منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   القصة (https://www.profvb.com/vb/f214.html)
-   -   الخيانة الزوجية.. (https://www.profvb.com/vb/t26657.html)

محمد معمري 2010-04-16 15:56

الخيانة الزوجية..
 
الخيانة الزوجية..



كان غريبا أن ألاحق سكيرا لا أعرفه بنية حسنة لأساله عن سبب مجونه، فكانت حالته جد مزرية، جسد يتمايل يكاد أن يسقط على الأرض لولا مقاومته الضعيفة، ورائحة الخمر تفوح منه كأنه اغتسل به، وفمه ينطق بكلام يتلعثم فيه لا يكاد يبين.

ولم يطل لحاقي به حتى أوقفته لأستفسره؛ لكنه أبى، ولم أدر كم حاولت من مرة لأقنعه بفلسفتي البسيطة حتى قبل الدعوة المشروطة بفنجان قهوة سوداء وعلبة سجائر..

كانت الساعة تشير إلى العاشرة والربع ليلا، جلسنا في أحد المقاهي التي تعمل ليل نهار؛ ولم أكن أدر ما كان يدور في رأسه ونحن في طريقنا إلى المقهى سوى كلام غير مفهوم لم أفهم منه سوى (أنا السبب).. وفي كل مرة كنت أسرق نظرات إلى هندامه ومحياه.. فلم أر ما يدفع مثل هذا الشاب الوسيم إلى انتحاره البطيء بهذا الشكل غير المألوف عندنا! لقد تفحصته جيدا وأنا أعيش كالذي يعيش انفصام الشخصية! ففي الوقت الذي كنت أحاول إقناعه ليقبل مساعدتي له كنت أتساءل عن كل الملاحظات.. كان يرتدي لباسا لا بأس به، وجهه وكلامه لا يعربان على أنه متشرد، أو منحرف.. مما جعل دهشتي تطول إلى حين روى لي قصته.

أشعل سيجارة وأردفها برشفة مدوّية من القهوة، ثم وضع الفنجان فوق الطاولة والتفت إلي قائلا:{ماذا تريد مني؟}، قلت له لا أريد سوى مساعدتك شرط أن تروي لي حكايتك بكل التفاصيل.. فسألني من أكون؟ أجبته: أنا عبد ضعيف أحب مساعدة الغير عسى ربي أن يغفر لي ولهم... أشعل سيجارة أخرى وتبعتها الرادفة، وبدأت دموعه تسيل على خديه ببطء، وسكت طويلا، فالتزمت الصمت حتى انطلق لسانه:
أنا قروي أمي، أحمل راية الجهل، لا أتعلم فقط من الطبيعة، وما أكتشفه عن طريق التجربة المبنية على العبثية والجهل المطلق.. لما اشتد ساعدي، وخيمت على مُخيّلتي سُحُب من الأفكار المنبثقة من ينبوع الجهل؛ بدأت أشياء تشبه المحركات الكهربائية تحرك تروس الخيال كأنها تريد مني أن أصنع شيئا، أو أفجر طاقتي الكامنة لتتناثر حروف رسالتي الإنسانية نحو هذا العالم... لكن حجاب الأمية والجهل كان مانع الوصل بيني وبين ما أحمل بداخلي...

وما دفعني لشرب الخمر واستعمال المخدرات تلك الواقعة التي أرعبت القرية.. رغم أن الحقيقة لم يكن يعرفها سوى الرقيب، وأنا الفاعل المذنب...

ذات يوم، كنت أتجول في ضواحي قريتنا، فسقط بصري على عش غراب فتسلقت تلك الشجرة وسرقت منه بيضتين.. ثم عدت إلى منزلنا، وفي حقلنا كانت شجرة يقطن في أعلاها لقلاق؛ فخطر في بالي أن أغير بيضه ببيض الغراب! وذاك ما حصل..
مرت الأيام، فقس البيض؛ وإذا باللقلاق الذكر يشاهد فراخ الغربان! فبدأ يصيح ويضرب جناحيه مع جسمه بقوة.. ثم حلق وعاد صحبة سرب من اللقالق! فكثرت أصواتها المرعبة بمناقيرها الطويلة، وضرب الأجنحة تماما كما تفعل النساء اللواتي يندبن على الميت..

منظر قوي أرعب كل سكان القرية! لكنهم لم يفهموا شيئا؛ لقد كنت الوحيد بينهم أرتعد كأنني أموت من الخارج... وفجأة هجم السرب على الأنثى ومزقوها إربا إربا!

نهض بسرعة وانطلق يجري في الشارع، قمت وأديت ثمن المشروبات للنادل ثم خرجت أهرول لألحق به، لكنه امتص مني دقائق معدودة ولم أعثر عليه كأن الأرض ابتلعته.


بقلم: محمد معمري

محمد الورزازي المحمدي 2010-04-17 22:27

رد: الخيانة الزوجية..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد معمري (المشاركة 112309)
الخيانة الزوجية..



كان غريبا أن ألاحق سكيرا لا أعرفه بنية حسنة لأساله عن سبب مجونه، فكانت حالته جد مزرية، جسد يتمايل يكاد أن يسقط على الأرض لولا مقاومته الضعيفة، ورائحة الخمر تفوح منه كأنه اغتسل به، وفمه ينطق بكلام يتلعثم فيه لا يكاد يبين.

ولم يطل لحاقي به حتى أوقفته لأستفسره؛ لكنه أبى، ولم أدر كم حاولت من مرة لأقنعه بفلسفتي البسيطة حتى قبل الدعوة المشروطة بفنجان قهوة سوداء وعلبة سجائر..

كانت الساعة تشير إلى العاشرة والربع ليلا، جلسنا في أحد المقاهي التي تعمل ليل نهار؛ ولم أكن أدر ما كان يدور في رأسه ونحن في طريقنا إلى المقهى سوى كلام غير مفهوم لم أفهم منه سوى (أنا السبب).. وفي كل مرة كنت أسرق نظرات إلى هندامه ومحياه.. فلم أر ما يدفع مثل هذا الشاب الوسيم إلى انتحاره البطيء بهذا الشكل الغير مألوف عندنا! لقد تفحصته جيدا وأنا أعيش كالذي يعيش انفصام الشخصية! ففي الوقت الذي كنت أحاول إقناعه ليقبل مساعدتي له كنت أتساءل عن كل الملاحظات.. كان يرتدي لباسا لا بأس به، وجهه وكلامه لا يعربان على أنه متشرد، أو منحرف.. مما جعل دهشتي تطول إلى حين روى لي قصته.

أشعل سيجارة وأردفها برشفة مدوّية من القهوة، ثم وضع الفنجان فوق الطاولة والتفت إلي قائلا:{ماذا تريد مني؟}، قلت له لا أريد سوى مساعدتك شرط أن تروي لي حكايتك بكل التفاصيل.. فسألني من أكون؟ أجبته: أنا عبد ضعيف أحب مساعدة الغير عسى ربي أن يغفر لي ولهم... أشعل سيجارة أخرى وتبعتها الرادفة، وبدأت دموعه تسيل على خديه ببطء، وسكت طويلا، فالتزمت الصمت حتى انطلق لسانه:
أنا قروي أمي، أحمل راية الجهل، لا أتعلم فقط من الطبيعة، وما أكتشفه عن طريق التجربة المبنية على العبثية والجهل المطلق.. لما اشتد ساعدي، وخيمت على مُخيّلتي سُحُبا من الأفكار المنبثقة من ينبوع الجهل؛ بدأت أشياء تشبه المحركات الكهربائية تحرك تروس الخيال كأنها تريد مني أن أصنع شيئا، أو أفجر طاقتي الكامنة لتتناثر حروف رسالتي الإنسانية نحو هذا العالم... لكن حجاب الأمية والجهل كان مانع الوصل بيني وبين ما أحمل بداخلي...

وما دفعني لشرب الخمر واستعمال المخدرات تلك الواقعة التي أرعبت القرية.. رغم أن الحقيقة لم يكن يعرفها سوى الرقيب، وأنا الفاعل المذنب...

ذات يوم، كنت أتجول في ضواحي قريتنا، فسقط بصري على عش غراب فتسلقت تلك الشجرة وسرقت منه بيضتين.. ثم عدت إلى منزلنا، وفي حقلنا كانت شجرة يقطن في أعلاها لقلاق؛ فخطر في بالي أن أغير بيضه ببيض الغراب! وذاك ما حصل..
مرت الأيام، فقس البيض؛ وإذا باللقلاق الذكر يشاهد فراخ الغربان! فبدأ يصيح ويضرب جناحيه مع جسمه بقوة.. ثم حلق وعاد صحبة سرب من اللقالق! فكثر صوتهم المرعب بمناقيرهم الطويلة، وضرب الأجنحة تماما كما تفعل النساء اللواتي يندبن على الميت..

منظر قوي أرعب كل سكان القرية! لكنهم لم يفهموا شيئا؛ لقد كنت الوحيد بينهم أرتعد كأنني أموت من الخارج... وفجأة هجم السرب على الأنثى ومزقوها إربا إربا!

نهض بسرعة وانطلق يجري في الشارع، قمت وأديت ثمن المشروبات للنادل ثم خرجت أهرول لألحق به، لكنه امتص مني دقائقا معدودات ولم أعثر عليه كأن الأرض ابتلعته.


بقلم: محمد معمري


1- قصة تبرز أن الله سبحانه وتعالى خلق كل شيء على نظام بديع حكيم ، لا يقبل منطق بنائه والحكمة من خلقه العبث .. تلك فطرة الله التي فطر المخلوقات عليها - بما فيها الطير - ولا تبديل لخلق الله .. ومن سعى إلى خلاف ذلك فقد سعى إلى تدمير نظام الخلق الإلهي البديع في الكون .. ودليل ذلك :
2 - الخيانة مرفوضة حتى من الطير .. فالغراب غراب ، واللقلاق لقلاق ، والهدهد هدهد .. لكل شكله ولونه وسجعه وبيضه وفرخه ..
3 - إذا كانت الخيانة الزوجية مرفوضة في عالم الطير ، ويعاقب عليها المذنب بهذه الطريقة الهستيرية الجماعية .. فكيف لا يستنكرها كثير من الناس بل تطبع معها البعض منهم ؟!!
4 - السُّكْر يفقد الإنسان رشده وعقله وتوازنه وقدرته على الاختيار السليم الذي يتوافق مع نظام الكون ، كما أراده خالق كل شيء ، ويفقد كل إمكانية للضبط الذاتي .. أليس لهذا السبب حرم الله الخمرة ، بل جعلها أم الخبائث ؟
5 - سلوك رائع تقوم به الذات المتكلمة في النص ، حين تسعى إلى تغيير السلوكات السلبية
التي تزكم رائحتها أنوفنا في الشوارع والمقاهي والساحات والحدائق ... حتى وإن فشلت في تحقيق هدفها .. قد تنجح في المحاولة المقبلة ، خاصة إذا كانت صادقة مخلصة في حملتها التطهيرية ...
هكذا فهمت النص .. وعذرا أخي الأستاذ محمد معمري إن تعسفت ..
أشير إلى بعض هنات الرقن آمل أن يتم تصحيحها :
- الشكل غير المألوف عوض الغير مالوف ؛ كلمة غير لا تعرف مرتين ( بأل والإضافة )، ولا تقترن بها (ال) إلا إذا انقطعت عن الإضافة وأريد بها ( l'autre ) .
- فكثرت أصواتها المرعبة .. بمناقيرها عوض صوتهم المرعب .. بمناقيرهم ، لأن الضمير يعود على جماعة غير عاقلة ( اللقالق ).
- امتص مني دقائق عوض دقائقا لأنها صيغة ممنوعة من الصرف ( التنوين ) .
- خيمت على مخيلتي سحب عوض سحبا ( فاعل ) .
ما كنت لأنبه إلى هذه الهنات البسيطة لولا أن النص أثار شهيتي في التحليل بعمقه وبعد نظر مبدعه .
مودتي واحترامي .
محمد الورزازي المحمدي كِرْكاس

محمد معمري 2010-04-25 10:43

رد: الخيانة الزوجية..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الورزازي المحمدي (المشاركة 113288)
1- قصة تبرز أن الله سبحانه وتعالى خلق كل شيء على نظام بديع حكيم ، لا يقبل منطق بنائه والحكمة من خلقه العبث .. تلك فطرة الله التي فطر المخلوقات عليها - بما فيها الطير - ولا تبديل لخلق الله .. ومن سعى إلى خلاف ذلك فقد سعى إلى تدمير نظام الخلق الإلهي البديع في الكون .. ودليل ذلك :

2 - الخيانة مرفوضة حتى من الطير .. فالغراب غراب ، واللقلاق لقلاق ، والهدهد هدهد .. لكل شكله ولونه وسجعه وبيضه وفرخه ..
3 - إذا كانت الخيانة الزوجية مرفوضة في عالم الطير ، ويعاقب عليها المذنب بهذه الطريقة الهستيرية الجماعية .. فكيف لا يستنكرها كثير من الناس بل تطبع معها البعض منهم ؟!!
4 - السُّكْر يفقد الإنسان رشده وعقله وتوازنه وقدرته على الاختيار السليم الذي يتوافق مع نظام الكون ، كما أراده خالق كل شيء ، ويفقد كل إمكانية للضبط الذاتي .. أليس لهذا السبب حرم الله الخمرة ، بل جعلها أم الخبائث ؟
5 - سلوك رائع تقوم به الذات المتكلمة في النص ، حين تسعى إلى تغيير السلوكات السلبية
التي تزكم رائحتها أنوفنا في الشوارع والمقاهي والساحات والحدائق ... حتى وإن فشلت في تحقيق هدفها .. قد تنجح في المحاولة المقبلة ، خاصة إذا كانت صادقة مخلصة في حملتها التطهيرية ...
هكذا فهمت النص .. وعذرا أخي الأستاذ محمد معمري إن تعسفت ..
أشير إلى بعض هنات الرقن آمل أن يتم تصحيحها :
- الشكل غير المألوف عوض الغير مالوف ؛ كلمة غير لا تعرف مرتين ( بأل والإضافة )، ولا تقترن بها (ال) إلا إذا انقطعت عن الإضافة وأريد بها ( l'autre ) .
- فكثرت أصواتها المرعبة .. بمناقيرها عوض صوتهم المرعب .. بمناقيرهم ، لأن الضمير يعود على جماعة غير عاقلة ( اللقالق ).
- امتص مني دقائق عوض دقائقا لأنها صيغة ممنوعة من الصرف ( التنوين ) .
- خيمت على مخيلتي سحب عوض سحبا ( فاعل ) .
ما كنت لأنبه إلى هذه الهنات البسيطة لولا أن النص أثار شهيتي في التحليل بعمقه وبعد نظر مبدعه .
مودتي واحترامي .

محمد الورزازي المحمدي كِرْكاس

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أخي الكريم محمد الورزازي المحمدي شكيب أشكرك جزيل الشكر على اهتمامك ومشاعرك الطيبة وتعليقك المميز وملاحظتك القيمة...
مودتي وتقديري


الساعة الآن 02:53

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd