الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي > مدرسة القرآن والسنة > تفسير


شجرة الشكر3الشكر
  • 1 Post By أم سهام
  • 1 Post By أم سهام
  • 1 Post By أم سهام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2017-07-07, 15:09 رقم المشاركة : 1
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي تفسير سورة الروم



* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

{ الۤـمۤ } * { غُلِبَتِ ٱلرُّومُ } * { فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ } * { فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { بِنَصْرِ ٱللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ ٱلآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } * { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ } * { أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ ٱلأَرْضَ وَعَمَرُوهَآ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } * { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤأَىٰ أَن كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } * { ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مِّن شُرَكَآئِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ } * { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ فَأُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } * { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } * { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } * { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَيُحْي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ }

اللغّة:

{ يَغْلِبُونَ } يهزمون ويُقهرون { أَثَارُواْ ٱلأَرْضَ } حرثوها وقلبوها للزراعة { ٱلسُّوۤءَى } تأنيث الأسوء وهو الأقبح كما أن الحُسنى تأنيث الأحسن، والسُّوءى: العقوبة المتناهية في السوء { يُحْبَرُونَ } يُسرون يقال: حبره إِذا سرَّه سروراً تهلَّل له وجهه وظهر عليه أثره قال الجوهري: الحبور: السرور، ويحُبرون: يُنعمون ويُسرون { عَشِيّاً } العشي: من صلاة المغرب إِلى العتمة { تُظْهِرُونَ } تدخلون وقت الظهيرة.

التفسِير:
{ الۤـمۤ } الحروف المقطعة للتنبيه على إِعجاز القرآن { غُلِبَتِ ٱلرُّومُ * فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ } أي هُزم جيش الروم في أقرب أرضهم إلى فارس { وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ } أي وهم من بعد انهزامهم وغلبة فارس لهم سيغلبون الفرس وينتصرون عليهم { فِي بِضْعِ سِنِينَ } أي في فترة لا تتجاوز بضعة أعوام، والبضع: ما بين الثلاث إلى التسع قال المفسرون: كان بين فارس والروم حربٌ، فغلبت فارس الروم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فشقَّ ذلك عليهم، وفرح المشركون بذلك لأن أهل فارس كانوا مجوساً ولم يكن لهم كتاب، والرومُ أصحاب كتاب فقال المشركون لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إِنكم أهل كتاب، والروم أهل كتاب، ونحن أُميون، وقد ظهر إِخواننا من أهل فارس على إِخوانكم من الروم، فلنظهرنَّ عليكم فقال أبو بكر: لا يقرُّ الله أعينكم فأنزل الله { وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ } وقد التقى الجيشان في السنة السابعة من الحرب، وغلبت الرومُ فارس وهزمتهم، وفرح المسلمون بذلك قال أبو السعود: وهذه الآياتُ من البينات الباهرة، الشاهدة بصحة النبوة، وكون القرآن من عند الله عز وجل حيث أخبر عن الغيب الذي لا يعلمه إِلا العليم الخبير، ووقع كما أخبر، وقال البيضاوي: والآية من دلائل النبوة لأنها إِخبارٌ عن الغيب { لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } أي للّه عز وجل الأمر أولاً وآخراً، من قبل الغلبة ومن بعد الغلبة، فكل ذلك بأمر الله وإرادته، ليس شيء منهما إِلا بقضائه قال ابن الجوزي: المعنى إِن غلبة الغالب، وخذلان المغلوب، بأمر الله وقضائه { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ ٱللَّهِ } أي ويوم يهزم الروم الفرس ويتغلبون عليهم، ويحل ما وعده الله من غلبتهم يفرح المؤمنون بنصر الله لأهل الكتاب على المجوس، لأن أهل الكتاب أقرب إلى المؤمنين من المجوس، وقد صادف ذلك اليوم يوم غزوة بدر قال ابن عباس: كان يوم بدر هزيمة عبدة الأوثان، وعبدة النيران { يَنصُرُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } أي ينصر من يشاء من عبادة، وهو العزيز بانتقامه من أعدائه، الرحيمُ بأوليائه وأحبابه { وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ } أي ذلك وعدٌ مؤكد وعد الله به فلا يمكن أن يتخلف، لأنه وعده حق وكلامه صدق { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي لا يعلمون ذلك لجهلهم وعدم تفكرهم { يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي يعلمون أمور الدنيا ومصالحها وما يحتاجون إِليه فيها من أمور الحياة كالزراعة والتجارة والبناء ونحو ذلك قال ابن عباس: يعلمون أمر معايشهم متى يزرعون، ومتى يحصدون، وكيف يغرسون، وكيف يبنون { وَهُمْ عَنِ ٱلآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } أي وهم عميٌ عن أمر الآخرة، ساهون غافلون عن التفكر فيها والعمل لها قال الإِمام الفخر: ومعنى الآية أن علمهم منحصرٌ في الدنيا، وهم مع ذلك لا يعلمون الدنيا كما هي وإِنما يعلمون ظاهرها، وهي ملاذها وملاعبها، ولا يعلمون باطنها وهي مضارُّها ومتاعبها، ويعلمون وجودها الظاهر ولا يعلمون فناءها وهم عن الآخرة غافلون، ولعل في التعبير بقوله { ظَاهِراً } إِشارة إلى أنهم عرفوا القشور، ولم يعرفوا اللباب فكأن علومهم إِنما هي علوم البهائم { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى } أي أولم يتفكروا بعقولهم فيعلموا أن الله العظيم الجليل ما خلق السماوات والأرض عبثاً، وإِنما خلقهما بالحكمة البالغة لإِقامة الحق لوقتٍ ينتهيان إِليه وهو يوم القيامة؟ قال القرطبي: وفي هذا تنبيه على الفناء، وعلى أن لكل مخلوقٍ أجلاً، وعلى ثواب المحسن وعقاب المسيء { وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ } أي وأكثر الناس منكرون جاحدون للبعث والجزاء { أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي أولم يسافروا فينظروا مصارع الأمم قبلهم كيف أُهلكوا بتكذيبهم رسلهم فيعتبروا!! { كَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } أي كانوا أقوى منهم أجساداً، وأكثر أموالاً وأولاداً { وَأَثَارُواْ ٱلأَرْضَ وَعَمَرُوهَآ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا } أي وحرثوا الأرضَ للزراعة، وحفروها لاستخراج المعادن، وعمروها بالأبنية المشيدة، والصناعات الفريدة أكثر مما عمرها هؤلاء قال البيضاوي: وفي الآية تهكم بأهل مكة من حيث إِنهم مغترون بالدنيا، مفتخرون بها، وهم أضعف حالاً فيها، إِذ مدار أمرها على السعة في البلاد، والتسلط على العباد، والتصرف في أقطار الأرض بأنواع العمارة، وهم ضعفاء ملجئون إلى دار لا نفع فيها { وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي وجاءتهم الرسل بالمعجزات الواضحات والآيات البينات فكذبوهم { فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } أي فما كان الله ليهلكهم بغير جُرم { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } أي ولكن ظلموا أنفسهم بالكفر والتكذيب فاستحقوا الهلاك والدمار { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤءَىٰ } أي ثم كان عاقبة المجرمين العقوبة التي هي أسوأ العقوبات وهي نار جهنم { أَن كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } أي لأجل أنهم كذبوا بآياتنا المنزلة على رسلنا واستهزءوا بها { ٱللَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } أي الله جل وعلا بقدرته ينشئ خلق الناس ثم يعيد خلقهم بعد موتهم { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي ثم إِليه مرجعكم للحساب والجزاء { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } أي ويوم تقوم القيامة ويُحْشر الناس للحساب يسكت المجرمون وتنقطع حجتهم، فلا يستطيعون أن ينسبوا ببنت شفة قال ابن عباس: { يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } ييأس المجرمون، وقال مجاهد: يفتضح المجرمون قال القرطبي: والمعروف في اللغة: أبلس الرجل إِذا سكت وانقطعت حجته { وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مِّن شُرَكَآئِهِمْ شُفَعَاءُ } أي ولم يكن لهم من الأصنام التي عبدوها شفعاء يشفعون لهم { وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ } أي تبرءوا منها وتبرأت منهم { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } كرر لفظ قيام الساعة للتهويل والتخويف لأن قيام الساعة أمر هائل أي ويوم تقوم القيامة يومئذٍ يتفرق المؤمنون والكافرون، ويصبحون فريقين: فريقٌ في الجنة، وفريقٌ في السعير، ولهذا قال { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي فأما المؤمنون المتقون الذين جمعوا بين الإِيمان والعمل الصالح { فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } أي فهم في رياض الجنة يُسرون وينعمون { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ } أي وأما الذين جحدوا بالقرآن وكذبوا بالبعث بعد الموت { فَأُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } أي فأولئك في عذاب جهنم مقيمون على الدوام { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } أي سبحوا الله ونزّهوه عما لا يليق به من صفات النقص، حين تدخلون في المساء، وحين تدخلون في الصباح { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } أي وهو جل وعلا المحمود في السماوات والأرض قال ابن عباس: يحمده أهل السماوات وأهلُ الأرض ويُصلون له، قال المفسرون: { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } جملة اعتراضية وأصل الكلام: { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } والحكمة في ذلك الإِشارة إلى أن التوفيق للعبادة نعمةٌ ينبغي أن يحمد عليها، والعشي: من صلاة المغرب إلى العتمة، و { تُظْهِرُونَ } أي تدخلون وقت الظهر { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ } أي يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، والنبات من الحب، والحبّ من النبات، والحيوان من النطفة، والنطفة من الحيوان { وَيُحْي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } أي ويحيي الأرض بالنبات بعد يبسها وجدبها { وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } أي كما يخرج الله النبات من الأرض كذلك يخرجكم من قبوركم للبعث يوم القيامة، قال القرطبي: بيَّن تعالى كمال قدرته، فكما يحيي الأرض بإِخراج النبات بعد همودها كذلك يحييكم بالبعث.

البَلاَغَة:
تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

1- الطباق بين { غُلِبَتِ.. يَغْلِبُونَ } وبين { قَبْلُ.. وبَعْدُ }.

2- طباق السلب { لاَ يَعْلَمُونَ.. يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا }.

3- صيغة المبالغة { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } أي المبالغ في العزة، والمبالغ في الرحمة.

4- تكرير الضمير لإِفادة الحصر { وَهُمْ عَنِ ٱلآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } ووردوها اسمية للدلالة على استمرار غفلتهم ودوامها.

5- الإِنكار والتوبيخ { أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ } الآية.

6- جناس الاشتقاق { أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤءَىٰ }.

7- الطباق بين { يَبْدَأُ.. ويُعِيدُهُ } وبين { تُمْسُونَ.
. وتُصْبِحُونَ }.

8- المقابلة بين حال السعداء والأشقياء { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ * وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ فَأُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ }.

9- الاستعارة اللطيفة { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ } استعار الحيَّ للمؤمن، والميت للكافر، وهي استعارة في غاية الحسن والإِبداع والجمال.

10- مراعاة الفواصل في الحرف الأخير لما له من أجمل الوقع على السمع مثل { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } { فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } { فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ }.

لطيفَة:
قال الزمخشري: دلَّ قوله تعالى { يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } على أن للدنيا ظاهراً وباطناً، فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها، والتنعم بملاذها، وباطنها وحقيقتها أنها معبرٌ للآخرة، يتزود منها إِليها بالطاعة والأعمال الصالحة. ولقد أحسن من قال:
أبنيَّ إِن من الرجال بهيمةً
***
في صورة الرجل السميع المبصر
فطِنٌ بكل مصيبةٍ في ماله
***
فإِذا أُصيب بدينه لم يشعر







: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=939798
التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-07-08, 15:36 رقم المشاركة : 2
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة الروم


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوغ¤اْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ وَظ±خْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذظ°لِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِظ±لَّيلِ وَظ±لنَّهَارِ وَظ±بْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ ظ±لْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ ظ±لسَّمَآءِ مَآءً فَيُحْيِي بِهِ ظ±لأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ ظ±لسَّمَآءُ وَظ±لأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ ظ±لأَرْضِ إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } * { وَلَهُ مَن فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } * { وَهُوَ ظ±لَّذِي يَبْدَؤُاْ ظ±لْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ ظ±لْمَثَلُ ظ±لأَعْلَىظ° فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ وَهُوَ ظ±لْعَزِيزُ ظ±لْحَكِيمُ } * { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ظ±لآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { بَلِ ظ±تَّبَعَ ظ±لَّذِينَ ظَلَمُوغ¤اْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ ظ±للَّهُ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } * { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ظ±للَّهِ ظ±لَّتِي فَطَرَ ظ±لنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ظ±للَّهِ ذَلِكَ ظ±لدِّينُ ظ±لْقَيِّمُ وَلَـظ°كِنَّ أَكْثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَظ±تَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ظ±لصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ظ±لْمُشْرِكِينَ } * { مِنَ ظ±لَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } * { وَإِذَا مَسَّ ظ±لنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } * { وَإِذَآ أَذَقْنَا ظ±لنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ظ±للَّهَ يَبْسُطُ ظ±لرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { فَآتِ ذَا ظ±لْقُرْبَىظ° حَقَّهُ وَظ±لْمِسْكِينَ وَظ±بْنَ ظ±لسَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ ظ±للَّهِ وَأُوْلَـظ°ئِكَ هُمُ ظ±لْمُفْلِحُونَ } * { وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِي أَمْوَالِ ظ±لنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ظ±للَّهِ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ظ±للَّهِ فَأُوْلَـظ°ئِكَ هُمُ ظ±لْمُضْعِفُونَ } * { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَظ°لِكُمْ مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىظ° عَمَّا يُشْرِكُونَ }

المنَاسَبَة:
لما ذكر تعالى أحوال الناس في الآخرة، وقدرته على البدء والإِعادة، ذكر هنا الأدلة على الربوبية والوحدانية، في خلق البشر، واختلاف الألسنة والصور، وإِحياء الأرض بالمطر، وفي قيام الناس ومنامهم، ثم ضرب الأمثال للمشركين في عبادتهم لغير الله مع أنه وحده الخالق الرازق.

اللغَة:
{ آيَاتِهِ } جمع آية وهي العلامة على الربوبية والوحدانية { تَنتَشِرُونَ } تتصرفون في شؤون معايشكم { لِّتَسْكُنُوغ¤اْ إِلَيْهَا } لتميلوا إِليها وتألفوها { قَانِتُونَ } مطيعون منقادون لإرادته { ظ±لْمَثَلُ ظ±لأَعْلَىظ° } الوصف الأعلى في الكمال والجلال { ظ±لْقَيِّمُ } المستقيم الذي لا عوج فيه { مُنِيبِينَ } الإِنابة: الرجوع بالتوبة والإِخلاص.

التفسِير:
{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ } أي ومن آياته الباهرة الدالة على عظمته وكمال قدرته أن خلق أصلكم " آدم " من تراب، وإِنما أضاف الخلق إِلى الناس { خَلَقَكُمْ } لأن آدم أصل البشر { ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } أي ثم أنتم تتطورون من نطفة إِلى علقة إِلى مضغة إِلى بشر عقلاء، تتصرفون فيما هو قوام معايشكم قال ابن كثير: فسبحان من خلقهم وسيَّرهم وسخّرهم وصرّفهم في فنون المعايش والمكاسب، وفاوت بينهم في العلوم والفكر، والحسن والقبح، والغنى والفقر، والسعادة والشقاوة!! { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } أي من آياته الدالة على عظمته وكمال قدرته أن خلق لكم من صنفكم وجنسكم نساءً آدميات مثلكم، ولم يجعلهن من جنسٍ آخر قال ابن كثير: ولو أنه تعالى جعل الإِناث من جنسٍ آخر، من جان أو حيوان، لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج، بل كانت تحصل النفرة، وذلك من تمام رحمته ببني آدم { لِّتَسْكُنُوغ¤اْ إِلَيْهَا } أي لتميلوا إِليهن وتألفوهن { وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } أي وجعل بين الأزواج والزوجات محبة وشفقة قال ابن عباس: المودة: حب الرجل امرأته، والرحمةُ شفقته عليها أن يصيبها بسوء { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } أي إِنَّ فيما ذكر لعبراً عظيمة لقوم يتفكرون في قدرة الله وعظمته، فيدركون حكمته العلية { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ وَظ±خْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ } أي ومن آياته العظيمة الدالة على كمال قدرته خلق السماوات في ارتفاعها واتساعها، وخلق الأرض في كثافتها وانخفاضها، واختلاف اللغات من عربيةٍ وعجمية، وتركية، ورومية، واختلاف الألوان من أبيض وأسود وأحمر، حتى لا يشتبه شخص بشخص، ولا إِنسان بإِنسان، مع أنهم جميعاً من ذرية آدم { إِنَّ فِي ذظ°لِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ } أي لمن كان من ذوي العلم والفهم والبصيرة { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِظ±لَّيلِ وَظ±لنَّهَارِ } أي ومن آياته الدالة على كمال قدرته نومكم في ظلمة الليل، ووقت الظهيرة بالنهار راحةً لأبدانكم { وَظ±بْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ } أي وطلبكم للرزق بالنهار { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } أي يسمعون سماع تفهم واستبصار { وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ ظ±لْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً } أي ومن آياته العظيمة الدالة على قدرته ووحدانيته أنه يريكم البرق خوفاً من الصواعق، وطمعاً في الغيث والمطر قال قتادة: خوفاً للمسافر، وطمعاً للمقيم { وَيُنَزِّلُ مِنَ ظ±لسَّمَآءِ مَآءً فَيُحْيِي بِهِ ظ±لأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } أي وينزل المطر من السماء فينبت به الأرض بعد أن كانت هامدة جامدة لا نبات فيها ولا زرع { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } أي إِن في ذلك المذكور لعبراً وعظاتٍ لقومٍ يتدبرون بعقولهم آلاء الله { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ ظ±لسَّمَآءُ وَظ±لأَرْضُ بِأَمْرِهِ } أي ومن آياته الباهرة الدالة على عظمته أن تستمسك السماواتُ بقدرته بلا عمد، وأن تثبت الأرض بتدبيره وحكمته فلا تنكفئ بسكانها ولا تنقلب بأهلها { ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ ظ±لأَرْضِ إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } أي إِذا دعيتم إِلى الخروج من القبور، إِذا أنتم فوراً تخرجون للجزاء والحساب، لا يتأخر خروجكم طرفة عين قال المفسرون: وذلك حين ينفخ إِسرافيل في الصور النفخة الثانية ويقول: يا أهل القبور قوموا، فلا تبقى نسمةٌ من الأولين والآخرين، إِلا قامت تنظر { وَلَهُ مَن فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ } أي وله جل وعلا كل من في السماوات والأرض من الملائكة والإِنس والجن ملكاً وخلقاً وتصرفاً لا يشاركه فيها أحد { كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } أي جميعهم خاشعون خاضعون منقادون لأمره تعالى { وَهُوَ ظ±لَّذِي يَبْدَؤُاْ ظ±لْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } أي وهو تعالى يُنشئ الخلق من العدم، ثم يعيدهم بعد موتهم للحساب والجزاء { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } أي إِعادة الخلق أهونُ عليه من بدئه قال ابن عباس: يعني أيسر عليه، وقال مجاهد: الإِعادة أهون عليه من البداءة، والبداءة عليه هيّنة قال المفسرون: خاطب تعالى العباد بما يعقلون، فإِذا كانت الإِعادة أسهل من الابتداء في تقديركم وحكمكم، فإِن من قدر على الإِنشاء كان البعث أهون عليه حسب منطقكم وأصولكم { وَلَهُ ظ±لْمَثَلُ ظ±لأَعْلَىظ° } أي له الوصف الأعلى الذي ليس لغيره ما يدانيه فيه من الجلال والكمال، والعظمة والسلطان { فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ } أي يصفه به من فيهما وهو أنه الذي ليس كمثله شيء { وَهُوَ ظ±لْعَزِيزُ ظ±لْحَكِيمُ } أي القاهر لكل شيء الحكيم الذي كل أفعاله على مقتضى الحكمة والمصلحة، ثم وضّح تعالى بطلان عبادتهم للأوثان بمثل فقال: { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ } أي ضرب لكم أيها القوم ربكم مثلاً واقعياً من أنفسكم { هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي هل يرضى أحدكم أن يكون عبده ومملوكه شريكاً له في ماله الذي رزقه الله تعالى؟ فإِذا لم يرض أحدكم لنفسه ذلك فكيف ترضون لله شريكاً له وهو في الأصل مخلوق وعبدٌ لله؟ { فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } هذا من تتمة المثل أي لستم وعبيدكم سواءٌ في أموالكم، ولستم تخافونهم كما تخافون الأحرار مثلكم، وأنتم لا ترضون أن يكون عبيدكم شركاء لكم في أموالكم، فكيف رضيتم لله شريكاً في خلقه وملكه؟ { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ظ±لآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } أي مثل ذلك البيان الواضح نبيّن الآيات لقومٍ يستعملون عقولهم في تدبر الأمثال { بَلِ ظ±تَّبَعَ ظ±لَّذِينَ ظَلَمُوغ¤اْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } بلْ للإِضراب أي ليس لهم حجة ولا معذرة في إِشراكهم بالله بل ذلك بمجرد هوى النفس بغير علم ولا برهان قال القرطبي: لما قامت عليهم الحجة ذكر أنهم يعبدون الأصنام باتباع أهوائهم في عبادتها، وتقليد الأسلاف في ذلك { فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ ظ±للَّهُ } أي لا أحد يستطيع أن يهدي من أراد الله إِضلاله { وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } أي ليس لهم من عذاب الله منقذٌ ولا ناصر { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ } أي أخلص دينك لله وأقبل على الإِسلام بهمة ونشاط { حَنِيفاً } أي مائلاً عن كل دين باطل إلى الدين الحق وهو الإِسلام { فِطْرَتَ ظ±للَّهِ ظ±لَّتِي فَطَرَ ظ±لنَّاسَ عَلَيْهَا } أي هذا الدين الحق الذي أمرناك بالاستقامة عليه هو خلقة الله التي خلق الناس عليها وهو فطرة التوحيد كما الحديث
" كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه " الحديث { لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ظ±للَّهِ } أي لا تغيير لتلك الفطرة السليمة من جهته تعالى قال ابن الجوزي: لفظة لفظ النفي ومعناه النهي أي لا تبدلوا خلق الله فتغيّروا الناس عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها { ذَلِكَ ظ±لدِّينُ ظ±لْقَيِّمُ } أي ذلك هو الدين المستقيم { وَلَـظ°كِنَّ أَكْثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي أكثر الناس جهلة لا يتفكرون فيعلمون أن لهم خالقاً معبوداً { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَظ±تَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ظ±لصَّلاَةَ } أي أقيموا وجوهكم أيها الناس على الدين الحق حال كونكم منيبين إِلى ربكم أي راجعين إِليه بالتوبة وإِخلاص العمل، وخافوه وراقبوه في أقوالكم وأفعالكم، وأقيموا الصلاة على الوجه الذي يُرضي الله { وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ظ±لْمُشْرِكِينَ } أي ولا تكونوا ممن أشرك بالله وعبد غيره ثم فسَّرهم بقوله { مِنَ ظ±لَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً } أي من الذين اختلفوا في دينهم وغيّروه وبدَّلوا فأصبحوا شيعاً وأحزاباً، كلٌ يتعصب لدينه، وكلٌ يعبد هواه { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } أي كل جماعة وفرقة متمسكون بما أحدثوه، مسرورون بما هم عليه من الدين المعوج، يحسبون باطلهم حقاً قال ابن كثير: أي لا تكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم أي بدلوه وغيروه، وآمنوا ببعض وكفروا ببعض، كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان، وسائر أهل الأديان الباطلة - مما عدا أهل الإِسلام - فأهل الأديان قبلنا اختلفوا فيما بينهم على آراء ومذاهب باطلة، وكل فرقة منهم تزعم أنهم على شيء { وَإِذَا مَسَّ ظ±لنَّاسَ ضُرٌّ } أي وإِذا أصاب الناس شدةٌ وفقر ومرض وغير ذلك من أنواع البلاء { دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ } أي أفردوه تعالى بالتضرع والدعاء لينجوا من ذلك الضر، وتركوا أصنامهم لعلمهم أنه لا يكشف الضر إِلا الله تعالى، فلهم في ذلك الوقت إِنابة وخضوع { ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } أي ثم إِذا أعطاهم السعة والرخاء والصحة وخلّصهم من ذلك الضر والشدة، إِذا جماعة منهم يشركون بالله ويعبدون معه غيره، والغرض من الآية التشنيعُ على المشركين، فإِنهم يدعون الله في الشدائد، ويشركون به في الرخاء { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } أمرٌ على وجه التهديد أي ليكفروا بنعم الله، وليتمتعوا في هذا الدنيا فيسوف تعلمون أيها المشركون عاقبة تمتعكم بزينة الحياة ونعيمها الفاني { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } الاستفهام للإِنكار والتوبيخ والمعنى: هل أنزلنا على هؤلاء المشركين حجة واضحة قاهرة على شركهم، أو كتاباً من السماء فهو ينطق ويشهد بشركهم وبصحة ما هم عليه؟ ليس الأمر كما يتصورون، والمراد ليس لهم حجة بذلك { وَإِذَآ أَذَقْنَا ظ±لنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا } أي وإِذا أنعمنا على الناس بالخصب والسعة والعافية استبشروا وسروا بها { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } أي وإِن أصابهم بلاءٌ وعقوبة بسبب معاصيهم إِذا هم ييأسون من الرحمة والفرج قال ابن كثير: وهذا إِنكار على الإِنسان من حيث هو إِلا من عصمه الله، إِذا أصابته نعمة بطر، وإِذا أصابته شدة قنط وأيس { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ظ±للَّهَ يَبْسُطُ ظ±لرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } أي أولم يروا قدرة الله في البسط والقبض، وأنه تعالى يوسّع الخير في الدنيا لمن يشاء ويضيّق على من يشاء؟ فلا يجب أن يدعوهم الفقر إِلى القنوط من رحمته تعالى { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي إِن في المذكور لدلالة واضحة على قدرة الله لقومٍ يصدقون بحكمة الخالق الرازق { فَآتِ ذَا ظ±لْقُرْبَىظ° حَقَّهُ وَظ±لْمِسْكِينَ وَظ±بْنَ ظ±لسَّبِيلِ } أي فأعط القريب حقَّه من البر والصلة وكذلك المسكين والمسافر الذي انقطع في سفره اعطه من الصَّدقة والإِحسان قال القرطبي: لما تقدم أنه سبحانه يبسط الرزق ويقدر، أمر من وسَّع عليه الرزق أن يعطي الفقير كفايته، ليمتحن شكر الغني، والخطاب للنبي عليه السلام والمراد هو وأُمته { ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ ظ±للَّهِ } أي ذلك الإِيتاء والإِحسان خيرٌ للذين يبتغون بعملهم وجه الله ويريدون ثوابه { وَأُوْلَـظ°ئِكَ هُمُ ظ±لْمُفْلِحُونَ } أي وأولئك هم الفائزون بالدرجات العالية { وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِي أَمْوَالِ ظ±لنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ظ±للَّهِ } أي وما أعطيتم من أموالكم يا معشر الأغنياء على وجه الربا ليزيد مالكم ويكثر به، فلا يزيد ولا يزكو ولا يضاعف عند الله لأنه كسبٌ خبيثٌ لا يبارك الله فيه قال الزمخشري: هذه الآية كقوله تعالى

{*يَمْحَقُ ظ±للَّهُ ظ±لْرِّبَا وَيُرْبِي ظ±لصَّدَقَاتِ*}
[البقرة: 276] سواءً بسواء { وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ظ±للَّهِ } أي وما أعطيتم من صدقةٍ أو إِحسان خالصاً لوجه الله الكريم { فَأُوْلَـظ°ئِكَ هُمُ ظ±لْمُضْعِفُونَ } أي فأولئك هم الذين لهم الضعف من الأجر والثواب، الذين تضاعف لهم الحسنات { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ } أي الله جل وعلا هو الخالق الرازق للعباد، يُخرج الإِنسان من بطن أمه عُرياناً لا علم له ولا سمع ولا بصر، ثم يرزقه بعد ذلك المال والمتاع والأملاك { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } أي ثم يميتكم بعد هذه الحياة، ثم يحييكم يوم القيامة، ليجازيكم على أعمالكم { هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَظ°لِكُمْ مِّن شَيْءٍ }؟ أي هل يستطيع أحد ممن تعبدونهم من دون الله أن يفعل شيئاً من ذلك؟ بل الله تعالى هو المستقل بالخلق والرزق والإِحياء والإِماتة { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىظ° عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تنزَّه جل وعلا وتقدس عن أن يكون له شريك أو مثيل، أو ولد أو والد، وتعالى عما يقول المشركون علواً كبيراً.


البَلاَغَة:
تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

1- الطباق بين قوله { خَوْفاً.. وَطَمَعاً } وبين { يَبْسُطُ.. وَيَقْدِرُ } وبين { يُمِيتُكُمْ.. يُحْيِيكُمْ } وبين { يَبْدَؤُاْ.. ويُعِيدُ }.

2- جناس الاشتقاق { دَعَاكُمْ دَعْوَةً } { فِطْرَتَ ظ±للَّهِ ظ±لَّتِي فَطَرَ }.

3- المقابلة بين قوله { وَإِذَآ أَذَقْنَا ظ±لنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا } وبين { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ }.

4- المجاز المرسل { فَأَقِمْ وَجْهَكَ } أطلق الجزء وأراد الكل أي توجه إلى الله بكليتك.

5- السجع المرصَّع كأنه الدرُّ المنظوم مثل { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ.. } الخ.






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-07-09, 15:14 رقم المشاركة : 3
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة الروم


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

{ ظَهَرَ ظ±لْفَسَادُ فِي ظ±لْبَرِّ وَظ±لْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ظ±لنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ظ±لَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { قُلْ سِيرُواْ فِي ظ±لأَرْضِ فَظ±نْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ظ±لَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } * { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ظ±لْقِيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ظ±للَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } * { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } * { لِيَجْزِيَ ظ±لَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ظ±لصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ظ±لْكَافِرِينَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ظ±لرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ ظ±لْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىظ° قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِظ±لْبَيِّنَاتِ فَظ±نتَقَمْنَا مِنَ ظ±لَّذِينَ أَجْرَمُواْ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ظ±لْمُؤْمِنينَ } * { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي يُرْسِلُ ظ±لرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي ظ±لسَّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى ظ±لْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } * { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } * { فَظ±نظُرْ إِلَىظ° آثَارِ رَحْمَتِ ظ±للَّهِ كَيْفَ يُحْيِ ظ±لأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ ظ±لْمَوْتَىظ° وَهُوَ عَلَىظ° كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } * { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ظ±لْمَوْتَىظ° وَلاَ تُسْمِعُ ظ±لصُّمَّ ظ±لدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } * { وَمَآ أَنتَ بِهَادِ ظ±لْعُمْيِ عَن ضَلاَلَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُّسْلِمُونَ } * { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ ظ±لْعَلِيمُ ظ±لْقَدِيرُ } * { وَيَوْمَ تَقُومُ ظ±لسَّاعَةُ يُقْسِمُ ظ±لْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } * { وَقَالَ ظ±لَّذِينَ أُوتُواْ ظ±لْعِلْمَ وَظ±لإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ظ±للَّهِ إِلَىظ° يَوْمِ ظ±لْبَعْثِ فَهَـظ°ذَا يَوْمُ ظ±لْبَعْثِ وَلَـظ°كِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ظ±لَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } * { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـظ°ذَا ظ±لْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَّيَقُولَنَّ ظ±لَّذِينَ كَفَرُوغ¤اْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ } * { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ظ±للَّهُ عَلَىظ° قُلُوبِ ظ±لَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } * { فَظ±صْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ظ±للَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ ظ±لَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ }


المنَاسَبَة:

لما شنَّع على المشركين في عبادتهم لغير الله، ذكر في هذه الآيات الأسباب الموجبة للمحنة والابتلاء وهي الكفر، وانتشار المعاصي، وكثر الفجور والموبقات، التي بسببها نقل الخيرات وترتفع البركات، وضرب الأمثال بهلاك الأمم السابقة، تنبيهاً لقريش وأمراً لهم بالاعتبار بمن سبقهم من المشركين المكذبين كيف أهلكهم الله بسبب طغيانهم وإِجرامهم.

اللغَة:

{ يَصَّدَّعُونَ } يتفرقون يقال: تصدَّع القوم إِذا تفرقوا ومنه الصداع لأنه يُفرِّق شعب الرأس { يَمْهَدُونَ } يجعلون لهم مهداً ويوطئون لهم مسكناً، والمهاد: الفراش { كِسَفاً } جمع كسفة وهي القطعة { ظ±لْوَدْقَ } المطر { مُبْلِسِينَ } يائسين مكتئبين قد ظهر الحزن عليهم من شدة اليأس { يُؤْفَكُونَ } يصرفون، والإِفك: الكذب { يُسْتَعْتَبُونَ } يقال: استعتبته فأعتبني أي استرضيته فأرضاني.

التفسِير:
{ ظَهَرَ ظ±لْفَسَادُ فِي ظ±لْبَرِّ وَظ±لْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ظ±لنَّاسِ } أي ظهرت البلايا والنكبات في بر الأرض وبحرها بسبب معاصي الناس وذنوبهم قال البيضاوي: المراد بالفساد الجدب وكثرة الحرق والغرق، ومحق البركات، وكثرةُ المضار بشؤم معاصي الناس أو بكسبهم إِياه وقال ابن كثير: أي بانَ النقص في الزروع والثمار بسبب المعاصي لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة { لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ظ±لَّذِي عَمِلُواْ } أي ليذيقهم وبال بعض أعمالهم في الدنيا قبل أن يعاقبهم بها جميعاً في الآخرة { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أي لعلهم يتوبون ويرجعون عمّا هم عليه من المعاصي والآثام { قُلْ سِيرُواْ فِي ظ±لأَرْضِ فَظ±نْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ظ±لَّذِينَ مِن قَبْلُ } أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين: سيروا في البلاد فانظروا إلى مساكن الذين ظلموا كيف كان آخر أمرهم وعاقبة تكذيبهم للرسل، ألم يخرب الله ديارهم ويجعلهم عبرةً لمن يعتبر { كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } أي كانوا كافرين بالله فأُهلكوا { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ظ±لْقِيِّمِ } أي فتوجَّه بكليتك إلى الدين المستقيم دين الإِسلام، واستقم عليه في حياتك قال القرطبي: أي أقم قصدك واجعلْ جهتك اتباع الدين القيم يعني الإِسلام { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ظ±للَّهِ } أي من قبل أن يأتي ذلك اليوم الرهيب، الذي لا يقدر أحدٌ على ردِّه، لأن الله قضى به وهو يوم القيامة { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } أي يومئذٍ يتفرقون، فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } أي من كفر بالله فعليه أوزار كفره مع خلوده في النار المؤبدة { وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } أي ومن فعل خيراً وأطاع الله فلأنفسهم يقدّمون الخير ويلقون ما تقر به أعينهم في دار النعيم قال القرطبي: أي يوطئون لأنفسهم في الآخرة فراشاً ومسكناً وقراراً بالعمل الصالح، ومهَّدت الفراش أي بسطته ووطأته { لِيَجْزِيَ ظ±لَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ظ±لصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ } أي يمهدون لأنفسهم ليجزيهم الله من فضله الذي وعد به عباده المتقين { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ظ±لْكَافِرِينَ } أي لا يحب الكافرين بل يمقتهم ويبغضهم، يجازي المؤمنين بفضله، والكافرين بعدله { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ظ±لرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ } أي ومن آياته الدالة على كمال قدرته أن يرسل الرياح تسوق السحاب مبشرة بنزول المطر والإِنبات والرزق { وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ } أي ولينزل عليكم من رحمته الغيث الذي يجيي به البلاد والعباد { وَلِتَجْرِيَ ظ±لْفُلْكُ بِأَمْرِهِ } أي ولتسير السفن في البحر عند هبوب الرياح بإِذنه وإِرادته { وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } أي ولتطلبوا الرزق بالتجارة في البحر { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي ولتشكروا نعم الله الجليلة عليكم { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىظ° قَوْمِهِمْ } تسلية للرسول وتأنيس له بقرب النصر أي ولقد أرسلنا من قبلك يا محمد رسلاً كثيرين إِلى قومهم المكذبين كما أرسلناك رسولاً إلى قومك { فَجَآءُوهُم بِظ±لْبَيِّنَاتِ } أي جاءوهم بالمعجزات الواضحات والحجج الساطعات الدالة على صدقهم { فَظ±نتَقَمْنَا مِنَ ظ±لَّذِينَ أَجْرَمُواْ } أي فكذبوهم فانتقمنا من الكفرة المجرمين { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ظ±لْمُؤْمِنينَ } أي كان حقاً واجباً علينا أن ننصر المؤمنين على الكافرين، والآية اعتراضية جاءت بين الآيات المفصّلة لأحكام الرياح تسليةً للنبي عليه السلام قال أبو حيان: والآية اعتراضٌ بين قوله { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ظ±لرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ } وبين قوله { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي يُرْسِلُ ظ±لرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً } جاءت تأنيساً للرسول صلى الله عليه وسلم وتسلية له، ووعداً له بالنصر، ووعيداً لأهل الكفر ثم ذكر تعالى الحكمة من هبوب الرياح وهي إِثارة السحب وإِخراج الماء منه فقال { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي يُرْسِلُ ظ±لرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً } أي يبعث الرياح فتحرك السحاب وتسوقه أمامها { فَيَبْسُطُهُ فِي ظ±لسَّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ } أي فينشره في أعالي الجو كيف يشاء خفيفاً أو كثيفاً، مطبقاً أو غير مطبق { وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً } أي ويجعله أحياناً قطعاً متفرقة { فَتَرَى ظ±لْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ } أي فترى المطر يخرج من بين السحاب { فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } أي فإِذا أنزل ذلك الغيث على من يشاء من خلقه إِذا هم يسرون ويفرحون بالمطر { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } أي وإِن كانوا قبل نزول المطر عليهم يائسين قانطين، قال البيضاوي: والتكرير للتأكيد والدلالة على تطاول عهدهم بالمطر واستحكام يأسهم { فَظ±نظُرْ إِلَىظ° آثَارِ رَحْمَتِ ظ±للَّهِ كَيْفَ يُحْيِ ظ±لأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ } أي فانظر أيها العاقل نظر تدبر واستبصار إلى ما ينشأ عن آثار نعمة الله بالمطر من خضرة الأشجار، وتفتح الأزهار، وكثرة الثمار، وكيف أن الله يجعل الأرض تنبت بعد أن كانت هامدة جامدة؟ { إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ ظ±لْمَوْتَىظ° } أي إِنَّ ذلك القادر على إِحياء الأرض بعد موتها هو الذي يحيي الناس بعد موتهم { وَهُوَ عَلَىظ° كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي مبالغ في القدرة على جميع الأشياء، لا يعجزه شيء { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً } أي ولئن أرسلنا على الزرع بعد خضرته ونموه ريحاً ضارة مفسدة فرأوا الزرع مصفراً من أثر تلك الريح { لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } أي لمكثوا بعد اصفراره يجحدون النعمة، فشأنهم أنهم يفرحون عند الخصب، فإِذا جاءتهم مصيبة في زرعهم جحدوا سابق نعمة الله عليهم، ثم نبه تعالى إِلى أن هؤلاء الكفار كالأموات لا ينفع معهم نصح ولا تذكير فقال { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ظ±لْمَوْتَىظ° وَلاَ تُسْمِعُ ظ±لصُّمَّ ظ±لدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } أي فإِنك يا محمد لا تسمع الأموات ولا تسمع من كان في أذنيه صممٌ تلك المواعظ المؤثرة، ولو أن أصمَّ ولّى عنك مدبراً ثم ناديته لم يسمع فكذلك الكافر لا يسمع، ولا ينتفع بما يسمع قال المفسرون: هذا مثلٌ ضربه الله للكفار فشبههم بالموتى وبالصم والعمي { وَمَآ أَنتَ بِهَادِ ظ±لْعُمْيِ عَن ضَلاَلَتِهِمْ } أي ولست بمرشد من أعماه الله عن الهدى { إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُّسْلِمُونَ } أي ما تسمع إِلا من يصدق بآياتنا فهم الذين ينتفعون بالموعظة لخضوعهم وانقيادهم لطاعة الله { ظ±للَّهُ ظ±لَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ } أي الله الذي خلقكم أيها الناس من أصل ضعيف وهو النطفة، وجعلكم تتقلبون في أطوار " الجنين، الوليد، الرضيع، المفطوم " وهي أحوال في غاية الضعف، فصار كأن الضعف مادة خلقتكم { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً } أي ثم جعل من بعد ضعف الطفولة قوة الشباب { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً } أي ثم جعل من بعد قوة الشباب ضعف الهرم والشيخوخة، { يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } أي يخلق ما يشاء من ضعف وقوة، وشبابٍ وشيب { وَهُوَ ظ±لْعَلِيمُ ظ±لْقَدِيرُ } أي وهو العليم بتدبير الخلق، القدير على ما يشاء قال أبو حيان: وجعل الخلق من ضعف لكثرة ضعف الإِنسان أول نشأته وطفولته، ثم حال الشيخوخة والهرم، والترداد في هذه الهيئات شاهد بقدرة الصانع وعلمه { وَيَوْمَ تَقُومُ ظ±لسَّاعَةُ يُقْسِمُ ظ±لْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ } أي ويوم تقوم القيامة ويُبعث الناس للحساب يحلف الكافرون المجرمون بأنهم ما مكثوا في الدنيا غير ساعة قال البيضاوي: وإِنما استقلوا مدة لبثهم في الدنيا بالنسبة إلى مدة عذابهم في الآخرة أو نسياناً منهم { كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } أي كذلك كانوا في الدنيا يصرفون من الحق إلى الباطل، ومن الصدق إلى الكذب { وَقَالَ ظ±لَّذِينَ أُوتُواْ ظ±لْعِلْمَ وَظ±لإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ظ±للَّهِ إِلَىظ° يَوْمِ ظ±لْبَعْثِ } أي وقال العقلاء من أهل الإِيمان والعلم رداً عليهم وتكذيباً لهم: لقد مكثتم فيا كتبه الله في سابق علمه إِلى يوم البعث الموعود { فَهَـظ°ذَا يَوْمُ ظ±لْبَعْثِ وَلَـظ°كِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } أي فهذا يوم البعث الذي كنتم تنكرونه، ولكنكم لم تصدقوا به لتفريطكم في طلب الحق واتباعه، قال تعالى { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ظ±لَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ } أي ففي ذلك اليوم لا ينفع الظالمين اعتذارهم { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } أي لا يقال لهم أرضوا ربكم بتوبة أو طاعة، لأنه قد ذهب أوان التوبة { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـظ°ذَا ظ±لْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ } أي ولقد بينا في هذا القرآن العظيم ما يحتاج الناس إِليه من المواعظ والأمثال والأخبار والعبر مما يوضّح الحقَّ ويزيل اللبس { وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَّيَقُولَنَّ ظ±لَّذِينَ كَفَرُوغ¤اْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ } أي ووالله لئن جئتهم يا محمد بما اقترحوا من الآيات كالعصا والناقة واليد ليقولنَّ المشركون من قومك لفرط عنادهم ما أنت وأصحابك إِلا قوم مبطلون، تُدجلون علينا وتكذبون { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ظ±للَّهُ عَلَىظ° قُلُوبِ ظ±لَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } أي مثل ذلك الطبع على قلوب الجهلة المجرمين، يختم الله على قلوب الكفرة الذين لا يعلمون توحيد الله ولا صفاته { فَظ±صْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ظ±للَّهِ حَقٌّ } أي فاصبر يا محمد على تكذيبهم وأذاهم فإِن وعد الله بنصرتك وإِظهار دينك حقٌ لا بدَّ من إِنجازه { وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ ظ±لَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ } أي لا يحملنك على الخفة والقلق جزعاً مما يقوله أولئك الضالون الشاكون، ولا تترك الصبر بسبب تكذيبهم وإٍيذائهم.


البَلاَغَة:

تضمنت الآيات وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

1- الطباق بين { ظ±لْبَرِّ.. وَظ±لْبَحْرِ }.

2- المجاز المرسل بإطلاق الجزء وإِرادة الكل { بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ظ±لنَّاسِ }.

3- جناس الاشتقاق { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ظ±لْقِيِّمِ }.

4- الاستعارة اللطيفة { فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } شبَّه من قدَّم الأعمال الصالحة بمن يمهد فراشه ويوطئه للنوم عليه لئلا يصيبه في مضجعه ما يؤذيه وينغص عليه مرقده.

5- أسلوب الإِطناب { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ظ±لرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ.. } الآية وذلك لتعداد النعم الكثيرة وكان يكفي أن يقول: { لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } ولكنه أسهب تذكيراً للعباد بالنعم.

6- جناس الاشتقاق { أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً }.

7- الإِيجاز بالحذف { فَجَآءُوهُم بِظ±لْبَيِّنَاتِ فَظ±نتَقَمْنَا } حذف منه فكذبوهم واستهزءوا بهم.

8- الاستعارة التصريحية { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ظ±لْمَوْتَىظ° } شبه الكفار بالموتى وبالصم في عدم إِحساسهم وسماعهم للمواعظ والبراهين بطريق الاستعارة التصريحية.

9- الطباق بين { ضَعْفٍ.. قُوَّةً }.

10- صيغة المبالغة { ظ±لْعَلِيمُ ظ±لْقَدِيرُ } لأن معناه المبالغ في العلم والقدرة.

11- الجناس التام { وَيَوْمَ تَقُومُ ظ±لسَّاعَةُ يُقْسِمُ ظ±لْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ } المراد بالساعة أولاً القيامة وبالثانية المدة الزمنية فبينهما جناس كامل، وهذا من المحسنات البديعية.

تنبيه:
الصحيح أن الميت يسمع لقوله صلى الله عليه وسلم " ما أنتم بأسمع منهم " وقوله " وإِن الميت ليسمع قرع نعالهم " وأما قوله تعالى { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ظ±لْمَوْتَىظ° } المراد منه سماع التدبير والاتعاظ، والله أعلم.






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-08-26, 17:36 رقم المشاركة : 4
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: تفسير سورة الروم





    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 07:03 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd