البرلمان عكاظ هذا الزمان

بشّ البرلماني و انتشى وهو يستشهد بالأعشى ثمّ لم يدرِ كم وَطَش حتّى إذا ما انفَشَّ "حربَشَ". ألم يدرك أنه يخبط خبط عشواء حين يخاطب بلغة القدماء رئيس الحكومة والوزراء؟ هل يحتاج إلى التذكير بأن جُلَّهم يجهل من لغته الكثير بينما يُجِلّ لغة موليير؟
لم يتَوان السيد النائب عن طلب حترام حقّه من الثواني فانبرى لإلقاء خطبته العصماء وكأنه في حضرة أحد الأمراء طامعا في الصّرّة والناقة والعطاء. غنيّ عن البيان لا جدوى الإتيان بلغة الشنفرى و نابغة ذبيان إلى البرلمان, فالمكان مخصص لمساءلة الطبقة الحاكمة و اقتراح البدائل الملائمة.
أيّ خطاب هذا وأي تواصل؟ إنه التهريج في أسوء تجلياته. لا الوزير المعنيُّ بالسؤال و لا زملاؤه يفهمون ما قال. أمّا المواطن ذو الفضول فيتساءل باستغراب و امتعاض كيف تحوّل مجلس النواب إلى سوق عكاظ .وأمّا العُضو المزهوّ بنقل دُررِ الضّاد فسيفقد كلّ تلك الثقة، في غياب الورقة، ولن يقوى حتى على مجرد نُطقِ منقولِه بدقّة . قد استهواه حبّ الظهور و"البَوزَزة" فسار ينقل غريب اللفظ عن ابن منظور وزملاء ابن حلّزة.
انتظارات الشّعب يا هذا كثيرة وليس أقلّها ملأ البطون الفقيرة. همّ الناس يا هذا ردّ المظالم وليس ما يَرِدُ في بطون المعاجم. لا نفهم كيف لمن يتقاضى ما يفوق ثلاثين ألف درهم أن يكتفي بالبحث عن الكلام المبهم في المعجم.
ما ذنبُ هذا الشعب و ماذا اقترف ليستخفّ به كل من هبّ ودبّ وكل من كذب ونهَب؟ كيف غاب عنكم أن تعويضاتكم السمينة الوفيرة تُجبى من جيوب الطبقة المسكينة و الأجيرة ؟
"حشومة عليكlم ". تقمصت دور المعاتِب لكن كلاكما كاذب, أنت ومن تخاطِب. وكلاكما ناهب. أنتما في النهب سواء و لن تواري سوئاتكما لا سلاسة الأسئلة الشفاهية و لا فنون الردّ لذرّ الرماد في العيون. ما الفرق يا تُرى بينك أنت يا من تلوك الكلام وبين من يُيمِّمُ القبّة كي ينام ومن يبيع الأوهام ليراكم الثروة الحرام و يخدم الأرحام ؟
خطأ فادح أن يُسمح للبرلمان بمنافسة المسارح. أي دُربة هذه التي تجعلكم تخلطون بين التواجد تحت القُبّة و فوق الخشَبة؟ ماذا يستفيد من يعاني الخصاصة و العوز مِن مُناقراتِكم و مِن خَصِّها بنقل متلفز؟ أتصوّر أن بعض التغيير سيبدأ لو انتهى التصوير : حين تشتغلون في صمت بلا صورة و لا صوت.فالعبرة ليست بالجعجعة بل بالطحين. و إلى ذلك الحين سيبقى المواطن المسكين يردّد : نعيب ساسيينا والعيب فينا وما عبّأهم في الصناديق سوانا.

حاشية :
عجائب ما جاء على لسان السيد النائب :تشنشنت , تشأشأت, استشنت ,تهرطقت, تهركلت ,شاو ,مشل ,شلول, شلشل, "حربش" .

ربما لغتهم الهشة ملاذ يقي عوزهم الفكري و الأكاديمي.. بدل أن تخطو خطوات واسعة نحو الرقي بالأوطان...
حمى الله أوطانكم و أنعم عليكم بالأمن و الأمان

بل هو الضحك على الذقون
كيف يتكلم برلماني بلغة المعلقات و الناس معلقة عليه أمالها ليسهم في الأصلاح
سعدت بمرورك

قلت اللغة هشة بمحتواها.. أما ظاهرها فمزركشة بمعانيها باذخة عباراتها.. لكن ما جدوى بهرجة الألفاظ و هي لا تضفي قيمة حقيقية و لا تكون أداة لتجلي الحلول و الخيارات الأفضل للشعوب
تحياتي و تقديري