منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   مدرسة القرآن والسنة (https://www.profvb.com/vb/f295.html)
-   -   بصائر القرآن والسنة (https://www.profvb.com/vb/t187519.html)

خادم المنتدى 2020-04-25 15:53

بصائر القرآن والسنة
 
بـســم اللــه الـرحـمــن الــرحـيــم
الـسـلام عـلـيــكـــم و رحـمــة اللــه تـعــالــى و بـركــاتــه


بصائر القرآن والسنة

الخطبة الأولى
معاشر المؤمنين، تحار العقول؛ وتختلف الآراء؛ وتضطرب الرؤى؛ وتلتبس الأمور؛ من كثرة ما يستجدُّ من الأحداث والوقائع ويبقى لنا بفضل الله تعالى قدرةٌ على الفهم السليم والعمل الصحيح إذا اعتصمنا بكتاب الله وتدبرناه وأخذنا بأنواره وهداياته؛ واقتدينا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وارتوينا من سيرته، فإن فيهما ما نفهم به التاريخ الغابر وما نقرأ به حقائق الواقع المعاصر: ﴿ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213].

ولعل الاختلاط الجاري اليوم يقودنا إلى وقفات مع بعض سنن الله - سبحانه وتعالى -؛ لأن معرفتها كفيلة بأن تجنبنا زيغاً في الرؤى والنظر، وأن تجنبنا انحرافاً في المسار والعمل. هذه السنن هي سنن ماضية ثابتة لا تتغير ولا تتبدل؛ لا تحابي أحداً فهي مستمرة لا تتوقف، ذكر منها الكثير والكثير في كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 62].

ولعلنا نقف هذا اليوم مع سنة واحدة؛ لعلها في مثل هذا الوقت تكون نبراساً لكثير مما يجري في بلادنا العربية والإسلامية، يقول الله - جل وعلا -: ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأنعام: 129] هذه قاعدة وسنة: ﴿ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾، وهنا - كما قال أهل التفسير - معنيان؛ وكلاهما سنة ثابتة ماضية؛ تشهد لها وقائع السيرة وأحداث التاريخ؛ ونستطيع بها أن نعرف وقائع الحاضر الذي نعيشه، المعنى الأول ﴿ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾: أن الظالمين يحبون وينصرون بعضهم بعضاً، وإن اختلفوا في الملل؟ نعم، وإن اختلفوا في الوجهات؟ كذلك، ذلك لأن الكفر ملة واحدة؛ ولأنه يجمعهم في كثير من الأحوال العداء للإسلام والمسلمين، وانظروا هنا من شواهد التاريخ ومن حقائق الواقع ما رأينا في سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الأحزاب اجتماع اليهود مع الكفار قريش - وهم أهل كتاب كان أولى بهم أن يصدقوا ما ثبت في كتبهم من أمر وخبر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بل ويقول هؤلاء اليهود لأهل الكفر من قريش: (أنتم خير ودينكم خير من دين محمد!!).

واجتمعت معهم غطفان قبائل؛ لا تدين بهذا ولا بذاك؛ جمعهم حِلف واحد لعداء الإسلام عقيدة وديانة وإفسادا وسيطرة للثروات، ولو جئنا اليوم إلى التواريخ المعاصرة ورأينا أرض الإسراء مسرى رسولنا - صلى الله عليه وسلم - اغتصبها اليهود بمعونة النصارى وبمباركة سريعة واعتراف.

واليوم نجد عجباً في بلاد الشام في دمشق الفيحاء في حلب الشهباء، انظروا كيف اجتمعت أمم وعمائم تنتسب للإسلام وهي تطعن في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع شيوعية متلبسة بنصرانية صليبية؛ مع نصيرية لا حظ لها في الإسلام؛ كلها مجتمعة، كما قال - جل وعلا -: ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾، يقول بعض الناس عندما لا يدركون الحقيقة القرآنية: كيف اجتمعوا؟ من الذي جاء بالمشرّق والمغرّب؟ إنها صورة حقيقية تنطق بها الآيات.

وإذا مضينا إلى المعنى الثاني - الذي ذكره المفسرون - للآية ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾ هذا المعنى هو: أي نسلط بعضَ الظالمين على بعض؛ فينقلبون على بعضهم فيتسلط بعضهم على بعض، وهذا أمر عجيب والتاريخ والواقع يشهد له.
فلا نكونن في شك من ديننا؛ ولا تكونن الأحداث التي تجري تتسبب في اضطراب رؤانا أو في يأس نفوسنا، فإننا على يقين من دين ربنا بالقواعد القرآنية والسنن الربانية: ﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف: 128]، ﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 7]، ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51]. كلها آيات ليس بالضرورة أن تكون اليوم أو في هذه الساعة أو بعد عام أو نحو ذلك، وهذا يقينٌ ورؤية واضحة عند أهل الإيمان؛ المعتصمين بالقرآن والسنة فهما وتمسكا وعملا؛ المتوكلين على الله.

عباد الله، تجمعات تعلن كفرَها في الماضي والحاضر والمستقبل؛ عدوها الأوحد هو الإسلام؟ ومع ضعف تمسك المسلمين بدينهم؛ ما زالوا هم الأمة التي استعصت على الذوبان، واستعصت على أن تكون ضائعة تائهة؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - حباها بما حباها من هذا القرآن العظيم، وهذا الرسول الكريم، ولأن الله ارتضى هذا الدين وهذه الشريعة إلى قيام الساعة وتكفل بحفظها ونصرة أهلها الصادقين.
وهناك بجانب التجمعات التي تعلن الكفر مواقفٌ من بعض من يدعي أنه منّا؛ وأنه يرفع راية الإسلام ويدافع عن الإسلام، لكنك ترى نفاقه في حقيقة ولائه وبرائه، وهنا يصدق عليهم ما قاله ربنا - جل وعلا -:﴿ وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ ولكنهم قوم يفرقون ﴾ (أي يخافون خوفا شديدا) ﴿ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ ﴾ [التوبة: 57] أي يسرعون (التوبة: 56-57).

اللهم أعز دينك وعبادك المؤمنين، وأذل واهزم أحزاب الكفر والكافرين والمنافقين في كل مكان، اللهم اهلك الظالمين بالظالمين ونجِّ إخواننا من بينهم سالمين....

الخطبة الثانية
إننا لسنا تائهين نبحث هنا أو هناك، لسنا بلا نور وبلا دليل؛ حتى نطلب الهداية من هذا أو ذاك، فلقد خاطب الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه بقوله: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الجاثية: 18-19]، فنحن أُمرنا بالاتباع لا الابتداع؛ وأمرنا بالاعتصام بحبل الله وجماعة المسلمين لا بالتخلي عنها؛ وأمرنا بالثبات لا بالتردد. وأمرنا بالحذر من ترك النور الذي بين أيدينا؛ والانسياق وراء أهواء البعيدين عن هذا النور والهدى؛ ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [الزخرف: 43]. فلا نكون في شك أبداً من أن كل حكمٍ وكل سنةٍ وكل قاعدةٍ وكل بيانٍ وكل خبر في القرآن والسنة هو صحيح مطلق وكمال كامل لا يعتريه نقص ولا يخالطه شك بحال من الأحوال، هذا الذي ينبغي أن نقوله وأن نكون عليه.

ونحن بهذا سيكون لنا إن اعتصمنا بالوحيين الكتابِ والسنة؛ وفهمناهما الفهم الصحيح وفق فهم سلف هذه الأمة؛ فإننا سنوفق للرؤية الصائبة والعمل السديد؛ ووفقنا لأصالة تحفظنا من الزيغ، وحينئذ ستكون لنا وحدة جامعة؛ ولن نتفرق؛ لأننا لا ننطلق من آرائنا وأهوائنا؛ وإنما من وحي ربنا.

وفي أحلك الظروف لا بد أن يحدونا الأمل واليقين بأن ما يقدره الله ففي جملته خير للمسلمين؛ وأن المحن فيها المنح؛ وإن لم يكن لنصر ظاهر قريب، فإنه سيكون أولا نصراً في القلوب التي ضعفت صلتها بالله فتقوى، وفي العقول التي لم تسترشد بالقرآن والسنة؛ فتعود إليها، وفي صفوف المسلمين التي فرقها ويفرقها أعداء الإسلام؛ فتلتئم وتتحد.
ولا نستعجل النتائج، فإن كثيرين من قلة صبرهم وعدم يقينهم بحكمة الله في قدره؛ يرون أن الأمور طالت وأن القضايا ليست إلى نهاية حميدة، وهنا يحصل ما نخشى منه وما نراه من افتراق وضلال.

فينبغي لنا أن نعتصم بالقرآن والسنة المعصومين، وأن نفقه سنن الله، وأن نرى الواقع، ونقرأ التاريخ، ونستشرف المستقبل في ضوء ذلك، مع التوكل على الله؛ والثقة به؛ مع الأخذ بالأسباب.
اللهم وفقنا للتمسك بكتابك وسنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -، أرنا الحق حقا...




مــنــقــــــول
..-**=~~))))///\\\(((~~=**-..






الساعة الآن 07:51

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd