الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي > مدرسة القرآن والسنة > تفسير


شجرة الشكر4الشكر
  • 1 Post By أم سهام
  • 1 Post By أم سهام
  • 1 Post By أم سهام
  • 1 Post By أم سهام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2017-08-14, 15:57 رقم المشاركة : 1
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي تفسير سورة غافر



* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

{ حـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِي ٱلطَّوْلِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } * { مَا يُجَادِلُ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { كَـذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَٱلأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِٱلْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } * { وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } * { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } * { قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } * { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ } * { فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } * { رَفِيعُ ٱلدَّرَجَاتِ ذُو ٱلْعَرْشِ يُلْقِي ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } * { يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } * { ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } * { يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ } * { وَٱللَّهُ يَقْضِي بِٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } * { أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

اللغَة:
{ غَافِرِ } الغفْر: السترُ والمحو والتكفير { ٱلطَّوْلِ } الإِنعام والتفضل { يُدْحِضُواْ } يبطلوا ويزيلوا، يقال: الباطلُ داحضٌ، لأنه يزلق ويزل فلا يستقر { حَقَّتْ } وجبت ولزمت { مَقْتُ } المقت: شدة البغض { ٱلرُّوحَ } الوحيُ والنبوة سمي رُوحاً لأن القلوب تحيا به كما تحيا الأبدان بالأرواح { ٱلتَّلاَقِ } الاجتماع في الحشر { بَارِزُونَ } ظاهرون لا يسترهم شيء { ٱلأَزِفَةِ } اسم للقيامة سميت آزفة لقربها، يقال أزف الشيء إذا اقترب { وَاقٍ } دافع يدفع عنهم العذاب.

التفسِير:
{ حـمۤ } الحروف المقطَّعة للتنبيه على إعجاز القرآن، وللإِرشاد على أن هذا القرآن المعجز منظوم من أمثال هذه الحروف الهجائية { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ } أي هذا القرآن تنزيلٌُ من الله { ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } أي العزيز في ملكه، العليم في خلقه { غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ } أي الذي يعفو عن ذنوب العباد، ويقبل توبة العصاة لمن تاب منهم وأناب { شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ } أي شديد العقاب لمن تكبر وطغى، وأعرض عن طاعة المولى { ذِي ٱلطَّوْلِ } أي ذي الفضل والإِنعام { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي لا معبود بحقٍ إلا الله، ولا ربَّ في الوجود سواه { إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } أي إليه وحده مرجع الخلائق فيجازيهم بأعمالهم، وإِنما قدَّم المغفرة والتوبة على العقاب، للإِشارة إلى سعة الفضل وأن رحمته سبقت عذابه، ثم لما ذكر أن القرآن هداية الله للعالمين، أعقبه بذكر المجادلين المعاندين فقال { مَا يُجَادِلُ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي ما يدفع الحق ويجادل في هذا القرآن - بعد وضوح آياته وظهور إعجازه - إلا الجاحدون لآياتِ الله، المعاندون لرسله { فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي ٱلْبِلاَدِ } أي فلا تغترَّ أيها العاقل بتصرفهم وتقلبهم في هذه الدنيا، بالمساكن والمزارع، والممالك والتجارات، فإِنهم أشقى الناس، وما هم عليه من النعيم متاعٌ قليل، وظلٌ زائل، فإِني وإِن أمهلتهم لا أهملُهم، بل آخذهم بعد ذلك النعيم أخذ عزيز مقتدر قال في التسهيل: والآية تسليةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم ووعيدٌ شديد للكفار { كَـذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَٱلأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ } أي كذَّب قبل كفار مكة أقوام كثيرون، منهم قوم نوح والأمم الذين تحزبوا على أنبيائهم ولم يقبلوا ما جاءوا به من عند الله كقوم عاد وثمود وفرعون وأمثالهم { وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ } أي وهمت كل أمةٍ من الأمم المكذبين أن يقتلوا رسولهم ويبطشوا به قال ابن كثير: أي حرصوا على قتله بكل ممكن ومنهم من قتل رسوله { وَجَادَلُوا بِٱلْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ } أي جادلوا رسلهم بالباطل ليزيلوا ويبطلوا به الحق الواضح الجلي { فَأَخَذْتُهُمْ } أي فأهلكتهم إهلاكاً مريعاً { فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } استفهام تعجيب أي فكيف كان عقابي لهم؟ ألم يكن شديداً فظيعاً؟ { وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } أي وكذلك وجبت كلمة العذاب على هؤلاء المكذبين من قومك، كما وجبت لمن سبقهم من الكفار { أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } أي لأنهم أهل النار، قال الطبري: أي كما حقَّ على الأمم التي كذبت رسلها وحلَّ بها عقابي، كذلك وجبت كلمة العذاب على الذين كفروا بالله من قومك لأنهم أصحاب النار.
ثم ذكر تعالى حال الملائكة الأطهار، والمؤمنين الأبرار، بعد أن ذكر الكفار والفجار فقال { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } أي هؤلاء العباد المقربون - حملةُ العرش - ومن حول العرش من أشراف الملائكة وأكابرهم، ممن لا يُحصي عددهم إلا الله، هم في عبادة دائبة لله، ينزهونه عن صفات النقص، ويثنون عليه بصفات الكمال { وَيُؤْمِنُونَ بِهِ } أي ويصدقون بوجوده تعالى، وبأنه لا إله لهم سواه، ولا يستكبرون عن عبادته قال الزمخشري: فإِن قالت: ما فائدة قوله { وَيُؤْمِنُونَ بِهِ } ولا يخفى أن حملة العرش وجميع الملائكة يؤمنون بالله؟ فالجواب أن ذلك إظهار لفضيلة الإِيمان وشرفه والترغيب فيه { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ } أي وهم مع عباداتهم واستغراقهم في تسبيح الله وتمجيده، يطلبون من الله المغفرة للمؤمنين قائلين { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً } أي يا ربنا وسعت رحمتُك وعلمك كل شيء قال المفسرون: وفي وصف الله تعالى بالرحمة والعلم - وهو ثناءٌ قبل الدعاء - تعليمُ العباد أدب السؤال والدعاء، فهم يبدأون دعاءهم بأدبٍ ويستمطرون إحسانه وفضله وإِنعامه { فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ } أي فاصفح عن المسيئين المذنبين، التائبين عن الشرك والمعاصي، المتبعين لسبيل الحق الذي جاء به أنبياؤك ورسلك { وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } أي واحفظهم من عذاب جهنم { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ } أي أدخلهم جنات النعيم والإِقامة التي وعدتهم إياها { وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } أي وأدخل الصالحين من الآباء والأزواج والأولاد في جنات النعيم أيضاً ليتم سرورهم بهم قال ابن كثير: أي اجمع بينهم وبينهم لتقر بذلك أعينهم بالاجتماع في الجنة بمنازل متجاورة { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } أي العزيز الذي لا يُغلب ولا يمتنع عليه شيء، الحكيم الذي لا يفعل إلا ما فيه الحكمة والمصلحة { وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ } هذا من تمام دعاء الملائكة أي احفظم يا ربّ من فعل المنكرات والفواحش التي توبق أصحابها { وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ } أي ومن حفظته من نتائجها وعواقبها يوم القيامة، فقد لطفت به ونجيته من العقوبة { وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } أي وذلك الغفران ودخول الجنان، هو الظفر العظيم الذي لا ظفر مثله.. ولما تحدث عن أحوال المؤمنين، ذكر شيئاً من أحوال الكافرين فقال { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ } أي تناديهم الملائكة يوم القيامة على جهة التوبيخ والتقريع: لبغض الله الشديد لكم في الدنيا أعظم من بغضكم اليوم لأنفسكم { إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } إي حين كنتم تُدعون إلى الإِيمان فتكفرون كبراً وعتواً قال قتادة: بغضُ الله لأهل الضلالة حين عُرض عليهم الإِيمان في الدنيا فأبوا أن يقبلوه، أكبرُ مما مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله { قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ } أي قال الكفار لما رأوا الشدائد والأهوال ربَّنا أمتَّنا مرتين، وأحييتنا مرتين { فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا } أي فاعترفنا بما جنيناه من الذنوب في الدنيا { فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } أي فهل تردنا إلى الدنيا لنعمل بطاعتك؟ وهل تخرجنا من النار لنسلك طريق الأبرار؟ قال المفسرون: الموتةُ الأولى حين كانوا في العدم، والموتة الثانية حين ماتوا في الدنيا، والحياة الأولى حياة الدنيا، والحياة الثانية حياةُ البعث يوم القيامة، فهاتان موتتان وحياتان، وإِنما قالوا ذلك على سبيل التعطف والتوسل إلى رضى الله، بعد أن عاينوا العذاب، وقد كانوا يكفرون وينكرون، ولهذا جاء الجواب { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ } أي ذلكم العذاب والخلود في جهنم بسبب كفركم وعدم إِيمانكم بالله، فإِذا دعيتم إلى التوحيد كفرتم { وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ } وإِن دعيتم إلى اللات والعزَّى وأمثالهما من الأصنام، آمنتم وصدَّقتم بألوهيتها { فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ } أي فالقضاء لله وحده، لا للأوثان والأصنام، ولا سبيل إلى نجاتكم، لأن الله هو المتعالي على خلقه، العظيم في ملكه الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. . ولما ذكر تعالى ما يوجب التهديد الشديد للمشركين، أردفه بذكر ما يدل على كمال قدرته وحكمته ليصير بمنزلة البرهان على عدم جواز عبادة الأوثان فقال { هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ } أي الله جل وعلا هو الذي يريكم أيها الناس العلامات الدالة على قدرته الباهرة في مخلوقاته، في العالم العلوي والسفلي الدالة على كمال خالقها ومبدعها ومنشئها { وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزْقاً } أي وينزِّل لكم من السماء المطر الذي هو سبب للرزق، وبه تخرج الزروع والثمار { وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ } أي وما يعتبر ويتعظ بهذه الآيات الباهرة، إلا من يرجع إلى الله بالتوبة والإِنابة، والعمل الصالح البعيد عن الرياء والنفاق { فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } أي فاعبدوا الله أيها المؤمنون مخلصين له العبادة والطاعة ولا تعبدوا معه غيره { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } هذا للمبالغة أي اعبدوه وأخلصوا له قلوبكم، حتى ولو كره الكافرون وذلك، وغاظهم إخلاصكم وقاتلوكم عليه { رَفِيعُ ٱلدَّرَجَاتِ } أي عظيم الشأن والسلطان، صاحب الرفعة والمقام العالي { ذُو ٱلْعَرْشِ } أي صاحب العرش العظيم، الذي هو أعظم المخلوقات، ولا شيء يشبهه من مخلوقات الله قال ابن كثير: أخبر تعالى عن عظمته وكبريائه، وارتفاع عرشه العظيم العالي على جميع مخلوقاته كالسقف لها، وقد ذُكر أن العرش من ياقوتةٍ حمراء ولا يعلم سعته إلا الله وقال أبو السعود: وكونُ العرش العظيم المحيط بأكناف العالم العلوي والسفلي، تحت ملكوته وقبضة قدرته، مما يقضي بكون علو شأنه وعظم سلطانه، في غايةٍ لا غاية وراءها { يُلْقِي ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } أي ينزل الوحي على من شاء من خلقه، ويختص بالرسالة والنبوة من أراد من عباده، وإِنما سمَّى الوحي روحاً لأنه يسري في القلوب كسريان الروح في الجسد قال القرطبي: سمَّاه روحاً لأن الناس يحيون به من موت الكفر كما تحيا الأبدان بالأرواح { لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } أي ليخوِّف الرسول الموحَى إليه يوم القيامة الكبرى، حيث يلتقي العباد جميعاً ليحاسبوا على أعمالهم، ويلتقي الخلق بالخالق في ساعة الحساب قال قتادة: يلتقي فيه أهل السماء بأهل الأرض، والخالق والخلق { يَوْمَ هُم بَارِزُونَ } أي يوم هم ظاهرون بادون للعيان، لا شيء يكنُّهم ولا يظلّهم ولا يسترهم من جبلٍ أو أكمةٍ أو بناء، لأنهم في أرض مستوية هي أرض المحشر { لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ } أي لا يخفى على الله شيء من أحوالهم وأعمالهم ولا من سرائرهم وبواطنهم قال الصاوي: والحكمة في تخصيص ذلك اليوم - مع أن الله لا يخفى عليه شيء في سائر الأيام - أنهم كانوا يتوهمون في الدنيا أنهم إذا استتروا بالحيطان مثلاً لا يراهم الله، وفي هذا اليوم لا يتوهمون هذا التوهم { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ }؟ أي ينادي الله سبحانه والناسُ بارزون في أرض المحشر: لمن المُلكُ اليوم؟ ويسكت الخلائق هيبةً لله تعالى وفزعاً، فيجيب تعالى نفسه قائلاً { لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } أي لله المتفرد بالملك، الذي قهر بالغلبة كل ما سواه قال الحسن: هو تعالى السائل وهو المجيب، لأنه يقول ذلك حين لا أحد يجيبه، فيجيب نفسه { ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ } أي في ذلك اليوم - يوم القضاء والفصل بين العباد - تُجازى كل نفسٍ بما عملت من خيرٍ أو شر { لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ } أي لا يُظلم أحد شيئاً، لا بنقص ثواب، ولا بزيادة عقاب { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } أي سريعٌ حسابه، لا يشغله شأنٌ عن شأن، فيحاسب الخلائق جميعاً في وقتٍ واحد قال القرطبي: كما يرزقهم في ساعةٍ واحدة، يحاسبهم كذلك في ساعةٍ واحدة، وفي الخبر:
" لا ينتصف النهارُ حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهلُ النار في النار " { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ } أي خوّفهم ذلك اليوم الرهيب يوم القيامة قال ابن كثير: " الآزفة " اسم من أسماء القيامة، سميت بذلك لقربها كقوله تعالى
{*أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ*}
[النجم: 57] { إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ } أي تكاد قلوبهم لشدة الخوف والجزع تبلغ الحناجر - وهي الحلوق - مكان البلعوم { كَاظِمِينَ } أي ممتلئن غماً وحسرةً شأن المكروب قال في التسهيل: معنى الآية أن القلوب قد صعدت من الصدور لشدة الخوف حتى بلغت الحناجر، ويحتمل أن يكون ذلك حقيقةً أو مجازاً عبَّر به عن شدة الخوف والحنجرة هي الحلق { مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ } أي ليس للظالمين صديقٌ ينفعهم { وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } أي ولا شفيع يشفع لهم لينقذهم من شدة العذاب { يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ } أي يعلم جلَّ وعلا العين الخائنة بمسارقتها النظر إلى محرم قال ابن عباس: هو الرجل يكون جالساً مع الناس، فتمرُّ المرأة فيسارقهم النظر إليها { وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ } أي ويعلم السرَّ المستور تخفيه الصدور { وَٱللَّهُ يَقْضِي بِٱلْحَقِّ } أي يقضي ويحكم بالعدل { وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ } أي والذين يعبدونهم من دون الله من الأوثان والأصنام { لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ } أي لا حكم لهم أصلاً فكيف يكونون شركاء لله؟ قال أبو السعود: وهذا تهكمٌ بهم لأن الجماد لا يقال في حقه يقضي أو لا يقضي { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } أي هو السميع لأقوال العباد، البصير بأفعالهم { أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي ٱلأَرْضِ }؟ أي أولم يعتبر هؤلاء المشركون في أسفارهم بما يرون من آثار المكذبين { فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ } أي فينظروا ما حلَّ بالمكذبين من العذاب والنكال؟ فإِنَّ العاقل من اعتبر بغيره { كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } أي كانوا أشدَّ قوةً من هؤلاء الكفار من قومك { وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ } أي وأقوى آثاراً في الأرض من الحصون والقصور والجند الأشداء، ومع هذه القوة العظيمة والبأس الشديد أهلكهم الله لما كذبوا الرسل { فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ } أي أهلكهم الله إهلاكاً فظيعاً بسبب إجرامهم وتكذيبهم رسل الله { وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } أي وما كان لهم أحد يدفع عنهم عذاب الله، ولا يقيهم من عقابه. . ثم ذكر تعالى سبب عقابه لهم فقال { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي ذلك العذاب بسبب أنهم كانت تأتيهم رسلهم بالمعجزات الباهرات، والآيات الساطعات الواضحات { فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ } أي فكفروا مع هذا البيان والبرهان فأهلكهم الله ودمَّرهم { إِنَّهُ قَوِيٌّ } أي إنه تعالى قويٌ لا يُقهر، ذو قوة عظيمة وبأسٍ شديد { شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } أي عقابه شديد لمن عصاه، وعذابه أليم وجيع، أعاذنا الله من عقابه وأجارنا من عذابه.







: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=947415
التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-08-15, 16:04 رقم المشاركة : 2
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة غافر


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىظ° بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { إِلَىظ° فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُواْ سَاحِرٌ كَـذَّابٌ } * { فَلَمَّا جَآءَهُمْ بِظ±لْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ ظ±قْتُلُوغ¤اْ أَبْنَآءَ ظ±لَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ وَظ±سْتَحْيُواْ نِسَآءَهُمْ وَمَا كَـيْدُ ظ±لْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } * { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِيغ¤ أَقْتُلْ مُوسَىظ° وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّيغ¤ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي ظ±لأَرْضِ ظ±لْفَسَادَ } * { وَقَالَ مُوسَىظ° إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُـمْ مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ظ±لْحِسَابِ } * { وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ظ±للَّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِظ±لْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ظ±لَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ ظ±للَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ } * { يظ°قَومِ لَكُمُ ظ±لْمُلْكُ ظ±لْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي ظ±لأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ظ±للَّهِ إِن جَآءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىظ° وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ظ±لرَّشَادِ } * { وَقَالَ ظ±لَّذِيغ¤ آمَنَ يظ°قَوْمِ إِنِّيغ¤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ظ±لأَحْزَابِ } * { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَظ±لَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا ظ±للَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ } * { وَيظ°قَوْمِ إِنِّيغ¤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ظ±لتَّنَادِ } * { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ ظ±للَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ ظ±للَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } * { وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِظ±لْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىظ° إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ظ±للَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ظ±للَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ } * { ظ±لَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيغ¤ آيَاتِ ظ±للَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ظ±للَّهِ وَعِندَ ظ±لَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ظ±للَّهُ عَلَىظ° كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } * { وَقَالَ فَرْعَوْنُ يظ°هَامَانُ ظ±بْنِ لِي صَرْحاً لَّعَـلِّيغ¤ أَبْلُغُ ظ±لأَسْبَابَ } * { أَسْبَابَ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ فَأَطَّلِعَ إِلَىظ° إِلَـظ°هِ مُوسَىظ° وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَـذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوغ¤ءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ ظ±لسَّبِيلِ وَمَا كَـيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ } * { وَقَالَ ظ±لَّذِيغ¤ آمَنَ يظ°قَوْمِ ظ±تَّبِعُونِ أَهْدِكُـمْ سَبِيـلَ ظ±لرَّشَـادِ } * { يظ°قَوْمِ إِنَّمَا هَـظ°ذِهِ ظ±لْحَيَاةُ ظ±لدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ ظ±لآخِرَةَ هِيَ دَارُ ظ±لْقَـرَارِ } * { مَنْ عَمِـلَ سَـيِّئَةً فَلاَ يُجْزَىظ° إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِـلَ صَالِحاً مِّن ذَكَـرٍ أَوْ أُنْثَىظ° وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـظ°ئِكَ يَدْخُلُونَ ظ±لْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { وَيظ°قَوْمِ مَا لِيغ¤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ظ±لنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيغ¤ إِلَى ظ±لنَّارِ } * { تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِظ±للَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ظ±لْعَزِيزِ ظ±لْغَفَّارِ } * { لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيغ¤ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي ظ±لدُّنْيَا وَلاَ فِي ظ±لآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ظ±للَّهِ وَأَنَّ ظ±لْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ظ±لنَّارِ } * { فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِيغ¤ إِلَى ظ±للَّهِ إِنَّ ظ±للَّهَ بَصِيرٌ بِظ±لْعِبَادِ } * { فَوقَاهُ ظ±للَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوغ¤ءُ ظ±لْعَذَابِ } * { ظ±لنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ظ±لسَّاعَةُ أَدْخِلُوغ¤اْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ظ±لْعَذَابِ }

المنَاسَبَة:
لما ذكر تعالى ما حلَّ بالكفار من العذاب والدمار، أردفه بذكر قصة موسى مع فرعون تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عما يلقاه من الأذى والتكذيب، وبياناً لسنة الله تعالى في إهلاك الظالمين، ثم ذكر موقف مؤمن آل فرعون ونصيحته لقومه، وهي مواقف بطولية مشرِّفة في وجه الطغيان.

اللغَة:
{ ظ±سْتَحْيُواْ } استبقوا بناتهم على قيد الحياة { ضَلاَلٍ } ضياع وبطلان { عُذْتُ } اعتصمت وتحصنتُ والتجأت { ظَاهِرِينَ } غالبين مستعلين { بَأْسِ ظ±للَّهِ } عذابه وانتقامه { دَأْبِ } عادة وشأن { ظ±لتَّنَادِ } يوم القيامة للنداء فيه إلى المحشر، أو لمناداة الناس بعضهم بعضاً قال أمية بن الصَّلت:
وبثَّ الخلق فيها إذ دحاها
***
فهم سكَّانُها حتى التَّنادِ
{ عَاصِمٍ } مانع ودافع { صَرْحاً } قصراً وبناءً عظيماً عالياً { تَبَابٍ } خسران وهلاك { لاَ جَرَمَ } حقاً ولا محالة { حَاقَ } نزل وأحاط.

التفسِير:

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىظ° بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } اللام موطئة للقسم أي والله لقد بعثنا رسولنا موسى بالآيات البينات، والدلائل الواضحات، وبالبرهان البيّن الظاهر وهو معجزة اليد والعصا { إِلَىظ° فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ } أي إلى فرعون الطاغية الجبار، ووزيره هامان، وقارون صاحب الكنوز والأموال قال في البحر: وخصَّ قارون وهامان بالذكر لمكانتهما في الكفر، ولأنهما أشهر أتباع فرعون { فَقَالُواْ سَاحِرٌ كَـذَّابٌ } أي فقالوا عن موسى إنه ساحر فيما أظهر من المعجزات، كذَّاب فيما ادعاه أنه من عند الله، وصيغة كذَّاب للمبالغة { فَلَمَّا جَآءَهُمْ بِظ±لْحَقِّ مِنْ عِندِنَا } أي فلما جاءهم بالمعجزات الباهرة التي تدل على صدقه، والتي أيَّده الله بها { قَالُواْ ظ±قْتُلُوغ¤اْ أَبْنَآءَ ظ±لَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ وَظ±سْتَحْيُواْ نِسَآءَهُمْ } أي اقتلوا الذكور لئلا يتناسلوا، واستبقوا الإِناث للخدمة قال الصاوي: وهذا القتلُ غيرُ الأول، لأن فرعون بعد ولادة موسى أمسك عن قتل الأولاد، فلما بُعث موسى وعجز عن معارضته أعاد القتل في الأولاد ليمتنع الناس من الإِيمان، ولئلا يكثر جمعهم فيكيدوه، فأرسل الله عليهم أنواع العذاب كالضفادع والقُمَّل والدم والطوفان، إلى أن خرجوا من مصر فأغرقهم الله تعالى وجعل كيدهم في نحورهم { وَمَا كَـيْدُ ظ±لْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } أي وما تدبيرهم ومكرهم إلا في خسرانٍ وهلاك، لأن الله لا يُنجح سعيهم { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِيغ¤ أَقْتُلْ مُوسَىظ° } أي قال فرعون الجبار: اتركوني حتى أقتلْ لكم موسى { وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } أي وليناد ربه حتى يخلصه مني، وإِنما ذكره على سبيل الاستهزاء وكأنه يقول: لا يهولنكم ما يذكر من ربه فإِنه لا حقيقة له وأنا ربكم الأعلى، وغرضُه أن يوهمهم بأنه إِنما امتنع عن قتله رعايةً لقلوب أصحابه قال أبو حيان: والظاهر أن فرعون لعنه الله كان قد استيقن أنه نبيٌ، وأن ما جاء به آياتٌ باهرة وما هو بسحر، ولكن الرجل كان فيه خبثٌ وجبروت وكان قتالاً سفاكاً للدماء لأهون شيء، فكيف لا يقتل من أحسَّ منه بأنه يثل عرشه ويهدم ملكه، ولكنه يخاف إن همَّ بقتله أن يُعاجل بالهلاك، وكان كلامه للتمويه على قومه وإيهامهم أنهم هم الذين يكفّونه، وما كان يكفُّه إلا شدةُ الخوف والفزع { إِنِّيغ¤ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ } أي إني أخشى أن يغيّر ما أنتم عليه من عبادتكم لي إلى عبادة ربه { أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي ظ±لأَرْضِ ظ±لْفَسَادَ } أي أو أن يثير الفتن والقلاقل في بلدكم، ويكون بسببه الهرجُ، وهذا كما قال المثل " صار فرعون واعظاً " { وَقَالَ مُوسَىظ° إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُـمْ } أي إني استجرتُ بالله واعتصمتُ به ليحفظني { مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ظ±لْحِسَابِ } أي من شر كل جبارٍ عنيد متكبر عن الإِيمان بالله، لا يصدِّق بالآخرة قال في التسهيل: وإِنما قال { مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ } ولم يذكره باسمه ليشمل فرعون وغيره، وليكون فيه وصفٌ لغير فرعون بذلك الوصف القبيح { وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ } قال المفسرون: كان هذا الرجل ابن عم فرعون وكان قبطياً يخفي إيمانه عن فرعون، فلما سمع قول الجبار متوعداً موسى بالقتل نصحهم بقوله { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ظ±للَّهُ } استفهام إنكاري للتبكيت عليهم أي أتقتلون رجلاً لا ذنب له إلا لأجل أن قال: ربيَ الله من غير تفكرٍ ولا تأملٍ في أمره؟ { وَقَدْ جَآءَكُمْ بِظ±لْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ } أي والحال أنه قد أتاكم بالمعجزات الظاهرة التي شاهدتموها من عند ربكم { وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ } أي إن كان كاذباً في دعوى الرسالة فضرر كذبه لا يتعداه قال القرطبي: ولم يكن ذلك لشكٍ منه في رسالته وصدقه، ولكنْ تلطفاً في الاستكفاف، واستنزالاً عن الأذى { وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ظ±لَّذِي يَعِدُكُمْ } أي وإِن كان صادقاً في دعواه أصابكم بعضُ ما وعدكم به من العذاب { إِنَّ ظ±للَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ } أي لا يوفق للهداية والإِيمان من هو مسرفٌ في الضلال، مبالغ في الكذب على الله قال الإِمام الفخر: وفي هذا إشارة إلى رفع شأن موسى لأن الله هداه وأيده بالمعجزات، وتعريضٌ بفرعون في أنه مسرفٌ في عزمه على قتل موسى، كذَّاب في إِقدامه على ادعاء الإِلهية، والله لا يهدي من هذا شأنه وصفته، بل يبطله ويهدم أمره وقال في البحر: هذا نوعٌ من أنواع علم البيان يسميه علماؤنا " استدراج المخاطب " وذلك أنه لما رأى فرعون قد عزم على قتل موسى، وقومه على تكذيبه، أراد الانتصار له بطريق يُخفي عليهم بها أنه متعصبٌ له، وأنه من أتباعه، فجاءهم بطريق النصح والملاطفة فقال { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً } ولم يذكر اسمه بل قال رجلاً ليوهمهم أنه لا يعرفه، ثم قال { أَن يَقُولَ رَبِّيَ ظ±للَّهُ } ولم يقول رجلاً مؤمناً بالله أو هو نبيُ الله، إذ لو قال ذلك لعلموا أنه متعصب ولم يقبلوا قوله، ثم أتبعه بقوله { وَإِن يَكُ كَاذِباً } فقدَّم الكذب على الصدق موافقة لرأيهم فيه ثم تلاه بقوله { وَإِن يَكُ صَادِقاً } ولم يقل هو صادق وكذلك قال { يُصِبْكُمْ بَعْضُ ظ±لَّذِي يَعِدُكُمْ } ولم يقل كلُّ ما يعدكم ولو قال ذلك لعلموا أنه متعصب له، وأنه يزعم نبوته وأنه يصدّقه، ثم أتبعه بكلام يفهم منه أنه ليس بمصدِّق له وهو قوله { إِنَّ ظ±للَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ } وفيه تعريضٌ بفرعون، إذ هو في غاية الإِسراف والكذب على الله، إذْ ادعى الألوهية والربوبية { يظ°قَومِ لَكُمُ ظ±لْمُلْكُ ظ±لْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي ظ±لأَرْضِ } كرر النصح مع التلطف والمعنى: أنتم غالبون عالون بني إسرائيل في أرض مصر قد قهرتموهم واستعبدتموهم اليوم { فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ظ±للَّهِ إِن جَآءَنَا } أي فمن ينقذنا من عذاب الله وينجينا منه إن قتلتم رسوله قال الرازي: وإِنما قال { يَنصُرُنَا } و { جَآءَنَا } لأنه كان يُظهر لهم أنه منهم، وأنَّ الذي ينصحهم به هو مشارك لهم فيه.
. وهنا تأخذ فرعون العزةُ بالإِثم، ويستبدُّ به الجبروت والطغيان { قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىظ° } أي ما أشير عليكم برأيٍ سوى ما ذكرتُه من قتل موسى حسماً لمادة الفتنة { وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ظ±لرَّشَادِ } أي وما أهديكم بهذا الرأي إلا طريق الصواب والصلاح { وَقَالَ ظ±لَّذِيغ¤ آمَنَ يظ°قَوْمِ إِنِّيغ¤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ظ±لأَحْزَابِ } أي أخشى عليكم مثل أيام العذاب التي عُذّب بها المتحزبون على الأنبياء { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ } هذا تفسير للأحزاب أي مثل عادة قوم نوع وعاد وثمود وما أصابهم من العذاب والدمار بتكذيبهم لرسلهم { وَظ±لَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ } أي والمكذبين بعد أولئك كقوم لوط { وَمَا ظ±للَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ } أي لا يعاقب العباد بدون ذنب قال الزمخشري: أي إن تدميرهم كان عدلاً وقسطاً لأنهم استوجبوه بأعمالهم، وفيه مبالغة حيث جعل المنفي إرادة الظلم، ومن كان بعيداً عن إرادة الظلم، كان عن الظلم أبعد { وَيظ°قَوْمِ إِنِّيغ¤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ظ±لتَّنَادِ } خوَّفهم بعذاب الآخرة بعد أن خوفهم بعذاب الدنيا والمعنى إني أخاف عليكم من ذلك اليوم الرهيب يوم الحشر الأكبر، حيث ينادي المجرمون بالويل والثبور
{*دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً*}
[الفرقان: 13] { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } أي تولون منهزمين من هول عذاب جهنم قال المفسرون: إن الكفار إذا سمعوا زفير النار أدبروا هاربين، فلا يأتون قطراً من الأقطار إلا وجدوا الملائكة يتلقونهم يضربون وجوههم، فيرجعون إلى مكانهم فتتلقفهم جنهم { مَا لَكُمْ مِّنَ ظ±للَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } أي ليس لكم مانع ولا دافع يصرف عنكم عذاب الله { وَمَن يُضْلِلِ ظ±للَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } أي ومن يضلله اللهُ فليس له من يهديه إلى طريق النجاة { وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِظ±لْبَيِّنَاتِ } أي ووالله لقد جاءكم يوسف بن يعقوب من قبل موسى بالمعجزات الظاهرات { فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ } أي فلم تزالوا شاكين في رسالته كافرين بما جاء به من عند الله قال المفسرون: المراد آباؤكم وأصولكم { حَتَّىظ° إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ظ±للَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً } أي حتى إذا مات قلتم على سبيل التشهيّ والتمني من غير حجة ولا برهان لن يأتي أحد يدعي الرسالة بعد يوسف قال أبو حيان: وليس هذا تصديقاً لرسالة يوسف، كيف وما زالوا في شك منه، وإِنما المعنى لا رسول من عند الله فيبعثه إلى الخلق، ففيه نفي الرسول ونفي بعثته { كَذَلِكَ يُضِلُّ ظ±للَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ } أي مثل ذلك الضلال الفظيع يُضلُّ الله كل مسرفٍ في العصيان، شاكٍّ في الدين، بعد وضوح الحجج والبراهين { ظ±لَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيغ¤ آيَاتِ ظ±للَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ } هذا من تتمة كلام الرجل المؤمن والمعنى الذين يجادلون في شريعة الله بغير حجة وبرهان جاءهم من عند الله { كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ظ±للَّهِ وَعِندَ ظ±لَّذِينَ آمَنُواْ } أي عظُم بغضاً عند الله وعند المؤمنين جدالُهم بغير برهان قال في البحر: عدل الواعظ عن مخاطبتهم إلى الإِسم الغائب، لحسنِ محاورته لهم واستجلاب قلوبهم، لئلا يفجأهم بالخطاب، وفي قوله { كَبُرَ مَقْتاً } ضربٌ من التعجب والاستعظام لجدالهم، كأنه خارج عن حدِّ أمثاله من الكبائر { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ظ±للَّهُ عَلَىظ° كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } أي كما ختم على قلوب هؤلاء المجادلين كذلك يختم بالضلال على قلب كل متكبر عن الإِيمان، متجبرٍ على العباد، حتى لا يعقل الرشاد، ولا يقبل الحق، وإِنما وصف القلب بالتكبر والجبروت لكونه مركزهما ومنبعهما، وهو سلطان الأعضاء، فمتى فسد فسدت { وَقَالَ فَرْعَوْنُ يظ°هَامَانُ ظ±بْنِ لِي صَرْحاً } أي قال فرعون لوزيره هامان ابن لي قصراً عالياً، وبناءً شامخاً منيفاً قال القرطبي: لما قال مؤمن آل فرعون ما قال، وخاف فروع أن يتمكن كلامه في قلوب القوم، أوهم أنه يمتحن ما جاء به موسى من التوحيد، فأمر وزيره هامان ببناء الصرح { لَّعَـلِّيغ¤ أَبْلُغُ ظ±لأَسْبَابَ * أَسْبَابَ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ } أي لعلي أصل وأنتهي إلى طرق السماوات وما يؤدي إليها، وكررها للتفخيم والبيان { فَأَطَّلِعَ إِلَىظ° إِلَـظ°هِ مُوسَىظ° } أي فأنظر إلى إله موسى نظر عيان { وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً } أي وإِني لأعتقد موسى كاذباً في ادعائه أن له إلهاً غيري قال أبو حيان: وبلوغُ أسباب السماوات غير ممكن، لكنَّ فرعون أبرزه في صورة الممكن تمويهاً على سامعيه، ولما قال { فَأَطَّلِعَ إِلَىظ° إِلَـظ°هِ مُوسَىظ° } كان ذلك إقراراً بالإِله فلذلك استدرك هذا الإِقرار بقوله { وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً } { وَكَـذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوغ¤ءُ عَمَلِهِ } أي ومثل ذلك التزيين زُيّن لفرعون عمله السيء حتى رآه حسناً { وَصُدَّ عَنِ ظ±لسَّبِيلِ } أي ومُنع بضلاله عن طريق الهدى { وَمَا كَـيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ } أي وما تدبير فرعون ومكره إلا في خسار وهلاك، خسر ملكه في الدنيا بالغرق، وفي الآخرة بالخلود في النار { وَقَالَ ظ±لَّذِيغ¤ آمَنَ يظ°قَوْمِ ظ±تَّبِعُونِ أَهْدِكُـمْ سَبِيـلَ ظ±لرَّشَـادِ } كرَّر مؤمن آل فرعون نصحه لهم بعد تلك المراوغة التي لقيها من فرعون، ودعا قومه إلى الإِيمان بالله الواحد الأحد، وكشف لهم عن قيمة الحياة الزائلة، وشوَّقهم إلى نعيم الحياة الباقية، وحذَّرهم من عذاب الله ومعنى الآية: امتثلوا يا قوم أمري واسلكوا طريقي أرشدكم إلى طريق الفوز والنجاة - طريق الجنة - { يظ°قَوْمِ إِنَّمَا هَـظ°ذِهِ ظ±لْحَيَاةُ ظ±لدُّنْيَا مَتَاعٌ } أي ليست الدنيا إلا متاعاً زائلاً، لا ثبات له ولا دوام { وَإِنَّ ظ±لآخِرَةَ هِيَ دَارُ ظ±لْقَـرَارِ } أي وإِن الدار الآخرة هي دار الاستقرار والخلود، التي لا زوال لها ولا انتقال منها، فإِما خلود في النعيم، أو خلود في الجحيم قال القرطبي: ومراده بالدار الآخرة الجنة والنار لأنهما لا يفنيان { مَنْ عَمِـلَ سَـيِّئَةً فَلاَ يُجْزَىظ° إِلاَّ مِثْلَهَا } أي من عمل في هذه الدنيا سيئةً فلا يعاقب في الآخرة إلا بمقدارها دون زيادة، رحمة منه تعالى بالعباد { وَمَنْ عَمِـلَ صَالِحاً مِّن ذَكَـرٍ أَوْ أُنْثَىظ° وَهُوَ مُؤْمِنٌ } أي ومن فعل في الدنيا العمل الصالح سواءً كان ذكراً أو أنثى بشرط الإِيمان { فَأُوْلَـظ°ئِكَ يَدْخُلُونَ ظ±لْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي فأولئك المحسنون يدخلون جنات النعيم، ويعطون جزاءهم بغير تقدير، بل أضعافاً مضاعفة فضلاً من الله وكرماً، فقد اقتضى فضله تعالى أن تضاعف الحسناتُ دون السيئات قال ابن كثير: { بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي لا يتقدر بجزاء، بل يثيبه الله ثواباً كثيراً عظيماً، لا انقضاء له ولا نفاد { وَيظ°قَوْمِ مَا لِيغ¤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ظ±لنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيغ¤ إِلَى ظ±لنَّارِ }؟ أي ما لي أدعوكم إلى الإِيمان الموصل إلى الجنان، وتدعونني إلى الكفر الموصل إلى النار؟ والاستفهام للتعجب كأنه يقول: أنا أتعجب من حالكم هذه، أدعوكم إلى النجاة والخير، وتدعونني إلى النار والشر؟ ثم وضَّح ذلك بقوله { تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِظ±للَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ } أي تدعونني للكفر بالله، وأن أعبد ما ليس لي علمٌ بربويته، وما ليس بإِلهٍ كفرعون { وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ظ±لْعَزِيزِ ظ±لْغَفَّارِ } أي وأنا أدعوكم إلى عبادة الله الواحد الأحد، العزيز الذي لا يُغلب، الغفَّار لذنوب العباد { لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيغ¤ إِلَيْهِ } أي حقاً إنما تدعونني لعبادته { لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي ظ±لدُّنْيَا وَلاَ فِي ظ±لآخِرَةِ } أي لا يصلح أن يُعبد لأنه لا يسْتجيب لنداء داعيه، ولا يقدر على تفريج كربته لا في الدنيا ولا في الآخرة { وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ظ±للَّهِ } أي وأن مرجعنا إلى الله وحده فيجازي كلاً بعمله { وَأَنَّ ظ±لْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ظ±لنَّارِ } أي وأن المسرفين في الضلال والطغيان سيخلَّدون في النار { فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ } أي فستذكرون صدق كلامي عندما يحل بكم العذاب، وهو تهديد ووعيد { وَأُفَوِّضُ أَمْرِيغ¤ إِلَى ظ±للَّهِ } أي أتوكل على الله، وأسلّم أمري إليه قال القرطبي: وهذا يدل على أنهم هدَّدوه وأرادوا قتله { إِنَّ ظ±للَّهَ بَصِيرٌ بِظ±لْعِبَادِ } أي مطلع أعمالهم، لا تخفى عليه خافية من أحوالهم { فَوقَاهُ ظ±للَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ } أي فنجاه الله من شدائد مكرهم، ومن أنواع العذاب الذي أرادوا إلحاقه به { وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوغ¤ءُ ظ±لْعَذَابِ } أي ونزل بفرعون وجماعته أسوأ العذاب، وهو الغرق في الدنيا، والحرق في الآخرة، ثم فسَّره بقوله { ظ±لنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً } أي النار يُحرقون بها صباحاً ومساء قال المفسرون: المراد بالنار هنا نار القبر وعذابهم في القبور بدليل قوله بعده { وَيَوْمَ تَقُومُ ظ±لسَّاعَةُ أَدْخِلُوغ¤اْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ظ±لْعَذَابِ } أي ويوم القيامة يقال للملائكة: ادخلوا فرعون وقومه نار جهنم التي هي أشد من عذاب الدنيا.






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-08-16, 16:04 رقم المشاركة : 3
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة غافر


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

{ وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ظ±لنَّـارِ فَيَقُولُ ظ±لضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ظ±سْتَكْـبَرُوغ¤اْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ ظ±لنَّارِ } * { قَالَ ظ±لَّذِينَ ظ±سْتَكْبَرُوغ¤اْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ إِنَّ ظ±للَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ظ±لْعِبَادِ } * { وَقَالَ ظ±لَّذِينَ فِي ظ±لنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ظ±دْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ظ±لْعَذَابِ } * { قَالُوغ¤اْ أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِظ±لْبَيِّنَاتِ قَالُواْ بَلَىظ° قَالُواْ فَظ±دْعُواْ وَمَا دُعَاءُ ظ±لْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } * { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَظ±لَّذِينَ آمَنُواْ فِي ظ±لْحَيَاةِ ظ±لدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ظ±لأَشْهَادُ } * { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ظ±لظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ ظ±لْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوغ¤ءُ ظ±لدَّارِ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ظ±لْهُدَىظ° وَأَوْرَثْنَا بَنِيغ¤ إِسْرَائِيلَ ظ±لْكِتَابَ } * { هُدًى وَذِكْرَىظ° لأُوْلِي ظ±لأَلْبَابِ } * { فَظ±صْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ظ±للَّهِ حَقٌّ وَظ±سْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِظ±لْعَشِيِّ وَظ±لإِبْكَارِ } * { إِنَّ ظ±لَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيغ¤ آيَاتِ ظ±للَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ فَظ±سْتَعِذْ بِظ±للَّهِ إِنَّـهُ هُوَ ظ±لسَّمِيعُ ظ±لْبَصِيرُ } * { لَخَلْقُ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ظ±لنَّاسِ وَلَـظ°كِنَّ أَكْـثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَمَا يَسْتَوِي ظ±لأَعْـمَىظ° وَظ±لْبَصِيرُ وَظ±لَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ظ±لصَّالِحَاتِ وَلاَ ظ±لْمُسِيغ¤ءُ قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } * { إِنَّ ظ±لسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَـظ°كِنَّ أَكْثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَقَالَ رَبُّكُـمُ ظ±دْعُونِيغ¤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ظ±لَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } * { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ظ±للَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَظ±لنَّهَـارَ مُبْصِـراً إِنَّ ظ±للَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ظ±لنَّاسِ وَلَـظ°كِنَّ أَكْـثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } * { ذَظ°لِكُمُ ظ±للَّهُ رَبُّكُمْ خَـظ°لِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـظ°هَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىظ° تُؤْفَكُونَ } * { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ظ±لَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ظ±للَّهِ يَجْحَدُونَ } * { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ظ±لأَرْضَ قَـرَاراً وَظ±لسَّمَآءَ بِنَـآءً وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ظ±لطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ ظ±للَّهُ رَبُّكُـمْ فَتَـبَارَكَ ظ±للَّهُ رَبُّ ظ±لْعَالَمِينَ } * { هُوَ ظ±لْحَيُّ لاَ إِلَـظ°هَ إِلاَّ هُوَ فَـظ±دْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ظ±لدِّينَ ظ±لْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ظ±لْعَالَمِينَ } * { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ظ±لَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ظ±للَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ ظ±لْبَيِّنَـظ°تُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ ظ±لْعَـظ°لَمِينَ }

المنَاسَبَة:
لما ذكر تعالى ما حلَّ بآل فرعون من العذاب والدمار، ذكر بعده النزاع والخصام الذي يكون بين أهل النار، واستغاثة المجرمين، وهم في عذاب الجحيم يصلون سعيرها فلا يجابون، ثم ذكر الأدلة والبراهين على قدرة الله ووحدانيته، لإِقامة الحجة على المشركين.

اللغَة:
{ يَتَحَآجُّونَ } يختصمون { خَزَنَةِ } جمع خازن وهو المتكفل بحفظ الشيء وحراسته { ظ±لأَشْهَادُ } جمع شاهد وهو الذي يشهد بالحجة على غيره { دَاخِرِينَ } أذلاء صاغرين { تُؤْفَكُونَ } تُصرفون عن الإِيمان إلى الكفر { قَـرَاراً } مستقرا { أُسْلِمَ } أذل وأخضع.

التفسِير:
{ وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ظ±لنَّـارِ } أي واذكر حين يختصم الرؤساء والأتباع في نار جهنم { فَيَقُولُ ظ±لضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ظ±سْتَكْـبَرُوغ¤اْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً } أي فيقول الأتباع الضعفاء للرؤساء المستكبرين عن الإِيمان واتباع الرسل، إنا كنا لكم في الدنيا أتباعاً كالخدم ننقاد لأوامركم، ونطيعكم فيما تدعوننا إليه من الكفر والضلال { فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ ظ±لنَّارِ }؟ أي فهل أنتم دافعون عنا جزءاً من هذا العذاب الذي نحن فيه؟ قال الرازي: علموا أن أولئك الرؤساء لا قدرة لهم على ذلك التخفيف، وإِنما مقصودهم من هذا الكلام المبالغة في تخجيل الرؤساء، وإِيلام قلوبهم، لأنهم سعوا في إيقاعهم في أنواع الضلالات { قَالَ ظ±لَّذِينَ ظ±سْتَكْبَرُوغ¤اْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ } أي قال الرؤساء جواباً لهم: إنَّا جميعاً في نار جهنم، فلو قدرنا على إزالة العذاب عنكم لدفعناه عن أنفسنا { إِنَّ ظ±للَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ظ±لْعِبَادِ } أي قضى قضاءً مبرماً لا مردَّ له، بدخول المؤمنين الجنة، والكافرين النار، فلا نستطيع أن نفعل لكم شيئاً { وَقَالَ ظ±لَّذِينَ فِي ظ±لنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ } لما يئس أهل النار بعضهم من بعض التجأوا إلى حراس جهنم يطلبون منهم التخفيف قال البيضاوي: وإِنما وضع جهنم موضع الضمير { لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ } بدلاً من " لخزنتها " للتهويل والتفظيع { ظ±دْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ظ±لْعَذَابِ } أي ادعوا لنا الله أن يخفف عنا ولو مقدار يوم واحد من هذا العذاب { قَالُوغ¤اْ أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِظ±لْبَيِّنَاتِ }؟ أي أجابتم الملائكة على سبيل التوبيخ والتقريع: ألم تأتكم الرسل بالمعجزات الظاهرات فكفرتم بهم وكذبتموهم؟ { قَالُواْ بَلَىظ° } أي قال الكفار بلى جاءونا { قَالُواْ فَظ±دْعُواْ } أي قالت لهم الملائكة: فادعوا اللهَ أنتم فإِنا لا نجترىء على ذلك قال الرازي: وليس قولهم { فَظ±دْعُواْ } لرجاء المنفعة، ولكنْ للدلالة على الخيبة، فإِن الملائكة المقربين إذا لم يُسمع دعاؤهم، فكيف يسمع دعاء الكفار؟ ثم يصرّحون لهم بأنه لا أثر لدعائهم فيقولون { وَمَا دُعَاءُ ظ±لْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } أي دعاؤكم لا ينفع ولا يجدي لأن دعاء الكافرين ما هو إلا في خسار وتبار { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَظ±لَّذِينَ آمَنُواْ فِي ظ±لْحَيَاةِ ظ±لدُّنْيَا } أي ننصر الرسل والمؤمنين بالحجة والظفر والانتقام لهم من الكفرة المجرمين في هذه الحياة الدنيا { وَيَوْمَ يَقُومُ ظ±لأَشْهَادُ } أي وفي الآخرة يوم يحضر الأشهاد الذين يشهدون بأعمال العباد، من مَلك ونبيٍ ومؤمن قال الرازي: الآية وعدٌ من الله تعالى لرسوله بأن ينصره على أعدائه في الحياة الدنيا وفي الآخرة { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ظ±لظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ } أي لا ينفع المجرمين اعتذارهم قال ابن جرير: لا ينفع أهل الشرك اعتذارهم، لأنهم لا يعتذرون إلا بباطل { وَلَهُمُ ظ±لْلَّعْنَةُ } أي الطردُ من رحمة الله { وَلَهُمْ سُوغ¤ءُ ظ±لدَّارِ } أي ولهم جهنم أسوأ مرجع ومصير قال ابن عباس: { سُوغ¤ءُ ظ±لدَّارِ } سوءُ العاقبة { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ظ±لْهُدَىظ° } أي والله لقد أعطينا " موسى بن عمران " ما يُهتدى به في الدين، من المعجزات والصحف والشرائع { وَأَوْرَثْنَا بَنِيغ¤ إِسْرَائِيلَ ظ±لْكِتَابَ } أي أورثناهم العلم النافع والكتاب الهادي وهو " التوراة " { هُدًى وَذِكْرَىظ° لأُوْلِي ظ±لأَلْبَابِ } أي هادياً وتذكرةً لأصحاب العقول السليمة { فَظ±صْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ظ±للَّهِ حَقٌّ } أي فاصبر يا محمد على أذى المشركين، فإِن وعد الله لك ولأتباعك بالنصر على الأعداء، حقٌ لا يمكن أن يتخلف، لأن الله لا يخلف الميعاد قال الإِمام الفخر: لما بيَّن تعالى أنه ينصر رسله، وضرب المثال في ذلك بحال موسى، خاطب بعده رسوله بقوله { فَظ±صْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ظ±للَّهِ حَقٌّ } والمراد أنَّ الله ناصرك كما نصرهم، ومنجزٌ وعده لك كما أنجزه في حقهم { وَظ±سْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ } أي واطلب المغفرة من ربك على ما فرط منك من ترك الأولى والأفضل، قال الصاوي: والمقصودُ من هذا الأمر تعليم الأمة ذلك، وإلا فرسول الله صلى الله عليه وسلم معصومٌ من الذنوب جميعاً، صغائر وكبائر قبل النبوة وبعدها على التحقيق وقال ابن كثير: وهذا تهييجٌ للأمة على الاستغفار { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِظ±لْعَشِيِّ وَظ±لإِبْكَارِ } أي ودمْ على تسبيح ربك في المساء والصباح قال الرازي: والمرادُ منه الأمرُ بالمواظبة على ذكر الله، وألاَّ يفتر اللسان عنه، حتى يصبح في زمرة الملائكة الأبرار، الذين

{*يُسَبِّحُونَ ظ±لَّيلَ وَظ±لنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ*}
[الأنبياء: 20] والمرادُ بالتسبيح تنزيهُ اللهِ عن كل ما لا يليق به، ثم نبه تعالى إلى السبب الدافع للكفار إلى المجادلة بالباطل فقال { إِنَّ ظ±لَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيغ¤ آيَاتِ ظ±للَّهِ } أي يخاصمون في الآيات المنزلة { بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ } أي بلا برهانٍ ولا حجةٍ من الله { إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ } أي ما في قلوبهم إلا تكبرٌ وتعاظم يمنعهم من اتباعك والانقياد إليك { مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ } أي ما هم بواصلين إلى مرادهم من إطفاء نور الله، ولا بمؤملين مقصودهم بالعلو عليك { فَظ±سْتَعِذْ بِظ±للَّهِ إِنَّـهُ هُوَ ظ±لسَّمِيعُ ظ±لْبَصِيرُ } أي فالتجىءْ وتحصَّنْ بالله من كيدهم، فإِن الله يدفع عنك شرهم، لأنه هو السميعُ لأقوالهم العليمُ بأحوالهم.. ثم ذكر تعالى الدلائل الدالة على قدرته ووحدانيته فقال { لَخَلْقُ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ظ±لنَّاسِ } اللام لام الابتداء أي لخلقُ الله للسماواتِ والأرضِ وإِنشاؤُهما وابتداعهما من غير شيء أعظم من خلق البشر، فمن قدر على خلقهما مع عظمهما كيف يعجز عن خلق ما هو أحقر وأهون؟ قال في التسهيل: والغرض الاستدلال على البعث، لأن الإِله الذي خلقَ السماواتِ والأرض على كبرها، قادرٌ على إعادة الأجسام بعد فنائها { وَلَـظ°كِنَّ أَكْـثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون ذلك، لأنهم لا يتأملون لغلبة الجهل عليهم، وفرط غفلتهم واتباعهم لأهوائهم { وَمَا يَسْتَوِي ظ±لأَعْـمَىظ° وَظ±لْبَصِيرُ } أي لا يتساوى المؤمن والكافر { وَظ±لَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ظ±لصَّالِحَاتِ وَلاَ ظ±لْمُسِيغ¤ءُ } أي ولا البرُّ والفاجر { قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } أي لا تتعظون بهذه الأمثال إلا قليلاً قال ابن كثير: والمراد أنه كما لا يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئاً، والبصير الذي يرى ما انتهى إليه بصره، كذلك لا يستوي المؤمنون الأبرار، والكفرة الفجار، ما أقلَّ ما يتذكر كثيرٌ من الناس؟ { إِنَّ ظ±لسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا } أي إن القيامة آتيةٌ لا محالة، لا شك في ذلك ولا مرية { وَلَـظ°كِنَّ أَكْثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } أي ولكنَّ أكثر الناس لا يصدقون بمجيئها، ولذلك ينكرون البعث والجزاء قال الرازي: والمراد بأكثر الناس الكفار الذين ينكرون البعث والقيامة { وَقَالَ رَبُّكُـمُ ظ±دْعُونِيغ¤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } أي ادعوني أجبْكم فيما طلبتم، وأعطكم ما سألتم قال ابن كثير: ندب تعالى عباده إلى دعائه، وتكفَّل لهم بالإِجابة فضلاً منه وكرماً { إِنَّ ظ±لَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } أي إنَّ الذين يتكبرون عن دعاء الله سيدخلون جهنم أذلاء صاغرين.
. ثم ذكر تعالى من آثار قدرته ووحدانيته، ما يلزم منه إفراده بالعبادة والشكر فقال { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ظ±للَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَظ±لنَّهَـارَ مُبْصِـراً } أي الله جل وعلا بقدرته وحكمته هو الذي جعل لكم الليل مظلماً لتستريحوا فيه من تعب وعناء العمل بالنهار، وجعل النهار مضيئاً لتتصرفوا فيه بأسباب الرزق وطلب المعاش { إِنَّ ظ±للَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ظ±لنَّاسِ } أي إنه تعالى متفضل على العباد، وهو صاحب الجود والإِحسان إليهم { وَلَـظ°كِنَّ أَكْـثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } أي ولكنَّ أكثر الناس لا يشكرون الله على إحسانه، ويجحدون فضله وإِنعامه { ذَلِكُـمُ ظ±للَّهُ رَبُّـكُمْ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ } أي ذلكم المتفرد بالخلق والإِنعام هو الله ربكم، خالق كل الأشياء { لاَّ إِلَـظ°هَ إِلاَّ هُوَ } أي لا معبود في الوجود سواه { فَأَنَّىظ° تُؤْفَكُونَ } أي فكيف تصرفون عن عبادة الخالق المالك إلى عبادة الأوثان؟ { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ظ±لَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ظ±للَّهِ يَجْحَدُونَ } أي كذلك يُصرف عن الهدى والحق الذين جحدوا بآيات الله وأنكروها قال الصاوي: وهذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم والمعنى لا تحزن يا محمد على إِنكار قومك فإِن من قبلهم فعل ذلك، ثم زاد في البيان ودلائل القدرة فقال { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ظ±لأَرْضَ قَـرَاراً } أي جعلها مستقراً لكم في حياتكم وبعد مماتكم قال ابن عباس: جعلها منزلاً لكم في حال الحياة وبعد الموت { وَظ±لسَّمَآءَ بِنَـآءً } أي وجعل السماء سقفاً محفوظاً، كالقبة المبنية مرفوعة فوقكم { وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ } أي صوَّركم أحسن تصوير، وخلقكم في أحسن الأشكال، متناسبي الأعضاء، ولم يجعلكم كالبهائم منكوسين تمشون على أربع قال الزمخشري: لم يخلق تعالى حيواناً أحسن صورةً من الإِنسان، وهذه مثل قوله تعالى

{*لَقَدْ خَلَقْنَا ظ±لإِنسَانَ فِيغ¤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ*}
[التين: 4] { وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ظ±لطَّيِّبَاتِ } أي ورزقكم من أنواع اللذائذ { ذَلِكُمُ ظ±للَّهُ رَبُّكُـمْ } أي ذلكم الفاعل لهذه الأشياء والمنعم بهذه النعم هو ربكم لا إله إلا هو { فَتَـبَارَكَ ظ±للَّهُ رَبُّ ظ±لْعَالَمِينَ } أي فتعالى وتمجَّد وتقدس ربُّ جميع المخلوقات الذي لا تصلح الربوبية إلاَّ له { هُوَ ظ±لْحَيُّ لاَ إِلَـظ°هَ إِلاَّ هُوَ } أي هو تعالى المتفرد بالحياة الذاتية الحقيقية، الباقي الذي لا يموت، لا إله سواه { فَـظ±دْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ظ±لدِّينَ } أي فاعبدوه وحده مخلصين له العبادة والطاعة ظاهراً وباطناً قائلين { ظ±لْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ظ±لْعَالَمِينَ } أي الثناء والشكر لله مالك جميع المخلوقات، لا للأوثان الي لا تملك شيئاً، ولما بيَّن صفات الجلال والعظمة، نهى عن عبادة غير الله فقال { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ظ±لَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ظ±للَّهِ } أي قل يا محمد إن ربي العظيم الجليل نهاني أن أعبد هذه الآلهة التي تعبدونها من الأوثان والأصنام قال الصاوي: أمر تعالى نبيه أن يخاطب قومه بذلك زجراً له، حيث استمروا على عبادة غير الله، بعد ظهور الأدلة العقلية والنقلية { لَمَّا جَآءَنِيَ ظ±لْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي } أي حين جاءتني الآيات الواضحات من عنده، الدالة على وحدانيته قال الرازي: والبيناتُ هي أن إله العالم قد ثبت كونه موصوفاً بصفات الجلال والعظمة، وصريح العقل يشهد بأن العبادة لا تليق إلا به، وأن جعل الحجارة المنحوتة والأخشاب المصورة، شركاء له في المعبودية مستنكرٌ في بديهة العقل { وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ ظ±لْعَالَمِينَ } أي وأمرت أن أذل وأخضع لله وحده، وأن أخلص له ديني، وأطهّر نفسي من عبادة غيره.






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-08-17, 15:52 رقم المشاركة : 4
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة غافر


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

{ هُوَ ظ±لَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَـبْلُغُوغ¤اْ أَشُدَّكُـمْ ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىظ° مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوغ¤اْ أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ } * { هُوَ ظ±لَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَىظ° أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ظ±لَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيغ¤ آيَاتِ ظ±للَّهِ أَنَّىظ° يُصْرَفُونَ } * { ظ±لَّذِينَ كَذَّبُواْ بِظ±لْكِـتَابِ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } * { إِذِ ظ±لأَغْلاَلُ فِيغ¤ أَعْنَاقِهِمْ وظ±لسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ } * { فِي ظ±لْحَمِيمِ ثُمَّ فِي ظ±لنَّارِ يُسْجَرُونَ } * { ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ } * { مِن دُونِ ظ±للَّهِ قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ظ±للَّهُ ظ±لْكَافِرِينَ } * { ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي ظ±لأَرْضِ بِغَيْرِ ظ±لْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } * { ظ±دْخُلُوغ¤اْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ظ±لْمُتَكَبِّرِينَ } * { فَظ±صْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ظ±للَّهِ حَقٌّ فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ظ±لَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ظ±للَّهِ فَإِذَا جَـآءَ أَمْرُ ظ±للَّهِ قُضِيَ بِظ±لْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ظ±لْمُبْطِلُونَ } * { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ظ±لأَنْعَامَ لِتَرْكَـبُواْ مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَـبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى ظ±لْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } * { وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ ظ±للَّهِ تُنكِرُونَ } * { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ظ±لأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ظ±لَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوغ¤اْ أَكْـثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي ظ±لأَرْضِ فَمَآ أَغْنَىظ° عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِظ±لْبَيِّنَاتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ ظ±لْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُوغ¤اْ آمَنَّا بِظ±للَّهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } * { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا سُنَّتَ ظ±للَّهِ ظ±لَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ظ±لْكَافِرُونَ }

المنَاسَبَة:
لا تزال الآيات الكريمة تتحدث عن دلائل القدرة والوحدانية، فبعد أن ذكر تعالى دلائل القدرة في الآفاق أردفها بدلائل القدرة في الأنفس، ثم تحدث عن أحوال المشركين يوم القيامة، وختم السورة الكريمة بالوعيد والتهديد لأهل الكفر والضلال.

اللغَة:

{ ظ±لأَغْلاَلُ } القيود جمع غُلَّ وهو القيد يجمع اليد إلى العنق { ظ±لْحَمِيمِ } الماء الحار البالغ نهاية الحرارة { يُسْجَرُونَ } توقد بهم النار يقال: سجر التنور أوقده { تَمْرَحُونَ } تبطرون وتأْشرون { مَثْوَى } مأوى ومكان إقامة، من ثَوى بالمكان إذا أقام فيه { خَلَتْ } مضت.

التفسِير:
{ هُوَ ظ±لَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } هذا بيانٌ للأطوار التي مرَّ بها خلقُ الإِنسان أي هو جل وعلا بقدرته الذي أوجدكم أيها الناس من العدم، فخلق أصلكم آدم من تراب، ثم خلق ذريته من النطفة وهي المنيُّ، ثم من علقة وهي الدم الغليظ، إلى آخر تلك الأطوار { ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } أي ثم بعد أن ينفصل الجنين من بطن الأم يكون طفلاً { ثُمَّ لِتَـبْلُغُوغ¤اْ أَشُدَّكُـمْ } أي ثم لتبلغوا كمالكم في القوة والعقل، وهو سنُّ الأربعين { ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً } أي ثم لتصبحوا في سنِّ الهرم والشيخوخة قال الإِمام الفخر: رتَّب تعالى عمر الإِنسان على ثلاث مراتب: الطفولة، وبلوغ الأشد، والشيخوخة، وهذا ترتيب مطابق للعقل، فإِن الإِنسان في أول عمره يكون في النمَّاء والنشوء وهو المسمى بالطفولة، إلى أن يبلغ إلى كمال النشوء من غير أن يحصل له ضعف، وهذا بلوغ الأشد، ثم يبدأ بالتراجع ويبدأ فيه الضعف والنقص، وهذه مرتبة الشيخوخة { وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىظ° مِن قَبْلُ } أي ومنكم من يُتوفى قبل أن يخرج إلى العالم وهو السِّقطُ وقال مجاهد: من قبلِ سنِّ الشيخوخة { وَلِتَبْلُغُوغ¤اْ أَجَلاً مُّسَمًّى } أي ولتصلوا إلى الزمان الذي حُدِّد لكل شخصٍ وهو الموتُ { وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ } أي ولكي تعقلوا دلائل قدرته تعالى وتؤمنوا بأنه الواحد الأحد { هُوَ ظ±لَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ } أي هو القادر جل وعلا على الإِحياء والإِماتة { فَإِذَا قَضَىظ° أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ } أي فإِذا أراد أمراً من الأمور فلا يحتاج إلى تعب وعناء، وإِنما يوجد فوراً دون تأخير قال أبو السعود: وهذا تمثيلٌ لكمال قدرته، وتصوير لسرعة وجودها من غير أن يكون هناك أمرٌ ومأمور.. ثم عاد إلى ذم المجادلين في آيات الله بالباطل فقال { أَلَمْ تَرَ إِلَى ظ±لَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيغ¤ آيَاتِ ظ±للَّهِ أَنَّىظ° يُصْرَفُونَ } الاستفهام للتعجيب أي ألا ترى السامع وتعجبْ من حال هؤلاء المكابرين، الذين يجادلون في آيات الله الواضحة، كيف تُصرف عقولهم عن الهدى إلى الضلال؟ ثم بيَّنهم بقوله { ظ±لَّذِينَ كَذَّبُواْ بِظ±لْكِـتَابِ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا } أي الذين كذبوا بالقرآن، وبسائر الكتب والشرائع السماوية { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } وعيدٌ وتهديد أي سوف يعلمون عاقبة تكذيبهم { إِذِ ظ±لأَغْلاَلُ فِيغ¤ أَعْنَاقِهِمْ وظ±لسَّلاَسِلُ } أي حين يدخلون النار، وتربط أيديهم إلى أعناقهم بالأغلال والسلاسل { يُسْحَبُونَ * فِي ظ±لْحَمِيمِ ثُمَّ فِي ظ±لنَّارِ يُسْجَرُونَ } أي يسحبون بتلك السلاسل في الماء الحارِّ المسخّن بنار جهنم، ثم يُوقدون ويحرقون فيها قال ابن كثير: ومعنى الآية أن السلاسل متصلة بالأغلال وهي بأيدي الزبانية، يسحبونهم على وجوههم تارةً إلى الحميم، وتارة إلى الجحيم كما قال تعالى

{*يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ*}
[الرحمن: 44] { ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ * مِن دُونِ ظ±للَّهِ } أي ثم قيل لهم تبكيتاً: أين هم الأوثان والأصنام التي كنتم تعبدونها وتجعلونها شركاء لله؟ { قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا } أي فيقولون: غابوا عن عيوننا فلا نراهم ولا نستشفع بهم { بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً } أي بل لم نكن نعبد شيئاً قال المفسرون: جحدوا عبادتهم، وإِنما فعلوا ذلك لحيرتهم واضطرابهم { كَذَلِكَ يُضِلُّ ظ±للَّهُ ظ±لْكَافِرِينَ } أي مثل إضلال هؤلاء المكذبين يضلُّ الله كل كافر { ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي ظ±لأَرْضِ بِغَيْرِ ظ±لْحَقِّ } أي ذلكم العذاب بما كنتم تظهرونه في الدنيا من السرور بالمعصية وكثرة المال وإِنفاقه في المحرمات { وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } أي وبسبب بطركم وأشركم وخيلائكم قال الصاوي: وهذا وإن كان ذماً في الكفار، إلا أنه يجرُّ بذيله على كل من توسَّع في معاصي الله، فله من هذا الوعيد نصيب { ظ±دْخُلُوغ¤اْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا } أي ادخلوا من أبواب جهنم السبعة المقسومة لكم ماكثين فيها أبداً { فَبِئْسَ مَثْوَى ظ±لْمُتَكَبِّرِينَ } أي بئست جهنم مقراً وسكناً للمستكبرين عن آيات الله، المعرضين عن دلائل الإِيمان والتوحيد، وإِنما قال { مَثْوَى ظ±لْمُتَكَبِّرِينَ } ولم يقل فبئس مدخل المكبرين وهو مقتضى النظم، لأن الدخول لا يدوم، وإِنما يدوم المثوى ولذا خصه بالذمِّ { فَظ±صْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ظ±للَّهِ حَقٌّ } أي فاصبر يا محمد على تكذيب قومك لك، فإِن وعد الله بتعذيبهم كائنٌ لا محالة قال الصاوي: هذا تسلية من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ووعدٌ حسن بالنصر له على أعدائه { فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ظ±لَّذِي نَعِدُهُمْ } أي إنْ أريناك بعض الذي نعدهم من العذاب، وجواب الشرط محذوفٌ تقديره فذلك هو المطلوب، أو لتقرَّ به عينُك { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } أي أو نتوفينَّك يا محمد قبل إنزال العذاب عليهم، فإِلينا مرجعهم يوم القيامة فننتقم منهم أشدَّ الانتقام، ثم أخبره تعالى بأنباء الرسل تسليةً له عليه السلام فقال { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ } أي والله لقد بعثنا يا محمد رسلاً كثيرين قبلك، وأيدناهم بالمعجزات الباهرة فجادلهم قومهم وكذبوهم فتأسَّ بهم في الصبر على ما ينالك قال القرطبي: عزَّاه تعالى بما لقيت الرسلُ من قبله { مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } أي من هؤلاء الرسل من أخبرناك عن قصصهم مع قومهم، ومنهم من لم نخبرك عن قصصهم وأخبارهم { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ظ±للَّهِ } أي وما صحَّ ولا استقام لرسولٍ من الرسل أن يأتي قومه بشيء من المعجزات إلا بأمر الله، وهذا ردٌ على قريش حيث قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم اجعل لنا الصفا ذهباً وغير ذلك من مقترحاتهم { فَإِذَا جَـآءَ أَمْرُ ظ±للَّهِ قُضِيَ بِظ±لْحَقِّ } أي فإِذا جاء الوقت المسمّى لعذابهم أهلكهم الله { وَخَسِرَ هُنَالِكَ ظ±لْمُبْطِلُونَ } أي خسر في ذلك الحين المعاندون الذين يجادلون في آيات الله، ويقترحون المعجزات على سبيل التعنت، ثم ذكَّرهم تعالى بعمه فقال { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ظ±لأَنْعَامَ } أي الله جلَّ وعلا الذي لا تصلح الألوهية إلا له، هو الذي سخَّر لكم هذه الأنعام " الإِبل والبقر والغنم " وخلقها لكم ولمصلحتكم { لِتَرْكَـبُواْ مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } أي لتركبوا على ظهور بعض هذه الحيوانات، وتأكلوا من لحومها وألبانها، { وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ } أي ولكم في هذه الأنعام منافع عديدة في الوبر والصوف والشعر، واللبن والزبد والسمن { وَلِتَـبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ } أي بحمل الأثقال في الأسفار البعيدة { وَعَلَيْهَا وَعَلَى ظ±لْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } أي وعلى هذه الإِبل في البر، وعلى السفن في البحر تُحملون، وإِنما قرن بين الإِبل والسفن لما بينهما من شدة المناسبة حتى سميت الإِبل سفن البر { وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ } أي ويريكم أيها الناس حججه وأدلته على وحدانيته في الآفاق والأنفس { فَأَيَّ آيَاتِ ظ±للَّهِ تُنكِرُونَ } توبيخٌ لهم على إِنكارهم لوحدانيته مع ظهور آياته الكثيرة والمعنى أيَّ آية من تلك الآيات الباهرة والدلائل الكثيرة الساطعة تنكرون مع وضوحها وجلائها وكثرتها؟ فإِن هذه الدلائل لظهورها لا تقبل الإِنكار { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ظ±لأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ظ±لَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } الاستفهام إِنكاري أي أفلم يسر هؤلاء المشركون في أطراف الأرض ليعرفوا عاقبة المتكبرين المتمردين، وآثار الأمم السالفة قبلهم، ماذا حلَّ بهم من العذاب والدمار بسبب كفرهم وتكذيبهم؟ { كَانُوغ¤اْ أَكْـثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي ظ±لأَرْضِ } أي كانوا أكثر عدداً من أهل مكة، وأقوى منهم قوة، وآثارهم لا تزال باقية بعدهم من الأبنية والقصور والمباني الضخمة { فَمَآ أَغْنَىظ° عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } أي فلم ينفعهم ما كانوا يكسبونه من الأبنية والأموال شيئاً، ولا دفع عنهم العذاب { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِظ±لْبَيِّنَاتِ } أي فلما جاءتهم الرسل بالمعجزات الظاهرات، والآيات الواضحات { فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ ظ±لْعِلْمِ } أي فرح الكفار بما هم عليه من العلم الدنيوي، الخالي عن نور الهداية والوحي، فرح بطرٍ وأشر، وأغتروا بذلك العلم { وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي نزل بهم جزاء كفرهم واستهزائهم بالرسل والآيات { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُوغ¤اْ آمَنَّا بِظ±للَّهِ وَحْدَهُ } أي فلما رأوا شدة العذاب وعاينوا أهواله وشدائده قالوا آمنا بالله الواحد الأحد { وَكَـفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } أي كفرنا بالأصنام والأوثان التي أشركناها في العبادة مع الله { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } أي فلم يكن ينفعهم ذلك الإِيمان حين شاهدوا العذاب لأنه إيمانٌ عن قسر وإِلجاء { سُنَّتَ ظ±للَّهِ ظ±لَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ } أي سنَّ الله ذلك سنةً ماضيةً في العباد، أنه لا ينفع الإِيمان إذا رأوا العذاب { وَخَسِرَ هُنَالِكَ ظ±لْكَافِرُونَ } أي وخسر في ذلك الوقت الكافرون بربهم، الجاحدون لتوحيد خالقهم.

البَلاَغَة:
تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

1- الطباق بين { ظ±لذَّنبِ.... ظ±لتَّوْبِ } وبين { أَمَتَّنَا.. وَأَحْيَيْتَنَا } وبين { صَادِقاً.. وكَاذِباً } وبين { غُدُوّاً.. وَعَشِيّاً } وبين { يُحْيِـي.. وَيُمِيتُ } وبين { ظ±لأَعْـمَىظ°.. وَظ±لْبَصِيرُ }.

2- المقابلة
{*ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ظ±للَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ*}
[غافر: 12] فقد قابل بين التوحيد والإِشراك، والكفر والإِيمان وكذلك توجد المقابلة بين قوله تعالى
{*يظ°قَوْمِ إِنَّمَا هَـظ°ذِهِ ظ±لْحَيَاةُ ظ±لدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ ظ±لآخِرَةَ هِيَ دَارُ ظ±لْقَـرَارِ*}
[غافر: 39] وهذه من المحسنات البديعية.

3- المجاز المرسل
{*وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ظ±لسَّمَآءِ رِزْقاً*}
[غافر: 13] أطلق الرزق وأراد المطر لأن الماء سبب في جميع الأرزاق، فهو من إِطلاق المسَّبب وإرادة السبب.

4- الاستعارة اللطيفة
{*وَمَا يَسْتَوِي ظ±لأَعْـمَىظ° وَظ±لْبَصِيرُ*}
[غافر: 58] استعار الأعمى للكافر، والبصير للمؤمن.

5- المجاز العقلي
{*وَظ±لنَّهَـارَ مُبْصِـراً*}
[غافر: 61] من إسناد الشيء إلى زمانه، لأن النهار زمنٌ للإِبصار.

6- الكناية
{*يُلْقِي ظ±لرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ*}
[غافر: 15] الروحُ هنا كناية عن الوحي، لأنه كالروح للجسد.

7- صيغ المبالغة مثل: " كذَّاب، جبَّار، سميع، بصير، عليم " الخ.

8- الجناس الناقص { تَفْرَحُونَ.... تَمْرَحُونَ } وكذلك
{*وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ*}
[غافر: 64].

9- التأكيد بإِن واللام
{*إِنَّ ظ±لسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ*}
[غافر: 59].

10- صيغة الحصر
{*مَا يُجَادِلُ فِيغ¤ آيَاتِ ظ±للَّهِ إِلاَّ ظ±لَّذِينَ كَفَرُواْ*}
[غافر: 4].

11- جناس الاشتقاق { أَرْسَلْنَا رُسُلاً }.

12- طباق السلب { مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ }.

13- توافق رءوس الآيات مع السجع البديع، والكلام الذي يأخذ بالألباب، انظر روعة البيان، وتمعَّنْ قول القرآن وهو يتحدث عن مؤمن آل فرعون بذلك البيان الإلهي المعجز
{*وَيظ°قَوْمِ مَا لِيغ¤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ظ±لنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيغ¤ إِلَى ظ±لنَّارِ * تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِظ±للَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ظ±لْعَزِيزِ ظ±لْغَفَّارِ..*}
[غافر: 41-42] الخ الآيات الكريمة التي هي أجلى من عقود الجُمان.






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-08-26, 17:41 رقم المشاركة : 5
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: تفسير سورة غافر





    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 12:08 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd