الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي > مدرسة القرآن والسنة > تفسير


شجرة الشكر5الشكر
  • 2 Post By أم سهام
  • 2 Post By أم سهام
  • 1 Post By صانعة النهضة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2017-08-24, 16:51 رقم المشاركة : 1
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي تفسير سورة الدخان



* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق
{ حـمۤ } * { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } * { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } * { أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } * { رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ } * { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } * { بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ } * { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } * { يَغْشَى ٱلنَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ } * { أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ } * { ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ } * { إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ } * { يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ } * { وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } * { أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ } * { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ } * { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } * { فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ } * { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } * { كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } * { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ }

اللغَة: { يُفْرَقُ } يُبيَّن ويُفصَّل { ٱرْتَقِبْ } انتظر { يَغْشَى } يغطي ويحيط { نَبْطِشُ } نأخذ بشدة وعنف { فَتَنَّا } ابتلينا وامتحنا { تَعْلُواْ } تتكبروا وتتطاولوا { عُذْتُ } استجرتُ والتجأت إلى الله { أَسْرِ } سر ليلاً { رَهْواً } ساكناً، والرهو عند العرب الساكن قال الشاعر:والخيلُ تمزع رهواً في أعنَّتها كالطير تنجو من الشُئبوب ذي البردقال الجوهري: رها البحر أي سكن، وجاءت الخيل رهواً أي برفق وسكينة { مُنظَرِينَ } مؤخرين { نَعْمَةٍ } النَّعمة بفتح النون من التنعيم وهو سعة العيش والراحة، وبالكسر من المنة وهي العطية والإِفضال.

سَبَبُ النّزول: عن ابن مسعود قال: إن قريشاً لما استعصت على النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحطٌ وجهدٌ حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر الى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهْد، فأنزل الله تعالى { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } فأُتي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقيل يا رسول الله: استسق لمضر فإِنها قد هلكت، فاستسقى فُسُقوا فنزلت { إِنَّا كَاشِفُو ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ } فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم فأنزل الله { يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ }.

التفسِير { حمۤ } الحروف المقطعة للتنبيه على إِعجاز القرآن وقد تقدم { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } أي أُقسم بالقرآن البيِّن الواضح، الفارق بين طريق الهدى والضلال، البيِّن في إِعجازه، الواضح في أحكامه، وجوابه { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ } أي أنزلنا القرآن في ليلةٍ فاضلة كريمة هي ليلة القدر من شهر رمضان المبارك
{ شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ }
[البقرة: 185] قال ابن جزي: وكيفيةُ إِنزاله فيها أنه أُنزل الى السماء الدنيا جملةً واحدة، ثم نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً بعد شيء، وقيل: المعنى ابتدأنا إِنزاله في ليلة القدر، قال القرطبي: ووصف الليلة بالبركة لما يُنزل اللهُ فيها على عباده من البركات والخيرات والثواب { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } أي لننذر به الخلق، لأن من شأننا وعادتنا ألاَّ نترك الناس دون إِنذار وتحذيرٍ من العقاب، لتقوم الحجة عليهم { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } أي في ليلة القدر يُفصل ويُبيَّن كلُّ أمرٍ محكم من أرزاق العباد وآجالهم وسائر أحوالهم فلا يُبدَّل ولا يُغيِّر قال ابن عباس: يحكم الله أمر الدنيا إِلى السنة القابلة ما كان من حياةٍ، أو موت، أو رزقٍ قال المفسرون: إن الله تعالى ينسخ من اللوح المحفوظ في ليلة القدر، ما يكون في تلك السنة من أرزاق العباد وآجالهم وجميع أمورهم من خير وشر، وصالح وطالح، حتى إِن الرجل ليمشي في الأسواق وينكحُ ويُولد له وقد وقع اسمه في الموتى { أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ } أي جميع ما نقدِّره في تلك الليلة وما نوحي به إلى الملائكة من شئون العباد، هو أمرٌ حاصل من جهتنا، بعلمنا وتدبيرنا { إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } أي نرسل الأنبياء إلى البشر بالشرائع الإِلهية لهدايتهم وإِرشادهم { رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } أي من أجل الرأفة والرحمة بالعباد قال في البحر: وضع الظاهر { رَّبِّكَ } موضع الضمير " رحمةً منا " إيذاناً بأن الربوبية تقتضي الرحمة على المربوبين { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } أي السميع لأقوال العباد، العليمُ بأفعالهم وأحوالهم { رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ } أي الذي أنزل القرآن هو ربُّ السماواتِ والأرض وخالقهما ومالكهما ومن فيهما، إن كنتم من أهل الإِيمان واليقين { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ } أي لا ربَّ غيره، ولا معبود سواه، لأنه المتصف بصفات الجلال والكمال، يُحيي الأموات، ويميت الأحياء { رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } أي هو خالقكم وخالق من سبقكم من الأمم الماضين قال الرازي: والمقصودُ من الآية أن المنزل إِذا كان موصوفاً بهذه الجلالة والكبرياء، كان المُنزل - الذي هو القرآن - في غاية الشرف والرفعة { بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ } أي ليسوا موقنين فيما يظهرونه من الإِيمان في قولهم: اللهُ خالقنا، بل هم في شكٍ من أمر البعث، فهم يلعبون ويسخرون ويهزءون قال شيخ زاده: التفت من الخطاب للغيبة فقال { بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ } تحقيراً لشأنهم، وإبعاداً لهم عن موقف الخطاب، لكونهم من أهل الشك والامتراء، وكونُ أفعالهم الهزء واللعب لعدم التفاتهم إلى البراهين القاطعة، وعدم تمييزهم بين الحق والباطل، والضار والنافع، ثم لما بيَّن أن شأنهم الحماقة والطغيان التفت إلى حبيبه صلى الله عليه وسلم تسليةً له، وإِقناطاً من إِيمانهم فقال { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } أي فانتظر يا محمد عذابهم يوم تأتي السماءُ بدخانٍ كثيف، بيّنٍ واضح يراه كل أحد قال ابن مسعود: إن قريشاً لما عصت الرسول صلى الله عليه وسلم دعا عليهم فقال:" اللهم اشدُد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف " فأصابهم الجهد حتى أكلوا الجيف، وكان الرجل يُحدِّث أخاه فيسمع صوته ولا يراه لشدة الدخان المنتشر بين السماء والأرض، ثم قال ابن مسعود: خمسٌ قد مضين: " الدخانُ، والروم، والقمر، والبطشة، واللزام " وقال ابن عباس: لم يمض الدخان بل هو من أمارات الساعة، وهو يأتي قُبيل القيامة، يصيبُ المؤمن منه مثلُ الزكام، ويُنضجُ رءوس الكافرين والمنافقين، حتى يصبح رأس الواحد كالرأس المشوي، ويغدو كالسكران فيملأ الدخان جوفه ويخرج من منخريه وأُذنيه ودبره { يَغْشَى ٱلنَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي يشمل كفار قريش ويعمهم من كل جانب ويقولون حين يصيبهم الدخان: هذا عذاب أليم { رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ } أي ويقولون مستغيثين: ربَّنا ارفع عنا العذاب فإِننا مؤمنون بمحمد وبالقرآن إن كشفته عنا قال البيضاوي: وهذا وعدٌ بالإِيمان إن كشف العذاب عنهم { أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ }؟ استبعادٌ لإِيمانهم أي من أين يتذكرون ويتعظون عند كشف العذاب؟ { وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ } أي والحال أنه قد أتاهم رسولٌ بيّن الرسالة، مؤيدٌ بالبينات الباهرة، والمعجزات القاهرة، ومع هذا لم يؤمنوا به ولم يتبعوه؟ { ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ } أي ثم أعرضوا عنه وبهتوه، ونسبوه إلى الجنون - وحاشاه - فهل يُتوقع من قومٍ هذه صفاتهم أن يتأثروا بالعظة والتذكير؟! قال الإِمام الفخر: إن كفار مكة كان لهم في ظهور القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم قولان: منهم من يقول: إن محمداً يتعلم هذا الكلام من بعض الناس، ومنهم من كان يقول: إنه مجنون والجنُّ تلقي عليه هذا الكلام حال تخبطه { إِنَّا كَاشِفُو ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ } أي سنكشف عنكم العذاب زمناً قليلاً ثم تعودون إلى ما كنتم عليه من الشرك والعصيان قال الرازي: والمقصودُ التنبيه على أنهم لا يوفون بعهدهم، وأنهم في حال العجز يتضرعون إلى الله تعالى، فإِذا زال الخوف عادوا إلى الكفر وتقليد الأسلاف قال ابن مسعود: لما كشف عنهم العذاب باستسقاء النبي صلى الله عليه وسلم عادوا إلى تكذبيه { يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ } أي واذكر يوم نبطش بالكفار بطشتنا الكبرى انتقاماً منهم، والبطشُ: الأخذُ بقوة وشدة قال ابن مسعود: " البطشة الكبرى " يوم " بدر " وقال ابن عباس: هي يوم القيامة قال ابن كثير: والظاهر أن ذلك يوم القيامة، وإِن كان يومُ بدر يومَ بطشةٍ أيضاً وقال الرازي: القول الثاني أصح لأن يوم بدر لا يبلغ هذا المبلغ الذي يوصف به هذا الوصف العظيم، ولأن الانتقام التام إِنما يحصل يوم القيامة، ولمّا وصف بكونها " كبرى " وجب أن تكون أعظم أنواع البطش على الإِطلاق، وذلك إِنما يكون في القيامة، ثم ذكَّر كفار قريش بما حلَّ بالطاغين من قوم فرعون فقال { وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ } أي ولقد اختبرنا قبل هؤلاء المشركين قوم فرعون وهم أقباط مصر { وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } أي وجاءهم رسولٌ شريف الحسب والنسب، من أكرم عباد الله وهو موسى الكليم عليه أفضل الصلاة والتسليم { أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ } أي فقال لهم موسى: ادفعوا إليَّ عبادَ الله وأطلقوهم من العذاب، يريد بني إِسرائيل كقوله تعالى


{ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ }
[طه: 47] { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } أي إني رسولٌ مؤتمنٌ على الوحي غير متهم، وأنا لكم ناصح فاقبلوا نصحي { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ } أي لا تتكبروا على الله ولا تترفَّعوا عن طاعته { إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي قد جئتكم بحجةٍ واضحة، وبرهانٍ ساطع، يعترف بهما كل عاقل { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ } أي التجأت إليه تعالى واستجرت به من أن تقتلوني قال القرطبي: كأنهم توعَّدوه بالقتل فاستجار بالله { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ } أي وإِن لم تصدقوني ولم تؤمنوا بالله لأجل ما أتيتكم به من الحجة، فكفوا عن أذاي وخلُّوا سبيلي قال ابن كثير: أي لا تتعرضوا لي ودعوا الأمر مسالمةً إلى أن يقضي الله بيننا { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } أي فدعا عليهم لمّا كذبوه قائلاً: يا ربِّ إِن هؤلاء قوم مجرمون فانتقم منهم { فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ } في الكلام حذف تقديره فأوحينا إِليه وقلنا له: أسرِ بعبادي أي اخرج ببني إِسرائيل ليلاً فإِن فرعون وقومه يتبعونكم، ويكون ذلك سبباً لهلاكهم { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً } أي واترك البحر ساكناً منفرجاً على هيئته بعد أن تجاوزه { إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } أي إِنَّ فرعون وقومه سيغرقون فيه قال في التسهيل: لمَّا جاوز موسى البحر أراد أن يضربه بعصاه فينطبق كما ضربه فانفلق، فأمره الله بأن يتركه ساكناً كما هو ليدخله فرعون وقومه فيغرقوا فيه، وإِنما أخبره تعالى بذلك ليبقى فارغ القلب من شرهم وإِيذائهم، مطمئناً إلى أنهم لن يدركوا بني إِسرئيل، ثم أخبر تعالى عن هلاكهم فقال { كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } كم للتكثير أي لقد تركوا كثيراً من البساتين والحدائق الغناء والأنهار والعيون الجارية { وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } أي ومزارع عديدة فيها أنواع المزروعات ومجالس ومنازل حسنة قال قتادة: { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } هي المواضع الحسان من المجالس والمساكن وغيرها { وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } أي وتنعم بالعيش مع الحسن والنضارة كانوا فيها ناعمين بالرفاهية وكمال السرور قال الإِمام الفخر: بيَّن تعالى أنهم بعد غرقهم تركوا هذه الأشياء الخمسة وهي: الجنات، والعيون، والزروع، والمقام الكريم ـ وهو المجالس والمنازل الحسنة ـ ونعمة العيش بفتح النون وهي حسنُه ونضارته { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } أي كذلك فعلنا بهم حيث أهلكناهم وأورثنا ملكهم وديارهم لقومٍ آخرين، كانوا مستعبدين في يد القبط وهم بنو إسرائيل قال ابن كثير: والمراد بهم بنو إسرائيل فقد استولوا - بعد غرق فرعون وقومه - على الممالك القبطية، والبلاد المصرية كما قال تعالى
{ وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا }
[الأعراف: 137] وقال تعالى في مكان آخر
{ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ }
[الشعراء: 59] { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ } أي فما حزن على فقدهم أحد، ولا تأثر بموتهم كائن من الخلق { وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } أي ما كانوا مؤخرين وممهلين إلى وقت آخر. بل عُجّل عقابهم في الدنيا قال القرطبي: تقول العرب عند موت السيد منهم: بكت له السماء والأرض، أي عمَّت مصيبتُه الأشياء حتى بكته الأرض والسماء، والريح والبرق قال الشاعر:فيا شجر الخابور مالك مورقاً كأنك لم تجزع لموتِ طريفوذلك على سبيل التمثيل والتخييل مبالغةٌ في وجوب الجزع والبكاء عليه والمعنى أنهم هلكوا فلم تعظم مصيبتهم ولم يوجد لهم فقد، وقيل هو على حذف مضاف أي ما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض.






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=948161
التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-08-24, 17:09 رقم المشاركة : 2
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة الدخان









* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق
{ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيغ¤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ظ±لْعَذَابِ ظ±لْمُهِينِ } * { مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ ظ±لْمُسْرِفِينَ } * { وَلَقَدِ ظ±خْتَرْنَاهُمْ عَلَىظ° عِلْمٍ عَلَى ظ±لْعَالَمِينَ } * { وَآتَيْنَاهُم مِّنَ ظ±لآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ } * { إِنَّ هَـظ°ؤُلاَءِ لَيَقُولُونَ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ظ±لأُوْلَىظ° وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } * { فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَظ±لَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } * { وَمَا خَلَقْنَا ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـظ°عِبِينَ } * { مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِظ±لْحَقِّ وَلَـظ°كِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { إِنَّ يَوْمَ ظ±لْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ } * { يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ظ±للَّهُ إِنَّهُ هُوَ ظ±لْعَزِيزُ ظ±لرَّحِيمُ } * { إِنَّ شَجَرَتَ ظ±لزَّقُّومِ } * { طَعَامُ ظ±لأَثِيمِ } * { كَظ±لْمُهْلِ يَغْلِي فِي ظ±لْبُطُونِ } * { كَغَلْيِ ظ±لْحَمِيمِ } * { خُذُوهُ فَظ±عْتِلُوهُ إِلَىظ° سَوَآءِ ظ±لْجَحِيمِ } * { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ظ±لْحَمِيمِ } * { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ظ±لْعَزِيزُ ظ±لْكَرِيمُ } * { إِنَّ هَـظ°ذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } * { إِنَّ ظ±لْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ } * { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ } * { كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } * { يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ } * { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ظ±لْمَوْتَ إِلاَّ ظ±لْمَوْتَةَ ظ±لأُولَىظ° وَوَقَاهُمْ عَذَابَ ظ±لْجَحِيمِ } * { فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ ظ±لْفَوْزُ ظ±لْعَظِيمُ } * { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { فَظ±رْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ }

المنَاسَبَة:
لما ذكر تعالى إِهلاك فرعون وقومه، أردفه بذكر إِحسانه لبني إِسرائيل، ليشكروا ربهم على إِنعامه وإِحسانه، ثم حذَّر كفار مكة من بطش الله وانتقامه، وختم السورة الكريمة ببيان حال الأشقياء والسعداء في يوم الفصل والجزاء.


اللغَة:
{ عَالِياً } متكبراً جباراً { بَلاَءٌ } اختبار وامتحان { مُنشَرِينَ } مبعوثين بعد الموت، وأنشر الله الموتى أحياهم { قَوْمُ تُبَّعٍ } ملوك اليمن، وكانوا يسمون ملوكهم التبابعة قال الجوهري: التبابعة ملوك اليمن، واحدهم تُبَّع، وقال أهل اللغة: تُبَّع لقب للملك منهم كالقياصرة للروم، والأكاسرة للفرس، والخلفاء للمسلمين { يَوْمَ ظ±لْفَصْلِ } يوم القيامة { مَّوْلًى } قريب وناصر { ظ±لْمُهْلِ } النحاس المذاب { ظ±لأَثِيمِ } الفاجر من أثِمَ الرجل يأثم إِذا وقع في الإِثم والفجور { ظ±عْتِلُوهُ } جرُّوه وسوقوه بعنفٍ وشدَّة { سُندُسٍ } رقيق الديباج { إِسْتَبْرَقٍ } غليظ الديباج { عِينٍ } واسعات الأعين جمع عيناء { ظ±رْتَقِبْ } انتظر.


التفسِير:
{ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيغ¤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ظ±لْعَذَابِ ظ±لْمُهِينِ } أي والله لقد أنقذنا بني إِسرائيل من العذاب الشديد، المفرط في الإِذلال والإِهانة، وهو قتل أبنائهم واستخدام نسائهم، وإِرهاقهم في الأعمال الشاقة { مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ ظ±لْمُسْرِفِينَ } أي من طغيان فرعون وجبروته إنه كان متكبراً جباراً، متجاوزاً الحد في الطغيان والإِجرام قال الصاوي: هذا من جملة تعداد النعم على بني إسرائيل، والمقصود من ذلك تسليته صلى الله عليه وسلم وتبشيره بأنه سينجيه وقومه المؤمنين من أيدي المشركين، فإِنهم لم يبلغوا في التجبر مثل فرعون وقومه { وَلَقَدِ ظ±خْتَرْنَاهُمْ عَلَىظ° عِلْمٍ عَلَى ظ±لْعَالَمِينَ } أي اصطفيناهم وشرفناهم على علمٍ منا باستحقاقهم لذلك الشرف على جميع الناس في زمانهم قال قتادة: على أهل زمانهم، لا على أمة محمد لقوله تعالى

{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ }
[آل عمران: 110] { وَآتَيْنَاهُم مِّنَ ظ±لآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ } أي وآتيناهم من الحجج والبراهين وخوارق العادات ما فيه اختبار وامتحان ظاهر جليٌ لمن تدبَّر وتبصَّر قال الرازي: والآياتُ مثل فلق البحر، وتظليل الغمام، وإِنزال المنِّ والسلوى وغيرها من الآيات الباهرة، التي ما أظهر الله مثلها على أحدٍ سواهم { إِنَّ هَـظ°ؤُلاَءِ لَيَقُولُونَ * إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ظ±لأُوْلَىظ° } أي إِن كفار قريش ليقولون: لن نموت إلا موتةً واحدةً وهي موتتنا الأولى في الدنيا، وفي قوله تعالى { هَـظ°ؤُلاَءِ } تحقيرٌ لهم وازدراءٌ بهم قال المفسرون: لمَّا كان الحديث في أول السورة عن كفار مكة، وجاءت قصة فرعون وقومه مسوقة للدلالة على أنهم مثلهم في الإِصرار على الضلالة والكفر، رجع إلى الحديث عن كفار قريش، والغرضُ من قولهم { إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ظ±لأُوْلَىظ° } إِنكار البعث كأنهم قالوا: إِذا متنا فلا بعث ولا حياة ولا نشور، ثم صرحوا بذلك بقولهم { وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } أي وما نحن بمبعوثين { فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } خطابٌ للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على وجه التعجيز أي أحيوا لنا آبائنا ليخبرونا بصدقكم إِن كنتم صادقين في أن هناك حياةً بعد هذه الحياة قال الإِمام الفخر: إن الكفار احتجوا على نفي الحشر والنشر بأن قالوا: إن كان البعث والنشور ممكناً معقولاً فجعلوا لنا إِحياء من مات من آبائنا ليصير ذلك دليلاً عندنا على صدق دعواكم في البعث يوم القيامة وقال القرطبي: قال هذا أبو جهل، قال يا محمد: إن كنت صادقاً في قولك فابعث لنا رجلين من آبائنا أحدهما: قُصي بن كلاب فإِنه كان رجلاً صادقاً، لنسأله عما يكون بعد الموت { أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ } استفهام انكار مع التهديد أي أهؤلاء المشركون أقوى وأشدُّ أم أهل سبأ ملوك اليمن؟ الذين كانوا أكثر أموالاً، وأعظم نعيماً من كفار مكة؟ { وَظ±لَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ } أي والذين سبقوهم من الأمم العاتية أهلكناهم، وخربنا بلادهم، وفرقناهم شذر مذر قال أبو السعود: والمراد بهمْ عاد وثمود وأضرابهم من كل جبار عنيد، أولي بأسٍ شديد، فأولئك كانوا أقوى من هؤلاء، وقد أهلكهم الله مع ما كانوا عليه من غاية القوة والشدة، فإِهلاك هؤلاء أولى { إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } تعليل للإِهلاك أي أهلكناهم ودمرناهم بسبب إِجرامهم، وفيه وعيد وتهديد لقريش أن يفعل الله بهم ما فعل بقوم تُبَّع والمكذبين.. ثم نبه تعالى إلى دلائل البعث وهو خلق العالم بالحقِّ فقال { وَمَا خَلَقْنَا ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ } أي وما خلقنا هذا الكون وما فيه من المخلوقات البديعة لعباً وعبثاً { مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِظ±لْحَقِّ } أي ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما من المخلوقات إلا بالعدل والحقِّ المبين، لنجازي المحسن بإِحسانه والمسيء بإِساءته { وَلَـظ°كِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أي ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون ذلك فينكرون البعث والجزاء قال المفسرون: إن الله تعالى خلق النوع الإِنساني، وخلق ما ينتظم به أسباب معاشهم، من السقف المرفوع، والمهاد المفروش، وما بينهما من عجائب المصنوعات، وبدائع المخلوقات، ثم كلفهم بالإِيمان والطاعة، فآمن البعض وكفر البعض، فلا بدَّ إذاً من دار جزاء يثاب فيها المحسن، ويعاقب فيها المسيء، لتجزى كل نفسٍ بما كسبت، ولو لم يحصل البعث والجزاء لكان هذا الخلق لهواً وعبثاً، وتنزَّه الله عن ذلك، ولهذا قال بعده { إِنَّ يَوْمَ ظ±لْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ } أي إن يوم القيامة موعد حساب الخلائق أجمعين، سُمي { يَوْمَ ظ±لْفَصْلِ } لأن الله تعالى يفصل فيه بين الخلق كما قال تعالى
{ يَوْمَ ظ±لْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ }
[الممتحنة: 3] { يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } أي في ذلك اليوم الرهيب، لا يدفع قريب عن قريبه، ولا صديقٌ عن صديقه، ولا ينفع أحدٌ أحداً ولا ينصره ولو كان قريبه كقوله
{ يظ°أَيُّهَا ظ±لنَّاسُ ظ±تَّقُواْ رَبَّكُمْ وَظ±خْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً }

[لقمان: 33] { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ظ±للَّهُ } استثناء متصل أي لا يغني قريبٌ عن قريب إلا المؤمنين فإِنه يُؤذن لهم في شفاعة بعضهم لبعض وقيل: منقطع أي لكنْ من رحمه اللهُ فإِنه يشفع وينفع قال ابن عباس: يريد المؤمن فإِنه تشفع له الأنبياء والملائكة { إِنَّهُ هُوَ ظ±لْعَزِيزُ ظ±لرَّحِيم } أي هو المنتقم من أعدائه، الرحيمُ بأوليائه.. ولما ذكر الأدلة على القيامة، أردفه بوصف ذلك اليوم العصيب، فذكر وعيد الكفار أولاً ثم وعد الأَبرار ثانياً للجمع بين الترهيب والترغيب فقال { إِنَّ شَجَرَةَ ظ±لزَّقُّومِ * طَعَامُ ظ±لأَثِيمِ } أي إن هذه الشجرة الخبيثة - شجرة الزقوم - التي تنبتُ في أصل الجحيم، طعام كل فاجر، ليس له طعام غيرها قال أبو حيان: الأثيمُ صفة مبالغة وهو الكثير الآثام، وفُسِّر بالمشرك { كَظ±لْمُهْلِ يَغْلِي فِي ظ±لْبُطُونِ } أي هي في شناعتها وفظاعتها إذا أكلها الإِنسان كالنحاس المذاب الذي تناهى حرُّه، فهو يُجرجر في البطن { كَغَلْيِ ظ±لْحَمِيمِ } أي كغليان الماء الشديد الحرارة قال القرطبي: وشجرة الزقوم هي الشجرة التي خلقها الله في جهنم، وسمَّاها الشجرة الملعونة، فإِذا جاع أهل النار التجئوا إليها فأكلوا منها، فغلت في بطونهم كما يغلي الماء الحار، وشبَّه تعالى ما يصير منها إلى بطونهم بالمُهل وهو النحاس المذاب، والمرادُ بالأثيم الفاجر ذو الإِثم وهو أبو جهل، وذلك أنه كان يقول: يعدنا محمد أن في جهنم الزقوم، وإِنما هو الثَّريد بالزبد والتمر، ثم يأتي بالزبد والتمر ويقول لأصحابه: تزقموا، سخريةً واستهزاءً بكلام الله، قال تعالى { خُذُوهُ فَظ±عْتِلُوهُ إِلَىظ° سَوَآءِ ظ±لْجَحِيمِ } أي يُقال للزبانية: خذوا هذا الفاجر اللئيم فسوقوه وجروه من تلابيبه بعنف وشدة إلى وسط الجحيم { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ظ±لْحَمِيمِ } أي ثم صبوا فوق رأس هذا الفاجر عذاب ذلك الحميم الذي تناهى حرُّه { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ظ±لْعَزِيزُ ظ±لْكَرِيمُ } أي يقال له على سبيل الاستهزاء والإِهانة: ذقْ هذا العذاب فإِنك أنت المعزَّز المكرَّم قال عكرمة: التقى النبي صلى الله عليه وسلم بأبي جهل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الله أمرني أن أقول لك
{ أَوْلَىظ° لَكَ فَأَوْلَىظ° }
[القيامة: 34] فقال: بأي شيءٍ تهددني! واللهِ ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئاً، إِني لمن أعزِّ هذا الوادي وأكرمه على قومه، فقتله الله يوم بدر وأذلَّه ونزلت هذه الآية { إِنَّ هَـظ°ذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } أي إنَّ هذا العذاب هو ما كنتم تشكُّون به في الدنيا، فذوقوه اليوم
{ أَفَسِحْرٌ هَـظ°ذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ }
[الطور: 15] والجمعُ في الآية باعتبار المعنى لأن المراد جنس الأثيم.. ولما ذكر تعالى أحوال أهل النار أتبعه بذكر أحوال أهل الجنة فقال { إِنَّ ظ±لْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ } أي الذين اتقوا اللهَ في الدنيا بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، هم اليوم في موضع إِقامة يأمنون فيه من الآفات والمنغصات والمكاره، وهو الجنة ولهذا قال بعده { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } أي في حدائق وبساتين ناضرة، وعيونٍ جارية { يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ } أي يلبسون ثياب الحرير، الرقيق منه وهو السندس، والسميك منه وهو الاستبرق { مُّتَقَابِلِينَ } أي متقابلين في المجالس ليستأنس بعضهم ببعض { كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } أي كذلك أكرمناهم بأنواع الإِكرام، وزوجناهم أيضاً بالحور الحسان في الجنان قال البيضاوي: أي قرناهم بالحور العين، والحوراءُ: البيضاءُ، والعيناءُ: عظيمة العينين، وإِنما وصف تعالى نعيمهم بذلك لأن الجنات والأنهار من أقوى أسباب نزهة الخاطر، وانفراجه عن الغم، ثم ذكر الحور الحِسان لأن بها اكتمال سعادة الإِنسان كما قيل " ثلاثةُ تنفي عن القلب الحزن: الماء، والخضرةُ، والوجهُ الحسن " ثم زاد في بيان النعيم فقال { يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ } أي يطلبون من الخدم إحضار جميع أنواع الفواكه في الجنة، لأجل أنهم آمنون من التخم والأمراض، فلا تعب في الجنة ولا وَصَب { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ظ±لْمَوْتَ إِلاَّ ظ±لْمَوْتَةَ ظ±لأُولَىظ° } استثناء منقطع أي لا يذوقون في الجنة الموت لكنهم قد ذاقوا الموتة الأولى في الدنيا فلم يعد ثمة موت، بل خلود أبد الآبدين { وَوَقَاهُمْ عَذَابَ ظ±لْجَحِيمِ } أي خلَّصهم ونجَّاهم من عذاب جهنم الشديد الأليم { فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ } أي فعل ذلك بهم تفضلاً منه تعالى عليهم { ذَلِكَ هُوَ ظ±لْفَوْزُ ظ±لْعَظِيمُ } أي ذلك الذي أعطوه من النعيم، هو الفوز العظيم الذي لا فوز وراءه { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي فإِنما سهلنا القرآن بلغتك - وهي لسان العرب - لعلهم يتعظون وينزجرون { فَظ±رْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ } أي فانتظر يا محمد ما يحل بهم، إِنهم منتظرون هلاكك، وسيعلمون لمن تكون النصرة والظفر في الدنيا والآخرة، وفيه وعد للرسول صلى الله عليه وسلم ووعيد للمشركين.


البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

1- صيغة المبالغة { ظ±لسَّمِيعُ ظ±لْعَلِيمُ } { ظ±لْعَزِيزُ ظ±لرَّحِيمُ } { ظ±لْعَزِيزُ ظ±لْكَرِيمُ }.

2- الطباق
{ لاَ إِلَـظ°هَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ }
[الدخان: 8] وكذلك { إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ظ±لأُوْلَىظ° وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ }.

3- تحريك الهمة للإِيمان والتبصر
{ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ }
[الدخان: 7].

4- الإِيجاز بحذف بعض الكلام { أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِيغ¤ } أي وقلنا له بأن أسر.

5- الاستعارة اللطيفة
{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ظ±لسَّمَآءُ وَظ±لأَرْضُ }
[الدخان: 29] أي لم يتغير بهلاكهم شيء ولم تحزن عليهم السماء والأرض بعد انقطاع آثارهم، والعرب يقولون في التعظيم: بكت عليه السماء والأرض، وأظلمت له الدنيا ويقولون في التحقير: مات فلان فلم تخشع له الجبال.

6- أسلوب التعجيز { فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }.

7- أسلوب التهكم والسخرية { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ظ±لْعَزِيزُ ظ±لْكَرِيمُ }.

8- التفجع وإِظهار الأسى والحسرة
{ كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ }
[الدخان: 25-26].

9- التشبيه المرسل المجمل { كَظ±لْمُهْلِ يَغْلِي فِي ظ±لْبُطُونِ * كَغَلْيِ ظ±لْحَمِيمِ }.

10- السجع الرصين غير المتكلف الذي يزيد في رونق الكلام وجماله إِقرأ مثلاً قوله تعالى { إِنَّ شَجَرَةَ ظ±لزَّقُّومِ * طَعَامُ ظ±لأَثِيمِ * كَظ±لْمُهْلِ يَغْلِي فِي ظ±لْبُطُونِ * كَغَلْيِ ظ±لْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَظ±عْتِلُوهُ إِلَىظ° سَوَآءِ ظ±لْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ظ±لْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ظ±لْعَزِيزُ ظ±لْكَرِيمُ }.






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-08-26, 11:25 رقم المشاركة : 3
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: تفسير سورة الدخان


بارك الله فيك وفي طيب مساهماتك
جعلها الله في موازين حسناتك
ويسطع جمال تفسير كتاب الله تعالى مع العشر الأوائل
ثابري على عملك حفظك الله ورعاك





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2017-08-26, 18:17 رقم المشاركة : 4
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: تفسير سورة الدخان





    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 11:47 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd