منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   الفكر و التاريخ و الحضارة (https://www.profvb.com/vb/f194.html)
-   -   ملف عن مدينة سبتة المسلمة: أقدم احتلال في التاريخ! (https://www.profvb.com/vb/t178248.html)

صانعة النهضة 2017-08-24 18:25

ملف عن مدينة سبتة المسلمة: أقدم احتلال في التاريخ!
 
ملف عن مدينة سبتة المسلمة: أقدم احتلال في التاريخ!



http://www.almounadila.info/wp-conte...hargement1.jpg






تتعرَّض بلدانُ العالم الإسلامي لعملية القضم والتجزيء والتشرذم مِن قِبَل الدول الباغية من الغرب الإمبريالي، ولعلَّ ما تشهده الساحة الإسلامية اليوم دليلٌ قاطع، وبرهان ساطع على جشع المحتل، الذي لا يهدأ له بالٌ حتَّى يجثم على أنفاس الضعفاء، أليست فِلَسطين الحبيبة أسَّ القضايا الإسلامية ومحور ارتكازها،
أليستِ العراق وأفغانستان امتدادًا لها...

ثم ألَمْ تمتدَّ جراحاتُ العالم الإسلامي لتغطي مساحات لا حصر لها؟
ألم يتمدَّدْ أخطبوط الاستِخْراب الغربي لينهش أمعاء الأمة الإسلامية الحيوية؟

ألم يستولِ على أرْضِها وثرواتِها ويأكل الأخضر واليابس فيها كالنار في حشيش جاف؟

بعد أن أخذت مناطق عديدة من العالم الإسلامي البحث والدراسة، يكون من الأَوْلى كما قال الشاعر:




وَأَيْنَمَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فِي بَلَدٍ ... عَدَدْتُ ذَاكَ الحِمَى مِنْ صُلْبِ أَوْطَانِي!



حقًّا لقد مرَّت منطقة الغرب الإسلامي بفترات طويلة من الصراع مع إسبانيا النصرانية، منذ سقوط آخر مملكة إسلاميَّة في الأندلس (غرناطة سنة1492م) وخروج المسلمين من الأندلس، وبقيتْ آثار هذا التاريخ المشترك تُلقي بظلالِها على العلاقات المُعاصرة بين الطرفين؛ إذْ لا تزالُ بعضُ القضايا الشائكة عالقةً بينَهُما، لا سيَّما مدينتا سبتة ومليلية اللَّتان تقعان في شَمال المغرب والجزر المحيطة به.

لِمحاولة تعريف أبناء الأُمَّة الإسلاميَّة بأراضيهم المغتصبة، مع مساندة المنتظم الدولي الظالم لها؛ إذ نصَّت "معاهدة شينجن" صراحةً أنَّ المدينتَيْنِ هُما "الحدود الجنوبيَّة لأوربا"، أضِفْ إلى ذلك أنَّ الأمم المتَّحدة لم تَذكُر ولو بندًا واحدًا يذكر بمغربية مدينة سبتة، برغم الشواهد التاريخية والجغرافية؛ لتتمادى في ظلمها وغيِّها وجبروتها! - يكون من الواجب علينا دراستُها دراسةً مُستفيضة؛ ليتبيَّن لِلقارئ الطرقُ الملتوية التي يسلكها الغرب الحاقد في نهب أراضينا!




https://www.sasapost.com/wp-content/...ntitled186.png





وتُعَدُّ مدينة سبتة والثغور المحتلة إلى اليوم (مليلية والجزر الجعفرية) إحدى مخلفات المجابهة بين العالم الإسلامي وأوربا الكاثوليكية في فترة الحروب الصليبية في القرن الخامس عشر الميلادي، والتي كان البحر المتوسط مسرحًا لَها، فمنذُ وقتٍ طويل ارتبط مصيرُ المدينتَيْنِ بِالمضيق البحريّ العام الذي يربط المتوسط بالمحيط الأطلسي، وقد دفعَتْ مدينة سبتة طوال مرحلة المواجهة بين أوربا والعالم الإسلامي من خلال الحملات الصليبية ثمنَ موقعِها الجغرافي الإستراتيجي، الذي جعلها بوابة العالم الإسلامي للزحف على أوربا، ومنفذ الصليبيين لإحكام السيطرة على أراضي الإسلام، ولعلَّ أوربا النَّصرانيَّة كانت تتطلَّع إلى احتِلال هذا الثَّغر الإسلامي، وتَحويله إلى قلعة ضدَّ تمدُّد أطراف العالم الإسلامي نحو القارة العجوز، وهي تستعيد ذِكْرى عبور الفاتح "طارق بن زياد" منه نحو الأندلس في عام 92هـ.[1]




فمنذ استقلال المغرب عن فرنسا وإسبانيا وهي تُطالب بِمدينتَي سبتة ومليلية، وبعضِ الجزر الصغيرة قبالةَ الساحل الإفريقي؛ مثل بلازاس وسوبيرانيا وجزر الكناري؛ لكن للأسَف دون تَحقيق أيّ تقدُّم ملموس؛ إذ تُصرّ إسبانيا الصليبيَّة على احتِلال أجزاء مهمَّة واستراتيجية في المغرب!

إذًا تَعتبر المملكةُ المغربية، ومنذ استقلالها، سبتةَ جزءًا لا يتجزَّأ من التراب المغربي، وترفض الاعتراف بشرعيَّة الحُكم الإسباني على مدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية[2] Chafarinas، و يدعمها في ذلك كلُّ دول الاتحاد الإفريقي، ويطالب المغربُ إسبانيا بالدخول في مفاوضات مباشرة معها؛ لأجل استرجاعهما، كما تعتبرهما إحدى أواخر معاقل الاستعمار في إفريقيا، غيرَ أنَّ المنطقة لم تصنِّفْها الأممُ المتحدة بعدُ ضمنَ المناطق المحتلة والواجب تحريرها[3].




وفي هذه المقالة، سنحاول دراسة فصول احتلال مدينة سبتة المغربية السليبة - التي هي نقطة وجزء من بلدان العالم الإسلامي المغتصبة - التي عمر فيها الاحتلال البرتغالي ثم الإسباني إلى اليوم مدة لا يَقبَلها عقلُ المُنصِف من الأعداء قبل عقل ذَوِيها! بل الغريب ما يمارسه الإعلامُ الإسباني من تضليل وترويج لأكاذيبَ باطلةٍ علميًّا وجغرافيًّا وتاريخيًّا وثقافيًّا؛ من أن الوجود الصليبي الإسباني بمدينة سبتة يعود إلى عصور غابرة، وأنَّها استولتْ عليها بالقوَّة، وهي وسيلة شرعية في تلك الفترة للاستيلاء على أراضي الغير! كما يُروِّجون أيضًا لرؤيةٍ مفادُها:



أنَّ سبتة تمَّ احتلالُها في وقت لم تكن فيه المغرب دولةً ذات سيادة! أمَّا الحجَّة المفضوحة هو ادعاؤها أن الأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوربي تعترف بأن سبتة ومليلية من الجزر الإسبانية!


وقد تمَّ الرَّدّ على هذه الطروحات الفاشلة من قِبَل المؤرِّخين والعلماء، ومن أبرزها:



- أنَّ الاحتلال العسكري لأرض الغير لم يَكُنْ في يوم من الأيام حُجَّة تخول حقَّ الاحتفاظ بما تم احتلاله، وإذا فرضنا جدلاً أن الاحتلال بالقوة حجة، فلماذا لم تعترفْ إسبانيا بمشروعيَّة تلك الحجةِ عندما يتعلَّق الأمر بجبل طارق[4] المحتل بدوره بالقوة من إنجلترا منذ 1704م؟!





- أما الحجة الثانية فقد ردَّ عليها المؤرخُ المغربي محمد عزوز حكيم بقوله: "بأنه قول فيه افتراء على التاريخ، الذي يشهد أن المغرب دولة ذات سيادة وسلطان منذ أن أسَّس المولى إدريس الأول دولتَه سنة788م؛ أي قبل أن تُصبح إسبانيا دولةً معترفًا بها بين الدول بأكثر من سبعمائة سنة، بدليل أنها لم تصبح دولة قائمة الذات إلا في سنة 1492م؛ إذ كانت خاضعة لنفوذ دولة المرابطين والموحِّدين والمرينيين"[5].

أمَّا على المستوى الجغرافي؛ فيكفي إلقاء نظرةٍ على الخريطة المغربيَّة، يتبيَّن بالملموس أنَّ سبتة تكون جزءًا من التّراب المغربي، شأنُها في ذلك شأن مليلية وبعض الجُزُر المحتلة من قِبَل الإسبان، فلِمَ السطو والترامي على سيادة الغير؟ في وقت تُرْفَع فيه شعاراتٌ رقْراقة في الغرب من تَحرير البلدان! ونشر ما يسمونه الديمقراطية! فلِمَ الضحك على الذقون؟!



http://pagesperso-orange.fr/ceutamelilla/images/sat.jpg





- أمَّا الحجَّة الثالثة فهي باطلةٌ من أساسِها، بدليل ما قامتْ به الولايات المتحدة من غزوٍ ودمار ضدَّ العراق، بالرَّغم من رفض الأمم المتحدة، أيّ نفوذٍ لِهذه المؤسسة، أليستْ هي في الأصل مؤسسةً تَخدم مصالح الغرب؟ متى كانت في صفِّ الضعفاء؟!

ولله الحمد والمنة، أن إسبانيا أصابتها نفس المصيبة التي ابتليت به المغرب في ثغوره وجيوبه المحتلة؛ فجبل طارق ما يزال محتلاًّ من طرف بريطانيا العظمى، وبالرغم من ذلك فلا بُد من تحرُّكات دولية مكثفة، والغريب في الأمر أنَّ علماء المغرب إلى الآن لم يصدر منهم أيُّ فتوى بخصوص قضية احتلال سبتة وباقي الثغور المغربية المحتلة من قِبَل إسبانيا الصليبية!!!

لكن لا أخفي في هذا الباب تمعري الشديدَ، وحيرتي العميقةَ من بعض الأفكار الواردة في بطون بعض المصادر التاريخية، التي يُروِّج لها بعض المؤرخين؛ أمثال ما سطره المؤرخ المغربي محمد داود من أن: "الشيخ عبدالقادر التبين أخبر أن مدينة سبتة سيحتلُّها الكفار ويبقون فيها مدة، ثم يسترجعها من يدهم رجلٌ قرشي من أهل البيت اسمه محمد..."[6].

وكأن الأمر يَحتاج فقط إلى رؤى ومنامات المتصوفة وشطحاتها؛ بل الأدهى من ذلك انتظار عودة المهدي المنتظر!


أُمُورٌ يَضْحَكُ السُّفَهَاءُ مِنْهَا ... وَيَبْكِي مِنْ عَوَاقِبِهَا اللَّبِيبُ!





مدينة سبتة


أصل التسمية:



يتبع



صانعة النهضة 2017-08-24 18:32

رد: ملف عن مدينة سبتة المسلمة: أقدم احتلال في التاريخ!
 

مدينة سبتة
أصل التسمية:



وقد اختلفت الروايات في هذا الباب؛ هناك مَن ذهب إلى أنَّ تسمية سبتة مشتقَّة من الكلمة اللاتينية Septem، التي تعني سبعة؛ لوجود سبعة جبال حول المدينة[7]. كما يذهب الكثير من المؤرخين القدماء العرب أنَّ اسم المدينة يُنسَب إلى تأسيس سبتة إلى ما يسمونه سبت بن سام بن نوح - عليه السلام، استنادًا إلى التَّجانُس بين الكلِمتين[8]. كما يميل الاعتقاد أنَّ للوجود الروماني بِموريتانيا صلةً باسمها؛ إذ إنَّهم دعوها Septeme Trolés، ومنه اشتق اسم Septa، وبالتالي أَطلَقت عليها المصادرُ العربية سبتةَ. ويعود أوَّل تعريفٍ بالاسم إلى سنة 204 ق. م[9]؛ من هنا لا يمكن الحسم بصحَّة هذه الرّواية أو تلك!




* أهمية مدينة سبتة الاستراتيجية والعلمية عامل أساس في الاحتلال:


- جغرافيًّا:
تقع في أقصى الشمال الغربي للمغرب، وتحتل موقعًا استراتيجيًّا بالغ الأهمية، فهي شبه جزيرة مطلَّة على حوض البحر الأبْيض المتوسّط، وعلى بوغاز جبل طارق، يُحيطُ بِها الماء من الجهات الثلاث الشَّمالية، والشَّرقية، والجنوبيَّة، ولا يَفصِلها عن السَّواحل الأندلسيَّة سوى 21 كيلو مترًا، وتبلغ مساحتها 19 كيلو مترًا، وطولها من الشرق إلى الغرب 1000م، ومن الشمال إلى الجنوب 1500م. تمتد مساحة سبتة الحالية في حدود 20,12 كلم2 ويبلغ محيطها 28 كيلو مترًا، 20 كلم من هذا المحيط تشكل شريطًا بحريًّا، والباقي 8 كلم) يمتد غربًا عبر الشريط الأرضي المتصل بالحدود المغربية.




http://www.alukah.net/UserFiles/Image/molay1.JPG


- وتاريخيا:



احتلها البرتغاليون عام 1415 م ثم الإسبان عام 1580 م.
- وتاريخيًّا: شهدَتِ المنطقةُ فتراتٍ تاريخيةً زاهية - كما سنرى - جعلها محطَّ أنظار الإمبرياليين؛ من ثَمَّ احتلها البرتغاليون عام 1415م، وبعد ذلك الإسبان عام 1580م.


http://www.alukah.net/UserFiles/molay%202.JPG



لم تكن حاضرةُ سبتة لتتعرَّض للاحتلال البرتغالي ثم الإسباني، ويطبق عليها ليلُ الاستخراب الذي عمَّت غياهبُه مختلفَ معالم الهوية الإسلامية مسخًا وتشويهًا! وحوَّلت المدينةَ الشعلة إلى كومة رماد، بعد أن أخلى معظم أهلها وشرَّدهم، ودمَّر عمرانَها، واختلس مدَّخراتِها - لولا قدرُ الله، ثم تناحُرُ أهلها، ثُمَّ بوصْفِها إحدى منارات الإشعاع الفكريّ والعلميّ، وذروة للتوسع العمراني، ويظل الموقع الإستراتيجي من العوامل الأساسية؛ إذ تقع مدينة سبتة الساحلية في شبه جزيرة متَّصلة بأقصى شرق الغرب المغربي، وتبعد عن أقرَبِ نقطة بأوربا باثنَيْنِ وعشرين كلم، كما سجل التاريخ بكونها كانت مركزًا عسكريًّا حصينًا بِحُكم تضاريسِه الحدوديَّة، لهذا قدَّر الله - سبحانه وتعالى - أن تلعب دورًا متميزًا ورياديًّا في تاريخ العلاقة بين المغرب والأندلس كممرٍّ وكقاعدة بحرية.

أمَّا دورُها في الميدان الاقتصادي؛ فإنَّه بلغ الذّروة بين القَرنَيْنِ الحاديَ عشر والثالثَ عشر، وهي الفترة التي أعيدت فيها العلاقاتُ التِّجارية بين العالم الإسلامي وأوربا النصرانية.[10] كما تذكر المصادر التاريخيَّة أنَّ الدَّافِع الاقتِصاديَّ كان وراء رغبة المهدي بن تومرت في السيطرة على سبتة برغم ما لاقاه من مقاومة شديدة من قِبَل العلاَّمة القاضي عياض.[11]



على المستوى العلميّ كانتْ مدينة سبتة خلال القرْن السادس والسابع الهجري من أهم مراكز الحركة العلمية في السواحل المغربية، وبِخاصَّة أنَّ هذه المدينة أنْجبتْ أكبرَ شخصيَّة عِلمية مغربيَّة، هو القاضي عياض - رحمه الله - الذي ولد سنة 476 هجرية، كذلك أوَّل شخصية علمية في تاريخ الجغرافية، وهو الشريف الإدريسي السبتي المتوفى 562 هجرية، الذي وضع أوَّل خريطةٍ رسم فيها العالم، وبيَّن مواقعَ البلدان والبحار والأنهار والجبال، ثُمَّ شرح ذلك في كتابه "نزهة المشتاق" الذي قسم فيه الأرض إلى سبعة مناطق، وكل منطقة قسمها إلى عشرة أقطار متساوية.




http://www.alukah.net/UserFiles/Image/molay2-1.JPG



وقد تعرَّض الحسنُ الوزان الملقَّب بـ"ليون الإفريقي" (توفي سنة 944هـ) في كتابه "وصف إفريقيا" لذِكْر سبتة، فقال: "وكان فيها كثيرٌ من الجوامع والمدارس، والعديد من الصنَّاع ورجال الأدب والفكر، وكان فيها نَحَّاسون مَهَرة يصنعون الشمعدانات والأطباق والمحابر وغيرها، وكانت هذه المصنوعات تُباعُ كما لو كانت من فِضَّة، وقد رأيت منها في إيطاليا، وكان كثير من الطليان يعتقدون أنها صُنعت في دمشق".

كما شكَّلت سبتةُ البوَّابةَ التي عَبَر منها المسلمون - كما سنرى إن شاء الله - نحو أوربا مؤسِّسين دولة عمرت أكثر من 8 قرون، ساهَمَتْ في تنوير الأوربيّين، وإخراجهم من ظلمات القرون الوسطى!





* سبتة قبل الاحتلال الإسباني:
يتبع





صانعة النهضة 2017-08-24 18:39

رد: ملف عن مدينة سبتة المسلمة: أقدم احتلال في التاريخ!
 
سبتة قبل الاحتلال الإسباني:




يشهَدُ التَّاريخ - تاريخ ما قبل الإسلام وما بعده - بِمغربيَّة مدينة سبتة، وذلك حتَّى قبل أن توجد إسبانيا كدولة، واستمرَّت مغربية عربية إسلامية على مرّ العصور، حتَّى هاجمَتْها الحملة الصليبية بزعامة البرتغال وبمباركةٍ من البابا، واحتلَّت يوم الأربعاء 15 جمادى الأولى 818 هـ، الموافق ليوم 21 غشت 1415م)، فكانت بذلك أول أرض تستعمر في المغرب العربي، وأول بلد إفريقي يستولي عليه المحتل الأوربي في العصور الحديثة[12] وما يزال!



ومما لا ينبغي أن يخفى على كل مهتمٍّ وغيور على دينه وأمته - أن المغاربة المسلمين لم يرضخوا عبر تاريخهم المجيد لوجود أجنبي فوق أرضهم، كما تشهد الكتابات التاريخية عن دور المجاهدين المغاربة في عهد الموحِّدين، في تلبية نداء صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله - في استرجاع بيت المقدس من أيدي الصليبين، فقد خاضوا معارك بطولية في عهد يوسف بن تاشفين، وعبدالمومن الكومي وعبدالكريم الخطابي؛ لتحرير الثغور الشاطئية، ونجحوا في طرد المستخرب الصليبي، باستثناء سبتة ومليلية والجزر الجعفرية - عجَّل الله بردِّهم إلى أرض المغرب.


ولا ننسَ في هذا المضمار أن نسجِّل فترات القوة بالنسبة للمغرب، خاصة في عهد السعديين الذين انتصروا على الإيبريين في معركة تاريخية مشهورة، هي معركة وادي المخازن يوم30 جمادى الأولى سنة 968هـ/ 4 غشت 1578م (هزمت أعتى دول العالم الصليبي في تلك الفترة)، وفي عهد مولاي إسماعيل السلطان العلوي- أن يسميها بعض دارسي التاريخ المغربي "بمغرب الفرص الضائعة"! قدر الله وما شاء فعل.

أخي القارئ الكريم؛ إليك أهمَّ المحطات التاريخية التي مرَّت بها المدينة المغتصبة والسليبة مِن قِبَل إسبانيا الصليبية:






* مرحلة ما قبل الفتح الإسلامي وما تلاها:



وقد تمتَّعتْ سبتةُ بِموقع إستراتيجي متميّز؛ لذلك سيطر عليها الرومان في عام 42 بعد الميلاد، وبعد ذلك بنحو 400 عام طردتْ قبائلُ الوندال بقيادة جنصريق الرومان من المدينة، وبعد ذلك سيطر عليها البيزنطيون (إلى درجة أن مدينة سبتة استحقَّتْ لقبَ عاصمة موريتانيا كلها) فالقوط القادمين من إسبانيا. وما إصرار الدول المتعاقبة للسيطرة على هذه المدينة المغربية إلا لأهميتها الاستراتيجية والجغرافية!





1- مدينة سبتة إبان الفتح الإسلامي:



قصة الفتح الإسلامي هو استمرار لعهد الصحابة الكرام، ومِن بعدهم التابعين - رضي الله عنهم أجمعين، فبعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - استمرَّ الفتحُ ينطلق في كلِّ اتجاه حتى وصل للغرب الإسلامي، وفُتح على يد عقبة بن نافع، ولكن بلاد المغرب كانت غير مستقرة وفى ثورة دائمة، حتى جاء القائدُ المسلم العظيم موسى بن نصير، واستقر شمال إفريقيا علي يديه ما عدا مدينتي سبتة وطنجة.

وعندما أطلت الجيوش الإسلامية الفاتحة، أسرعت القوات البيزنطية في الانسحاب نحو الشرق تاركةً الفراغَ لأمير غمارة المعروف بيوليان (أو جوليان)، وكان هذا الأمير حاكم مدينتي سبتة والجزيرة الخضراء وتوأمتي المضيق.

ولمدينة سبتة - كما تذكر المصادر التاريخية العربية - قصةٌ عجيبة أثناء الفتح الإسلامي للمغرب، فقد تمَّ فتحُ كل المناطق باستثناء مدينة سبتة التي استعصت على الفتح بفضل موقعها الحصين، و كان يحكمها ملِكٌ نصراني اسمه يوليان (والذي قيل إنه أسلم بعد أن اقتنع بعدالة الاسلام وبأخلاق المسلمين، مقابل جور القوط ونذالتهم)، وكان على علاقة سيئة بملك الأندلس آنذاك النصراني لوذريق (Rodrigo)، و تذكر الروايات التاريخية أنَّ يوليان هذا قام بتوفير القاعدة للمسلمين المحاصرِين لسبتة والمرابطين بطنجة على الهجوم على الأندلس، وقدَّم لهم المعلومات عن الحالة السياسية ببلاد القوط؛ انتقامًا من لوذريق.

و بغض النظر عن دور يوليان[13] في الفتح الإسلامي للأندلس، فالمسلمون ما كانوا ليقفوا أو يعجزوا عن فتح أرضٍ تظهر ضفتها من ساحل طنجة، وهذا عقبة بن نافع الفهري قد دخل بفَرَسِه في المحيط الأطلسي وقال مقولتَه الشهيرة: "يا رب لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مجاهدًا في سبيلك، اللهم اشهد أني قد بلغت المجهود، ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل مَن كَفَر بك حتى لا يُعبَد أحدٌ دونك"[14]، مع اختلاف في الروايات: هل فعلاً المحيط الأطلسي أم البحر المتوسط؟ إذ ساق روبير برا نشقك (1942 - 1947م) بعضَ الأدلة على أن عقبة لم يتعدَّ البحر المتوسط؛ إلا أن المؤرخ "ليفي بروفنسال" ومعه المؤرّخ ابن عذاري يرجِّحان دخول عقبة إلى المغرب الأقصى؛ ومن ثَم توقفه عند المحيط الأطلسي!!





كان الفتح الإسلامي لشبه الجزيرة الإيبرية استمرارًا لحركة الفتح العام، وتحقيقًا للمبادئ الأساسية التي تحرَّك من أجلها المسلمون من شبه الجزيرة العربية، وهي:


نشر العقيدة الإسلامية، وتأمين حدودهم، فكان بذلك فتح الأندلس ضرورة لحفظ المغرب الإسلامي من غارات القوط الفرنجة والروم من إثارة الفتن فيه[15]. وقد شجَّع الفاتحين على العبور إلى الأندلس[16] ما كانت تعرفه المنطقة من فوضى سياسية، وظلم اجتماعي؛ حيث قام أحد أمراء القوط "لذريق" أو يسمى بـ"رودريجو" بالاستيلاء على العرش، وأخذ الحكم من أبناء (غيطشة)، فذهب أحد أبناء غيطشة واسمه (أكيلا) إلى يوليان يستنجد به، ووجدها فرصة للانتقام لشرف ابنته[17], توجَّه بعدها يوليان إلى طارق بن زياد[18] - رحمه الله - في طنجة يستنجد به وحَسَّنَ له غزوَ الأندلس, فأخبر موسى بنَ نصير[19] - رحمه الله - بذلك، فكتب موسى إلى الخليفة الوليد بن عبدالملك[20] في دمشق يستأذنه في فتح الأندلس، فأشار عليه الوليد:

"أنْ خضها بالسرايا؛ حتى تختبر شأنها، ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال"، فراجَعَه أنه ليس ببحر، وإنما هو خليج يتبيَّن للناظر ما وراءه، فكتب إليه: وإن كان، فلا بد من اختبارها بالسرايا[21] .


فقام بعملية استكشافيَّة للمنطقة؛ إذ أرسل حملة صغيرة بقيادة طريف الملقَّب بأبي زرعة، وجاز البحر في أربعة مراكب حتى نزل في ساحل البحر بالأندلس، في رمضان 91هـ[22].

من هنا تشجَّع طارق بن زياد ونزل في مكان سُمّي فيما بعد بِجبل طارق[23]، وبنى له قاعدة بحرية في الجبل وسمّيت بالجزيرة الخضراء.

شَعَر لذريق بهذه التحركات فجهَّز جيشًا من القوط وكان واثقًا من سحق المسلمين. لما عَرَف ابن زياد استعدادَ القوط أرسل إلى موسى يطلب المدد، فجاءه 5000 مقاتل بقيادة طريف بن مالك، وتمت المعركة الشهيرة بين الطرفين وسميت بـ(وادي لكة أو وادي برباط 28 رمضان 92هـ/ 19يوليوز711م)، وانتصر المسلمون على الرغم من تفوق عدوِّهم عليهم من حيث العدد والعدة!

لكن ما استوقفني في هذه الفترة التاريخية - ما تروِّجه الروايات التاريخية عن قصةٍ تبدو للغالب كأنَّها صحيحة مقطوع بحقيقتها:



- وهي قضية خطبة طارق بن زياد: "أيها الناس أين المفرّ؟ البحر من ورائكم، والعدو من أمامكم، وليس لكم واللهِ إلا الصدقُ والصبر..." التي تُعَدُّ من أروع الخطب الحماسية، لكنَّها أثارتْ جدلاً حادًّا بين الدارسين؛ إذ كيف يُعقل لحمْلةٍ مكوَّنة من جيشٍ معظمُه من البربر، أن يفهموا لغة فصيحة مثل هذه؟!

- والقضية الثانية: حرق طارق بن زياد للسفن التي عَبَر بها من المغرب إلى بلاد الأندلس، وهي قصة اشتهرت كثيرًا في التاريخ الإسلامي والتاريخ الأوروبي، ويقال إن طارق بن زياد حرق السفن التي عبر بها من المغرب إلى بلاد الأندلس؛ ليحمس الجيش، وقال لهم: البحر من ورائكم، والعدو أمامكم؛ فليس لكم نجاةٌ إلا في السيوف.



لقد وقفتُ عند ردود عديدة، لكن أشدها إقناعًا ما سطره أحد الباحثين بقوله: الحقّ أنَّ هذه الرواية لا يجب أبدًا أن تستقيم، وهي من الروايات الباطلة التي أُدخِلتْ إدخالاً على تاريخ المسلمين؛ وذلك للأسباب الآتية:


أوَّلاً:

أنَّ هذه الرواية ليس لها سند صحيح في التاريخ الإسلامي؛ لأنَّ عندنا عِلم الرجال وعلم الجرح والتعديل، ولا بدَّ أن تكون الرواية منقولةً عن طريق أناس موثوق فيهم، فهذه الرواية لم تَرِدْ أبدًا في روايات المسلمين الموثوق في تأريخها، إنما جاءت فقط في الروايات الأوروبيَّة.

ثانيًا:

أنَّه لو حدث فعلاً حرقٌ لهذه السفن كان لا بد أن يحدث رد فعل من موسى بن نصير أو الوليد بن عبدالملك سؤالاً عن هذه الواقعة، فلا بدَّ أن يكون هناك حوار بين موسى بن نصير وبين طارق بن زياد حول هذه القضية، و لا بد أن يكون هناك تعليق من الوليد بن عبدالملك، ولا بد أن يكون هناك تعليق من علماء المسلمين: هل يَجوز هذا الفعل أم لا يَجوز، ولذلك فإن الكتب اختفى منها ردُّ الفعل تمامًا؛ مما يعطي شكًّا كبيرًا في حدوثها.

ثالثًا:
أن المصادر الأوروبية قد أشاعت هذا الأمر؛ لأن الأوربيين لا يستطيعون تفسير كيف انتصر 12 ألفًا من الرجال الرجَّالة على 100 ألفِ فارسٍ في بلادهم وعقر دارهم، وفي أرض عرفوها وهم من الخيَّالية؛ فقالوا إنَّ طارق بن زياد حرق سفنَه؛ ليجبر الجنود على القتال فانتصروا؛ لأنَّ الأوربيين لا يستطيعون فَهْم القاعدة القرآنية: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249]؛ بل إنَّ الأصل المتكرر في معظم المعارك الإسلامية أن يكون المسلمون قلِّة، وأن يكون الكافرون كثرة، وأن ينتصر المسلمون بهذا العدد القليل؛ بل إنه من العجب العجاب أنه لو زاد أعداد المسلمين انهزموا؛ كما حَدَث في حنين: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25].


رابعًا:
أن المسلمين لا يحتاجون إلى تحميس بحرق السفن؛ فقد جاؤوا إلى هذه الأماكن راغبين في الجهاد في سبيل الله، طالبين الموت في سبيل الله؛ فلا حاجة للقائد أن يحمس المسلمين بحرق السفن.


خامسًا:


ليس من المعقول أن قائدًا محنكًا مثل طارق بن زياد - رحمه الله - يحرق سفنه ويقطع خط الرجعة عليه، ماذا لو انهزم المسلمون في معركة من المعارك؟! يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 15، 16]؛

أي إنَّ هناك احتمالَ أنْ ينسحبَ المسلمون من ميدان المعركة؛ إمَّا تحيُّزًا إلى فئة وفئةُ المسلمين كانت في المغرب في الشمال الإفريقي، فكيف يقطع طارق بن زياد على نفسه طريق الانحياز إلى فئة المسلمين، أو يقطع على نفسه التحرف إلى قتال جديد والاستعداد إلى قتال جديد؟! فإن مسألة الحرق هذه فيها تجاوز شرعي كبير لا يُقدِم عليه رجلٌ في ورع وتقوى وعلم وجهاد طارق بن زياد - رحمه الله، وما كان علماء المسلمين وحكَّامهم ليسكتوا على هذا الفعل إن حدث.


سادسًا:


أن طارق بن زياد لا يملك كلَّ السفن؛ بل كانت مؤجَّرة من يوليان، وكان طارق بن زياد يعطيه أجره عن هذه السفن، وكان سوف يردُّها إليه عندما يرجع إلى ميناء سبتة؛ فليس من حق طارق بن زياد أن يحرق هذه السفن. لكل هذه الأمور نقول إن قصة حرق السفن هي قصة مختلَقة أُشيعت لتهوِّن من فتح الأندلس.





ما هو الموقف بعد موقعة وادي برباط؟



المهم قدَّر الله - سبحانه وتعالى - أن ينتصر الجيشُ الإسلامي في 28 رمضان سنة 92هـ على جيش القوط، ثم فرَّ لذريق وحصلوا على كثير من الغنائم، استمر زحف طارق إلى طليطلة، وأتاه الأمر من موسى بتوقف الفتوحات؛ خوفًا على الجيش الإسلامي.


ثم بعد ذلك جاءت الدولة الإدريسية - وهي أول دولة إسلامية في المغرب - التي استفادت من الفتوحات الإسلامية السابقة التي قادها الأمويون في المغرب، فبُويِعَ إدريس الأول من قِبَل قبائل أوربة وقبائل زناتة، وقد مهد له أرضيةَ المبايعة أخوه إبراهيم الذي كان مستقرًّا في طنجة وانتقل إلى سبتة، التي تشكل نقطة التقاء بين الخلافة الأموية في الأندلس والمغرب الذي كان عبارة عن مجموعة إمارات الخوارج (البورغواطيين والصفريين والإباضيين والأزارقة )؛



لكن الدولة انتظمتْ لإدريس بن إدريس، ومحا دعوة الخوارج منهم، واقتطع المغربين عن دعوة العباسيين من لدن سوس الأقصى إلى وادي شلف[24].

كانت مدينة سبتة بعد سقوط الدولة الإدريسية تحت نفوذ الأمويين بالأندلس، ولما انقرضت دولتهم وخلفهم المرابطون ثم الموحِّدون وكان من جملة ما استردوه سبتة وما والاها، وظلَّت تحت حكمهم إلى أن استبدَّ بها "سكوت البرغواطي"[25]، وبعد سقوط الخلافة الأموية سادتها الفوضى حتى سيطر عليها المريدون [المرينيُّون]، واتخذوها أيضًا قاعدة للهجوم على الأندلس عام 1084م.



2- خلال العصر المرابطي:
يتبع








صانعة النهضة 2017-08-24 18:43

رد: ملف عن مدينة سبتة المسلمة: أقدم احتلال في التاريخ!
 
2- خلال العصر المرابطي:


كان بروز مدينة سبتة في القرن الخامس الهجري مع ظهور الدولة المرابطية التي وحدت المغرب والأندلس، وساهمت في توسيع الصلات العلمية؛ إذ تحوَّلت سبتة إلى "عاصمة لولاية كبيرة تشمل ربع مساحة المغرب الأقصى بما في ذلك مدينة فاس"،


ومؤازاة لهذه المكانة الإدارية، حظيت المدينة بـ"دور تشريفي"، إذ غدت المرفأ الرئيس لعبور الحشود العسكرية المرابطية والموحدية لإنجاد مسلمي الأندلس أمام تصاعُد حدة حروب الاسترداد المسيحية بها.

كانت الأندلس في هذه المرحلة مهدَّدةً بالزَّحف النَّصراني؛ نظرًا لانقسام المسلمين على أنفسهم إلى ما يسمى في التاريخ بـ"ملوك الطوائف" المتناحرة، ولما اشتدَّ الضغط النصراني على المسلمين استنجد "المعتمد بن عباد" - وهو أقوى ملوك الطوائف - بقوة المرابطين (بقيادة المجاهد يوسف بن تاشفين[26] - رحمه الله)، وسلمهم الجزيرة الخضراء، بعد الانطلاق من سبتة المغربية المدينة المحصنة، وبعد اتخاذ العدد والسلاح، اتجهت كتائب المسلمين إلى ناحية بطليوس، حيث التقت بقوات النصارى في معركة الزلاقة سنة 479هـ/ 1086م، وتمكَّن المرابطون بفضل الله - سبحانه وتعالى - مِن سحقِ الصليبيين، وانضمت الأندلس إلى حظيرة الدولة المغربية.





3- خلال عصر الموحدين:

يتبع


صانعة النهضة 2017-08-24 18:45

رد: ملف عن مدينة سبتة المسلمة: أقدم احتلال في التاريخ!
 

3- خلال عصر الموحدين:



ومما يؤكد مكانة سبتة في تاريخ المغرب أنَّ سكانها بقيادة القاضي عياض - رحمه الله - رفضوا حُكمَ الموحِّدين؛ اعتِقادًا منهم أن هذا الحكم لا ينسجم مع العقيدة الإسلامية التي تمثل عقيدة أهل السنة والجماعة، ولا تأخذ بالمذهب المالكي،


وتشير الروايات التاريخية أن المهدي بن تومرت قد سافر إلى المشرق لتلقي العلم، وهناك التقى بالعلماء، وتأثَّر بهم، كما التقى بالإمام أبي حامد الغزالي، الذي أحرقت الدولة المرابطية كتابه "الإحياء"، وعاد يدعو إلى نوع من الإصلاح الديني، كما ادَّعى الإمامة والعصمة التي تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة.

وعندما قامت الدولة الموحدية واجهتْ معارضةً من العلماء الذين رفضوا التعاون معها؛ لأنها حاربت المذهب المالكي، وأحرقت كتبه، واضطهدت علماءه؛ ولذلك فإن القاضي عياض رفض أن تخضع مدينةُ سبتة لحكم الموحدين، وقاد حركةَ المقاومة ضد جيش الموحدين، واستطاعت مدينة سبتة أن تصمد أمام الموحدين، الذين استطاعوا فيما بعد أن يخضعوا هذه المدينة، وأن يُنشِئوا فيها أسطولاً بحريًّا قويًّا.





4- خلال أواخر عصر الموحدين ومرحلة الإمارة العزفية:

يتبع


الساعة الآن 06:05

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd