغل يساهمون من خلاله في تنمية بلادهم.

إن الوعود التي تعيد بها الجهات المسؤولة الهدوء إلى شوارع الرباط، مهددة بأن تفقد مصداقيتها إلى الأبد هذه المرة إن لم تكن في مستوى تطلعات الأطر العليا المعطلة، لأن الهدوء الحالي تبقى من أبرز دلالاته، القدر المهم من الثقة التي لا زال يحتفظ بها المعطلون تجاه المسؤولين، رغم أنهم خذلوا في أكثر من مناسبة.

إن الأطر العليا المعطلة المعتصمة في شوارع الرباط خلال هذه الفترة، لا تخرج إلى الشارع عن طيب خاطر، ولا تهدي أجسادها إلى الهراوات السوداء بسرور وانشراح، وإنما هم مكرهون على ذلك، لأن صدمتهم كانت كبيرة بعد الحصول على الشهادة العليا، وبعد أن اعتبروا أنفسه أعزاء في هذا الوطن الغالي، اكتشفوا في الأخير أي ذل كان ينتظرهم أمام برلمانهم الموقر.

فرجاء أيها المسؤولون .... ارحموا عزيز قوم ذل.

بقلم : سعيد الحاجي ، عضو مجموعة الصمود للأطر العليا المعطلة




الساعة الآن 19:54

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd