دور الحلقة التربوية في بناء شخصية متكاملة - منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

2010-02-22, 23:30

رقم المشاركة : 1

أشرف كانسي

بروفســــــــور

إحصائية العضو

أشرف كانسي غير متواجد حالياً

دور الحلقة التربوية في بناء شخصية متكاملة

بقلم: وفاء مشهور
يقول الله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾ (آل عمران: من الآية 110)، وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ (البقرة: من الآية 143).
هكذا أراد الله تعالى للأمة الإسلامية المنزلة والعزة والدور العظيم، وهو هداية البشرية إلى الدين الحق؛ الذي ارتضاه الله تعالى للناس كافةً، وهذا الدور واجبٌ على كل مسلم ومسلمة، والمسلمون آثمون جميعًا إن لم يعملوا على إقامة دولة الإسلام، التي تُمكِّن لدين الله، وتحمي أرضه، وتسترد أرض الإسلام المقدَّسة، والتي على رأسها المسجد الأقصى، وبما أن تحقيق هذا الهدف واجبٌ ولا يمكن أن يتم إلا بعملٍ جماعي، وكما قيل "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".
ومن هذا المنطلق سار الإمام الشهيد ورأى ضرورة إنشاء جماعة (الإخوان المسلمين)، وجعل لها نظامًا في التربية والحركة، وحدَّد مراحل الدعوة، وهي إعداد فرد مسلم، ثم إعداد أسرة مسلمة، فمجتمع مسلم ربَّى أفراده على منهج الإسلام، ثم الخلافة الإسلامية.
وحتى يتحقق هذا لا بد من منهج وقيادة وجنود، وحول القيادة يقول الإمام البنا: "وللقيادة في جماعة الإخوان المسلمين حق الوالد بالرابطة القلبية، والأستاذ بالإفادة العلمية، والشيخ بالتربية الروحية، والقائد ليحكم السياسة العامة للدعوة"، وهذا ما ذكرناه سابقًا في مقال "مهام المربية بين الإبداع والتأثير".
فمهمة الداعية المربي أن يأخذ بالأيدي إلى الاستقامة على الطريق، ويُهذِّب النفس ويُوثق الصلة بالله، ويتحقق هذا من خلال الحلقة التربوية، والتي تُعتبر بمثابة محضن تربوي للأفراد يتربَّون فيه تربيةً منظمةً، ولها أهداف وبرامج محددة، وهذا ليس بدعة، ففي بيعة العقبة الثانية بايع النبي صلى الله عليه وسلم اثنان وسبعون رجلاً وامرأتان، فماذا قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا منهم اثني عشر نقيبًا"، فيتبقى بعد ذلك ستون، أي لكل نقيبٍ منهم خمسة أفراد، ثم قال لهم عليه الصلاة والسلام: "أنتم كفلاء على قومكم".
فهذا النظام للعملية التربوية وهذه الحلقة التربوية (الأسرة) تعتبر إحدى الوسائل التربوية المؤثرة، والتي تُعتبر من الثوابت عند الفكر الإسلامي الشامل الناضج، فالتربية هي الأساس في قوة البناء وتماسكه، والتي تُعِدُّ أجيالاً في جوٍّ من الأخوةِ والحب، ولو رجعنا إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم نجد المسلمين الأوائل الذين تربَّوا على مائدة القرآن بمثابةِ الدعائم والركائز التي قامت عليها دولة الإسلام، فتحقق على أيديهم نصر الله.
الإمام الشهيد حسن البنا
ولقد اقتبس الإمام الشهيد هذا المنهج وهذا الأسلوب من سيرةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسم الطريقَ لإعداد الفرد، ووضَّح مواصفاتِ الفرد المسلم بأن يكون: سليم العقيدة، صحيح العبادة، متين الخلق، مثقف الفكر، حريصًا على وقته، منظمًا في شئونه، قادرًا على الكسب، نافعًا لغيره، قويَّ الجسم، مجاهدًا لنفسه.
من هنا كانت أهمية الحلقة التربوية في حياتنا الدعوية، والتي تعني:
1- رابطة حب في الله تجمع مجموعةً من الأفراد.
2- إحدى وسائل التربية والتثقيف والتعليم.
3- خلية عمل لتفجير الطاقات والتعرف عليها وتوظيفها.
4- بل هي اللبنة الأولى في بناء الجماعة وتكوين الأفراد وتربيتهم تربيةً شاملةً في جميع جوانب الحياة.
أهداف الحلقة التربوية
1- تحقيق الثواب والنجاة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من قومٍ يجتمعون على كتابِ الله يتعاطونه بينهم إلا كانوا أضيافًا لله، وإلا حفتهم الملائكة حتى يقوموا ويخوضوا في حديثٍ غيره".
2- تكوين شخصية إسلامية متكاملة تربَّت على الصفات العشرة السابقة؛ فتثمر البنت القدوةَ؛ التي لا تُقصِّر في حقِّ والديها، والزوجة القدوة التي تُؤدي حقَّ زوجها بهمَّةٍ وروحٍ عالية، والأم الصديقة التي تُحسن تربية أبنائها تربيةً متميزةً، والموظَّفة القدوة التي تُجيد أداءها الوظيفي.
3- الاهتمام بالجانب الحركي؛ حيث لا تربية بدون حركة ولا حركة بدون تربية، وهذا هو ما وجدناه من أصحاب حركة حماس.. تربية أفصحت عن حركة وجهاد وصمود ليس له مثيل.
4- تعويد الفرد على التربية الذاتية، فلا تركن الأخت إلى التربية الجماعية، ولكن لا بد أن يكون هناك جهدٌ شخصيٌّ في الارتقاء بنفسها، ويكون لها برنامج تعليمي عملي مع النفس.
5- تحقيق التعاون بين أفراد الحلقة من أجل الارتقاء في كل المجالات وتبادل الخبرات التربوية والمنزلية والاجتماعية، بل الاستفادة من كل خبرةٍ موجودة داخل الحلقة.
6- التدريب على حريةِ الرأي والمناقشة والتعبير عن الرأي وحسن العرض والاستماع، وهذا يمكن اكتسابه من خلال الحلقة التربوية.

7- التعاون بين الأفراد على حلِّ المشكلات؛ مثل الحساسية الزائدة، سرعة الغضب، الكبر، ترك النوافل، إهمال تربية الأبناء أو سوء معاملة الزوج.
8- توثيق الروابط بين الأفراد عن طريقِ تحقيق أركان الأسرة، وهي:
أ- التعارف.. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (الحجرات: من الآية 13).
* تعارف من قرب، وهذا يكون بمعرفة أحوالها الشخصية والاجتماعية.
* معرفة ما تحب وما تكره والميول والاتجاهات.
* معرفة نظام حياتها والظروف الاجتماعية والاقتصادية والإيمانية؛ ليسهل على المربية إعانتها فيما تحتاج.
ب- التفاهم.. بحيث يظهر على الأفراد وحدة اللغة والتفاهم عند مناقشة القضايا المحلية والعالمية.
* تفاهم ينتج منه تناصح بلا جفوة ولا تنابز ونبذ الفرقة.
* تفاهم يظهر في الاتفاق على أولويات المرحلة الخاصة والمحلية والعالمية.
* تفاهم يجعل الأخت تفهم أختها قبل أن تتحدث إليها.
ج- التكافل.. ولا ننسى أن التكافل قد يكون معنويًّا أو ماديًّا؛ بحيث يكفل كل أفراد الحلقة بعضهم بعضًا، بل يمكن أن تتسع الدائرة لتصل إلى باقي أخواتهن؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
معيار نجاح الحلقة التربوية
إن التربية المتميزة هي التي حقَّقت هذه المظاهر من خلال الحلقة التربوية؛ وهي:
* إخوة متحابون متفقون فيما بينهم.
* مؤمنون مخلصون متقون لربهم.
* فاهمون لدينهم بالإلمام بالقضايا الكلية في الإسلام.
* ملمُّون بما يدور حولهم من أحداث.
* يبذلون طاقاتهم للعمل من أجل هذا الدين.
* تنجح الحلقة في تربية الأفراد وتفعيل طاقاتهم وتوظيفها.
ولا ننسى.. أن المعايشة والمتابعة الفردية الثنائية للأفراد في أوقاتٍ أخرى غير وقت الحلقة مهمة جدًّا.
لأن هذا يحقق لنا:
* توثيق العلاقة والانفتاح بين المربِّين والأفراد.
* وضوح الرؤية للمربين للتعرف على عيوب النفس فيسهل علاجها.
* اكتشاف طاقات الأفراد وإمكاناتهم فيسهل التوظيف.
* استكمال الدور التربوي مع الفرد.
وسائل عملية تعين المربية:
* الدعوة للطعام، ويا حبذا لو كان على صيام وإفطار.
* اصطحابهن لعيادة مريضة.
* نزهة وجلوس في مكانٍ هادئ جميل.
* اتصال هاتفي ورسالة جميلة.
* تذكَّري أخواتك عند دعاء الرابطة.
* الاجتماع على طاعة.
هذا وبالله التوفيق، ولا ننسى أن ندعو الله بقبول أعمالنا، وأن يجعلها خالصةً لوجهه الكريم.
وإلى اللقاء في موضوعٍ قادمٍ حول إدارة الحلقة وآدابها، ومواقف تربوية تحدث في الحلقة، وكيفية التعامل معها.

المصدر : إخوان أون لاين .

: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=79464

التوقيع

" أن تنتظر مجرد الثناء على فعلك التطوعي، فتلك بداية الحس الإنتهازي ''
محمد الحيحي


	للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :