الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات التواصل العام > - منتدى الإستقبال و التعارف - > { منتدى الخيمة الرمضانية }


{ منتدى الخيمة الرمضانية } رمضان فرصة ذهبية للتوبة والمغفرة والعتق من النار فلنغتنمها قبل ان يُقال مات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2017-06-03, 13:52 رقم المشاركة : 1
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

c1 رمضان ...حياة



رمضان حياة







الحياة كلمة جميلة، جُبلت النفوس على محبتها، "فكلنا يكره الموت"، لكن هذه الكلمة غالباً ما تنحصر عند كثيرين - عند سماعها - بحياة الأبدان ونعيمها، بيد أن نصوص القرآن والسنة، مع عنياتهما بمقومات حياة البدن؛ إلا أن عنايتهما بحياة القلب أعظم وأشد:

فقوت الروح أرواح المعاني *** وليس بأن طعمتَ ولا شربتا

ومن هنا تبوأت العبادات القلبية مكانتها العالية في الشريعة، فرُكن الإحسان، وأركان الإيمان الستة، كلها عبادات قلبية، فضلاً عن بقية أعمال القلوب التي لا يعمل تفاصيلها إلا الله.


وما مواسم الخير - ومن أجلّها رمضان - إلا نفحة من نفحات الرب الكريم؛ لتحيا القلوب بعد موتها، وتتعافى بعد مرضها، وتزداد حياة مع حياتها؛ لذا فإن الموفَّقين من عباد الله، من يبحثون بجِد عن جواب هذا السؤال:

كيف يكون "رمضان حياة"؟

لقد ارتبط رمضان بالقرآن، والقرآن برمضان؛ فكانت الحياة!

حياة الدنيا كلها منذ نزلت أول خمس آيات من القرآن:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق: 1 - 5]، وتَتابع الوحي، حتى اكتملت به الهداية، وتمت به النعمة.

وكانت حياة القلوب: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا }[الأنعام: 122] فاهتدت بالنور، وخرجت من رحم الظلام، ودياجير الجهل؛ فكانت الحياة.

إذاً .. فرمضان لم ولن يكون حياً إلا بارتباط القلب بأصل حياته: وهو إقباله على ربه، وإخباته وخضوعه، ولن يتم هذا على الوجه الأكمل بدون التعلق بهذا القرآن: تلاوة وتدبراً.

ولك أن تتأمل في مشهد من مشاهد الحياة في هذا الشهر العظيم، الذي لخّصه الفقيه الجليل، والصاحب الجليل عبدالله ابن عباس - رضي الله عنهما - بقوله: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة»(.

هكذا، تلاقى أفضل رسولٍ مَلَكي مع أفضل رسولٍ بشري؛ ليتدارسوا هذا القرآن العظيم، فكانت الثمرات العظيمة، ولكلّ متأسٍ بهما نصيب من هذا الأثر، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.





سيكون ""رمضان حياة"" حينما نستشعر معنى وقوفنا بين يدي ربنا في صلاة التراويح، ونحن نستمع لكلام الله، وبقلبٍ مفتوحٍ يتلقى رسالاتِه، ويشعر أنه هو المخاطب بكل آية تقرع أذنه.





سيكون ""رمضان حياة"" حينما تمتد أيدينا لتساعد محتاجاً، وتغيث ملهوفاً، ونبادر بذلك قبل أن يَسأل المحتاج؛ حفظاً لماء وجهه مِن ذلّ السؤال، ومرارة مدّ اليد.





سيكون "رمضان حياة" حينما تَصِل ما انقطع من حبالٍ بينك وبين قرابتك؛ بكلمة طيبة، أو هدية ماسحة لغبار الهجر؛ لتحيي بذلك ما اندرس من معاني الصلة والمودة، وتغيض الشيطان الذي يفرح بالتحريش بين المؤمنين: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}[الإسراء: 53].





سيكون "رمضان حياة" حينما تهتبل ساعات الصفاء، ولين القلب؛ لترفع يديك بالدعاء لنفسك، ولمن له حق عليك من والد ومعلم ومحسنٍ سبق إليك إحسانُه، ولإخوانك المسلمين في كل مكان، خاصة مَنْ كان يعاني ما يعاني مِن ظلمٍ وجورٍ وتهجيرٍ وقتل، فلذلك لذة يجدها الإنسان، ويذوق معها معنى من معاني حياة القلب، فهو يدعو ولا ينتظر جزاء ولا شكوراً، بل هو ساعٍ في تحقيق العبودية لله بالدعاء، وتحقيق ما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه -: ((ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم؛ كمثل الجسد، إذا اشتكى عضوا تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى))[2].






سيكون "رمضان حياة" حينما نشعر بأن قلوبنا فقيرة إن لم تغتنِ بالقرآن، وأنها مريضة إن لم تستشفِ بالقرآن، وضالة إن لم تهتد بالقرآن، وميتة إن لم تحيَ بالقرآن.
وإن من الغبن البيِّن أن يكون رمضان وغيره من الأشهر سواء! حين لا يكون رمضان لنا حياة!



د. عمر بن عبد الله المقبل




مراجع:

([1]) البخاري ح(1902)، مسلم ح(1803).
([2]) البخاري ح(6011) واللفظ له، مسلم ح(2586).







: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=932995
التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2017-06-03, 20:08 رقم المشاركة : 2
elmasrypm
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







elmasrypm غير متواجد حالياً


افتراضي


بارك الله فيك






آخر تعديل صانعة النهضة يوم 2017-06-03 في 22:19.
    رد مع اقتباس
قديم 2017-06-03, 21:58 رقم المشاركة : 3
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: رمضان ...حياة



بسم الله الرحمن الرحيم




رمضــان فرصة لترميم القلوب .. !

القلب ملكٌ والأعضاء جنوده فإذا طاب الملك طابت جنوده وإذا خبث الملك خبثت جنوده ، والقلب عليه تدور سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة وإن الشقاء والتعاسة التي يعيشها كثير من الناس إنما سببها عدم راحة القلوب والصراع الذي تعيشه البشرية اليوم أفراد وجماعات ودول قد لا يدرك الكثير أن سبب ذلك فساد القلوب .. والقلق والهموم التي اجتاحت العالم يعود سببها إلى ضيق القلوب وقسوتها وبعدها عن غذائها الروحي وأسباب حياتها ، فالقلب وعاء كل شيء في حياة الإنسان فالإيمان والكفر لا يكون إلا في القلب والنية لا تخرج إلا من القلب والفهم والفقه والتدبر والإتعاظ والإستفادة من دروس الحياة وأحداث الزمان إنما يكون في القلوب قال تعالى"(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ {179}.. وانظروا إلى بعض آثار هذه القلوب وأهميتها وأثرها في حياة الإنسان .. يقول الله سبحانه وتعالى { إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}(سورة القلم آية (17 – 33). هذه قصة أصحاب الحديقة والبستان المثمر والمنظر البديع والخير الوفير ذكرها الله في القرآن ليعتبر المعتبرون فهل تساءل أحدنا لماذا عاجلهم الله بالعقوبة ؟ ولماذا أحرق حديقتهم ودمر زرعهم وأهلك أموالهم ؟ لقد أخبرنا سبحانه وتعالى أن السبب هو أنهم أضمروا في قلوبهم الشر والبخل والخبث والمكر ومنع ما كان للفقراء والمساكين من حق ... فسبحان الله مجرد الإضمار في القلب والنية لعمل المنكر وفساد المقصد سبباً للهلاك فكيف بمن يفعل ذلك ويمارسه سلوكاً في واقع الحياة .

إنه يجب على كل مسلم أن يتعاهد قلبه بالإيمان والعمل الصالح وأن يصفية من أمراض القلوب كالنفاق والحقد والحسد و والكبر والبغض والكراهية والقسوة والخبث وإن رمضـــان فرصة عظيمة لإصلاح القلوب وترميمها وصقلها لما فيه من النفحات الربانية .. فالصيام يربى المسلم على تقوى الله ومراقبته واستشعار عظمته وهذا لا يكون إلا في القلب والصيام يوجه المسلم للتعاون والتعاطف مع من حوله والصيام نتعلم منه الصبر وحسن الخلق وبذل المعروف وشهر الصوم شهر العتق من النيران شهر العفو والمغفرة ينبه المسلم إلى أهمية أن يعفو ويسامح ويصفح عن من أساء إليه من حوله فيكون التآلف والإخاء والتراحم بين أفراد المجتمع ، وشهر رمضان شهر القرآن فيقبل عليه المسلم بشغف فيقرأ آياته ويتعلم أحكامه ويتربى على قيمه وتوجيهاته ..

ورمضان شهر الصدق والإخلاص وكم نحن بحاجة إلى ترميم قلوبنا وإمدادها بهذه القيم العظيمة في زمن تنصل الكثير عن مبادئهم وظهر النفاق في حياتهم بأبشع صوره ووجد الرياء في الأعمال والأقوال والعبادات ، ورمضان شهر التوبة والإنابة ولا يكون ذلك إلا إذا أنابت القلوب بصدق إلى ربها ورغبت في عفوه ومغفرته ورمضان فرصة عظيمة لتصفية القلوب من ووساوس الشيطان ونزغاته ، ورمضان فرصة للخشوع في الذكر والدعاء والصلاة والقيام وبذلك تلين القلوب وتطمئن وتكون أهلاً لنظر الله فالله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى الصور والأجساد بل ينظر إلى القلوب والأعمال، ويُجازي عليها فلا تجعل محل نظر الله إليك هو أخبث الأماكن وأكثرها جرماً ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )( مسلم(2564) وقال تعالى({لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا في قُلُوبِهِم فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18]. فالإيمان والصدق وإتباع الحق لا يستدل عليه من الصور والهيئات ولكن الله يعلم أن مكانه القلب ... ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: {ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب } (رواه مسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه) وقال تعالى مبيناً أهمية القلب في حياة الإنسان وأنه محل سؤال الله يوم القيامة (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)[سورة الإسراء، الآية: 36].

لقد ربط الله تعالى النجاة يوم القيامة بسلامة القلوب: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)[الشعراء:88، 89]. والقلب السليم هو القلب سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه وسلم من مخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم و سلم من الغل والحقد والحسد والكبر وغيرها من الآفات والشبهات والشهوات المهلكة و هو قلب يخشى الله في السر والعلن ،كثير التوبة والإنابة إليه قال تعالى (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ) [سورة ق، الآية: 31]. .. وعندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل؟ قال: "كل مخموم القلب صدوق اللسان" قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: "هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد" (صحيح ابن ماجه للألباني(3416) .. يا لروعة هذه القلوب كيف جعلت من أصحابها أفضل الخلق عند الله وعند رسوله بل وعند الناس جميعاً. .. لقد كان أعظم هذه القلوب صفاءاً وأوسعها رحمة وليناً ورفقاً وحلماً هو قلب محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه ربه(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159) .. وقلوب المؤمنين يجب أن تكون كذلك تتصف باللين والخشوع والرحمة والوجل لتنال رحمة الله وتوفيقه في الدنيا والآخرة قال تعالى(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) [سورة الأنفال:2-4].

لقد ضرب الصحابة رضي الله عنهم أروع الأمثلة في سلامة القلوب وطهارة الصدور، فكان لهم من هذه الصفة أوفر الحظ والنصيب، ...كانوا رضي الله عنهم صفاً واحداً يعطف بعضهم على بعض ويرحم بعضهم بعضاً ويحب بعضهم بعضاً كما وصفهم جل وعلا بذلك حيث قال: ï´؟وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌï´¾( الحشر: 9) وكما قال جل ذكره في وصفهم: ï´؟مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناًï´¾( الفتح: 29) و كان لسلامة قلوبهم منزلة كبرى حتى إنهم جعلوها سبب التفاضل بينهم قال إياس بن معاوية بن قرة عن أصحاب النبي صلَى الله عليه وسلم ((كان أفضلهم عندهم أسلمهم صدراً وأقلهم غيبة)) و قال سفيان بن دينار لأبي بشر أحد السلف الصالحين: أخبرني عن أعمال من كان قبلنا؟ قال: كانوا يعملون يسيراً ويؤجرون كثيراً. قال سفيان: ولم ذاك؟ قال أبو بشر: لسلامة صدورهم.. لا يمكر لأخيه ولا يحقد عليه ولا يهجره ولا يتمنى أن ينزل أو يحل بداره شرٌ أو مكروه ولو كان بينهم خصومات أو اختلاف في وجهات النظر بل يتمنى له الخير يرجو بذلك ثواب الله ويطلب رضاه .. هــذا ابن عباس رضي الله عنهما يقول : "إني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدًا من بلدان المسلمين فأفرح به، ومالي به سائمة". إن رقة القلب وسلامة الصدر نعمة من أجل النعم وأعظمها ، وما من قلب يُحرم هذه النعمة إلا كان صاحبه موعوداً بعذاب الله فقد قال سبحانه { فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ } (الزمر:22) ، وما رق قلب لله وانكسر إلا كان صاحبه سابقاً إلى الخيرات ، مشمراً إلى الطاعات ...

إن قسوة القلوب وفسادها سبب لمشاكل الحياة فالعنف والشدة والغلظة على بعضنا البعض وغياب التراحم والتكافل وسوء الظن على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع سببه قسوة القلوب قال تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام:42-45].. وإنه قد آن الآوان لهذه القلوب أن تخشع وتلين وتعمر بالإيمان والتقوى فقد حذر سبحانه من الغرور والغفلة وطول الأمل فقال (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) [الحديد: 16] .. وإن مما يرقق القلوب ويذهب عنها قسوتها النظر في أحوال الفقراء والمساكين والأيتام والمحتاجين والمعوزين ومساعدتهم وبذل المعروف وإدخال السرور عليهم فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو إليه قسوة القلب فقال أدن اليتيم وامسح برأسه وأطعمه طعامك يلن قلبك وتقدر على حاجتك) ( رواه أبو الدرداء وأخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة / 2/509) .. وإن رمضان فرصة للقيام بذلك فكم من محروم ومحتاج إلى من يسد جوعته ويفك كربته ويخفف من آلامه ... ورمضان فرصة عظيمة لتوحيد الصف داخل المجتمع المسلم وحسن التعايش بين أبناء الوطن الواحد وهو فرصة للتعاون بين الجميع لحل المشاكل ونبذ الخلافات وبناء المجتمع وتطويره ونشر الأمن والأمان في ربوعه فالوطن يتسع للجميع وما حدث الخلاف والشقاق إلا حينما فسدت القلوب .

لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ... ولكن قلوب الرجال تضيق
وعلينا في هذا الشهر الكريم أن نكثر من الدعاء ..( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا ربنا إنك رؤف رحيم [الحشر:10].. اللهم أصلح قلوبنا وزينها بالإيمان ونقها من الحقد والحسد والبغضاء برحمتك يا أرحم الراحمين ..





    رد مع اقتباس
قديم 2017-06-03, 21:59 رقم المشاركة : 4
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: رمضان ...حياة


حياة القلوب في رمضان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
إن شهر رمضان شهر التوبة والغفران، شهر تحيى فيه القلوب، وتسموا فيه الأرواح؛ وذلك من كثرة القربات، والطاعات، من صيام، وقيام، وصدقة وجهاد، وتلاوة قرآن، وغيرها من أعمال البر والإحسان.
صيام العارفين له حنين إلى الرحمن رب العالمينا
تصوم قلوبهم في كل وقت وبالأسحار هم يستغفرون
فما أعظمها من أعمال تحيى معها القلوب، وتسمو معها النفوس، فمن هذا الأعمال ما يلي:
1- تقوى الله: إن الغاية الحقيقة, والهدف من صيام رمضان، هو تقوى الله- سبحانه وتعالى-ومراقبته في السر والعلن، قال الله-تعالى-:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:183). فالصوم وسيلة عظمى لتقواه-سبحانه-، وهي جماع خير الدنيا والآخرة، يقول-صلى الله عليه وسلم-: (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف) قال الله-تعالى-: (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)(1).
1-يقول الرازي-رحمه الله-: "إن الصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى؛ فإنه يردع عن الأشر, والبطر, والفواحش، ويهون لذات الدنيا, ورياستها، وذلك؛ لأن الصوم يكسر شهوة البطن والفرج، فمن أكثر منه هان عليه أمر هذين، وخفت عليه مؤونتهما، فكان ذلك رادعاً له عن ارتكاب المحارم والفواحش، ومهوناً عليه أمر الرياسة في الدنيا، وذلك جامع لأسباب التقوى...)(2).فالصيام هو طريق التقوى الموصل إلى رحمة الله ورضوانه, وهو سُلم الارتقاء نحو سمو النفس وعفتها وطهارتها متحررة من كل رغبات الحياة المباحة, ومن شهوات الدنيا المحللة لتلجأ إلى الله وحده مستعينةٌ بصبر جميل, وقلب مطمئن صادق الإيمان. فهي نفسٌ عائشةُ لله مستعينةٌ بالله متوجهةٌ إلى الله..فأي منزلة عظمى يبلغها الصائم بصدق عند الله-تعالى-. فالصوم ليس إلا تعويدُ النفس على الصبر وتحمل المكاره اختياراً ورغبة في تقوى الله -تعالى- ورجاء عفوه ورضاه، فكيف لا يكون القلب حياً وقد تحررت النفس عن رغبات الحياة، إنها التقوى حياة القلوب.
2- الصيام: إن المسلم الصائم يجد من الحلاوة، والخشوع، والبكاء ما يحيى به قلبه، ويتمنى لو طال شهر رمضان, وذلك لما يحيى قلبه بالصيام الذي يخلو معه البال، ويُضيّقُ فيه على الشيطان، فيتفرغ القلب لمناجاة ربه-سبحانه وتعالى-، فيجد رقة في قلبه، ودموعاً في عينيه، رجاء رحمة الله، وخوفاً من عقابه، ومراقبة له -تبارك وتعالى-. وقد اختص الله هذه العبادة له فقال: (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحدٌ أو قاتله فليقل إني صائم، والذي نفسُ محمدٍ بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه)(3). وفي رواية : (يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصوم لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها)(4).ففرحة الصائم عند فطره تتأتى من أمله ورجائه في أن يتقبل الله-تعالى-صومه معاهداً ربه بالاستمرار على درب التوبة الصادقة والنصوح، وفرحته يوم لقاء ربه حينما يحَضرُ صيامه وقيامه بهيئة طيبة يشفعان له، وإذا نظرت لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-وهو يبشرك ويهنئك بقوله الكريم: (ما من عبد يصوم في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجههُ عن النار سبعين خريفا)(5) لأدركت بأن الفرصة الرمضانية المواتية هي من فرص العمر الفريدة، ولو أثلج صدرك قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ببشارة أخرى مباركة: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)(6) لعلمت أنك أمام فرصة إسقاط العقوبات والجزاءات, ونجوت بجسدك وروحك من نار لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها ملائكة غلاظ شداد، ولعلمت أن رحمة الله أوسع من غضبه, فهلم هلم إلى الصيام. فرضاً وطوعاً(7).
3- تلاوة القرآن: عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أجود الناس, وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن" فالرسول الله-صلى الله عليه وسلم- حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة"(8). فالمسلم الحريص جديرٌ به أن يتعهد القرآن بالمدارسة والمذاكرة والتلاوة؛ لأن ذلك كله من الوسائل الفعالة في تهذيب النفس وتزكيتها، وتلاوة القُرآن إذا لازمها الخشوع والتدبّر في ألفاظه ومعانيه, فكانت وسيلة لتنوير القلب وإحيائه, فحضور القلب والفكر, والخشوع أمور هامة عند قراءة القرآن, وليحصر المسلم فكره في أنه يتلوا كلام الله-عز وجل-وأنه جالسٌ بين يدي ربه, فعليه أن يكون في غاية التوقير والتعظيم لربه, ولا بد أن يعلم المسلم أن هذا القرآن إنما أنزل ليكون هو المقصود به, وأن جميع ما فيه من أوامر ونواه إنما هو المأمور بها وهو المقصود بالانتهاء عنها, وإذا مرت به بعض عبر الأنبياء والرسل فليعلم أنها ليست قصص تسلية وإنما هي درس وعبر تشد طريقه في درب الدعوة ويستخلص منها ما يعينه على تقوية دينه, والصبر على المكاره, وتثبيت القلب {وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}(هود:120).
3- كان الزهري-رحمه الله-يقول-إذا دخل رمضان-: "إنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام". وكان مالك إذا دخل رمضان، يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويقبل على تلاوة القرآن، من المصحف. وقال عبد الرزاق: "كان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادات وأقبل على تلاوة القرآن". وقال سفيان: "كان زيد اليامي إذا حضر رمضان، أحضر المصاحف، وجمع إليه أصحابه".
4- صلاة التراويح: عن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه)(9) . فينبغي الاعتناء بها, واحتساب الأجر والثواب من الله عليها, وما هي إلا ليالِ معدودةٍ، ينتهزها المؤمن العاقل قبل فواتها. فكم من الصائمين والقائمين كانوا قد صلوها في الأعوام الماضية، فجاءهم الأجل؟!. فحيل بينهم وبين قيام هذا الشهر!! والنبي-صلى الله عليه وسلم-أول من سن الجماعة في صلاة التراويح في المسجد، ثم تركها خوفاً من أن تفرض على أمته. وينبغي صلاتها كاملة مع الإمام؛ لأن من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة كاملة. فما أحلاها من ساعات تقوم فيها لله رب العالمين، وما أعظمها من دقائق تقضيها بين يدي أرحم الراحمين، تمضي هذا الدقائق والثواني وأنت في طاعة، وخشوع وعبادة لله-تعالى-، وغيرك يقضيها في معاصي، وذنوب، تصليها خوفاً من الله، وطمعاً في رحمته, تصليها مع المسلمين، فتحيي بها ليلك فيحيى بها قلبك، إنها صلاة التراويح حياة القلوب في رمضان.
5- الاعتكاف: إن التفرغ للعبادة في بيت من بيوت الله-تعالى-بعيداً عن الأهل والأصحاب, والأحباب، والأقارب, والأولاد، يجعل القلب يعيش مع الله سبحانه-تعالى-يناجيه, ويدعوه, ويتضرع إليه، وإن هذا لمن أفضل وانجع العلاج لحياة القلوب، كيف لا تحيى وهي تناجي المولى-تبارك وتعالى-؟ كيف لا تحيى وهي قد تخلت عن كل ما يشغلها عن خالقها ورازقها؟ كيف لا تحيى وهي تعيش في بيت من بيوت الله لا يخرجها منه إلا الحاجة الضرورية، كيف لا يحيى وقد انقطع عن الدنيا وملذاتها, وشهواتها، وزخارفها؟ إنه الاعتكاف الذي تحيى معه القلوب، قلوب المؤمنين الطائعين لله-تبارك وتعالى-. فالمدار في الأعمال على القلب، كما قال الرسول-صلى الله عليه وسلم-ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)(10). وأكثر ما يفسد القلب الملهياتُ، والشواغل التي تصرفه عن الإقبال على الله-عز وجل-من شهوات المطاعم، والمشارب، والمناكح، وفضول الكلام، والخلطة، والنوم، والصحبة، وغير ذلك من الصوارف التي تفرق أمر القلب، وتفسد جمعيته على طاعة الله، فشرع الله-تعالى-قربات تحمي القلب من غائلة تلك الصوارف. فكيف لا يحيى القلب وقد ابتعد عن هذه الصوارف والمشاغل التي تشغله عن مولاه وخالقه-سبحانه وتعالى-؟.
6- الإنفاق: إن الإنفاق من أسباب القربات إلى الله-تعالى-ودخول الجنة، وهي لا تُنقص من مال المنفق شيئاً، بل تزيده كما قال النبي-صلى الله عليه وسلم-ما نقصت صدقة من مالٍ، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزّاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه)(11)، فشهر رمضان تُضاعف فيه الحسنات، وتُرفع الدرجات، فيتقرب العبد إلى مولاه بكثرة الأعمال الصالحة، فالمسلم عندما ينفق من ماله لا يكون ذلك إلا بعد صفاء قلبه, ورضا نفسه، فلما تتعود النفوس على بذل الأموال في سبيل الله, فإن ذلك من أهم العوامل في إحياء القلوب، وذلك لما يحس من عطف, ورحمة، وشفقة على المساكين، ولما يرى من معاناتهم الشديدة لهذه الحياة، فيرق قلبه, فيدفع من ماله الحلال الذي كد وتعب في جمعه لا لشيء إنما لوجه الله-سبحانه وتعالى-طمعاً في مرضاته، وهذا دليلٌ على أن هذا القلب حيٌ, ويزيد بهذا الإنفاق حياة أكثر وأكبر.
7- الجهاد: إن الجهاد ذروة سنام الإسلام، وفضله جدُ عظيم، ولقد كان شهر رمضان في حياة الرسول-عليه الصلاة والسلام-والسلف الصالح هو شهر الجهاد، فإن أعظم معركتين-على سبيل المثال-في حياة الرسول-صلى الله عليه وسلم-كانتا في هذا الشهر الكريم؛ شهر الجهاد والتضحيات. الأولى معركة بدر الكبرى، المعركة التي كانت فرقاناً فرق الله-تعالى-به بين عهد الذل والاستضعاف, وعهد العزة والتمكين للرسول-صلى الله عليه وسلم-والمؤمنين. والمعركة الثانية: هي فتح مكة, والتي هي من أخطر وأهم المعارك في حياة الرسول الله-صلى الله عليه وسلم-؛ لأن مكة كانت مركز الجزيرة العربية، ومكان الحج والعمرة, ومهوى أفئدة الناس من كل مكان. إن كثيراً من المسلمين اليوم انعكست هذه المفاهيم في نفوسهم، فلم يعد رمضان عندهم شهر الجهاد والعمل والتضحية، وإنما أصبح شهر الكسل والبطالة، وفضول النوم، وهذا-بلا ريب-خطأ كبير، وانتكاس خطير، فالواجب أن يصحّح هؤلاء الناس نظرتهم، ويسعوا لإحياء الجهاد في ذلك الشهر خاصة، وفي سائر الأوقات عامة, والجهاد باب واسع يدخل تحته أعمال كثيرة: فهو يكون بالسلاح، ويكون بالمال، ويكون باللسان: أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، وتعليماً للخير، ونشراً للدعوة إلى غير ذلك من سبل الجهاد(12)، فالجهاد حياة للقلوب، إذ لا يقدم على فعله إلا من عرف ما أعد الله له من أجر عظيم، وثواب جزيل في جنات النعيم، فالقلب الحي متعلق بالله-سبحانه وتعالى-، متيقن بما أعده الله لمن أطاعه، وعمل في مرضاته.
اللهم اجعل رمضان حياة لقلوبنا، اللهم وفقنا لقيامه وصيامه إنك سميع الدعاء.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين،،،
1 - البخاري (5583)، ومسلم(2/806)(1151).

2 - راجع: مفاتيح الغيب(5/70).

3 - متفق عليه.

4 - البخاري.

5 - متفق عليه.

6 - البخاري ومسلم.

7 - حياة القلوب في رمضان ص (16).

8 - متفق عليه.

9 - متفق عليه.

10 - البخاري(52)، ومسلم(1599).

11 - مسلم(2588) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه-.

12 - راجع: دروس رمضان للشيخ سلمان بن فهد العودة.






    رد مع اقتباس
قديم 2017-06-03, 22:04 رقم المشاركة : 5
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: رمضان ...حياة


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصـلاة والسـلام على سـيدنا محمد الصـادق الوعد الأمين .
من لوازم الإيمان :
أيها الإخوة الكرام ؛ من لوازم الإيمان حياة القلب ، هناك قلب ميت وقلب حي ، الدليل من كتاب الله ، أن الله سبحانه وتعالى يقول :
ï´؟ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ ï´¾
[ سورة الأنعام الآية : 122]
مات قلبه بالمعصية والبعد والقطيعة عن الله عز وجل ، فلما تاب إلى الله ، واصطلح معه ، صار قلبه حياً ، لذلك هذه الآية أصل في هذا الباب :
ï´؟ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ ï´¾
[ سورة الأنعام الآية : 122]
آية أخرى تؤكد هذا المعنى :
ï´؟ إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ ï´¾
[ سورة النمل الآية : 80 ]
ï´؟ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ï´¾
[ سورة فاطر الآية : 22 ]

الإنسان أحياناً يكون مقبوراً بشهوته ، شهوته حجاب له عن كل شيء ، حبك الشيء يعمي ويوصل .
آية ثالثة :
ï´؟ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ï´¾
[ سورة الشورى الآية : 52 ]
هذا القرآن نور ، وهو روح يحيا به القلب ، كيف أن الجسم يحيا بالطعام والشراب ، فالقلب يحيا بالقرآن ، هو شفاء لما في الصدور ، فهو نور ، وفي الآية الثانية هو نور ، فهو نور وروح ، قال تعالى :
ï´؟ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ï´¾
[ سورة النحل الآية : 2 ]
حياة القلب :
ï´؟ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ï´¾
[ سورة النحل الآية : 97 ]
الحياة الطيبة هي حياة القلب ، نعيم القلب بذكر الله ، وبهجة القلب بالاتصال بالله ، معرفة الله ، محبته ، الإنابة إليه ، التوكل عليه ، فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحبها ، ولا نعيم فوق نعيم إلا نعيم الجنة .
أيها الإخوة ، الشيء الواضح أن المؤمن قلبه حي ، وحينما قال الله عز وجل :
ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ï´¾
[ سورة الأنفال الآية : 24 ]
وحينما قال الشاعر :
ليس من مات فاستراح بميـت إنـما الميـت مـيت الأحياء
قد تجد إنسانًا في أعلى درجات الحياة المادية ، تعمل أجهزته بانتظام نشيط ، حواسه سليمة ، وأعضاؤه سليمة ، وأجهزته سليمة ، بأعلى درجة من الحيوية ، وهو عند الله ميت ، وقد تجد إنسانًا فيه كل العلل ، وهو عند الله حي ، فالعبرة بحياة القلب لا بحياة الجسد .
ما الفرق بين إنسان صحته طيبة جداً وبين نبي ؟ القلب ينبض ، والرئتان تتحركان ، الأجهزة كلها تعمل بانتظام عند هذا وعند ذاك ، لكن بين الاثنين كما بين الأرض والسماء من حيث حياة القلب .
أيها الإخوة ؛ أول شيء الحياة لها أبواب ثلاثة :

أول حياةٍ حياةُ العلم :
ï´؟ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ï´¾
[ سورة النساء الآية 113 ]
يبدو أن أعظم عطاء على الإطلاق أن تتعرف إلى الله .
ï´؟ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ï´¾
[ سورة النساء الآية 113 ]
وكنت أشرح هذه الآية بمثل :
لو أن طفلاً قال لك : أنا معي مبلغ عظيم ، كم تقدر هذا المبلغ ؟ مئة ليرة ، ولو قال مسؤول في دولة طاغية : أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً لقدرته مئة مليار دولار ، فإذا قال مالك الملوك رب الوجود :
ï´؟ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ï´¾
[ سورة النساء الآية 113 ]
يجب أن تعلم ما فضل الله عليك إذا تعرفت إلى الله ، وإذا فهمت هذا القرآن ، وعملت به .
ï´؟ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ï´¾
[ سورة النساء الآية 113 ]
أيها الإخوة ؛ يقول أحد الصحابة الكرام ، وهو معاذ بن جبل : تعلموا العلم ، فإن تعلمه لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومذاكرته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربى ، لأنه معالم الحلال والحرام ، ومنار سبل أهل الجنة ، هو الأنيس في الوحشة ، والصاحب في الغربة ، والمحدث في الخلوة ، والدليل على السراء والضراء ، والسلاح على الأعداء ، والزين عند الأخلاء ، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير قادة ، وأئمة تقتص آثارهم ، و يقتدى بأفعالهم ، وينتهى إلى رأيهم ، ترغب الملائكة بخلتهم ، بأجنحتها تمسحهم ، وحيتان البحر وهوامه ، وسباع البحر وأنعامه ، لأن العلم حياة القلوب من الجهل ، ومصابيح الأبصار من الظلم ، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار والدرجات العلا في الدنيا والآخرة ، التفكر فيه يعدل الصيام ، ومدارسته تعدل القيام ، به توصل الأرحام ، وبه يعرف الحلال من الحرام ، وهو إمام العمل ، والعمل تابع له ، يلهمه السعداء ، ويحرمه الأشقياء ، العلم حاجة عليا في الإنسان ، وما لم يطلب الإنسان العلم فليس من بني البشر ، بل ينتمي إلى صنف آخر ، بطلب العلم يؤكد الإنسان إنسانيته ، هو الحاجة العليا في الإنسان .
يروى عن سيدنا لقمان : يا بني جالس العلماء ، وزاحمهم بركبتيك ، فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة ، كما يحيي الأرض بوابل القطر .
أريد أن أبين لكم الفرق بين إنسان يعرف الله وإنسان لا يعرفه ، مع أنهما من بني البشر، تصور قطعة لحم متفسخة ، قد تفوح رائحتها من مئة متر ، ولا تستطيع أن تواجه هذه الرائحة ، بل تغلق أنفك حينما تمر بهذه الجيفة ، وهي قطعة لحم ، وقد تمر بقطعة لحم مشوية طازجة ، وأنت جائع ، وهذه قطعة لحم ، الفرق بين القطعتين كما بين السماء والأرض ! الإنسان الجاهل كتلة غباء وحمق ، وقسوة وبذاءة ودناءة ..... هذا الجاهل هو دابة ، بينما الذي تعرف إلى الله كله لطف ورحمة ، وتواضع ومحبة ، وأنس وإنصاف ، وعدل وعطاء ، وبذل وتضحية ، ومؤاثرة ، الفرق بين الذي عرف الله فانضبط بمنهجه ، وأحسن إلى خلقه ، وبين الذي غفل عن الله فتفلت من منهجه ، وأساء إلى خلقه كما بين الحي والميت .

الآن هناك حياة الإرادة ، تجد إنسانًا إذا قلبه ميت ، إرادته ضعيفة ، لا يقوى على فعل شيء ، ولا يحب أن يقدم شيئاً ، يستقبل ولا يعطي ، يتلقى ولا يلقي يستغل ، ولا يضحي ، فالذي ضعف قلبه ضعفت إرادته مع قلبه ، لا يوجد عنده رغبة ليفعل شيئًا ، أو يتحرك ، أو يتكلم ، أو يعود مريضًا ، أو ينصح إنسانًا ، أو يأمر بالمعروف ، أو ينهى عن المنكر ، كسل ، وقعود ، وتقويم للناس .
لذلك أقول هذه الكلمة : أنا أحب إنسانًا حبًّا لا حدود له ، لأنه لا يخطئ ، وهو سيد الخلق ، وحبيب الحق ، عصمه الله من أن يخطئ في أقواله وأفعاله وإقراره ، وأحتقر إنسانًا أشد الاحتقار ، وهو لا يخطئ ، لأنه لا يعمل ، لم يفعل شيئًا ، بل يقيّم الناس ، ويوزع التهم الباطلة ، يأخذ ولا يعطي ، يستغل ولا يضحي ، هذا الإنسان ضعيف الإرادة ، هو إنسان أقرب إلى الموت منه إلى الحياة ، قال بعض الشعراء :
نهارك يا مغرور سهم و غفلة و نومك ليل ورّد لــك لازم
تسر بما يفنى و تفرح بالمنى كما غرّ باللذات في النوم حالم
***
أيها الإخوة الكرام ؛ كما أن الله سبحانه وتعالى جعل حياة البدن بالطعام والشراب جعل حياة القلب بدوام الذكر .
ï´؟ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ï´¾
[ سورة الرعد الآية : 28 ]
الصلاة ذكر ، والتلاوة ذكر ، والاستغفار ذكر ، والتسبيح ذكر ، والحمد ذكر ، والتوحيد ذكر ، والتكبير ذكر ، والدعاء ذكر ، وطلب العلم ذكر ، فالذكر يدور معك في كل أحوالك .
سؤال :
من هو الميت ؟ ...
قال : الذي لا يعرف معروفاً ، ولا ينكر منكراً ، كله مقبول عنده ، يوجد كلمة شائعة بين الناس يقول : (عادي) ، فعلت كذا ، العادة كلمة مستحدثة ! ارتكبت الفاحشة ، عادة ، فهذا الذي مات قلبه لا يتأثر بشيء ، ولا ينضبط بشيء ، ولا يوجد قيمة تردعه ، ولا هدف يسعى إليه ، ولا حواجز تحد حركته .

أيها الإخوة ؛ بقي في حياة القلب حياة البشر ، تجد المؤمن بشره في وجهه ، متفائل ، يتلقى المصائب بصدر رحب ، هو أميَلُ إلى العطاء منه إلى الأخذ ، مثلاً قال تعالى :
ï´؟ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ï´¾
[ سورة القلم الآيات : 10-13 ]
هذا موت القلب ، لاحظ موت جواد شجاع ، بر عادل ، عفيف محسن ، تجد الأول ميتاً والثاني حياً .
تجد المؤمن بشره في وجهه ، يرحب ، يستقبل ، يصبر ، يتفاءل ، قريب من النفس ، تأنس بذكره ، أولياء أمتي إذا رأوا ذكر الله بهم ، حياة القلب كما كان صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ، وأهله ، ومع الغريب والقريب ، سعة الصدر ، ودوام البشر ، وحسن الخلق ، والسلام على من لقيه ، والوقوف مع من استوقفه ، والمزاح بالحق مع الصغير والكبير أحياناً
المؤمن مرح يضفي على الجو أنْسًا ، مرحه شرعي ، والمرح من صفات العظماء ، والنبي كان مرحاً ، كان يداعب أصحابه ، ويمزح معهم ، فالضحك المعتدل والمزاح الحق ، والبشر والتفاؤل والترحيب ، والمؤانسة هذه من صفات القلب الحي ، يجيب الدعوة ، لين الجانب ، حتى يظن كل واحد من أصحابه أنه أحبهم إليه ، هذا عمل يفوق حد الطاقة البشرية .
أي إنسان صاحبك يظن أنه أقرب الناس إليك ، فقلب الأنبياء والعارفين بالله كبير ، وقلب المؤمنين الصادقين كبير ، يتسع لكل إنسان ، ولكل هفوة وخطأ ، يوجد إنسان إذا خاصم انفجر ، إذا أخطأت معه بكلمة يقيم الدنيا ولا يقعدها ، بينما اقرؤوا قصص الأنبياء :
ï´؟ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ï´¾
[ سورة يوسف الآية : 92 ]
اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون – اذهبوا فأنتم الطلقاء – من علامات حياة القلب قوله تعالى :
ï´؟ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ï´¾
[ سورة آل عمران الآية : 159 ]
بسبب رحمة استقرت في قلبك يا محمد كنت ليناً لهم ، فلما كنت ليناً لهم التفوا حولك ، وأحبوك ، ولو كنت منقطعاً عنا لاستقر في قلبك القسوة ، ولانعكست القسوة غلظة وفظاظة ، فينفض الناس من حولك ، معادلة رياضية ! تتصل بالله ، تشتق من الرحمة ، تنعكس ليناً ، يلتف الناس حولك ، تنقطع عن الله ، يستقر في القلب القسوة ، تنعكس غلظة ، فينفض الناس من حولك .
فلذلك حينما يكون الإنسان مؤمناً ، وقلبه حي يلتف الناس حوله ، ومعنى التفاف الناس حوله أنهم أحبوه ، لماذا أحبوه ؟ أحبوا ما عنده من كمال ناتج عن اتصاله بالله عز وجل ، لذلك بشكل دقيق يمكن أن نصنف الناس إلى صنفين ، أصحاب الأقوياء ، أو أصحاب الأنبياء ، الأقوياء ملكوا الرقاب بقوتهم ، أخذوا كل شيء ، ولم يعطوا شيئاً ، والأنبياء ملكوا القلوب بكمالهم ، أعطوا كل شيء ، ولم يأخذوا شيئاً ، والناس جميعاً أتباع نبي أو قوي .
الشرطي نفسه معه دفتر تابع لقوي ، لأنه ضبط ، مؤمن تابع للنبي ، لأنه لطيف كريم متسامح ، فالناس أتباع لأقوياء أو لأنبياء ، أتباع الأقوياء قوتهم فيما عندهم من سلطة ، وأتباع الأنبياء قوتهم في كمالهم ، الأنبياء ملكوا القلوب ، والأقوياء ملكوا الرقاب ، وشتان بين من يملك القلوب وبين من يملك الرقاب ، والفرق بين النبي والقوي أن القوي يمدح في حضرته ، بينما النبي يمدح في غيبته ، والبطولة أن تمدح في غيبتك لا في حضرتك ، قد تكون قوياً فيخاف الناس منك ، يمدحونك ، وينافقون لك ، البطولة أن تمدح في غيبتك لا في حضرتك .
ï´؟ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ ï´¾
[ سورة السجدة الآية : 24 ]
قالوا العلماء ثلاثة :
عالم استنار بنوره ، واستنار الناس به ، فهذا من خلفاء الرسل .
وعالم استنار هو بنور الله عز وجل ، ولم يستنر به غيره ، انعزالي ، أقرب إليه أنه عابد منه إلى عالم .
يوجد إنسان وصل إلى الله ، لكن لا يحب أن يوصل هذا النور إلى أحد ، اكتفى وصل ، واكتفى ، وارتاح ، والناس كلهم هلكى !! يقول : هلك الناس ، يوجد إنسان وصل ، وأراد أن يوصل هذا الخير إلى كل الناس ، فرق كبير بينهما ، إنسان وصل ، وأوصل ، وإنسان وصل ، ولم يوصل أحداً .
وعالم متحذلق ، لم يستنر بنور الله ، ولا استنار به غيره ، فهذا علمه وبال عليه ، وبسطته للناس فتنة لهم ووزر عليه !
إنسان سعد وأسعد ، وإنسان سعد ولم يسعد أحداً ، إنسان لم يكن سعيداً ، ولم يسعد أحداً .
أيها الإخوة الكرام ؛ حياة القلب سببها الاستقامة على أمر الله ، وسببها دوام الذكر ، والأعمال الصالحة .
ï´؟ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ï´¾
[ سورة الكهف الآية : 110 ]
والحمد لله رب العالمين





    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 21:09 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd