2014-02-14, 19:13
|
رقم المشاركة : 723 |
إحصائية
العضو | | | رد: صباحيات و مسائيات الأستاذ: تقارير حول التعليم في العالم | دور المحيط التربوي في إنجاح نظام التعليم
يعتبر تسيير الفوارق والاختلافات بين التلاميذ من صميم اهتمامات المؤسسة المدرسية، كلّ أنظمة التعليم من واجبها الإجابة عن مطلبين متناقضين هما: أولا، تقييم وتوجيه التلاميذ بشكل يسمح لهم بالتأقلم والتكيّف مع سوق العمل وتحقيق وظيفة الاندماج الاجتماعي، وثانيا، تزويد جميع التلاميذ قيمًا ومعارف مشتركة، وبالتالي تواجه كلّ أنظمة التعليم في العالم هذه المعادلة الصعبة بين الاندماج والاختلاف. كيف نضمن نجاح التلاميذ مع احترامنا في نفس الوقت لشخصية كلّ واحد منهم؟ كيف نعامل التلاميذ الذين يعانون من صعوبات في التعلم؟ في قلب هذه الإشكالية يكمن تسيير مسار التعليم للتلاميذ.
يحاول نظام التعليم في ألمانيا اختزال تسيير هذا المسار التعليمي في التوجيه المبكر للتلاميذ ابتداء من سن العاشرة أو الحادية عشر. ويحاول نظام التعليم في فرنسا أو إنجلترا تأخير التوجيه إلى أقصى مدة ممكنة والتمسك بنظام الجذع المشترك إلى غاية سن السادسة عشر. هذه المحاولات لا تأخذ بالحسبان الأوجه الأخرى لإشكالية الفوارق بين التلاميذ: التخصص، الترسيب، أقسام المستويات، المعالجة الفردية.
تؤثر طريقة معالجة تسيير الفوارق بين التلاميذ على ظروف العمل للمعلمين وظروف التكوين لدى المتعلمين، يختلف محيط التعلم لدى التلاميذ من بلد لآخر. خاصيتان للمحيط التربوي يجب الاهتمام بهما: تركيبة المدرسة بمعنى الجمهور المتردد عليها من الناحية (الثقافة الاجتماعية والأكاديمية) والجوّ العام في القسم. يبدو على مستوى تركيبة المدرسة أنّ أنظمة التعليم التي تعتمد التوجيه المبكر (ألمانيا، النمسا..) تعاني من الفوارق الكبيرة بين التلاميذ المتفوقين والتلاميذ الضعاف. وعلى العكس من ذلك في نموذج الاندماج الفردي (فنلندا، السويد..) تقلّ نسبة الفوارق والاختلافات لأنّ التلاميذ يترددون على مدارس متشابهة.
يتميّز النموذجان (الفرنسي والإنجليزي) في تسيير الفوارق بين التلاميذ بتباين خفيف لتركيبة المدرسة المستقبلة للتلاميذ المتفوقين والضعاف في نفس الوقت، غير أنّ النتائج المحصل عليها يجب دراستها بحذر، فإذا قمت بدراسة فئة التلاميذ البالغة سن الخامسة عشر، وجدت المتفوقين منهم في الطور الثانوي والضعاف مازالوا في الطور المتوسط، لأنّ النموذج الفرنسي يسمح بإعادة السنة، وبالتالي يكون الطور الثانوي معافى وأسلم مقارنة بالطور المتوسط.
لنظام التعليم السائد في بلد ما تأثيره على جوّ القسم، والانضباط هو الآخر عامل مهمّ يؤثر على قدرات التعلم عند التلاميذ. تعتبر أنظمة التعليم المعتمدة على الاندماج وفق الخريطة البيداغوجية (النموذج الإنجليزي) أو المعتمدة على الفصل (النموذج الألماني) الأكثر تعرضا للفوارق والاختلافات، على عكس الأنظمة التي لا تعتمد على الترسيب ولا على التخصّص ولا على أقسام المستويات مثل: فنلندا والسويد التي يعتبر نظامهما أقلّ تأثرا وتعرضا للفوارق والاختلافات بين التلاميذ.
ما هي العلاقة بين نمط تسيير الفوارق بين التلاميذ والفوارق الاجتماعية بينهم؟ في ألمانيا أو بلجيكا نجد نموذج الفصل هو السائد بقوة، فالوسط الاجتماعي والثقافي للتلاميذ ونتائجهم الدراسية هي المحددة لمستقبل التلميذ. والعكس نجده في نموذج الاندماج الفردي (نموذج فنلندا) حيث الفوارق طفيفة. أمّا أنظمة التعليم الممثلة للاندماج وفق الخريطة (إيرلندا، الولايات المتحدة، إنجلترا) والممثلة للاندماج الموحد (فرنسا، إسبانيا) فيتوسطان النموذجين الفنلدي والألماني.
هذه إطلالة على أنظمة التعليم في العالم مقترحة وفق نماذجها الأربعة، حاولنا الإجابة من خلالها عن بعض الأسئلة التي تنتاب القارئ الباحث عن أحسنها وأنجعها، أمّا عن محلّ نظام التعليم بالجزائر من هذه النماذج العالمية فلا أخال القارئ تفوته المقارنة والتشبيه بين هذه الأنظمة لأن نظامنا يقترب من نموذج الإدماج الموحّد الذي يقوده النظام التعليمي الفرنسي والذي يعتمد على الجذع المشترك والترسيب. | التوقيع | الوفاء أن تراعي وداد لحظة ولا تنس جميل من أفادك لفظة" | |
| |