2010-03-17, 18:02
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | الدولة ومسؤولية طي صفحة الإرهاب | ذ.الحبيب الشوباني* Wednesday, March 17, 2010 عاش المغرب لحظات عصيبة مع تجربة من تجارب العنف الدموي الأعمى خلال أحداث 16 ماي 2003 وما تلاها من تفجيرات انتحارية مماثلة نفذها شباب أطبق عليه الجهل بقيم الإسلام السمح العظيم من كل جانب فضاعوا وضيعوا. فجع المغرب في سكينته وأرواح عشرات من أبنائه، وانطلقت كماشة القبضة الأمنية تستدرك الثقوب الكثيرة في جدار اليقظة والاستباق، فأحبطت بلا شك مشاريع أخرى لهذا العنف الأعمى.. لكنها حطبت بليل الفتنة والارتباك الأخضر واليابس وحصلت مظالم عديدة أحكمت حلقاتها بقسوة محاكمات غير عادلة ضج من ألمها وأذاها متهمون أبرياء وعائلات وأطفال ونساء نزلت عليهم الأحداث والاعتقالات والانتهاكات كالصواعق. لقد ابتعدت قافلة سير المغرب عن هذه المحطة الأليمة قليلا، وصار بإمكان الدولة بشكل أكيد وقطعي قياس جوانب الصواب والخطأ في ما قامت به وهي تتعاطى مع حدث استثنائي بكل المقاييس. فمنذ وقت ليس بالقصير توالت بيانات المراجعة والتصحيح للأفكار وللمواقف الغلط من بعض شيوخ التيار السلفي المصنف أمنيا وإعلاميا بالتيار الجهادي، وتعالت نداءاتهم من أجل فرز المواقف وبيان التوجهات والاختيارات بين مكونات كتلة هذا التيار. ونحن اليوم نتابع كيف تقدم القابعون خلف القضبان خطوات جسورة، ومدوا أيديهم للمصالحة، وامتلكوا الشجاعة لإجراء المراجعات الفكرية والتصورية التي أعادتهم إلى حظيرة المجتمع مؤمنين بثوابته المذهبية والسياسية مؤكدين أن "الجميع أمام مسؤولية تاريخية.. المعتقلون مطالبون بالشجاعة في إبداء حسن نواياهم، والبرهنة على نضجهم وتعقلهم.. الجهات المسؤولة مطالبة بالتفاعل بإيجابية.. علماء الأمة مطالبون بأخذ المبادرة، واقتحام الباب بكل جرأة، ليلعبوا دورهم المنوط بهم في رعاية الشباب المتدين خارج السجون وداخلها.. المفكرون والمثقفون مطالبون بلعب دور فعال في تحريك الرأي العام ليتجاوب مع المبادرة.. الحقوقيون والجمعويون مطالبون بالمتابعة والرعاية والمراقبة.. لا أحد يعفى من المسؤولية". إن من حقنا أن نطالب الدولة بتعميق وتجذير ثقافة الإنصاف والمصالحة والتجاوب الإيجابي مع كل من نزع عنه رداء الغلو والتطرف، وآب إلى فضاء المجتمع يجادل عن أفكاره السلمية بالتي هي أحسن. من حقنا أن نقول للدولة بأن كل شخص ضل الطريق، على أي مذهب عقدي أو سياسي كان سيره، ثم عاد يعترف بضلاله ويقيم سيره الجديد على أساس الهدي القويم لدين الرحمة والاعتدال، ومحبة هذا الوطن، وخدمة مجتمعه من زاوية ما يحسن، فلا مناص من احتضانه وتقريبه. لقد رفعنا شعار الإنصاف والمصالحة في ملفات من أعقد ما هز استقرار البلاد وهدد نظامها السياسي، وأزهق أرواح المئات من الأبرياء لا زلنا نقيم لبعضهم تذكارا حتى لا ننسى، وها نحن اليوم نفاخر بهذا العمل في المحافل الدولية، وندلل به على عبقريتنا المغربية في حل خلافاتنا بطريقتنا الخاصة. ورفعنا أيضا شعار "إن الوطن غفور رحيم"، وواجهنا به فيالق من أبناء الوطن مدججة بكراهيته ومجندة ضد استقراره ووحدته، وقامت بإزهاق أرواح الآلاف من أبنائه في حرب غبية خاسرة، كما شاركت في تعذيب وقتل المئات في محتشدات تندوف. نفعل ذلك اليوم، ونحن واثقون من صواب اختيارنا، وكلما أطل علينا واحد ممن شب وشاب في عداوته للوطن نحضنه، ونقول إن الوطن غفور رحيم. فهل سيكون القابعون في سجون الوطن أهون علينا من الراتعين في بحبوحة العيش تحت ظلال المدد الجزائري؟ أليس حريا بنا أن نعجل بنسف مخططات الاستهداف الحاقد لدول الجوار ضدنا بتوسيع دائرة الاحتضان فلا يشذ عنها إلا من أبى؟ أليس حريا بنا أن نسقط من ملفات المراهنين على ارتهاننا لمخططاتهم الجيوستراتيجية ورقة الإرهاب، فلا نطالب بإقامة سجون سرية ومناولة التعذيب وتشويه سمعتنا الحقوقية من خلال التقارير التي تصور بلدنا كغابة تعيث فيها المخابرات الأمريكية والفرنسية كما تشاء وتمارس فيها ما لا تقوى على مجرد التفكير فيه داخل أوطانها؟ نحن نعتقد أن مبادرة المعتقلين على خلفية الأحداث الإرهابية، ممن أعلنوا براءتهم مما يستوجب الاستمرار في اعتقالهم على أساس محاكمات غير عادلة، قد فتحت الباب على مصراعيه ليستعيد المغرب سكينته واستقراره في إطار الدولة الآمنة، وليس الدولة الأمنية. فهل تكتمل الصورة بمد الدولة ليدها؟ هذا ما يرجوه كل العقلاء حتى تساهم الدولة من زاوية أخرى في طي ملف الإرهاب في وطننا.. *نائب برلماني ومدير نشر جريدة المصباح
هيسبريس. | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=91930 التوقيع | | |
| |