منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   قسم خاص بالدروس و العقيدة و الفقه (https://www.profvb.com/vb/f250.html)
-   -   دموع المآذن (https://www.profvb.com/vb/t181009.html)

صانعة النهضة 2018-06-10 12:15

دموع المآذن
 
دموع المآذن


https://s3-eu-central-1.amazonaws.co...mjOnJ1BQj.jpeg


د.محمد بن عبدالرحمن العريفي




فهذه وقفات وتأملات في أحوال الخاشعين والخاشعات، نؤَمِّن فيها على الدعوات، ونمسح الدمعات، ونذكر الصلوات، نقف على مآذن المساجد، فها هي دموع المآذن تسيل في البكور والأصيل..

عجبًا هل تبكي المآذن؟!

نعم تبكي المآذن، وتئن المحاريب، وتنوح المساجد..

بل تبكي الأرض والسموات، وتنهد الجبال الراسيات، إذا غاب الصالحون والصالحات..

تبكي، إذا فقدت صلاة المصلين، وخشوع الخاشعين، وبكاء الباكين..
تبكي، لفقد عمارها بالأذكار، وتعظيم الواحد القهار.
,
.فمن يمسح دمعها، ومن يرفع حزنها؟



{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ . رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ . لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور:36-38].

إنها الصَّلاةُ، قرَّةُ عيونِ الموَحِّدين، ولذَّةُ أرواح المحبين.
الصلاة بستان العابدين، وثمرة الخاشعين.
فهيَ بستَانُ قلوبهم، ولذَّةُ نفوسهم، ورياضُ جوارحهم.
فيها يتقلبون في النعيم، ويتقربون إلى الحليم الكريم.
عبادة، عظَّم الله أمرها، وشرَّف أهلها.

وهي آخر ما أوصى به النبي عليه السلام، وآخر ما يذهب من الإسلام، وأول ما يسأل عنه العبد بين يدي الملك العلام..



دموع المآذن - (2) فرض الصلاة
يتبع

صانعة النهضة 2018-06-10 12:17

رد: دموع المآذن
 

دموع المآذن - (2) فرض الصلاة

الصلاة أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام.. ومن عظمة قدرها، ورفعة شأنها أن الله لما أراد أن يفرضها على عباده، رفع خاتم الأنبياء، إلى أعلى السماء، ثم خاطبه بفرضها، ووعد بعظيم أجرها..
الصلاة أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام..
ومن عظمة قدرها، ورفعة شأنها أن الله لما أراد أن يفرضها على عباده، رفع خاتم الأنبياء، إلى أعلى السماء، ثم خاطبه بفرضها، ووعد بعظيم أجرها، كما في الصحيحين، أنه صلى الله عليه وسلم قال في قصة الإسراء والمعراج: «فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل: من هذا؟ قال: جبرائيل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم! قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء، قال صلى الله عليه وسلم: ففتح».

ثم ما زال صلى الله عليه وسلم يصعد في السماوات، حتى وصل إلى السماء السابعة، قال: «ثم صعد بي إلى السماء السابعة، فاستفتح جبرائيل قيل: من هذا؟ قال: جبرائيل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم! قيل: مرحباً به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت إذا إبراهيم قال: هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام ثم قال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم رفعت إلى سدرة المنتهى، ثم فرض علي الصلوات خمسون صلاة كل يوم..

فرجعت فمررت على موسى فقال: بما أمرت؟ قال: أمرت بخمسين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشراً، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشراً، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم فقال مثله، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى فقال: بم أمرت؟ فقلت بخمس صلوات كل يوم.. قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك».

فقال صلى الله عليه وسلم: «سألت ربي حتى استحيت، ولكني أرضى وأسلم».
قال صلى الله عليه وسلم: «فلما جاوزت ناداني مناد، أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي».
فنحمد الله العظيم الذي أذن لنا بالوقوف بين يديه، والإقبال بالقلوب عليه، وشكاية الحاجات إليه.



دموع المآذن - (3) الصلاة منجية..
,



إنّ الصَّلاةَ صلةٌ ولقاءٌ، وتعبد ووفاء، بين العبد في الأرض، والرب في السماء، هي المعين الذي لا ينضب، والزاد الذي لا ينفد.. ولقد كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، بل إن كشف الكربات، وإجابة الدعوات يكون أعظم ما يكون بالصلوات، فهي عند الصالحين الطريقُ لرفع البلاء، وإجابةِ الدعاء.



نعم! إنّ الصَّلاةَ صلةٌ ولقاءٌ، وتعبد ووفاء، بين العبد في الأرض، والرب في السماء، هي المعين الذي لا ينضب، والزاد الذي لا ينفد.. ولقد كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، بل إن كشف الكربات، وإجابة الدعوات يكون أعظم ما يكون بالصلوات، فهي عند الصالحين الطريقُ لرفع البلاء، وإجابةِ الدعاء.

روى البخاري: أن إبراهيم عليه السلام، بينما هو ذات يوم يسير مع زوجه سارة، إذ أتى على بلد يحكمها جبار من الجبابرة، فأتى هذا الجبار بعض حاشيته وقالوا: "إن ها هنا رجلاً معه امرأة من أحسن الناس، ولا تصلح إلا لك، فأرسل هذا الجبار جنده إلى إبراهيم وسألوه من هذه معك؟".

فعلم إبراهيم عليه السلام أنه لا قوة له بهذا الطاغية، وأنه لو قال زوجتي لقتلوه، فقال لهم: "هي أختي".
ثم أتى إبراهيم إلى سارة، وقال: "يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك.. وإن هذا سألني عنك، فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني".

فأرسل الجبار إليها، فأحضرت إليه، فلما دخلت عليه، أقبل عليها، فلما رفع يده إليها شلت يده، ففزع الرجل، وقال: ادعي الله لي ولا أضرُّك، فدعت الله له، فأطلق، فوسوس له الشيطان، فأقبل إليها مرة أخرى، فدعت عليه، فأصابه كالأولى أو أشد، فلما رأى أنه لا طاقة له بها، فزع وقال: ادعي الله لي ولا أضرُّك، فدعت له فأطلق الله يديه، ففزع منها، ودعا بعض حجابه، وقال: إنكم لم تأتوني بإنسان وإنما أتيتموني بشيطان".

ثم أخرجها من قصره، وأعطاها جارية اسمها هاجر، فخرجت سارة إلى زوجها، فلما دخلت عليه فإذا هو قائم يصلي، ويدعو ويبتهل، فلما أحس بها أومأ بيده، يسألها عن الخبر، فقالت: "رد الله كيد الكافر -أو الفاجر- في نحره، وأخدم هاجر"، فانظر كيف فزع إبراهيم إلى الصلاة لما حزبته الأمور،

بل انظر إلى النبي العابد، القانت الزاهد، زكريا عليه السلام..
شيخ جاوز عمره السبعين، ضعف جسده، ورق عظمه، واقتربت منيته، فاشتهى أن يكون له ولد أو ولي، فرفع يديه إلى الله داعياً، مبتهلاً باكياً، قال الله: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا . إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا . قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا . وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم:2-6]، فتقرع دعواته أبواب السماء، فينظر الله إلى عبده الداعي، فإذا هو عابد في محرابه، يترقب إحسان ربه ويخاف من عذابه، فإذا بالبشائر تتنزل عليه وهو في الصلاة..

قال الله: {فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ . قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء} [آل عمران:39-40].


---------------------------------



دموع المآذن - (4) الصلاة والمعارك
يتبع


صانعة النهضة 2018-06-10 12:21

رد: دموع المآذن
 
دموع المآذن - (4) الصلاة والمعارك




الرحمات إنما تنزل بالصلوات.. فبها يشفى المرض وتكشف الكربة.. ويغفر الذنب وتقبل التوبة، اقرع بها أبواب السماء، والتمس كشف الكرب ورفع البلاء.
وهكذا الرحمات.. إنما تنزل بالصلوات..
في معركة الأحزاب، لما بلغت القلوب الحناجر، وهرب كل منافق وفاجر، وقد حفر المسلمون بينهم وبين عدوهم خندقاً، وأظلم الليل، واشتد البرد، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرف حال الكفار.. فأقبل على أصحابه، ثم قال لهم: «من رجل منكم يذهب وينظر لي خبر القوم ويكون رفيقي في الجنة؟».

فما تحرك أحد، فمر عليهم ثم قال: «قم يا حذيفة»، قال حذيفة: "فما كان لي من بد إذا أمرني رسول الله أن أقوم إلا أن أقوم، فقمت، قلت: لبيك يا رسول الله؟"، قال: «اذهب وانظر لي خبر القوم ولا تحدثن شيئاً حتى تأتيني».

قال حذيفة: "فنزلت في الخندق ثم صعدت فإذا المشركون كثير، وإذا من بينهم رجل يصلي يديه على نار بين يديه ثم يلصقهما بجانبيه، فنظرت فإذا هو قائد الجيش أبو سفيان، فقلت في نفسي: إن أنا قتلته اضطرب أمرهم وانهزموا، فأخذت سهماً من كنانتي أبيض الريش، فوضعته في كبد القوس، فلما شددته تذكر ت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحدثن شيئاً حتى تأتيني» فأرجعت السهم في كنانتي ونظرت في حالهم.. فإذا الريح قد اشتدت عليهم فما تقر لهم قدرًا ولا تقيم لهم بعيرًا، فدخلت في إحدى الخيام فجلست بينهم في الظلمة..".

فشعر أبو سفيان أن رجلاً قد دخل في القوم فصاح بهم وقال: "ألا لينظر كل امرئ من جليسه؟".
قال حذيفة: "فخفت أن يسألني الذي بجانبي فأفتضح، فبادرته وصحت به: من أنت؟ ففزع وقال: أنا فلان.. من بني فلان..، فسكت عنه، فلما رأى مني ذلك هاب أن يسألني، فنجوت، وخرجت من بينهم وعدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو قائم يصلي ويدعو، فقعدت عنده حتى فرغ فبشرته بخبر القوم، ففرح وكبر:
«نعم! هزم الله الأعداء، ونصر الأولياء، بصلاة ودعاء»".

وكانوا كما قال الله: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب:25]، فانظر كيف فزع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلوات فانكشفت الكربات..

خرج محمد بن واسع في جيش قتيبة بن مسلم، فلما التقى الصفان التفت قتيبة فلم ير ابن واسع، فأرسل بعض من عنده يطلبونه، فلما عادوا إليه: قالوا له: "وجدناه ساجداً، يحرك أصبعه ويدعو..".
فقال قتيبة: "والله لأصبع محمد بن واسع في الجيش أحب إليَّ من ألف شاب طرير، وسيف شهير".
فلما أتاه محمد بن واسع، قال قتيبة: "أين كنت؟"، فقال ابن واسع: "كنت أهز لك أبواب السماء.."!

فأين المرضى عن التعبد بالصلوات؟!
وأين المكروبون عن الركعات والسجدات؟!
بل.. أين المظلومون وأصحابُ الحاجات؟!
فبها يشفى المرض وتكشف الكربة.. ويغفر الذنب وتقبل التوبة.
اقرع بها أبواب السماء، والتمس كشف الكرب ورفع البلاء.

-------------------------------------------




الساعة الآن 14:34

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd