الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي > مدرسة القرآن والسنة > تفسير


شجرة الشكر2الشكر
  • 1 Post By أم سهام
  • 1 Post By أم سهام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2017-09-24, 15:53 رقم المشاركة : 1
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي تفسير سورة الواقعة



* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق
{ إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } * { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } * { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } * { إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } * { وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً } * { فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } * { وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً } * { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } * { وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } * { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } * { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } * { عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } * { مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ } * { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } * { بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } * { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ } * { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } * { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } * { وَحُورٌ عِينٌ } * { كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } * { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً } * { إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } * { وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } * { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } * { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } * { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } * { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } * { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } * { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } * { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } * { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً } * { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } * { عُرُباً أَتْرَاباً } * { لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } * { وَأَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ } * { فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ } * { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } * { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } * { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ } * { وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } * { أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } * { قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ } * { لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضِّآلُّونَ ٱلْمُكَذِّبُونَ } * { لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } * { فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } * { فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْحَمِيمِ } * { فَشَارِبُونَ شُرْبَ ٱلْهِيمِ } * { هَـٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ٱلدِّينِ }

اللغَة:
{ رُجَّتِ } زلزلت وحرّكت تحريكاً شديداً { بُسَّتِ } فُتِّت حتى صارت كالدقيق المبسوس { هَبَآءً } الهباء ما يتطاير في الهواء من الأجزاء الدقيقة { ثُلَّةٌ } جماعة من ثللت الشيء أي قطعته قاله الزجاج فمعنى ثُلة كمعنى فرقة وزناً ومعنى { مَّوْضُونَةٍ } منسوجة محكمة النسج كأن بعضها أُدخل في بعض قال الأعشى:
ومن نسج داود موضونة تُساق مع الحيّ عسيراً فعيراً{ يُصَدَّعُونَ } صُدع القوم الخمر لحقهم الصُداع في رءوسهم منها { يُنزِفُونَ } يسكرون فتذهب عقولهم { مَّخْضُودٍ } خُضد شوكه أي قُطع قال أمية بن أبي الصلت:إن الحدائقَ في الجنان ظليلةٌ فيها الكواعبُ سِدْرها مخْضود{ طَلْحٍ } الطلح: شجر الموز { مَّنضُودٍ } متراكب بعضه فوق بعض { عُرُباً } جمع عروب وهي المتحببة إِلى زوجها { سَمُومٍ } ريح حارة تدخل في مسام البدن { يَحْمُومٍ } اليحموم الشديد السواد { ٱلْحَمِيمِ } الماء المغلي { ٱلْهِيمِ } الإِبل العطاش التي لا تروى لداء يصيبها.

التفسِير:
{ إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } أي إِذا قامت القيامة التي لا بد من وقوعها، وحدثت الداهية الطامة التي ينخلع لها قلب الإِنسان، كان من الأهوال ما لا يصفه الخيال قال البيضاوي: سميت واقعة لتحقق وقوعها وقال ابن عباس: الواقعة اسم من أسماء القيامة كالصاخة والآزفة والطامة، وهذه الأشياء تقتضي عظم شأنها { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } أي لا يكون عند وقوعها نفس كاذبة تكذِّب بوقوعها كحال المكذبين اليوم، لأن كل نفسٍ تؤمن حينئذٍ لأنها ترى العذاب عياناً كقوله تعالى

{ فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ }
[غافر: 84] { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } أي هي خافضة لأقوام رافعةٌ لآخرين، تخفض أعداء الله في النار، وترفع أولياء الله في الجنة قال الحسن: تخفض أقواماً إِلى الجحيم وإِن كانوا في الدنيا أعزة، وترفع آخرين إِلى أعلى عليين وإِن كانوا في الدنيا وضعاء.. ثم بيَّن تعالى متى يكون ذلك فقال { إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } أي زلزلت زلزالاً عنيفاً، واضطربت اضطراباً شديداً، بحيث ينهدم كل ما فوقها من بناء شامخ، وطودٍ راسخ قال المفسرون: تُرجُّ كما يرجُّ الصبي في المهد حتى ينهدم كل ما عليها من بناء، وينكسر كل ما فيها من جبال وحصون { وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً } أي فتِّتت تفتيتاً حتى صارت كالدقيق المبسوس - وهو المبلول - بعد أن كانت شامخة { فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } أي فصارت غباراً متفرقاً متطايراً في الهواء، كالذي يُرى في شعاع الشمس إِذا دخل النافذة فهذا هو الهباء، والمنبثُّ المتفرق، وهذه الآية كقوله تعالى
{ وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ }
[القارعة: 5] وقوله
{ وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً }
[النبأ: 20] { وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً } أي وكنتم - أيها الناس - أصنافاً وفرقاً ثلاث " أهل اليمين، وأهل الشمال، وأهل السبق " فأما السابقون فهم أهل الدرجات العُلى في الجنة، وأما أصحاب اليمين فهم سائر أهل الجنة، وأما أصحاب الشمال فهم أهل النار، وهذه مراتب الناس في الآخرة قال ميمون بن مهران: اثنان في الجنة وواحد في النار، ثم فصَّلهم تعالى بقوله { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ }؟ استفهام للتفخيم والتعظيم أي هل تدري أيُّ شيء أصحاب الميمنة؟ من هم وما هي حالهم وصفتهم؟ إنهم الذين يؤتون صحائفهم في أيمانهم، فهو تعجيبٌ لحالهم، وتعظيم لشأنهم في دخولهم الجنة وتنعمهم بها { وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ }؟ أي هل تدري من هم؟ وما هي حالهم وصفتهم، إنهم الذين يؤتون صحائفهم بشمالهم، ففيه تعجيب لحالهم في دخولهم النار وشقائهم قال القرطبي: والتكرير في { مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } و { مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } للتفخيم والتعجيب كقوله
{ ٱلْحَاقَّةُ * مَا ٱلْحَآقَّةُ }
[الحاقة: 1-2] وقوله
{ ٱلْقَارِعَةُ * مَا ٱلْقَارِعَةُ }
[القارعة: 1-2] وقال الألوسي: والمقصود التفخيم في الأول، والتفظيع في الثاني، وتعجيب السامع من شأن الفريقين في الفخامة والفظاعة كأنه قيل: فأصحاب الميمنة في غاية حسن الحال، وأصحاب المشأمة في غاية سوء الحال { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ } هذا هو الصنف الثالث من الأزواج الثلاثة أي والسابقون إِلى الخيرات والحسنات، هم السابقون إِلى النعيم والجنات، ثم أثنى عليهم بقوله { أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } أي أولئك هم المقربون من الله، في جواره، وفي ظل عرشه، ودار كرامته { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } أي هم في جنات الخلد يتنعمون فيها قال الخازن: فإِن قلت: لم أخَّر ذكر السابقين وكانوا أولى بالتقديم على أصحاب اليمين؟ قلت: فيه لطيفة وذلك أنَّ الله ذكر في أول السورة الأمور الهائلة عند قيام الساعة تخويفاً لعباده، فإِما محسنٌ فيزداد رغبةً في الثواب، وإِمّا مسيء فيرجع عن إِساءته خوفاً من العقاب، فلذلك قدَّم أصحاب اليمين ليسمعوا ويرغبوا، ثم ذكر أصحاب الشمال ليرهبوا، ثم ذكر السابقين وهم الذين لا يحزنهم الفزع الأكبر ليجدوا ويجتهدوا { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } أي السابقون المقربون جماعة كثيرة من الأمم السالفة { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } أي وهم قليلٌ من هذه الأمة قال القرطبي: وسمُّوا قليلاً بالإِضافة إِلى من كان قبلهم، لأن الأنبياء المتقدمين كانوا كثرة، فكثر السابقون إِلى الإِيمان منهم، فزادوا على عدد من سبق إِلى التصديق من أمتنا، قال الحسن: سابقوا من مضى أكثر من سابقينا ثم تلا الآية وقيل: إِن المراد بقوله { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ } أول هذه الأمة، والآخرون المتأخرون من هذه الأمة، فيكون كلا الفريقين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم { عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } أي جالسين على أسرَّة منسوجة بقضبان الذهب، مرصَّعة بالدر والياقوت قال ابن عباس: { مَّوْضُونَةٍ } أي مرمولة بالذهب يعني منسوجة به { مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا } أي حال كونهم مضطجعين على تلك الأسرَّة شأن المنعَّمين المترفين { مُتَقَابِلِينَ } أي وجوه بعضهم إلى بعض، ليس أحد وراء أحد، وهذا أدخل في السرور، وأكمل في أدب الجلوس { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } أي يدور عليهم للخدمة أطفال في نضارة الصبا، لا يموتون ولا يهرمون قال أبو حيان: وُصفوا بالخلد - وإِن كان كل من في الجنة مخلداً - ليدل على أنهم يبقون دائماً في سنِّ الولدان، لا يتحولون ولا يكبرون كما وصفهم جل وعلا { بِأَكْوَابٍ } أي بأقداح كبيرة مستديرة لا عُرى لها { وَأَبَارِيقَ } جمع إِبريق أي وبأباريق لها عُرى تبرق من صفاء لونها { وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } أي وكأسٍ من خمرٍ لذة جارية من العيون قال ابن عباس: لم تعصر كخمر الدنيا بل هي من عيون سارحة قال القرطبي: والمعين الجاري من ماء أو خمر، غير أن المراد في هذا الموضع الخمر الجارية من العيون، ليست كخمر الدنيا التي تستخرج بعصرٍ وتكلف ومعالجة { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } أي لا تنصدع رءوسهم من شربها { وَلاَ يُنزِفُونَ } أي ولا يسكرون فتذهب بعقولهم فتذهب بعقولهم كخمر الدنيا قال ابن عباس: في الخمر أربع خصال: السُّكرُ، والصُّداع، والقيءُ، والبول، وقد ذكر تعالى خمر الجنة ونزَّهها عن هذه الخصال الذميمة { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } أي ولهم فيها فاكهة كثيرة يختارون ما تشتهيه نفوسهم لكثرتها وتنوعها { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } أي ولحم طيرٍ مما يحبون ويشتهون قال ابن عباس: يخطر على قلب أحدهم لحم الطير فيطير حتى يقع بين يديه على ما اشتهى مقلياً أو مشوياً وفي الحديث
" إنك لتنظر إِلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشوياً " قال الرازي: وقدَّم الفاكهة على اللحم لأن أهل الجنة يأكلون لا عن جوع بل للتفكه، فميلهم إِلى الفاكهة أكثر كحال الشبعان في الدنيا فلذلك قدمها { وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } أي ولهم مع ذلك النعيم نساء من الحور العين، الواسعات العيون، في غاية الجمال والبهاء، كأنهن اللؤلؤ في الصفاء والنقاء، الذي لم تمسه الأيدي قال في التسهيل: شبههن باللؤلؤ في البياض، ووصفه بالمكنون لأنه أبعد عن تغيير حسنه، وحين " سألت " أم سلمة " رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا التشبيه قال " صفاؤهن كصفاء الدر في الأصداف الذي لم تمسه الأيدي " { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي جعلنا لهم ذلك كله جزاءً لعملهم الصالح في الدنيا.. ثم أخبر تعالى عن كمال نعيمهم في الجنة فقال { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً } أي لا يطرق آذانهم فاحشُ الكلام، ولا يلحقهم إِثمٌ مما يسمعون قال ابن عباس: لا يسمعون باطلاً ولا كذباً { إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } أي إلا قول بعضهم لبعضٍ سلاماً سلاماً، يُحيي به بعضهم بعضاً ويفشون السلام فيما بينهم قال في البحر: والظاهر أنه استثناء منقطع لأنه لم يندرج في اللغو ولا التأثيم وقال أبو السعود: والمعنى أنهم يفشون السلام فيسلّمون سلاماً بعد سلام، أو لا يسمع كلٌ منهم إِلا سلام الآخر بدءاً أو ردّاً.. ثم شرع في تفصيل أحوال الصنف الثاني وهم أصحاب اليمين فقال { وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ }؟ استفهام للتعظيم والتعجيب من حالهم أي ما أدراك من هم، وما هي حالهم؟ { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } أي هم تحت أشجار النبق الذي قطع شوكه قال المفسرون: والسِّدرُ: شجر النبق، والمخضود الذي خُضد أي قُطع شوكه، وفي الحديث " أن أعرابياً جاء إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إن الله تعالى ذكر في الجنة شجرة تؤذي صاحبها، فقال: وما هي؟ قال: السدر فإِن له شوكاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس اللهُ يقول { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ }؟ خضَدَ اللهُ شوكه فجعل مكان كل شوكةٍ ثمرة، وإِن الثمرة من ثمره تفتَّق عن اثنين وسبعين لوناً من الطعام، ما فيها لونٌ يشبه الآخر " { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } هو شجر الموز ومعنى { مَّنضُودٍ } أي متراكم قد نُضد بالحمل من أسفله إِلى أعلاه { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } أي وظل دائم باقٍ لا يزول ولا تنسخه الشمس، لأن الجنة ظل كلها لا شمس فيها
{ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً }
[الإِنسان: 13] وفي الحديث " إن في الجنة شجرةً يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها واقرءوا إن شئتم { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } وقال الرازي: ومعنى { مَّمْدُودٍ } أي لا زوال له فهو دائم
{ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا }
[الرعد: 35] أي دائم، والظلُّ ليس ظل الأشجار، بل ظل يخلقه الله تعالى { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } أي وماءٍ جارٍ دائماً لا ينقطع، يجري في غير أخدود قال القرطبي: كانت العرب أصحاب بادية، والأنهار في بلادهم عزيزة، لا يصلون إِلىالماء إِلا بالدلو والرشاء، فوعدوا بالجنة بأسباب النزهة وهي الأشجار وظلالها، والمياه والأنهار وجريانها { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } أي وفاكهةٍ كثيرة متنوعة، ليست بالقليلة العزيزة كما كانت في بلادهم، لا تنقطع كما تنقطع ثمار الدنيا في الشتاء، وليست ممنوعة عن أحد، قال ابن عباس: لا تنقطع إِذا جُنيت، ولا تمتنع من أحدٍ إِذا أراد أخذها وفي الحديث " ما قُطعت ثمرةٌ من ثمار الجنة إِلا عاد مكانها أخرى " { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } أي عالية وطيئة ناعمة وفي الحديث " ارتفاعها كما بين السماء والأرض، ومسيرة ما بينهما خمس مائة عام " قال الألوسي: ولا تستبعد هذا من حيث العروجُ والنزولُ، فالعالم عالم آخر فوق طور عقلك تنخفض للمؤمن إِذا أراد الجلوس عليها ثم ترتفع به ، والله على كل شيء قدير { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً } أي خلقنا نساء الجنة خلقاً جديداً، وأبدعناهن إِبداعاً عجيباً، قال في التسهيل: ومعنى إنشاء النساء أن الله تعالى يخلقهن في الجنة خلقاً آخر في غاية الحسن بخلاف الدنيا، فالعجوز ترجع شابة، والقبيحة ترجع جميلة قال ابن عباس: يعني الآدميات العجائز الشمط خلقهن الله بعد الكبر والهرم خلقاً آخر { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } أي فجعلناهن عذارى، كلما أتاهنَّ أزواجهن وجدوهنَّ أبكاراً { عُرُباً } جمع عروب وهي المتحببة لزوجها العاشقة له قال مجاهد: هنَّ العاشقات لأزواجهن المتحببات لهن اللواتي يشتهين أزواجهن { أَتْرَاباً } أي مستويات في السنِّ مع أزواجهن، في سنّ أبناء ثلاث وثلاثين، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
" سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً } فقال يا أم سلمة: هنَّ اللواتي قُبضن في الدنيا عجائز، شُمطاً عُمشاً، رُمصاً، جعلهن الله بعد الكِبر أتراباً على ميلادٍ واحد في الاستواء " وفي الحديث " أن امرأة عجوزاً جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: أُدع الله أن يُدخلني الجنة، فقال: يا أم فلان إِن الجنة لا تدخلها عجوز، فولَّت تبكي، فقال: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، فإِن الله تعالى يقول { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } " { لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } أي أنشأنا هؤلاء النساء الأبكار لأصحاب اليمين ليستمتعوا بهنَّ في الجنة، ثم قال تعالى { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } أي هم جماعة من الأولين من الأمم الماضية، وجماعة من المتأخرين من أُمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال في البحر: ولا تنافي بين هذه الآية { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } وبين الآية التي سبقتها وهي قوله { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } لأن الثانية في السابقين فلذلك قال { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } وهذه في أصحاب اليمين ولذلك قال { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ }.. ثم شرع تعالى في بيان الصنف الثالث وهم أهل النار فقال { وَأَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ } استفهام بمعنى التهويل والتفظيع والتعجيب من حالهم أي وأصحابُ الشمال - وهم الذين يعطون كتبهم بشمائلهم - ما أصحاب الشمال؟ أي ما حالهم وكيف مآلهم؟ ثم فصَّل تعالى حالهم فقال { فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ } أي في ريح حارة من النار تنفذ في المسام، وماءٍ شديد الحرارة { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } أي وفي ظلٍ من دخان أسود شديد السواد { لاَّ بَارِدٍ } أي ليس هذا الظل بارداً يستروح به الإِنسان من شدة الحر { وَلاَ كَرِيمٍ } أي وليس حسن المنظر يُسرُّ به من يستفيء بظله قال الخازن: إِن فائدة الظل ترجع إِلى أمرين: أحدهما: دفع الحر، والثاني: حسن المنظر وكون الإِنسان فيه مكرماً، وظلُّ أهل النار بخلاف هذا لأنهم في ظل من دخان أسود حار.. ثم بيَّن تعالى سبب استحقاقهم ذلك فقال { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ } أي لأنهم كانوا في الدنيا منعَّمين، مقبلين على الشهوات والملذات { وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ } أي وكانوا يداومون على الذنب العظيم وهو الشرك بالله قال المفسرون: لفظ الإِصرار يدل على المداومة على المعصية، والحنثُ هو الذنب الكبير والمراد به هنا الكفر بالله كما قاله ابن عباس { وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } أي هل سنبعث بعد أن تصبح أجسادنا تراباً وعظاماً نخرة؟ وهذا استبعادٌ منهم لأمر البعث وتكذيب له { أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ }؟ تأكيدٌ للإِنكار ومبالغة فيه أي وهل سيبعث آباؤنا الأوائل بعد أن بليت أجسامهم وتفتَّتت عظامهم؟ { قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } أي قل لهم يا محمد: إِن الخلائق جميعاً السابقين منهم واللاحقين، سيجمعون ويحشرون ليوم الحساب الذي حدَّده الله بوقت معلوم لا يتقدم ولا يتأخر
{ ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ }
[هود: 103-104] { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضِّآلُّونَ ٱلْمُكَذِّبُونَ * لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } أي ثم إنكم يا معشر كفار مكة، الضالون عن الهدى، المكذبون بالبعث والنشور، لآكلون من شجر الزقوم الذي ينبت في أصل الجحيم { فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } أي فمالئون بطونكم من تلك الشجرة الخبيثة لغلبة الجوع عليكم { فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْحَمِيمِ } أي فشاربون عليه الماء الحار الذي اشتد غليانه { فَشَارِبُونَ شُرْبَ ٱلْهِيمِ } أي فشاربون شرب الإِبل العطاش قال ابن عباس: الهيمُ الإِبل العطاش التي لا تروى لداء يصيبها وقال أبو السعود: إنه يسلط على أهل النار من الجوع ما يضطرهم إِلى أكل الزقوم الذي هو كالمُهل، فإِذا ملأوا منه بطونهم - وهو في غاية الحرارة والمرارة - سُلِّط عليهم من العطش ما يضطرهم إِلى شرب الحميم الذي يقطع أمعاءهم، فيشربونه شرب الهيم وهي الإِبل التي بها الهيام وهو داء يصيبها فتشرب ولا تروى { هَـٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ٱلدِّينِ } أي هذه ضيافتهم وكرامتهم يوم القيامة، وفيه تهكم بهم قال الصاوي: والنُزُل في الأصل ما يهيأ للضيف أول قدومه من التحف والكرامة، فتسمية الزقوم نُزلاً تهكم بهم.






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=950860
التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-09-26, 15:54 رقم المشاركة : 2
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة الواقعة









* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق
{ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ظ±لْخَالِقُونَ } * { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ظ±لْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { عَلَىظ° أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـظ°لَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ظ±لنَّشْأَةَ ظ±لأُولَىظ° فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ظ±لزَّارِعُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } * { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } * { أَفَرَءَيْتُمُ ظ±لْمَآءَ ظ±لَّذِي تَشْرَبُونَ } * { ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ظ±لْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ظ±لْمُنزِلُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمُ ظ±لنَّارَ ظ±لَّتِي تُورُونَ } * { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ظ±لْمُنشِئُونَ } * { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } * { فَسَبِّحْ بِظ±سْمِ رَبِّكَ ظ±لْعَظِيمِ } * { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ظ±لنُّجُومِ } * { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } * { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } * { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } * { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ظ±لْمُطَهَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ظ±لْعَالَمِينَ } * { أَفَبِهَـظ°ذَا ظ±لْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } * { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } * { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ظ±لْحُلْقُومَ } * { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } * { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـظ°كِن لاَّ تُبْصِرُونَ } * { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } * { تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ظ±لْمُقَرَّبِينَ } * { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ } * { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ ظ±لْيَمِينِ } * { فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ظ±لْيَمِينِ } * { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ظ±لْمُكَذِّبِينَ ظ±لضَّآلِّينَ } * { فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ } * { وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } * { إِنَّ هَـظ°ذَا لَهُوَ حَقُّ ظ±لْيَقِينِ } * { فَسَبِّحْ بِظ±سْمِ رَبِّكَ ظ±لْعَظِيمِ }

المنَاسَبَة:
لما ذكر تعالى الأشقياء المجرمين وأحوالهم في نار جهنم، ذكر هنا الأدلة والبراهين على قدرة الله ووحدانيته في بديع خلقه وصنعه، لتقوم الحجة على المنكر المكذب بوجود الله، وختم السورة الكريمة بالتنويه بذكر أهل السعادة، وأهل الشقاوة، والسابقين إِلى الخيرات، ليكون ذلك كالتفصيل لما ورد في أول السورة من الإِجمال، والإِشادة بذكر مآثر المقربين في البدء والمآل.


اللغَة:
{ تَفَكَّهُونَ } تفكَّه بالشيء تمتَّع به، ورجلٌ فَكه منبسط النفس غير مكترث بشيء { ظ±لْمُزْنِ } السحاب جمع مُزْنة قال الشاعر:
ونحن كماء المُزن ما في نصابنا كَهَامٌ ولا فينا يُعدُّ بخيل{ تُورُونَ } أورى النار من الزناد قدحها { لِّلْمُقْوِينَ } المسافرين يقال أقوى الرجل إِذا دخل القواء وهو القفر، والقوى الجوع قال الشاعر:وإِني لأختار القوى طاوي الحشا محافظةً من أن يُقال لئيم{ مُّدْهِنُونَ } المدهن: الذي ظاهره خلاف باطنة، كأنه شُبّه بالدهن في سهولة ظاهره ومنه المداهنة { مَدِينِينَ } مجزيين ومحاسبين من الدين بمعنى الجزاء { فَرَوْحٌ } الرَّوح بفتح الراء الاستراحة { رَيْحَانٌ } الريحان: كل مشموم طيب الريح من النبات.

التفسِير:
{ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } أي نحن خلقناكم أيها الناسُ من العدم، فهلاَّ تصدقون بالبعث؟ فإِن من قدر على البدء قادرٌ على الإِعادة { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } أي أخبروني عمَّا تصبُّونه من المنيّ في أرحام النساء { أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ظ±لْخَالِقُونَ }؟ أي هل أنتم تخلقون هذا المنيَّ بشراً سوياً، أم نحن بقدرتنا خلقناه وصوَّرناه؟! قال القرطبي: وهذا احتجاج على المشركين وبيانٌ للآية الأولى والمعنى إِذا أقررتم بأنا خالقوه لا غيرنا فاعترفوا بالبعث { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ظ±لْمَوْتَ } أي نحن قضينا وحكمنا عليكم بالموت وساوينا بينكم فيه قال الضحاك: ساوى فيه بين أهل السماء والأرض، سواء في الشريف والوضيع، والأمير والصعلوك { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } أي وما نحن بعاجزين { عَلَىظ° أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ } أي على أن نهلككم ونستبدل قوماً غيركم يكونون أطوع لله منكم كقوله تعالى

{ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ }
[إبراهيم: 19] { وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي ولسنا بعاجزين أيضاً أن نعيدكم يوم القيامة في خلقةٍ لا تعلمونها ولا تصل إِليها عقولكم، والغرضُ أن الله قادر على أن يهلكهم وأن يعيدهم وأن يبعثهم يوم القيامة، ففي الآية تهديد واحتجاج على البعث { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ظ±لنَّشْأَةَ ظ±لأُولَىظ° } أي ولقد عرفتم أن الله أنشأكم من العدم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً، فخلقكم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة { فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } أي فهلا تتذكرون بأن الله قادر على إِعادتكم كما قدر على خلقكم أول مرة؟
{ أَوَلاَ يَذْكُرُ ظ±لإِنسَظ°نُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً }
[مريم: 67]؟! { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } هذه حجة أخرى على وحدانية الله وقدرته أي أخبروني عن البذر الذي تلقونه في الطين { أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ظ±لزَّارِعُونَ }؟ أي أأنتم تنبتونه وتنشئونه حتى يكون فيه السنبل والحبُّ أم نحن الفاعلون لذلك؟ فإِذا أقررتم أن الله هو الذي يخرج الحبَّ وينبت الزرع، فكيف تنكرون إِخراجه الأموات من الأرض؟ { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً } أي لو أردنا لجعلنا هذا الزرع هشيماً متكسراً لا ينتفع به في طعام ولا غيره قال القرطبي: والحُطام الهشيم الهالك الذي لا يُنتفع به في مطعم ولا غذاء، فنبههم بذلك على أمرين: أحدهما: ما أولاهم به من النعم في زرعهم ليشكروه الثاني: ليعتبروا في أنفسهم فكما أنه تعالى يجعل الزرع حُطاماً إِذا شاء، كذلك يهلكهم إِذا شاء ليتعظوا فينزجروا { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } أي فظللتم وبقيتم تتفجعون وتحزنون على الزرع مما حلَّ به وتقولون { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } أي إنا لمحمَّلون الغرم في إِنفاقنا حيث ذهب زرعنا وغرمنا الحبَّ الذي بذرناه { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } أي بل نحن محرومون الرزق، غرمنا قيمة البذر، وحُرمنا خروج الزرع { أَفَرَأَيْتُمُ ظ±لْمَآءَ ظ±لَّذِي تَشْرَبُونَ } أي أخبروني عن الماء الذي تشربونه عذباً فراتاً لتدفعوا عنكم شدة العطش { أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ظ±لْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ظ±لْمُنزِلُونَ } أي هل أنتم الذين أنزلتموه من السحاب أم نحن المنزلون له بقدرتنا؟ قال الخازن: ذكَّرهم تعالى نعمته عليهم بإِنزال المطر الذي لا يقدر عليه إِلا اللهُ عز وجل { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً } أي لو شئنا لجعلناه ماءً مالحاً شديد الملوحة لا يصلح لشرب ولا لزرع قال ابن عباس: { أُجَاجاً } شديد الملوحة وقال الحسن: مُرّاً زُعافاً لا يمكن شربه { فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } أي فهلاّ تشكرون ربكم على نعمه الجليلة عليكم؟! وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إِذا شرب الماء قال
" الحمد لله الذي سقانا عذباً فُراتاً برحمته، ولم يجعله ملحاً أُجاجاً بذنوبنا " { أَفَرَأَيْتُمُ ظ±لنَّارَ ظ±لَّتِي تُورُونَ } أي أخبروني عن النار التي تقدحونها وتستخرجونها من الشجر الرطب { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ظ±لْمُنشِئُونَ } أي هل أنتم الذين خلقتم شجرها أم نحن الخالقون المخترعون؟ قال ابن كثير: وللعرب شجرتان: إِحداهما المرخُ، والأُخرى العُفار، إِذا أُخذ منهما غصنان أخضران، فحُك أحدهما بالآخر تناثر من بينهما شرر النار، وقيل: أراد جميع الشجر الذي توقد منه النار، لما روي عن ابن عباس أنه قال: ما من شجرة ولا عود إِلا وفيه النار سوى العُناب { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً } أي جعلنا نار الدنيا تذكيراً للنار الكبرى " نار جهنم " إِذا رآها الرائي ذكر بها نار جهنم، فيخشى اللهَ ويخاف عقابه وفي الحديث " ناركم هذه التي توقدون جزءٌ من سبعين جزءاً من نار جهنم، فقالوا يا رسول الله: إِنْ كانت لكافية!! فقال: والذي نفسي بيده لقد فضّلت عليها بتسعة وتسعين جزءاً، كلهن مثل حرها "
{ وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } أي ومنفعةً للمسافرين قال ابن عباس: { المقوين } المسافرين، وقال مجاهد: للحاضر والمسافر، المستمتعين بالنار من الناس أجمعين قال الخازن: والمقوي النازلُ في الأرض القواء - وهي الأرض الخالية البعيدة عن العمران - والمعنى أنه ينتفع بها أهل البوادي والسُفَّار، فإِن منفعتهم أكثر من المقيم، فإِنهم يوقدون النار بالليل لتهرب السباع ويهتدي بها الضال إِلى غير ذلك من المنافع وهو قولِ أكثر المفسرين.. ولما ذكر دلائل القدرة والوحدانية في الإِنسان، والنبات، والماء، والنار، أمر رسوله بتسبيح الله الواحد القهار فقال { فَسَبِّحْ بِظ±سْمِ رَبِّكَ ظ±لْعَظِيمِ } أي فنزِّه يا محمد ربك عما أضافه إِليه المشركون من صفات العجز والنقص وقل: سبحان من خلق هذه الأشياء بقدرته، وسخَّرها لنا بحكمته، سبحانه ما أعظم شأنه، وأكبر سلطانه!! عدَّد سبحانه وتعالى نعمه على عباده، فبدأ بذكر خلق الإٍنسان فقال { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } ثم بما به قوامه ومعيشته وهو الزرع فقال { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } ثم بما به حياته وبقاؤُه وهو الماء فقال { أَفَرَأَيْتُمُ ظ±لْمَآءَ ظ±لَّذِي تَشْرَبُونَ } ثم بما يصنع به طعامه، ويصلح به اللحوم والخضار وهو النار فقال { أَفَرَأَيْتُمُ ظ±لنَّارَ ظ±لَّتِي تُورُونَ } فيا له من إله كريم، ومنعمٍ عظيم!! ثم شرع بالقسم على جلال القرآن ورفعته، وعلو شأنه ومنزلته، وأنه تنزيل العزيز الحكيم فقال { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ظ±لنُّجُومِ } اللام لتأكيد الكلام وتقويته، وزيادة " لا " كثير في كلام العرب ومشهور قال الشاعر:تذكرتُ ليلى فاعترتني صبابةٌ وكادَ نياطُ القلب لا يتقطَّعاي كاد يتقطع قال القرطبي: " لا " صلة في قول أكثر المفسرين والمعنى " فأقسم " بدليل قوله بعده { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ } أي فأقسم بمنازل النجوم وأماكن دورانها في أفلاكها وبروجها { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } أي وإِن هذا القسم العظيم جليل، لو عرفتم عظمته لآمنتم وانتفعتم به، لما في المقسم به من الدلالة على عظيم القدرة، وكمال الحكمة، وفرط الرحمة، ومن مقتضيات رحمته تعالى أن لا يترك عباده سُدى { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } هذا هو المقسم عليه، والمعنى أقسم بمواقع النجوم إِن هذا القرآن قرآن كريم، ليس بسحرٍ ولا كهانة وليس بمفترى، بل هو قرآن كريم مجيد، جعله الله معجزة لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وهو كثير المنافع والخيرات والبركات { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } أي في كتاب مصونٍ عند الله تعالى، محفوظ عن الباطل وعن التبديل والتغيير قال ابن عباس: هو اللوح المحفوظ، وقال مجاهد: هو المصحف الذي بأيدينا { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ظ±لْمُطَهَّرُونَ } أي لا يمس ذلك الكتاب المكنون إِلا المطهرون، وهم الملائكة الموصوفون بالطهارة من الشرك والذنوب والأحداث، أو لا يمسُّه إِلا من كان متوضئاً طاهراً قال القرطبي المراد بالكتاب المصحف الذي بأيدينا وهو الأظهر لقول ابن عمر " لا تمسَّ القرآن إلا وأنت طاهر " ولكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم
" وألاَّ يمسَّ القرآن إِلا طاهر " { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ظ±لْعَالَمِينَ } أي منزَّل من عند الله جل وعلا.. ثم لمَّا عظم أمر القرآن ومجَّد شأنه وبخ الكفار فقال { أَفَبِهَـظ°ذَا ظ±لْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } أي أفبهذا القرآن يا معشر الكفار تكذبون وتكفرون؟ { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } أي وتجعلون شكر رزقكم أنكم تكذبون برازقكم، وهو المنعم المتفضل عليكم؟ { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ظ±لْحُلْقُومَ } أي فهلاَّ إِذا بلغت الروح الحلقوم عند معالجة سكرات الموت { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } أي وأنتم في ذلك الوقت تنظرون إِلى المحتضر وما يكابده من شدائد وأهوال { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـظ°كِن لاَّ تُبْصِرُونَ } أي ونحن بعلمنا واطلاعنا أقرب إلى الميت منكم ولكنْ لا تعلمون ذلك، ولا تبصرون ملائكتنا الذين حضروه لقبض روحه قال ابن كثير: ومعنى الآية ملائكتنا أقرب إِليه منكم ولكن لا ترونهم كما قال تعالى
{ حَتَّىظ° إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ظ±لْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ }
[الأنعام: 61] { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } أي فهلاَّ إِن كنتم غير مجزيين بأعمالكم كما تزعمون { تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي تردون نفس هذا الميت إِلى جسده بعد ما بلغت الحلقوم قال ابن عباس: { غَيْرَ مَدِينِينَ } أي غير محاسبين ولا مجزيين قال الخازن: أجاب عن قوله { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ظ±لْحُلْقُومَ } وعن قوله { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } بجوابٍ واحد وهو قوله { تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ومعنى الآية: إِن كان الأمر كما تقولون أنه لا بعث ولا حساب، ولا إِله يجازي، فهلاّ تردون نفس من يعزُّ عليكم إِذا بلغت الحلقوم؟ وإِذا لم يمكنكم ذلك فاعلموا أن الأمر إِلى غيركم وهو الله تعالى فآمنوا به.. ثم ذكر تعالى طبقات الناس عند الموت وعند البعث، وبيَّن درجاتهم في الآخرة فقال { فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ظ±لْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ } أي فأما إِن كان هذا الميت من المحسنين السابقين بالدرجات العلا، فله عند ربه استراحة ورزق حسن وجنة واسعة يتنعم فيها قال القرطبي: والمراد بالمقربين السابقون المذكورون في أول السورة { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ ظ±لْيَمِينِ } أي وأما إِن كان المحتضر من السعداء أهل الجنة الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم { فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ظ±لْيَمِينِ } أي فسلامٌ لك يا محمد منهم، لأنهم في راحةٍ وسعادة ونعيم { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ظ±لْمُكَذِّبِينَ ظ±لضَّآلِّينَ } أي وأما إِن كان المحتضر من المنكرين للبعث، الضالين عن الهدى والحق { فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ } أي فضيافتهم التي يُكرمون بها أول قدومهم، الحميمُ الذي يصهر البطون لشدة حرارته قال في التسهيل: النُزل أول شيءٍ يُقدم للضيف { وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } أي ولهم إِصلاءٌ بنار جهنم وإِذاقة لهم من حرها { إِنَّ هَـظ°ذَا لَهُوَ حَقُّ ظ±لْيَقِينِ } أي إِن هذا الذي قصصناه عليك يا محمد من جزاء السابقين، والسعداء، والأشقياء لهو الحقُّ الثابت الذي لا شك فيه ولا ريب، وهو عين اليقين الذي لا يمكن إِنكاره { فَسَبِّحْ بِظ±سْمِ رَبِّكَ ظ±لْعَظِيمِ } أي فنزِّه ربك عن النقص والسوء، وعمَّا يصفه به الظالمون، لما نزلت هذه الآية الكريمة قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" اجعلوها في ركوعكم، ولما نزلت { سَبِّحِ ظ±سْمَ رَبِّكَ ظ±لأَعْلَىظ° } قال صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في سجودكم ".

البَلاَغَة:
تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:


1- جناس الاشتقاق
{ إِذَا وَقَعَتِ ظ±لْوَاقِعَةُ }
[الواقعة: 1] والجناس الناقص في قوله { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ }.

2- الطباق بين { ظ±لْمَيْمَنَةِ.. و ظ±لْمَشْأَمَةِ } وبين { ظ±لأَوَّلِينَ.. وَظ±لآخِرِينَ } وبين { خَافِضَةٌ.. رَّافِعَةٌ } وفي إِسناد الخفض والرفع إِلى القيامة مجاز عقلي، لأن الخافض والرافع على الحقيقة هو الله وحده، يرفع أولياءه ويخفض أعداءه، ونسب إِلى القيامة مجازاً كقولهم " نهاره صائم ".

3- التشبيه المرسل المجمل
{ حُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ ظ±للُّؤْلُؤِ ظ±لْمَكْنُونِ }
[الواقعة: 22ـ23] أي كأمثال اللؤلؤ في بياضه وصفائه، حذف منه وجه الشبه فهو مرسل مجمل.

4- التفخيم والتعظيم
{ وَأَصْحَابُ ظ±لْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ظ±لْيَمِينِ }
[الواقعة: 27] كرره بطريق الاستفهام تفخيماً.

5- التفنن بذكر أصحاب الميمنة ثم بذكر أصحاب اليمين، وكذلك بذكر المشئمة وذكر أصحاب الشمال
{ فَأَصْحَابُ ظ±لْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ظ±لْمَيْمَنَةِ }
[الواقعة: 8]
{ وَأَصْحَابُ ظ±لْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ظ±لْيَمِينِ }
[الواقعة: 27].

6- تأكيد المدح بما يشبه الذم
{ لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً }
[الواقعة: 25-26] لأن السلام ليس من جنس اللغو والتأثيم، فهو مدح لهم بإِفشاء السلام، وهذا كقول القائل " لا ذنب لي إِلا محبتُك ".

7- التهكم والاستهزاء
{ هَـظ°ذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ظ±لدِّينِ }
[الواقعة: 56] أي هذا العذاب أول ضيافتهم يوم القيامة ففيه سخرية وتهكم بهم لأن النزل هو أول ما يقدم للضيف من الكرامة.

8- الالتفات من الخطاب إِلى الغيبة
{ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ظ±لضِّآلُّونَ ظ±لْمُكَذِّبُونَ }
[الواقعة: 51] - ثم قال بعد ذلك ملتفتاً عن خطابهم
{ هَـظ°ذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ظ±لدِّينِ }
[الواقعة: 56] وذلك للتحقير من شأنهم، والأصل هذا نزلكم.

9- الجملة الاعتراضية وفائدتها لفت الأنظار إِلى أهمية القسم { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } جاءت الجملة الاعتراضية { لَّوْ تَعْلَمُونَ } بين الصفة والموصوف للتهويل من شأن القسم.

10- توافق الفواصل في الحرف الأخير مما يزيد في رونق الكلام وجماله مثل
{ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ * وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ }
[الواقعة: 28-30] ومثل
{ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ظ±لْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ ظ±لْهِيمِ }
[الواقعة: 54-55] ويسمى هذا بالسجع المرصَّع وهو من المحسنات البديعية.

لطيفَة:
المناسبة بين المقسم به وهو النجوم وبين المقسم عليه وهو القرآن { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ظ±لنُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } أن النجوم جعلها الله ليهتدي بها الناس في ظلمات البر والبحر، وآيات القرآن يُهتدى بها في ظلمات الجهل والضلالة، وتلك ظلمات حسية، وهذه ظلمات معنوية، فالقسم هنا جاء جامعاً بين الهدايتين: الحسية للنجوم، والمعنوية للقرآن، فهذا وجه المناسبة والله أعلم.






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-10-27, 20:48 رقم المشاركة : 3
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: تفسير سورة الواقعة


-*************************-
شكرا جزيلا لك..بارك الله فيك

بوركت و بوركت جهودك


وفقك الله لما يحبه و يرضاه

-**************************-






    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 09:44 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd