منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   مهنة الاطار الاداري (https://www.profvb.com/vb/f442.html)
-   -   مظاهر الإصلاح في الإدارة التربوية (https://www.profvb.com/vb/t178576.html)

الحسن ايت سموكن 2017-09-20 00:08

مظاهر الإصلاح في الإدارة التربوية
 
تقديم :
مما لا شك فيه أن متطلبات دينامية النمو والتطور المسارع تستدعي بين الفينة والأخرى عملية التدخل الإصلاحي للإدارة التربوية. فالمستجدات المتدفقة، والأدوار الجديدة للمؤسسة التربوية كلها عوامل ألقت بظلالها على هذه الإدارة، وفرضت عليها الانسياق وفق الصيرورة الطبيعية للتطور، من خلال تصحيح مسارها وتحيين آلياتها. وفي هذا الإطار يمكن اعتبار توجهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين وما تلاه من منتديات للإصلاح، أحد أوجه هذا المسار التصحيحي.
وإذا كان مفهوم الإصلاح أو التصحيح يحيل على وجود وضع مأزوم فإنه يحق لنا أن نتساءل عن مظاهر هذه الأزمة في إدارتنا التربوية وعن ماهية الاختلالات والعوائق التي تحد من فعاليتها، لعلنا،ونحن نضع تشخيصا للداء نهتدي إلى طرق العلاج.
1- الواقع والمنطلقات :
لقد ظلت إدارتنا التربوية حبيسة الإرث الثقيل "للنظام الباتريمونيالي التقليدي" بتعبير ماكس فيبر، والذي يقوم على شخصنة السلطة، وتقديس الرؤساء، والطاعة العمياء للأوامر، بما يشبه علاقة الشيخ بالمريد كما صورها الباحث المغربي عبد الله حمودي. وقد ساهم هذا النوع من العلاقات في الإدارة عامة والإدارة التربوية خاصة في إرساء الزبونية والمحسوبية، وأضعف روح المسؤولية، وعطل آليات المراقبة والمحاسبة والضبط، فكان أن تنامت شتى أنواع الانحرافات في التسيير والتدبير سواء على المستوى المركزي، أو الجهوي أو المحلي، وأصبحنا نسمع عن موظفين أشباح، واختلاسات مالية، وسرقات في المطاعم المدرسية، والدا خليات، وأصبحت التكليفات والتعيينات تحكمها معايير القبلية والأسرية والحزبية، بل تحكمها سلوكيات أشد حساسية كالرشاوى والهدايا والولائم...
وهكذا تبث بالملموس أن الجهاز الإداري التربوي يعيش أزمة حقيقية على مستوى التسيير.
أما على مستوى الإدارة المدرسية، فنجد المدير ينزع إلى التقيد بحرفية النصوص والمذكرات والمناشير دون أدنى اجتهاد في التعامل مع مقتضياتها، والرجوع دائما إلى الجهات العليا في كل صغيرة و كبيرة، عاجزا عن اتخاذ أي قرار قبل التوصل بالتعليمات الفوقية.
أما مسألة انفتاح المؤسسة التربوية على محيطها، فهي شعار ليس إلا ما دامت آليات هذا الانفتاح لا زالت معطلة، وشروط الاندماج منعدمة. فمن جهة تجد المدير لا يؤمن بالعمل التشاركي ولا بنجاحاته، ويجد ضالته في الانغلاق وروتينية الانشغالات المكتبية، ومن جهة أخرى تبدو المدرسة بعيدة عن صفتها الاجتماعية – الإنسانية، غير مضيافة ولا ذات جاذبية أو جديرة بالاحترام، فكان أن هجرها شركاؤها، ورفضتها بيئتها، فتعرضت إلى شتى أنواع التخريب والتشويه.
وفيما يخص مقاييس انتقاء أطر الإدارة التربوية، فلا زالت تسيل كثيرا من المداد، على اعتبار أن اختيارات مديري، وإداري المؤسسات التربوية من بين مدرسين قضوا مدة معينة في مجال التدريس، ليس معيارا كافيا، إذ أنه في رأي الباحث مارسيل بلانت "أشبه بالمكافأة"، في حين "لا مجال للمكافآت في التنظيمات الإدارية المعقلنة بل الاعتبار كل الاعتبار لمبدأ الكفاءة والصلاحية".مارسيل بلانت-"إدارة مؤسسة تعليمية"-1994.
لقد أثبتت التجارب أن مهمة التدريس المحدودة في الزمان والمكان، ومع مجموعة محدودة من المتعلمين، لا تعطي المشروعية ولا الضمانات الكافية لقيادة مؤسسة تربوية بكل مكوناتها المعقدة والمتشعبة. إن للإدارة عالمها الخاص الذي يتطلب كفاءات إضافية وعلاقات جديدة مع المحيط والتلاميذ والمدرسين وكل الفاعلين من داخل المؤسسة وخارجها.
كما أن الإدارة التربوية لا زالت تعترضها جملة من الاكراهات نذكر منها :
- ضعف الطاقم المساعد على إنجاز مهام الإدارة التربوية،
- تشعب وتداخل المسؤوليات والمهام المطلوب انجازها والتي تتطلب مؤهلات خاصة،
- ضعف التحفيز والتشجيع بالنظر إلى المجهودات المبذولة،
- ضعف تأهيل المؤسسات وتزويدها بالوسائل الكافية والتكنولوجبا الحديثة،
نقص في التكوين الأساسي والمستمر في مجال التدبير التربوي والإداري والمالي.
2-الإطار المؤسساتي للإدارة العمومية :
ارتباطا بالمكانة المتميزة للإدارة التربوية كمكون أساسي داخل النسق التربوي، واعتبارا لدورها الهام والحساس في ترجمة مقتضيات الإصلاح على أرض الواقع ، بادرت السلطات المكلفة بالتربية والتكوين إلى إصدار مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية انطلاقا من سنة 2002 قصد الرفع من الوضع الاعتباري للإدارة التربوية وللمؤسسات التعليمية.
وتتمثل أهم المراسيم والقرارات والمذكرات المنظمة للإدارة التربوية فيما يلي :
- مرسوم رقم 376-02-2 بتاريخ 8 ذي الحجة 1423 (17 يوليوز 2007) بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية و التعليم العمومي.ومن بين ما تضمنه هذا المرسوم تحديد أطر الإدارة التربوية في كل مؤسسة للتربية و التعليم العمومي،والمهام المسندة لكل إطار.
- مرسوم رقم 8582-02-2بتاريخ 8 ذي الحجة 1423(10فبراير2003).وقد حدد هذا المرسوم المبالغ المالية السنوية المخولة لأطر الإدارة التربوية المكلفين بتسيير مؤسسات التربية والتعليم العمومي؛
- قرار رقم 04-764 الصادر بتاريخ 29 صفر 1425 ( 20 أبريل 2006)، ويحدد كيفيات وضع لوائح الأهلية لشغل مهام الإدارة التربوية بمؤسسات التربية والتعليم العمومي؛
- قرار رقم 05-1849 بتاريخ 2 رجب 1426 ( 8 غشت 2005)، ويحدد شروط وكيفيات تنظيم التكوين الخاص لفائدة أطر الإدارة التربوية. بحيث تحددت بمقتضى هذا القرار شروط إقرار المسؤول الإداري في منصبه منها تكوينات نظرية وميدانية وتتبع من طرف لجان إقليمية مختصة.
- مقرر وزاري بتاريخ 13 أكتوبر 2005، ويحدد كيفيات تنظيم المقابلة لانتقاء المديرين ومديري الدراسات بمؤسسات التربية والتعليم العمومي؛
- مذكرة رقم 143 بتاريخ 20 أكتوبر 2006، وتحدد شروط وكيفيات تنظيم التكوين الخاص لفائدة الأطر المكلفة بمهام الإدارة التربوية للموسم الدراسي 2007-2006
- مذكرة رقم 17 بتاريخ 2 مارس 2006، وتحدد شروط وكيفيات تنظيم التكوين الخاص لفائدة الأطر المكلفة بمهام الإدارة التربوية.
- مشروع قرار لمراجعة القرار 04-764 بتحديد كيفيات وضع لوائح الأهلية لشغل مهام الإدارة التربوية، ويهدف هذا القرار المعروض على مسطرة المصادقة، إلى توسيع قاعدة الترشيح لشغل منصب الإدارة التربوية، من خلال فتح المجال أمام أطر أخرى ظلا مقصية بمقتضى القرار السابق، مثل المستشارين في التوجيه والتخطيط، والمفتشين الملحقين التربويين، وملحقي الاقتصاد والإدارة.
- مشروع مرسوم بتعديل المرسوم رقم 858-02-2 بشان التعويضات المخولة لأطر الإدارة التربوية، وذلك قصد الرفع من قيمة هذه التعويضات.
3- سياقات الارتقاء بالإدارة التربوية :
يندرج قرار تنظيم منتديات الإصلاح لسنة 2007 حول موضوع " الارتقاء بالإدارة التربوية" بشكل عام ضمن اعتبارات ذات أبعاد متصلة بسياق التوجه الإنمائي والحكامي والذي يهدف إلى تثمين "قواعد مغرب قوي حداثي وديمقراطي" وذلك من خلال :
- دعم المسار الديمقراطي وتوسيع مجالات حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية، وترسيخ قيم المواطنة ومحاربة مظاهر الفساد؛
- تعزيز آليات اللامركزية واللاتركيز سعيا لإرساء سياسة القرب في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وممارسة الديمقراطية المحلية والجهوية؛
- ترجمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى برامج ومشاريع تنموية قابلة للانجاز؛
- اعتماد النهج التشاركي الإنمائي بين مختلف فعاليات المجتمع المغربي وتعزيز التعاون المثمر مع كافة المتدخلين؛
- استعمال برامج مد الوسط القروي بالكهرباء والماء الصالح للشرب، وفك العزلة عن مناطقه الجبلية والنائية؛
- تعزيز التجهيزات والمشاريع العمرانية المتمثلة في خلق مدن جديدة، وإعادة هيكلة النسيج الشبه الحضري.
كما يندرج قرار تنظيم هذه المنتديات في سياق تطور النظام التربوي وما تراكم من منجزات خلال السنوات السبع الأولى من العشرية الوطنية للتربية والتكوين.
3.1- رهانات الإدارة التربوية :
ولعل السياقان العام والخاص يضعان الإدارة التربوية أمام رهانات حاسمة على درب استكمال إصلاح المنظومة التربوية ونذكر منها :
- تثبيت مكتسبات الإصلاح وإثمارها؛
- استكمال الإصلاح ضمن مناخ من التعبئة والانخراط الفعلي والجماعي؛
- مواصلة استقطاب الفئات غير الممدرسة لتلج المدرسة وتتوفر لها المساواة في فرص التعلم والتأهيل للحياة العملية المنتجة؛
- المواءمة بين الحاجيات والإمكانات بترشيد استعمال الوسائل المتاحة؛
- الرفع من المردودية الداخلية للنظام التربوي ومحاربة جميع أشكال الهدر؛
- تثبيت شروط وظروف الارتقاء بجودة التعليم على صعيد مؤسسات التربية والتعليم؛
- تثبيت آليات التأطير وتقويم الأداء التربوي وتقييم مدارك التلاميذ على صعيد مؤسسات التربية والتعليم؛
- استثمار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تحديث الإدارة التربوية، وفي تأهيل التلاميذ.
4- خطة الارتقاء بالإدارة التربوية :
لقد وضعت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، خطة للارتقاء بالإدارة التربوية سعيا وراء كسب رهانات مسار الإصلاح التربوي الشامل الذي تعبأت له كل الفعاليات، واعتبرته الدولة المغربية قضيتها الثانية بعد قضية استكمال الوحدة الترابية. وقد اتضح بجلاء للقائمين على الشأن التربوي، أن تنصب الجهود في المرحلة الراهنة، على المحاور التالية :
- تحسين الوضع القائم؛
- تأهل وتأهيل الإدارة التربوية؛
- تثمين الإدارة التربوية؛
- إرساء وأعمال " مشروع المؤسسة" و"الأحواض المدرسية"؛
- دعم سياسة اللامركزية و اللاتمركز.
4.1- تحسين الوضع القائم :
من أجل دعم الإدارة التربوية، اتخذت السلطات التربوية مجموعة من الإجراءات نذكر منها :
- دعم هيئة التأطير الإداري، وذلك من خلال تعزيزها بعدد إضافي يصل إلى 2652 إطارا خلال الفترة ما بين 2000 إلى 2006، وقد هم الدعم، على وجه الخصوص مؤسسات التربية والتعليم بالوسط القروي.
- تحديث الإدارة التربوية عن طريق استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات : ويستهدف هذا البرنامج تعميم تكنولوجيا المعلومات والاتصال وربط كافة مؤسسات التربية والتعليم العمومي (8604 مؤسسة) بشبكة الانترنيت في أفق السنة الدراسية 2009/2008.
وتهدف هذه العملية إلى تحديث أساليب انجاز الخدمات والمهام التعليمية ضمن شروط تخفف من أعباء هيئة الإدارة ، فضلا عن تحسين جودة الخدمات المقدمة للتلاميذ و تأهيل الموارد البشرية الإدارية و التربوية الفاعلة بالمؤسسة.
- إقرار تعويضات لصالح هيئة الإدارة التربوية: تم ابتداء من فاتح شتنبر 2002 إقرار تعويضات لصالح أطر الإدارة التربوية المكلفين بتسيير مؤسسات التربية والتعليم العمومي، وتهم التعويضات عن الأعباء والتعويضات عن السكن في حالة عدم توفر سكن وظيفي.
- إحداث مجالس التدبير كآلية جديدة للتأطير التربوي والإداري على مستوى المؤسسات التربوية. وقد تم إحداث مجالس التدبير بموجب المرسوم رقم 376-02-2 الصادر بتاريخ 17 يوليوز 2007 بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي وذلك استجابة لتوجهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجال التسيير والتدبير، وتجسيدا لنهج اللامركزية واللاتركيز من خلال تولي هذه المجالس مهام تطبيق السياسة التربوية على مستوى المؤسسات جنبا إلى جنب مع الإدارة التربوية مما ساهم في توسيع دائرة التشاور وإبداء الرأي وإشراك جميع الفاعلين في تدبير شؤون المؤسسة التعليمية.
- إقرار مسطرة جديدة لإسناد المناصب الإدارية، ومسطرة جديدة للإقرار في المنصب بالإضافة إلى توسيع قاعدة الترشيح لإسناد مناصب الإدارة التربوية.
4.2- تأهل وتأهيل الإدارة التربوية :
يقتضي الارتقاء بجودة الإدارة التربوية تأهلها الذاتي والجماعي، من خلال استيعابها للدور الجديد، والمهام والمسؤوليات والاضطلاع بها بفاعلية ونجاعة .
وهكذا تكمن المهمة المركزية للإدارة التربوية، بمقتضى الميثاق الوطني للتربية والتكوين، في: "التحلي بموقف، اتجاه المتعلمين، قوامه التفهم والإرشاد والمساعدة على التقوية التدرجية لسيرورتهم الفكرية والعلمية، وتنشئتهم على الاندماج الاجتماعي واستيعاب القيم الدينية والوطنية والاجتماعية," و"جعل المعلمين في قلب الاهتمام والتفكير والفعل خلال العملية التربوية مع جعل مصلحتهم فوق كل اعتبار ومعاملتهم على قدم المساواة." الميثاق الوطني
أما فيما يخص الواجبات المركزية، فإن الميثاق الوطني قد حددها فيما يلي :
- العناية بالمؤسسات من كل الجوانب،
- الاهتمام بمشاكل المتعلمين ومشاكل المدرسين والعمل على إيجاد حلول لها؛
- تتبع أداء الجميع وتقويمه.
- الحوار والتشاور مع المدرسين والآباء والأمهات وأولياء التلاميذ وشركاء المؤسسة.
كما أنه في ظل التحولات التي يعرفها نظام التربية، فقد أصبح من الأولويات تأهل الإدارة التربوية للاضطلاع بمهام حيوية ومصيرية في تمتين المكتسبات واستكمال الإصلاح، ومن أهم هذه المهام الحيوية :
- ترسيخ ثقافة أداء الواجب والمطالبة بالحقوق؛
- الارتقاء بأوضاع المؤسسة التعليمية إلى مستويات تكفل شروط التعليم الجيد؛
- التدبير الأمثل للوسائل الموضوعية رهن إشارة المؤسسة المادية منها والمالية والبشرية؛
- الحيلولة دون مختلف أشكال التبذير في الزمن وفي استغلال الحجرات والتجهيزات وفي استهلاك الماء والكهرباء؛
- إعداد وإعمال بنيات تربوية ذات مردودية مثلى؛
- المساهمة الفعلية في الحد من الهذر المدرسي بكافة أشكاله وخصوصا الانقطاع عن الدراسة والعمل على أن يكون الفصل عن الدراسة أمرا استثنائيا؛
- الإسهام في جعل المؤسسة فضاء للإبداع والتنافس لدعم تنشئة التلاميذ وترسيخ قيم المواطنة لديهم.
وبالمقابل فإن تأهل الإدارة التربوية واستعدادها على المستوى الفردي والجماعي للاضطلاع بمهامها وواجباتها، يستدعي تأهيلها وذلك بمدها بمختلف الوسائل الداعمة لممارسة اختصاصاتها.
وهكذا فإن السلطات المركزية والجهوية والإقليمية لقطاع التربية الوطنية، مطالبة بـ :
- مد المؤسسات التربوية بالاعتمادات الضرورية لتسييرها؛
- دعم الإدارة التربوية بموارد بشرية إضافية؛
- توفير التكوين الأساسي والمستمر لفائدة هيئة الإدارة التربوية؛
- إعطاء استقلالية أكبر لمؤسسات التربية والتعليم العمومي في مجال التدبير المالي؛
- تحديث تدبير مؤسسات التربية والتعليم العمومي من خلال إدخال تكنولوجيا الإعلاميات والاتصالات، مع دعمها بالأطر التقنية؛
يبدو إذن بالنظر للدور الحيوي المنوط بالإدارة التربوية، أن المقاربة الشمولية للسلطات التربوية تروم إرساء إدارة ذات مواصفات احترافية ومهنية، من حيث الشروط النظامية والبعد التكويني، لذلك ينصب التفكير حاليا حول إمكانية إحداث مؤسسة خاصة بتكوين أطر هيئة الإدارة التربوية.
4.3- تثمين الإدارة التربوية :
نظرا للدور الحيوي المنوط بالإدارة كحلقة مهمة في النسق التربوي، واعتبارا لتعدد مهامها وتشعب مسؤولياتها، وصعوبة ظروف الاضطلاع بها، فإن خطة الارتقاء بالإدارة التربوية تضمنت مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى تثمين الدور الذي تقوم به الإدارة التربوية، وهكذا ارتكز اهتمام السلطات التربوية المركزية على تحفيز الموارد البشرية والارتقاء بظروف عملها من خلال مجموعة من التدابير نذكر منها :
- توفير الشروط اللازمة لضمان استقرار هيئة الإدارة التربوية في مهامها والاهتمام بظروفها الاجتماعية التي قد تحول دون هذا الاستقرار؛
- تدليل الصعوبات المرتبطة بالسكنيات الوظيفية بالحيلولة دون عدم احترام حرمة السكن الوظيفي المخصص لأطر الإدارة التربوية؛
- الرفع من تعويضات الإدارة التربوية ( المديرون، النظار، رؤساء الأشغال، الحراس العامون) لتتناسب مع الأعباء؛
- تخويل امتيازات مادية ومعنوية للمديرين يتناسب مع حجم ونوع المؤسسة وموقعها؛
- تخصيص تعويضات للتنقل للمديرين وخاصة بالبوادي؛
- مراعاة وضعية أطر الإدارة التربوية بخصوص الترقية الداخلية والامتحانات المهنية.
بالإضافة إلى ذلك فإن الوزارة أقرت بعض مشاريع النصوص التنظيمية المندرجة، في إطار تفعيل وأجرأة التدابير السالفة الذكر، ونذكر منها مشروع مرسوم يقضي بمراجعة مضامين المادة 10 من المرسوم رقم 376-02-2 المشار إليه سابقا، وذلك من خلال إسناد مهمة تسيير فرع المدرسة الابتدائية التي يتجاوز عدد أقسامه ثلاثة إلى أستاذ التعليم الابتدائي من بين العاملين في الفرع، دون إعفائه من تقديم حصته الأسبوعية كاملة في التدريس. وبموازاة مع هذا المشروع، هناك مشروع إحداث تعويض عن الأعباء الإدارية لفائدة أستاذ التعليم الابتدائي المكلف بتسيير الفرع، حددت مقاديره في 6000 درهم. كما أن هناك مشروع مرسوم يقضي برفع المقادير السنوية عن الأعباء الإدارية بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، ومشروع قرار يقضي بمراجعة قرار وزير التربية الوطنية والشباب رقم 04-764 الصادر في 20 ابريل 2004، بتجديد كيفية وضع لوائح الأهلية لشغل مهام الإدارة التربوية بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، وذلك ليفسح المجال أمام فئات أخرى كانت محرومة من الترشح لشغل مناصب الإدارية التربوية كالمستشارين في التوجيه والتخطيط، والمفتشون وملحقو الإدارة والاقتصاد والملحقون التربويون.

4.5- إرساء وإعمال مشروع المؤسسة :
يعتبر مشروع المؤسسة الإطار المجسد للأنشطة التي تهدف إلى تفعيل الحياة المدرسية، وكما يعتبر المرآة التي تعكس نتائج مهام ومسؤوليات وأداء الإدارة التربوية في سعيها إلى الارتقاء بجودة الخدمات التي تقدمها المؤسسة. وعلى هذا الأساس فقد أولته الوزارة أهمية خاصة من خلال وضع برنامج متكامل لإرساء " مشروع المؤسسة" على صعيد مؤسسات التربية والتعليم العمومي خلال الفترة ما بين 2006و 2009.
وبموازاة مع ذلك سيتم انجاز العمليات التالية:
- تكوين مجموعة من الأطر لتوفير القدرات المؤهلة لتأطير عملية إعداد مشروع المؤسسة؛
- تكوين 1200 مجلسا في مجال إعداد مشروع المؤسسة؛
- وضع وإعمال مشروع المؤسسة على صعيد 1200 مؤسسة للتربية والتعليم العمومي؛
- تعميم مشروع المؤسسة على باقي مؤسسات التربية والتعليم العمومي؛
4.6- إرساء وإعمال مشروع الحوض المدرسي :
يقصد بالحوض المدرسي مجموعة من المؤسسات التعليمية الابتدائية التي تشكل روافد لثانوية إعدادية وقد استحدث الحوض المدرسي في إطار مشاريع التعاون الثنائي توخيا لمقاربة قضايا والتكوين على صعيد المؤسسات التعليمية المكونة له.
وقد تم إدراج عملية إرساء وإعمال مشروع الحوض المدرسي ضمن خطة الارتقاء بالإدارة التربوية انطلاقا من الدور الذي يلعبه كإطار وظيفي لتنمية التمدرس ودعم تحسين الجودة وتعزيز الترابط بين الثانويات الإعدادية والروافد، وكمجال جغرافي وتربوي لبلورة مختلف الأنشطة والتدابير الرامية إلى دعم جهود الإصلاح في إطار من التعاون والتشاور والتنسيق، في أفق أن يصبح من الممكن تفويض الاعتمادات للثانوية الإعدادية لتغطية حاجيات المؤسسات المكونة للحوض المدرسي، مع إمكانية التتبع المادي والمحاسباتي للعمليات التي تندرج في هذا الإطار.
4.7- دعم اللامركزية واللاتمركز في التسيير والتدبير :
لقد أقر الميثاق الوطني للتربية والتكوين في دعامته الخامسة عشر، نهج سياسة اللامركزية واللاتركيز في قطاع التربية والتكوين كاختيار استراتيجي وحاسم في عملية الإصلاح. وقد جاء ذلك تطبيقا لمقتضيات الدستور والقوانين المنظمة للجهات والجماعات المحلية من جهة، و "اعتبارا لضرورة ملاءمة التربية والتكوين للحاجات والظروف الجهوية والمحلية ، ومن أجل التسهيل والترشيد السريع لمساطر تدبير العدد المتزايد من التجهيزات الأساسية، والعدد المتعاظم للمتعلمين والمؤطرين في قطاع التربية والتكوين".الميثاق الوطني: المادة 144.
وهكذا فإن إعادة هيكلة الإدارة على أساس اللامركزية واللاتمركز سوف يساهم في النقل التدريجي للسلط والاختصاصات من المركز إلى الأكاديميات الجهوية والنيابات الإقليمية وشبكات التربية والتكوين وكذا على صعيد كل مؤسسة، مما سيساهم في اتخاذ القرارات والبث بالفعالية والسرعة المطلوبتين في العديد من القضايا ذات البعد الإصلاحي، كما أنه سيساهم في " إطلاق المبادرات البناء، وضبط المسؤوليات في جميع أرجاء البلاد لحل المشكلات العملية للقطاع في عين المكان، بأقرب ما يمكن من المؤسسات التعليمية والتكوينية،" نفس المرجع أعلاه.
فعلى صعيد الجهة، تمت إعادة هيكلة نظام الأكاديميات لتصبح سلطة جهوية للتربية والتكوين لا متمركزة ولا ممركزة ومزودة بالموارد البشرية والمادية اللازمة للقيام بأدوارها وممارسة اختصاصاتها.
وعلى صعيد الإقليم، فقد أصبحت المصالح الإقليمية للتربية والتكوين تعمل تحت إشراف هيئة إقليمية للتربية والتكوين تشكل عل غرار الهيئة الجديدة للأكاديميات الجهوية.
وعلى الصعيد المحلي، سيتم إنشاء شبكات محلية للتربية والتكوين يشرف عليها مكتب للتسيير مكلف من مديري المدارس والمؤسسات المرتبطة ضمن نفس الشبكة، وممثلين عن المدرسين وآباء التلاميذ وعن الهيئات المهنية المحلية. وستقوم هذه الشبكات بتدبير القطاع جزئيا على الصعيد المحلي كالإشراف على إعداد البرامج الدراسية وتنفيذها، وتنسيق انتقالات التلاميذ والمدرسين بين المؤسسات المنضوية تحت نفس الشبكة.
أما على صعيد المؤسسات التربوية فإن الميثاق الوطني أوكل تسيير كل مؤسسة للتربية والتكوين إلى مدير ومجلس للتدبير يمثل فيه المدرسون وآباء وأولياء التلاميذ وشركاء المدرسة في مجالات الدعم المادي أو التقني أو الثقافي ويساعد هذا النهج على إرساء النمط الديمقراطية التشاركي للإدارة التربوية، وذلك من خلال توسيع دائرة المشاركة واتخاذ القرار، مما سيساهم دون شك في تقليص هامش الخطأ، ويرفع من الأداء والمردودية، ويسهل المراقبة والمتابعة.






الساعة الآن 11:55

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd