الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي > مدرسة القرآن والسنة > تفسير


شجرة الشكر2الشكر
  • 1 Post By أم سهام
  • 1 Post By خادم المنتدى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2017-09-16, 18:36 رقم المشاركة : 1
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي تفسير سورة النجم



* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق
{ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } * { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } * { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } * { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } * { ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ } * { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } * { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } * { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } * { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } * { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } * { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } * { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } * { عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ } * { عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ } * { إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ } * { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } * { لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ } * { أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ } * { وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } * { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ } * { تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } * { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ } * { فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } * { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلأُنْثَىٰ } * { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } * { فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } * { وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } * { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ إِلاَّ ٱللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ }

اللغَة:
{ هَوَىٰ } هوى يهوي إذا سقط إِلى أسفل { مِرَّةٍ } المِرَّة بكسر الميم القوة قال قطرب: تقول العرب لكل جزل الرأي حصيف العقل: ذو مرَّة { تَدَلَّىٰ } التدلي: الامتداد من أعلى إِلى أسفل يقال: تدلّى الغصن إِذا امتد نحو الأسفل { قَابَ } قدر قال في البحر: القابُ والقاد والقيد: المقدار { ضِيزَىٰ } جائرة مائلة عن الحق يقال: ضاز في الحكم أي جار، وضازه حقه أي بخسه قال الشاعر:
ضازت بنو أسدٍ بحكمهم إِذْ يجعلون الرأس كالذَنب{ ٱللَّمَمَ } الصغائر من الذنوب قال الزجاج: أصل اللَّمم ما يعمله الإِنسان المرَّة بعد المرة ولا يقيم عليه يقال: مافعلتُه إِلا لمماً ولِماماً { أَجِنَّةٌ } جمع جنين وهو الولد ما دام في البطن سمي جنيناً لاستتاره.

التفسِير:
{ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } أي أقسمُ بالنجم وقت سقوطه من علو قال ابن عباس: أقسم سبحانه بالنجوم إِذا انقضَّت في إِثر الشياطين حين استراقها السمع وقال الحسن: المراد في الآية النجوم إِذا انتثرت يوم القيامة كقوله

{ وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ }
[الإنفطار: 2] قال ابن كثير: الخالق يُقسم بِما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي أن يُقسم إِلا بالخالق { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ } أي ما ضلَّ محمدٌ عن طريق الهداية، ولا حاد عن نهج الاستقامة { وَمَا غَوَىٰ } أي وما اعتقد باطلاً قط بل هو في غاية الهدى والرشد قال أبو السعود: والخطاب لكفار قريش، والتعبير بلفظ { صَاحِبُكُمْ } للإِيذان بوقوفهم على تفاصيل أحواله، فإِن طول صحبتهم له، ومشاهدتهم لمحاسن أوصافه العظيمة مقتضيةٌ ذلك { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } أي لا يتكلم صلى الله عليه وسلم عن هوى نفسي ورأي شخصي { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } أي لا يتكلم إِلا عن وحيٍ من الله عزَّ وجل قال البيضاوي: أي ما القرآن إِلا وحيٌ يوحيه الله إِليه { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } أي علَّمه القرآن ملكٌ شديدٌ قواه وهو جبريل الأمين قال المفسرون: ومما يدل على شدة قوته أنه قلع قرى قوم لوط وحملها على جناحه حتى بلغ بها السماء ثم قلبها، وصاح بثمود فأصبحوا خامدين، وكان هبوطه بالوحي على الأنبياء أو صعوده في أسرع من رجعة الطرف { ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ } أي ذو حصافة في العقل، وقوةٍ في الجسم، فاستقرَّ جبريل على صورته الحقيقية { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } أي وهو بأفق السماء حيث تطلع الشمس جهة المشرق قال ابن عباس: المراد بالأفق الأعلى مطلع الشمس قال الخازن: كان جبريل يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة الآدميين كما كان يأتي الأنبياء قبله، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريه نفسه على صورته التي جُبل عليها، فأراه نفسه مرتين مرةً في الأرض، ومرة في السماء، فأما التي في الأرض فبالأفق الأعلى أي جانب المشرق حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء فطلع عليه جبريل من ناحية المشرق وفتح جناحيه فسدَّ ما بين المشرق والمغرب، فخرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مغشياً عليه، فنزل جبريل في صورة الآدميين فضمَّه إِلى نفسه وجعل يمسح الغبار عن وجهه وهو قوله { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } وأما التي في السماء فعند سدرة المنتهى، ولم يره أحدٌ من الأنبياء على صورته الملكية التي خُلق عليها إِلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } أي ثم اقترب جبريل من محمد وزاد في القرب منه { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } أي فكان منه على مقدار قوسين أو أقل قال الألوسي: والمراد إِفادة شدة القرب فكأنه قيل: فكان قريباً منه { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } أي فأوحى جبريل إِلى عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى إِليه من أوامر الله عز وجل { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } أي ما كذب قلب محمد ما رآه ببصره من صورة جبريل الحقيقية قال ابن مسعود: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته وله ستمائة جناح، كل جناحٍ منهما قد سدَّ الأفق، يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما اللهُ به عليم { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ }؟ أي أفتجادلونه يا معشر المشركين على ما رأى ليلة الإِسراء والمعراج؟ قال في البحر: كانت قريش حين أخبرهم صلى الله عليه وسلم بأمره في الإِسراء كذبوا واستخفوا حتى وصف لهم صلى الله عليه وسلم بيت المقدس، والجمهور على أن المرئي مرتين هو جبريل، وعن ابن عباس وعكرمة أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعيني رأسه، وأنكرت ذلك عائشة وقالت إِنه رأى جبريل في صورته مرتين ثم قال أبو حيان: والصحيح أن جميع ما في هذه الآيات هو مع جبريل بدليل قوله تعالى { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } فإِنه يقتضي مرة متقدمة { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } أي رأى الرسول جبريل في صورته الملكية مرةً أُخرى { عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ } أي عند سدرة المنتهى التي هي في السماء السابعة قرب العرش قال المفسرون: والسِدرة شجرة النَّبق تنبع من أصلها الأنهار، وهي عن يمين العرش، وسميت سدرة المنتهى لأنه ينتهي إِليها علم الخلائق وجميع الملائكة، ولا يعلم أحدٌ ما وراءها إِلا الله جل وعلا وفي الحديث" ثم صُعد بي إلى السماء السابعة، ورفعت إِليَّ سدرة المنتهى، فإِذا نبقها - أي ثمرها - مثل قلال هجر، وإِذا أوراقها كآذان الفيلة.. " { عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ } أي عند سدرة المنتهى الجنة التي تأوي إليها الملائكة وأرواح الشهداء والمتقين { إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ } أي رآه وقت ما يغشى السدرة ما يغشى من العجائب قال الحسن: غشيها نور رب العالمين فاستنارت وقال ابن مسعود: غشيها فراش من ذهب وفي الحديث " لما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيَّرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها " قال المفسرون: رأى عليه السلام شجرة سدرة المنتهى وقد غشيتها سبحات أنوار الله عز وجل، حتى ما يستطيع أحد أن ينظر إِليها، وغشيتها الملائكة أمثال الطيور يعبدون الله عندها، يجتمعون حولها مسبِّحين وزائرين كما يزور الناس الكعبة وفي الحديث " رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب، ورأيت على كل ورقة ملكاً قائماً يسبح الله تعالى " { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ } أي ما مال بصر النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام وفي تلك الحضرة يميناً وشمالاً { وَمَا طَغَىٰ } أي وما جاوز الحدَّ الذي رأى قال القرطبي: أي لم يمدَّ بصره إِلى غير ما رأى من الآيات، وهذا وصف أدب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام إِذ لم يلتفت يميناً ولا شمالاً وقال الخازن: لما تجلَّى رب العزة وظهر نوره، ثبت صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام العظيم الذي تحار فيه العقول، وتزلُّ فيه الأقدام، وتميل فيه الأبصار { لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ } أي والله لقد رأى محمد - ليلة المعراج - عجائب ملكوت الله، رأى سدرة المنتهى، والبيت المعمور، والجنة والنار، ورأى جبريل في صورته التي يكون عليها في السماوات له ستمائة جناحٍ، ورأى رفرفاً أخضر من الجنة قد سدَّ الأفق، وغير ذلك من الآيات العظام قال الفخر: وفي الآية دليلٌ على أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ليلة المعراج آياتِ الله ولم يرَ الله كما قال البعض، ووجهه أن الله ختم قصة المعراج برؤية الآيات، وقال في الإِسراء
{ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ }
[الإِسراء: 1] ولو كان رأى ربه لكان ذلك أعظم ما يمكن ولأخبر تعالى به { أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ * وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } أي أخبرونا يا معشر الكفار عن هذه الآلهة التي تعبدونها " اللات والعزة ومناة " هل لها من القدرة والعظمة التي وُصف بها رب العزة شيء حتى زعمتم أنها آلهة؟ قال الخازن: هذه أسماء أصنام اتخذوها آلهة يعبدونها، واشتقوا لها أسماء من أسماء الله عز وجل فقالوا من الله اللات، ومن العزيز العُزَّى، وكانت اللات بالطائف، والعُزَّى بغطفان وقد حطمها خالد بن الوليد، ومناة صنم لخزاعة يعبده أهل مكة { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ }؟ توبيخٌ وتقريع أي ألكم يا معشر المشركين النوع المحبوب من الأولاد وهو الذكر، وله تعالى النوع المذموم بزعمكم وهو الأنثى؟ { تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } أي تلك القسمة قسمة جائرة غير عادلة حيث جعلتم لربكم ما تكرهونه لأنفسكم قال الرازي: إِنهم ما قالوا لنا البنون وله البنات، وإِنما نسبوا إِلى الله البنات وكانوا يكرهونهن كما قال تعالى
{ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ }
[النحل: 62] فلما نسبوا إِلى الله البنات حصل من تلك النسبة قسمة جائرة { إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم } أي ما هذه الأوثان إِلا أسماء مجردة لا معنى تحتها لأنها لا تضر ولا تنفع، سميتموها آلهة أنتم وآباؤكم وهي مجرد تسميات ألقيت على جمادات { مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ } أي ما أنزل الله بها من حجة ولا برهان { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ } أي ما يتبعون في عبادتها إلا الظنون والأوهام، وما تشتهيه أنفسهم مما زينه لهم الشيطان { وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } أي والحال أنه قد جاءهم من ربهم البيان الساطع، والبرهان القاطع على أن الأصنام ليست بآلهة، وأن العبادة لا تصلح إِلا لله الواحد القهار قال ابن الجوزي: وفيه تعجيبٌ من حالهم إِذ لم يتركوا عبادتها بعد وضوح البيان { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ } أي ليس للإِنسان كل ما يشتهي حتى يطمع في شفاعة الأصنام قال الصاوي: والمراد بالإِنسان الكافر، وهذه الآية تجر بذيلها على من يلتجىء لغير الله طلباً للفاني، ويتبع هوى نفسه فيما تطلبه فليس له ما يشتهي، واتباعُ الهوى هوان { فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } أي فالملك كله لله يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، لأنه مالك الدنيا والآخرة، وليس الأمر كما يشتهي الإِنسان، بل هو تعالى يعطي من اتبع هداه وترك هواه.. ثم أكَّد هذا المعنى بقوله { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي وكثير من الملائكة الأبرار الأطهار المنبثين في السماوات { لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً } أي أن الملائكة مع علو منزلتهم ورفعة شأنهم لا تنفع شفاعتهم أحداً إِلا بإِذن الله، فكيف تشفع الأصنام مع حقارتها؟! { إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ } أي إِلا من بعد أن يأذن تعالى في الشفاعة لمن يشاء من أهل التوحيد والإِيمان ويرضى عنه كقوله تعالى:
{ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ }
[الأنبياء: 28] قال ابن كثير: فإِذا كان هذا في حق الملائكة المقربين، فكيف ترجون أيها الجاهلون شفاعة الأصنام والأنداد عند الله تعالى؟ ثم أخبر تعالى عن ضلالات المشركين فقال { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } أي لا يصدقون بالبعث والحساب { لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلأُنْثَىٰ } أي ليزعمون أنهم إناثٌ وأنهم بناتُ الله { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ } أي لا علم لهم بما يقولون أصلا، لأنهم لم يشاهدوا خلق الملائكة، ولا جاءهم عن الله حجة أو برهان { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } أي ما يتبعون في هذه الأقوال الباطلة إِلا الظنون والأوهام { وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } أي وإِن الظنَّ لا يجدي شيئاً، ولا يقوم أبداً مقام الحق { فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا } أي فأعرض يا محمد عن هؤلاء المشركين الذين استنكفوا عن الإِيمان والقرآن { وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } أي وليس له همٌ إِلا الدنيا وما فيها من النعيم الزائل، والمتعة الفانية قال أبو السعود: والمراد النهيُ عن دعوة المعرض عن كلام الله وعدم الاعتناء بشأنه، فإِن من أعرض عما ذكر، وانهمك في الدنيا بحيث صارت منتهى همته وقصارى سعيه، لا تزيده الدعوة إِلا عناداً وإِصراراً على الباطل { ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ } أي ذلك نهاية علمهم وغاية إِدراكهم أن آثروا الدنيا على الآخرة { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } أي هو عالم بالفريقين: الضالين والمهتدين ويجازيهم بأعمالهم { وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أي له كل ما في الكون خلقاً وملكاً وتصرفاً ليس لأحدٍ من ذلك شيء أصلاً { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ } أي ليجازي المسيء بإساءته { وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } أي وليجازي المحسن بالجنة جزاء إِحسانه قال ابن الجوزي: والآية إِخبارٌ عن قدرته وسعة ملكه، وهو كلام معترض بين الآية الأولى وبين قوله { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ } لأنه إِذا كان أعلم بالمسيء وبالمحسن جازى كلاً بما يستحقه، وإِنما يقدر على مجازاة الفريقين إِذا كان واسع الملك.. ثم ذكر تعالى صفات المتقين المحسنين فقال { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ } أي يبتعدون عن كبائر الذنوب كالشرك والقتل وأكل مال اليتيم { وَٱلْفَوَاحِشَ } أي ويبتعدون عن الفواحش جمع فاحشة وهي ما تناهى قبحها عقلاً وشرعاً كالزنى ونكاح زوجة الأب لقوله تعالى
{ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً }
[الإِسراء: 32] وقوله
{ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً }
[النساء: 22] { إِلاَّ ٱللَّمَمَ } أي إِلا ما قلَّ وصغر من الذنوب قال القرطبي: وهي الصغائر التي لا يسلم من الوقوع فيها إِلا من عصمه الله كالقبلة والغمزة والنظرة وفي الحديث " إِن الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنى، أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر، وزنى اللسانِ النطقُ، والنفسُ تتمنى وتشتهي، والفرج يصدِّق ذلك أو يكذبه " فإذا اجتنب العبد كبائر الذنوب غفر الله بفضله وكرمه الصغائر لقوله تعالى
{ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ }
[النساء: 31] يعني الصغائر { إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ } أي هو تعالى غفار الذنوب ستار العيوب، يغفر لمن فعل ذلك ثم تاب قال ابن كثير: أي رحمته وسعت كل شيء، ومغفرته تسع الذنوب كلها لمن تاب منها قال البيضاوي: ولعله عقَّب به وعيد المسيئين ووعد المحسنين، لئلا ييأس صاحب الكبيرة من رحمته، ولا يتوهم وجوب العقاب على الله تعالى { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ } أي هو جل وعلا أعلم بأحوالكم منكم قبل أن يخلقكم، ومن حين أن خلق أباكم آدم من التراب { وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ } أي ومن حين أن كنتم مستترين في أرحام أُمهاتكم، فهو تعالى يعلم التقيَّ والشقي، والمؤمن والكافر، والبرَّ والفاجر، علم ما تفعلون وإِلى ماذا تصيرون { فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ } أي لا تمدحوها على سبيل الإِعجاب، ولا تشهدوا لها بالكمال والتقى، فإِن النفس خسيسة إِذا مُدحت اغترت وتكبَّرت قال أبو حيان: أي لا تنسبوها إِلى الطهارة عن المعاصي، ولا تثنوا عليها، فقد علم الله منكم الزكيَّ والتقي قبل إِخراجكم من صلب آدم، وقبل إِخراجكم من بطون أُمهاتكم { هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ } أي هو تعالى العالم بمن أخلص العمل، واتقى ربه في السر والعلن.






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=950454
التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-09-17, 00:44 رقم المشاركة : 2
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: تفسير سورة النجم


-************************-
شكرا جزيلا لك..بارك الله فيك

تحياتيــ و التقدير
-*******************-






    رد مع اقتباس
قديم 2017-09-17, 16:08 رقم المشاركة : 3
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة النجم


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق
{ أَفَرَأَيْتَ ظ±لَّذِي تَوَلَّىظ° } * { وَأَعْطَىظ° قَلِيلاً وَأَكْدَىظ° } * { أَعِندَهُ عِلْمُ ظ±لْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىظ° } * { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىظ° } * { وَإِبْرَاهِيمَ ظ±لَّذِي وَفَّىظ° } * { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىظ° } * { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىظ° } * { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىظ° } * { ثُمَّ يُجْزَاهُ ظ±لْجَزَآءَ ظ±لأَوْفَىظ° } * { وَأَنَّ إِلَىظ° رَبِّكَ ظ±لْمُنتَهَىظ° } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىظ° } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } * { وَأَنَّهُ خَلَقَ ظ±لزَّوْجَيْنِ ظ±لذَّكَرَ وَظ±لأُنثَىظ° } * { مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىظ° } * { وَأَنَّ عَلَيْهِ ظ±لنَّشْأَةَ ظ±لأُخْرَىظ° } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىظ° وَأَقْنَىظ° } * { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ظ±لشِّعْرَىظ° } * { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ظ±لأُولَىظ° } * { وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىظ° } * { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىظ° } * { وَظ±لْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىظ° } * { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىظ° } * { فَبِأَيِّ آلاغ¤ءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىظ° } * { هَـظ°ذَا نَذِيرٌ مِّنَ ظ±لنُّذُرِ ظ±لأُوْلَىظ° } * { أَزِفَتِ ظ±لآزِفَةُ } * { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ظ±للَّهِ كَاشِفَةٌ } * { أَفَمِنْ هَـظ°ذَا ظ±لْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ } * { وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ } * { وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } * { فَظ±سْجُدُواْ لِلَّهِ وَظ±عْبُدُواْ }

المنَاسَبَة:
لما ذكر تعالى في الآيات السابقة سفاهات المشركين وضلالاتهم في عبادتهم للأصنام، وميَّز بين المؤمنين والمجرمين، ذكر هنا نوعاً خاصاً من أهل الإِجرام، وختم السورة الكريمة ببيان ما حلَّ بالمكذبين من أنواع العذاب والدمار، تذكيراً للمشركين بانتقام الله من أعدائه المكذبين لرسوله.


اللغَة:
{ وَأَكْدَىظ° } قطع العطاء مأخوذ من الكُدية يقال لمن حفر بئراً ثم وجد صخرة تمنعه من إِتمام الحفر قد أكدى، ثم استعمله العرب لمن أعطى ولم يتمم، ولمن طلب شيئاً فلم يبلغ آخره قال الحطيئة:
فأعطى قليلاً ثم أكدى عطاءه ومن يبذل المعروف في الناس يُحمد{ وَأَقْنَىظ° } أعطاه الكفاية من المال ورضَّاه بما أعطاه قال الجوهري: قني الرجل يقنى مثل غني يغنى أي أعطاه الله ما يُقتنى من المال والنشب، وأقناه الله رضَّاه { ظ±لشِّعْرَىظ° } الكوكب المضيء الذي يطلع بعد الجوزاء في شدة الحر { أَزِفَتِ } قربت قال كعب بن زهير:بان الشباب وهذا الشيبُ قد أزفا ولا أرى لشبابٍ بائنٍ خلفاوالآزفة القيامة سميت بذلك لقربها ودنوها { سَامِدُونَ } لاهون لاعبون، والسمودُ اللهو.

سَبَبُ النّزول:
روي أن " الوليد بن المغيرة " جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد أن يُسلم، فعيَّره رجلٌ من المشركين وقال: تركت دين آبائك وضلَّلتهم وزعمت أنهم في النار؟! فقال الوليد: إِني خشيتُ عذاب الله، فضمن له الرجل إِن هو أعطاه شيئاً من ماله، ورجع إِلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له ثم بخل ومنعه الباقي فأنزل الله { أَفَرَأَيْتَ ظ±لَّذِي تَوَلَّىظ° * وَأَعْطَىظ° قَلِيلاً وَأَكْدَىظ° } الآيات.


التفسِير:
{ أَفَرَأَيْتَ ظ±لَّذِي تَوَلَّىظ° } أي أخبرني يا محمد عن هذا الفاجر الأثيم الذي أعرض عن الإِيمان واتباع الهدى؟ { وَأَعْطَىظ° قَلِيلاً وَأَكْدَىظ° } أي وأعطى لصاحبه الذي عيَّره قليلاً من المال المشروط ثم بخل بالباقي قال مجاهد: نزلت في الوليد بن المغيرة { أَعِندَهُ عِلْمُ ظ±لْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىظ° } أي أعنده علمٌ بالأمور الغيبية حتى يعلم أن صاحبه يتحمل عنه العذاب؟ { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىظ° } أي لم يُخبر بما في التوراة المنزلة على موسى { وَإِبْرَاهِيمَ ظ±لَّذِي وَفَّىظ° } أي وبما في صحف إِبراهيم الذي تمَّم ما أُمر به من طاعة الله وتبليغ رسالته، على وجه الكمال والتمام قال الحسن: ما أمره الله بشيء إِلا وفّى به كقوله تعالى

{ وَإِذِ ظ±بْتَلَىظ° إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ }
[البقرة: 124] { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىظ° } أي أن لا تحمل نفسٌ ذنب غيرها، ولا يؤاخذ أحدٌ بجريرة غيره، والآية ردٌّ على من زعم أنه يتحمل العذاب عن غيره كقوله تعالى[العنكبوت: 12] { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىظ° } أي وأنه ليس للإِنسان إِلا عمله وسعيه قال ابن كثير: أي كما لا يُحمل عليه وزرُ غيره، كذلك لا يحصل له من الأجر إِلا ما كسب هو لنفسه { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىظ° } أي وأن عمله سيُعرض عليه يوم القيامة، ويراه في ميزانه قال الخازن: وفي الآية بشارة للمؤمن، وذلك أن الله تعالى يريه أعماله الصالحة ليفرح بها ويحزن الكافر بأعماله الفاسدة فيزداد غماً { ثُمَّ يُجْزَاهُ ظ±لْجَزَآءَ ظ±لأَوْفَىظ° } أي ثم يُجزى بعمله الجزاء الأتم الأكمل، وهو وعيدٌ للكافر ووعدٌ للمؤمن { وَأَنَّ إِلَىظ° رَبِّكَ ظ±لْمُنتَهَىظ° } أي إِليه جل وعلا المرجع والمآب والمصير فيعاقب ويثيب.. ثم شرع تعالى في بيان آثار قدرته فقال { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىظ° } أي هو الذي خلق الفرح والحزن، والسرور والغم، فأضحك في الدنيا من أضحك، وأبكى من أبكى قال مجاهد: أضحك أهل الجنة وأبكى أهل النار { وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } أي خلق الموت والحياة فهو جل وعلا القادر على الإِماتة والإِحياء لا غيره، ولهذا كرر الإِسناد " هو " لبيان أن هذا من خصائص فعل الله { وَأَنَّهُ خَلَقَ ظ±لزَّوْجَيْنِ ظ±لذَّكَرَ وَظ±لأُنثَىظ° } أي أوجد الصنفين الذكر والأنثى من أولاد آدم ومن كل حيوان قال الخازن: والغرض أنه تعالى هو القادر على إِيجاد الضدين في محل واحد: الضحك والبكاء، والإِحياء والإِماتة، والذكر والأنثى، وهذا شيء لا يصل إِليه فهم العقلاء ولا يعلمونه، وإنما هو بقدرة الله تعالى وخلقه لا بفعل الطبيعة، وفيه تنبيه على كمال قدرته، لأن النطفة شيء واحد خلق الله منها أعضاء مختلفة، وطباعاً متباينة، وخلق منها الذكر والأنثى، وهذا من عجيب صنعته وكمال قدرته، ولهذا قال { مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىظ° } أي خلق الذكر والأنثى من نطفة إِذا تدفقت من صلب الرجل، وصُبّت في رحم المرأة { وَأَنَّ عَلَيْهِ ظ±لنَّشْأَةَ ظ±لأُخْرَىظ° } أي وأن عليه جل وعلا إِعادة خلق النَّاس للحساب والجزاء، وإِحياؤهم بعد موتهم قال في البحر: لما كانت هذه النشأة ينكرها الكفار بولغ فيها بقوله تعالى { عَلَيْهِ } كأنه تعالى أوجب ذلك على نفسه { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىظ° وَأَقْنَىظ° } أي أغنى من شاء، وأفقر من شاء وقال ابن عباس: أعطى فأرضى، أغنى الإِنسان ثم رضاه بما أعطاه { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ظ±لشِّعْرَىظ° } أي هو ربُّ الكوكب المضيء المسمَّى بالشعرى الذي كانوا يعبدونه قال أبو السعود: أي هو رب معبودهم وكانت خزاعة تعبدها، سنَّ لهم ذلك رجلٌ من أشرافهم هو " أبو كبشة " { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ظ±لأُولَىظ° } أي أهلك قوم عاد القدماء الذين بُعث لهم نبيُّ الله " هود " عليه السلام، وكانوا من أشد الناس وأقواهم، وأعتاهم على الله وأطغاهم، فأهلكهم الله بالريح الصرصر العاتية قال البيضاوي: سميت عاداً الأولى أي القدماء لأنهم أُولى الأمم هلاكاً بعد قوم نوح عليه السلام { وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىظ° } أي وثمود دمَّرهم فلم يُبق منهم أحداً { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ } أي وقوم نوح قبل عادٍ وثمود أهلكناهم { إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىظ° } أي كانوا أظلم من الفريقين، وأشد تمرداً وطغياناً ممن سبقهم، قال في البحر: كانوا في غاية العتو والإِيذاء لنوح عليه السلام، يضربونه حتى لا يكاد يتحرك، ولا يتأثرون بشيء مما يدعوهم إِليه قال قتادة: دعاهم ألف سنة إِلا خمسين عاماً، كلما هلك قرن نشأ قرن، حتى كان الرجل يأخذ بيد ابنه يتمشى به إِلى نوح ليحذره منه ويقول له: يا بني إِن أبي مشى بي إِلى هذا وأنا مثلك يومئذٍ فإِياك أن تصدقه، فيموت الكبير على الكفر، وينشأ الصغير على بغض نوح { وَظ±لْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىظ° } أي وقرى قوم لوط أهواها فأسقطها علىالأرض بعد أن انقلبت بهم فصار عاليها سافلها، وذلك أن جبريل رفعها إِلى السماء ثم أهوى بها { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىظ° } أي فغطَّاها من فنون العذاب ما غطَّى، وفيه تهويلٌ للعذاب وتعميمٌ لما أصابهم منه قال في البحر: والمؤتفكة هي مدائن قوم لوط، سميت بذلك لأنها انقلبت بأهلها، رفعها جبريل عليه السلام ثم أهوى بها إِلى الأرض، ثم أمطرت عليهم حجارة من سجيل منضود فذلك قوله { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىظ° } { فَبِأَيِّ آلاغ¤ءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىظ° } أي فبأي نعم الله الدالة على وحدانيته وقدرته تتشكك أيها الإِنسان وتكذب!! { هَـظ°ذَا نَذِيرٌ مِّنَ ظ±لنُّذُرِ ظ±لأُوْلَىظ° } أي هذا هو محمد رسول منذر كسائر الرسل ومن جنس المنذرين الأولين وقد علمتم ما حلَّ بالمكذبين { أَزِفَتِ ظ±لآزِفَةُ } أي دنت الساعة واقتربت القيامة قال القرطبي: سميت آزفة لدنوها وقرب قيامها { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ظ±للَّهِ كَاشِفَةٌ } أي لا يقدر على كشفها وردها إِذا غشيت الخلق بأهوالها وشدائدها إِلا الله تعالى { أَفَمِنْ هَـظ°ذَا ظ±لْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ }؟ استفهامٌ للتوبيخ أي أفمن هذا القرآن تعجبون يا معشر المشركين سخرية واستهزاءً؟ { وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ } أي وتضحكون عند سماعه، ولا تبكون من زواجره وآياته؟ وقد كان حقكم أن تبكوا الدم بدل الدمع حزناً على ما فرطتم { وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } أي وأنتم لاهون غافلون؟ { فَظ±سْجُدُواْ لِلَّهِ وَظ±عْبُدُواْ } أي فاسجدوا لله الذي خلقكم وأفردوه بالعبادة، ولا تعبدوا اللات والعزى، ومناة والشعرى، فهو الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا يليق السجود والعبادة إِلاَّ له جلا وعلا.

البَلاَغة:
تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:


1- الإِبهام للتعظيم والتهويل
{ فَأَوْحَىظ° إِلَىظ° عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىظ° }
[النجم: 10] ومثله
{ إِذْ يَغْشَىظ° ظ±لسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىظ° }
[النجم: 16] وكذلك { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىظ° }.

2- الجناس
{ وَظ±لنَّجْمِ إِذَا هَوَىظ°... وَمَا يَنطِقُ عَنِ ظ±لْهَوَىظ° }
[النجم: 1-3] فالأول هو بمعنى خرَّ وسقط والثاني بمعنى هوى النفس.

3- الطباق بين { أَضْحَكَ وَأَبْكَىظ° } وبين { أَمَاتَ وَأَحْيَا } وبين { ضَلَّ وِ ظ±هْتَدَىظ° } وبين

{ وَقَالَ ظ±لَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ظ±تَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ }
{ ظ±لآخِرَةُ وظ±لأُولَىظ° }
[النجم: 25] وبين { وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ } وهي من المحسنات البديعية.

4- المقابلة
{ لِيَجْزِيَ ظ±لَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ ظ±لَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِظ±لْحُسْنَى }
[النجم: 31] كما فيه إِطناب في تكرار لفظ يجزي وكلاهما من المحسنات البديعية.

5- الاستفهام التوبيخي مع الإِزراء بعقولهم
{ أَلَكُمُ ظ±لذَّكَرُ وَلَهُ ظ±لأُنْثَىظ° * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىظ° }
[النجم: 21-22].

6- الجناس الناقص بين { أَغْنَىظ°.. وَأَقْنَىظ° } لتغير بعض الحروف.

7- جناس الاشتقاق { أَزِفَتِ ظ±لآزِفَةُ }.

8- عطف العام على الخاص { فَظ±سْجُدُواْ لِلَّهِ وَظ±عْبُدُواْ }.

9- مراعاة الفواصل ورءوس الآيات، مما له أجمل الوقع على السمع مثل
{ أَفَرَأَيْتُمُ ظ±للاَّتَ وَظ±لْعُزَّىظ° * وَمَنَاةَ ظ±لثَّالِثَةَ ظ±لأُخْرَىظ° * أَلَكُمُ ظ±لذَّكَرُ وَلَهُ ظ±لأُنْثَىظ° }
[النجم: 19-21]؟ ومثله { أَفَمِنْ هَـظ°ذَا ظ±لْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ * وَأَنتُمْ سَامِدُونَ }؟ ويسمى بالسجع.

تنبيه:
كانت الأصنام التي عبدها المشركون كثيرة تقرب من ثلاثمائة وستين صنماً ومعظمها حول الكعبة وقد حطمها صلى الله عليه وسلم عند فتحه لمكة، وأشهر هذه الأصنام " اللات، والعُزَّى، ومناة " وقد أرسل صلى الله عليه وسلم عام الفتح خالد بن الوليد ليحطم العزَّى فحطمها وهو يقول:
يا عزُّ كفرانك لا سبحانك إِني رأيتُ الله قد أهانكوانتهت بفتح مكة عبادة الأوثان والأصنام، ودخل الناس في دين الإِسلام أفواجاً أفواجاً.





التوقيع

    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 04:13 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd